كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس و السبعون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يامساء الشوق وكل كل كل الشوق
ولو أنتو اشتقتوا لي جرام فأنا اشتقت لكم بالأطنان :)
وأدري عن شوقكم وكنت أقرأ ردودكم
وللمرة الثانية أعتذر من اللي تضايقوا لحذف ردودهم
بس المنتدى عنده سياسة خاصة للردود أرجو أنكم ترجعون لها حتى تعرفون ليه الردود تنحذف
وأبدا مافيه عضو مقصود بذاته.. الأعضاء كلهم سواسية..
فخالص اعتذاري لكم.. ومايصير خاطركم إلا طيب..
وفالكم طيب يامال الطيب..
.
.
ما أبي أطول عليكم أكثر من كذا.. لأني أدري أنكم مشتاقين للبارت موب لهذرتي :)
.
بارت خاص جدا جدا جدا.. خاص بشخصين فقط
بأحداث متسارعة غير متوقعة..
قد يكون أشبه بقطعة شكولاته بلجيكية دافئة بعد غفوة ساكنة :) !!!
.
استمتعوا به رويدا رويدا
.
الجزء 75
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولاقوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والسبعون..
تجلس في زاوية الغرفة على الرخام البارد..
تحشر نفسها في الزواية وبرودة الحوائط والرخام تتسرب لجسدها وقدميها الحافيتين..
تحتضن رجليها الملصقتين بصدرها وتدفن وجهها بين ركبتيها..
وبقربها هاتفها المحطم إلى أشلاء متناثرة.. تماما كما فعلت بقلبها قبل قلبه..
و
تـــنـــتـــحـــب!!
تنتحب كما لم ينتحب مخلوق قبلها.. تنتحب بهستيرية.. وبصوت عالٍ !!
ولكن صوتها لم يتجاوز أسوار غرفتها لأنها كانت تجلس في الزاوية البعيدة ووجهها مدفون تماما بين ركبتيها..
محطمة تماما.. محطمة!!
بل وصف التحطم لا يتناسب مع حالتها المنهارة تماما..
هاهي انتقمت منه.. فــلــمَ ليست سعيدة؟؟
هاهي انتقمت من عبثه بها وبمشاعرها بينما قلبه مع سواها!!
اقنعت نايف أنها لا تريد الطلاق وأنها حريصة على زواجها حتى تقنعه بالزواج من وضحى..
بينما هي كانت تخطط للطلاق منذ البداية..
فكيف ترضى أن تتزوج برجل منحته كل مشاعرها حتى آخر نقطة ليصفعها برغبته بسواها دون رحمة؟؟
كيف ترضى بفتات مشاعره بينما هي منحته لب اللب؟؟
لا تعلم لماذا يتوقع منها الناس أن تكون بلا مشاعر لمجرد أنها قوية..
هل القوة كانت المبرر لينحر عبدالرحمن قلبها المتيم به وبهذه القسوة؟؟
تعلم أنه يستحق تماما ما فعلته به... بل حتى ما فعلته به لا يوازي جريمته في حقها..
فهو كان البادئ.. والبادئ دائما أظلم..
كما أنه نحرها بدم بارد وطعنها بكل وحشية في الوقت الذي كان صدرها مفتوحا تماما لطعنته غير المتوقعة..
لكن هي هيئته تماما لطعنتها.. الخطبة أولا.. ثم ملكة حبيبته.. ثم طلبها الطلاق..
تعلم أن من هان عليه أن يبيعها بهذا الرخص.. لن يهمه طلاقها..
ولكن ما يجرحها حتى نخاع النخاع أنها جرحته بطريقة بشعة وهي تعايره بعجزه..
قد تكون فعلتها مسبقا.. ولكنها فعلتها في لحظة غضب وهي حينما تغضب تضيع الإحساس بما تقول..
ولكنها الآن قالتها مع سبق الإصرار والترصد..
لم تكن تريد أن تفعلها أو تكتبها أو تقولها.. شعرت أن الكلمة كانت سكينا نحرها بوحشية..
ومع ذلك فعلتها لأنها أرادت أن تؤذيه كما أذاها..
ولكنها وهي تؤذيه آذت نفسها بشكل أعمق وأعمق وأحد وأكثر وجعا..!!
قد تكون فعلا تريد الطلاق.. فهي يستحيل أن توافق على العيش مع رجل مشاعره مع غيرها منذ البداية..
بل وكان يتلاعب بها بكل تقصد..
ولكنها.. لم ولن تستطيع أن تكرهه.. فحبه تغلغل حتى آخر خلية في روحها..
إذا كانت أحبته وهو مجرد جسد هامد لا حياة فيه..
فكيف لا تحبه وهو من كان يهمس لها بدفء كلماته ليشعلها من الوريد للوريد..؟؟
قد يكون عبدالرحمن لم يحبها كما أحبته..
ولكنها تعلم عنه شيء هي متأكدة منه تماما..
أن هذا الرجل الذي تجاوز الثلاثين.. أستاذ الجامعة.. الذي درس في الخارج
وله خبرة لا يستهان بها في الحياة..
يحمل في داخله روحا أشبه بروح طفل بريء!!
وإلا أي رجل يصارح زوجته أنه يفكر أن يتزوج عليها لأنه لا يريد أن يخدعها!!
وهي تعلم الآن ما فعلته بهذه الروح البريئة!!
مـزقـتــهـــا.. مزقتها تماما!!
************************************
" (مكسح) ؟؟
أ هكذا تراه؟؟
لماذا جرحك هذا الأمر لهذه الدرجة؟؟
ألست كذلك فعلا؟؟ (مكسح) ؟؟ "
كان يجلس بينهم وهو لا يشعر بأحد إطلاقا.. وشتان بين إحساسه بعدم تواجدهم قبل دقائق وإحساسه الآن..
يعتصر هاتفه بين يديه.. وهو يقرأ رسالتها للمرة الألف..
" تبين تطلقين يا عالية عشان ما تبين المكسح..؟؟
دامش وريتني وجهش الثاني اللي كنتي تحذريني منه
فخلي المكسح يوريش وجهه الثاني بعد..
وإذا أنتي تعرفين تخططين خطط طويلة
وتؤمنين إن الانتقام وجبة توكل باردة..
فالمكسح يفكر وينفذ فورا
وما أمسي بحرتي في قلبي!!
وأي حرة يا عالية؟؟ أي حرة؟؟
حرقتي القلب اللي ما انكتب على جدرانه اسم غير اسمش!!
والكلمة نفسها ما تهمني.. بأقول مرة مجروحة..
لكن أنتي خططتي ونفذتي وكنتي قاصدة كل شيء!! "
عبدالرحمن رفع صوته بنبرة جهورية حازمة بالغة الاحترام : عمي خالد..
الجميع التفت لناحية عبدالرحمن.. فالنبرة العالية التي نادى فيها عبدالرحمن عمه.. أشعرتهم بشيء غير طبيعي..
أبو صالح هتف بأريحية: نعم يأبيك..
عبدالرحمن بذات النبرة: طلبتك قدام ذا الوجيه الغانمة.. قل تم !!
أبو صالح انتفض بشدة لحميته التي تخللت عروقه وهو يهتف بصوت عال: تم.. يأبيك تم..
ولكن عبدالرحمن أعاد عليه التأكيد بطريقة أكثر استفزازا للحمية: وعطني وجهك ما تردني..
أبو صالح ماعاد حتى قادرا على الجلوس لاشتداد الحمية في عروقه.. وقف بحزم وهو يهتف بحزم أشد: ولك وجهي..
ليفجر عبدالرحمن قنبلته مدوية في أرجاء المجلس الواسع:
أبي أدخل على مرتي الليلة.. وذا الوجيه الغانمة يشهدون إنك عطيتني!!
أبو صالح هتف بذات الحزم: وأنا عطيتك.. وتم!!
أبناء خالد الثلاثة عبدالله وصالح وفهد ومعهم نايف تغيرت وجوههم..
وفهد كان يريد أن يقفز لشدة غضبه لولا أن صالح المجاور له أمسك به وأجلسه وهو يهتف بحزم خافت:
أص ولا كلمة.. أبيك عطى الرجّال.. وش أنت قايم له؟؟
فهد وجهه محمر من الغضب: وهذا سنع.. وين حن عايشين وأبيك يحسب روحه عاده عايش في البر..
بيهز الرواق على هل الشق ويقول ياعرب عندكم عرس الليلة
وش يدخل الليلة؟؟ وش خرابيطه؟؟ هذا كلام عقّال؟؟
زايد لاحظ الوجوم الذي حدث في المكان والجميع في مجلسه بعد أن حلف عليهم بالعشاء عنده بعد أن تمت الملكة في بيت تميم..
لذا لابد أن يتدخل الآن..
هتف بحزم قيادي:
عبدالرحمن يأبيك.. أبو صالح ما قصر وعطاك..
بس يابيك أنا طالبك تأجل سالفة الدخلة ذي أسبوع وإلا أسبوعين لين يتجهزون العرب..
عبدالرحمن بذات الحزم: طلْبتك على رأسي.. بس عمي خلاص عطاني..
وأنا شوفة عينك ماعاد حتى أقدر أطلع للمجالس..
وذبحتني الضيقة من مقابل الطوف.. وأنا ذا الحين أحوج ما أكون لمرتي..
كان أنها بتقدر توقف جنبي الحين.. وإلا ما أقدر أمسك بنت الناس وأنا ما أدري متى الله يكتب لي أمشي!!
وش تقول يا عمي؟؟ تعطوني مرتي؟؟ وإلا تشوفوني ماني بكفو لها؟؟
أبو صالح بحزم بالغ: إلا كفو وكفو.. ومهوب بناتنا اللي يقصرون في حق رياجيلهم لا اختبرهم الله من عنده..
والمرة مرتك.. ومالنا حق نردك منها...
والعرس كله خرابيط مالها معنى..
مر البيت عقب ما نطلع من هنا وخذ مرتك لبيتك..
وترا عشاكم كلكم عندي بكرة..
*****************************************
" يأبيك اللي سويته مهوب سنع!!
وش عرسه وأنت بذا الحال..؟؟
وخالد ماعنده إلا ذا البنت.. وأنا ماعندي ولد غيرك..
وش يضرك لو انتظرت لين تتحسن وعقبه نحدد عرسك ونسوي لكم عرس على قدركم عندنا؟؟"
عبدالرحمن تنهد بعمق.. وهو يجلس مع والده في المقعد الخلفي بينما السائق وأمجد في المقعدين الأمامية..
يعلم أن في تصرفه كم كبير من الأنانية.. بينما هو فعلا أبعد الناس عن هذه الصفة..
ولكنه مجروح.. وتصرف بتسرع.. أو ربما بغير تسرع فهو فعلا ماعاد فيه صبر على بقاءه على هذا الحال..
يريد أن تكون عالية لجواره.. ولكن لأنه غير أناني فهو لم يرد فعلا أن يربطها لجواره وهو مازال لم يتحسن..
ولكنها الآن أعطته المبرر القوي ليكون أنانيا وغاضبا ومجروحا..
لا تريد المكسح..؟؟؟
فلتنم في حضنه الليلة!!
فهي كان يجب ان تعلم أن هذا المكسح زوجها وأن له عليها من الحقوق مالا تتخيله..
قبل أن ترميه بطلب الطلاق وبمعايرتها له..
ماهي الجريمة التي ارتكبها لدرجة أن تفعل به كل هذا؟؟
أنه كان وفيا لصديقه وصريحا معها؟؟
لماذا لم تقل له بطريقة واضحة أنا حريصة عليك وأستطيع أن أدبر لوضحى عريسا ما دامت قادرة على ذلك..
كانت تستطيع أن تغضب كيف شاءت وهو من سيراضيها كما يفعل الناس الطبيعين..
ولكن أن تلف هذه اللفة الطويلة حتى تنتقم منه!!
طريقة مطلقا لا تتناسب مع شفافيته ولا حتى مع وضعه الصعب!!
عبدالرحمن هتف بحزم لوالده:
يبه جعلني فداك.. خلاص اللي صار صار..
وأنا فعلا تعبت من الوحدة..
إذا هم صدق يبون يعطوني مرتي وإلا خلها تروح في حالها..
بس إني قاعد معلق ومعلقها معي هذا اللي مهوب سنع!!
*****************************
" أص ولا كلمة..
أنت وش جابك معنا؟؟
أنت منت بجاي مع صالح؟؟ ليه ماذلفت معه؟؟"
أبو صالح يهتف بذلك بغضب لفهد الذي كان يرتعش غضبا منذ سمع عبدالرحمن
وركب مع والده في سيارة عبدالله حتى يفرغ بعضا من غضبه..
فهد بغضب: يبه حتى الكلام ما نحكي.. محتر.. بأموت..
عبدالله بحزم غاضب: إيه احتر وموت.. وإلا بتقعد تراد أبيك بعد؟؟
فهد وجد له وجهة لتفريغ غضبه: إيه وش عليك.. نسبيك.. أفرح ماعليك تونسه
لكن أختك مالها قدر عندك..
عبدالله حينها هتف بغضب حقيقي: أص يا فهيدان..
أظنك عارف زين إني أقرب واحد فيكم لعالية..
وعبدالرحمن ما طلب إلا حقه اللي المفروض حن عرضناه عليه..
الرجال طلع من المستشفى تعبان ومحتاج اللي يقوم به..
أمه عجوز..وخواته أم حسن حامل وتعبانة.. والثانية أبيها طلع أخير منا وحلف تروح مع رجالها التعبان..
وحن اللي كان من المفروض نقدم الغانمة.. ونقول له مانبي عرس ولا خرابيط وخذ مرتك لبيتك..
لكن الظاهر إنك ماعاد تعرف السنع ولا السلوم ولا المراجل كون طول لسانك على أبيك وأخيك الكبير..
فهد ابتلع غيظه.. بينما أبو صالح هتف بحزم: صح لسانك يا أبو حسن..
الظاهر إني ما عرفت أربي عقبك أنت وصالح..
بس ترا الواحد ما يكبر على التربية.. وكان التربية ما نفعت..
فتراك ما كبرت على العقال.. أعلّم به جنوبك شوي..
فهد ماعاد يحتمل وهو يهتف بغضب: الحين لا قلت كلمة حق أستاهل العقال يعلم في جنوبي..
حينها هتف أبو صالح بحزم بالغ: عبدالله وقف السيارة!!
عبدالله أوقف سيارته دون تفكير وهو يصف جانب الطريق بينما أبو صالح هتف بحزمه الشديد:
انزل يا الرخمة.. والله ما تخاوينا..
البيت مهوب بعيد.. امش شوي ما يضرك..
فهد نزل فعلا وهو يغلق الباب بصوت مسموع.. بينما أبو صالح فتح شباكه وهتف بغضب: زين يا فهيدان.. وتصفق الباب بعد..
أما سنعتك فأنا ما أني بخالد آل ليث!!
*********************************
الطرقات تتعالى على باب عالية..
كان عبدالله هو الطارق وهو يهتف بحزم: عالية انزلي أبي يبيش الحين ضروري...
عالية انتفضت بجزع وهي تقف من مكانها الذي لازمته لأكثر من ساعتين لدرجة أن عظامها تصلبت من قسوة الرخام وبرودته..
وهي تهمس بصوت مبحوح: زين عبدالله نازلة الحين..
لتنتفض بجزع أكبر..
"والدها يطلبها ؟؟؟.."
نظرت لساعتها.. الساعة التاسعة والنصف مساء..
والدها بعادته.. حينما يصلي العشاء فهو لا يحب أن يخوض في حديث عدا التسبيح إلا إن كان مضطرا للحديث فعلا..
فما هو الحديث الضروري الذي يريدها فيه بعد عودته من ملكة نايف التي كان عبدالرحمن موجودا فيها..؟؟
سدت فمها بيدها حتى لا تخترق الشهقة روحها..
أ يعقل أنه فعلها بهذه السرعة؟؟ طلقها؟؟
لا يوجد تبرير آخر... عبدالرحمن طلقها !!
كانت تريد أن تنفجر بالبكاء فعلا..
فرغبتك بشيء تظنه في بالك.. مختلف تماما حينما يحصل..
أ يعقل أن ما بينها وبين عبدالرحمن قد انتهى؟؟!!
هذا الرباط الروحي المتين انقطع؟؟
ما عادت تربطها بعبدالرحمن أي علاقة؟؟
أ يعقل كل هذا الألم الذي شعرت به يثقل روحها لدرجة العجز عن التنفس؟؟
جمدت كل مشاعرها وأحاسيسها وهي تستبدل ملابسها وتغسل وجهها بماء بارد..
وتلف رأسها بجلال وتقربه من أطراف وجهها حتى لا ينتبه أحد لذبول وجهها..
فهي مهما كان عالية بنت خالد.. وستبقى قوية !!
و أ ليس هذا ما أرادته فعلا؟؟ أ لم تكن تريد الطلاق؟؟
هاهي حصلت عليه!!
عالية نزلت لوالدها..
كان يجلس في الصالة.. قريبا منه كان يجلس عبدالله ووالدتها..
انقبض قلبها تماما والعبرات تسد حلقها حين رأت الدموع التي تملأ عيني والدتها..
كان مازال في قلبها بعض أمل غبي لا معنى له.. ولكن حين رأت دموع والدتها علمت أن الامر فعلا حصل...
عبدالرحمن طلقها !!! طلقها!!
أما حين ناداها والدها بحنو لتجلس جواره وهو يهمس بحنان عميق:
تعالي يأبيش جنبي أبيش في سالفة..
حينها علمت أن مخاوفها حقيقة واقعة وأنها حتى وإن أرادت الطلاق كفكرة لرد كرامتها..
ما عادت تريده الآن حين علمت أنه حقيقة.. لذا دفنت وجهها في كتف والدها وهي تنتحب بعنف هستيري..
أبو صالح احتضنها بحنو حقيقي وقلبه يذوب لها.. يؤلمه قلبها أن يحرمها من فرحتها بحفل زواج كبقية الفتيات..
وهي ليست أي فتاة.. بل عالية!! عالية!! وحيدته ونبض قلبه!!
ولكن ماذا يفعل وهو يوضع في موقف يختبر طيب عاداتهم المتوارثة وحميته ورجولته؟؟
ويعلم أن ابنته قوية وصلبة وكل هذه رتوش لا تهمها..
وإن كانت ابنته عند ظنه فهي لن تخيب رأيه فيها!!
همس لها بذات الحنان الذائب وهو يظن أنه أصبح لديها خبرا بما أنها تبكي هكذا
ولأن عبدالله وصالح كلاهما أبلغا زوجتيهما فور معرفتهما بالخبر حتى تشتريا الأغراض الضرورية لعالية:
اسمعيني يا أبيش أدري إن الموضوع مهوب بسيط عليش..
بس وشأسوي يا أبيش.. عبدالرحمن حدني على أقصاي وخلاني أعطيه وجهي..
عالية تزايد نحيبها وهي تدفن وجهها أكثر في كتف والدها.. بينما أبو صالح يكمل بذات الحنو:
يا أبيش المجلس مليان رياجيل وماقدرت أرده.. وهو يا أبيش ترا ما طلب إلا حقه..
والمفروض إنه حن اللي قلنا له ذا الكلام قدام يطلبه...
وأنا ماني بغاصبش على شيء.. بس ما ظنتي إنش بتفشليني وتصغريني قدام الرياجيل..
عالية بدأ ذهنها يتشوش.. ماكل هذا؟؟ وماذا يقصد والدها؟؟
لتنصدم صدمة حياتها ووالدها يكمل: عشان كذا يا أبيش قومي تجهزي تروحين مع رجالش..
نجلا وجوزا بيساعدونش الحين تجهزين اغراضش الضرورية بسرعة..
وأغراضش الباقية بيرتبونها لش ويجونش بها بعدين..
وبالفعل كانت نجلا حينها تدخل.. عائدة من المجمع القريب .. بعد أن أنزلت جوزا في بيت أهلها..
بعد أن أخبرهما زوجيهما قبل أكثر من ساعتين حتى يشتريا لعالية شيئا مناسبا على عجالة..
فمرت نجلا بجوزا وذهبت بها..
واشتريا لها بشكل سريع قمصان نوم وبيجامات وملابس داخلية وبعض الأطقم الجديدة وهما تركضان في المجمع..
والاثنتان فعلا لم تكونا راضيتين بهذا.. فمن التي تتزوج بهذه الطريقة؟؟
حتى جوزا مطلقا لم تكن راضية بما فعله عبدالرحمن وهي تحاول وضع نفسها مكان عالية لتجد الأمر صعبا عليها..
ولكنها اتصلت فورا بشعاع لتجهز هي أيضا غرفة عبدالرحمن..
لتنزل لها الآن لكي ترتب الأغراض التي اشترتها لعالية في الغرفة..
وبما أن زواج شعاع بعد أقل من أسبوع فهي تقريبا كانت أغراضها جاهزة..
لذا قررت شعاع أن تضع مفرشها الفخم الذي كانت جوزاء قد اشترته لها لليلة زواجها لهما..
فهي مازال الوقت أمامها وجوزا ستشتري لها غيرها.. ولكن عالية المسكينة صدموها بهذا التصرف غير المعقول..
بل إن شعاع بأريحية وشفافية كبيرة علقت في الدولاب كثيرا من قمصانها وملابسها الجديدة ..
ونثرت على التسريحة عطورها وكريماتها المعطرة وبخورها.. وكثير من أدوات زينتها..
وكذلك فعلت في الحمام وأرجاء الغرفة.. وهي تبخر كل شيء وتعطره بعناية..
وحين دخلت جوزا بالأكياس الكثيرة ومعها خادمتين يحملونها.. فوجئت أن كل شيء تقريبا جاهز..
كغرفة عروس فعلا بأجواءها وترتيبها ورائحتها..
جوزا همست بتأثر وهي تختنق من تأثرها: شعاع يا قلبي وش خليتي من أغراضش..؟؟
ابتسمت شعاع بشفافية: الأغراض هذي أنتي اشتريتها في أسبوع.. ما تقدرين تشترين لي غيرها يعني؟؟
جوزا احتضنتها بتأثر: واللي خلق عيونش الحلوة لأشتري لش أحلى وأكثر منها.. وفي يومين بس..
جعل ربي يفرح قلبش مثل ما فرحتي قلب ذا المسكينة..
وجعل عين ولد آل كساب ما تشوف غيرش.. قولي آمين..
*******************************************
كانت نجلا ترتب حقيبة عالية على عجالة..
وهي عاجزة عن منع طوفان دموعها من الانهمار.. وهي تهمس بكلمات مختنقة أشبه بكلمات متقاطعة:
ترا والله عمي خالد انحرج من المجلس.. صالح قال لي إن عبدالرحمن ما خلا له مجال... وهو يطلبه قدام الرياجيل..
تكفين لا تتضايقين.. بكرة بنجي عندش ونسوي لش أحلى حفلة..
وبأرقص لش بكرشي..
وبجيب لش هدية ماصار مثلها ولا أستوى.. تكفين لا تتضايقين...
المهم توفيقش..
كانت نجلاء تنهمر بكلماتها المبتورة المتغرغرة بالدموع وهي تتحرك بتوتر في أرجاء الغرفة.. بينما عالية جالسة على طرف السرير غارقة في التبلد..
ختاما كانت هي من شدت نجلا لتجلسها وهي تهمس بذات التبلد:
نجلا بس.. اقعدي.. الشنطة خلصتيها من زمان.. وأنتي نفس الأغراض تدخلينها وتطلعينها..
ومن قال لش أنا متضايقة.. أنا متقبلة الموضوع ببساطة..
وفعايل أبو صالح فعايل رياجيل صدق وما تنلحق.. ومهوب أنا اللي أسود وجهه.. عشان خرابيط مالها داعي..
حينها كانت نجلا من انفجرت في البكاء وهي تدفن وجهها في حضن عالية..
عالية ربتت على كتف نجلاء المنكبة في حضنها وهي تهمس بذات التبلد:
تدرين عبدالرحمن كنه حاسس فيني..
كنت أفكر أشلون أنا بألبس فستان أبيض.. حسيته شيء غبي ما يلبق لي..
وأشلون بأمشي فيه؟؟.. مثل البطة!!
وأشلون أرسم نفسي عروس وأقعد باحترام وذرابة وأنا ما أعرف..
فخلاص تريحت وريحت رأسي من التفكير بكل ذا السخافات..
نجلاء تزايد انهمارها بالبكاء بطريقة هستيرية وهي تشهق: بس عالية تكفين اسكتي..
لا تقولين شيء.. مافيها شيء لا بكيتي.. ابكي وفضفضي..
عالية وقفت وهي تهمس بحزم: وليش أبكي.. أنا أبي أعرف وين المأساة في الموضوع؟؟
عبدالرحمن رجّالي صار له شهور طويلة..
المفروض أساسا أني رايحة بيته من زمان..
ويا الله نجلا كلمي صالح خله يوديني لبيت رجّالي..
نجلا تنظر لعالية بدهشة حقيقية: نعم؟؟ تبين صالح يوديش..؟؟
عبدالرحمن بنفسه بيجيش لين مكانش..
عالية بحزم شديد: عبدالرحمن وضعه مايسمح له يجيبني.. يجيني مع السواق؟؟
أنا أبي أروح بنفسي وأنتظره هناك..
" تحسب أنك بحركتك بتكسرني يا عبدالرحمن..؟؟
بتجي تأخذني وتلاقيني منهارة أبكي..؟؟
لا يا ولد فاضل..
ما عرفتني !!
أنا اللي بأروح هناك.. وبنفسي.. وأتعدل وأنتظرك مثل عروس..
ورني أنت أشلون بتمثل دور العريس !! "
*****************************
" عبدالرحمن لا تروح تجيب عالية خلاص"
عبدالرحمن يعتصر هاتفه ويهمس بصوت مبحوح: وليش ما أجيبها؟؟ أهلها غيروا رأيهم..؟؟
شعاع بابتسامة عذبة: لا بس عالية صارت هنا خلاص..
وتقول بس عطها ساعتين قبل تجي..
عبدالرحمن ألقى الهاتف من يده كأنها شعلة من نار أحرقت يده..
ليسقط الهاتف عن المقعد المتحرك الذي كان يجلس عليه في المجلس.. لأنه اتصل بالسائق حتى يذهب لإحضار عالية..
ماذا تقصد من هذه الحركة؟؟
أن تثبت له سيطرتها على الأمور؟؟ أو عدم اهتمامها بحركته؟؟
بالفعل يشعر أنه يجهل المرأة التي كان يظن أنه بات يعرفها أكثر من نفسه!!
وهو يرى الطريق أمامهما بات مليئا بالتعقيدات والعناد والخطوات غير المحسوبة!!
لا يعلم كيف قضى الساعتين حتى..
يتمزق بين أفكاره المتعارضة المؤلمة والجارحة..
والده غادره منذ فترة مجبرا.. بناء على حلف عبدالرحمن عليه لأنه يعلم أن والده يفضل النوم مبكرا..
والعمال ذهبوا للنوم أيضا.. فهو على كرسيه المتحرك ويستطيع تحريكه بنفسه حتى يصل لداخل البيت.. بعد أن وضع والده الممرات المسطحة على كل المداخل..
سيتصل بشعاع لتساعده فقط ليصعد لداخل البيت..
لا مشكلة حتى الآن في دخول البيت الذي دخله فعلا..
ولكن الـمـشـكـلـة....
أنه يقف الآن على أعتاب باب غرفته ولا يريد الدخول..
لا يريد الدخول فعلا !!!
عاجز عن توقع شكل المواجهة أو وطأتها وهو فعلا غير مستعد لها ولا بأي شكل!!
مازال يقف أمام باب غرفته..
يسب نفسه على تسرعه..
هاهو في خضم مواجهة هو غير مستعد لها إطلاقا..
هو غير نادم على التصرف الذي قام به.. ولكنه تمنى لو أنه قال لعمه أريد أن أدخل على زوجتي بعد أسبوع أو أسبوعين..
يكون تهيأ للأمر نفسيا..
وبهذه الطريقة يكون وصل لكل اهدافه..
أدبها على ما فعلته به..
وفي ذات الوقت استطاع أن يحضرها لتكون جواره..
لا يستطيع حتى أن يتخيل تقبلها له.. أو تقبله لها...
نحن حينما نسمع عن شخص أو نتكلم معه دون مشاهدة نرسم في خيالنا صورة ما.. قد لا تكون حقيقية إطلاقا..
عبدالرحمن لأنه رجل منفتح التفكير كان يرفض أن يتزوج من محض شبح لا يعرفه..
بدأ بالكلام معها.. وكان يخطط لأن يطلب منها صورة لها على أن يراها ويعيدها لها.. لكي تكتمل الصورة في ذهنه..
حقيقة وفعلا الجمال لا يهمه إطلاقا ولا يشغل باله.. ولكن يهمه أن يعرف شكل المرأة التي ستصبح أقرب له من روحه..
لا ينكر أنه رسم لها صورة ما.. صورة تغلغت في تفكيره من خلال شبه أشقائها..
قد يكونون أولاد خالد آل ليث الذكور يتمتعون بوسامة استثنائية إلا هزاع.. ولكنه لم يستطع أن يتخيل أبدا أن عالية قد تكون جميلة بأي حال من الأحوال.. ولكنها ليست دميمة أيضا..!!
بل الغريب أنه شعر أنها قد تكون أقرب شبها لهزاع ولكن بالطريقة الأنثوية..
فالشباب كانوا يتدرجون في هرم على رأسه عبدالله ثم فهد ثم صالح... ثم يأتي هزاع متأخرا جدا في آخر الهرم..
فهزاع يتمتع ببنية جسدية ضخمة هي الأضخم بين أشقائه.. وتتصف ملامحه بالحدة والخشونة لأبعد حد..
ولأن عالية كانت حتى في حديثها معه تربط بينها وبين هزاع فهذا الربط بدأ يحدث في ذهنه تلقائيا..
وخصوصا أن عالية لم تكن تتمتع بأي أنوثة في الحديث.. الذي كان هو مفتاحه الوحيد لمعرفتها..
بالتأكيد يعلم أنها ليست ضخمة.. لأنه رأها بالعباءة الواسعة.. فطولها طبيعي كطول أي أنثى.. قريبة من طول شعاع مثلا!!
إذن فالصورة التي تكونت في ذهنه..
أن عالية عادية الملامح ولكنها (مملوحة) كما يُقال في اللهجة الدارجة.. أي وجه ترتاح العين لمرآه..
وفي ذات الوقت.. الأنوثة عندها هي في مستوياتها الدنيا..
ومع كل ذلك.. كان متأكدا أنها ستكون المخلوقة الأجمل في عينيه..
فمتى كان الجمال هو مقياس كل شيء في الحياة؟؟
ولكن مع هذا التعقيد الحاصل بينهما.. وهي تجرحه بدون رحمة..
يخشى أنها مهما كان شكلها فهو لن يبصر إلا مساوئها..
وهكذا هي النفس.. ما حسنته فهو حسن.. وما قبحته فهو قبيح!!
هـــــي في الداخل..
تسب نفسها على تسرعها أكثر منه..
بل تسب نفسها أكثر على ثقتها التي شعرت أنها تبخرت في الهواء..
فهي منذ وصلت لبيتهم.. رغم دفء ترحيب أم عبدالرحمن وشعاع وجوزا.. وهن يكدن يحملنها عن الأرض..
وهي تشعر أنها عاجزة عن التنفس.. أما حين وصلت للغرفة ثم تركنها فيها..
شعرت أنها سيغمى عليها...
كانت تظن أنها ستأتي إلى غرفة رجل جامدة.. تبدو كأرض حرب محايدة..
ولكن الغرفة كانت تبدو فعلا كغرفة عروسين في أبهى صورة..
فكيف استطاعوا فعل ذلك في أقل من 3 ساعات ؟؟
المفرش الأبيض البالغ الفخامة.. والشموع العطرية المنثورة في المكان.. والرائحة العطرة الدافئة..
وأكوام العطور والزينة على التسريحة..
أما حين فتحت الدولاب أغلقته بسرعة كما لو كان سيخرج منه عفريت وهي ترى أمواجا من الفساتين الجديدة.. والقمصان الفاخرة..
قررت أن تهرب للحمام وهي تنتزع فوطتها وروبها من حقيبتها.. تريد أن تستحم حتى تغسل جسدها من الحرارة والتوتر..
حين دخلت للحمام.. أصيبت بخجل أعمق.. حتى الحمام كان غارقا في فخامة استثنائية بطقمه الفاخر الجديد..
وهو يفوح برائحة الزيوت العطرية.. وغارق في أكوام الكريمات ومعطرات الجسد..
كادت تجن.. كيف فعلوا كل هذا في وقت قصير.. بل دون وجود وقت حتى؟؟
بل لماذا فعلوه وهم يسلبونها حقها في القوة والثقة ليجعلوها تشعر بالخجل والتزعزع كأي فتاة غبية؟؟
لم يخطر ببالها أن كل هذه الأغراض هي أغراض شعاع التي كانت جاهزة أصلا..
وكل ما احتاجته.. هو خادمتين معها لتنتهي من العمل كله في أقل من ساعة..
مع أنه لم يكن لها عقل لتفكر وهي تستحم.. ولكنهالم تستطع منع نفسها من الشعور بألم عميق..
وهي تلاحظ في الحمام بقرب المرحاض والمغطس وجود الألواح الحديدية التي توضع لذوي الاحتياجات الخاصة لتساعدهم على الحركة داخل الحمام..
حاولت تنحية الألم الذي غمر روحها لأقصاها وهي وتقرر أنها لابد أن تمشي في مخططها كما رسمت.. مع أنها ماعاد بها قدرة لا للتفكير ولا للتنفيذ..
صلت قيامها قبل أن تقوم بأي شيء وهي تدعو الله أن يقوي عزيمتها ويبعث في روحها القلقة السكينة..
ثم حاولت أن تهدأ وهي تقوم لتبدأ بتنفيذ مخططها..
بعد أن انتهت من تعطير جسدها وشعرها وتبخيرهما.. أخرجت فستانها الذي قررت أن تلبسه.. فستان زهري..
ضيق على الصدر ويتسع من الصدر بكسرات متعددة..
فهي بطبعها ولأنها نشأت في بيت كله شباب ثم عاشت سنواتها الأخيرة مع شاب كانت لا ترتدي إلا الملابس الواسعة..
وربما حتى هذا الفستان كانت تراه مخجلا.. ولكنه كان الفستان الوحيد الجديد الجاهز لديها لأنها كانت أعدته لزواج شعاع..
تركت شعرها المتوسط الطول يجف دون تمشيط وهي تمرر بعض الجل خلاله ليكون مموجا بطبيعية..
ثم رفعت أطرافه من الأمام بفراشات زهرية..
ووضعت زينة خفيفة.. اعتمدت على ألوان الزهر في مجملها..
لا تعلم حتى لو كان شكلها مرتبا وهي تنهي زينتها برشات كثيفة من العطر..
ولكن هذا ما استطاعت فعله وهي تنظر لساعتها وترى أن الساعتين اللتين طلبتهما من عبدالرحمن عن طريق شعاع قد انتهتا من أكثر من ربع ساعة..
كانت تجلس في الجلسة الصغيرة في الزاوية حين رأت الباب يُفتح..
شعرت أن قلبها يقفز إلى منتصف حنجرتها من الرعب والتوتر..
حاولت أن ترفع عينيها لتنظر له بتحدي و برود حتى تريه أنه لم ولن يكسرها..
ولكنها لم تستطع رفع عينيها عن يديها المتشابكتين وصوت دقات قلبها يكاد يطغى على صوت العجلات التي سمعتها تتقدم لداخل الغرفة..
هــــو... بقي أمام الباب لوقت طويل.. لا يعلم مدته.. ربع ساعة.. نصف ساعة..
يعصف به توجس عميق.. في داخله كره أن تراه بهذه الضعف.. وهو يدخل على كرسيه المتحرك..
وكأنها تتأكد بذلك مما وصفته به أنه " مكسح " !!!
أذى نفسي متزايد هو في غنى عنه..!!
ولكنه في النهاية وجد نفسه مجبرا على الدخول.. فحتى متى سيبقى أمام الباب؟؟
أ ليس من أراد جلبها لعنده؟؟ وهاهي عنده كما أراد تماما..
حين دخل لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها..
وإهانتها المرة تقفز فورا لذاكرته...
غمغم بسلام بارد وهو يتجاوزها للحمام.. لترد هي بسلام أكثر برودا..
وعبرتها تقفز لمنتصف حلقها وهي تتذكر حين سمعت صوته.. ماقاله لها في مكالمتهما الأخيرة..
وهو يطعن قلبها الطعنة التي حاولت أن تنحيها من تفكيرها فإذا بها تقفز لتحتل كل المساحات وهي تراه أمامها..
قضى في الحمام نصف ساعة قبل أن يخرج من غرفة التبديل وشعره يبدو مبلولا..
خلال الفترة التي قضاها في الحمام كانت رغما عنها تتساءل بألم شاسع:
كيف يتصرف في الداخل..؟؟
كانت تنظر له بطرف عينها وهي تراه يعبر من أمامها.. متوجها للسرير ودون أن يوجه لها كلمة واحدة..
نقل نفسه للسرير.. بدا له أنه عانى طويلا حتى استطاع فعل ذلك..
ولكنها لم تجرؤ على عرض المساعدة.. وهي تشعر رغما عنها أن كل حركة فاشلة يقوم بها تجعل قلبها ينتفض وهي تخشى أن يقع على الأرض خلال محاولاته..
وهي مازالت تسترق النظرات له وهي تراه يتوجه للقبلة ويصلي قيامه.. ثم يتناول مصحفه ليتلو ورده..
ثم يضع مصحفه جانبا.. لينظر أمامه.. دون أن يتوجه لها بكلمة..
شعرت بغضبها يتصاعد منها.. لماذا أحضرها هنا إن كان يريد أن يتعامل معها كأحد مقاعد الغرفة..؟؟
فهو لم يكن يحتاج لمقعد إضافي..
مرت دقائق صمت قبل أن يكسر هو الصمت وهو يهتف ببرود مقصود:
تراني تعشيت في ملكة خالش العزيز..
لو تبين تتعشين.. تعشي أنتي..
قالها وهو يشير بيده للعشاء المرتب على طاولة التقديم في الزواية..
حينها رفعت عينيها وهي تنظر له بشكل مباشر وترد ببرود أشد:
شكرا مالي نفس.. نفسي مسدودة طال عمرك..
حينها تجرأ لينظر لها.. فنبرة التحدي منحته عذرا ليقوي أعصابه..
حـــــيـــــــــنــــها...
تبعثرت مشاعره تماما..
فالمرأة أمامه شكلها مختلف تماما عما رسمه في ذاكرته..
لا تشبه أي واحد من أخوتها ولها شكلها الخاص بها..
قد تكون فعلا عادية الجمال.. ولكن ملامحها كانت عذبة وأنثوية ورقيقة لحد بعيد..
كانت فعلا في عينيه هو أنثى فاتنة وهي أمامه كزهرة عطرة متفتحة في أجمل فصول الربيع!!
لم يتخيل أن من لها هذا اللسان الحاد السليط قد يكون لها مثل هذه الملامح الرقيقة..!!
رغما عنها حين رأته يتفحصها بهذه الطريقة المتمعنة أنزلت عينيها
" وش فيه الدب يتمقل كذا كنه عمره ماشاف مره؟؟
يمكن يتمسخر هو ووجهه ذا الحين!!!"
لم تستطع أن تسكت وهي تراه يطيل النظر فيها هكذا .. فروحها المتمردة رأت في تفحصه لها بهذا الاستهزاء امتهانا لها..
لذا رفعت عينيها وهي تنظر له وتهمس بنبرة تهكمية:
تطلع الأخطاء السبعة؟؟.. وإلا تحسر على حالك لأنك كنت تتمنى ناس ثانين يكونون مكاني..؟؟
حينها رد ببرود: ناس ثانين مثل من؟؟
أجابته حينها بمباشرة غاضبة وكل الأقنعة تسقط: بنت خالك مثلا يابو عين زايغة..
حينها أجاب ببساطة حازمة: لو أنا أبغي بنت خالي على قولتش..
ترا أبسط شيء إنه أتصرف تصرفات القرون الوسطى.. و أقرع على خالش من يوم دريت إنه خطب..
ولو كنت مثل ما تظنين.. فخطبة خالش بتحل كل مشاكلي..
لأني لو خطبت عادي لهم حق يردوني.. لكن لو قرعت ما لحد حق يفتح ثمه..
كذا تقول العوايد يا اللي تعرفين العوايد..
ولو حتى بغيتها الحين.. ممكن أروح أشتكي عند كبار القبيلة وأخلي خالش يطلقها..
صحيح هذا مهوب حق في الشرع ولا الدين.. بس حق في العادات والتقاليد..
والرجال العاشق ماعليه شرهة..
أشرايش عالية؟؟ أسويها؟؟
عالية صمتت بغيظ وغضب وألم أوسع من كل ألم..
وما يؤلمها حتى آخر شرايينها.. أنه محق تماما..!!
لو كان يريد وضحى ويحبها كما كانت تظن.. كان يستطيع أن يحجرها على خالها..
فالمحب يستحيل أن يتخلى عن حبيبه.. تماما كما فعل هو معها الآن.. بينما هي فعلت العكس.. العكس تماما!!!
بدا لها الأمر بسيطا واضحا إلى درجة الوجع.. ولكن الأمور لا تكون بهذه البساطة والوضوح لامرأة مجروحة!!
شعرت بتزايد حزنها ووجعها في قلبها.. حتى شعرت أنها تريد أن تتقيأ دون أن تستطيع!!
تبادلا النظرات الصامتة لثوان.. ثم تمدد عبدالرحمن وهو يهتف بسكون:
تصبحين على خير..
ابتلعت غصتها الصامتة.. شعرت لضخامة الغصة أنها ستتقيأ فعلا وهي تبتلعها رغما عنها..
" يا الله كم هو مرهق!! "
بينما هو كان مرهق فعلا.. متعب من هذه المواجهة القصيرة..
لم يتخيل أن ليلته الأولى مع عالية لن تكون سوى مأساة واستنزاف لمشاعره وأعصابه بهذه الطريقة..
ألا يستطيع أن يناديها ويقول لها تعالي جواري فقط.. أريد أن أسمع أنفاسك من قرب..
أنفاسك التي رافقت روحي وأخرجتني إلى ضوضاء الحياة!!
لماذا كل هذه التعقيدات بينهما؟؟
وهو يحاول بفشل ذريع أن يتجاوزها ليجد حاجزين ممتدين أمامها..
معايرتها الجارحة له..
ثم إحضاره لها بطريقة مطلقا لا تناسب قدرها الكبير عنده !!
رغم أنه بذاته إنسان غير معقد أبدا.. واعتاد على أخذ الأمور ببساطة وشفافية..
فلماذا يحضر التعقيد بينهما؟؟
وهو يتمدد... تذكر أن الغرفة ليس بها مكان مناسب للنوم عدا هذا السرير..
لأن هذه غرفة مؤقتة له..
والجلسة الصغيرة في الزاوية عبارة عن أربع مقاعد دون أريكة حتى!!
حاول أن يعتدل بذات الصعوبة التي عاناها في تمدده وكانت مازالت تجلس على المقعد ليهمس بذات السكون:
عالية تعالي نامي جنبي.. مافيه مكان تنامين فيه..
ثم أردف بتهكم موجوع: ولا تخافين.. السرير كبير.. وأنا واحد مكسح..
ما أقدر أجي جنبش..
شهقت بعنف.. ولكنها كتمت شهقتها بداخلها مع أخواتها الأخريات..
وهي تسمع معايرتها له بلسانه.. تبدى لها مقدار بشاعة الكلمة وقسوتها ووحشيتها..
بدت الكلمة فعلا بشعة لأقسى صور البشاعة التي لا يمكن تخيلها حتى!!
" أ حقا جرؤت أن أجرحه بهذه الطريقة غير الإنسانية؟؟
أ حقا فعلتها؟؟"
قفزت للحمام دون أن ترد عليه..
شعرت أنها ستنفجر في البكاء أمامه ودون مقدمات..
لذا أغلقت باب غرفة التبديل.. ثم باب الحمام.. لتنتحب..
يا الله .. أي ليلة زواج هذه التي قضت أكثر من ثلاثة أرباعها في النشيج والنحيب!!
حين استكانت بعد أن فرغت ثورة بكائها..
خرجت لغرفة التبديل لترتدي بيجامة حريرية واسعة بلون مشمشي..
لا تعلم لماذا اختارتها؟؟
كانت أقرب شيء ليدها.. ربما..!!
بريئة ودافئة.. ربما!!
حين خرجت.. كان يتمدد على جنبه .. عيناه مفتوحتان لكن مسبلتان جزئيا..
"يفكر.. مهموم.. !!
وأي شخص بحاله لا يكون هموما.. اجتمعت عليه المصائب..
العجز والقهر والحبس... وأنا !! "
اعتصمت بمكانها في مقعدها حتى أذن الفجر الذي لم يكن بعيدا أساسا..
حينها رأته يزيح غطائه ويحاول النهوض.. رغما عنها قفزت لتقف..
محاولة الاعتدال وهو يسحب قدميه.. بدت مؤلمة..
فكيف بمحاولة النزول عن السرير للكرسي المتحرك؟؟
ولكنها لم تتحرك من مكانها.. فليس لها حق الاقتراب ولا عرض المساعدة!!
لها حق تجميع الغصات فقط!!
هــو.. شعر بأذى نفسي كبير أنها تراقب عجزه وقلة حيلته من هذا القرب..
وقوفها ساكنة متفحصه هكذا يؤلمه.. بل يذبحه..
ولو عرضت المساعدة فهي ستذبحه تماما.. لأنها حينها ستريه أي (مكسح) هو!!
عاني طويلا فعلا لينقل نفسه للمقعد لأن قدميه كانتا متيبستين تماما..
حين دخل للحمام.. شعرت برغبة مضنية للبكاء.. هل هناك من آخر لهذه الدموع التي لا تشبهها..؟؟
لم تتخيل أن رؤيته بهذا العجز وقلة الحيلة سيؤذيها بهذه الطريقة..
والمؤذي أكثر من كل شيء معرفتها أنه يكابر على وجعه حتى لا يبدو كما قالت له في كلمتها البشعة...
بقيت معتصمة بمكانها وآلامها الغريبة تتسع وتتسع..
خرج بعد عشر دقائق مرتديا ثوبه.. ولكنه يحتاج إلى من يسدله له على قدميه..
حينها وقفت وهي تهمس له بحزم رقيق:
لا تصير سخيف وتعيي..
خلني أوطي لك ثوبك..
هتف لها بحزم أشد: إبي ينتظرني في الصالة وبيوطيه لي..
حينها همست بنبرة أقرب للرجاء: وتشوفها زينة في حقي قدام إبيك.. إنك طالع من عندي وشكلك كذا..؟؟
فأجابها بنبرة أقرب للألم: وهذا كل اللي هامش..
خلاص تعالي وطيه..
ألم شفاف فعلا يغمر قلبيهما النقيين.. ألم ماعاد له معنى.. وكل منهما يرى كم الآخر مجروح منه...!!
انحنت لتسدل ثوبه على قدميه..
تمنى حينها وهو يراها قريبة هكذا.. لو استطاع أن يضع كفه على رأسها ويقول لها كلمة واحدة تسمعها منه بشكل مباشر: (أنا أسف)..
وتمنت هي لو دفنت رأسها في حجره وبكت فيض دموعها وغصاتها المكتومة وهي تهمس بكلمة واحدة: (أنا آسفة)..
غريب هو الإنسان كيف يهوى تعذيب نفسه!! ويبحث عن مبررات لهذا العذاب وأسباب!!
مع أن أسباب التسامح والسعادة أقرب وأقرب!!!
غريب هو الإنسان كيف يكون سهلا عليه أن يغضب ويجرح..!!
ثم يكون صعبا عليه أن يحتوي ويسامح..!!
غريب هو الإنسان كيف يرضى بالعطش والماء بين يديه!!
غريب هو الإنسان يرضى أن يكون جارحا ويرفض أن يكون مجروحا!!
غريب هو الإنسان كيف يريد مع كونه جارحا أن يتلبس دور الضحية!!
ويرفض دور الجلاد مع رفضه للجرح...
فكيف تكون ضحية لم تُجرح!!
وكيف تكون جارحا وأنت لست بجلاد !!!
تساؤلات دارت في النفسين المعذبتين على ذات المستوى من القهر والوجيعة
وهي تراه يغادرها للصلاة..
ثم وهي تصلي وتقرأ وردها ولا تكف عن البكاء..
ثم وهي تكتم شهقاتها وهي تراه عائدا من الصلاة....
اقتربت هذه المرة دون أن تتكلم لتساعده على خلع ملابسه..
فما عادت تحتمل أن تتركه يتعذب هكذا لوحده وهي مازالت لم ترى عذابه سوى لليلة واحدة..
وتمنى هو أن يرفض..
ولكنه لا يستطيع أن يكون لئيما ولا يعرف..
وهو يعرف أنه إن رفض سيجرحها.. وهو عاجز عن جرحها متقصدا..
فهو إن كان جرحها عن غير قصد.. فلا يستطيع أن يكون مثلها ويفعلها عن قصد...
بدا كل شيء بينهما حينها كثيفا وجارحا وحساسا ومغمورا في شعور جارف لا يمكن صده ولا تحديده..
أنفاسه الدافئة المتوترة قريبة منها وتلفح وجهها!!
وأناملها الباردة الأكثر توترا على عضده وكتفيه..!!
بدت العملية أكثر من مجرد خلع ثوب إلى معضلة إنسانية موجعة.. بين الفعل ورد الفعل!!
بين إحساس كل منهما بالذنب وبالجرح في ذات الوقت!!
بين إحساس كل منهما بالقرب والبعد!!
بين اختلاج الإنفاس وارتعاش اللمسات !!
حين انتهت وهي تشد ثوبه مبتعدة.. كان كل منهما يشد أنفاسه التي شعر بها احتبست من هذا القرب اللاسع..
همست بخجل وهي عاجزة عن النظر له: أقومك على السرير..؟؟
فرد عليها بثقل عميق: لا.. أقدر بروحي..
فكلاهما بدا غير قادر على احتمال جولة أخرى من هذا القرب المموه اللاسع الجارح..!!!
وبالفعل حاول نقل نفسه بصعوبة بالغة لسريره حتى نجح..
تمدد على جنبه.. وأسبل عينيه وهي مازالت واقفة..
همس بإرهاق شديد وهو مغلق العينين: تكفين عالية تعالي نامي.. أنا ميت من التعب.. ومستحيل أقدر أنام وأنا عارف أنش قاعدة صالبة نفسش كذا..
تنهدت بعمق.. " إذا كنت عذبا وشفافا هكذا؟؟
فكيف استطعت أن تجرحني بهكذا قسوة؟؟"
وقفت لثوان ثم اقتربت من الناحية الأخرى..
تمنت أن تهرب من المكان كله..
لكنها لم تستطع أن ترفض وهي ترى كم هو متعب!!
لم تتخيل أن رؤيته قريبا هكذا ستفجر في داخلها مشاعر على مستوى آخر..
أنها تود أن تكون جواره.. تخفف عنه..
تنسيه هم هذا الثقل الذي لم تستطع هي احتماله.. فكيف بمن يعانيه؟؟
اقتربت وهي تختنق بخجلها لتجلس على طرف السرير الآخر..لم تستطع أن تتمدد حتى..
علم أنها أصبحت جواره هي تسلل إلى أقصى خياشيمه رائحة عطرها العذب المعذب..
فتح عينيه.. لتنتفض هي بجزع.. همس بسكون: ليش قاعدة كذا.. انسدحي.. ترا أنا ما أعض..
تمددت وهي تشعر كما لو كان الفراش يتحول لفراش من مسامير..
شدت الغطاء على كامل وجهه.. وهي تترك فقط عينيها اللتين كانتا نتظران نحوه وهي تمسك الغطاء على وجهها...
حينها همس بيأس حقيقي.. بصدقه الشفاف: تكفين عالية لا تزيدينها علي..
والله إني ندمان إلى جبتش بذا الطريقة اللي ما تناسب قدرش عندي..
فلا تزيدينها علي وأنا أشوفش خايفة وحزينة كذا!!
حـــيـــنـــهــــا...
انفجرت تماما في البكاء.. ماعادت تحتمل.. ماعادت تحتمل!!
أيكون نادما لأنها أحضرها هنا..
وهي أ ليست نادمة ألف مرة على تجريحها البشع له الذي دفعه لهذا التصرف؟؟
هو حين رآها تبكي هكذا.. شعر بقلبه يتحطم لشظايا..
ظنها تبكي لأنه شعرت بالقهر منه ومن تصرفه معها..
شد نفسه بصعوبة ليقترب منها.. ثم ربت على كتفها بحنو ذائب وهو يهمس بذات الحنو الذائب الموجوع:
عالية يا قلبي.. والله أني آسف.. الله يلعن الشيطان ويباس الرأس..
تكفين لا تبكين.. والله قلبي ما يستحمل..
وش اللي يرضيش؟؟ تبين ترجعين بيت هلش وننتظر لين أقدر أمشي وعقب نحدد عرس؟؟ أنا حاضر..
أدري إنه كلام مهوب منطقي عقب ماجيتي عندي وأمسيتي في بيتي!!
بس أنا ما علي من حد.. وما يهمني كلام الناس.. يهمني اللي يرضيش أنتي..
تبين الطلاق صدق؟؟.. أنا حاضر حتى لو كان الموت أهون علي.. المهم أنتي..
تزايد نحيبها وهي تدفن وجهها بين كفيها..
بينما شعر هو أن شظايا قلبه المحطم تتزايد تطايرا كلما رأى تزايد بكاءها..
تمنى لو يشدها ليحتضنها وهو يرى نفسه عاجزا عن تهدئتها..
ولكنه لم يرد أن يزد رعبها منه رعبا..
هـــي.. مطلقا لم تكن مرعوبة.. ولا خائفة... بل محض نادمة!!
عاجزة عن تجاوز تجريحها له الذي يتغلغل ألمه في روحها..
تشعر أن شفافية روحه تكاد تضيء جوانحه بينما تشعر هي أنها روحها ملوثة بسواد لا يليق بطهر روحه!!
همس عبدالرحمن بذات الحنو الموجوع وهو يمد يده المرتعشة ليمسح على شعرها:
عالية بس تكفين.. طالبش.. خلاص..
زين كلميني بس.. سبيني لو تبين..
بس طالبش ما تبكين كذا!! حرام عليش.. بروحي نفسيتي زفت..
حينها أزالت كفيها عن وجهها.. لتقترب هي منه وهي تحارب خجلها وحزنها ويأسها وتوترها.. وتصدمه بدفن وجهها في منتصف صدره...
وحينها.. ماعاد للكلمات معنى أو قيمة.. !! تضاءلت كل قيمة لها ومعنى أمام معجزة إحساس سماوي غير مسبوق...
فيكفيه ارتعاشها بين يديه.. ودموعها تغرق صدره.. وأنفاسها تبعث قشعريرة قارصة في كل خلاياه..
ويكفيها صلابة ذراعيه تحيطها بكل حنان العالم.. وهي تتوسد عضده وتستمع إلى دقات قلبه المتصاعدة من هذا القرب!!
يكفيه أنها غفرت له جرحه لها وهي تطهر روحه بلهيب دموعها وأنفاسها الساكنة بين حناياه..
ويكفيها أن صدره كان الميناء الذي استقبل بشاعة معايرتها له دون أن يجعل هذه الكلمة المرعبة سدا بينها وبين ميناء حضنه..
يكفيهما هذا الإحساس بالذوبان والتماهي والامتزاج وكل منهما يشعر أن خطيئته في حق الآخر هي الأكبر..
ويشكر الله على نعمة التسامح التي منحها لقلبيهما ولسكينة روحيهما..
#أنفاس_قطر#
.
.
.
أدري البعض الحين بيقولون خليتهم يتراضون بسرعة.. موب منطق..
بأقول لهم إلا هذا هو المنطق اللي أنا قصدته هنا..
من أسهل ما يكون أني أطول في زعلهم كم بارت.. وأحداث زعلهم تمشي جنب لجنب مع أحداث الباقين..
لكن أنا قصدت تمام أخليهم يتراضون بسرعة لسبب مقصود جدا أعتقد إنه وصلكم : )
.
موعدنا الجاي الثلاثاء الساعة 6 الصبح مع بارت سبيشل جدا جدا...
.
.
.
|