كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث والتسعون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساكم خير ومغفرة ورحمات
.
بنات الكويت العسولات خالص التهنئة بكل أفراحكم ومناسباتكم.. ياجعل أفراحكم دوم
ولا يهمكم لكم في ذمتي بارت هدية.. بس موب بكرة عاد
اعتبروه هدية مؤجلة..واحتفلوا الحين بأفراحكم..
عقبال مانهدي بنات البحرين يوم تزين أوضاعهم وربي يصلح أحوالهم..
ونهدي بنات ليبيا بارتين موب بارت واحد عقب ما تزول عنهم الغمة
أنا أدري إنه فيه بنات ليبيات يتابعون معنا.. أدري الحين مستحيل لهم مزاج يتابعون..
بس يا ليت لو وحدة مرت من هنا .. تطمنا عنهم!!
.
.
اللهم اشف والدة (لمسة غلا) شفاء لا يغادر سقما وانعم عليها بتمام الصحة والعافية
.
.
وفيه عندنا نجمة.. بس مؤجلة للبارت الجاي.. فصاحبتها لا تحاتيها..
.
.
فيه سؤال هل صدق إن العريس ما يشوف العروس وإلا هذا لزوم الأكشن :)
سبق جاوبت يانبضات قلبي..
فعلا عند بعض العوايل عندنا في الخليج.. العريس مايشوفها إلا ليلة العرس <== عشان ينصدم مضبوط :)
.
.
بنات صحيح الناس درووا إن جوزاء حامل قبل نجلا..
بس وقتها جوزاء كانت في الشهر الثاني ونجلا في آخر الرابع بس مادرت!!
.
ويا الله البارت 93... بارت صغنون قبل ما تشتكون
بس بارت كان متعب لي واجد.. وإذا قريتوا عرفتوا السبب..
اقروه بتمعن..
ونلتقي الأحد الساعة 8 صباحا
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الثالث والتسعون
صالح يدخل البيت كالأعصار وهو يصرخ بأنفاس مقطوعة:
نجلا .. نجلا وينش؟؟
نجلا تخرج من غرفة داخلية وهي تلبس عباءتها وهي بالكاد تتحرك.. صالح ركض لها ليسندها وهو يهتف لها بقلق جازع لأبعد حد:
وش فيش؟؟ روعتيني وانتي تقولين لي تعال الحين!!
نجلا بألم وانفاسها مبتورة تماما: بأولد...
صالح برعب: نعم؟؟ توش دخلتي التاسع!!
نجلا تحاول أن تتجلد: صالح تكفى لا تروع كذا.. يعني مهيب أول مرة نمر بذا الموقف!!
صالح يسندها وهو يكاد يحملها ويهتف بأنفاس مقطوعة:
وأنتي تبين ولادة عزوز اللي قبل خمس سنين.. تدريب أتذكره..
امشي الله يرحم والديش..
ثم اردف بقلق: العيال وينهم؟؟
نجلاء تتعصر من الألم: عند أمي من قبل أروح السوق..
صالح أركبها المقعد المجاور له وأغلق الباب ثم هتف بذات القلق المتفجر:
وش حاسة فيه؟؟
نجلاء بألم: بأولد.. وش أنا حاسة فيه بعد.. تعبانة ياصالح تعبانة..
تكفى خلنا نمر سميرة.. أنا كلمتها بتلقاها جاهزة..
صالح يشد على كفها وهو يحرك سيارته بسرعة ويهتف بأنفاسه المقطوعة:
هدي ياحبيتي.. هدي.. وسمي بسم الله..
نجلاء صرت على أسنانها: هذا أنا هادية.. بس أنت اللي هدي تكفى.. لا توترني!!
شدت على كفه بقوة حين شعرت بالتقلصات ثم أرختها حين ذهبت.. بينما قلبه يتقافز مع حركاتها..
نجلا بدأت دموعها تسيل بصمت وهي تصر على أسنانها.. ثم همست بألم:
صالح أبي أقول لك شيء!!
صالح يشد على كفها ويهتف بقلقه المتزايد: ويش حبيبي؟؟
نجلاء تشهق من شدة الألم: تــرا الــلي في بــطـنــي......
........ولــــــد.....!!
بس مابغيت أقول قبل.. من كثر ما أنا شايفتك شفقان على بنت..
بس الحين مهوب هاين علي تقعد تنتظر ساعات على باب غرفة العمليات وانت ما تدري!!
صالح يشد على كفها أكثر وهو يهتف باهتمام صادق: لا تصيرين سخيفة ..
المهم سلامتش..
والولد والبنت كلهم نعمة رب العالمين..
الحين بتجيبين الولد.. وعقب بتجيبين لي البنت.. المهم الله يمن علينا بمولود تام وسليم ياقلبي!!
نجلاء شدت على كفه أكثر وهي تهمس بين شهقات الألم:
صالح تكفى لو صار لي شيء الله الله في عيالي.. وصاتك العيال..
صالح زفر بغضب حقيقي: هذا الموال اللي ما أحبه.. واللي ما تنسينه كل ولادة..
يا بنت الحلال مافيش إلا العافية.. وأنتي إللي الله الله في عيالش!!
***********************************
" عفراء أبو كساب يبيش تحت!!"
عفراء بعفوية: ياهلا ومرحبا بأبو كساب.. نص دقيقة وجايتكم..
خذ زايد يسلم على سميه!!
منصور حمل زايد الصغير وهو يلفه ويهتف بحزم: ترا والله العالم إن جية زايد مهيب للسلام وبس..
شكله وجهه فيه علوم!!
عفراء بقلق: خير إن شاء الله.. جايه وراك الحين..
عفراء حين وصلت للاسفل كان زايد الصغير في حضن زايد الكبير..
حالما رأى عفراء رحب فيها بعفوية أخوية حميمة..
وحين انتهت السلامات المعتادة..
توجه بوجهه لعفرا وهو يهتف بنبرة مباشرة حازمة.. شديدة الثقة:
أم زايد اسمعيني زين الله يرحم شيبانش ..
أنا بأنشدش من شيء.. بس ما أبيه يطلع من بيننا حن الثلاثة..
شيء ماظنتي إنه حد بيعرفه غيرش!!
عفراء تفجر قلقها: أبو كساب الله يهداك صبيت قلبي.. آمرني..
زايد تنهد بصعوبة وهو يفجر سؤالا وجعه بعمق قرون:
حلفتش بالله ماتدسين علي...
أم كساب الله يرحمها قد قالت لش إنها سمعتني أدعي حد في نومي؟؟؟؟
عفراء تغير وجهها تماما وهي تشيح بوجهها جانبا.. زايد لاحظ تغيرها.. وليس غبيا ليفهم سبب التغير..
شُعر أن يدا هائلة تعتصر فؤاده بلا رحمة.. حتى كادت حجرات قلبه الأربع تتفجر من بين اعتصار أصابعه الجبارة..
هتف بثقل موجوع أخفاه خلف سكون صوته:
عفراء انا حلفتش بالله اللي أكبر من كل شيء.. وانا لو ما أنا بحاس بشيء ماكان سألت .. فحتى لو أنكرتي تراني ماني بمصدقش!!
عفراء همست باختناق: يأبوكساب.. حكي في الفايت نقصان في العقل..
أنت الحين رجّال متزوج.. ووسمية لين آخر يوم معك أنا أشهد إنها كانت مبسوطة وفي معزة واحترام وكرامة..
وشو له تقلب في حكي مامنه فايدة!!
زايد هتف بثقل حازم أكثر: عفرا ترا الجواب وصلني خلاص.. وأنا ما أني بغشيم..
بس ريحيني بكلام صريح ولا تخليني معلق كذا!!
عفراء أشاحت بوجهها وهي تختنق تماما: ماعندي كلام أقوله.. ولا أعرف شيء عن اللي تقوله..
زايد التفت لمنصور وهو يهتف له برجاء أخوي مثقل بوجعه المتزايد: أبو زايد حلفتك بالله تحاكيها..
رب العالمين ماله حشمة عندكم.. حلفتها بالله وماتبي تقول لي!!
منصور هتف لعفرا بحزم: عفراء إذا عندش شيء قوليه لزايد.. زايد حلفش بالله..
عفرا وقفت وهي تهمس بحزم: هو حلفني بس أنا ماحلفت..
والحين اسمحوا لي أروح..
وترا للميت حرمته.. خلو الميت مرتاح في قبره!!
ووسمية الله يرحمها ماقالت لي شيء .. انتهينا..
عفراء غادرت فعلا..
وزايد وقف دون أن يتكلم... حتى لو لم تخبره بشيء..
فالجواب وصله تماما.. وصله بشكل واضح وصارخ وموغل في الألم..
لأنه لو لم يكن محقا لم تكن عفرا لترتبك وترفض البقاء.. كانت نفت الأمر من بدايته..
ولكنها توترت وارتبكت.. ثم هربت..
وهذا معناه جواب واحد لايخفى على رجل بخبرته ..
أن هذا حدث فعلا... حدث!!
أن وسمية عانت لسنوات وهي تسمعه ينادي سواها طوال ليالي متطاولة مثقلة بالمرارة.. ليلة بعد ليلة!!
فأي امرأة جبارة هذه المرأة!! أي امرأة جبارة من احتملت كل هذا!!
الآن فقط أصبح يعرف سبب هربها لتنام في غرف أبنائها..
الآن أصبح يعرف..
وكم جرحته هذه المعرفة حتى عمق العمق..
بل نحرت روحه الآبية الأصيلة.. نحرتها تماما!!
******************************************
كان يحتضن كفها بين أنامله بقوة تملكية غريبة.. وهما يتمشيان قريبا من الفندق..
وتتمنى هي لو أفلت كفها التي بدأت تتعرق من شدة تمسكه بها..
كل واحد منهما مشغول بأفكاره الخاصة.. والحديث الدائر بينهما في أدنى حدوده..
رغم أنه كان يتمنى أن يسمعها تتكلم.. وتتكلم.. تمنى أن تخبره عن حياتها الماضية.. ذكرياتها..
عدا فترة واحدة فقط.. واحدة فقط.. يؤلمه مجرد التفكير فيها!!
ويخشى أن يجرهما الحديث لها...
حين اقتربتا من الفندق اعترضهما شاب صغير يبيع الورد وهو يهتف بظرف:
الورد للورد يابيه!!
رغم أن فهد لا يهتم بهذه الأمور ولا يفهمها أبدا.. ولكنه التفت لجميلة وسألها: أي لون تبين؟؟
هزت جميلة كتفيها دلالة (أي وحدة ماتفرق!!) لكن فهد أصر.. حينها همست جميلة بخفوت: البيضاء حلوة!!
فهد بعدم فهم: نعم!!
جميلة لم ترفع صوتها لأنها تذكرت تحذيره لها ألا تتكلم في مكان عام.. ولكن حين سألها للمرة الثانية.. همست بصوت أعلى برقتها المعتادة:
أقول البيضاء حلوة!!
حينها هتف بائع الورد على طريقة ظرف المصريين المعتادة العفوية:
يا لهوي !! إنتي بتتكلمي يامدام وإلا بتغردي؟؟
فهد شد جميلة بغضب وهو يهتف للبائع بغضب أشد: توكل على الله.. مانبي ورد!!
الشاب بخيبة أمل: ليه كدا يابيه؟!!
فهد بصوت مرعب: أقول لك توكل!!
الشاب غادر وهو يتأفف.. بينما جميلة همست بعفوية: فهد حرام عليك كان شريت منه..
فهد بغضب أشد وأشد: إيه ياحرام كاسر خاطرش وهو قاعد يتغزل فيش وأنا واقف مثل الطوفة..
أنا والله عشان شفت طوله مايجي نص طولي خفت ربي فيه.. ماراح حتى يتحمل كف مني!!
جميلة باستنكار: فهد عيب عليك ذا الكلام.. الولد كان يجامل بس..
وإلا من اللي بيغازل وحدة وهو يقول لها يامدام وقدام زوجها!!
فهد غضبه متفجر فعلا ويحاول كتمه لأنهما في الشارع: مسكين مهوب في وعيه..
سمع الصوت وخق!!
جميلة بنبرة مقصودة: يعني هو خق من كلمتين.. وغيره صار لي مقابلته أكثر من أسبوعين وهو يسب في صوتي!!
حدث العاقل بما يعقل!!
فهد شعر أنها حصرته في زاوية ضيقة.. حصرته تماما.. وغيظه يتفجر منها!!
بينما جميلة باتت تشعر بالخوف من عودتها معه لغرفتهما.. تخشى أن يجرحها أو حتى يجد سببا ليمد يده عليها..
حينها كانا يعبران باب الفندق للداخل.. جميلة همست برجاء: خلنا نقعد في اللوبي شوي!!
نشرب شاهي مثلا!!
فهد باستغراب: تونا تعشينا.. والساعة صارت 11 وأنا وراي تدريب بكرة بدري!!
جميلة برجاء أشد: تكفى فهد.. تكفى!!
فهد باستغراب أشد: توش قبل شوي.. تقولين تعبتي وتبين ترجعين تنامين!!
وش اللي تغير؟؟
جميلة حينها أجابته بصراحة عفوية مؤلمة: بصراحة فهد.. خايفة أرجع معك الغرفة تسوي لي شيء..
خلنا هنا لين تروق..
فهد بصدمة: أنتي تبين تحامين في الناس مني!! لذا الدرجة شايفتني متوحش؟؟
جميلة بيأس: فهد أنت اللي عطيتيني ذا الإحساس.. حتى يوم وعدتني تراعيني لأني خوي سفر.. أحس إنه صعب عليك توفي!!
فهد شد كفها بحزم وهما متجهان للمصعد: وأنا قلت لش قبل لا تحاتين شيء.. وماراح أضايقش بشيء..
ولا صار لساني الطويل يحكني.. بلعته وسكرت ثمي عليه!!
********************************
" عفراء الله يهداش ليش تبكين كذا؟؟
أدري عندش كلام ماقلتيه زايد.. بس قوليه لي!!
إذا ماشلت حمولش.. وش عازتي؟
ولا تحاتين السر اللي ماتبغين تقولينه زايد.. بيقعد سر عندي بعد"
عفراء لم ترد عليه.. ولم تقل له أي شي.. فمابها من الوجع يكفي ويزيد!!
اكتفت بسكب دموعها على صدره كما اعتادت..
وقرر هو أن يصمت ويتركها على راحتها تسكب حزنها بالطريقة التي تريحها!!
فإذا لم تكن تريد الكلام.. فهو لدموعها المسكن والوعاء!!
مثقلة بحزن شفاف من أجل زايد.. ربما أكثر..
فأختها مضت وارتحلت وارتاحت عن رب رحيم.. رحمته أوسع من كل شيء..
تخلصت من ألم الأرض وقسوتها وأحزانها!!
لكن زايد مازال هنا ينبض حزن الأرض بين جنباته..
كل إنسان يحتوي في جنباته الخير والشر.. ومن نعمة الله عليه أو نقمته أن يجعل أحد الجانبين ينتصران..
ولأن معدن عفرا الخيّر غلب.. لم يهن عليها أن تجرح من كان لها عزوة وسندا..
هذا الرجل العظيم الذي تفرد بعظمته ولا يستحق أن يعيش إلا بسعادة مستحقة له..
حتى لو كان على حساب ضغطها على مشاعرها وحزنها!!
ولكن ما تخشاه أن تظل الهواجس تعذب زايد.. وهي تعلم أي روح أصيلة طاهرة بين جنبات هذا الرجل!!
لم تعلم أن مابداخل زايد لم يعد مطلق هواجس.. بل أصبح يقينا..
يقين مطلق جارح ... جارح.. جــــــــــارح!!
بدأ يغوص في روحه المنحورة بالوجع..
حتى لو كانت أم أولاده مضت.. وأصبحت مجرد ذكرى!!
ولكن روح شفافة كروحه تعرف جيدا كيف يكون ألم الطرف الآخر..
كيف وهو حرص طوال عشرته مع وسمية على أن يدفن مشاعره لمزنة في أعمق نقطة في روحه..
حتى لا يصل أي إشعاع منها لوسمية فيضايقها أدنى مضايقة..
فإذا به كل ليلة كان يصفعها على وجهها صفعا بهذه المشاعر..
وهو يستنزف روحها شيئا فشيئا..
الألم الآن بدا يستنزف روحه هو.. شيئا فشيئا!!
*************************************
كانت أمام المرآة تمسح الكريم على وجهها وآخر على يديها..
تنظر للمرآة وتنتهد..
تصرفات فهد بدأت تقلقها.. ونظراته الفاحصة بدأت تقلقها أكثر..
ليست غبية لتفهم هذه النظرات.. فهي رأتها سابقا في رجل آخر..
وإن كانت تتجاهلها الآن كما تجاهلتها مع خليفة!!
فهي تعلم أن فهدا ليس كخليفة.. وأن فهدا لو أراد شيئا فقد يجبرها عليه..
وهي يستحيل أن تسمح له بذلك بعد آذاها وجرحها بكلماته القاتلة المريعة!!
حتى الله وسبحانه لايرضى بهكذا إذلال.. أن يمتهنها ويمتهن جسدها ثم يريد الاستيلاء عليه!!
ربما فعلا يجب أن تخفف من تأنقها أمامه.. فهي داخليا تعترف أنها بالغت في الأناقة.. لأنها أرادت أن تعاقبه..
فمهما يكن غرورها الأنثوي أراد أن يثبت لثقتها بنفسها قبله حتى..
أنه لا مشكلة فيها بل المشكلة فيه.. ولن تسمح له أن يقلل من ثقتها بنفسها..
لأنه من سينحني وسيرفع رايته البيضاء..
لكنها الآن لا تريده أن يرفع الراية البيضاء لأنها عاجزة عن تقبله فعلا !!
وهاهي فعلا ترتدي بيجامة محايدة تماما وإن كانت تحمل روح أناقتها المعتادة الشفافة..
كانت غارقة في أفكارها حتى رأت الخيال خلفها ينعكس على المرآة..
انتفضت بخفة بينما هتف هو بنبرة مقصودة: خوفتش؟!!
همست بتوتر: لا ماخفت..
كانت تريد أن تقف لولا أنها لم تستطع لأنه وضع كفيه على كتفيها..
توترت أكثر أكثر وأنامله ترتفع لتعبر عنقها ببطء ثم تتخلل شعرها!!
همست باختناق: فهد هدني.. أبي أقوم..
فرد عليها بثقل: وإذا ما أبي أهدش!!
همست بحدة خانقة: لا.. بتهدني.. لأني ما أبيك تلمسني!!
حينها تراجع فهد وهو يصحو من الغيبوبة المغيبة التي شعر فيها منذ خرج من الحمام ورآها تجلس أمام المرآة غارقة في أفكارها..
وصفحة وجهها تنعكس بوداعة مؤلمة على صفحة المرآة.. وهو يتحرك نحوها كالمسحور المغيب!!
هتف بغضب: نعم؟؟ ماتبيني ألمسش؟؟ لو بغيت.. ماتقدرين ترديني لأن هذا حقي..
جميلة استدارت نحوه بغضب لتواجهه: وأنت تنازلت عن ذا الحق وبأبشع طريقة ممكن يسويها رجّال في مرته..
فلا تجي الحين تطالب فيه.. خلك قد كلمتك..
وإلا الحين أنا صرت شيء جديد مهوب مستخدم..؟؟
فهد شد له نفسا عميقا وهو يصر على أسنانه بغيظ لأنها ذكرته بما يريد نسيانه:
وأنا ما أبيش يا بنت الحلال.. فلا تحديني أقول كلام ما أبي أقوله.. وأنا وعدت نفسي ووعدتش ما أضايقش..
جميلة هزت كتفيها بذات غضبها الشفاف: عادي.. شكلي بأتعود إنك ماتعرف من الوعد إلا اسمه!!
فهد ينتفض من الغضب: أنا؟؟ أنا فهد آل ليث ما أعرف من الوعد إلا اسمه!!
جميلة حينها همست بحزن عميق: وأنا وش كنت أبي من فهد آل ليث إلا الاحترام وبس..
الظاهر إنه حتى فهد آل ليث مجرد اسم وبس!!
جرحته..!! بالفعل جرحته..!!
الآن أصبح يعرف كم من الممكن أن تكون الكلمة جارحة.. ومؤلمة..
جارحة كحد السيف.. ومؤلمة كانتثار دمه بعد الجرح !!
كل يوم يتفاجأ من سوء صورته في عينيها.. بل بشاعتها!!
" وماذا تركت لها غير ذلك؟؟
ماذا تركت لها؟؟
وأي مبرر منحتها لتزهر صورتي في عينيها؟؟
لم أمنحها سوى فرشاة ألوان بشعة ترسم بها لوحة أشد بشاعة..
هـــي أنــــا !!"
***********************************
" زايد فديتك.. خلني أتصل في علي يوديك المستشفى
أو أروح أنا وأنت مع السواق؟؟"
زايد همس بإرهاق: مافيني شيء!!
مزنة بقلق متعاظم: أشلون مافيك شيء.. جسمك مولع.. وكل مافيك يرجف!!
زايد بذات الإرهاق: سخونة عادية.. الحين حبتين البنادول بتجيب مفعولها..
وبكرة بأقوم زين!!
مزنة تستعد للوقوف وهي تهمس باستعجال بالغ الاهتمام: زين بأروح أجيب كمادات باردة وبأجي!!
زايد أمسك بمعصمها وشدها وهو يهمس بذات النبرة المرهقة من أثر الحمى:
ما أبي كمادات خلش جنبي..
مزنة عادت للتمدد جواره وهي نصف جالسة وتمسح على جبينه الملتهب بيأس..
همس لها بعمق موجوع غريب: مـزنـة.. ضـمـيـنـي!!
مزنة شعرت بألم عميق غير مفهوم وهي تفتح ذراعيها له ويقترب هو ليدفن وجهه في ثنايا صدرها..
وأنفاسه الملتهبة تحرق صدرها بألم أكثر تجذرا وغرابة!!
ضمته أكثر وهي تهمس في أذنه بوجع: حبيبي طالبتك.. قل لي وش اللي مضايقك؟؟
لم يرد عليها وهو يدفن وجهه أكثر بين عبق رائحتها.. قريبا من دقات قلبها!!
وكأنه يريد أن يتزود منها لرحلة غياب طويلة!!
ولكنه لا يشبع.. لا يشبع!!
************************************
" سميرة يأخيش.. مهوب كنها تأخرت واجد؟!!"
رغم أن سميرة تكاد تذوي من القلق ولكنها تحاول أن تتماسك لأنها ترى أن صالحا يكاد يموت من القلق والتوتر:
أبو خالد الله يهداك.. ترا ممكن تقعد لين أكثر من كذا!!
صالح بقلق: بس ماصار لها كذا في ولاداتها اللي قبل..
سميرة تحاول تهدئته: ولدك هذا هيس!! مهوب مثل خلّود وعزوز فديتهم!!
أنا بأروح أسأل داخل.. لا تحاتي!!
.
.
بعد دقائق..
تعود سميرة بأنفاسها الطائرة.. وعيناها رغم أنهما بالكاد ظاهرتان من فتحتي نقابها إلا أن تفجرهما بالاحمرار كان واضحا..
همست بصوت مختنق بالبكاء تماما: أبو خالد يبونك توقع على عملية قيصرية.. يقولون الولادة تعسرت شوي..
صالح تفجر غضبه تماما: يعني صار لها عندهم ذا الوقت كله تتعذب وتوه يطري عليهم العملية.. من البارحة وحن هنا!!
ليش ماقالوا ذا الكلام من البداية؟؟
سميرة انفجرت في البكاء: لأنهم اكتشفوا إنهم توأم.. واحد كان متخبي ورا واحد..
صالح تراجع بذهول مصدوم: أشلون توهم يكتشفون.. في أي عصر عايشين حن..
زمان جدتي!!
سميرة تشهق: أبو خالد الله يهداك أنت بتقعد تستفسر.. تعال وقع..
نجلاء أصلا ماسوت إلا تلفزيون واحد.. عقب التلفزيون اللي هي سوته معك عقب ما اكتشفوا حملها...
وكانت بعد يومين بتسوي تلفزيون بعد..
صالح وقع الموافقة... وهو مثقل بالمرارة والغضب والتوتر والقلق..
كل المتضادات تصارعت في نفسه..
وأهم رغبة لدية هو أن تخرج نجلاء سالمة له ولأولاده!!
هذا هو كل مايريده..
سيموت لو حدث لنجلا أي شيء.. سيموت..
أي حياة ليست هي فيها..
ليست حياة.. ولن تكون حياة أبدا!!
بل هي مسخ حياة لا معنى لها!!
*********************************
" حبيبي تكفى بلاها الروحة للشغل اليوم..
ارتاح اليوم.."
زايد يثبت ازرار كميه وهو يهتف بحزم: مافيني شيء عشان أقعد.. عندي مواعيد صار لها أسابيع محدد وقتها..
مزنة مازالت تحاول بإصرار: تكفى زايد.. عشان خاطري.. البارحة وأنت تهذي من الحمى..
تبي تطلع اليوم عشان تنكس!!
حينها التفت لها بسخرية مريرة مثقلة بطعم مرارة كمرارة العلقم:
وش كنت أقول وأنا أهذي؟؟ أكيد اسمش!!
مزنة تراجعت خطوة للخلف.. لم تعجبها نبرته.. ومع ذلك هتفت بثقة:
إيه كنت تهذي باسمي!!
أجابها بذات المرارة: أجل خلاص مافيني شيء.. وش الجديد؟؟ كل ليلة وأنا أهذي باسمش..
مزنة منذ أيام وحاستها السادسة تنبئها أن هناك شيئا غير طبيعي في زايد!!
تحاول تكذيب إحساسها .. فيزداد اليقين!!
مزنة صمتت وتركته يكمل لبسه كالمعتاد.. يضع غترته ويرتبها.. وينهي أناقته برشات من عطره الفاخر..
وعيناه لا تنظران إلى نفسه بل إلى الواقفة خلفه.. وعيناها سارحتان في ملكوت آخر!!
يا الله.. ماكل هذا الوجع..!!
لم يشعر يوما أنه يحتاج إليها كما يشعر الآن..
لماذا؟؟ لماذا؟؟
لأنه يشعر أنه سيفقدها.. سيفقدها..
استدار إليها وهو متجه للخارج.. وقف أمامها.. عيناه تبحران في عينيها كمركب يبحر في لجة بحر لا قرار له..
مد سبابتيه ليغلق عينيها..
ثم قبل كل عين على حدة...
برقة غامرة... دفء حان.. ووجع لا حدود له!!
ثم مضى دون أن يقول كلمة واحدة!!!
*********************************
سميرة خرجت ختاما لصالح بعد أن كاد ينهار من القلق.. بل هو شبه منهار فعلا!!
همست باختناق هائل مثقل بحزن شفاف جدا: مبروك يا أبو خالد جالك ولد سليم ولله الحمد..
صالح بصدمة مذهولة: ولد سليم!!!.. والولد الثاني وش أخباره؟؟
والأهم من ذا كله... نجلا أشلونها بشريني منها؟؟
سميرة لا تستطيع حتى أن تبكي لشدة حزنها وقلقها.. لا تريد أن تبكي وكأنها ببكائها (تفاول) على أختها:
نجلاء والبنت تعبانين واجد!!
**************************************
" كاسرة.. كاسرة!!"
كان ينادي ولا مجيب له وهو يعبر أقسام جناحهما حتى رآها تقف أمام مكتبه..
وبيدها ملف أخضر اللون..
كانت تقف مذهولة.. مصدومة.. عيناها متفجرتان بأحمرار دموي ينذر بهطول عاصفة من حزن مطري..
حين رأته واقفا أمامها.. رفعت الملف أمامه وهي تهمس باختناق بالغ متفجر بحزن لا حدود لمجراته :
أشلون تدس علي موضوع مثل هذا؟؟
أشلون؟؟
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.
|