الفصل الأول
إلى متى أبقى سجينة جدران منزلي , في امسية سبت كهذه , لا استمع خلالها الا لصوت المطر وهو يطرق زجاج نوافذي؟
تساءلت لايث ذا الاثنين والعشرين ربيعاً بيأس . يا للعجب , فقد أمضت معظم أوقاتها وهي غارقة في الدرس والمطالعة لذلك فقلما كانت تسنح لها الفرصة للخروج وللسهر في ليالي السبت !
صممت لايث على أن تضع مخاوفها وكل ما كان يسبب لها القنوط جانباً , لتفكر بما قد يفرحها , ركزت أفكارها على روز ماري صديقتها وجارتها التي جاءت من قريتها , دروست, لماذا, فكرت لايث , كان على روز ماري اختيار نهاية هذا الاسبوع بالذات لزيارة أهلها في هيزلبوري , بينما كان من الممكن أن تكون برفقتها في مثل هذه الأمسية , في هذه الشقة بالذات , تتناولان القهوة مع ترافيس هبوود , صديق روز ماري السري , كانت لايث تشفق عليهما كليهما , وتشعر بالأسف نحوهما .
بدأ المطر الغزير يهطل على زجاج نافذتها , ولكنها لم تسمعه هذه المرة . فإن مجرد التفكير بروز ماري أعاد لها ذكريات ذلك اليوم من السنة السابقة حين أتى شقيقها سيباستيان يبحث عنها ليخبرها بأنه التقى بروز ماري غرين .. المعروفة بروز ماري تالبو الآن .. في أحد شوارع هيزلبوري , روز ماري التي تكبر لايث بسنة كانت زميلة سيباستيان في أيام الدراسة , وبما انه كان محظوراً عليها الاختلاط مع باقي التلاميذ في المدرسة والمشاركة في أي نشاط بعد الدوام لم يعرفها احد تماماً , وقد دهش الجميع من ذلك , ولكن على الرغم من هذا فقد تزوجت وهي في الثامنة عشرة من عمرها وغادرت البلدة .
لم يسمع عنها أحد منذ ذلك الوقت , حتى ذلك اليوم بالذات , الذي آتى فيه سيباستيان متلهفاً ليقول للايث : " لقد التقيت لتوّي بروز ماري غرين !"
لاحظت حماسه الواضح لكنها لم تأخذه بعين الاعتبار , بما ان الحماس كان جزءاً من طباعه , فأجابته ببرودة : " ربما تقوم بزيارة الى اهلها ."
" هذا صحيح ! " أجابها ." ولكنها كانت تبدو محبطة العزيمة .. على أي حال ليس بالأمر الواضح جداً " تابع بحماسه المعهود " كنا واقفين خارج مقهى أوليفانتس , عندما اقترحت عليها الدخول لتناول القهوة , وسرعان ما اخذت تخبرني بانها تعيش حالياً في لندن , حيث تملك شقة هناك و .. " فجأة توقف عن الكلام .. وشعرت لايث بأنه يريد اخبارها شيئاً ما .
سألت لايث مستفهمة " وماذا أيضا ؟"
" وأخبرتني بوجود شقة شاغرة قريباً من المكان الذي تسكنه ."
" آه , لا! " رفضت لايث الفكرة حتى قبل ان يتفهوه بها .. مع أن فكرة العيش والعمل في لندن كان لها صداها الساحر . " لن توافق أمي ابداً , على أي حال "
" ستوافق إذا اخبرتها بأنك سوف تعتنين بي ."
أجاب سيباستيان البالغ الثالثة والعشرين من العمر منوّهاً باهتمام امه البالغ وخوفها عليه " على أي حال ." أضاف :" لن أستطيع تأمين الإيجار وحدي "
اقترحت لايث :" ماذا إذا رفضت الذهاب ؟."
أجاب :" ولكنك لن ترفضي! أنت تعلمين انك لن ترفضي . فأنت لم تعارضي رأي آبي حين اشار الى عدم توفر الفرص والمجالات لك هنا , التي تتناسب مع مؤهلاتك ودراستك , اما في لندن ... "
تابع سيباستيان على هذا المنوال لبضع دقائق أخرى , حاولت لايث أن تختلق بعض الأعذار , لكن سيباستيان كان يجد مخرجاً لكل عذر , حتى بدأت لايث تشعر بالحماس نفسه الذي كان يشعر به , فقد عملت بجهدٍ لتنال المؤهلات التي تملكها اليوم , والتي لم تكن تستغلها إلا جزئياً من خلال وظيفتها الحالية .
قال سيباستيان " سوف تكون لي فرص عديدة أيضا ." إذ بعد رسوبه في الجامعة يعمل حالياً في مجال التصوير " لقد صورت كل مايستحق ان يصّور هنا من حولي " ثم عاد ليضيف " اما في لندن .."
حينها قامت لايث بإسكاته " الأجدر بنا أن نطلع والدينا على الأمر "
وافق الوالد على الفور لقد اصبحا في سن يحق لهما فيها البحث عن الفرص , اما الوالدة فقد فكرت ملياً قبل الموافقة , لان ابنها كان ومازال يشكل مصدر قلق لها .
في صباح ذلك الأحد بعد أن حصل الاثنان على موافقة ومباركة والديهما , ذهب سبياستيان إلى منزل آل غرين , ليستوضح التفاصيل من روز ماري عن الشقة , ولكنه عاد خائباً .
سألته الأم : " ألا تحبذ روز ماري فكرة سكنك بقربها ؟"
فأجاب : " لم تقل هذا , ولكن ما قالته كان كافياً لادرك انه لا انا ولا لايث سوف ننتقل للعيش في لندن "
سالت مسز ايفريت :" ولم لا ؟ "
" لان تلك الشقة هي برسم البيع وليست برسم الايجار ."
اقترح الاب " ولكن يوجد اكثر من شقة في لندن معروضة برسم الايجار اليس كذلك؟" ثم تابع ليقول " وفي حال عدم توفرها يا عزيزي فاننا سوف ناخذ بعين الاعتبار هذا السبب كدافع رئيسي يخولكما حق الحصول على ميراث جدكما قبل بلوغكما سن الخامسة والعشرين "
طرح سيباستيان ولايث السؤال معاً " هل هذا ممكن حقاً ؟"
وعدتهما مسز ايفريت " سوف نرى "
في ذلك الوقت باشر الاثنان البحث عن عن شقة برسم البيع , وبعد عملية مقارنة بين عدة شقق , صمم سيباستيان ولايث في النهاية على شراء تلك الشقة المجاورة لشقة روز ماري , ولكن كان عليهما مواجهة الحقيقة المتمثلة في ان الميراث لن يكفي لتسديد ثمنها .
" سندفع بالتقسيط مثلما يفعل الجميع "
ولكن بما أن دخل سيباستيان لم يكن كافياً فقد كان من الصعب عليه ان يحصل على التقسيط المريح
" سوف احصل على وظيفة مناسبة "
قالها وهو مصمم على ذلك .
وبما أن لايث كانت أيضا تبحث عن عمل جديد , فقد تمكنت بعد تفتيش مضنٍ من الحصول على عمل في شركة صغيرة في لندن تدعى آرديس وشركاه .
بعد مرور شهر , باشر سبياستيان العمل مع وكالة سياحة في لندن . وكان يقيم في المنزل خلال أيام العمل ليعود منزله في هيزلبوري في أيام العطلة , وعلمت لايث ايضاً في هذا الوقت انها قد حثلت على الوظيفة عند آرديس وشركاه , فرحت كثيراً وبخاصة عندما علمت انها المرأة الوحيدة التي اختيرت , بعدما كانت شبه متأكدة من أن الوظيفة سوف تُسند إلى أحد الرجال , ولكنها عرفت في ما بعد أنها ستحل مكان أحد الموظفين الرجال الذي كان عليه أن يترك عمله في غضون أربعة اشهر .
وبما أن وظيفتها لن تبدأ قبل ثلاثة اشهر فقد كان هذا ملائماً تماماً لها , فهذه الفترة سوف تمنحها الوقت لتركز على وظيفتها الحالية ولتؤمن دخلاً يمكنها من دفع أقساط الشقة .
كان كل شي يصير على خير ما يرام , انتقلت مع سيباستيان بعد مضي أربعة اشهر للإقامة في شقتهما الجديدة في لندن , كان عبء الأقساط ثقيلاً , ولكنهما تمكنا من تسديده كونهما قد امنا عملين مستقلين .
لم يتمكنا من رؤية روز ماري تالبو الا في مناسبات نادرة جداً خلال الأشهر الأربعة الماضية , حتى كان ذلك اليوم الذي ذهبت فيه لايث إلى شقة روز ماري لتدعوها إلي حضور حفلة في شقتها الجديدة , وعلمت حينها ان ديريك زوج روز ماري لم يعد يقيم معها .
" في الحقيقة " تمتمت روز ماري " لقد ترك زوجي الشقة "
لم تعلم لايث في تلك اللحظة من التي كانت محرجة اكثر , هي ام روز ماري , فقالت وهي مبتسمة " اذاً تعالي لنتناول الشراب . على كل حال "
علمت لايث بعد فترة ان سبب وجودها في ذلك اليوم عندما التقى سيباستيان في هيزلبوري بروز ماري , وهو اطلاع اهلها على هجر ديريك لها ونزوحه من شقتهما للاقامة مع شخص اخر .
كانتا , لايث و روز ماري تلتقيان دائماً لشرب القهوة ولكن روز ماري كانت متكتمة جداً إلي درجة ما حول ظروف زواجها , ولكنها ما لبثت أن اطلعت لايث على حقيقة وطبيعة زواجها , فقد كان زير نساء وكان يعاملها بطريقة مخجلة وقاسية . شعرت لايث بالأسف نحوها وبخاصة بعد أن اكتشفت أن روز ماري لم تكن قد تقبلت بعد فكرة فشل زواجها في حين أن ديريك كان قد باشر في إجراءات الطلاق , وهذا ما اغضب والديّ روز ماري المعارضين والرافضين لفكرة الطلاق .
قرر سيباستيان إقامة حفلة صغيرة في شقتهما هو ولايث بعد مضي شهر على إقامتهما فيها , قال سيباستيان " لن تكلفنا كثيراً "
سألته لايث :" من ندعو؟"
أجاب سبياستيان " لدي العديد من الصدقاء ." كان يخرج كثيراً برفقة الآخرين بالإضافة الى انضمامه الى فرقة مسرحية محلية واقامته في لندن سابقاً .
قامت لايث بدعوة روز ماري إلى الحفلة , وعندما رفضت , الحّت عليها حتى قبلت , ثم سمحت لايث لروز ماري بمساعدتها و مشاركتها في التحضير والاعداد للحفلة بينما كان سيباستيان يقوم باحضار زجاجات المرطبات الى المنزل .
شعرت لايث بالتعب والضجر خلال الحفلة وتحديداً في الساعة الحادية عشر ة , حتى أنها تمنت في تلك الساعة أن تأوي إلى فراشها ولكن بما أنها الداعية للحفلة فقد كان عليها القيام بواجباتها .
اختفت روز ماري عن نظرها لربع ساعة خلت , بينما كانت لايث تفكر في ملازمتها كي لا تشعر بالوحدة والملل .
راحت لايث تبحث عن روز ماري اعتقدت بان هذه الزمرة من أصدقاء سيباستيان لن تروق لها آملة أن لا تجدها قد غادرت شقتها لانه في هذه الحالة لن تلوم لايث سوى نفسها , وقع نظرها على روز ماري وقد جلس الى جانبها في إحدى زوايا الغرفة شاب في السادسة أو السابعة و العشرين من العمر , وقد بدت عليه علامات النضوج اكثر من باقي الشبان الموجودين في الغرفة , فيما كان هذا الشاب يتحدث إلى روز ماري حاولت لايث أن تتذكر اسمه الثاني بعد ان تذكرت اسمه الأول . ترافيس . عندما رأت أن روز ماري منسجمة معه تركتهما بمفردهما.
كان واضحاً أن ترافيس وقع في غرام روز ماري من النظرة الاولى , شعرت لايث بان روز ماري قد تاثرت بالطريقة ذاتها . المشكلة الكبرى في حبهما كانت تكمن في المبادئ والتقاليد المتأصلة عند روز ماري منذ طفولتها , فبالنسبة لها كان من الخطأ الوقوع في غرام رجل بينما هي مازالت متزوجة من رجل اخر , وبما انها شعرت بعدم قدرتها على منح الطلاق لديريك فقد كانت الفرصة أمامها غير سانحة لتتمتع بحبها لترافيس هبوود .
بعد مضي أسبوع أسرّت روز ماري المندهشة للايث بحبها العميق لترافيس , أخبرتها أبانها كانت قد خرجت للعشاء معه في إحدى الأمسيات .
"أنا جد مسرورة " أجابت لايث بذلك نتيجة معرفتها بحقيقة الأوقات الصعبة التي مرت بها روز ماري بعد أن تخلى عنها ديريك كلياً .
أجابت روز ماري :" لا تفرحي . فقد شعرت بالذنب .. كما لو كانت عيون والديّ تراقبني ! لقد أتصل ترافيس في الليلة الماضية .. أخبرته باني لن اراها ثانية "
على الرغم من تصميم روز ماري على عدم رؤية ترافيس ثانية , نتيجة تمسكها بالمبادئ والتقاليد التي نشأت عليها والتي مازالت تؤمن بها فقد التقته ثانية صدفة .. من دون أي موعد سابق في خارج شقتها , فقد عرّج ترافيس على شقة لايث وسيباستيان بعد مرور بضع ليالٍ .. قال " كنت ماراً من هنا , ففكرت بزيارتكما " غير ان السبب الرئيسي وراء زيارته المفاجئة لم يكن ليخفى على احد .. فقد كانت لايث قد دعت روز ماري الى العشاء في تلك الليلة بالذات , وقد كان من غير اللائق ان تطلب من ترافيس المغادرة .
كانت لايث على وشك رفض مساعدة روز ماري لها في غسل الصحون لكن عندما تطّوع ترافيس لتجفيفها , جعلها تتركهما في المطبخ بمفردهما لتذهب بدورها وتقوم ببعض اعمال التنظيف في غرفة الطعام .
منذ ذلك الوقت اصبح ترافيس يتردد على العشاء عند لايث وسيباستيان باستمرار وكانت روز ماري تحرص دائماً على التواجد هناك حتى ساعة متأخرة وتصر في معظم الاحيان على إحضار العشاء معها بينما كان ترافيس بما انه كان يعمل لدى والده في مجال المشروبات يحضر معه الأنواع الجيدة من الشراب .
" ماذا يجري ؟" تساءل سبياستيان وقد عاد ذات ليلة متاخرأً ليجد لايث تقف في طريقه الى المطبخ .
أجابت " روز ماري وترافيس في الداخل "
" اذاً؟"
" في حال انك لم تلاحظ فانهما واقعان في الحب "
" ولمَ لا يلتقيان في شقة روز ماري ؟"
" روز ماري لا تريد ان تستقبل ترافيس هناك "
" ولم لا ؟"
قالت له لايث :" الامر ليس لائقاً "
" تفاهات !" كان هذا رأيه .
اعتقدت لايث فيما بعد بانه من غير الممكن ان تستمر علاقة كذه من دون ان يتاذى احد في النهاية , ظلت روز ماري في تلك الاثناء ترفض الخروج مع ترافيس بينما كان ترافيس يزداد تعلقاً بها يوماً بعد يوم . لقد اولعت لايث بالاثنين معاً حتى انها كانت تشعر بالاسف نحوهما .
ثم وصل ترافيس في احدى الليالي وهو يظن بانه سوف يرى روز ماري ثانية , كان سيباستيان قد وصل الى المنزل ايضاً في تلك الليلة ثم اخذ يتحدث مع ترافيس بلجهة غير ودّية بينما كانت لايث في المطبخ تنهي بعض الاعمال عندما اصبح كل شي جاهزاً لاحظ الجميع تأخر روز ماري ولم يعد باستطاعة لايث ان تتحمل نظرات ترافيس المتشوقة والموجهة نحو الباب .
" سأذهب لأرى ما الذي يعيق حضور روز ماري " ثم ذهبت عبر الممر المؤدي الى شقة روز ماري قرعت الجرس وانتظرت .
بعد حوالي دقيقة فتحت روز ماري
" آه .. آسفة على الإزعاج , روز ماري لم اكن اعلم .. بان لديك ضيفاً " كانت تبتسم فيما كان الرجل الضخم يتجه صوبهما
" ألن تقدميني ؟" سال الرجل روز ماري فيما كان يتفرس بوجه لايث الجميل الملامح وشعرها الكثيف الكستنائي اللون
" طبعاً " اجابت روز ماري " لايث هي المالكة الجديدة للشقة المجاورة , لايث , هذا زوجي ديريك "
تصافح الاثنان ولكن لايث لم تعر طريقة تحديقه بها كل الوقت أي اهتمام " لن ابقى قسيباستيان ينتظرني على العشاء , كنت اتساءل عما اذا كان لديك خليط ورستر .. استطيع استعارة القليل منه ؟"
بدت علامات التساؤل على وجهي ترافيس وسيباستيان بعدما عاد لايث بمفردها سالها ترافيس " اين روز ماري ؟"
لم يكن لديها أي جواب غير الحقيقة .
فاجابت " لن تاتي ." عندها كان عليها هي وسيباستيان تهدئه ترافيس ومحاولة ردعه عن القيامن بمهاجمة شقة روز ماري بمجرد ان اوضحت له لايث عن وجود زوج روز ماري بشقتها .
بعدما تمكن الاثنان من تهدئته قام سيباستيان بتقديم شراب مرطب له واستمرت الامسية مشحونة بجو مضطرب عندما بدا لسيباستيان ان ترافيس كان بحاجة لشراب اخر قام بتقديمه له عندها راح ترافيس بصور لا واعية بسرد تفاصيل حبه لروز ماري معرباً عن امنيته بالزواج منها ثم راح يخبرهما كيف انها بدافع التحفظ لم تكن تسمح له حتى باصطحابها الى أي مكان او بذكر اسمها امام عائلته , فيما كان هو يريد ان يعلن حبه على الملأ كانت هي ترفض حتى ان يقدّمها الى اهله .
عند حوالي الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل لم تعد الكلمات تخرج واضحة من فم ترافيس , مما حمل لايث على توبيخ سيباستيان الذي كان يقوم بملء كأس ترافيس كلما كان يوشك على الانتهاء .
كان ترافيس يتمايل عندما حاول الوقوف كي يذهب الى منزله .
قالت لايث لاخيها " لا اعتقد بان حالته هذه تسمح له بالقيادة "
علق سيباستيان " انا ايضاً متعب .. لن اوصله الى أي مكان! على أي حال فهو يسكن في احد شوارع ايسكس , والله اعلم في أي ساعة اكون قد عدت الى فراشي .. هذا اذا مازال يذكر مكان اقامته بامكاننا تمديده هنا على الاريكة ." مختاراً اسهل الحلول .
" ماذا عن اهله ؟.. سيقلقون " اكدت لايث وقد تذكرت حالة امها القلقة في المرات التي يتاخر فيها سيباستيان في العودة الى المنزل .
قال سيباستيان " لن تكون هذه الليلة الاولى التي يقضيها خارج منزله !"
امضى ترافيس تلك الليلة عند لايث وسيباستيان ممدا على الاريكة اما التعويض الوحيد عن ذلك فقد كان تلك الفرصة التي حظي بها ليتكلم مع روز ماري في الصباح التالي قبل ذهابها الى وظيفتها كمبرمجة كمبيوتر , اصيب ترافيس بصدمة عنيفة عندما علم من روز ماري بان زوجها ديريك كان عندها ليلة البارحة من اجل طلب الطلاق وبانها اعطته جواباً قاطعاً بالرفض كما انها اقامت باطلاع ترافيس على قراراها بعدم تلبية أي دعوه عشاء الىالشقة المجاورة من الان وصاعداً .
عندما التقت روز ماري بلايث بعد ذلك قامت بإطلاعها على ما اخبرته لترافيس , ادركت لايث حينها بأن عليها الا تتدخل في شؤونهما الخاصة , بل عليها فقط البقاء قريبة من روز ماري في حال احتاجت هذه الاخيرة الى صديقة مخلصة .
واظبت لايث على الالقتاء بروز ماري فغالباً ما كانت الاثنتان تجتمعان لشرب القهوة , ولما كان ترافيس يتردد على شقة لايث في عدة مناسبات ايضاً .. كانت لايث تعلم خلالها ان السبب الرئيسي وراء زياراته كان يمكن في امل الحصول على فرصة ثانية لرؤية روز ماري .
عندما بدأ سيباستيان في ما بعد يتحدث عن امكانية تخليه عن عمله شكل هذا مصدر قلق جديد للايث ., فإن لم يعمل سيباستيان , كيف سيدفع حصته من الاقساط ؟ ثم وقعت الكارثة الحقيقية عندما خسرت لايث وظيفتها , هذا كان اكبر دليل على ان المتاعب لا تأتي الا جملة .
لم تستطع ان تصدق فهي موظفة نشيطة تعمل بجد , فقد كانت اساساً تتعامل مع الرجال من خلال عملها , وكانت قد انسجمت مع بعضهم ولكنها فوجئت ذات يوم بدخول آلك آرديس عليها وهو ابن صاحب الشركة بينما كانت تعمل في مكتبها ومن دون أي تشجيع منها حاول التحرش بها , من غير ان يتوقع انها سوف تبادل مبادرته بالصد او بالرفض .
لكنها تمكنت من الافلات منه في ما بعد , بعدما شعرت بالاذلال , والمهانة ... فقد ظن بانه قادر على ان يفعل بها ما يشاء , كونها موظفة انثى تعمل لديه , ولسوء الحظ صودف مرور آرديس الاب في تلك اللحظات بينما كان صراخها يملأ المكان .
شعرت لايث بالاغماء عندما اخبرها آرديس بأنها مطرودة وبأنه سوف يرسل لها راتبها اخر لهذا الشهر الى منزلها محاولاً بذلك غض النظر عن تصرفات ابنه المشينة او غير مصدق بأن ابنه قد فعل هذا من دون تشجيع من قِبّلها .
كانت ماتزال واقعة تحت تأثير الصدمة عندما خرجت في ذلك المساء لتقرع جرس باب روز ماري سألتها لايث مستوضحة :" هل صادف مجيئي مع تحضيرك للقهوة ؟"
" تفضلي " دعتها روز ماري الى الداخل قائلة :" تبدين أسوأ حالاً مني , ماذا حصل ؟ "
اخبرتها لايث بما حصل بينما كانتا ترتشفان القهوة
قالت روز ماري بينما كانت في حالة غضب قصوى " كان عليك ان تصفعيه "
اجابت لايث فيما اخذت رشفة اخرى من فنجان قهوتها " هذا ما كنت قد فعلته لو ان يديّ كانتا طليقتين "
جلستا في غرفة الجلوس في شقة روز ماري النظيفة والمرتبة أطرت روز ماري على رأي لايث " طبعاً , ان ما حصل اليوم كان مقدراً ان يحصل عاجلاً ام آجلاً ."
قالت روز ماري بلطف " ليس لديك ادنى فكرة , اليس كذلك؟ ليس لديك ادنى فكرة عما قد يثير شعرك الكستنائي الرائع ووجهك وعيناك الجميلتان وشكلك بصورة عامة في افعى مثل ذلك الرجل لتمتد حول عنقك وتنال منك ."
تمتمت لايث بوهن " يا للعجب "
" ليس عليك الا ان تغيري شكلك قليلاً الى الاسوأ " ابتسمت روز ماري فيما استمر حديثهما حتى تطرقت لايث الى موضوع مُلِح وهو ضرورة بحثها عن عمل جديد .
واضافت " لا استطيع تسديد القسط الذي علينا دفعة , انا وسيباستيان في كل شهر , وانا في عاطلة من العمل "
اجابت روز ماري " اعرف هذا!" واستطردت " فاذا لم اسدد بدوري رسوم هذه الشقة قبل نهاية السنة سأقع حتماً في ورطة لذلك اعمل على توفير كل مايمكن توفيره حتى اتمكن من تسديد الايجار في الموعد المحدد , ولكن بالعودة الى مشكلتك الا اظن بانك ستواجهين صعبوة في الحصول على وظيفة اخرى , اليس كذلك ؟"
" سوف يدققون في مؤهلاتي " اجابت لايث " ولكن كيف احصل على توصية ؟ فأنا لا استطيع الاعتماد على آرديس في هذا لانه حتماً سيقدم تقريراً سلبياً "
قالت روز ماري بحزم " طبعاً لن يكون صادقاً .. الا اذا اراد ان يفسح الطريق امامك لمسايرته "
بعد اسبوع على تقديمها لب عملٍ لثلاث شركات مختلفة , علمت لايث بان اثنتين من الوظائف قد شغلتا , فيما دعيت لإجراء مقابلة لأجل الوظيفة الثالثة , كان لديها الوقت الكافي خلال الاسبوع الفائت للتفكير بما قالته لها روز ماري فهي ما زالت ترزح تحت تأثير الصدمة التي تلقتها من جراء صرفها غير العادل وغير المبرر من وظيفتها السابقة حتى ان مجرد ذكرها كان يسبب لها توتراً في اعصابها .
" سيباستيان " نادت اخاها في الليلة الاخيرة قبل موعدها للذهاب لمقابلة شركة ج فاسي ." لا اعتقد بانك مازلت تحتفظ بتلك النظارتين اللتين استعملتهما عندما لعبت دور البروفسور في .."
" تقصدين في اخر ظهور علني لي " اجاب سيباستيان متفاخراً وهو يقصد بذلك دوره الصامت في اخر عمل مسرحي له " في الحقيقة ..."
كادت لايث ان لا تتعرف على نفسها في اليوم التالي وقد ربطت شعرها الى الوراء بعدما كانت تتركه عادة منسدلاً على كتفيها ووضعت نظارتين عريضتي الاطار على عينيها .
لم تكن لديها ادنى فكرة في هذه الآونة عما اذا كانت ستقابل ابناً مدللاً اخر , في شركة فاسي.. لذلك كان عليها ان تقوم ببعض التغيرات في شكلها كي تتجنب جذب الانظار من حولها .
جرت المقابلة في شركة فاسي على احسن ما يرام وفوجئت حين لم يبِد احدهم شكله او تساؤله عن سبب وضعها النظارتين العريضتي الاطار واللتين خلعتهما في اللحظة التي وصلت فيها الى مبنى شقتها .
كان عليها الانتظار لمدة اسبوعين طويلين بعد المقابلة لتعرف ما اذا كانت قد حصلت على الوظيفة ام لا , في تلك ااثناء تقدمت بطلبات عمل لوظائف اخرى برغم انها كانت تفضل العمل مع شركة فاسي وذلك بسبب راتبها الكبير .
لقد سرها جدا ان تعلم في ما بعد بانها حصلت على الوظيفة لدرجة نسيت معها اليوم الاول من العمل ان تربط شعرها الى الخلف وان تضع نظارتيها قبل مغادرتها المنزل ولكنها عادت وتذكرت ماكان عليها ان تفعله قبل فوات الاوان
وصلت الى شركة فاسي وامضت فترة الصباح وهي تتفحص مكتبها الجديد وتتعرف على باقي الموظفين الموجودين في القسم جذب انتباهها خاصة مساعدها جيمي ويب البالغ السابعة عشرة من عمره والذي بدا لها وكأنه مخزن معلومات عن كل ما يدور حوله .
اخبرها جيمي اخباراً غير مفرحة عن قيام شركة ماسينغهام الضخمة للهندسة بشراء شركة فاسي منذ بضعة اشهر , اول ما فكرت به كان انه عليها ان تركز وتهتم بصورة خاصة بوظيفتها لانه لولا هذه الوظيفة لما اصبح بمقدروها تأمين تسديد حصتها من قسط الشقة .
سالت جيمي " هل تعلم ما اذا كان أي فريق عمل من شركة ماسينغهاام سينتقل هنا ؟"
اجابها جيمي المطلع على الامور " سيقومون بنقل جميع اعمالهم الى منطقة الشمال ابتداءً بالطاولات وانتهاءً بأصص النباتات كل شي لقد باعت ماسينغهام اعمالها هنا والفرق الوحيد المتنقل سيكون ذاك الذي يحتاج الى لندن كقاعدة له "
ظهر الارتياح على وجه لايث وارتفعت معنوياتها قليلاً
" اسمي لايث " عرفته بنفسها بما انها تكبره فقط بخمس سنوات " والان اطلعني على مايوجد داخل هذه الملفات "
ابتسم جيمي فيما كان يقوم بحسب كرسيه المجاور لمكتبها .
في وقت قصير اصبحت لايث معروفة في القسم التابع لشركة فاسي كانت تستحق المكافآات التني تنالها نتيجة عملها الدؤوب والمثمر .
كانت الحياة في المنزل هادئة ايضاً , فحياتها الاجتماعية لم تكن صاخبة لانها بخلاف اخيها كان اصدقاؤها معدودين وفي هذا المجال يبدو ان صديقتها روز ماري تعاني من المشكلة نفسها التي يعاني منها ترافيس هبوود .
حتى كان ذلك اليوم الذي اتى فيه ترافيس الى المبنى ليزور لايث وسيباستيان حيث التقى الاثنان روز ماري وترافيس وجهاً لوجه .
اعترفت روز ماري للياث لاحقاً بأن رؤيتها لمنظر ترافيس البائس قد احزنها
كان تحفظها هذا ناجماً عن قلقها وخوفها الشديد من ان يستغل زوجها علاقتها بأي شخص اخر فيسجل هذه العلاقة نقظة سوداء في صفحتها تساعده على نيل الطلاق حتى من دون موافقتها على الرغم من كل هذا فقد ذهبت روز ماري لتناول القهوة في وقت متأخر من تلك الليلة عند لايث وسيباستيان برغم علمها التام والمسبق بوجود ترافيس هناك ايضاً .
بعد ذلك قبلت روز ماري عدة دعوات اسبوعياً لشرب القهوة عند لايث ولكن من دون المكوث لتفرة طويلة , على العشاء مثلاً او لغسل الصحون , كان ترافيس يحرص دائماً على التواجد هناك ايضاً.
بعد مرور شهرين على مباشرة لايث العمل في شركة فاسي , عاد سيباستيان يوماً الى البيت بحماسه امعهود ليخبرها بأنه سوف يسافر يوم الجمعة الى الهند في عطلة .
" الهند!!" صرخت لايث وكأنها تسمع عنها للمرة الاولى
" يا للعجب لايث انها تبعد فقط مسافة تسع ساعات طيراناً ! سأعود بعد اسبوعين "
" اذاً , تمتع بوقتك " قالت له فيما دخلت لتساعده في التوضيب ...
عاد المطر الغزير يضرب زجاج نوافذ شقتها ليعيدها الى الواقع , نظرت الى ساعتها كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة !
وكأنها قد جلست في مكانها دهراً تسترجع في ذاكرتها كل ما جرى خلال هذه السنة
نهضت عن كرسيها وتوجهت الى المطبخ لتعد لنفسها شراباً ساخناً راحت تفتش عن الدافع الذي جعلها تعود بأفكاراها الى الوراء , ثم ما لبثت ان ادركت الدافع وراء ذلك وهو اخوها العزيز سيباستيان اذ كان قد ارسل لها قبل اسبوع بطاقة بريدية كتب عليها .." الهند رائعة.. سأبقى لفترة , اعرف بأنك قادرة على تدبير امورك بصورة حسنة ."
في البدء تعجبت لايث من عدم ذكره أي شي بخصوص تسديد حصته المستحقة عن الشقة لم يخطر على بالها انه سيتوانى في ارسال حصته بواسطة البريد او المصرف او أي وسيلة اخرى . ثم اتصلت بوالديها وعلمت ان سيباستيان فد بعث لهما باخباره ايضاً قالت لها امها فيما تابعتا حديثهما " سيكون بوسعه التقاط صور رائعة في الهند الي كذلك ؟"
فقد كان لسيباستيان منزلة خاصة عند امه لذا لم ترَ لايث جدوى من اثارتها لموضوع الرسوم المتوجبة عليه لعلمها المسبق بموقف امها في موقع الدفاع عن سيباستيان .. ولم تكن لتطلب المال من والديها من اجل تغطية حصه سيباستيان من الاقساط لأنه سبق ان كانا قد غطيا المصاريف اللازمة لتجهيز شقتهما الجديدة بكافة المفروشات .
علقت لايث ببرودة " انت تعرفين سيباستيان " وهي شبه متأكدة من ان امها المولعة بسيباستيان ستفكر بجواب ابنتها الوحيدة هذا من ناحية ايجابية .
فيما كانت لايث تقوم بإعداد كوب من الشوكولا الساخن لنفسها سمعت رنين جرب باب شقتها لم تعلم لماذا ظنت ان الطارق لابد ان يكون سيباستيان مع انه يملك مفتاحه الخاص .. لابد ان قلقها وخوفها الدائمين كانا قد نالا منها ,
هكذت فكرت وهي تغادر المطبخ مدركة تماماً بأن مجرد تفكيرها باخيها لن يقوده الى البيت لدفع المصاريف المتوجبة عليه .
فتحت الباب .... لم يكن سيباستيان على الباب هتفت " ترافيس!"
بدا منظره مروعاً وكانه مريض , ثم ما لبثت ان لاحظت انه ايضاً مبتل " تفضل "
وقد دعته الى الداخل اذ لم يكن باستطاعتها فعل أي شي اخر
ساعدته على الدخول الى المطبخ واجلسته الى الطاولة فيما ذهبت واحضرت له منشفة
" هل وصلت سيراً على قدميك " سألته بينما كان يجفف شعره ووجهه لأنه لم يكن بوسعها تصديق او حتى تصور وصوله وهو يقود سيارته في مثل هذه الحالة .
" لقد وقفت في الخارج لفترة طويلة ... وانا افكر بالدخول مع اني اعلم بانه من غير اللائق ان ادخل "
اخبرته لايث بلطف " روز ماري ليست هنا " لقد ذهبت لزيارة اهالها "
اجاب ترافيس " هذا ما تصورته " ثم عاد ليقول بعدما بدا عليه الانزعاج الشديد " فكرت .... فكرت بانني لم اعد قادراً على الاستمرار بعلاقة لم تكن ....... على الاستمرار في حب امرأة انا متأكد من انها تبادلني الشعور نفسه ولكن بسبب المبادئ والاهل والتقاليد ... وبدافع اللياقات والخوف من الفضيحة .. لقد عانيت الامرّين مساء امس "
فكرت لايث بأن فناجاً من القهوة قد يساعده قليلاً ويخفف عنه , كانت تهيئ الفنجانين فيما راح يتفوه بكلمات شبه مفهومه , وضعت فنجان القهوة امامه بينما استمر هو في الافصاح عن كل ما سبب له الازعاج منذ اللحظة الاولى لتعرفه على روز ماري .
لم تشعر لايث بالاحراج بل تأثرت لرؤيته على هذا الحال وقد وصل الى ما وصل اليه نتيجة حبه لصديقتها , اخذ يخبرها عن تحفظه وتكتمه حول موضوع حبه لروز ماري الناجم عن خوفه من ان يخسر الخيط الرفيع في علاقته معها وكيف لم يفعل لانه كان قد قطع لها وعداً بناء على رغبتها ومشيئتها اما هذا المبنى بالذات بالا يتفوه باسمها امام احد .
" حتى كان مساء امس , حين شعرت بأننس غير قادر على ان استمر في علاقة كهذه من دون ان اسوي الامور بيني وبينها اتصلت بها واخبرتها بانني اريد رؤيتها على انفراد " لزم الصمت بعدها فترة فيما سرح بأفكاره بعيداً .
تساءلت لايث " ولكن روز ماري رفضت ؟"
هز رأسه " كنت احمق , كنت احمق لأصر بما انه لم يكن باستطاعتها ان تراني على انفراد علي ان اخبرها .. اخبرها .. آه يا الهي لابد وانني قد جننت ! ...... اذا رفضت مقابلتي على انفراد فانني لا اريد ان اراها بعد اليوم ابداً "
قالت لايث بعطف " أوه , ترافيس !"
ثم سألت " ماكان جواب روز ماري ؟"
اجاب " لا شي فقط وضعت السماعة مكانها وعرفت عندها " تابع بعدما اخذ نفساً متقطعاً " بأن كل شي قد انتهى "
" انا اسفة "
كان هذا كل ما تمكنت لايث من قوله ثم قام ترافيس من دون ان يلمس فنجان قهوته وهو يتمتم بأشياء حول عزمه على العودة الى ايسكس .
سألته فيما كان يهم بالخروج بخطوات غير ثابتة " اين سيارتك ؟"
فأجاب " في الخارج .. على ما اظن ."
كان المطر ما يزال يهطل بغزارة , في الخارج في تلك الليلة . فكرت لايث بينها وبين نفسها بانها ليست بالليلة المناسبة لتسمح لصديق لها بالتجول خارجاً بحثاً عن سيارته ثم انه كان من غير المعقول ان تدعه يقود سيارته وهو في حالته هذه
" اظن ان عليك ان ترتاح هنا قليلاً "
لحقت به الى خارج المطبخ نحو غرفة الجلوس لقد فكرت فيما كان ينظر الى الاريكة التي امضى ليلة ممداً عليها " آه اظن ان لدينا حلاً افضل هذه المرة "
ثم قادته الى غرفة النوم الخاصة بسيباستيان .
بعد مضي حوالي ربع ساعة كان ترافيس يرقد كطفل في نوم عميق ساعدته لايث في خلع سترته وربطة عنقه وحذائه
ثم قامت يتعليق سترته على علاقة المعاطف والقبعات بجانب قبعة سيباستيان التي غالباً ماكان يعتمرها لدى خروجه من المنزل .
مرت خمس دقائق فكرت لايث خلالها انه لابد وان تكون روز ماري تشعر بنفس الحالة البائسة التي يشعر بها ترافيس
ثم اوت الى فراشها بعد ان اطمأنت عليه . لم تكن الليلة المملة على أي حال فكرت لايث ملياً بل كانت ليلة حافلة.
في محاولة منها للتفكير بشيء اخر شغلت رأسها بالتفكير بعملها لدى شركة فاسي .. راحت تفكر كم هي محظوظة لوجود ويب الى جانبها كمساعد لها تذكرت كيف انه اتى نهار الجمعة ليخبرها بأن فريقاً من شركة ماسينغهام اصبح على وشك الانتقال الى المبنى الجيد نهار الاثنين لم يكن هذا كل شي . فالسيد ماسينغهام بنفسه صاحب امبراطورية ماسينغهام العظمى سينتقل معهم .
لم يكن لدى لاث ادنى شك في صعوبة لقائها لهذا الرجل ذي الشأن المعتبر والمركز المرموق .. كل ما تمنته هو ان تحتفظ بوظيفتها لانه سيكون من الصعب عليها تأمين مصاريف الشقة في حال خسرت هذه الوظيفة .
استفاقت من نومها العميق بعد بضع ساعات على رنين جرس الباب وهو يرن بشكل متواصل تركت سريرها وهي ماتزال شبه نائمة لتتناول رداءها وتصل الى الباب بعد ان اضاءت الانوار.
" ماذا يجري ؟" سألت بغضب الرجل الطويل الواقف عند الباب بعدما نزع اصبعه عن الجرس وراح ينظر اليها ثم الى شعرها الرائع الكثيف وبشرتها الجميلة .. بعد ان تفحص ملامحها الجميلة انتقل بنظراته ليتأملها مما جعل لايث تحكم حزام الرداء القطني حولها ثم انهى تأمله بالنظر الى قدميها الجمليتين الحافيتين .
" عمت مساءً " قالتها بطريقة جافة وحاولت اغلاق الباب في وجهه عندما لم يباردها بأي جواب , لكنه كان قد وضع رجله في الطريق " ماذا .." بدأت تستفيق كلياً وقد اخذت تشعر بالذعر .
اجاب الرجل الطويل بإقتضاب " انا ابحث عن ترافيس هبوود " مجرد معرفته لترافيس طمأنتها وخففت ذعرها
" ترافيس .." توقفت فجأة بعدما شعرت بأنه عليها حمايته من هذا الرجل في حال كان يريد إيذاءه ..... وهذا ما قد بدا عليه , سألته " لماذا؟"
ولما لم تلق جواباً عادت لتسأله بطريقة فظة " من انت؟"
لم تحصل لايث على اسم هذا الزائر الليلي ولكنها شعرت بالامان حين قال لها " انا ابن خالته "
يتبع