كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والسبعون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياصباح الخير والبركة والاجتهاد على كل اللي يدرسون
دعواتي لكم بالتوفيق والنجاح..
ووللمرة الألف طالبتكم ماتخلون الرواية تشغلكم عن الدراسة
ويأما أنكم تعتبرون النص الساعة اللي بتقرون فيها البارت نوع من البريك ترجعون عقبه للدراسة
ويأما أنكم تودعوننا بالسلامة وتسكرون اللابتوبات لين عقب الامتحانات
وإذا حسيتوا بضيقة من الدراسة أمنتكم الله توضون وتصلون ركعتين وتقروون صفحتين بس من القرآن
وشوفوا المفعول العجيب لذكر الله سبحانه على النفس والجسد
.
.
.
ثانيا وللمرة الثانية والثالثة
خالص اعتذاري لكل وحدة تضايقت من كلام فهد لأني والله ما أحب حد يأخذ على خاطره مني!!
بس يا بنات هذا رأي الشخصية مهوب رأيي أنا..
في الرواية هذي امهاب كان بيتزوج أرملة وعندها ولد وهو شاب ما تزوج وماسمعتوا هالكلام عنده..
.
في أسى الهجران راكان تزوج مطلقة وكانت ثيب موب بكر عشان يقولون إني أصر إنه المطلقات كلهم لازم أبكار قبل يتزوجون عزابي ماسبق له الزواج!!
.
وكلام فهد كلام فعلا يدل على جلافة وقسوة وانحطاط في التفكير
وأنا شخصيا والله العظيم ثم والله العظيم –للمرة الثانية أعيد نفس الكلام- لو أخوي أو ابني عقبه بغى مطلقة إني لأشجعه بدون تردد
.
.
لكن يا بنات أنا قصدت أبين وجهة نظر الشخصية بكل حدتها وقسوتها وغرابتها
وللعلم أنا لن أتردد في إكمال ذات الفكرة كما قررتها تماما لأن لي هدف كبير من ذلك وسيفاجئكم تماما!!
البعض يقول لي الوصف جارح... فهل كان يجب أن أصف وجهة نظر فهد بأقل مما هي وأخف حتى لا تغضبوا...؟؟
يا نبضات قلبي أنا أتكلم عن وجهة نظر واقعة وبشعة جدا في حق المطلقات
ولم أخترعها أنا.. إنما موجودة في الواقع وأنا لي هدف من عرضها بهذه الطريقة..
أنا شخصيا وبأذني سمعت واحد من قرايبي كانت أمه تعرض عليه بنت مطلقة يوصفها بوصف أسوأ وأبشع وأحقر من وصف الفرشاة الذي أغضبكم..
لو ذكرته لكم قد تتقياؤون والله العظيم!!
مع إنه شاب مثقف وخلوق ومتعلم..
أنا بصراحة حسيت رأسي بينفجر من العصبية والغيظ منه
ودعيت ربي ومن قلبي إنه يتزوج مطلقة ويذوب في هواها..
بس ماصار.. تزوج بنت وهو اللي طلقها.. وعاده عزابي الحين
يعني يمكن يرجع يتزوج مطلقة دامه مطلق :)
.
.
يعني ياقلبي لا تسقطون رأي الشخصيات علي
والله العظيم إن قلبي يوجعني وأنا أكتب كلام فهد
بس الكاتب لازم يخلي كل شخصية تتصرف من منطق شخصيتها موب شخصية الكاتب عشان يكون فيه مصداقية في الأحداث
يعني يا بنات الواقع أحيانا يكون جارح.. وجارح جدا بعد.. ويصعب تقبله..
أنتم كرهتم مجرد وصف في رواية خيالية.. فكيف بمن سمعت الأسوأ بأذنها
.
.
يا الله قدامي على البارت
78
وموعدنا الجاي الساعة 8 صبح الثلاثاء إن شاء الله
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والسبعون
مازالت تنظر له برعب متزايد..
بينما هو ينهمر بالكلمات بيأس.. ماعاد حتى قادرا على الصمت..
ولماذا يصمت وكيف يصمت؟؟
تعب من الصمت.. تعب من الكتمان..!!
تعب من الحرمان!!
يعلم أنه تهور في تصرفها معها.. ولكن أ يمكن أن يُلام على ذلك؟؟
فالذي حدث له لا يمكن تخيله ولا تصوره...
كما لو أنك سافرت لبلد بعيد.. وبقيت تعمل في هذا البلد لـ 40 عاما متواصلة بلا راحة..
وتواصل الليل بالنهار.. وحرمت نفسك من كل متع الحياة وأنت تعاني بصمت لا تشتكي حتى عما تعانيه.. لتجمع لك مالا يريحك حين تعود لبلدك..
ثم في رحلة العودة.. فقدت حقيبة المال وسط شارع مزدحم..
فكيف سيكون حالك وأنت تبحث وتبحث وتبحث وتمر الأشهر ولا تجد مالك..؟؟
ثم تعود لبلدك البعيد مقهورا منحورا يائسا.. أشبه بجسد ميت أنهكه العمل دون فائدة!!
ثم تفتح باب غرفتك......
لتجد حقيبة المال تتربع على سريرك..
كيف ستكون ردة فعلك؟؟ كيف؟؟
فرحة هذا الرجل بماله.. لن تكون قطرة واحدة في محيطات فرحة علي برؤية شعاع أمامه..
أ تلومه حينها على تعبيره عن فرحته؟؟!!
فهو كان مخنوقا على آخر رمق يزفر أنفاسه الأخيرة.. فأرسلوا له الهواء!!
كان عطشانا تشققت روحه من العطش.. فأرسلوا له أعذب ماء في الكون!!
كان محموما تجاوزت حرارته الأربعين.. ووضعوه في درجة حرارة تجاوزت الخمسين..
وحين تحمص من الحرارة.. سكبوا عليه ثلجا رقيقا باردا !!
فكيف ستكون ردة فعله؟؟ كيف؟؟
يعلم أنه فاجاءها وصدمها.. ولكن هل كان بيده شيء آخر!!
مازال حتى الآن لم يروي حتى واحدا من مليارات شوقه لها وهي مرعوبة منه هكذا..
فكيف لو سكب لها ما تبقى!!
اقترب منها أكثر وهو يلتصق بركبتيها المطويتين ويهمس بكل وجعه ويأسه وولعه:
سامحيني يا قلبي.. والله العظيم غصبا عني.. ماقصدت أخوفش كذا..
بس أنا كنت ميت بكل معنى الكلمة..
فاهمة أشلون ميت؟؟ ميت من تفكيري فيش وشوفي لش..
وأنا كنت أظنش حلم مستحيل مستحيل ألقاه يوم!!
تكفين لا تخافين مني..
مازالت تنظر له بذات الرعب والجزع..
وهي في داخلها لا تصدق حرفا واحدا مما يقول.. فهناك فكرة مرعبة واحدة اجتاحت تفكيرها وتغلغلت فيه ولم تسمح لها بالتفكير بشيء آخر سواه!!
مد يده بيأس ليمسح طرف خدها بظهر أنامله..
سيموت ليضمها إلى صدره.. ليتنفس رائحتها من قرب.. ليرتشف أنفاسها التي أضناه الشوق لها..
ولكنها قفزت عن الأريكة كاملة وهي تهمس بارتعاش:
أنت الدكتور ماقال لك لا تقرب مني..؟؟
لا تقرب مني!! لا تقرب مني!!
حينها قفز علي بغضبه المتفجر المصدوم المفجوع: من اللي قال لش ذا الكلام؟؟ من؟؟
شعاع بدأت تنتحب: مهوب مهم من اللي قال لي.. بس أنت لا تقرب مني..
لا تقرب مني..
والله العظيم لو حاولت تقرب مني مرة ثانية.. إني لأصيح مع الدريشة.. وأفضحك في الأوتيل كله!!
علي تنهد بعمق وقهر عظيم يتصاعد في روحه.. كيف يسمحون لأنفسهم أن يتدخلوا في حياته ويفسدوها بهذه الطريقة؟؟
تنهد بعمق أكبر.. لا يريد منها شيئا.. يكفيه رؤيتها أمامه..
لكنه تمنى أن تسمح له ببعض القرب فقط.. بعضه.. لا يريد شيئا أكثر..
بعضا من القرب يروي روحه المجدبة..
بعضا من القرب ينسكب بنداه على صحراء خلاياه القاحلة..
ولكن كيف يقترب وهي جافلة هكذا!!
تنهد وهو يهمس لها بحنان عميق:
خلاص حبيبتي لا تخافين.. ماني بجاي جنبش.. أنا الحين بأتوضأ أصلي قيامي..
وأنتي هدي.. هدي..
حين غادرها عادت للانهيار على الأريكة وهي تنفجر في النحيب بصوت مسموع..
" قال يصلي.. تعرف ربك أنت؟؟
يا الله.. ليه ياربي كذا.. ليه؟؟
اللهم لا اعتراض.. سامحني يارب..
بس ماسويت في دنيتي اللي أستاهل عليه تعاقبني بواحد مثل هذا..
يارب سامحني..
اللهم لا اعتراض..
إنا لله وإنا إليه راجعون!! "
لم يعلم زايد ومزنة أن تدخلهما الحاني.. قلب الأمور رأسا على عقب..
فربما لو لم تقل مزنة لشعاع ماقالته.. لربما كان لعلي بصيص أمل في مسامحتها له..
فهي كانت ستظنه شاب عابث ككثير من الشباب.. ولكنه حين تسمع تبريراته قد تصدقها بحسن نيتها..
أو ربما تغضب منه لأيام..وترضى مع تعرفها على شخصيته العذبة الشفافة..
ولكن ماسمعته من مزنة.. مع ماحدث الليلة.. مع أحداث مرضه.. مع ماحدث لها معه في مقابلتهما الأولى في المستشفى ...
مع معرفتها بعمله في الخارج لسنوات...
كل هذه المعطيات صنعت من علي شخصية بشعة.. بل غاية البشاعة في عينيها..!!
فالصورة التي تكونت لديها..
أن علي شاب تجاوز عبثه كل حدود.. لدرجة الانغماس في الخطيئة التي من المؤكد أنها نقلت له مرضا خطيرا معديا.. ناتج عن علاقاته غير المشروعة..
وإلا كيف تفسر هجومه عليها إلا بكونه شاب لا يهمه غرائزه..؟؟
ولأن مزنة كانت تخاف عليه منه.. أو أن يجرها معه أو يصيبها بالعدوى..
حذرتها بطريق غير مباشر أن لا تسمح له بلمسها..
لا تشك في نوايا أهله.. أو أنهم زوجوها ابنهم وهو مريض بهكذا مرض..
فمن المؤكد أنهم لم يكتشفوا مرضه إلا في الأيام الأخيرة.. وسيكون إلغاء الزواج فضيحة مدوية..
لذا أخبرتها مزنة بشكل غير مباشر.. فعلي لم يبدو لها مريضا للدرجة التي وصفتها لها مزنة..
لكن لأنها خائفة عليها.. ألفت كل هذه الحكاية عن أن صحته لا تحتمل.. حتى تحميها منه..
ومازاد في بشاعة الصورة أمامها.. أنه أراد منذ اللحظة الأولى أن يجرها معه لإشباع رغباته دون اهتمام بما سيجلبه لها من مصائب..
بل ويؤلف لها حكاية لا تصدق عن عشقه لها ليقنعها بما يريد..
فأي رجل بشع هذا!!
أي رجل بشع !!
**************************************
" مزنة.. اشفيش الليلة؟؟ مزاجش كنه مهوب رايق..أول مرة أشوفش كذا"
مزنة تترك المشط الذي كانت تمشط بها شعرها وتضعه على التسريحة لتلتفت لزايد الذي كان يجلس على طرف السرير
وتهمس بنبرة مقصودة: لا أبد.. وليش مايروق مزاجي..
أنت سويت شيء يعكر المزاج يا أبو كساب؟؟
ليس جاهلا كي يجهل أن نبرتها تحمل الكثير من الغضب.. هتف بحزم بالغ:
وأبو كساب وش سوى يعكر مزاجش؟؟
توني كنت عندش اليوم الصبح ومافيش شيء..
حينها أكملت بذات النبرة المقصودة الحادة:
إيـــــه !! اليوم الصبح !! قلت لي كلام واجد اليوم الصبح..
تدري من كثرته.... نسيته!!
حينها وقف زايد ليقترب منها (هذي وش فيها الليلة؟؟ أبد مهيب عوايدها!!) وهتف بغضب حازم:
مزنة عندش شيء تقولينه.. قوليه لا تلفين وتدورين كذا!!
بروحي تعبان من الصلبة في عرس علي..
حينها وقفت مزنة لتقابله وهي تهمس بحدة حازمة: ليه أنت قلت لي شيء..
عشان أقول لك شيء..
ثم حين أنهت عبارتها استدارت لتغادر.. لتوقفها قبضة زايد التي انتزعت عضدها بقوة وهو يشدها ليديرها ناحيته بطريقة حادة آلمتها في عضدها
وهو يهتف بغضبه الحازم المتماسك:
ما اسمح لش تعطيني ظهرش وأنا أكلمش..
حينها تفجر غضب مزنة المتجمع منذ بداية الليل وهي تشد عضدها بقوة من يده وتهتف بغضبها الحاد المتفجر:
وأنا ما أسمح لك تمسكني بذا الطريقة.. وذا المرة بأعديها عشان خاطر علي بس وأنك تعبت في عرسه...
لكن لو تكررت إنك تمد يدك علي بأي طريقة.. بيكون تصرفي شيء مايخطر على بالك أبد..
مهوب أنا اللي تنمد علي يد عقب ذا السنين كلها..
وإن كنت عديتها لك وأنا بزر..
ما أعديها لك الحين!!
بعثرت الصدمة تفكير زايد وهو ينظر لها بذهول حقيقي: مزنة تهدديني..؟؟
مزنة ابتعدت لتجلس على طرف السرير وهي تهمس بحزم واثق:
ما أهددك.. محشوم يا أبو كساب.. بس أحط النقط على الحروف..
ثم أردفت بذات الحزم الواثق وبنبرة مقصودة جدا:
ومتى ما بغيتني أرتب شنطتك قل لي.. إلا لو أنت مرتبها من زمان ومخليها في المطار!!
حينها علم زايد سبب غضبها.. ولكنه بالفعل مازال مذهولا.. مذهولا بمعنى الكلمة.. ذهوله منعه من التصرف كما يجب..
فهو من ناحية ... كان يشعر بدغدغة لذيذة ما..
وهو يرى حدتها القديمة وسلاطة لسانها تتدفق أمامه.. تماما كما كانت في صباها..
وكأن الأيام لم تنقضي!!
كأنها لم تنقضي!!
ولكن الغريب.. الغريب..!!
من ناحية أخرى..أن تصرفها المتحدي مطلقا لم يرضيه ولم يعجبه..
يكره أن تتصرف معه زوجته بهذه الطريقة الحادة وهي تضع رأسها برأسه..
وخصوصا أن مزنة عودته الأيام الماضية على أقصى درجات اللطف والاحترام بل والتبجيل!!
فأين كانت تخفي هذه الحدة كلها؟؟
****************************************
" عسى ماتعبتي الليلة؟؟ "
كان هذا سؤال كساب لكاسرة التي تمددت جواره بعد أن أنهت قيامها ووردها..
أجابته بسكون: لا ماتعبت.. بالعكس.. العرس كان رايق ويجنن مثله مثل المعاريس..
مد ذراعه لها دون أن يتكلم.. فاقتربت هي أيضا دون تتكلم ووضعت رأسها على عضده.. ليحتضنها بخفة..
لا فائدة من المعارضة.. فهذا الرجل غير قابل للإصلاح...
عدا أنها تعلم مهما كان فرضه لرأيه يضايقها.. فهي لن تستطيع النوم براحة إلا قريبا منه..
وإلا فأنها ستعاني الأرق والكوابيس التي تعانيها بعيدا عنه!!
همست برجاء ووجهها يختبئ قريبا من عنقه: كساب قل لي تكفى.. ليش انسجنت؟؟
والله العظيم ما أقول لأحد.. تشك إني ممكن أطلع أسرارك..؟؟
بس تكفى ريحني..
كساب أجابها بحنان مرهق وهو يمسح على شعرها: أدري إنش ماراح تقولين لأحد..
بس صدقيني السالفة كلها ماتهمش.. لا تلحين يا بنت الحلال..
أنا ما أدري متى بتصيرين تأقلمين مع طبايعي..
أنتي تدرين إني لو عندت في شيء ما أحب حد يناقشني.. ليش دايما تبين تطلعيني من طوري؟؟
حينها همست كاسرة بعمق: وأنت متى بتفهم إني ما أقدر أتأقلم مع حياة الغموض اللي أنت معيشني فيها..
أشلون نعيش حياة طبيعية وأنت حاط بيننا ذا الحواجز كلها؟؟
كساب صمت بيأس وهو يشدها أكثر لصدره..
وهي متى ستفهم أن يريدها أقرب من أنفاسه دون أي حواجز..
ولكن هذا مايقدر عليه..!!
فعلا هذا مايقدر عليه مع كل التعقيدات في شخصيته وحياته!!
********************************************
كانت مستغربة من طول صلاته فعلا..
فهي استحمت وصلت وقرأت وردها.. وهو مازال قائما يصلي..ويدعو ويبتهل.
ومضى له أكثر من نصف ساعة الآن وهو يقرأ القرآن
كيف يستوي أن شخصا عابثا مثله يصلي هكذا صلاة ويعرف الورد؟؟
" تمثيل يا الخبلة.. يمثل.. وإلا واحد مثل هذا يعرف صلاة وإلا قرآن!!"
كانت تجلس على الأريكة وهي ترتدي لها قميصا حريريا بأكمام طويلة بأطراف من الدانتيل..
فهي يستحيل أن تلبس عند هذا المخلوق المنحط الهمجي قميص نوم أو حتى بيجامة!!
هو كان يختم ورده وصلاته بعد أن أكثر من شكر الله الذي منّ عليه بالمغفرة وبنعمة وجود شعاع جواره..
ثم التفت لها.... ليبتسم وتبتسم روحه وهو يراها كزهرة ندية في غلالتها الزهرية وشعرها المبلول مازال يتناثر على كتفيها..
بدت له أشبه بلوحة خيالية لا يمكن أن توجد على أرض الواقع!!
فكيف يكون على أرض الواقع هذا الحسن.. وهذه البراءة.. وهذه الفتنة؟؟
اقترب ليجلس قريبا منها.. لتتأخر هي بجزع..
حينها تأخر هو قليلا وهو يشعر أنه يقهر روحه لأقصى درجات القهر ليبعد نفسه عنها..
بينما يشعر أنها كالمغناطيس الذي رغما عنه لابد أن يلتصق به..
همس علي بيأس: شعاع ياقلبي أنتي.. يانور عيوني.. أدري إني غلطت يوم خوفتش مني.. بس غصبا عني..
لا تخلين ذا الشيء حاجز بيننا.. تكفين.. أنا ماهقيت إني بشوفش قدامي..
لا تخربين علينا شهر عسلنا عشان غلطة صغيرة والله ماقصدت أضايقش فيها..
شعاع بصدمة: غلطة صغيرة؟؟ وشهر عسل؟؟
أي عسل هذا اللي في ظنك إني ممكن أعيشه وياك؟؟
ثم أردفت برجاء طفولي عميق: تكفى علي.. أنا بسافر معك لعلاجك.. وماراح أقول لأحد شيء..
بس تكفى لا تجي جنبي.. وإذا رجعنا طلقني.. تكفى!!
علي قفز وهو يرتعش بشدة.. وكلماته تتبعثر بصدمة كاسحة: نعم .. نعم؟؟
أطلقش؟؟ أنتي صاحية؟؟
أخليش عقب ما لقيتش؟؟
شد له نفسا عميقا وهو يحاول التماسك رغم أنه يشعر أنه سينهار..
وكل الطاقة التي في جسده كما لو كانت سُحبت فجأة ككقنديل سُحب ضوءه فجأة..
همس بنبرة تهدئة مرهقة: اسمعيني زين شعاع..
ماراح أجي جنبش إلا برضاش...
بس تكفين طاري الطلاق ذا ما تجيبينه حتى لو كنتي ماتقصدينه.. سمعتيني..
لا تستعجلين.. يمكن تكونين أرملة أقرب..
شعاع انتفضت بجزع..
" يعني عارف إنه مريض لدرجة إنه ممكن يموت
ومع كذا يركض وراء شهواته لين آخر لحظة!!
أعوذ بالله من مثل ذا الإنسان!!
أعوذ بالله!! "
علي أنهى عبارته ثم توجه للسرير وأندس فيه وهو يتمتم بالأذكار..
مثقل بإرهاق غير طبيعي...
إرهاق نزع منه إحساس الحياة المذهل الذي شعر به يتدفق إلى عروقه إلى درجة الأمتلاء المتفجر حين رآها أمامه..
فالطاقة الروحية المتدفقة التي شعر بها جابهها الآن رغما عنه يأسه وصدمته وضعف جسده فعلا..
فآخر غذاء دخل لعروقه هو الجلوكوز الذي عُلق عليه هذا الصباح!!
"يا الله.. وش فيها عليّ؟؟
يعني تهورت وضميتها وحبيتها.. يكون سبب عشان تطلب مني الطلاق؟؟..
والله العظيم ما أبي منها شيء.. تكفيني شوفتها..
بس شوفتها برضاها وهي مبسوطة .. مهوب وهي مجبورة وتبكي!!
يا ربي...
تكون وافقت علي مغصوبة؟؟!!
أو زعلت لأني مهما كان عرضت على وحدة الزواج وهي على ذمتي؟؟!!
بس هي ماقالت لي وش سبب زعلها؟؟
ما على لسانها إلا.. لا تقرب مني!!
ياقلبي ما أبي أقرب..
.
إلا أبي أقرب وأبي أكون أقرب أنفاسش!!
يا ربي بأستخف.. بأستخف "
تنهد بعمق وهو يحاول إراحة جسده المنهك..
ورغم كل شيء.. كان يغلق عينيه وعلى شفتيه إبتسامة شفافة..
فهو لم يتخيل ولا حتى في أكثر أحلامه جموحا وبعدا عن التصديق أنه قد ينام وهي معه في ذات المكان..
إنه قد ينام وروحه قد سكنت بمعرفتها.. بل بضمها لصدره بعد كل أيام الشقاء والقهر واليأس..
لا بأس.. لتخف منه الليلة..
الايام طويلة.. ومادامت أنفاسه تردد..
تكفيه بالفعل رؤيتها أمامه رغم كل التضادات والتعارضات!!
******************************************
كان يهز كتفها برفق وهو يهمس قريبا من أذنها:
" مزنة.. مزنة !! "
انتفضت بعفوية وهي تهمس بحميمية عفوية ناعسة: لبيه حبيبي..
ابتسم هو أيضا بشكل عفوي عميق عميق عميق.. وهو يراها تعتدل بحرج أو ربما بعتب عليه وعلى نفسها قبله..
وهي تشد روبها من جوارها لتلبسه.. شد روبها من يدها وهو يقبل رأس كتفها ثم يهمس في أذنها بدفء:
أول مرة تقولين لي حبيبي..!!
مزنة شدت الروب من يده وهمست بحزم وهي ترتديه: وحدة قايمة من النوم نعسانة وماعليها شرهة..
ابتسم زايد وهو يحيط كتفيها بذراعه: زين خلي الشرهة علي..
وأنا آسف لأني ماقلت لش على السفر.. بس السالفة جات بسرعة
توها ترتبت أمس عقب ماطلعت من عندش ومالحقت أقول لش..
مزنة شدت نفسا عميقا لتهمس بعدها بحزم مختلط بالرقة:
أنا ما أبيك تعتذر زايد.. بس أنا جد تضايقت إني سمعت الخبر من بنتي!!
يعني كساب لقى وقت يقول لها.. وأنت مالقيت..؟؟
أنا اللي آسفة.. بس أنا لا قفلت.. صرت شينة ومخي يقفل..
ابتسم زايد وهو يشدد احتضانه لكتفيها: وعسى التقفيلات ذي مهيب واجدة بس؟؟
ابتسمت مزنة وهي تحتضن خصره: الله كريم.. أنت وحظك!!
" أما إنك غريب يازايد..!!
مهوب هذا اللي تبيه.. مزنة المقفلة الحادة!! مثل مزنتك في شبابها!!
ليه الحين ماعجبك تصرفها؟؟
.
ما أدري.. ما أدري..
مـــــا أدري!!..
يمكن ما قدرت أتقبل ذا الشيء من مزنة الحين
اللي عرفتها رايقة وهادية ورزينة!!
وبشكل عام ماقدر أتقبل إن مرتي ترادني.. وتطول صوتها عندي..
صدق إنك غريب يازايد!! "
زايد هتف بحزم حان: زين مزنة.. أبيش تتصلين بشعاع وتسألينها عن حال علي لو زين.. أو بأمر أوديه المستشفى..
لأني لو كلمته بيقول مافيني شيء...
ابتسمت مزنة وهي تقف: شوي زايد بأتصل فيهم عقب ساعة..
يمكن مابعد قاموا الحين!!
************************************************
تنهدت بعمق وهي تنهي اتصالها مع مزنة..
أكثرت مزنة عليها من الوصايا التي أرهقت روحها البريئة الشفافة..
" علي مريض.. وما يأكل
وهذا سبة مرضه..
حاولي فيه يأكل.. لأنه لو ماكل بيجي أبيه يوديه المستشفى يركبون عليه مغذي.."
مع إنهاءها للاتصال كان علي يخرج من الحمام وهو يستند بإرهاق على باب الحمام..
كان يبتسم بإرهاق وابتسامته تتسع وهو يراها أمامه إشراقها أكثر من إشراق شمس هذا الصباح..
وبهجة رؤيتها تبعث في روحه سعادة أكثر من أقطار الأرض الأربعة!!
كان على وشك سؤالها من كان يتصل بها .. لولا أنه ترنح ثم سقط مغشيا عليه دون مقدمات..
شعاع قفزت بجزع ناحيته وهي تجلس على الأرض وترفع رأسه إلى حضنها..
كانت تربت على خده برفق وهي تهمس برفق جازع: علي.. علي..
لا تعلم كيف بدأت الأفكار المتعارضة تتوارد إلى بالها بجنون وهي تنظر لملامح وجهه وتحاول إيقاظه بجزع روحها المتزايد:
" ياربي أشلون واحد له ذا الوجه الحلو السمح اللي ماينشبع من شوفته ويكون كذا؟؟
صدق إنه تحت السواهي دواهي!!
.
يا ترا المرض اللي معه ممكن يكون ينتقل بالنفس؟؟!!
لا... لا ما ظنتي..
لأنه أكثر الأمراض هذي ما تنتقل إلا بالإتصال!!
.
يا ربي هذا وش فيه ما يقوم؟؟"
همست برقتها الجزعة: علي.. علي تكفى قوم..
فتح عينيه بضعف ليجد رأسه مسندا لحضنها وقريبا من صدرها..
كان بوده أن يدير رأسه ليدفن وجهه في ثنايا صدرها.. ولكنه منع نفسها حتى لا يخيفها منه ..
كل ما أستطاع فعله أنه همس بيأس مثقل بالولع:
ليتش تعرفين بس وش كثر أحبش...
أنا مهوب بس أحبش.. أنا أتنفس هواش..
عشان كذا الفترة اللي راحت كلها ماكنت قادر أتنفس..
توني قدرت أتنفس من البارحة بس!!
يا الله ياشعاع حرام عليش اللي سويتيه فيني قبل.. واللي تسوينه الحين..
رغم أنها تعلم أنه يكذب.. ولكنها لم تستطع منع قلبها البريء الغبي من الارتعاش..!!
فهي لأول مرة تسمع مثل هذا الكلام.. وبهكذا نبرة تذيب القلب فعلا!!
همست بتوتر خجول: ما تبي تتريق؟؟
ابتسم بإرهاق: ما أبي.. تكفيني شوفة وجهش قدامي ياقلبي!!
حينها شعرت شعاع بالصداع وهي تهمس له بنبرة خجولة رقيقة:
خلاص ما تبي تأكل.. ماني بماكلة.. مع إني بأموت من الجوع..
حينها همس بحنان وهو يعتدل جالسا: لا خلاص بأتريق بس تعالي سنديني مافيني حيل أقوم..
لا يعلم هل هو فعلا يحتاج لمن يسنده؟؟ أم هي حيلة العاشق غير المقصودة؟؟
شعاع همست بخجل عميق وهي تخشى أنها قد لا تستطيع أسناده:
خلاص حط يدك على كتفي..
أحاط كتفيها بذراعيه.. وهو يقف معها متوجهان للجلسة..
الرحلة القصيرة كانت بالنسبة لها أشبه برحلة عذاب كريهة وهو ملتصق بها هكذا..
وماخفف عنها لا تعلم كيف.. رائحة عطره.. كانت رائحة تسبب الدوار الأشبه بالغيبوبة العذبة..
شمت رائحة عطور والدها وعبدالرحمن وكلها من العطور الفخمة الفاخرة..
ولكن لم يكن لهما ذات تأثير عطره... شفاف.. أثيري.. فخم.. حنون!!
فما هو سر عطره؟؟؟ ماسره؟؟
هو كان يشعر أنه سيذوي فعلا وهو يشتم عبق رائحتها من هذا القرب...
ويشعر بليونة عظامها تحت ذراعه..
تمنى هو ألا تنتهي هذه الرحلة أبدا..
ولكنها انتهت وهي توصله للمقعد وتبتعد عنه هاربة وهي تجر أنفاسها المحتبسة!!
كانت تنظر له بيأس..
يبدو اليوم مريضا فعلا..
ستقوم بواجبها ناحيته كما يفترض من اي زوجة..
لكن كل ماتريده ألا يفكر أن يقترب منها أبدا!!
همست برقتها التلقائية وهي تقرب طاولة الفطور : دام أنك ماكنت تاكل الأيام اللي فاتت..
كل بس شيء خفيف.. واشرب حليب طازج وبس..
ابتسم علي بولع شفاف: إذا شفتش تأكلين.. بأكل اللي بتعطيني إياه..
حتى لو عطيتيني المخدات كليتها بدون ما احس!!
********************************************
" وش عندش مصحبتنا من بدري يا المزعجة؟؟
إيه وش عندش سريتي البارحة من بدري مع أبو الشباب وجيتي تزعجينا الحين..
مهوب كفاية توني خلصت من أختش البارحة واقول بأسيطر على الشيبان ألاقيش ناطة!! "
جوزاء تضع حقيبتها وهي تشد حسن لتجلسه وتهمس لعالية بخفوت:
ياكثر بربرتش..
أمي شأخبارها؟؟
عالية حينها هزت كتفيها وهمست بسكون: ما أدري ماشفتها.. أنا قاعدة هنا من بدري عشان أقهويها.. بس هي مانزلت من غرفتها..
واستحيت أطلع لها..
بس مر علي أبيش يهاد ذبان وجهه..
جوزا بتاثر: إذا أبي يهاد وجهه.. أجل أمي وش مسوية؟؟
أنا بأطلع أشوفها.. حطي عينش على حسون..
عالية تشد حسن لحضنها وهي تهمس بنبرة مرعبة تمثيلية مضحكة:
خليه عندي لأني أبي أكله.. جوعانة ماتريقت!!
جوزاء صعدت لغرفة والديها وهي تسمع صوت ضحكات حسن المتعالية لأن عمته كانت تدغدغه...
طرقت باب الغرفة بخفة.. وفتحت الباب فلم تجد أحدا..
حينها علمت أين ستجدها..
توجهت لغرفة شعاع.. لتجدها هناك فعلا.. تضع ملابس شعاع المتبقية في حقائب.. وتبدو عيناها الباديتان من خلف فتحات برقعها متورمتان من البكاء..
جوزا جلست جوار والدتها على الارض وهي تضم كتفيها وتقبل رأسها وتهمس بتاثر عميق:
يمه الله يهداش ترا بنتش ماهاجرت.. ترا كلها خطوتين..
ثم حاولت أن تردف بمرح فاشل: الظاهر اشعيع أغلى مني بواجد..
ماسويتي كذا يوم رحت أنا..
أم عبدالرحمن لم تجبها حتى وهي مستمرة في وضع الملابس في الحقائب..
همست حينها جوزاء بذات النبرة المتأثرة:
زين أنتي الحين وش تسوين؟؟
أم عبدالرحمن أجابت باختناق: أبيش كان يفكر يسوي الطابق الثاني كله لعبدالرحمن.. بس حادث عبدالرحمن أجل الفكرة..
خلاص خليني الحين ألهى في ذا السالفة لا أستخف!!
بأنزل أغراضنا كلها في الغرف اللي تحت!!
جوزا تشد أمها بلطف: زين فديتش خلاص أنا والخدامات بنرتب الأغراض ونخلي العمال ينزلونهم..
أم عبدالرحمن برفض حازم: لا أنا أبي أشتغل بروحي!!
***************************************
" ياربي عليش ياجميلة..
يعني إلا تجيبني هنا وصباحية عرس أخي..
حاسة إني بأموت من التعب"
جميلة تبتسم وهي تخلع نقابها وتضعه جواره: أي صبح حن الحين عند الظهر..
وبنشرب الحين كوفي وبتصحصحين..
مزون بتأفف: تدرين بعد إني ما أطيق اللاندمارك بكبره..
جميلة تبتسم: شأسوي متعودة أفصل عباياتي في المتحجبة هنا.. تعودت شأسوي..
خلينا الحين نتقهوى.. وعقب نأخذ عباتي ونمشي على طول..
مزون تبتسم بإرهاق: زين ماكان ينفع بكرة.. أنا عطلت خلاص بأوديش أي وقت..
جميلة تبتسم: لا ماينفع.. بكرة رفيقاتي مسوين لي بارتي صغير..
كانوا ينتظرون يخلصون امتحانات الجامعة وتوهم خلصوها.. وأبي ألبس عبايتي الجديدة..
مزون بذات النبرة المتأففة: زين كنت بأوديش الصبح.. والبارتي أكيد عقب العشاء..
ابتسمت جميلة: لا البارتي العصر.. لأنه أمي مارضت يكون في الليل..
وبعدين أنا بكرة من الصبح مشغولة..
أبي أسوي لنفسي حمام مغربي وأدلع نفسي صايرة خبيرة حمامات مغربية من القعدة البطالية..
وعقب بتجيني الكوافيرة تسوي شعري وتسوي لي بديكير منيكير يالله ألحق أخلص على العصر..
ضحكت مزون: أما أنا بصراحة ماشفت وحدة تهتم بنفسها كثرش..
وش الحمام المغربي اللي صايرة تسوينه لروحش كل أسبوعين..
لو منتي بملاحظة جلدش قرب يسيح من النعومة.. وانتي أساسا ذايبة على روحش من خلقتش!!
قالتها مزون وهي تشد معصم جميلة البالغ النعومة تتحسه بمرح.. جميلة شدت معصمها وهي تهمس بمرح: الله أكبر عليش..
قولي ماشاء الله.. خليني أهتم بنفسي وش وراي..
أنا أساسا كنت أنتظرش تخلصين جامعة عشان أستلمش شوي..
إذا ماخليت كابتن غانم يستقيل ويقعد جنبش.. قولي جميلة ماقالت!!
مزون بخجل: صدق قليلة أدب.. تحشمي يا بنت.. أنا أكبر منش بـ3 سنين ياقليلة الحيا!!
كان الحوار مستمر بين الاثنتين وهما ترتشفان قهوتيهما في مقهى أوبرا القسم النسائي..
كانتا على وشك الانتهاء حين دخلت فتاتين.. أحدهما تدفع عربة طفل صغير عمره حوالي 9 أشهر..
انتفضت جميلة بشفافية وهي تتعرف على الطفل..
الذي عرفته من الصور الكثيرة التي رأتها.. وعرفته كذلك من عربته وملابسه!!
فهذه العربة بل حتى الملابس التي يرتديها والتي تشكل طقما مع العربة هي من اشترتها له من محل لايوجد أبدا في قطر !!
والغريب أنهما جلستا في أقرب طاولة لمزون وجميلة..
مزون همست لجميلة باستغراب: وش فيش كن القطوة كلت لسانش؟؟
جميلة باختناق متوتر: مزون خلاص خل نحاسب ونطلع..
أشارتا للنادلة أن تأتيهما بالفاتورة..
بينما كانت الفتاة الثانية تهمس بتأفف رقيق لأم الطفل: الله يهداج أم أحمدوه.. أخاف أطول على خليفة.. قلت لج خل نأخذ أغراضي ونطلع..
بس أنتي إلا تيين هني..
جميلة شعرت بالصداع وهي تسمع حوارهما بهذا الوضوح ومع سماعها لاسم خليفة زاد صداعها..
ابتسمت أم أحمد: يعني أنتي ساحبتني معاج تقولين تبين أغراض.. وحتى قهوة حرام تشربيني..
أنتي مامليتي من مجابل ويه خليفة طول هالأسبوع اللي فات.. حتى سفر ماسافرتوا..
خلاص فكي عنه خله يتوله عليج يا المسبهة..
ابتسمت العروس برقة: ياربي منج.. صج الرازق في السما والحاسد في الأرض..
ما ألوم جاسم يشرد من ويهج النكد..
جميلة قفزت وهي ترتدي نقابها وتهمس لمزون باختناق: خلاص أنتي ادفعي وتعالي لي في المتحجبة..
مزون كانت تنظر لها باستغراب وهي تهرب متعثرة في خطواتها.. وهي تركض باتجاه الدرج..
كانت تهمس في داخلها.. " لن أبكي.. لن أبكي.."
(خلاص الله يهنيه!!
دامه مبسوط.. أنا ما أبيه إلا مبسوط
أنا ماقدرت أسعده ولا أملأ عينه..
الله يهنيه!!
الله يهنيه!! )
كانت تكرر عبارة (الله يهنيه) دون أن تشعر بانحدار دموعها الشفافة التي أغرفت نقابها..
مشاعر حزن شفافة تغزو قلبها.. وكأنها تُجبر على أن تطوي صفحة من حياتها لم تكن تريد أن تطويها بعد!!
***************************************
" أنت من جدك سقت سيارتك من الفندق لين هنا؟؟"
علي ببساطة: إيه وش فيها؟؟
زايد بغضب: لا والله منت بصاحي.. لو أنك دعمت في الطريق لا قدر الله..
أنت فيك حيل تسوق؟؟
علي يبتسم: ما أشين فالك يبه..
زايد يتنهد: يأبيك ما أفاول.. بس أنا تروعت يوم طلعت ومالقيت سيارتك..
وتروعت أكثر يوم قالوا لي العمال إنك اتصلت وطلبت واحد منهم يجيب سيارتك للفندق..
علي بذات الابتسامة الودودة: زين مرتي تبي تروح تشوف أهلها.. أوديها على تاكسي؟؟
ابتسم زايد بأبوية: يا النصاب.. السواق اللي جاب لك السيارة كان جابك أنت وياها..
علي بذات ابتسامته المحلقة: يعني أول مشوار لي أنا ومرتي ويودينا سواق...
شايفها حلوة في حقي؟؟
إحساس دافئ غريب يتعاظم في روح زايد بدأ منذ رأى علي يدخل عليه هذا المساء.. هتف بدفء حان:
يأبيك وجهك متغير.. وضحكتك ماشاء الله مافارقت وجهك...
الظاهر إن شوفة بنت فاضل جايبة نتيجة غير متوقعة..؟؟
ابتسم علي وهمس بنبرة مقصودة تماما: فوق ما تتصور يبه!!
زايد مستغرب تماما.. الفتى كان سيموت من العشق وفور رؤيته لزوجته بدأ يتحسن..
أما مازاد في استغرابه فعلا أن عليا أشار للمقهوي: يا ولد قرب الفوالة..
وصب لي قهوة أنا وعمك زايد..
كان زايد ينظر له بذهول حقيقي وهو يراه يلتهم نصف حبة المعمول ويرتشف فنجانين من القهوة..
ثم يضع فنجانه وهو يهتف بمودة باسمة: لو علي أنا كان كلت الصحن كله.. وشربت الدلة كلها..
حاس لي سنين ماشربت قهوة..
بس ما أبي أثقل على بطني وأنا توني ماتعودت على الأكل..
زايد سأل بصدمة سعادته غير المعقولة: يأبيك أنا أفرح ماعلي أشوفك تأكل وتشرب..
وأنا اللي كنت بأموت عشان أشوفك تشرب ربع قلاص عصير..
بس يأبيك ماحد يتغير في يوم وليلة.. إلا لو صارت له معجزة..
علي بنبرة مقصودة جدا: ويمكن اللي صار معي معجزة!!
زايد يتنهد بعمق سعادته المحلقة التي شعر توشك أن تفجر حناياه: الله يديم المعجزات عليك يأبيك.. وش معجزتك أنت؟؟
علي بأبتسامة مقصودة: تقدر تقول إن مرتي دخلت مزاجي وعقب عدلته لين آخر جد..
زايد بصدمة: يأبيك حدث العاقل بما يعقل.. هو مزاجك مثل الزر اللي يشغلونه ويطفونه..
ثم قطع زايد كلامه وهو يردف بسعادة حقيقية وابتسامة متسعة جدا:
خله يكون زر.. مايهمني.. المهم إنك مبسوط..
مبسوط يأبيك؟؟
علي بسعادة حقيقة: مبسوط شوي على اللي أنا حاس فيه!!
شعر زايد حينها أن شرايين قلبه تكاد تتهاوى من فرط ضغط السعادة وهو يهمس بتأثر رجولي:
لازم أقوم أصلي ركعتين شكر الحين!!
وفعلا نهض من مكانه قبل أن يردف باهتمام : شوفتك نستني وش كنت أبي أقول لك..
خلاص رحلتنا بكرة العصر إن شاء الله..
ابتسم علي: تقصد رحلتي أنا ومرتي..؟؟
زايد ضحك: ماتبي خوتي يا الهيس؟؟
علي بمرح: خوتك على الرأس والعين.. بس حد يأخذ أبيه في رحلة شهر عسل..
حينها تغير وجه زايد للقلق الجدي: علي الله يهداك وضعك الصحي أنت عارف إنه تعبان.. ولازم يكون معك حد...
لو تعبت هناك..البنية المسكينة بتبلش فيك!!
علي بإصرار: يبه أنا أعرف أتصرف زين.. أنا واحد شغلي كله كان برا.. ماني بعارف أتصرف يعني..
زايد يحاول اقناعه: يأبيك ماقلت إنك منت بعارف تتصرف..
بس أنا ما أقدر أخليك وأنت وضعك كذا..
علي بإصرار حازم: أرجوك يبه.. خلاص.. قلت بسافر بروحي..
وأوعدك أخلص فحوصي كلها لا تحاتي..
******************************************
كانت شعاع غاية في التألق والتأنق وهي تبالغ في التزين حتى لا يلاحظ أهلها شحوب لونها..
أما توترها فهي تعلم أنهم سيرجعونها لخجل العرائس الطبيعي!!
جوزاء تقرص جنبها بمودة وهي تهمس بحنان: العرس يخلي البنات حلوين كذا؟!!
همست شعاع بذبول فسروا نبرته المنخفضة بأنه خجل: مثلش..
هذا أنتي من عقب رجعتش لعبدالله وأنتي محلوة بزيادة!!
همست جوزاء في أذنها بخفوت: علي شأخباره معش؟؟
شعاع تتلاهى عن إجابة سؤالها بسؤال آخر: أمي وين راحت؟؟
جوزاء بحنان: أمي شكلها بتسوي لش العشاء بنفسها.. ياربي نفسيتها زفت من الصبح توها زانت يوم شافتش..
شعاع بتأثر: فديت قلبها.. زين علوي أم لسانين مامنها فايدة تخفف عن أمي..
جوزاء تبتسم: المسكينة تحاول.. بس أمش مقفلة من الضيقة..
شعاع قطبت جبينها بتساؤل: إلا عالية وين راحت؟؟
جوزاء بتلقائية: اتصل فيها عبدالرحمن وقال لها إن خالها بيجي يسلم لها وراحت له في مجلس النسوان..
*****************************************
وإن كانت شعاع تأنقت للتظاهر.. فهناك عروس أخرى تأنقت لإحساسها الحقيقي بالألق والسعادة..
نايف ينظر لها بنظرة مقصودة من تحت أهدابه: ماشاء الله نفسيتش جايه على العرس..
منورة من قلب وشدوقش تقولين إعلان معجون أسنان!!
عالية تضحك: تنظلني يا الدب؟؟ يعني غاط من يوم عرسي.. ويوم طلعت جاي عشان تنظلني..
نايف بذات النبرة المقصودة تماما: والله ماشفتش فقدتيني.. ولا كلمتيني..؟؟
مشغولة الله يعينش..
عالية بعفوية: لا تزعل مني فديت عينك.. بس والله لهيت مع البنات في تجهيز عرس حماتي وتوها تزوجت البارحة...
نايف بذات نبرته المقصودة المريبة: مبروك إن شاء الله.. وعقبال مايصير عندكم عرس ثاني..
ضحكت عالية: خلاص خلصوا.. إلا لو عمي فاضل يبي يجدد شبابه..
نايف يكمل بذات النبرة: فيه من هو أصغر من فاضل..
تدرين علوي الطبخة عجبتني مـــــوت!!
عالية باستغراب: أي طبخة؟؟
نايف بتلاعب: يووووه أقصد حركة عبدالرحمن يوم أحرج خالد.. وحركة عطني وجهك وتم..
ذكرتني بسوالف أمي الله يرحمها...
عالية شعرت بخجل رقيق فلم تعرف ماذا تقول وصمتت ولكن نايف لم يصمت فهو لديه ماخطط تماما ليقوله:
تدرين علوي.. عبدالرحمن على حركته المنقرضة.. خلاني أشتهي أسوي حركة أكثر انقراض..
عالية باستغراب: أي حركة؟؟
نايف بنبرته المقصودة المتلاعبة الحازمة:
تذكرين يوم كانت أمي تسولف لنا.. عن إن الرجال أول كان أحيانا إذا طلق مرته.. يقول (ترا فلانة طالق من وجهي في وجه فلان)
عشان يجبر الرجّال الثاني إنه يأخذ مرته... وفضيحة عليه لو ماخذها وطليقها علقها في وجهها...
عالية لم ترتح مطلقا لنبرة نايف وهي تهمس بغضب: وش لازمة ذا الحكي الفاضي..؟؟
نايف بحزم بالغ مرعب: مهوب فاضي.. لأني باطلق وضحى وبأطلب من عبدالرحمن يأخذها!!
وبأحرجه وأحده على أقصاه عشان يأخذها!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
يا الله نجمتنا اليوم للحلوة (يا الله الخيرة) لأنها اللي جابت سبب خوف شعاع من علي
فيه بالضبط ثنتين غيرها قالوه بس هي كانت أول وحدة...
مبروك ياحضرة الملازم.. علقتي النجمة !!
.
.
|