كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وواحد
(يا الله نزلنا البارت بدري على طلب الغوالي)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم انتعاش كانتعاش رذاذ الماء البارد المعطر
.
.
خالص خالص التعازي لأهل الشهيد علي حسن الجابر
المصور القطري الذي اُستشهد في ليبيا في استهداف لطاقم الجزيرة..
رحمه الله بواسع رحمته وأدخله فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان
هو وكل شهداء الثورة الليبية حتى الآن
الدماء الزكية التي ذهبت ثمنا لجنون القذافي!!
.
دعواتنا الخالصة بامن واستقرار كل البلاد العربية
أبعد الله عنهم الغمة والفتن ماظهر منها ومابطن
.
.
.
تأثرت كثيرا المرة الماضية من رد الغالية التي قالت أنها شعرت بمشاعر مزنة
لأنها حين زوجت بناتها هكذا شعرت..!!
الله لا يحرمنا منكم يا أمهاتنا ويديمكم فوق رأسنا!!
تدرون أني لما أحضر حفل زفاف تظل عيني تتابع أم العروس والعبرة تخنقني..
لأني أتذكر نفسي وأمي يوم زواجي!!
.
اليوم بارت مميز مثل ماقلت لكم سابقا
على الأقل من وجهة نظري
أصل فيه إلى تجميع الأحداث عند مرحلة معينة مقصودة
ثم يحمل هذا الجزء حدث مفصلي تعتمد عليه الرواية بكاملها.. وسيكون مقدمة لتفجر الأحداث على كل الجبهات بدءا من البارت القادم
بارت اليوم أتعبني جدا جدا في شيئين: الحوارات.. وصياغة المشاعر..
وحين تقرأون ستعلمون لماذا؟؟
بارت اليوم يُقرأ بتأني.. وستعلمون السبب حين تقرأون!!
.
البارت 101
.
قراءة ممتعة مقدما
وموعدنا الثلاثاء الساعة 9 صباحا
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وواحد
انتهيا من صلاتهما... وعادا للصمت..
وإن كان هذا الصمت هذه المرة هو كسابقه عند وضحى..
صمت خجل طبيعي..
فهو مختلف عند نايف.. فهو هذه المرة مستمتع بمراقبة تعابير خجلها!!
وهو يكتشف -بمتعة- أنوثتها الرقيقة التي خشي فعلا ألا تكون موجودة..
بناء على تفكيره السابق عنها.. وخصوصا أن شقيقاته لم يقصرن وهم يصفن أمها وأختها إنهما (نسرتان)!!
وإنها لابد مثلهما!!
كان دائما يتساءل : لماذا الوصف لأمها وشقيقتها ثم ينسحب توقع غير متأكد إلى شخصيتها... ؟؟
لو كان هناك عيب مباشر في شخصيتها لم يكن شقيقاته ليقصرن في نبشه..
شعر كما لو كانت ظلا غير واضح لأمها وشقيقها..
تماما مثلما كان هو!!!!
ظل غير واضح لشقيقاته السبع اللاتي اتخذن من محبته لهن حبلا أحكموا لفه حول عنقه..
مطلقا ليس ضعيف الشخصية.. ولكن حبه لهن أضعفه أمامهن.. يخشى أن يسبب الحزن لهن وهو أخيهن الوحيد!!
وفي نقطة التهاون هذه كان تماما كوضحى.. فهي أيضا ليست ضعيفة الشخصية!!
لكن وجودها في ظلال شخصيات قوية جعلها تستكين بشعور أمان.. أو ربما تخاذل!!
لكن حينما احتاجت لإبراز قوة شخصيتها أبرزتها وفي عدة مواقف..
وأقربها في إصرارها عليه هو رغم تحفظ أمها وشقيقتها!!
وضحى تشعر بتوتر رقيق لأنها تجلس أمامه بدون أي زينة بعد أن مسحت زينتها تماما .. تخشى أن تكون تهورت في هذا التصرف..
ولكنها أرادت بالفعل أن يراها هكذا.. يتعرف على شكلها الطبيعي!!
بينما هو كان ينظر لها بشجن.. إحساس عميق يتشكل في داخله نحوها..
وملامحها توحي له بشعور مُفتقد!!
شعور أمومة حنون!!
قد يكون غريبا أن يقول أنه يفتقد شعور الأمومة في ظل وجود سبع أمهات..
قد يعاني شعور تخمة الأمومة..!!!
ولكن معهن كان إحساسه بالأمومة مبتور.. لأن صراعهن الدائم حوله سبب له التشتت!!
واليتيم سيبقى دائما يفتقد أمه...
كما يعلم أن وضحى لابد تفتقد أباها!!
نايف قام ليجلس جوارها.. همس لها بتساؤل باسم: أنتي على طول كذا ساكتة؟؟
لم تجبه أيضا.. حينها مد يده ليتحسس أطراف أناملها.. شدت يدها لتدخلها في داخل أكمام روبها الحريري وهي تتنفس بصعوبة بدت واضحة له!!
هتف حينها بمودة: خلاص يا بنت الحلال لا تروعين كذا..
اعتبريها خطأ غير مقصود..
سألها ليستحثها على الكلام: تدرين إني ما ادري وش طبيعة شغلش؟؟ قولي لي؟؟
حينها همست وضحى بخفوت: مدرسة بالإشارات.. أدرس صم وبكم!!
حينها ضحك نايف بدفء: تدرين إني لي زمان ميت أسمع صوتش..
وأنتي ما بغيتي تحنين علينا..
حينها اختنقت وضحى.. ظنته يتكلم عن تلك المرة ..
شعرت أنها لن تتجاوز خجلها منه.. ولا توجسها حتى تعتذر منه..
لذا همست باختناق: نايف أنا فعلا آسفة على اللي صار المرة اللي كنت تبي تكلمني..
بس أنا ما أرضى أسوي شيء من ورا هلي!! أتمنى إنه مافي خاطرك شيء علي!!
لأنه الموضوع واجد مأثر علي!!
نايف لا ينكر التأثر الرقيق الذي غمر روحه حتى أقصاها... قد يكون تضايق من ذكرها لهذا الوضوع المحرج وهو قرر تناسيه...
لكن اعتذارها أثر عليه كثيرا وهو يهمس بمودة:
أنا نسيت الموضوع أساسا...
والعذر مقبول..
ثم أردف بإبتسامة خبيثة: تبين أحب رأسش عشان تدرين؟!!
وضحى تراجعت بوجل : لا لا.. كلامك يكفيني!!
نايف يستطيع اعتبار خبرته شاسعة في عالم الأناث.. ليس بالمعنى الذي قد يتبادر للذهن..
ولكن في الطبيعة الأنثوية بشكل عام..
الأنثى تتقبل الكثير من الحديث قبل أن تتقبل أي لمسة مهما كانت!!
فمثلا لو غضبت عليه إحدى شقيقاته وأراد أن يقبل رأسها..
ستصرخ به (لا تحب رأسي).. لكنها مستعدة لعتابه لساعتين كاملتين دون توقف..
كذلك كانت عالية.. حينما تغضب منه ويريد أن يشاكسها.. ستصرخ به ( لا تجي جنبي) رغم أنها ستصدع رأسه بحديثها لساعات متطاولة..
ووضحى ليست مطلقا هي الشذوذ عن القاعدة... وهو باله طويل... ويريد فعلا أن يتعرف عليها.. ويسمح لها بالتعرف عليه!!
بعيدا عن الأحكام المسبقة !!!
لذا همس بهدوء وهو يسند ظهره للخلف: بكرة إن شاء الله بنسافر باريس..
حبيت أوديش لمكان أدل فيه عدل.. عشان أتفشخر عليش إني أدل..
أنا عشت في باريس 7 سنين.. وقد ماأحب ذا البلد قد ما اكرهها...
غريب صح؟؟
لأنه باريس مثل مالها ميزات... عيوبها بالضبط!!
نايف انهمر بحديث ممتع .. بدأ يجذب انتباهها فيه رويدا رويدا.. ويدخلها إلى عوالمه.. بحديث هادئ عميق!!
وهو من حين لآخر يوجه السؤال لها.. لأنها لن تتكلم إلا جوابا على سؤال..
ثم يعقب السؤال بسؤال ليجعلها تستغرق في الحديث وتفاصيله..
ليكتشف بمتعة حقيقية طريقتها الهادئة الرزينة والعذبة في الكلام!!!
***************************************
الليلة تبادلا الأدوار..
فبعد أن كانت طوال الليالي السابقة هي من تحتويه في حضنها..
الليلة كان دوره ليحتويها في حضنه..
لم يتخيل أنه قد يراها يوما بهكذا ضعف رقيق..
رؤيتها هكذا تذيب قلبه تماما..
يشعر أنه بين نارين.. نارين بكل معنى الكلمة!!
لا يريد أن يظلمها مطلقا.. لكنه يعلم أنها غير مرتاحة لحالته وتشعر بها في داخلها..
بل سألته عدة مرات ماذا به؟؟ وكان يتهرب من الجواب..
التهرب الذي لم يغب مطلقا عن ذكائها!!
قاطعت أفكاره بهمسها الخافت وهي تحتضن ذراعه: حبيبي وش اللي مشغل بالك؟؟
ولا تقول لي مافيه شيء..
أنا حاسة إن فيك شيء متغير من قبل زواج مزون بحوالي أسبوع..
قلت يمكن عشان زواجها.. بس السالفة غير!!
همس بعمق وهو يمرر أنامله عبر خصلات شعرها التي ترتاح على ذراعه:
مهوب وقته يامزنة..
استدارت لتوليه وجهها.. تنظر في عينيه من أقرب مسافة.. تتنفس أنفاسه من قرب لتستشف أفكاره من تغير خلجاته..
همست مزنة بعمق خافت: أنا فاهمتك زين.. وكنت عارفة إن عندك شيء تبي تقوله.. بس تأجله لين عقب عرس البنات..
وهذا البنات عرسوا... ريحني الله يريح بالك!!
همس بدفء موجوع في عمق أذنها.. وهو يجذبها ليدفن وجهها بين أضلاع صدره:
بكرة الصبح بأقول لش.. وبأدعي ربي يبعد الصبح لأبعد مدى!!
****************************************
" هاحبيبتي.. شاخبار العرس؟؟ "
مزون تتمدد بجوار غانم وهي تسند ظهرها لظهر السرير وتهمس برقة:
كان حلو.. ماشاء الله!!
غانم بمودة: زين بكرة نبي نروح نزور نجلاء..
أنا جيتها اليوم.. بس أبيش تروحين معي بكرة... ونودي لها هدايا عيالها..
حينها همست مزون بتردد: عادي نودي لها أغراض البنت.. وإلا نودي أغراض غنومي وبس..؟؟
غانم يمسك قلبه بطريقة تمثيلية:آه ياقلبي... تجنن غنومي من بين شفايفش..
ماينفع تقولينها لي... غرت من ولد أختي!!
مزون ضحكت: غانم.. بلا بياخة!!
غانم قلب وجهه وهو يضخم صوته: (غانم) مهيب حلوة.. وع!!
مزون ابتسمت برقة: زين ياغنومي الكبير نودي أغراض غنومي الصغير بس؟!!
ابتسم غانم وهو يشد أناملها بين أنامله: ودي الأغراض كلها... المها أساسا تحسنت واجد.. يمكن تبي لها أسبوع وإلا أسبوعين وتطلع للبيت!!
مزون بابتسامة: على طاري المها.. أختك مها هذي تحفة... تجنن.. الواحد وده يأكلها من قد ماهي حلوة وعسل ودمها خفيف!!
ابتسم غانم بمرح: هذي جينات أمي... ما تلعب!!
مزون بتساؤل: إلا غانم... امك وش اسمها؟؟ دايم أم غانم أم غانم.. ولا عمري عرفت اسمها..
غانم ابتسم: وش ظنش؟؟
مزون ضحكت: أمك على ستايلها باين فيها عرق تركي... تلاقيها صافيناز وإلا شهيناز!!
ضحك غانم: والله منتي بهينة .. أمي اسمها تركي بس مافيها عرق تركي.. أمي اسمها جيهان...
(جيهان بالتركية يعني العالم)
مزون ضحكت: والله حلو... نفس اسم جيهان السادات... وجيهان السادات لين الحين تجنن وحلوة مع إنها كبيرة واجد...
ثم أردفت بتساؤل: إلا أمك أشلون خذت إبيك؟؟
غانم بإبتسامة: إساليها؟؟
مزون بحرج: من جدك... أروح أقول لها يمه أشلون خذتي عمي؟؟ عيب!!
غانم بذات الابتسامة: لا عيب ولا شيء... أصلا أمي تحب ذا السالفة..
تقولين راشد آل ليث في عينها رشدي أباظة زمانه..
******************************
" كساب.. تأخرت واجد الله يهداك!!"
كساب تنهد بعمق وهو يهمس في هاتفه بخفوت: غصبا عني.. فيه ظرف عطلني!!
كاسرة تنهدت بخيبة أمل تخفيها خلف حزم صوتها: خلاص يا ابن الحلال.. مهيب اول مرة!!
كساب ابتعد بكرسيه قليلا وهو يهمس بخفوت حازم: قلت لش غصبا عني.. انتهينا..
كاسرة همست بسكون ونبرة مقصودة: خلاص تصبح على خير.. نشوفك بكرة إن شاء الله.. أنا بأنام..
كساب كاد يلقي هاتفه أرضا ليهشمه.. لا يعلم سبب اشتياقه الغريب لها..
ولكنه لا يستطيع ترك علي وهو على هذا الحال!!
علي همس بسكون: كساب قوم روح لمرتك.. أنا بأصلي هنا.. وعقب بأطلع لدوامي من هنا.. تدري الخارجية من هنا خطوتين..
مافيه وقت أرجع البيت.. لانه بنستقبل وفد بدري!!
كساب تنهد بحزم: أولا ماني بمخليك.. لين تروح لدوامك وتلهى فيه..
ثاني شيء مثلي مثلك.. على ما أرجع للبيت.. بيأذن الفجر..
وأنا شركتي من هنا أقرب... واليوم عندنا صب باقي الأساسات عقب الصلاة!!
(سوق واقف يقع تماما بين الكورنيش حيث تقع وزارة الخارجية
وبين منطقة شارع حمد الكبير /شارع البنوك حيث تقع شركة كساب
وكلاهما لا يستغرق خمس دقائق من السوق!! )
********************************
إن كان علي عاجزا عن العودة للبيت لأنها غير موجودة فيه..
فهي عاجزة عن النوم حتى وهي تعلم كم ضايقته!!
حتى في خيانته لها.. تجد أن تفكيرها فيه يسبق تفكيرها في نفسها!!
تتنهد بيأس..
تتمنى أن تستطيع أن تقسو عليه كما يستحق..
فهو بالفعل يستحق هذه القسوة..
ولكن حبها له أكبر من كل شيء.. حتى خيانته لها!!
تحاول أن تصدقه.. أن الأثار هذه لها!!
فتجد أن حتى هذه الفكرة مؤذية لها ولحساسية مشاعرها...
أن هناك رجلا تجرأ على ضمها على صدره.. قبل أن يعلما كلاهما أنهما زوجان!!
عدا أن الشك الأنثوي يحاول اقناعها أن هذه الأثار ليست لها!!
ولكنها تعود وتقول.. علي متدين جدا.. ويستحيل أن يفعلها..
" ولكن حتى مع تدينه فهو تجرأ على لمس امرأة يظنها ليست حلالا له!!
لم يقاوم وسوسة الشيطان..
فكيف سأضمنه كلما خرج أنه لن يكرر هذا الشيء..
.
.
لا لا علي يحبني..
مستحيل يسويها... تيك كان لها ظرف خاص..
وهو شرحه لي عشرين مرة...
إحساسه فيني غير لأني كنت حلاله!!
.
.
وأنتي بتصدقين خرابيط واحد لعب عليه الشيطان!!
.
يا ربي بأموت.. باموت... ارحمني من التفكير!!
قلبي مهوب مستحمل أكثر..
أحبه... ويدري زين إني أحبه.. خايفة يستغل ذا الشي ضدي!! "
******************************
" بسم الله الرحمن الرحيم..
من؟؟"
جميلة انتفضت من نومها بجزع على رنين هاتفها وهي تلتقطه دون ان تنتبه لاسم أو رقم..
جاءها صوته مرهقا دافئا: أنا فهد!!
حينها همست بعفوية وهي تنظر للساعة: فهد الله يهداك فزعتني... الساعة 3 الصبح وأنا كنت نايمة..
لا يعلم لِـمَ شعر بأمل بريء يداعب أهداب قلبه أنها عاتبته على وقت الاتصال وليس على الاتصال نفسه!!
همس بذات الصوت المرهق والدافئ:
شأسوي.. يوم دخلت غرفتنا في الأوتيل.. ماطقتها من عقبش!!
تدرين إني طلبت إنهم يغيرونها..
ما اقدر اقعد فيها.. وكل شيء فيها يذكرني فيش!!
جميلة ارتبكت من هذا الكلام غير المتوقع.. ومن شخص كفهد!!
بينما هو يكمل حديثه بنبرة عتب: وأنتي حتى ماهان عليش تكلميني وتقولين تروح ترجع بالسلامة..!!
جميلة تنهدت: فهد أرجوك مافيه داعي تتصل.. المرة الثانية لو اتصلت ماراح أرد عليك!!
حينها هتف فهد بغضب مكتوم: أنتي ليش منشفة رأسش كذا؟؟
وش اللي تبينه...؟؟ كنتي تبين تذليني وبس؟؟
أقول لش أحبش وشاريش.. وأبي أكمل حياتي معش.. وماراح تشوفين مني إلا اللي يرضيش..
وأنت مافيه شيء يرضيش..
جميلة همست بهدوء مليء بالوجع: لكل شيء أساس.. وحن أساس حياتنا تجريح ووجع.. يعني من أولها أساس فاشل..
فهد بذات النبرة الغاضبة: وليش تبين تعتبرين هذا الأساس... انسي ذا الأساس..
وخلينا نبدأ من أساس جديد..
جميلة بألم: والإنسان يشتغل بريموت كنترول.. يقولون له انسى.. ينسى..
يقول له انسى الجرح والتجريح.. ينسى!!
فهد زفر بيأس: زين عندش ذا الوقت كله لين أرجع..
وأتمنى يوم أرجع.. تكونين عقلتي وألقاش في بيتش!!
**********************************
" نايف.. قوم.. نايف.. نايف!! "
نايف يهمس بصوت ناعس: وضحى حرام عليش خليني أنام شوي..
من البارحة لين اليوم وأنا ريقي نشف عشان أقنعش بس تنامين جنبي..
وأول مانمنا تصحيني..
وضحى باستعجال مختنق بالخجل: أنا أساسا مابعد نمت..سامحني قومتك..بس فيه حد كسر الباب..
نايف بتأفف ناعس: ما أسمع صوت!!
وضحى بذات الخجل: الباب الخارجي صار له نص ساعة يندق.. أول شيء قلت يمكن حد غلطان.. بس الدق ماسكت...
نايف يزفر وهو ينفض الغطاء.. ينظر للساعة .. الساعة السابعة إلا ربع صباحا..
من سيأتيهم في هذا الوقت المبكر؟؟
نزل باستعجال وهو (بالفنيلة والسروال) ليفتح الباب ليتفاجأ بالهجوم...
نورة وسلطانة... معهما ثلاث خادمات..
بالكثير من الأواني اللاتي دخلن الخادمات ورصفنها على الطاولة!!
نورة بإبتسامة أمومية: ألف مبروك ياعريس... صباحية مباركة..
أنا وسلطانة حلفنا ماحد يسوي ريوق المعاريس غيرنا..
من قبل صلاة الصبح وحن نشتغل!!
نايف لم يعلم بماذا يشعر؟؟ بالغضب أم التأثر؟؟
ولكن التأثر غلب... فهو يعلم أنهن لابد لم يغادرن الزفاف إلا في وقت متأخر..
ومع ذلك لم ينمن ليعددن له فطور يعلمن أنه بالكاد سيأكل منه عدة لقمات!!
نايف مال على رأس نورة ليقبله: الله يبارك فيش... ولا يخليني منش وجعل عمرش طويل..
سلطانة ابتسمت: حبة الرأس للكبيرة بس؟
نايف مال على رأس سلطانة وهو يبتسم : وللصغيرة بعد!!
حينها تساءلت نورة بنبرة مقصودة: وين مرتك.. ماوراكم طيارة!!
حن قلنا بنجيب ريوقكم بدري قبل تطلعون المطار..
نايف يهمس بمودة: مرتي فوق.. بتلبس وبتنزل لكم..
نايف عاود الركض للأعلى ليجد وضحى تنتظره بقلق.. وهمست بخجلها الرقيق: عسى ماشر؟؟
نايف تنهد: خواتي جايبين ريوق!!
وضحى باستغراب: ذا الحزة؟؟
نايف لم تعجبه نبرة استغرابها لذا قرر أن يبين لها منذ البداية قرب شقيقاته منه
لذا همس بحزم: يجوون أي حزة يبونها... عندش اعتراض؟؟
وضحى أيضا لم تعجبها نبرتها.. لكنها قررت أن تكون حذرة تماما في هذا الموضوع...
فهو يستحيل أن يقدمها بأي حال من الأحوال على شقيقاته... وخصوصا أنه مازال لا يعرفها حتى..
بينما هؤلاء شقيقاته.. حياته كلها !!!
لذا همست بثقة ولباقة مغلفة بخجل رقيق: أبد وليش يصير عندي اعتراض... حياهم الله.. البيت بيتهم..
نايف تنهد بطيبة قلبه: وضحى أنا ما أقصد أضايقش.. بس حطي دايما في بالش..
إن خواتي من أولويات حياتي.. وإني مستحيل أزعلهم عشان مرتي..
لأنه لو مالي خير فيهم... مالي خير فيش..
ابتسمت وضحى برقة: وعلى رأسي أنت وخواتك!!
وموقفك يكبرك في عيني مايصغرك...
حينها ابتسم: زين بدلي وانزلي لهم..
خليني أسبح وألبس.. أستعد لروحة المطار..
وضحى حاولت أن تستبدل ملابسها وتضع زينتها بأسرع طريقة.. ولكنها أيضا يجب أن تراعي أنها عروس يوم صباحيتها..
ولو وجدوا عيبا في تأنقها.. سيجدون لهم سببا للحديث!!
لذا انتهى نايف من الاستحمام وهي مازالت لم تنتهي... همس نايف بعتب:
لين الحين مانزلتي؟؟
وضحى بخجل: نايف الله يهداك أنت سبحت في عشر دقايق... وأنا على الأقل أبي لي عشرين دقيقة وأنا مستعجلة بعد..
لذا نزل نايف مرة أخرى لشقيقاته.. همست سلطانة بنبرة مقصودة:
ذا كله تلبس أنت والمدام؟؟ وإلا عادي تنقعونا؟؟
نايف بمودة: الله يهداش أنتو جايين واحنا صاحيين من النوم.. أكيد نبي لنا شوي وقت..
حينها همست نورة بذات نبرة شقيقتها المقصودة: وست الحسن وينها؟؟
ابتسم نايف بطريقة مقصودة: ست الحسن نازلة الحين!!
نورة وسلطانة تبادلتا النظرات (مصدق الأخ نفسه!!!)
وضحى نزلت وهي تشعر بخجل شديد بالفعل..
فهي لم تتوقع مطلقا أنها قد ترى أحد قبل موعد طيارتهما.. ولم تتهيأ لذلك حتى..
كانت متأنقة تماما في دراعة فخمة للاستقبالات احتراما لشقيقتيه .. حتى يعلمن تقديرها لحضورهما!!
انحنت لتسلم على الاثنتين المتجاورتين.. وتبادلا الترحيبات والسلامات المعتادة..
ثم جلست قريبا من نايف على الأريكة الطويلة التي كان يجلس عليها من باب اللياقة..
سلطانة مالت على نورة وهي تهمس بخفوت: صدق مابه سحا.. توها عارفته البارحة لصقت فيه اليوم!!
نورة تمصمص شفتيها بصوت منخفض: تبيه يشم الريحة.. وأنا أقول ليش تاخرت.. قاعدة تتبخر وتتعطر!! باقي تتسبح عطر!!
صدق ماعاد يستحون بنات ذا الزمن!!
نورة رفعت صوتها بالسؤال المقصود: أنتي بتروحين للمطار وريحتش كذا؟؟
وضحى انتفضت بحرج: لا طبعا.. بأبدل ملابسي كلها.. أصلا ما أقدر أروح للمطار بالدراعة ذي!!
نورة أكملت عليها: إيه يأمش.. كنش رايحة عرس بدراعتش ذي!!
نايف شعر بالفعل بالشفقة عليها..
وهي شعرت بالعتب عليه.. أنه لم يرد عليهم حتى بأي كلمة.. تدفع عنها الحرج..
وهي مازالت عروسا في يومها الثاني!!
سلطانة هتفت بصوت عال: يا الله قوموا تريقوا.. وراكم رحلة..
والبيت لا يهمكم منه.. بنسكره عقبكم..
وضحى شعرت بالحرج أكثر.. لا تريد أن يرى أحدا أغراضها الخاصة..
لم تعلم أنهن سبق ورأين كل شيء!!
لأنها حين دخلت البيت.. كان كل شيء بترتيب أمها وأغراضها.. لم تعلم أنه ترتيب عالية المعاد!!
نايف تناول قليلا من الفطور...
ووضحى لم تتناول شيئا... فهي تشعر بحرج مختلط بالخجل مختلط بالتوتر..
تتمنى لو رأت أمها قبل أن تسافر وهي تخجل حتى أن تطلب ذلك من نايف..
و يُحكم عليها ألا ترى إلا هذين العقربتين!!
وهم مازالوا في جلستهم.. دخل عليهم إعصار جديد..
سلطانة مالت على نورة بتأفف: وذي وش جابها؟؟ صدق قوية وجه... حد يأتي ذا الحزة!!
انتزعت نقابها وهي تدخل بمرح صاخب: قلت لازم أمر أسلم على نويف حبيب قلبي.. قبل أروح دوامي حتى!!
احتضنت عنق نايف وهي تهمس في أذن نايف : أنت داري إني راجعة وأنا خلاص على باب المستشفى رايحة لدوامي..
يوم اتصلت أصبح على أمي... وقالت لي إن خالاتي هنا!!
غثوا المسكينة وإلا بعد؟؟
نايف همس في أذنها باستسلام: غثوها وخلصوا..
وضحى حين رأت عالية كانت تريد ان تبكي فعلا.. لولا أن اعتزازها بنفسها لم يسمح لها!!
عالية سلمت على وضحة ثم شدتها وهي تهمس بمرح: يا الله ياعروس خلينا نجهز أغراضش بسرعة مافيه وقت!!
ما أن وصلتا للأعلى حتى همست عالية بتاثر: امسحيها في وجهي!!
هزت وضحى كتفيها: ماصار شيء... يمكن تأثرت عشاني عروس وتدرين النفسية تصير حساسة..
لكن هم ماقالوا إلا كلام عادي!!
عالية تضحك بمرارة: عادي؟؟؟ ما يكونون خالاتي...
ثم أردفت بجدية: وضحى الكلام هذا كان المفروض أقوله لش من قبل..
بس ماحبيت أحرجش..
لكن الحين أنتي شفتي الوضع...
اسمعي نصيحتي عدل.. لا تسوين مثل نويف مهما أنصحه ما ينتصح!!
أول شيء حاولي تطولين في سفرتش قد ماتقدرين..
أدري نايف حاجز أسبوعين أقنعيه على الأقل بأسبوع زيادة..
لا تخلينه يرجع إلا وأنتي مالية يدش منه!!
لا يغرش إن نايف عاش واجد برا.. أنا كنت معه!!
وترا نويف خام.. يومين وينكب على وجهه... وقلبه طيب فوق ما تتخيلين..
بس أنتي ابذلي جهد زيادة عشان تكسبين قلبه صدق... وهو ترا يستاهل من يتعب عشانه!!
ثاني شيء نايف يحب خالاتي واجد.. يعني ولا يطري على بالش إنش تسوين تخيير بينش وبينهم.. لأنه بيختارهم حتى لو روحه معلقة فيش!!
لكن اللي أبي أقوله لش إنش مستقيمة بزيادة.. وهذا ما ينفع مع خالاتي...
يعني هادنينهم وسايسيهم.. بس في نفس الوقت لا تسمحين لهم يتدخلون في حياتش ومن أولها..
لأنش لو فتحي لهم الباب... على أساس إنش مستحية وماتبين تقولين لهم شيء من أولها.. ترا بيتدخلون عقب في كل شيء!!
حينها همست وضحى بحرج: الحين يبون يقعدون في البيت عقبنا..
كيفهم في البيت... بس أنا مستحية يدخلون غرفتنا.. ويشوفون أغراضي الخاصة!!
عالية تنهدت بحزم: ذا المرة خليها علي!!
أدري ماتبين تروعين نايف منش... بس أنا عادي متعودين علي هم ونايف!!
أنا اللي بأخذ المفتاح.. والله يعيني على خالاتي!!
*********************************
" حبيبي دام شغلك اليوم متأخر شوي..
مهوب المفروض تقول لي وش اللي شاغل بالك!!"
زايد استدار ناحيتها... يحاول أن يشبع عينيه نظرا لها فلا يستطيع.. صمت لم يتكلم..
حينها همست مزنة بعمق فاجأه بمضمونه: زايد أنا أدري إنك ما تقبلتني لحد الحين!!
وكنت أدري إنك حاط في بالك صورة لمزنة ماعادت موجودة..
صورة مزنة قبل 30 سنة...
لكن يا زايد أنا ماني بصورة داخل برواز.. تمر عليها السنين ماتغيرت!!
زايد تنهد بيأس: مزنة ليش تقولين كذا؟؟
همست حينها بيأس مشابه: زايد.. صار لنا 3 شهور متزوجين..
أول ثلاث أيام غرقتني في مشاعر حب حسبت إنها مستحيل توجد في ذا العالم!!
وعقبه سكتت.. حتى كلمة وحدة بالغلط ماعاد قلتها!!
لأن هذاك الكلام كله... أنت قلته لمزنة الصغيرة..
لكن يوم عرفت إنها راحت.. شحيت بكلامك على مزنة الكبيرة!!
وأنا يازايد ذا كله مايهمني... وش قيمة الكلام وأنت بكبرك بجنبي... وأنت أغلى من كل كلام الدنيا؟؟
لكن في الفترة الأخيرة حسيتك متغير عليّ... في النهار جاف معي.. وفي الليل كنك خايف تفقدني!!
التعامل ذا يازايد تعب لي أعصابي... لأني عارفة إن أعصابك تعبانة...
فريح روحك وريحني... ولا تخاف علي من شيء..
زايد اللي مثلي شافت من الدنيا كل وجيعة.. جلدي تعود.. ماعاد تفرق معي!!
زايد تنحنح بحزم يخفي خلفه رفضه لكل مايقوله ويجد نفسه مجبرا على قوله..
وهو يحاول أن يبسط الموضوع: الموضوع مهوب مثل منتي فاهمة..
كل السالفة إني أبي أنزل لجناح علي القديم تحت!! واقعد هناك!!
مزنة شعرت بثقل ما في أنفاسها وهي تشد لها نفسا عميقا وتهمس بسكون متوجس:
وبعد؟؟
زايد تزايدت صعوبة الكلمات على لسانه ومع ذلك مازال يتكلم بطريقته الحازمة المعتادة:
وأبي الاحتكاك بيننا يكون في أقل حدوده...
مزنة همست ببساطة موجوعة.. لشدة بساطتها تنحر الروح: تقصد ما يكون بيننا احتكاك أبد..؟؟؟
زايد صمت تأكيدا لفكرتها.. حينها همست بذات البساطة الذابحة المذبوحة:
زايد أنت تبي تعاقبني؟؟
زايد انتفض بجزع: ليش تقولين كذا يامزنة؟؟
مزنة بألم: لأن الرجّال مايهجر مرته إلا لأنه يبي يعاقبها على شيء... قل لي وش ذنبي اللي سويته..؟؟
تعاقبني لأنك ماقدرت تحبني؟!!
زايد اقترب منها ليشد على كفها بين كفيه.. والغريب أن يفعل ذلك وهو يريد أن يهجرها.. والأغرب أنها لم تنتزع يدها وهي تعلم بنيته!!
همس حينها بوجع ماعاد يستطيع إخفاءه: أبي أعاقب نفسي مهوب أعاقبش..
لأني لو ماعاقبت نفسي... مستحيل أقدر أعيش مع ذا الذنب اللي خانقني!!
مزنة حينها وقفت لتنتفض بغضب موجوع لأقصى مساحات الوجع تجذرا:
وأنا وش ذنبي تعاقبني على ذنوبك..؟؟
وإلا قول.. عشان دريت وش كثر صرت أحبك.. تبي تعاقبني؟؟
تعاقبني لأني رفضتك وأنا بزر؟؟.. أو تعاقبني لأني تغيرت وماعدت مزنة اللي في بالك؟!!
زايد عاود شد كفها ليجلسها وهو يهمس بألم عميق:
مزنة والله العظيم ما أبي أعاقب إلا نفسي... من كثر ماصرت متعلق فيش أبي أحرم نفسي منش!!
مزنة تشعر أنها تريد أن تبكي .. أي جنون يهذي به هذه الرجل؟؟
أ بعد أن علقها فيه لهذه الدرجة يريد أن يهجرها..؟؟
لا ويريد أن يهجرها وهو أمامها!!! ماكل هذه القسوة يازايد!!
مزنة همست بيأس ازداد عمقا: خلني أجاريك في كلامك اللي مايدخل المخ..
تعاقب نفسك ليه؟؟
زايد تردد للحظات.. لكنه لم يعتد التراجع حين يقرر.. ومن حق مزنة عليه أن تعلم بالسبب:
مزنة ترا مناداتي لاسمش كل ليلة مهوب شيء جديد..
ترا من أيام زواجي من وسمية...
بس توني دريت..!!
تخيلي المسكينة كل ليلة نايمة جنبي وتسمعني أون باسم غيرها..
لا و درت إني مسمي بنتها على حبيبتي..
تخيلي وجيعتها.. تخيلي!!!
مزنة تراجعت بجزع وهي تشهق... تحاول تخيل وجع وسمية فلا تستطيع.. لا تستطيع..
أي امرأة قد تصبر على مثل هذا!! اي امرأة!!
مزنة صرخت بجزعها: وأي مرة تصبر على مثل ذا؟؟ أي مرة؟!!
زايد بوجع: هي صبرت!!
مزنة شدت لها نفسا عميقا جدا.. من أقصى روحها.. رغم شعورها العميق بالألم من أجل وسمية لكنها يجب ان تقاتل من أجل هذا الرجل...
فمايربط بينهما ماعاد محض مشاعر.. بل أكثر من ذلك بكثير:
صبرها عليك كان غلط..
وسكوتها عليك كان أكبر من أي غلط..
لأنها ماظلمت نفسها بس.. ظلمتك بعد.. لأنها خلتك تستمر في ظلمها سنة بعد سنة وأنت ماتدري!!
لكن وسمية خلاص راحت.. ارتاحت عند ربها..
بيرضيها الحين ظلمك لي؟!! بيرجعها من قبرها عشان تعتذر لها؟؟
يعني وسمية ظلمتها وأنت ماتقصد... تبي تظلمني وانت تقصد ومتعمد!!
زايد يزداد يأسه ووجع روحه: أنا ماني بمرتاح يا مزنة .. أنا أتعذب... وكل ماشفتش قدامي تزيد وجيعتي..
حتى لو قعدنا مستمرين في حياتنا كزوجين.. شبح وسمية بيظل يطاردني وبيخرب علينا حياتنا!!
مزنة شدت نفسا عميقا والكلمة تقف في حنجرتها كموس مسموم:
تبي تطلقني.. بس منحرج؟!!
زايد انتفض بجزع حقيقي: مستحيل.. ولا خطر ببالي.. لا مكانتش ولا مكانتي تسمح لنا بتصرف بزارين مثل ذا..
البيت ذا أساسا أنا كتبته باسمش ومن فترة.. يعني بيتش... وانا عندش ضيف فيه!!
لكن نجيب لنفسنا الكلام وحن في ذا العمر..؟؟
في بيتنا ماحد داري باللي بيننا..
مزنة بحزن عميق: كتبته باسمي يوم قررت تبيعني.. كن البيت بيكون تعويض لي عنك؟!!
زايد بوجع: مزنة لا تقولين كذا..
مزنة حزنها يزداد.. ودقات قلبها تزداد ثقلا: زايد هي مالها معنى إلا كذا..
مشكور يازايد لا أبغي غرفتك ولا بيتك..
بيت ولدي جنبي..
ولا تخاف من كلام الناس..
لأنه أنا أساسا أغلب اليوم هناك عند إبي... حد عرف أنا وين نمت!!
ووأساسا أنت اخترت توقيت مناسب عشان تطردني من حياتك..
لأنه تميم مسافر اليوم.. خلاص بأروح عند إبي..
زايد برجاء حقيقي فخم: تكفين مزنة.. لا تطلعين من البيت..
مزنة بإصرار مثقل بالوجع: وأنت وش تفرق عندك.؟؟..
أنت أساسا تبي تقعد تحت..وماتبي يصير احتكاك بيننا.. اعتبرني نفذت اللي قلته..
على الأقل خلني أحس إني حافظت على شوي من كرامتي!!
*********************************
كاسرة لم تذهب لعملها اليوم.. قررت أخذها كإجازة عارضة..
فهي لا تعلم متى سيعود كساب.. ولا تريده أن يحضر ولا يجدها..
رغم أنه ضايقها بعدم حضوره البارحة وهو يتجحج بالظروف ثم بالعمل!!
لكنها لم تستطع أن تكون بخيلة مع كرمه عليها بغزله الفاخر الليلة قبل الماضية..
كلما تذكرت كلماته ونبرته فقط.. شعرت بتساقط عروق قلبها إعياء وتأثرا!!
قررت التوجه لغرفة أمها حتى تتوجها كلاهما للسلام على تميم قبل أن يذهب للمطار..
فوجئت بل صُعقت بأمها تضع أغراضها في حقائب.. ولم تكن تنتقي.. بل كانت تفرغ الخزائن..
همست بجزع: يمه شتسوين؟؟
مزنة بحزم: باروح اقعد عند إبي لين يرجع تميم..
كاسرة باستغراب: بس تميم حالف ما تقعدين في البيت بروحش..
مزنة بذات الحزم البالغ الذي يخفي خلفه روحا تذوي بمعنى الكلمة:
أنا أمه.. مهوب أمي عشان يحلف علي!!
كاسرة بعدم تصديق: واللي تبي تقعد أسبوع تاخذ الشناط ذي كلها.. وتفضي الدولايب..
أساسا أنتي ملابسش هناك في غرفتش.. ماتحتاجين تشيلين ملابس معش!!
مزنة صرخت بها بحزم موجوع تماما: كاسرة مالش شغل.. انتهينا!!
كاسرة صرخت بحزم مشابه: لا لي شغل.. وش ذا الزعلة اللي تخليش تشيلين ملابسش كلها..؟؟
لا وأنتي حامل بعد؟؟
تراجعت كاسرة بصدمة حقيقية: عمي مهوب راضي بالحمل؟؟... عشان كذا زعلتي..؟؟
مستحيل عمي يكون كذا!! مستحيل!!
مزنة عاودت سحب ما تبقى من أغراضها لتضعها في الحقائب..
وكأنها تسحب أشلاء روحها المدمرة بعد معركتها الخاسرة.. لتعود إلى جبهتها مثخنة بالجراح..
همست كأنها تحادث نفسها وهي مستغرقة تماما في لملمة أذيال الانسحاب:
زايد مابعد درى إني حامل!!
كاسرة بصدمة: ليه يمه حرام عليش .. ليش ماقلتي له؟؟
حينها انفجرت مزنة بعصبية موجوعة: وش تبيني أقول له وهو يقول لي اطلعي من حياتي..؟؟
أقول تكفى خلني عشاني حامل...
مهيب مزنة بنت جابر اللي تذل نفسها..
ومثل ماربيت أربعة بروحي.. ماني بعاجزة من خامس...
كاسرة تكاد تجن: زين وليش يقول لش اطلعي من حياتي..؟؟
من يوم تزوجتوا وأنا حاستكم سمن على عسل.. فجأة اكتشف إنه مايبيش في حياته...
مزنة حينها تركت مابيدها واستدارت نحو كاسرة لتمسح على خدها بحنو..
وتهمس بوجع بعمق جذور التاريخ:
تدرين وش مشكلتي أنا وزايد؟؟
إنه زايد حب مزنة أمس.. بس ما قدر يحب مزنة اليوم..
وأنا ماقدرت أحب زايد أمس.. بس حبيت زايد اليوم..
يمكن تكون هذي العدالة ..وأنا ماني بمعترضة...
زايد عانى واجد... ويمكن صار دوري الحين...
وماحد يأخذ أكثر من اللي الله كتبه له... وأنا راضية باللي الله كتبه لي..
كاسرة تشعر بالكلمات باهتة على شفتيها: تبون تطلقون يمه؟؟
مزنة هزت رأسا نفيا.. وهمست بإرهاق: طلاق لا... إبي يتضايق واجد.. وهو ماعاده بحمل ذا السوالف..
وأنتي وكساب حياتكم بتتأثر من ذا الموضوع...
ناس كثيرين متزوجين وكل واحد منهم في بيت!! يعني حالتنا مهيب استثناء...
اللي أبيه منش ماحد يدري بشيء...
أنتو كساب بتدرون لأنكم ساكنين معنا في البيت.. بس غيركم ما أبيه يدري!!
***************************************
هاهو يعود أخيرا عند الظهر..
لم يتصل بها حتى.. فهو تعب لكثرة مايتصل ثم يحدث شيئا يعيق لقاءهما..
قرر هذه المرة أن يحضر دون اتصال.. ودعا الله طويلا أن يجدها..
ووجدها بالفعل.. جالسة في انتظاره..
شعر أن دفق الدم سيمزق صدره من فرط اشتياقه لها..
حين دخل.. وقفت.. تراجع خطوة للخلف وهو يرى مسحة حزن تجلل عظمة حسنها..
ثم عاود التقدم ليمسك بكفيها الاثنتين ويهمس بقلق:
كاسرة وش فيش؟؟
همست بسكون: مافيني شيء!!
هتف بذات النبرة القلقة: أنتي زعلانة عشان ماقدرت أشوفش إلا الحين..؟؟
هزت رأسا بذات الحزن: لا أبد..
ثم مالت برفق لتقبل صدره وهي تهمس بذات نبرة الحزن التي أغرقت صوتها:
الحمدلله على سلامتك!!
شعورها بالحزن غامر فعلا.. ان ترى أعظم شخصين في العالم يحدث بينهما هكذا مشكلة وهي من كانت ترى في عظمتهما ترفعا حتى عن الخلافات!!
كساب شدها ليجلسها وهو يحتضن كتفيها ويهمس بنبرة حزم مغلفة بالقلق:
والله العظيم إن قد تقولين لي!!
كاسرة تنهدت بوجع: أمي وإبيك بينهم خلاف كبير.. واتفقوا كل واحد منهم يعيش في مكان!!
كساب انتفض بجزع وهو يقفز واقفا : من جدش؟؟
كاسرة هزت كتفيها: وليش أكذب؟؟
كساب بغضب: لاااااااا... الشيبان شكلهم استخفوا.. وش ذا الخرابيط؟!!
كاسرة بسكون: هذا اللي صاير!!
كساب يستعد للمغادرة وهو يهتف بحزم غاضب: ليه هم ظنهم إني بأخليهم على كيفهم؟؟
كاسرة شدته بلطف : تكفى كساب اقعد... مهوب كل شيء تقدر تتدخل فيه وتمشيه على كيفك..
سويت اللي في رأسك وزوجتهم.. بس ماتقدر تجبرهم يرجعون يعيشون مع بعض..
عطهم وقت.. أنا متفائلة خير.. إنهم يبون وقت بس!!
كساب عاود الجلوس جوارها وهو يزفر بغيظ: والروس الكبيرة العاقلة وش مزعلهم من بعض عقب ماكان الغرام باقي يطلع من عيونهم؟؟
كاسرة بهدوء: شي يخصهم بروحهم..
كساب بذات النبرة الغاضبة: ولا يكونون ناوين يتطلقون بعد؟؟ هذا اللي ناقص!!
كاسرة تنتهدت: طلاق لا... أصلا هم مايبون حد يدري إن بينهم خلاف..
بس أنا وأنت ساكنين معهم في البيت.. لازم بندري!!
بس حتى علي ومزون مهوب لازم يدرون..
ثم أردفت برجاء وهي تحتضن خصره: كساب أبي أروح أقعد عند أمي يومين ثلاثة..؟؟
حينها انتفض كساب بغيظ: زين أنا وش ذنبي تعاقبيني ؟؟
تنهدت كاسرة: كساب وليش أعاقبك؟؟ بس ما أبي أمي تقعد بروحها.. وهي متضايقة..
كساب شد له نفسا عميقا وهو يحتضنها بقوة: أنا كنت اقول الله يستر من شفقتي على شوفتش ذا المرة..
كنت حاس إن الدنيا ماتجي على الكيف!!
روحي كاسرة ما أقدر أردش من أمش..
ثم أردف بحزم: بس أنا بجي أنام عندكم في مجلس الحريم..
مايصير البيت فاضي عليكم وتميم مسافر!!
كاسرة برفض: لا كساب تكفى.. لأنه أمي وقتها بتحلف أرجع معك..
بعدين البيت جنب البيت ومفتوحين على بعض..
والله العظيم لا نحتاج شيء لا أدق عليك..
حينها تنهد بعمق شاسع: تدرين كاسرة.. أول مرة تزعلين علي... وانا مالي ذنب!!
كل مرة يكون الذنب ذنبي... بس ذا المرة ماسويت شيء استحق عشانه تخليني بروحي!!
.
.
.
كاسرة تنزل بعد قليل..
لتتفاجأ بدخول عمها زايد..
مشاعر متضادة اختلجت روحها وهي تراه..
كانت تتمنى ألا تراه.. وتخشى أن تراه.. فهي عاتبة عليه..
وتخشى أن تقول له شيئا يغضبه أو يضايقه!!
كانت تريد أن ترد على تحيته وتخرج فورا..
لولا أنه بادرها بالسؤال الأبوي بعد السلام: يابيش وين بتروحين ذا الحزة؟؟
كساب مهوب فوق؟؟
أجابته بسكون: بلى فوق.. بس أنا استئذنته أروح لأمي!!
حينها شعر زايد بثقل عميق في أنفاسه .. صعوبة الزفير والشهيق!!
(أ حقا فعلتها؟؟
هل تركت البيت؟؟ وأنا أكدت عليها ألا تفعلها
كل ماكنت أريده أن تبقى رائحتها قريبا مني..
ألمحها صاعدة أو نازلة!!
لكن هي قررت أن تقسو.. أن تعاقبني أكثر مما قررت معاقبة نفسي!! "
مازال يمنح نفسه الأمل المبتور وهو يهمس بنبرة تساؤل حاول أن تكون تلقائية قدر الإمكان:
وأمش وينها؟؟
كاسرة باستغراب موجوع: أمي وينها؟؟ إسأل روحك يبه.. أمي وينها..
ثم أردفت بوجع: خلت لك الجمل بما حمل...
أستغرب يبه إنه فيه رجال عاش مع أمي وعرفها..
وعقبه يدور على طيف قديم اختفى!! وليت الطيف يستاهل حتى!!
يعني أنت كنت تبي مزنة البزر المطفوقة وتفضلها على مزنة الثقل والركادة..؟؟
لو كنت يبه خذت أمي وقت مابغيتها..
كان حالكم صار أردى من حالي أنا وكساب..
لأنه وقتها أنتو أصغر بواجد... وكل واحد منكم يبي يكسر رأس الثاني..
بس خلاص حكي في الفايت نقصان في العقل..
استمتع بحياة العزوبية مرة ثانية... الله يهنيك..
زايد موجوع أن مزنة أخبرت كاسرة بهذه التفاصيل بل أنها أخبرتها بوجود خلاف حتى بينهما..
لذا هتف بحزم أقرب للغضب: أعتقد إني أنا وأمش اتفقنا مشاكلنا تظل بيننا..
ما ننشرها قدام عيالنا!!
كاسرة بسخرية شديدة المرارة: وهذا اللي هامك يبه..
يعني تخيل أنا دخلت عليها لقيتها تشيل أغراضها كلها... تبيني أسكت أو أصدق أي شيء هي بتقوله إلا لو اقنعني؟؟؟
وعلى العموم تأكد إنه مافيه شيء بيطلع مني..
كساب بس يدري بينكم خلاف مايعرف وش هو..
زايد شعر بزيادة تثاقل أنفاسه ..
( أحقا حملت كل شيء!!
أ حقا حزمت أمرها على بتر ماكل بيننا حتى أطياف الذكريات؟؟)
كاسرة غادرت.. بينما زايد انهار جالسا على الأريكة..
لا يريد حتى أن يصعد للأعلى.. لا يريد أن يرى أطلالها الفارغة!!
كم يبدو القرار صعبا بعد تنفيذه..
كان يعلم أن التنفيذ سيكون صعبا وموجعا.. ولكن ليس إلى هذه الدرجة!!
ليس إلى هذه الدرجة!!
فالألم الذي يشعر به لا حدود له .. لا حدود له!!
"أليس هذا ما أردته؟؟ أن تعاقب نفسك؟؟
استمتع إذن بالعقاب!!"
يبدو أن مزنة ستبقى دائما هي عقابه الأبدي..
في بعدها.... وقربها..
ثم في بعدها مرة أخرى!!!!
************************************
" وضحى سامحيني على الكلام اللي قالوه خواتي..
وخصوصا كلام نورة...
تدرين مرة كبيرة.. وماحد يشره على الحريم الكبار!!"
تنهدت وضحى وهي تهمس بلباقة: ماحد يزعل من وحدة مثل أمه..
أصلا خواتك كلهم في مقام أمي..
يعني احترامهم على رأسي!!
نايف مد يده ليمسك بكفها وهما يجلسان متجاورين في مقعد الطائرة..
وضحى شدت كفها بوجل عفوي قبل أن يمسك بها..
نايف ابتسم بتأفف: تونا كنا حلوين ونقول كلام شعر!!
ثم أردف بابتسامة: عطيني يدش بس يا البخيلة.. نشفتي ريقي!!
حتى يدش ما أعرف ملمسها!! بأمسكها بس ماني بمأكلها!!
وضحى منحته كفها بتردد خجول..
إحساس عميق يجتاح كلا منهما بهذه اللمسة الرقيقة العذبة التي يتعرف عليها كلاهما للمرة الأولى..
إحساس سماوي بها ناتج عن كونها لمسة حلال لا شبهة فيها تقتحم طهارة أطراف كل منهما..
صمتا كلاهما.. ونايف يحتوي كفها بين أناملها بدفء..
ثم يمد كفه الأخرى ليحتضن كفها بينهما كلاهما!!
همس بدفء: شفتي إني ما أعض!!
وضحى متوترة وتتمنى لو انتزعت يدها بين يديه لشدة تصاعد دقات قلبها
ولكنها خجلت أن تفعل ذلك وحاولت أن تتلهى بشيء آخر.. سألت نايف بهمس رقيق:
نايف كم عمرك يوم ماتوا أمك وإبيك؟؟
نايف يمر أنامله عبر أناملها ويهتف بسكون وهو ينثال بغزارة ليشرك شريكة حياته في مشوار حياته:
ماماتوا مع بعض.. بينهم فرق طويل..
أول حد مات أمي الله يرحمها.. ماتت عمري سنة..
موجعني واجد إني ماعرفتها.. تدرين إنه حتى صورة لها ماعندي..
حتى صورة جواز مافيه... لأنه قبل مثل ماتعرفين.. كانت جوازات سفر الحريم بدون صور!!
جوازها لين الحين عندي... بس بدون صورة.. أحاول أتخيل لها صورة في عقلي..
يقولون لي إن عالية تشبهها واجد.. عشان كذا عالية غالية واجد على قلبي..
يوم ماتت.. كان باقي من خواتي ثنتين ماعرسوا.. فاطمة وقتها كان عمرها 18
وسلطانة عمرها 15 ..
فاطمة وقتها كانت متملكة بس عرسها تأجل عشان مرض أمي..
فاطمة تزوجت عقب سنة .. عقب ماحلف عليها إبي..
ماكانت تبي تعرس.. تبي تقعد عندي انا وإبي!!
وعقبها سلطانة.. وش كثر جاها خطاطيب وكانت تعيي..
كانت متعلقة فيني واجد.. وهي أكثر حد تولى مسؤوليتي وانا صغير!!
إبي حلف عليها يوم صار عمرها 20 إنها تتزوج.. هو بعد كان رجّال كبير
وخايف يصير له شيء وهي مابعد تزوجت..
أتذكر زين الليلة اللي قبل عرسها.. لا نامت ولا خلتني أنام..
طول الليل وهي قاعدة عند رأسي وتبكي.. وانا أسألها وش فيها؟؟
تضمني وتبكي وتقول مافيه شيء..
وهي كل ماتبكي.. أبكي معها..
وعشان أمي ماتت وسلطانة صغيرة.. سلطانة تعلقت واجد بنورة.. لأنها أكبر خواتي..
عشان كذا لزمت تسمي أكبر عيالها نورة!!
وعشان كذا الثنتين طبايعهم نفس شيء!!
وعقب إبي مات وأنا عمري 10 سنين.. ومن يومها وأنا أطوف من بيت وحدة من خواتي لبيت الثانية!!
كثير كنت أحس إنهم يبدوني حتى على عيالهم... كل وحدة منهم حاطتني على رأس أولويوتها..
عشان كذا لا تلوميني لو شفتيني ما أقدر أقول لهم شيء.. مايهون علي أوجعهم وأنا عارف إن غلاهم لي مافيه شك!!
على قد ما حسيت إني متشتت طول عمري وأنا ما أعرف لي بيت ولا أعرف لي أم...
على قد ما انخنقت من اهتمامهم..!!
على قد ما أحبهم..!!
على قد ما كنت أبي أهرب منهم..!!
عشان كذا هجيت أول ماخلصت ثانوي لفرنسا..
وما تتخيلون أشلون سوو مناحة يوم عرفوا إني باروح أدرس برا..!!
نايف صمت.. ووطأة الحديث تستنزف كثيرا من طاقته..
بينما وضحى شعرت أنها اُستنزفت من التأثر تماما... وهي من تشد هذه المرة على أنامله بعفوية رقيقة!!
****************************************
" يوووووه ..وش الشعب المقفل ذا؟؟
مايرضون يردون على كلمة وحدة بالانجليزي!!"
ابتسم تميم: هذولا هل بون كذا..
بس هل ميونخ متعودين على السياح!!
سميرة بتساؤل: وأنت وشدراك.. جيت هنا قبل؟؟
تميم ابتسم: يوم خلصت ثالث ثانوي.. رحت أنا وربعي في المدرسة جولة في أوربا.. خذنا شهرين كاملة في الصيف!!
طفنا أوربا كلها..
عشان تعرفين فايدة لغة الإشارة.. مالقينا مشاكل أبد.. الناس هنا متفهمين..
ويوم يشوفونا نتكلم إشارة يحاولون يساعدون قد مايقدرون..
سميرة باستغراب: وعمتي مزنة أشلون وافقت تروح وأنت صغير كذا..؟؟
تميم ابتسم: أمي طول عمرها تعتبرني رجال.. ولا عمرها حسستني بغير كذا!!
اللي اعترض امهاب الله يرحمه.. وكاسرة...
بس أمي وقفتهم عند حدهم.. وقالت لي سافر.. وانبسط.. وما أوصيك إلا في صلاتك ما تأخرها مهما كان!!
ابتسمت سميرة: فديتها عمتي مزنة..
ثم أردفت باهتمام: زين وش جدولنا بكرة؟؟؟
تميم بمودة: الصبح بنسوي الفحص.. وعقب بنطلع لميونخ على القطار!!
*********************************
عاد أخيرا إلى جناحه.. بعد ان كان يهرب بالعمل طوال النهار..
لا يتخيل أنه سيعود ولن يجدها..
لا يتخيل أنه قد ينام وهو لا يتوسد أمواج الكستناء ويتنفس عطرها الذي يهز أعطافه!!
أي نوم هذا؟؟ بل هو كابوس!!
يتنهد بعمق.. وهو يصعد درجات السلم.. كما لو كان يصعد إلى قبر موحش..
" لازم أتعود..
أنا كنت عارف إنه ذا كله بيصير..
وكنت عارف إنه الموضوع بيوجعني..
بس لازم أطهر روحي بالوجع.. عشان أقدر أتعايش مع ذنبي!! "
حين دخل إلى الجناح..
شعر بألام صدره تتزايد..
كما لو كانت ضلوع صدره تتقارب لتعتصر رئتيه وقلبه!!
كان الجناح مرتبا لأبعد حد..
ترتيبها هي.. يعرفه تماما..
" أكان لديكِ الوقت لترتبي أحزاني قبل أن ترحلي؟؟
أ تركت لي خصلة من شعركِ؟؟
أو بعضا من عطركِ؟؟
هل نسيتِ شيئا من أجلي يصبرني على بعدكِ؟؟
يبدو أنكِ نسيتِ أهم شيء.. نسيتِ أن تضعيني في إحدى حقائبكِ قبل الرحيل!!
لأنه يبدو أن لا شيء سيصبرني!!
لا شيء!!"
كان يهذي بهذه الأفكار وهو يدور في أرجاء الجناح الفارغ من أغراضها..
كان يفتح الخزائن كالمجنون.. يرجو أن تكون تركت أي شيء يخصها..
شيء قد تعود من أجله!!
ولكنها لم تترك شيئا.. ولا أي شيء!!
حتى مفرش السرير الذي قضيا فيه ليلتهما الأخيرة سويا.. غيرته بمفرش جديد قبل أن ترحل!!
لم تترك له أي شيء!!
وماذا يريد بالأشياء من بعدها.. وبماذا ستفيده سوى زيادة حرقة جوفه الملتهب كنار مستعرة..؟؟؟
يشعر بأنفاسه التي تخرج من صدره كما لو كانت ستحرق ما أمامه لشدة سعيرها!!
جلس على السرير وهو يشعر أن الجناح الواسع يضيق ويضيق ليصبح كفتحة الإبرة..
جلس من ناحيتها حيث كانت تنام.. يتحسس المكان الخالي..
ويشعر أن أنامله ستدمي كما روحه تدمي!!
مد يده لسيتند على حاجز الطاولة الصغيرة المجاورة لها.. لتقع يده على سلك شاحن هاتفها..
كف يده كما لو كان لمس جمرة أحرقته..
"وأخيرا تركت شيئا!!"
ينظر لكفه.. للأثر الباهت القديم لحرق كفه حين أمسك بالجمرة ليلة زواجها من سواه..
تلك الليلة أمسك بجمرة فعلية ليتناسى أنها تلك الليلة تنام في حضن سواه!!
ثم حين أصبحت تنام في حضنه أمسك بكل جمرات الكون.. وهو يبعدها عنه!!
لن يحتمل!!
لن يحتمل!!
لن يحتمل!!
************************************
تنظر لكاسرة النائمة وهي تجلس في زاوية الغرفة..
تتنهد بعمق.. لم تكن تريد من كاسرة أن تترك زوجها لتلحق بها..
ستتركها تنام الليلة لأنها حلفت!!
ولكنها في الغد من ستحلف عليها أن تعود لبيتها..
فالبيت خال من وجود امرأة..
فمن سيعتني بالرجال المتواجدين فيه؟؟
من سيعتني بزايد؟؟
من سيعتني بزايد بعد أن أفسدته بالدلال؟؟
فبعد أن كان في الأيام الأولى لزواجهما هو من يستخرج أغراضه كعادته..
أصبح لا يعرف مكان أي شيء إلا أن تخرجه هي له.. بعد أن أعادت ترتيب أغراضه هي...
هي من تستخرج له ملابسه صباحا..
وتستخرج له طقم أزرة وقلم وساعة هي من تنسقها.. بل حتى محفظته هي من تستخرجها من ثوبه القديم لتضعه في ثوبه الجديد..
حتى هاتفه هي من تشحنه له!!
تنهدت بوجع صارخ...
" صدقتي روحش؟؟!!
غصب تقولين إنه تعود عليش؟؟
الرجّال من بداية عرسكم وهو عايفش..
يا الله تحملش ثلاث شهور!!
.
.
.
زين يوم إنه عايفني من البداية
ليش ماقال لي عقب أسبوع أسبوعين..
ليش خلاني لين تعلقت فيه..
لذا الدرجة يبي ينتقم مني يعني؟!! "
وهي مستغرقة في وجع أفكارها المتشعب.. رن هاتفها..
انتفضت بجزع.. (من بيتصل ذا الحزة؟؟)
التقطت الهاتف وضعته على وضعية الصامت بسرعة حتى لا تزعج كاسرة النائمة
وحتى تنظر من المتصل...
كان هو.. هــــو!!
استغربت.. وارتعش قلبها اليائس المكلوم بخليط من الغضب والتأثر..
" وش يبي يتصل؟؟"
تكرر الرنين... تنهدت وهي تقرر الرد.. فكلاهما أكبر من لعبة التجاهل السخيفة..
ربما كان يريد أن يسأل عن شيء من أغراضه!!
وماداما قد اتفقا على وضعية عيش معينة ولكنهما يبقيان زوجان في إطارها..
فالاحترام لابد أن يبقى بينهما!!
ردت مزنة بلباقة رغم أنها تمنت في داخلها أن تغلق الهاتف في وجهه:
هلا أبو كساب ..
زايد صمت لثانية ثم أردف بهدوء عميق: مساش الله بالخير!!
مزنة بذات اللباقة التي اتعبتها مع وجع قلبها: الله يمسيك بالنور..
آمر يا أبو كساب.. إذا فيه شيء من أغراضك ماتعرف مكانه..
تراها كلها مرتبة كل شيء بروحه..
أزرارك وساعاتك في................
قاطعها بوجع عميق: ومافيه شيء غير الساعات والأزرار أبي أسألش عنه يعني؟؟
مزنة بثقة: ما أدري.. آمرني!!
سألها بحزم يخفي خلفه أملا غريبا: ولو أمرتش.. بتطيعين؟؟
مزنة بحذر: إن شاء الله.. لو في مقدرتي ما أقصر يا أبو كساب..
زايد بنبرة قاطعة صارمة ومباشرة: أبيش ترجعين.. واعتبري نفسش ماسمعتي شيء اليوم!!
مزنة شهقت بصدمة كاسحة: نعم... ليه حن كنا نلعب؟؟
ثم أردفت بغضب: أو أنت شايفتني لعبة عندك.. روحي.. تعالي!!
زايد شد له نفسا عميقا: محشومة.. بس أنا حسيت إنه حن استعجلنا في القرار.. خلينا نتناقش في الموضوع أكثر..
أكيد فيه حل غير كذا.. حتى لو أعرض نفسي على طبيب نفسي ماعندي مانع..
صمت لثانية ثم أردف بصدق مثقل بالألم:
أنا ماني بمستحمل المكان عقبش.. باستخف لو قعدت ليلة ثانية كذا!!
مزنة تغلق عينيها وتفتحها.. وجعها يزداد وجرح كرامتها يتسع:
الحين منت بمستحمل المكان عقبي لدرجة إنك مستعد تعرض نفسك على طبيب نفسي؟؟
وليش مافكرت في ذا الشيء اليوم الصبح..؟؟
مسرع قلبت..!!
وإلا عشان كاسرة علمتك.. بتسوي علي ذا اللفة الطويلة والتمثيلية البايخة؟؟
زايد.. أنا ربيت أربعة بدون أب.. يعني باعجز أربي واحد..
وإلا تكون خايف على ولدك من تربيتي؟؟
زايد شعر أن هناك قنبلة تفجرت في منتصف جمجته ونثرت خلايا دماغه أشلاء متناثرة (أي ولد؟؟ وأي تربية؟؟!!)
زايد همس بثقل وأحرفه تتبعثر: أي ولد تتكلمين عنه؟؟
مزنة موجوعة فعلا.. موجوعة.. يطردها من حياته دون رحمة.. لم يقدر مشاعرها.. ولا حبها له..
ثم يريد أن يعيدها من أجل طفل مازال في علم الغيب:
زايد أرجوك لا تزيدها علي..
خلاص اتفاقنا ماتغير فيه شيء.. الطفل ماراح يسوي فرق..
وأنا مستحيل أجبرك تعيش معي وأنت عايفني عشانه!!
زايد لم يستطع أن يرد بكلمة.. ألجمته الصدمة غير المعقولة..
" مزنة حامل!!
ولدي أنا.. ومن مزنة؟؟!!"
مزنة آلمها صمته أكثر من كلامه بكثير!!
( ماصدق أقول له كذا!!
كأنه كان جابر نفسه يقول ذا الكلمتين عشان يريح ضميره...
ويقول : كنت أبي أرجعها بس هي مارضت!! )
لم يقل كلمة واحدة... مازال عاجزا عن الاستيعاب..
فما يسمعه كان أشبه بمعجزة حقيقية ( ابنه هو.. ومن مزنة؟؟!!)
مزنة كانت من تكلمت ختاما وهي تحاول أن تتكلم برزانة تخفي خلفها ألما ماعاد احتماله بالإمكان حتى:
خلاص زايد ماقصرت.. رايتك بيضا.. والوجه من الوجه أبيض!!
تصبح على خير..
ثم أنهت الاتصال..
ليستوعب حينها أن الاتصال انتهى.. انتهى..!!
سارع لمعاودة الاتصال مرة أخرى..
ولكنها أغلقت الهاتف في وجهه هذه المرة..
ثم أغلقت هاتفها بالكامل!!
كان مازال يجلس على سريره.. على مكانها تحديدا..
وإحساس برودة قارص يجتاح خلاياه..
حتى فرحته بالخبر حرمته منها..!!
حرمته حتى أن يقول لها كلمة "مبروك!!"
حرمته أن يخبرها كم هو سعيد بهذا الطفل...
ليست مجرد سعادة بمعناها المجرد البسيط..
بل إحساس سعادة معقد مركب بالمعجزة التي حدثت..
وكأنك ترى أيام صباك تعود أمام ناظريك..!!!
وكأن الحلم الذي سُلب منه يعود إلى حضنه..!!
كم حلم بصبي له ذكاء نظراتها... أو صبية لها لون جدائلها!!
كم حلم بعبق روحها يضمه قريبا من قلبه!!
كم حلم بمخلوق يكون خليطا من روحيهما التي أبت الامتزاج..
ثم حين امتزجت.. كان هو من رفض هذا الامتزاج!!
شد نفسه بإرهاق ليقف... وهو يشعر أنه سينهار فعلا!!
عاجز عن البقاء في المكان بعدها.. كل شيء باهت من غيرأنفاسها..
كل شيء لا نكهة له!!
قرر أن يتوجه للمجلس ويبقى فيه حتى صلاة الفجر...
لا يريد أن يبقى في البيت حتى.. حيث سارت خطواتها وطاف خيالها!!
كان متأكدا أنه لن يجد أحدا في هذا الوقت!!
ليتفاجأ بوجود ابنيه كلاهما.. كساب وعلي!!
بعد تقافزهما للسلام عليه... هتف بحزم: وش مقعدكم ذا الحزة؟؟
ليه منتوا بعند نسوانكم؟؟
علي حاول أن يهمس بطبيعية: شعاع تتوحم ومهيب طايقة البيت!!
ليس من عادته أن يخفي على والده.. لكن إحساسه بهم عظيم يطبق على أنفاس والده جعله يخشى على والده من وطأة الهموم!!
بينما كساب هتف بنبرة مقصودة وهو ينظر لوالده بنظرة حادة مباشرة:
مرتي عند أمها.. ياحرام عمتي عند إبيها عشان تميم مسافر!!
خلتك بروحك مثلنا..
تعال صف جنبنا!!
زايد نظر لكساب بحدة مشابهة... يكره طريقته المبطنة هذه في الكلام..
يغيظه خبثه هذا.. وخصوصا حينما يكون محقا!!
زايد جلس بالفعل بجوار ابنيه!!!
ثلاثة رجال مطعونون بالهجر هذه الليلة!!
إن كان كبيرهم أخطأ دون قصد وأراد أن يعاقب نفسه..!!
وصغيرهم أخطأ بقصد.. واستحق العقاب!!
فإن أوسطهم ...ولأول مرة.. لم يخطئ.. ومع ذلك يُعاقب معهم!!
ربما آن له أن يتذوق نتائج أخطاء الآخرين..
كما كان يحمل الآخرين نتائج أخطائه..
حتى زواج مزنة وزايد كان هو من سعى له ليصلح أخطائه بطريقة ملتوية!!
طال ليلهم.. يتبادلون الحديث البارد..
وإحساسهم بالهجر يتعمق من إحساسهم ببعضهم دون كلام!!!!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
نجمتنا لـ Hlg4
هي أول من توقع أن انفصال زايد ومزنة سيكون في المكان!!
مبروك حضرة الملازم
.
.
|