كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة واثنين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياصباحكم خير وأمن.. الله ينعم على كل البلاد العربية بالأمن والأمان
وخالص دعواتنا لأهل البحرين جميعا بالامن والاستقرار وزوال الغمة!!
.
.
اليوم عندنا نجمة لـ(إرادة) موب عشان توقع..
لكن عشان عبارة... عبارة هي قالتها في تعليقها وردت تماما في حوار اليوم
وكأنها تقرأ افكاري..
العبارة تخص كاسرة وموقفها من عمها..
البعض نظر لوقوف كاسرة أمام عمها نظرة ظاهرية إنها قليلة أدب ووقحة
مع إنها قالت له شيء يعتمد عليه أساس القصة وماحد انتبه له..
لو أن زايد تزوج مزنة من البداية كان حالهم صار أردى من حال كساب وكاسرة..
أما ليش عطيت إرادة النجمة في البداية وليس في الختام كالعادة..
فستعرفون حينما تصلون للختام!! <== لا تخافون مهوب الجزء الأخير :)
.
وعلى طاري النجمات فيه وحدة توقعت توقع يخص كساب صار في بارت اليوم..
كانت هي بروحها
حاولت أتذكرها بس ماقدرت
تسامحني.. وياليت تذكرني بنفسها
.
.
.
الشيء الثاني مزنة... البعض لامها ليش تقول على وسمية كذا؟؟
مع إنه هذا ايضا يعتبر من أساسيات القصة..
لو وسمية من البداية طالبت بحقها وقفت زايد عند حده ماكان صار ذا كله..
جميل إن المرأة تحب زوجها وتحترمه.. لكن ما تسمح له يظلمها!!
.
.
يا الله
البارت 102
.
قراءة ممتعة مقدما
وموعدنا الخميس الساعة 9 صباحا
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة واثنان
" الحمدلله على سلامتش
نورتي باريس وضواحيها!!..
وسامحيني على التعطيل اللي صار على الشناط..
تأخرنا وأنتي ميتة تعب.. يومين مانمتي "
وضحى همست بإرهاق حقيقي: عادي يا ابن الحلال.. المهم وصلنا..
حسيت من طول الرحلة إنها ماتبي تنتهي!!
ابتسم نايف: لذا الدرجة دمي ثقيل؟؟
ابتسمت وضحى برقة: اصلا لولا وجودك كان شقيت ثيابي!!
نايف اقترب ليمسك بكفها بحنان: آسف يا وضحى.. من أولها وأنا غاثش..
الصبح خواتي.. وفي الليل أنا وذا الرحلة..
همست وضحى بذات الرقة: لا تقول كذا تزعلني!!
حينها فتح نايف كفها ليغمرها بقبلات رقيقة شفافة.. شعرت وضحى أنها سيغمى عليها وهي تتمنى شد كفها بقوة..
لولا أنه أفلتها بنفسه حين شعر بارتعاش كفها وهو يبتسم بأريحية:
باقي على صلاة الفجر شوي.. بنصلي..
ثم اشبعي نوم..
بكرة بيكون يوم باريسي حافل!!!
***********************************
" هلا كساب.. فيه شيء؟؟ "
كانت كاسرة تنظر لساعتها باستغراب لاتصال كساب المبكر...
هتف كساب بحزم: وش بيكون فيه؟؟ ماتبين تروحين دوامش؟؟
كاسرة هزت رأسها: بلى.. بس ماتوقعت إنك بتوديني.. عشان ما اتفقنا أمس!!
كساب بذات الحزم: خلاص اتفقنا اليوم..
أنا أنتظرش برا.. انزلي لي!!
كاسرة تنهدت: كساب أنت كل شيء عندك حامي حامي حتى من صباح الله خير..
انزل تريق أول.. بأجهز لك ريوق بسرعة!!
كساب بذات نبرته الحازمة المعتادة: خلصيني كاسرة.. ما أقدر أتاخر!!
كاسرة كان بودها أن تتركه لوقت طويل ينتظرها.. لكن قلبها لم يطاوعها وهي تنزل له بعد دقائق!!
حين ركبت مد كفه لها بدون كلام.. فوضعت كفها في كفه دون كلام أيضا..
آن لها أن تعرف طباع زوجها..
رفع كفها إلى شفتيه ويغمرها بقبلات دافئة.. كاسرة همست بحرج:
كساب الله يهداك لا حد يشوفنا أشلون موقفنا..
كساب احتضن كفها بين أنامله بقوة وهو يهتف بثقة:
اللي يبي يشوف.. يشوف.. ترانا في حوش بيتكم مهوب في الشارع..
يعني جدش وأمش نعطيهم تذاكر فرجة ببلاش!!
ثم عاود رفع كفها ليفتح باطنها ويغمرها بقبلاته من جديد.. حينها شدت كفها بقوة وهي تهمس بغيظ:
تدري إنك وقح!! ووقاحتك هذي مرض مزمن!!
ابتسم كما لو كانت تثني عليه: أدري.. ماجبتي شيء جديد..!!
بس تدرين وقاحة المشتاقين مرفوع عنها القلم!!
لا تعلم بالفعل أي لعبة خطيرة يلعبها هذا الرجل.. لكنها باتت لا تحتمل أي كلمة ناعمة قد يقولها لروحها المجدبة!!
همست بسكون: وتبيني أصدق إنك مشتاق؟!!
حرك سيارته وهو يهمس بتلاعبه المثير: الواحد دايما يعكس مشاعره الشخصية على الآخرين..
أنتي مثلا لأنش منتي بمشتاقة لي.. ما تبين تصدقين إني مشتاق لش..
ويا الله ما أقدر أقول شيء غير قول الشاعر ابراهيم الخفاجي: (لنا الله ياخالي من الشوق...)
الله كريم يجبر بالخواطر المكسورة!!
حينها همست كاسرة باستغراب شفاف .. فمادام سيصارحها فهي ستصارحه:
زين أنت كنت تغيب بالأسبوع والأسبوعين عمرك ماقلت إنك اشتقت لش..
الحين مشتاق من يومين؟؟
كساب بدفء عميق لكن لا يستطيع إبعادة عن أسر نبرة التلاعب المثيرة:
اللي عنده وحدة مثلش.. يشتاق لها حتى وهي جنبه.. حتى وهي في حضنه!!
(آه ياقلبي.. والله إنك مجرم!!
وش ناوي عليه؟؟ تجلطني؟؟) كاسرة صمتت..
ماذ يفعل بها حتى يلجمها عن الرد وهي من كانت ردودها جاهزة دوما..؟؟
حينها ابتسم كساب: الحين أنتي ذا اللفة كلها عشان ما تجامليني على الأقل..
ترا من باب اللياقة لو حد قال لأحد (اشتقت لك) يرد عليه: وأنا بعد!!
حينها هتفت كاسرة بإجهاد من بين أسنانها كما لو كانت تكتم إحساسا أرهقها:
اشتقت لك.. اشتقت لك يالسخيف يا البايخ يا أبو دم ثقيل..
كساب انفجر ضاحكا: الظاهر ماتقصدين شي من اللي قلتيه غير الكلمات الثلاث الأخيرة..
زين والسخيف والبايخ يقول لش: ترجعين معه البيت الظهر..؟؟؟
تنهدت بإرهاق.. فهو أرهقها فعلا: بأرجع معك.. بس في الليل بأنام عند أمي!!
تأفف كساب: صارت طبيتني أمش!!
حينها ابتسمت كاسرة: ما تبيني.. رجعت لأمي من ظهر؟؟
كساب باستعجال مرح: وش ترجعين؟؟ (العوض وإلا الحريمة..)
أبي أشوفش ساعة وحدة قدامي وبس!!
(العوض ولا الحريمة: مثل شعبي.. يعني تماما أي شيء مهما كان بسيطا أفضل من لا شيء)
*************************************
كان يخرج هو أيضا من باحة بيته متوجها لعمله..
بدا له هذا النهار أسوأ نهار عمل منذ بدايته..
كان يتأفف وهو يستحم.. يتأفف وهو يرتدي ثيابه.. يتأفف وهو يبحث له عن أزرة يلبسها..
ثم بدت له بشعة وغير متناسقة مع ساعته..رغم أن كل مالبسه كان حقيقة متناسقا تماما مع بعضه..
لكنه لم يعجبه.. بل بدا له خاليا من الذوق!!
غيرها عدة مرات!!
وأعاد إحكام أزراره عده مرات بفشل.. ويداه تتعرقان كلما أراد لف قفل الأزرار!!
وفي كل مرة يتأفف ويتأفف ويتأفف.. حتى رائحة عطره المعتاد لم تعجبه لدرجة أنه ألقاه في القمامة بغيظ..
وبلغ تأففه ذروته وهو يكتشف أن هاتفه شبه خال من الشحن..ويقرر أن يعلقه في شحن السيارة وهو يتأفف للمرة المليون هذا الصباح!!
قد تبدو فترة 3 أشهر فترة قصيرة نوعا ما.. لتتعود على أحدهم بهذه الصورة الجنونية!!
ولكن إن كنت تنتظر هذا الشخص لثلاثين عاما..
ثم حينما جاء فرض حضوره حتى على أنفاسك التي تتنفسها.. فكيف سيكون حالك..؟؟
والإنسان بطبيعته البشرية مخلوق يعتاد على الدلال أكثر بأضعاف مضاعفة من اعتياده على الشدة!!
فلو أنك مثلا نفذت لطفلِ رغباته لثلاثة أيام متتالية فقط.. لن تستطيع بعدها مطلقا السيطرة عليه!!
ولو أنك أهديت زميلا قطعة من الشيكولاته كل يوم على مدى ثلاثة أيام..
سيبقى يتوقعها منك اليوم الرابع والخامس!!
فكيف بمن تكفل أن يقوم بكل شيء عنك طيلة 3 أشهر؟؟
ولم يكن هذا الإنسان أي إنسان!!
بل كان مزنة... مزنة...
مـــــــزنـــــــة!!
يزفر بيأس وهو يلكم مقود سيارته..
" عمري ما أتخذت قرار فاشل مثل ذا القرار!!
والله إني أفشل رجل أعمال..
وقبلها أفشل رجّال!!
الحين أشلون اقنعها ترجع وأنا عارف يباس رأسها؟؟
لا بارك الله في اللي بقى من طبايع مزنة الصغيرة
ليت ربي يفكنا منها.. ويرجع لي مزنة الكبيرة!! "
كانت هذه أفكاره التي تحرق تفكيره المرهق اشتياقا ووجعا.. وغيظا على نفسه
وهو يخرج من باحة بيته ليلملح كسابا يخرج من باحة البيت المجاور وبجواره كاسرة..
" إيه ولدي أبو لسان طول الليل يقط حكي
وهو مهوب حاس بوجيعتي..
وهذا هو طالع هو ومرته!!
وماحد بيأكلها غيري!!"
ليجد نفسه.. بشعور أو بغير شعور.. بقصد أو بغير قصد... يدخل هو أيضا لباحة البيت المجاور..
فهل الجينات المشتركة بين الأب وابنه تحركهم نحو ذات الاتجاه؟؟
نزل من سيارته متوجها لباب غرفة الجد الذي يفتح باتجاه الباحة..
اتصل بسليم أولا.. فأخبره أنه في المجلس..
لأن عمته مزنة عند والدها!!
كان يعلم ذلك.. فهو شعر بطيفها قريبا.. كما لو أن روحه تقوده إليها دون دليل..
مشتاق حتى مافوق أذنيه.. ومن فراق ليلة واحدة!!
فكيف يحتمل قساوة الليالي وبرودتها في بعدها!!
حاول فتح الباب.. فوجده مغلقا!!
كان يريد مباغتتها ..!! الآن يخشى ألا يجدها..
ليس لأنها ستهرب لأنه يعلم أن مثلها لا تهرب.. لكن لأنها تريد معاقبته!!
وصله صوتها الحازم الواثق: سليم روح.. لا تجي إلا أذان الظهر عشان تودي بابا المسجد..
إحساس غيرة مرُّ اجتاح كيانه..
"أ تمنح غيره همسات صوتها الرخيم ؟!!"
هتف بغضب مغلف بحزمه البالغ: افتحي يامزنة.. أنا زايد..
مزنة تراجعت بعنف..
تمنت ألا تفتح.. وألا تراه..
فهي غاية في الضعف.. وجرحها مازال ينزف بغزارة مؤلمة!!
فهي منذ غادرت بيته صباح أمس وهي كما لو كانت ترى أمامه نهرا من دم ينسكب من خلايا جسدها وروحها..
ليغرق الرؤية أمامها.. ومع ذلك تتحرك وتتكلم بثقتها المعتادة دون أن تشتكي أو تسمح لنفسها أن تنـزوي قليلا بحزنها!!
ولكنها لم تستطع إلا أن تفتح..
فليس من اللائق أن تتركه خارجا.. ولا أن تهرب منه كطفلة مذعورة..
ليست مزنة إن فعلتها!!
انفتح الباب.. وزايد يخشى أن تكون فتحت وغادرت المكان..
لذا تفاجأ واهتز وهو يراها أمامه..
كانت تقف في الزاوية.. واقترب هو ليلقي السلام بصوت عال..
الجد ابتسم وهو يرد السلام: ياحيا الله أبو كساب
وش ذا النهار المبارك اللي تصبحت فيه بكم كلكم!!
كان زايد يتبادل السلامات مع الجد بالأريحية المعتادة..
ليلتفت خلفه باستعجال..
ويجد مكانها خاليا!!
" تريد أن يكون عقابها لي مضاعفا!!
ألمحها قبلا.. ثم تغادر.. لتنسف مابقي من صبري!! "
لم يعلم أنه لو كان الأمر بيدها.. لم تكن لتغادر..
لم تكن لتبدو أمامه بهذا الضعف والعجز عن المواجهة!!
مثقلة بالجرح..
ومن جرحها يقف أمامها بكل صلافة واثقة..!!
كما لو أن الضحية تقف أمام الجلاد ويُطلب منها أن تبتسم في وجهه..
لم تستطع فعلا أن تقف.. وتنظر في وجهه من هذا القرب!!
شعرت أنها توشك على الانهيار.. ومؤشراتها الحيوية توشك على الوصول إلى أدنى مستوياتها!!
تركت له المكان كاملا.. وهي تتصل بسليم بإرهاق: سليم تعال قهوي بابا زايد.. وخلك عند بابا جابر..
لم تكد تنهي الاتصال وهي تصل لأسفل الدرج حتى أوقفتها الصرخة الحازمة:
مــزنـــة!!
تنهدت بيأس ( ليه كذا يارب؟؟ اللهم لا أعتراض!!)
استدارت نحوه وهي تحشد في صوتها كل الثقة: أنت أشلون دخلت؟؟ أنا ماقفلت الباب..
اقترب منها ليهتف بحزم: لو قفلتيه.. ماكان دخلت!!
أشلون تخلين الباب مفتوح بينش وبين العامل؟؟
تنهدت مزنة بحزم: لو نسيته مرة.. سليم بيسكره بنفسه..
وسليم عبارت ولدي!!
زايد بغضب مكتوم: لا مهوب ولدش هذا رجال غريب!!
مزنة تنهدت: زين يا أبو كساب.. أنت جاي عشان ذا الموضوع؟؟
سلمت على إبي وماقصرت.. وكثر الله خيرك!!
مزنة تراجعت للخلف بعنف.. لأنه لم يرد عليها.. بل مد يده ليتنزع برقعها عن وجهها وهو يهتف بحزم:
آخر مرة تكلميني وحن بروحنا وتغطين وجهش عني!!
حينها انفجرت مزنة بغضب: أنت ماعندك إحساس؟!!
أمس طاردني من حياتك.. واليوم جاي لي ما كانه صار شيء..
لا تخلين الباب مفتوح بينش وبين العامل.. لا تتغطين عني!!
أنت وش جنسك؟؟ تقتل القتيل وتمشي في جنازته؟؟
لم يرد عليها بشيء.. ونبرته تتغير لدفء لا يخلو من غضب:
ليش ماقلتي لي إنش حامل!!
مزنة تحاول أن تشيح بنظرها عنه وهي تهتف بثقة: كاسرة ماقصرت!!
زايد بثقة: كاسرة ماقالت لي شيء.. إسأليها لو بغيتي.. انا مادريت إلا منش البارحة!!
مزنة بمرارة: وماقصرت.. بينت فرحتك بالخبر لدرجة إني حسيتك بتطير!!
هتف بثقة غامرة: وانا فعلا مستانس ومبسوط.. هذي نعمة من رب العالمين
ولأنه منش بيكون أعظم نعمة!!
وإذا أنتي ماحسيتي بفرحتي.. لأنها كانت أكبر من إن الواحد يعبر عنها بكلمات!!
بس بعد ليش ماقلتي لي؟؟
مزنة بذات المرارة التي تبصقها مع كلماتها: ومتى أقول لك؟؟
وأنت في النهار ماتطيق تشوف وجهي.. ويا الله تقول لي كلمتين!!
وإلا في الليل وأنت لاصق فيني لدرجة تخوفني لا تكون مريض؟؟
زايد بثقة: مهوب عذر.. خبر مثل المفروض أنا أول حد يدري به..
مهوب كاسرة ولا غيرها..
في أي أسبوع أنتي؟؟
مزنة حاولت أن تبتعد عنه (عن أي أسابيع يتحدث؟؟ وهي تكاد تكمل الشهر الثالث!!)
لكنه شدها ليوقفها أمامه وهو يسأل بحزم: ماجاوبتيني على سؤالي!!
مزنة شدت معصمها منه وهي تهمس بحزم: آخر الثالث..
زايد تراجع بصدمة: أي ثالث؟؟ قربتي تكملين ثلاث شهور وماكنتي حتى ناوية تقولين لي؟؟
مزنة تنهدت بعمق .. فهي فعلا مرهقة منه ومن الوضع ونفسيتها شبه مدمرة:
زايد لا تحاول تحسسني بذنب ماراح أحس فيه..
لأنه الذنب كله ذنبك.. وأنا ماني بمستعدة أسمح لك تتلاعب فيني بذا الطريقة..
زايد مد يديه ليمسك وجهها بين كفيه.. حاولت التراجع..
لا تعلم هل بالفعل منعها حاجز الدرج؟؟ أم هي من عجزت عن مغادرة أسر كفيه؟؟
همس بدفء عميق: مزنة خلينا من لعب البزراين.. أنا معترف إني غلطان.. والرضوة اللي تبينها تجيش لين عندش..
ارجعي لبيتش وأنا حاضر لأي شي تبينه..
مزنة انهمرت بطوفان يأسها ووجعها وحرقتها:
والموضوع عندك كذا بسيط؟؟
لذا الدرجة شايفني شيء رخيص وتافه.. تحذفه متى مابغيت وترجعه متى مابغيت..؟؟
كل كلمة قلتها لي البارحة..جرحتني جرح ماله مدى..
أول شيء قلت أبي أهجرش ولا تحتكين فيني كني مريضة بجرب!!
وثاني شيء كملتها إنك تبي تعاقبني على ذنب مهوب ذنبي..
وش ذنبي إن وسمية سمعتك تناديني في نومك..؟؟ أنا طلبت منك كذا..؟؟
أنا حتى عطيتك ريق حلو ذاك الزمان يخليك تتعلق فيني؟؟
بالعكس وأنا صغيرة كنت جفسة وقليلة أدب.. ومافيني شيء ممكن يغريك أني أصير حلم تهذي به 30 سنة!!
لكن أنت معي سويت كل شيء عن قصد.. خليتني أتعلق فيك.. وحاولت بكل طريقة... لين أنا تعلقت فيك..
وعقبه حذفتني مثل شيء ماله عازة... وثاني يوم جاي تبي ترجعني..
ليه وش شايفني؟؟
لو أنك حريص علي كان فكرت ألف مرة قبل مايكون أول قرار عندك أن تقطع كل مابيننا..
ولأنه حن على قولتك ما احنا ببزران.. فكل واحد مسئول عن قراره..
لأنه اللي في عمرنا مايسوي قرار هو ما ملأ يده منه..
************************************
" مسكينة أختك نجلا.. ذابلة مرة وحدة..
وش صاير فيها..
أنا شفتها آخر حملها كانت أحسن بواجد!!"
غانم بعفوية: تدرين ولادتها صعبة وعقبه توأم ومتشحططه بين الولد والبنت..
لازم يبين عليها!!
مزون بتأثر: كسرت خاطري والله..
الحين لا جبت عيال.. باصير كذا؟؟
ابتسم غانم: وليش الأفكار السلبية هذي؟؟
نجلا انتظري عليها ترجع البنت لحضنها.. وبتشوفينها أشلون تحسنت..
مزون صمتت لدقيقة ثم همست بتردد: غانم ماعليه الليلة أروح لبيت علي.. وأسهر عنده شوي..
أبي أشوف وضع بيته.. مرته تتوحم وخلت البيت!!
غانم بتأفف باسم: والحين أي واحد من أخوانش تتدلع عليه مرته بتطيح في رأسي..
ابتسمت مزون: أنا أساسا كنت أبي أقول لك أبي أنام عنده.. بس عارفة إنك ماراح ترضى.. فقعدت بكرامتي!!
غانم يصفر: ياسلام عليش.. هذا اللي ناقص..
روحي له ياقلبي.. شوفي وضعه وترجعين
السهرة لا.. الساعة 8 بأجي أجيبش..
مزون برجاء: 8 بدري.. لين 12 بس!!
غانم بحزم رقيق: مزون ياقلبي.. ماقلت لش شيء.. روحي من العصر لين الليل
بس عقب لازم ترجعين تتعشين معي ونسهر سوا..
وإلا أنا مالي فيش نصيب!!
مزون صمتت على مضض.. فهي تخشى أن يكون علي لا يتناول طعاما جيدا وخصوصا أنه مازال يأكل علاجه..
وعلاجه هذا ثقيل ولابد أن يكون مع معدة ممتلئة ..
كانت تريد أن تتأكد أنه سيتعشى قبل عودتها!!
غانم شعر بامتعاضها.. لذا حاول أن يلهيها بالحديث: إلا على طاري بيت أخيش علي...
أنا أدري إنه اللي على اليمين بيت كساب وهو باعه على نسيبه..
واللي على اليسار بيت علي.. بس اللي ورا بيت من؟؟
مزون بتساؤل: تقصد الفيلا الصغيرة اللي داخل حوش بيتنا؟؟
هذي لخالتي عفراء..
غانم هز رأسه: لا أقصد اللي نفس ستايل بيوت أخوانش وحجمها وفي حوش مستقل..
ابتسمت مزون: هذا بيتي أنا!!
غانم بصدمة: ماقلتي لي من قبل..؟؟
ابتسمت مزون: ماجات فرصة.. إبي أول شيء بنى البيت الكبير واشترى الأراضي اللي حواليه..
وقبل حوالي سبع سنين بنى البيوت هذي!!
غانم يتساؤل عفوي: والبيت الكبير كم عمره؟؟
مزون تحسب في رأسها المدة: حوالي 12 سنة..
ابتسم غانم: ماشاء الله كأنه توه أمس مبني!!
ابتسمت مزون: لأنه شركة أبي هي اللي بنته.. فأكيد توصوا عدل..
ثم أردفت بشجن عميق مغرق بنبرة ولع غريبة: إبي فديته عقب ماماتت أمي...
مارضى نقعد في نفس البيت عقبها..
باع البيت واشترى واحد ثاني.. وقعدنا فيه لين خلص بيتنا هذا..
غانم لا ينكر إحساسه الغريب بالغيرة من تعلقها بأهلها.. حتى نبرته حينما تتكلم عنهم تتغير لتصبح أكثر سماوية..
مزون صمتت لثوان ثم أردفت بتردد: زين دامك سألت عن بيتي..
وش رأيك لو نسكن فيه كلنا بدل ماهو قاعد فاضي كذا؟؟
حتى أخوانك الصغار كل واحد منهم بيصير له جناح!!
غانم التفت نحوها بحدة: نعم؟؟ عيدي؟؟
أنتي مهوب عاجبش بيتي؟!!
مزون بحرج: ماقصدت غانم.. بس دام عندي بيت نستفيد منه..
غانم يشد له نفسا عميقا: مزون لو سمحتي سكري ذا الموضوع عشان ماتصير هذي أول زعلة بيننا..
بيتش كيفش فيه.. بيعيه.. أجريه... أنا مالي شغل فيه!!
غانم يزفر بحرقة..
( أمن أجل أنها تريد قرب أهلها
هي مستعدة لجرحي وإحراجي هكذا!! )
***********************************
صحت على رفرفات رقيقة تغمر كتفها..
فقفزت بخجل وهي تشد الغطاء عليها كاملا وتهمس بخجل عذب:
صباح الخير نايف...
نايف بمودة: تراه صار مساء.. العصر قرب يأذن.. قومي صلي الظهر والعصر مع بعض..
وضحى بجزع: وليش ما قومتني للظهر..؟؟
نايف يضحك: توني قمت أساسا.. نمنا مثل المقتولين..!!
وضحى مدت يدها لتتناول روبها وتلبسه وهي تهمس برقة: سبحان الله.. صدق كنت تعبانة موت..
والحين جوعانة.. تصدق؟؟
نايف بإبتسامة: أصدق ونص.. لأني جوعان وأنا أساسا أكلت..
وأنتي صار لنا يومين ماشفتش حطيتي شيء في حلقش..
ثم أردف بحماس: يا الله نأخذ شاور.. وأوديش مكان تأكلين فيه أحلى أكل..
وعقب بأمشيش في باريس تمشية سبيشل مايعرفها إلا واحد لفلف حواري باريس مثلي!!
ثم أردف بمرح خبيث وهو يستعد لدخول الحمام: إلا أنتي وش تحطين على كتفش.. سكر وإلا عسل؟؟
وضحى انتفضت بخجل شديد وهي تخفض عينيها وتشد روبها على جسدها أكثر..
" يمه منه..
وتقول لي عالية.. خام ومسكين!! "
************************************
دخلا قبل قليل لجناحهما..
ودخل كساب ليستحم.. لم تستطع انتظاره لأنها كانت تشعر بالحر فعلا بعد نهار العمل الصيفي الطويل..
لذا دخلت للحمام الآخر لتستحم..
حين خرجت استغربت أنه لم يخرج بعد.. بالعادة لا يطيل أكثر منها..
كان باب الحمام مواربا.. معنى ذلك أنه خرج وعاد..
شعرت بالقلق فهذا الرجل له تصرفات تثير القلق دوما...
لذا طرقت الباب ودخلت فورا دون مقدمات..
فوجئت به يغير لنفسه وهو يضع شاشا على كتفه..
انتفضت بجزع.. وهي تقترب منه وتهمس بقلق مر: وش سويت في نفسك ذا المرة بعد؟؟
همس بثقة: مافيني شيء.. رجاء كاسرة عطيني دقيقتين وأجي لش !!
كاسرة بحزم: لا.. بأقعد معك أشوف شتسوي.. وبنطلع سوا..
كساب بحزم: كاسرة اطلعي برا.. لأني الحين بأبدل على فخذي وبأشيل الفوطة اللي حاطها على خصري..
كاسرة انسحبت.. ليست غبية لتعلم ماذا فعل.. مادام يغير على كتفه وفخذه..
شعرت أن الدقائق لا تريد أن تمضي والمرارة في جوفها تنغرس وتتعمق!!
حين خرج بعد أن ارتدى ملابسه.. همست بصوت غائر: يعني سويتها؟؟ وحرقت روحك..
هتف بثقة: لا... سويت عملية بسيطة.. وماحسيت بشيء.. وشلته وارتحت خلاص..
كاسرة موجوعة بالفعل من إخفائه كل شيء يفعله عنها..
همست بعتب عميق: وأنت كساب عمرك ماراح تشركني في شيء من قراراتك..
يعني سفرتك ماكانت توقيع عقد؟؟
كساب تنهد وهو يشدها ليجلس ويجلسها جواره:
والله العظيم توقيع عقد.. والعملية حتى أخي علي مادرى عنها..
أنتي الحين الوحيدة اللي تدرين..
كانت عملية بسيطة لمجرد طمس الأرقام.. وبتبين كأنها حرق قديم..
ثم ابتسم بشفافية غريبة كما لو كان يحادث ذاته:
يا الله ياكاسرة ما تتخيلين وأشلون حسيت بالحرية كني عصفور فكوه من حبسه..
تمنيت ألبس شورت وفنيلة علاق بس وأتمشى في الشوارع..
كاسرة لكمت صدره برقة وهي تهمس بتأثر عذب: هذا اللي ناقص!!
ثم أردفت بوجع وهي تحتضن خصره: بس أشلون عصفور حر..
وأنت مرتبط مع شغلك بشغل ثاني..
قبل وأنت مسافر ماكنت أحاتي سفراتك.. بس الحين عقب ماعرفت كل ماسافرت بيأكلني التفكير..
حينها همس بسكون أقرب للحزن: لا هذي هم حرروني منها.. أساسا يوم خذت الثياب تيك المرة.. رحت عشان أسلمها..
أنا جاني إعفاء عشان إصابة كليتي!!
مادريت أنا أستانس وإلا أحزن!!
كاسرة تنهدت براحة شعرت بها ستشق جنبيها لشدة اتساعها..
الآن عرفت سبب تغيره..
فهو تحرر من كل شيء.. من كل ماكان يفرق بينهما..
أسراره ووسمه وعمله السري..
تتمنى فقط لو علمت كيف وصل لهذا المكان.. فهذه الحكاية تعلم أنها من صنعت تكوينه الصعب..
لو علمت بها فقط سترتاح كليا وتصبح صورة كساب صافية تماما..
الآن بدت تجد له الأعذار لغموضه وحدة شخصيته وتقلباته..
لكن حين تكتمل الصورة ستصبح أقرب وفهمها له أعمق...
وهذا كل ما تريده!!
كساب شدد احتضانه لها وهو يهمس بثقة: الحلوة شا اللي شاغل بالها..؟؟
كاسرة همست برفق وهي تمرر أناملها على ساعده:
أبي أعرف شيئين اثنين.. ليش دخلت السجن؟؟
وأشلون وصلت لسالفة المهمات العسكرية!!
تكفى كساب .. أبي أرتاح.. ما أبي أحس إنه فيه حاجز بعد بيننا..
نثر قبلاته على شعرها المبلول وهو يهمس بذات الثقة:
صدقيني المعرفة ماراح تريحش.. ماراح تتحملين اللي بأقوله..
كاسرة برجاء: جربني زين!!
كساب بإصرار: خلاص كاسرة انتهينا..
***************************************
" والله العظيم لو ما رديتي عليه ذا المرة
إني ماعاد أكلمش!!"
جميلة بجزع: لا يمه تكفين.. خلاص بأرد عليه..
كانت جميلة على وشك الرد لولا أن هاتفها سكت عن الرنين.. همست بانتصار:
شفتي يمه.. هذا هو سكر من نفسه.. !!
عفراء ببساطة حازمة : عادي فيه اختراع اسمه إعادة اتصال.. اتصلي له أنت..
جميلة شعرت أنها ستبكي: تكفين يمه.. لا تخليني أذل نفسي له وأتصل أنا له..
وعد وعد لو اتصل المرة الجاية إني أرد عليه!!
عفراء رفعت حاجبا وأنزلت الآخر وهي تهمس بذات البساطة الحازمة:
الحين أنتي بتذلين نفسش لو اتصلتي.. وهو ماذل نفسه وهو كل يوم يتصل كم مرة وأنتي ما تعبرينه!!
جميلة هزت كتفيها: هو اللي غلط في حقي مهوب أنا اللي غلطت عليه..
عفراء بثقة: فيه كلام أبي أقوله لش.. بس اتصلي أول بفهد وعقب تعالي وأقوله لش..
جميلة برجاء: يمه تكفين!!
عفراء بإصرار حازم: أنتي يا بنت ماعاد شيء له حشمة عندش حتى حلوفتي عليش..
قومي كلمي رجالش خلصيني..
جميلة تأففت وهي تقف لتتصل به من غرفة أخرى.. لم تكن تريد والدتها أن تسمع ماستقوله له..
فهد كان هناك يتأفف بدوره لأنها لا ترد على اتصالاته..
أثقله الشوق حتى الثماله.. واستغرقه حتى النخاع.. وهي مطلقا لا ترحمه..
نعم أخطأ.. ولكنه أعتذر.. وطهر نفسه بالألم والندم..
أ لم يكفها كل ذلك؟؟ ماذا تريد أكثر؟؟ أن ينتحر مثلا حتى ترتاح؟؟ أو يقطع لسانه حتى تشعر بالسعادة؟؟
لا يعلم من أين أتت بكل هذه القسوة وهو من كان يظن أن لها قلبا يذوب كذوب الثلج في نهار مشمس!!
لذا حينما تصاعد رنين هاتفه كان سيسكته فهو لا يشعر برغبة للتحدث مع أي أحد.. لولا أنه رأى الاسم ينير على الشاشة..
كما لو كان ينير بين عتمات جنبيه!!
التقطه بلهفة لم تبدو واضحة في حزم صوته: وأخيرا حنيتي وتكرمتي بالاتصال!!
جميلة بغيظ: أصلا لولا إن أمي حلفت علي وإلا والله ما أكلمك!!
يا الله كيف من الممكن أن تهوي من القمة للقاع في ثانية واحدة.. هذا تماما ماحدث له.. يكاد يشعر بوجع عظامه من قوة الارتطام..
رد عليها ببرود يخفي خلفه ألمه المتسع: الله يبارك في عمتي اللي علمتش السنع..
جميلة بذات الغيظ: وأنت متى بتعرف السنع.. ؟؟
قلت لك لا تكلمني.. وأنت تتصل وأنا ما أرد عليك...
متى بتفهم أنت؟؟
أنت ماعندك كرامة؟؟...........
أسكتها صرخة حازمة جمدت الدم في عروقها وصوته يصب كنار غاضبة في أذنها: أص ولا كلمة... سامعتني أنتي ياقليلة الحيا.... أص!!
إذا أنتي تشوفينها سالفة كرامة يأم كرامة.. أنا شايفها سالفة حق.. وماراح أتنازل عنه!!
حقي أتصل.. وأنتي تردين علي وأنتي ما تشوفين الطريق!!
دام أنتي عارفة إني أتصل وأنا ما أبي إلا كل خير.. لا أبي اغثش ولا أبي أضايقش!!
ليش ما تردين؟؟
لأنش وحدة تحبين المغثة...
يعني يوم كنت أنا موريش الويل وما تسمعين معي كلمة زينة...... كنتي صابرة وساكتة..
ويوم شفتيني ماني بقادر على بعدش.. وخاطري أقول لش كلمة حلوة أعوض فيها عن كل اللي قلته قبل...... ماحتى عطيتيني مجال..
خلاص جميلة تبين المغثة..؟؟ تراني حاضر..
وترا الأيام الاولى من زواجنا يوم كنت أغثش.. تراني ماكنت قاصد..
تخيلي إذا كنت قاصد أغثش.. أشلون بتكون المغثة؟؟
فهد أنهى نيران جوفه المسكوبة.. ثم أغلق هو الهاتف في وجهها.. جميلة انتفضت بجزع..
(ياربي ليش استفزيته كذا؟؟
الحين يمكن يطلقني.. وإلا تصير مشاكل بينه وبين عمي منصور بسبتي!!)
جميلة عادت إلى أمها وهي تسير كما لو كانت شبحا.. تسحب خطواتها على الأرض بدون صوت مسموع..
لم تتذكر حتى أن والدتها قالت لها أنها تريد أن تقول لها شيئا من شدة استغراقها في التفكير.. حتى همست والدتها باستغراب:
هيه جميلة.. وش فيش يأمش؟؟
جميلة انتفضت بخفة: مافيه شيء فديتش..
كنتي تبيني في سالفة؟؟ آمريني!!
عفراء تنهدت وهي تضع تضع زايد الصغير في مقعده ثم تقوم لتجلس جوار جميلة..
ثم تهمس بحنان حازم وهي تشد على كف جميلة:
جميلة يأمش.. أنا يوم أجبرش تكلمين فهد ما أبي أكسرش في عينه ولا أهينش..
بس أنتي يامش صايرة تتصرفين بدون منطق.. وأنا يوم أتدخل أبي مصلحتش!!
يوم صارت زعلتنا أنا ومنصور وطولنا واجد.. وأنتي تعاتبيني ليش ما ترجعين لعمي.. وأنا اتعزز وأقول هو غلط في حقي!!
بس لو جينا للحق.. عمش منصور ماقال لي ارجعي.. حتى تلفون مادق لي..
كان يروح يسأل عني زايد وعياله.. ومافكر يتصل لي أنا..
صحيح زعلت وكبرتها وطلعت من البيت.. بس عقبها بكم يوم صفا تفكيري وندمت إني سويتها.. وكنت أنتظر منه كلمة عشان أرجع..
بس هو قعد ست شهور لين تكرم علي وقال لي ارجعي..
فهد ماسوى كذا.. فهد شاريش من قلب.. أدري غلطته كبيرة عليش..
بس خلاص الرجّال اعتذر.. لو كل مرة بيغلط عليها رجالها بتهج وتخليه..
ماكان قعد فيه اثنين مع بعض..
عطيه فرصة.. خليه يثبت لش إنه ندمان صدق.. ليه منتي براضية تعطينه ذا الفرصة..؟؟
ترا فهد على عيوبه فيه ميزات أكثر.. والبشر مافيهم كامل..
جميلة همست بيأس: يمه ماني بمتقبلة فكرة الرجعة له!!
حينها همست عفراء بثقة: تدرين يأمش ليه منتي بمتقبلة الرجعة له؟؟
لأنش تبين تعاقبينه بذنب خليفة.. أو لأنش خايفة يسوي مثل خليفة..
جميلة انتفضت باستغراب: وخليفة وش دخله يمه؟؟
عفراء بحزم: خليفة هو ساس المشكلة.. خليفة كان رجال زين.. بس أنتي ضيعيتيه من يدش..
وفهد بعد رجال زين وتبين تضيعينه من يدش..
المشكلة وين؟؟
إنه خليفة تخلى عنش أول ماقلتي له ما أبيك.. كأنه ماصدق!!
لكن فهد على كثر ماقلتي له ما أبيك... متمسك فيش..
وأنتي مستمرة في قولت (ما أبيك) كانش تبين توصلينه آخره عشان تشوفين هو بيسوي نفس خليفة أو لأ..
الشيء الثاني.. خليفة ما اعتذر عن اللي هو سواه... بس فهد اعتذر..
ما تقدرين تسامحين فهد وأنتي ماسامحتي خليفة..
مع إن خليفة هو صاحب الفضل وتبين تسامحينه عشان تقدرين تكملين حياتش..
جميلة برفض: يمه ذا الكلام كله صدقيني ماله معنى..
عفراء بإصرار واثق: وأنا متاكدة من ذا الكلام..
يأمش شيلي خليفة من رأسش عشان تقدرين تعيشين حياتش..
لا تخلين طيف خليفة يخرب عليش حياتش ويوقف حاجز بيتش وبين رجالش!!
***************************************
" وين الأغراض اللي جابها غانم لمهاوي؟؟ أبي أشوف ذوق أخيش ومرته!!"
نجلا ترفع راسها بينما كانت تبدل لغانم الصغير ملابسه..
و تلتفت لصالح بنبرة عتب مقصودة تخفي خلفه حزنا مرا.. وذبولا متوحشا؟؟ حزن جديد بدأ يتصاعد في الروح حتى خنقها:
زين وأغراض غانم ماتبي تشوفها ؟؟.. تراه ولدك بعد!!
صالح بعفوية: أنا زهقت من شوفت أغراض العيال.. عيوني احولت من شوف الأزرق.. خاطري أشوف الوردي!!
ثم أردف بحماس: الدكتور يقول المها حالتها الحين ممتازة.. وتقدر تطلع قريب..
أول شيء بنسويه لا رجعت المها للبيت.. نلبسها فستان.. وبأوديها للمجلس.. عشان أصورها مع سلطان..
البارحة رجع من السفر.. أول شيء سواه.. راح معي للمستشفى عشان يشوفها.. و .......
قاطع انهماره الحماسي انفجار نجلا المفاجئ بالبكاء ... صالح انتفض بجزع وهو يجلس جوارها ليأخذها في حضنه..
وهو يحاول تهدئتها: نجلا حبيبتي وش فيش؟؟
نجلا تصاعدت شهقاتها وهي تبعده عنها: لا تجي جنبي.. ولا تقرب مني!!
وتدري.. ما أبيك حتى تدخل البيت.. خلك في المجلس..
وإذا جات بنتك.. مرخوص تجي تشوفها.. وتطلع.. أنا وعيالي مانبي منك شيء!!
صالح بصدمة: نجلا ليش تسوين كذا؟؟ معقولة تكونين غيرانة من بنتش؟؟
نجلاء انفجرت بحزنها المكتوم منذ الصباح.. وهي بالكاد تتكلم مع غانم ومزون حينما جاءا هذا الصباح..
وتنتظر صالح بوجع ليشاركها المصيبة.. ولكنه لم يأتي إلا الآن بعد صلاة المغرب!!
بعد أن أثقل على روحها الوجع.. حتى ماعاد بالاحتمال..
انفجرت بهستيرية: أنا غيرانة من بنتي؟؟ إلا أنت اللي ما تستاهل تكون أب...
اطلع برا وما أبي أشوف وجهك!!
برا.. برا...
صالح يحاول تهدئتها: نجلا الله يهداش.. ترا مافيه شيء يستاهل ذا اللي أنتي مسويته كله..؟؟
نجلا انهارت جالسة ماعاد فيها أي طاقة وصوتها يتحول لتمتات باهتة: مافيه شيء يستاهل!!
صالح وش صار على فحوص غانم اللي صار لي أكثر من أسبوع ونص أحن عليك تجيبها؟؟
صالح بحرج: يا بنت الحلال هذا فحص دوري يسوونه لكل المواليد..
لو كان فيه شيء لا قدر الله كانوا اتصلوا..
نجلا بذات النبرة الباهتة الممزقة وجعا: فحص دوري...؟؟
كنت أقول لك... الولد طريقة تنفسه مهيب مريحتني..
تقول لي عادي.. ماتذكرين عزوز وخالد كانوا كذا..
أقول لك تكفى تأكد من فحوصه اللي خذوها في المستشفى يوم طلعنا..
تقول لي إن شاء الله.. كل يوم إن شاء الله..
صالح لا يعلم لِـم بدأ القلق يتسرب لروحه.. فنجلا بالفعل غير طبيعية..
هتف بهذا القلق: نجلا شا اللي صاير؟؟
حينها عاودت الانفجار بشكل أشد وجعا وهستيرية:
شا اللي صاير؟؟؟..
اللي صاير إنك ماخذت الفحوص لأنك ماعندك اهتمام بأحد غير بنتك..
والمستشفى دقوا عليك أكثر من مرة.. ولقوا جوالك مسكر.. لأنك أكيد عند بنتك بعد..
لحد ماطلعوا رقمي أنا من ملفي..
غانم قلبه تعبان واجد.. ولدي بروحي أنا قلبه تعبان.. ولازم أستعجل في الفحوص عشان يسوون له عملية في أقرب وقت!!
والحين أنت اطلع برا.. ماني بطايقة شوفتك قدامي... اطلع.. اطلع..
برا.. برا...........
****************************************
كان ينتهي للتو من وضوءه لصلاة العشاء ويريد التوجه للمسجد قبل الآذان..
حين سمع صوت الطرقات الهادئة على الباب..
هتف بحزم: ادخل..
دخلت بخطواتها الواثقة وهي تسلم وتقبل رأسه..
ثم تهمس باحترام بدون مقدمات: أنا أسفة يبه لو كنت ضايقتك أمس..
وتراني جيت البارحة ذا الحزة بس مالقيتك!!
وكنت أبي أعتذر لك بنفسي مهوب في التلفون!!
زايد هتف بأبوية: لا تعتذرين يا أبيش عن قولت الحق..
أصلا لو أنتي ماعاتبتيني.. ما تكونين بنتي كاسرة اللي ما ترضى بالحال المايل..
ثم أردف بشجن مغلف بحزمه: وأنا اشهد إن حالي مايل!! وأنا اللي ميلته بروحي!!
كاسرة بثقة: أنا كنت موجوعة واجد عشان أمي...
بس لو جينا للحق.. أنا مالي حق أتدخل بينكم.. هذي مشاكلكم الخاصة وأنتو اللي تحلونها..
تنهد زايد بحزم: شكلها يأبيش ماتبي تنحل..
ثم أردف بثقة: أنا متأكد إن أمش ماقالت لش إني كلمتها البارحة وجيتها اليوم..
واعتذرت منها.. وطلبت منها ترجع.. بس هي مارضت!!
كاسرة بصدمة حقيقية: لا.. ماقالت لي شيء..
زايد بذات الثقة: كنت عارف!!
مثل مادست علي خبر حملها... تظن إنها يوم تحتفظ بسر كل شيء إن هذا بيخليها في موقع القوة..
عشان ماحد يقدر يضغط عليها بشيء!!
كاسرة بحرج: أنت دريت بخبر حملها؟؟
زايد بذات الثقة الحازمة: دريت منها.. وهي تحسب إنش قلتي لي..
وماخذه في خاطرها.. تحسبني أبي أرجعها عشان الحمل!!
كنت أقول مزنة تغيرت وعقلت.. بس عنادها مثل ماهو.. ورأسها أيبس من الصوان..
حاولي فيها يا ابيش.. حاولي تقنعينها..
اعتذار واعتذرت.. وأي شيء تبيه زود... أنا حاضر!!
**********************************
" عبدالرحمن.. عالية بترجع تتعشى معنا؟؟"
عبدالرحمن بإبتسامة: لا يمه فديتش... الليلة بتتعشى عند أمها..
أم عبدالرحمن همست بحنان: زين تبيني أكفيك؟؟ أنا بأروح مع السواق وأجيبها..
عبدالرحمن يتناول كف والدته التي تجلس جواره على الأريكة ليقبل ظاهرها باحترام جزيل ومودة غامرة:
لا جعلني فداش.. بأروح أجيبها.. وش عندي؟؟
ثم التفت للجالسة معهما وهي في عالم آخر.. آخر.. شاردة.. مثقلة بالهم..
وهتف بصوت عال: شعاع.. اشعيع..
شعاع انتفضت برقة: لبيه..
عبدالرحمن بمودة: قومي يأخيش استعجلي إبي..
دخل يتوضأ ولا عاد طلع.. الأذان بيأذن الحين..
وأنا بروحي عبالة.. أبي لي عشر دقايق لين أوصل المسجد..
(عبالة = شيء ثقيل بالمعنى المعنوي لا الحسي)
شعاع قفزت وهي تهمس باحترام: إن شاء الله أبشر..
عبدالرحمن كان على وشك أن يطلب من والدته أن تقرب له مقعده البعيد الذي وضعته شعاع في زاوية الصالة..
لولا الصرخة اليائسة التي تفجرت في البيت من حنجرة شعاع بهستيرية:
يمه الحقيني.. إبي نايم على السرير وما يتكلم..
أم عبدالرحمن صرخت بجزع وهي تحاول الوقوف وتتعثر.. وتحاول المشي وتتعثر..
حتى وصلت لداخل الغرفة واختفت فيها..
وصرخات الاثنتين بدت واضحة تماما لعبدالرحمن وهما تحاولان إيقاظ والده..
إحساس غريب.. سبق أن شعر به..
قبل عام تقريبا...
دوامة يطوف بها..
وصوت اصطدام..!!
وحشرجة أنفاس مهاب..
وصراخ الجد..
وصراخ أمه وشعاع.. ووالده لا يرد!!
بدت له الدنيا باهتة.. باهتة.. لا شيء ذو قيمة فيها..
سوى شيء واحد.... والــــــــــده!!
أثمن كل شيء وأغلى..
أثمن حتى من مهاب لو قارنهما معا!!
أثمن من ابنه القادم.. وأثمن من عالية !!
ثمين إلى حد اليأس.. ثمين إلى أقصى مسافات التاريخ..!!
ثمين بقدر حنان أزلي منحه له منذ الدقيقة الأولى في حياته حتى قبل دقائق..
وهو يبتسم له ابتسامة الرضا مغادرا ليتوضأ!!
ثمين بقدر ماربطت بينهما الصداقة وتشعبت الحكايات.. وتبادلا الضحكات..
ثمين بقدر ماتعاتبا.. حين كان يقسو على شقيقتيه.. فيرد عليه : (أخاف عليهم يأبيك..)
ثمين بقدر الساعات والدقائق والثواني التي قضاها فوق رأسه وهو في غيبوبته..
وهو يوقف حياته كاملة من أجله!!
ثمين بقدر الليالي التي قضاها ساهرا يحرك أطرافه ويناجيه دون يأس..
وكأن روحه تعلقت بأنفاسه الباردة التي ينفثها في غرفة مستشفى أشد برودة!!
ثمين بقدر حبه له.. وهو يعلم أنه لا يوجد والد أحب ابنه..
كما أحب فاضل ابنه عبدالرحمن!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.
|