كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم طهر.. ودعوات بالأمن بالأمان..
نبضات القلب خالص دعواتكم لأخوتكم في كل العالم العربي مع هذا الوضع المتأزم..
وأرجو الا تحولوا تعاطفكم مع أخوتكم إلى مقالات سياسية...
لأنه نحن هنا لا نتحدث عن السياسة بل عن التفاعل الديني والاخوي الذي يستحقه أخوتنا..
فالوضع فعلا أكبر من كل المهاترات السياسية والمكاسب المحدودة.. مؤلم حد التخمة!!
فالجماهير تموت وتُدك بالطائرات في سبيل المطالبة بحقوقها..
وهم أحوج مايكونون لدعواتكم الصادقة فعلا!!
.
.
.
فيه بنات سألوا عن معاني بعض الكلمات..
أوصل مندوبش.. هي للتعبير عن التقدير... يعني لو أرسلتي مندوب وصلته عشانك..
.
حنيتش.. رحمتك من التعب.. بمعنى لطيف عندنا...
.
.
فيه سؤال قديم عن معرفتي للهجة المصرية.. واعتذر لتأخري في الرد..
أنا وحدة لما كنت صغيرة جدا أعترف إني كنت مدمنة مسلسلات مصرية ولين فترة ما انقطعت عن التلفزيون من فترة..
وأنا أذني بصراحة حساسة جدا للهجات..
يعني أنا صرت أعرف الفروق لدرجة ما بين اللهجات داخل مصر.. وداخل سوريا.. والسعودية.. ولبنان..
.
ليش فهد أصر إن جميلة مو حلوة مع إن عالية مدحتها؟؟
ببساطة لأن عالية تاخذ كل شيء مزح وهو مقتنع بالفكرة اللي في رأسه
فماصدقها!!
.
بارت اليوم
بمجمله خاص بفهد وجميلة.. نبي نحرك سالفتهم شوي
وينتهي بدون قفلة..
اقروا براحتكم :)
.
.
الجزء الواحد والتسعون
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الواحد والتسعون
تأخر الليلة نوعا ما.. رغم أنه ليس تأخيرا بالمعنى الفعلي!!
ولكنها الليلة بالذات تمنت ألا يتأخر..
فجوزاء أخبرتها أنهم سيذهبون للشاليهات وسيباتون هناك ليلتين..
لذا هي تعلم أن الطابق العلوي كاملا لا يوجد به سواها..
وحتى في الأسفل لا يوجد إلا عمها وعمتها وهما بالتأكيد نائمان الآن..
وهي تشعر بخوف طبيعي... رغم أنها في أحيان كثيرة تخاف من فهد شخصيا..
ولكن الخوف من شيء معلوم أهون من الخوف من شيء مجهول!!
" يمه بسم الله الرحمن الرحيم..
كل شيء صار يتهيأ لي.. وصرت من خبالي أسمع أصوات غريبة
والزفت ذا لحد الحين ما جا...
من زين نفعته عاد.. !!
بس يا الله اسمه موجود..
ليت ربي يخلصني بس من وجوده..
ذا الايام ماتبي تخلص عشان يفارق..وأروح لبيت هلي!!"
تهيأ لها أنها سمعت صوت فتح الباب.. مع أنها أغلقته وسحبت مفتاحها..
" أكيد فهد.. هو اللي معه المفتاح!!"
خرجت من غرفتها لغرفة الجلوس.. فلم تجد أحدا فيها..
تزايد الرعب في قلبها وهي ترى باب الغرفة الخالية مفتوح وإضاءتها مشعلة..
عادت للغرفة وتناولت هاتفها.. وهي تعود لتقف في الممر من شدة توترها ورعبها..
اتصلت بفهد.. وللمرة الأولى تفعلها.. منذ أدخل هو رقمه في هاتفها على سبيل الواجب..
أرادت أن تتأكد إن كان هو الموجود في الغرفة!!
وبالفعل سمعت صوت رنين هاتفه يأتيها من الغرفة الخالية.. وضعت هاتفها على طاولة الممر..
وتقدمت بترقب به نوع من الفضول ( وش يسوي هناك؟؟)
حين دخلت كانت الغرفة خالية تماما كما رأتها آخر مرة... إلا من شيء واحد..
كان ملقى بقرب باب الحمام..
في البداية لم تدقق النظر فاقتربت.. لتتعرف فورا على ماهية الموجود.. ورائحته..
ولتصرخ صرخة مبتورة.. ويسقط مغشيا عليها بلا مقدمات!!
كان ثوب فهد غارقا في الدم.. ورائحة الدم بدت فائرة جدا!!
وهي تتعرف على الثوب الأبيض الذي تحول للون الأحمر من أزراره التي أرتداها اليوم عصرا!!
فهد ما أن سمع صوت صرختها حتى خرج من الحمام بجزع..
وهو يلف وسطه بفوطة أخذها من خزائن الصالة العلوية التي يعلم أنها دائما تحتوي مناشف نظيفة..
حتى لا يدخل على جميلة بمظهره هذا ويسبب لها الرعب..
فهو بداية صعد بثقة أن أحدا لن يراه لأن والديه نائمين.. وشقيقيه خارج البيت..
ثم دخل بهدوء حتى لا تنتبه تحسبا أن تكون جميلة لم تنم بعد.. مع أنه تمنى أن تكون نامت..
ولكن حتى في هذه المرة التي كانت نيته صافية.. سار الأمر على غير رغبته..
وهاهي رأت ما خشي أن تراه من أجلها وليس من أجله!!
ولكنه لم يتخيل مطلقا أن تصل ردة فعلها إلى درجة الإغماء من مجرد رؤية بعض الدم !!!!
فهد انحنى عليها ليرفعها.. ولأن شعره كان مبلولا.. فقطرات الماء انحدرت من شعره على وجهها لتقوم بدورها في تفويقها..
وهي تشهق متيقظة من إغمائتها... وحالما رأت وجهه قريبا منها.. انخرطت في بكاء حاد وهي تحسس صدره وكتفيه بكلتا يديه:
أنت طيب؟؟ مافيك شيء؟؟ من وين الدم؟؟
جميلة كانت تتصرف بعفوية تامة وهي حتى لم تنتبه أنها كانت تتحسس جسده العاري..
ورعبها يوقف أي إحساس خاص لديها... سوى الاطمئنان على هذا الذي ظنته مصابا بجروح خطيرة حين رأت كل هذا الدم!!
حتى ولو كان فهد بنفسه لا يهمها بشكل شخصي...
ولكنه يبقى إنسانا أقرب إلى زميل سكن.. حتى لو كنت لا تتقبل زميلك في السكن ..
فيستحيل أن تكون بلا إحساس لو ظننته مصابا بهكذا إصابة!!
هكذا هم البشر!!
وإن كانت لمساتها ورعبها وشفافيتها ودموعها كانت عفوية جدا لديها دون تأثير خاص فيها!!
فهي كانت أبعد ما تكون عن العفوية عنده.. وتأثيرها أكثر من صارخ وحاد وموجع عليه..
فهو رغما عنه انتفض كالمحموم مع كل تربيتة من أناملها على جسده..
وارتعشت روحه مع كل دمعة رآها تتقاطر عبر أهدابها لأنه يعلم أن هذه الدموع مسكوبة من أجله هو!!
فهد حاول أن يبتعد عنها قليلا في رد فعل متأخر لمنع تأثيرها عليه... ولكنه كان فعلا رد فعل متأخر جدا..
لأن التأثير حدث وتعمق في روحه التي -رغما عن كل قساوته وجلافته- مازالت روحا بكرا هي من تطبع خطوطها الأولى عليها!!
هتف بنبرة مموهة وهو يحاول ألا ينظر ناحيتها: مافيني شيء.. بس كنت أنا وربعي نتناصع.. وواحد منهم تصوب تصويبة خفيفة في كتفه..
وأنا اللي شليته.. عشان كذا الدم غرقني!! (نتناصع = نتنافس في استخدام السلاح في إصابة علامات معينة)..
جميلة سألته بعفوية متأثرة: وعساه طيب الحين؟؟
فهد بذات النبرة المموهة : طيب.. ماخليته إلا عقب ما تطمنت عليه!!
جميلة حينها انتبهت أن هذا الجالس جوارها على الأرض عاري الصدر.. ولا يرتدي سوى منشفة..
منظر لم تراه مطلقا من قبل على الطبيعة.. ففهد لم يكن يخرج من غرفة التبديل إلا بعد أن يلبس على الأقل (فنيلته وسرواله)..
وبالطبع لم تراه سابقا أبدا.. فلم يكن لها والد ولا أخوة.. ولم تراه طبعا في خليفة..
ولا حتى في منصور الذي يستحيل أن يغادر غرفته إلا بملابسه الكاملة!!
تراجعت بعنف حقيقي.. ووجهها الخالي تماما من الزينة يتفجر بالاحمرار من شدة الخجل الذي خنقها..
لم تستطع حتى أن تقف وهي تخفض رأسها حتى لا تنظر ناحيته!!
فهد وقف.. وهي مازالت جالسة على الأرض..
مد يده لها لتقف.. لأنه ظن أنها لم تستطع الاستناد لساقها..
لكنها حين رأت يده المدودة.. همست بجزع: لا خلاص.. خلاص.. بأقوم بروحي..
فهد مستغرب منها ( لا تكون صدق مستحية ذي؟؟
وإلا يمكن مهيب متقبلة شوفتي عقب ناس ثانين تعودت عليهم؟؟)
الفكرة الأولى أثارت استيائه لأنها ظنها تتصنع الحياء..
والفكرة الثانية أثارت غيظه وغضبه لسبب يحاول ألا يتذكره ويتمنى لو أستطاع أن ينساه فعلا لشدة مابات يعذبه..
هي فعلا كان الوقوف من جلستها على الأرض صعب عليها.. وخصوصا وهي تشعر بخدر في عظامها من حالة الرعب التي اجتاحتها..
ثم من خجلها من هذا الواقف فوق رأسها بدون خجل!!
فهد حين رآها لم تقف بعد أمسك بعضديها وأوقفها أمامه دون أن يفلت عضديها.. جميلة أشاحت بنظرها عنه بخجل فطري..
وهي تنتظر أن يفلتها كما هو متوقع لتهرب لغرفتها..
لكنه لم يفلتها وهو يقربها منه قليلا دون أن يعرف السبب..
جميلة حين رأته يكاد يلصقها بصدره انتفضت وهي تخلص نفسها منه وتهرب لغرفتها..
لكنها ما كادت تصل وهي تتنتفس الصعداء حتى كان يصل خلفها وهو يشد عضدها ويديرها ناحيته بكل حدة..
ويهتف بذات الحدة كما لو كان يريد تعذيب نفسه بما يقوله: ممكن أعرف الحركة اللي سويتيها وش داعيها؟؟
يعني عشان مسكت عضدش هجيتي.. ماكأنه قد صار بينش وبين رجال ثاني أكثر من مسكة العضد بكثير..
مسوية فيها خجولة وتستحين؟!! وإلا تمنعين؟!!
علميني.. ليش إني الغشيم وأنتي الخبرة!!
( يا الله!! وش جنسك أنت؟؟ ما تشبع تجريح؟؟) جميلة شدت عضدها من يده وهي تهمس بحزم رقيق:
هذا أنت قلتها (عضدي) يعني كيفي لو مابغيتك تمسكه..
أستحي!! أتمنع!! أتدلع!! بكيفي بعد!!
وبعدين ليش ما تقول إني خايفة عليك تمرض لو استخدمت شيء مستخدم..
يمكن يكون مليان جراثيم وانت تمرض ياحرام!!
فهد صرخ فيها بغضب: ومن قال لش إني أتنازل عشان أقرب منش!!
أعتقد إني فهمتش ذا الكلام ألف مرة!!
جميلة ابتعدت عنه وهي تهمس بنبرة مقصودة: أنا فاهمة الكلام عدل..
بس أنت شكلك اللي مافهمته!!
( ياربي.. ولسانها طويل بعد!!
على شينه قوات عينه!!)
فهد لم يرد عليها وهو يتوجه للحمام لاستكمال استحمامه سريعا..
حين خرج.. ذهب ليبحث عن هاتفه في جيب ثوبه فلم يجد الثوب.. ولكنه سمع صوت التقيء الواضح القادم من الحمام..
دخل باستعجال جازع ليجدها تجلس على الأرض وتتقيأ في المرحاض..
رفعها دون أن يشعر وهو يفتح الحنفية ليغسل وجهها.. ليتفاجأ أن ملابسه كلها حتى ملابسه الداخلية التي غرقت بالدم.. موضوعة على المغسلة..
ولأنه قربها منها أفلتت منه وهي تعود للجلوس على الأرض وللتقيء مع أن معدتها أصبحت خالية تماما..
فهد حينها فهم ما سبب تقيئها... كان رائحة الدم ومنظره من هذا القرب..
حملها بغضب رغم أنها لم تكن تحتاج من يحملها.. وهو يهتف بغضب أشد: دامش مقروفة كذا.. وشو له تروحين هناك؟؟
جميلة غطت وجهها بكفيها وهي تشعر بالخجل من نفسها ورائحة القئ فيها وتتمنى لو أنزلها وهي تهمس باختناق:
كنت أبي أغسلهم.. قلت لو نشف الدم ماراح ينظف..
فهد بذات الغضب: ومن قال لش أبيش تنظفينهم؟؟ بأرميهم في الزبالة بأحرقهم.. مالش شغل فيهم!!
حينها كان قد وصل لغرفته وأنزلها قريبا من باب غرفة التبديل..
لتقفز بسرعة للحمام.. ويسمع صوتها تتقيأ للمرة الثالثة.. لأنها عاجزة عن إزالة رائحة الدم عن أنفها...
فهد صرخ عبر باب غرفة التبديل بحزم: تسبحي وأنا بأروح أجيب لش ليمون وملح..
لأنه دام الحالة ذي صابتش.. ماراح تروح إلا لو كلتي شيء طعمه قوي!!
فهد نزل للأسفل وهو يتأفف (ذا الليلة شكلها ماتبي تخلص
أولها مغمى عليها... وعقبه تزوع..
وش تاليها بعد؟؟)
حين وصل للمطبخ الداخلي سارع لسكب بعض الملح في صحن صغير..
ثم فتح الليمونة لنصفين وضعها فوق الملح..
كان قد انتهى ويستعد للخروج حين سمع الصوت الساخر المرح:
أعرف الناس على الأقل يبون شهر.. لكن أنتو وحامكم بادي من أسبوع..
بصراحة غطيت على أبو نظارات!!
وقف خلني أدق التحية العسكرية ياحضرة النقيب!!
فهد يتجاوز هزاع وهو يرد عليه بعدم اهتمام: ماعليك شرهة عشان أرد عليك!!
هزاع حينها ضحك: خلاص واشرايك أقول تسبح عشانك لوعت كبد المسكينة لدرجة إنها تبي ليمون للوعة..
حينها استدار فهد لهزاع بعضب جامح: هزيع لآخر مرة أقول لك.. مرتي لا تجيب طاريها على لسانك!!
هزاع بعدم اهتمام: روح بس أنت وليمونك.. أنت أصلا من يوم خذتها وأنت مستخف..
الله يديم علينا نعمة العقل!!
فهد هتف بصرامة غاضبة: تدري.. أنا الحين ماني بمتفرغ لك.. بس دواك عندي يادلوعة أمك.. على طول ذا اللسان!!
صعد لغرفته..
وانتظرها مطولا قبل أن تخرج من الحمام (شكله مافيه نومة لين أصلي الفجر..
مع إني ميت تعب)
وأخيرا خرجت وعيناها محمرتان لطول ما استحمت.. ترتدي بيجامة قطنية خليط من اللونين الأبيض والأصفر الفاتح!!
لا يعلم كيف يصف رؤيته لها مع أنه لم يدقق في ملامحها ولكن بدا له كما لو أن الشمس أشرقت قبل وقت شروقها..
هكذا كان إحساسه الغريب وغير المفهوم!!
انتفض بغضب من أفكاره وهو يمدها بصمت بصحن الليمون..
هزت كتفيها برقة: وش أسوي فيه؟؟
فهد بنبرته الغاضبة: بعد وش تسوين فيه؟؟ صوري جنبه صورة تذكارية..
جميلة تناولت الصحن منه دون أن ترد عليه (كل شيء لازم يوجعني فيه وإلا ما يستانس ذا المعقد!! )
كل منهما انعزل في زاوية.. مشغولة بجرحها منه !!
ومشغول هو بها.. يحاول إخراج مزيد من العيوب فيها!!
( هذي أشلون يعتمد عليها في بيت!!
من شوي دم سوت لنا فيلم هندي..
يا من شرا له من حلاله علة..
والله إني كنت مبسوط بحياتي عزابي..
من يوم دريت إني بأخذها ماعرفت إلا النكد!!)
.
.
.
لم يناما حتى صليا الفجر..
وهاهو يصحو قبلها..
كعادته التي برزت الأيام الماضية حتى وهو ينكر ذلك على نفسه..
استدار لينظر لها وهو يدعو الله أن تكون توليه وجهها هذه المرة.. فهي تنام دائما وهي توليه ظهرها..
ولكنها مع تقلبها يصحو أحيانا ليجد وجهها ناحيته!!
لا يعلم لماذا يريد أن ينظر لها دون أن تنتبه..
أ هو كما يقول.. لمجرد متعة النظر إلى لوحة فنية بارعة دون التفكير بالتقرب منها؟!!
الغريب أنه هذا الصباح لا ينظر لحسنها الذي أشغله الأيام الماضية.. حين يراقب تفاصيل وجهها المنحوتة بدقة ربانية!!
لكنه اليوم ينظر إلى شيء أعمق وأرق وأدفأ خلف الملامح الخارجية..
يحاول أن ينكر على نفسه ماحدث البارحة ولكنه عاجز عن إزالته من عقله كما لو كان حُفر فيه!!
لمساتها.. دموعها .. شهقاتها من أجله.. جزعها عليه!!
ليجد أن شيئا صغيرا في روحه الغضة يرتعش بلا هوادة!!
( أوووف تمثل عليك يا الغشيم!!
تمثل!!
وأنت خبل.. صدقتها على طول!!)
زفر بغضب ونهض ليبحث عن هاتفه الذي لم يراه منذ البارحة..
وجدها وضعته له التسريحة.. كان هناك اتصال لم يرد عليه..
وتذكر فعلا أنه سمع صوت هاتفه رن رنتين البارحة وهو في الحمام..
اتصل بنفس الرقم.. ليجد الرنين يأتيه من مكان قريب جدا.. هاتفها المجاور لهاتفه..
انهى الاتصال قبل أن تصحو.. وهو يتذكر أنه حفظ رقمه في هاتفها ولكنه لم يأخذ رقمها..
(إذن هي اتصلت بي البارحة)
لا يعلم لِـمَ كل ما تفعله بدأ يؤثر فيه بطريقة ما..!!
كان هاتفها مازال بيده.. لا يعلم كيف تواردت له ظنون السوء التي لابد أن تفسد عليه كل شيء!!
كان ينظر لهاتفها كما لو كان ينظر لعفريت.. أو قنبلة ستنفجر في يده!!
(معقولة ممكن رقمه لين الحين في تلفونها؟؟)
.
( لا .. مستحيل.. وش يخلي رقمه في تلفونها؟؟)
.
(يمكن نسته؟؟ أو مهوب هاين عليها تمسحه؟؟)
كان كل مافيه يصرخ به أن يعيد الهاتف مكانه دون أن يقلب في قائمة الأسماء..
ولكن رغبته في تعذيب نفسه كانت تلح على نفسه أن يفعلها..
(خلاص خلني أشوف وارتاح .. وش أنا خسران؟؟
أكيد مهوب موجود.. لكن لو ما تأكدت الشيطان بيقعد يوسوس لي!!)
فهد فتح بالفعل قائمة الاسماء بحثا بالحرف (خ)..
ليجد ماكان يبحث عنه.. فليهنأ بالاحتراق والغضب وهو ماعاد يبصر شيئا أمامه وهو يرى اسم خليفة متكرر مرتين..
أحدها مع رقمه الفرنسي والآخر مع رقمه القطري..
فهد ألقى بالهاتف ليتجه لجميلة وينتزعها من فراشها انتزاعا وغضبه يتفجر أمواجا تلو أمواج..
جميلة شهقت وهي ترفع عن فراشها عبى حين غرة و تهمس برعب حقيقي:
فهد وش فيك؟؟
فهد مازال يعتصر عضدها الذي انتزعها به ويصرخ بغضب ناري ملتهب:
ولش لسان تسألين بعد وش فيني؟؟
ليش رقمه عندش؟؟ ليش رقمه عندش؟؟
فهد حالما أنهى سؤاله ألقاها بعنف على السرير.. لأنه بقي شيء من تماسك الأعصاب في داخله.. يقول له أنها لو بقيت قريبا من يده هكذا..
فهو لن يتوانى عن ضربها!!
جميلة تأخرت حتى التصقت بظهر سرير وهي تتكور على نفسها وتتهتف بين شهقاتها:
من هو ذا؟؟ والله ما أدري عن ويش تتكلم؟؟
فهد يعتصر قبضته ويتراجع خطوة للخطوة حتى يمنع نفسه من انتزاعها مرة أخرى والاطباق على عنقها..
ويهتف بغضبه الجامح: رجالش الأولي يا اللي ما تستحين ولا احترمتي حتى حرمتي.. ولا احترمتي أي شيء!!
أنتي وش جنسش؟؟
جميلة بدأت تشهق بانهيار: والله العظيم ما انتبهت.. أنا أساسا مامسحت اسمه..
بس والله ماقصدت شيء..
الاسماء عندي وش كثرها.. ولو انتبهت والله لا امسحه..
ثم قفزت وهي تشهق بطريقة طفولية موجعة: الحين بأمسحه.. الحين..
ركضت لهاتفها بسرعة وهي تتناوله وكل مافيها يرتعش.. لم تكن ترى حتى الشاشة لشدة انهمار دموعها..
وهي تبحث عن اسم خليفة حتى تمسحه..
وشعور مر بالمهانة يتصاعد في روحها حتى خنقها!!
حالما مسحت الاسم.. القت بهاتفها أرضا وهي تجلس على مقعد التسريحة وتدفن وجهها بين كفيها.. وتنتحب..
فهد وقف أشبه بتمثال جامد.. رغم أن يديه مازالتا ترتعشان من تأثير غضبه..
كان ينظر لها وهي تبكي بألم حقيقي..
وألمه هو يتسع..
(كم مرة بكيتها من يوم زواجنا لين الحين؟؟
ماعدت قادر أعد من كثرها..
هذا اللي أنت وعدت نفسك إنك بتسويه..
هذا وهي وصاتك!!
لو ما كانت أمانة عندك وش كان سويت فيها أكثر؟؟
أخييه منك رجّال من بين الرياجيل!!)
فهد حاول أن يقترب منها ليهدئها .. ولكنه لم يستطع..
ليس لديه أي شيء ليقوله..
فكل الكلمات هربت من قسوته!!
********************************
" هاحبيبي.. أصب لك فنجان بعد؟؟)
منصور يهز فنجانه هاتفا بمودة: لا ياقلبي.. شكرت..
ثم أردف بإبتسامة: اشرايش دام ماعندي دوام اليوم..
أطلع أنا وأنتي وزايد نتمشى شوي في فيلاجيو وإلا السيتي.. وعقب نتغدى هناك..
خلي زايد يجرب دراجته الجديدة وأنتي صاكة عليه 24 ساعة!!
ابتسمت عفراء: أخاف عليه منصور يتغير عليه الجو.. وإلا يتعب!!
منصور بحزم حان: ماعليه إلا العافية.. خليه يتعود..لكم نص ساعة تتجهزون..
ثم ابتسم وهو يردف: ولو جميلة عندنا كان قلت لكم ساعتين..
عفرا ابتسمت بحنان: ياقلبي يا بنتي.. ماراحت ولا جات جاتها ذا التلزيقة في الحمام.. وحبستها في البيت..
وهذا رجالها بيسافر قريب.. وهم لا طلعوا ولا راحوا مكان..
منصور يبتسم : لا تقولين إنش ما تحسبين لدورة فهد أكثر منه..
تبينه يروح بالسلامة.. عشان تجي عندش جميلة..
ضحكت عفراء برقة: كنك داري.. راح 8 أيام وباقي 6.. يروح ويرجع بالسلامة..
***********************************************
منذ خرج صباحا وهو يتحاشى العودة للبيت حتى لا يراها..
لكنه ختاما.. اضطر للعودة حتى يستبدل ملابسه..
عاد بعد صلاة المغرب..
طرق الباب وهو ينتنحنح.. فردت عليه أمه تعال يأمك مافيه حد؟؟
ولكن كان هناك كل من يخشى مقابلتهم...... هـــي..
كانت تجلس مع أمه وتتولى هي مسئولية سكب القهوة..
لا يعلم لماذا توارد لباله أنها لن تخرج من غرفتها اليوم مطلقا لما رآه من انهيارها في عاصفة من البكاء.. تركها وهي مازالت غارقة فيها!!
(عشان تعرف إنها تمثل!!
دموع التماسيح.. عشان تحسسك بالذنب وتداري على غلطتها!!
خذوهم بالصوت!!
سكتتني وهي الغلطانة!!
لا وبعد قاعدة لي متكشخة كنها بتروح عرس بدون سحا!! )
جلس بجوار والدته بعد أن قبل رأسها وهو ينظر للمقابلة لهما..
كانت متألقة أكثر من المعتاد.. وكأنها كلما ازدادت حزنا.. كلما ازدادت ألقا..
وكأنها تريد أن تغطي على على حزنها بألقها..
كانت ترتدي دراعة مغربية بلون تركوازي بدت فاتنة على لون بشرتها.. وشعرها ملولب ليزداد قصرا وإثارة..
أو ربما كانت كذلك في عينيه!!
همست أم صالح بعفوية: دامك جيت.. اقعد خل مرتك تقهويك.. وأنا بأقوم أسنع لي شيء في مجلس النسوان!!
همست جميلة بعفوية جزعة: تروحين يمه وأنا قاعدة.. قولي لي وش تبين وأنا بأروح؟؟
أم صالح برفض حنون: اقعدي يامش عند رجالش.. منتي بعارفة اللي أنا أبيه!!
حالما غادرت أم صالح كانت جميلة تتحاشى النظر له وهي تنظر للقهوة والشاي أمامها وتهمس بسكون:
أصب لك قهوة؟؟
رد عليها بسخرية: شايفش قبل شوي تعرفين السنع وبتنطين بدال أمي..
الحين ضيعتيه..؟؟
اللي بيصب لحد.. مايقول له أنت تبي..!!
جميلة تنهدت (يالله الصبر) سكبت له فنجانا من القهوة.. وناولته له..
شد على كفها بطريقة غريبة وهي تناوله الفنجان.. وارتعشت جميلة خوفا..(لا يكون يبي يحرقني بالقهوة.. هذا اللي باقي)
وارتعش هو من شيء آخر تماما..رعشة لم تتجاوز داخله!!
وهو يأخذ الفنجان منها.. وينزله أرضا ثم يهتف بعصبية على نفسه وليس عليها:
هذي صبة قهوة.. ؟؟ لو إنش صابتها لأبي كان رش الفنجال على وجهش!!
جميلة تنظر لفنجانه بيأس: ليه وش فيه؟؟
فهد بغضب: بعد تسألين وش فيه؟؟
جميلة تنهدت وهي تهمس بهدوء ولكنه أقرب للعصبية: فهد أنا ببزر ولا غشيمة عشان تعلمني أشلون أصب القهوة..
فنجالك أقل من نصه.. واعتقد إنك تدور لك سبب عشان تعصب..
أنا قبل شوي مقهوية أبيك.. وما أشتكى من فنجاله..
والحين اسمح لي استأذن..
فهد بغضب: وتبين تروحين وأنا أكلمش بعد يا اللي ما تستحين..
جميلة شدت لها نفسا عميقا وهي تقف وتضع جلالها فوق رأسها.. وتهمس بحزم: فهد لو سمحت..
مشتهي تعصب وتصارخ.. لنا مكان يلمنا.. لا تنشر فضايحنا قدام هلك!!
جميلة صعدت بالفعل لجناحها وهي تهمس في داخلها( ماني بباكية ذا المرة..
خله يولي..
والله ما أهتم له هو وكلامه اللي يسم!!)
ما كادت تصل لغرفتها حتى كان يصل خلفها وهو يصرخ بغضبه الذي لا يتوقف:
الحين أنا أسوي فضايح وأبي أعصب بدون سبب؟؟
جميلة لم ترد عليه.. وهي تخلع جلالها وتجلس على طرف السرير وتنظر لشيء غير مرئي أمامها..
قهد يقف أمامها وهو يهتف بذات غضبه الحازم: ومسفهتني بعد؟؟ ( مسفهتني= تتجاهله)
جميلة شدت لها نفسا عميقا للمرة الألف: فهد أنت وش تبي؟؟
تبيني أبكي؟؟.. أنت خلاص ما ترتاح لين تشوف دموعي وتشوفني منهارة..؟؟
دامك تشوفني متماسكة شوي.. بتقعد تضغط وتضغط لين أنهار..
خلاص فهد اعفيني من البكاء الليلة.. لأني بكيت اليوم اللي كفاني..
ارحمني حرام عليك.. والله لو أنا عدوتك ماتسوي فيني كذا؟؟
اعذرني.. ماراح أبكي.. أجلها ليوم ثاني..
فهد تراجع بصدمة ( أ هكذا وصلت نظرتها لي؟؟
أنني أقتات على حزنها ودموعها؟؟
إلى هذه الدرجة صورتي قميئة في عينيها؟؟)
فهد اكتفى بالصمت وهو يرتدي ملابسه ويخرج دون أن ينظر لها حتى.. وهي تجلس صامتة ساكنة في مكانها!!
ليتذكر غهد حين وصل سيارته أنه نسى مفتاحها في جيب ثوبه الذي خلعه.. فعاد لأخذه..
ليتفاجأ أن من لن تبكي اليوم لأنها شبعت بكاء.. منكبة على سريرها وتنتحب بصوت مكتوم وهي تدفن وجهها في المخدة..
انتفض بعنف وهو يعود دون أن يأخذ مفتاحه...
فر من المكان كاملا كما لو كان مجرما يفر من ساحة جريمته!!
فهي هذه المرة لا تمثل عليه ولا من أجله!!
بل تعبر عن حرقة لم ترد له أن يراها.. كرهت أن يرى ضعفها الذي بالغ في امتهانه إلى أقصى حد!!
**************************************
" ياحليلها جوزا.. وينها الليلة تكمل ثلاثي التنافيخ؟؟"
أم عبدالرحمن بمودة: بترجع بكرة إن شاء الله..
عالية بمرح: ياحليلها هي وعبود.. عرسان جدد مع بزر وكرش..
شعاع تضحك برقة: صدق الرازق في السما والحاسد في الأرض.. وش عليش منها؟؟
عالية تنظر لها من تحت أهدابها وتهمس بمبرة مرحة مقصودة:
خلش في حالش مع سي روميو.. تجين عندنا عشان كل شوي تدقين عليه!!
خلش مني أنا وجوزا.. أنا حماتها وهي حماتي... قبل أحول الموجة عليش!!
شعاع بذات الابتسامة: يمه منها.. لا خلش في مرت أخيش مالي شغل بينكم..
كل وحدة منكم لسانها أطول من الثانية!!
عالية تتأفف: على طولة اللسان اللي مامنها فايدة.. أبي أتحرك شوي.. أنفض الدولايب.. وأرتب ملابسي أنا وعبدالرحمن..
شعاع تبتسم: تدرين حتى أنا.. يبي لنا شوي حركة!!
أم عبدالرحمن برفض: والله ما وحدة منكم تسوي شيء... قروا شوي.. توكم على الشغل..
*************************************
هذه المرة عاد مبكرا أكثر..
وجدها تصلي قيامها.. تركها في الغرفة.. وذهب لغرفة الجلوس.. ليصلي هناك ويقرأ ورده..
لا يعلم لِـمَ هو عاجز عن مواجهتها؟؟ أو بمعنى أصح النظر في عينيها!!
بات يكره نظرة الحزن فيهما.. ويتمنى لو رآها تبتسم أمامه ولو لمرة!!
حين انتهى توجه بحذر للغرفة..
وجدها تستعد للنوم..
ألقى السلام.. وردت بسكون..
كان يدور في الغرفة يقوم بأعمال روتينية......يغتسل... يبدل ملابسه..!!
ختاما ماعاد فيه صبر وهو يتوجه للناحية الآخرى من السرير ويجلس جوارها..
كانت قد تمددت وهي توليه ظهرها كالعادة..
انتفضت بجزع حين شعرت بنقراته الهادئة على كتفها.. فهي أصبحت في حالة رعب لأنها عاجزة عن توقع ردات فعله..
استدارت وهي تقفز ثم تنكمش في حركة دفاعية... شعر فعلا بالألم منها..
يا الله كم هو مر هذا الشعور.. أن تكون جارحا.. ومجروحا في ذات الوقت..!!
فهد هتف بسكون: اقعدي بأسولف معش بس..مافيه داعي تسوين ذا الحركة كأني بأسوي فيش شيء..
جميلة بيأس: يعني الحركة مالها مبرر؟؟ الإحساس اللي أنت عطيتيني من أول يوم..
إني يا أخاف من لسانك.. وإلا يدك..
حينها رد عليها فهد بيأس مشابه: جميلة... تكرهيني؟؟
جميلة تعترف أنها بوغتت تماما بالسؤال.. لم تتوقعه مطلقا منه.. (يسألها إن كانت تكرهه .. وهو لم يقدم لها إلا مبررات وأسباب للكراهية!!)
ومع ذلك أجابت بسكون صادق: لا ما أكرهك.. ما تعودت أكره حد.. ولا حتى اللي جرحوني..
تضايق من ردها لسببين.. الأول أنها أشعرته أنه يستحق الكراهية ولكن لأنها لا تستطيع أن تكره.. لم تكرهه..
والثاني أن هذا الرد يحمل معنى ضمنيا أنها لم تكره كذلك زوجها السابق مع إساءتها الكبيرة لها وهو يطلقها في المطار!!
انقطع الحوار.. هو صمت.. وهي صمتت.. ثم عادت لتتمدد.. وهي تشعر بالفعل أنها مستنزفة مما حدث هذين اليومين..
وتتمنى أن تنتهي الأيام القليلة القادمة حتى تتخلص من ثقل وطأته ووجوده..
تخشى أن تنهار منه.. تريد لها إجازة بالفعل حتى تستعيد عافيتها النفسية..
************************************
بعد خمسة أيام
.
.
اليوم هي سعيدة فعلا.. فغدا سيسافر أخيرا..
يا الله كم هي ثقيلة الايام التي مضت.. مع انه خلال الأيام الخمسة الماضية لم يحدث بينهما أي شد..
إلا فلتات لسانه الناتجة عن جلافة لسانه المعتادة.. وهي تحملت كل شيء وهي تعد الأيام.. وتصبر نفسها أنه مابقي شيء..
كانت ترتب حقيبته الختامية.. حين دخل عليها.. جلس على طرف السرير..
بينما همست هي برقة: أنا خلصت شنطتك خلاص.. تبي شيء ثاني؟؟
أجابها بحزم غريب: إيه.. رتبي شنطتش بعد!!
جميلة قفزت بجزع وهي تختنق تماما: نعم؟؟ ليش أرتب شنطتي؟؟
فهد بذات الحزم: سمعتيني.. رتبي شنطتش..
جميلة بذات الاختناق: بس أنت ماقلت لي أبد إني بأسافر ذا الأيام كلها..
وش اللي غير رأيك؟؟
فهد بحزم أكثر صرامة: أنتي ليش ترادين؟؟ رجالش قال لش بتسافرين معه..
تتجهزين بدون كلام.. انتهينا..
جميلة شعرت أنها تريد أن تبكي أكثر من كل مرة..
هي بالكاد تحتمله الساعتين اللتين يقضيهما في البيت.. فكيف في مصر؟؟.. بالتأكيد سيقضي معها وقتا أطول.. لأن التدريب لا يأخذ إلا ساعات معدودة في اليوم..
او الأسوأ أنه سيتركها طوال اليوم وحدها وفي مكان غريب!!
همست بذات الاختناق: زين أنت كنت حاجز السكن مع شباب.. وش بتسوي فيهم؟؟
فهد بنبرة أقرب للغضب: أنتي وش دخلش في ذا الكلام؟؟ مالش إلا تسكنين في أحسن مكان..
جميلة ستبكي فعلا ولكنها مازالت تقاوم حتى لا يظن أنها تستخدم سلاح دموعه لاثنائه..
خصوصا أنها تعلم أن دموعها لا قيمة لها عنده.. فلماذا تقلل من قدر نفسها..؟؟
همست بمخاوفها الطبيعية: بس أنا اخاف أقعد في شقة بروحي وانت منت بموجود..
فهد تنهد: بنسكن في أوتيل.. لا تخافين من شيء!!
جميلة مازال لديها أمل أنه سيتراجع.. لا تتخيل أنها ستسافر معه.. بعد أن قضت الأيام الماضية كلها على أمل أنه سيسافر وسترتاح من وجوده..
همست بضعف: وليش الخساير؟؟ شهر كامل في أوتيل!!
فهد بغضب: أنا اللي بأدفع.. بتدفعين شيء من جيبش.. خلصيني يا بنت الحلال..
أنا رايح الحين.. رتبي أغراضش عشان أوديش تسلمين على أمش..
سفرتنا بكرة الصبح!!
جميلة باختناق أشد: وعرس مزون يعني ما أنا بحاضرته.. ماباقي عليه إلا أسبوع!!
حرام عليك فهد!!
فهد بغضب: أني ملزومة في من؟؟ فيني وإلا في بنت خالتش؟؟
خلصيني بدون كثرة كلام..
قلت لش بتسافرين.. بتسافرين.. انتهينا!!
فهد غادر.. وجميلة انهارت فعلا تبكي ..
(ليش كذا ياربي؟؟ ليش؟؟ اللهم لا اعتراض..
بس ماني بطايقة وجودي معه.. بأموت ياربي.. بأموت!!)
كانت تبكي من عمق روحها المنتهكة...
أن تبني كل شيء على حلم بريء جدا وبسيط.. ثم ينهار بلا مقدمات..
أمر تعجز عن وصف ألمه ووجعه..
كل ما أردته وعاشت على أمله.. أن يسافر.. يسافر فقط..
ولكنه لابد أن يحرمها من كل مايسعدها.. حتى لو كان لا يريدها..
فهو يريدها تعيسة حتى يكون هو سعيدا..
انتحبت أكثر وأكثر.. وهي تتخيل وترسم سيناريوهات لمسار حياتها مع فهد وهما لوحدهما تماما!!..
كل السيناريوهات بدت مرعبة.. مرعبة لأبعد حد!!!
**********************************
" من جدش خالتي جميلة بتسافر؟؟
ماصدقت يوم قلتي لي تعالي.. عشان أسلم عليها..
ولحد الحين ماني بمصدقة!!"
عفراء بحزن شفاف: لا صدقي... رجالها لزّم عليها تسافر معه!!
مزون بحزن عميق: يعني ماراح تحضر عرسي؟؟
عفراء احتضنت كتفي مزون بحنان: ماعليه يامش ظروفها جات كذا..
في تلك اللحظة كانت جميلة تدخل..
تعبت من رسم القوة طوال الأيام الماضية.. تعبت..!!
فهي كانت تحاول التمسك بالقوة على أمل أنها سترتاح منه قريبا..
لكن القوة الآن ماعاد لها معنى ولا داع..
فهو سيأخذها معه ليمارس عليها عقده.. ويجرعها قسوته اللا محدودة..!!
أ لم يكفيه كل مافعله معها وهو يمتهن إنسانيتها بكل الصور حتى يريد إنهائها تماما؟؟
ما أن رأت أمها ومزون متجاورتين حتى رمت نفسها بينهما وانتحبت بطريقة هستيرية..
عفراء بجزع: جميلة يأمش الله يهداش ليش ذا كله..
جميلة بين شهقاتها المتزايدة: ما أبي أسافر معه.. ما أبي!!
عفراء بقلق: ليش يامش؟؟ ليش؟؟
جميلة مازالت تحاول التمسك ببعض الجلد المتهاوي وهي تذكر سببا مهما جدا ولكنه ليس مطلقا السبب الرئيسي: أبي أحضر زواج مزون..
بأموت لو ماحضرته!!
مزون بتأثر متعاظم وهي تحاول ألا تبكي وتحتضن جميلة: جمول ياقلبي أنا عاذرتش..
جميلة تنتحب: أدري إنش منتي بمتشرهة علي.. بس أنا كنت أبي أحضر..
عفراء تشدها لتحتضنها بقوة: خلاص يأمش.. رجالش أبدى..
تكفين لا تبكين..
جميلة احتضنت خصر أمها وهي تنتحب بهستيرية حقيقية...
نثرت كل كبت الأسبوعين الماضيين وهي تعاني لوحدها.. عاجزة حتى عن مجرد الشكوى..
وهاهي تجد لها الغطاء المناسب لسكب وجعها في حضن أمها..
الأمر الذي تمنته في كل مرة رأت فيها أمه.. ومنعت نفسها منه.. حتى لا تثير قلق أمها..
.
.
" هذا فهد؟؟ مسرع يأمش..!!"
جميلة همست بيأس: يمه الوقت صار متاخر.. وطيارتنا بكرة بدري..
ثم أردفت بنبرة مموهة: فهد يبي ينزل يسلم عليش!!
عفراء تنهدت: خله يأتي يا حياه الله..
مزون قومي يأمش داخل..
مزون توجهت للداخل بينما جميلة توجهت للباب المطل على الباحة لتفتحه لفهد حيث أخبرها بوقوفه!!
حين دخل.. أول مالفت انتباهه هو وجهها.. كان ذابلا تماما ومحمرا لكثرة مابكت..
(يا الله الحين وش قالت لعمتي؟؟
يمكن عمتي ماترضى تخليها تسافر!!)
فهد كان يشعر أن هناك مصيبة ستحصل.. لابد أنها أخبرتهم بالوضع المتردي بينهما..
وبالتاكيد لن يسمحوا لها أن تعود معه حتى للبيت..
ومع ذلك تنهد بحزم وهو يخطو للداخل ويقبل رأس عفرا التي همست له برجاء عميق:
يأمك الله الله في جميلة.. المسكينة كانت بتموت تبي تحضر عرس بنت خالتها.. بس بدتك أنت على كل شيء!!
فهد تنهد براحة (هذي السالفة بس!!) لذا ابتسم وهو يهتف باريحية:
وهي مهيب أحسن مني.. دامها بدتني على قولتش..
على خشمي أرجعها عقب أسبوع نحضر العرس ونسافر مرة ثانية!!
جميلة حين سمعته يقول تمنت للمرة الأولى أن تقفز وتحتضنه وتقبل رأسه.. ولولا وجود والدتها وإلا لفعلتها..
كانت تشهق بفرحة: صدق فهد؟؟ صدق؟؟
ابتسم فهد لأنه يراها تضحك أمامه لأول مرة : أكيد صدق!! المهم ذا الدموع ما نشوفها..
جميلة قفزت للداخل لتبشر مزون.. بينما عفرا التفتت لفهد وهي تهمس بعمق:
تكفى يأمك الله الله فيها.. ولا تخليها وقت طويل لحالها.. تراها تخاف من كل شيء..
فهد هز رأسه بثقة: لا تحاتينها..
عفرا همست باختناق: زين يأمك انتظر دقايق بس.. منصور جاي الحين يبي يسلم عليها قبل تروح..
فهد ينظر للساعة ويهتف بثقة: على العموم أبو زايد هو اللي بيودينا للمطار..
لو ما واجهناه اليوم.. واجهناه بكرة!!
.
.
.
( مشكور فهد.. مشكور.. الله يطول في عمرك)
فهد نظر لها بنظرة مثقلة بيأس حزين وهي تشكره بعفوية حالما ركبا السيارة
تشكره على أمر هو قرره منذ قرر أخذ الدورة..
لكنه لم يخبر أحد.. على أمل أن زواجه منها سيفشل.. ولكي يجعل هذا الأمر بمثابة مفاجئة لغانم ونايف من بعده..
يعني القرار كان من أجله هو!!
وهاهي تشكره بعدما سبب لها كل هذا الحزن.. وجعلها تسكب كل هذه الدموع..
كما لو أنك أخذت حلوى من طفل وتركته يبكي..
وحين أرهق من البكاء أعدت له الحلوى بعدما أكلت ثلاث أرباعها..
ثم تنتظر منه أن يقول لك شكرا...
هكذا كان إحساسه.. وكم باتت أحاسيسه تتعقد وتتلون بغرابة جارحة باتت تتخذ من روحه وطنا تسكنه وتعشوشب أوجاعه في ثناياه!!
*********************************
اليوم التالي
.
.
( ممكن أعرف أنت ليش متوترة كذا!!)
جميلة كانت تخلع عباءتها ونقابها وتعلقهما بعد أن استقر وضعهما في غرفتهما في الأوتيل وتهمس بصدق:
أخاف أقول لك تعاقبني على الكلام..
فهد بغضب: جميلة بلا سخافة!!
جميلة تنهدت: شفت هذا أولها..
فهد تنهد وهو يحاول أن يتحدث بهدوء.. فهو أيضا متوتر ولا يعلم السبب:
خلاص ماني بقايل شيء.. وش فيش؟؟
جميلة بعفوية: بصراحة خايفة منك!!
فهد باستنكار: تخافين مني ليه؟؟
جميلة بيأس: إلا قل لي ليش ما أخاف منك..
إذا وإحنا في ديرتنا عند هلي وهلك ماقصرت فيني تجريح..
أشلون وحن بروحنا؟؟
تنهد فهد بعمق: لا تحاتين أنتي الحين عبارة خوي السفر..
واللي مايراعي خويه ماله خانة..
تنهدت جميلة بذات اليأس: يعني بتراعي خوي السفر.. وأنت ماراعيت مرتك؟؟!!
فهد بذات العمق: يمكن إني غريب شوي!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
|