كاتب الموضوع :
المحرومه من الحنان
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
اتسعت عيناها ، وأدركت أنه أحس بانجذابها له فقد انطفأ بريق عينيه
وماتت ابتسامته ، وأخذ نفسا عميقا وحدق في شفتيها .
شعرت بالدوار مرة أخرى ولاحظ ذلك فزاد ضغط يديه على ذراعيها
مال جسمها ناحيته ، وأرجعت رأسها للوراء ، حركات بسيطة لكنها معبرة ،
ولاحظت اقتراب فمه منها .
ظهر مالكوم " هيا يا كاتى ، ماذا تفعلين ؟ "
قفزت كاترين تلقائيا ودفعت صدره بيديها وتخشب جسمها وانزلقت يداه
من على ذراعيها بدون تردد ، ووجد أمامه الرجل الذي كان بجانب كاترين طول
الليلة ، فقال : " من أنت ؟ "
فاقتربت كاترين من مالكوم ووضعت يدها على ذراعه وقالت :
" إنه كالو ستيوارد ، خطيبي " ثم نظرت لكالوم : " مستر بالانتين ظن أنني
سيغمى علي يا كالوم ، وكان ذوق منه أن يقف ليساعدني . "
شعرت بالسخونة في وجهها لأن لاحظت في نظرة مالكوم عدم اقتناعه لعدم
وجود علامة شحوب على وجهها الآن .
وضع كالوم ذراعه حول وسطها : " أتشعرين أنه سيغمى عليك ؟ "
" قليلاً ، أنا بخير الآن " وجازفت بالنظر إلى زاشارى .
نظر زاشارى لكالوم : " لو كنت مكانك لما تركتها بمفردها " ، " فقد بدا
الأمر وكأنها ستسقط بين ذراعي أي شخص غريب "
فردت كاترين : " لا بالمرة ، فقد كان دوارًا لحظيًا وكنت متأكدة أنه سينتهي
بسرعة "
11
رد زاشارى ساخرًا " كان ذلك واضحًا "
قال كالوم : " أشكرك لوجودك بجانبها في الوقت المناسب يا مستر
بالانتين ، قد استمعنا لحديثك على العموم " صافحة فرد بالانتين : أشكرك .
" أشكرك مرة أخرى على عنايتك بخطيبتي ، والآن بعد إذنك فقد أوقفت
" تاكسي " بالخارج " هيا يا حبيبتي "
قد ترى أي أمرآة زاشارى فارس أحلامها . وبالتأكيد كان صديقه الذي
مات على الجبل معجبًا ، وتذكرت قصة بن ستورى التي نشرت في أعقاب موته .
وكان على نفس الصفحة التي نشرت فيها قصته صورة زوجته تنظر بعيون غير
دامعة للكاميرا وأصغر أطفالها على ذراعيها وكان الآخر أمام ركبتها .
تذكرت كاترين أيضًا العنوان : " يتسلق جبال مات وهو يفعل ما يريده "
كان هذا تعليق ( ويندى ستورى ) المرأة التي ساندته وولدت أطفاله وأعجبت
بشجاعته كالآخرين ، لكن كاترين أعجبت بها أكثر .
جلس كالوم بجانبها بالسيارة ومسك يدها ، قالت له : " شكرًا للماء إنك
لا ترغب في غزو الجبال يا كالوم "
رد كالوم بتلقائية : من قال لك ذلك ؟
نظرت له بنظرة مرعوبة .
ضحك كالوم وجذبها بين ذراعية ، وهمس في أذنها " لي رغبات أخرى "
تركته يقبلها قبلته لتمحو آثار القلق الذي بدا في عينيه الخضراوين .
شقتها في الحي الداخلي ب ( هيرين باي ) وقد تشعث شعرها وتلاحقت
أنفاس كالوم . أخرج محفظته ودفع للسائق أجره وتبعها لداخل شقتها .
12
أعدت قهوة وجلست بجانبه على أريكة لا تتسع إلا لاثنين في غرفة
الجلوس ، أخذ يشربا القهوة وأحاطها بذراعه فأسندت رأسها على كتفه وقالت :
" أنا فعلا متعبة يا كالوم "
رد كالوم وهو يتحسس شعرها : " أنا شهواني وأناني "
- " لا ، لست كذلك . أنت ألطف إنسان عرفته ، لكنك على حق فما زلت
مصابة بالأنفلونزا ،، أنا آسفة "
- " لا تقلقي ، سأنتظر حتى تشفي تمامًا " وقبل جبينها كان ألطف إنسان
عرفته ، فلماذا وجدت نفسها فجأة لا تطيق رايته ؟ ولماذا أحست أنه ، إذا لم يتركها
الآن فستصرخ ؟ قبلته قبلة عابرة في شفتيه ثم قامت ورفعت كوبيهما وقالت :
ربما المرة القادمة .
لو كان رجل آخر ، لنام معها في السرير بمجرد أن وضع خاتمًا في إصبعها
وربما يفعل قبل ذلك ، لكون كالوم مختلف ، فقد اعتاد أن ينتظر اللحظة المناسبة .
لكن هذه اللحظة تأخرت بسبب الأنفلونزا التي أصابت نصف السكان في هذا
الشتاء ، وأخذ يرسل لها الزهور ويتصل بها كل يوم أو يذهب إليها عارضًا
الطعام أو التمريض . لكنها أرادت فقط أن تشرب الحساء وعصير البرتقال ,
وألا يراها وهي مريضة . لكنه لم يقصر على ذلك بل اتصل بأختها وميراندا التي
ذهبت إليها بانتظام بحساء الدجاج والأسبرين ، وأحيانًا كانت تصطحب معها
في زياراتها أصغر أطفالها الثلاثة وتأمره ألا يدخل الغرفة الممتلئة بالفيروسات وألا
يزعج الخالة كات .
اتصل كالوم بالتليفون لتصل إليه سيارة أجرة بينما دخلت هي لتغسل
13
الأكواب غسلتها بإتقان فلو تركت شيئًا عالقًا بها فسيغسلهم كالوم بنفسه .
وقف كالوم باب المطبخ : " سأتركك الآن ، سيحضر التاكسي بعد دقائق "
مشت معه ناحية الباب ، قبلها بلطف وتحسس شعرها ثم خديها وابتسم لها .
تذكرت ملمس يدي زاشارى عندما أمسك ذراعيها ، جلده أقل نعومة من جلد
كالوم .
أغلقت الباب وراء كالوم وأسندت جبينها على الحائط المطلي . ماذا حدث
لها الليلة ؟
أخذت حماما دافئا ، ورقدت على سريرها مرتدية قميص نوم رقيق أطفأت
النور ، وحدقت في الظلام مدة طويلة ، ولما أغلقت عينيها أتى هو ، وكان
كعادت ، الرجل الذي جذبها بقوته وذراعية الآسرتين ونطق بكلمات لم تسمعها ،
ارتعبت وتلاحقت أنفاسها حتى جاءها صوت وسط الظلام الدامس يقول لها :
" ثقي بي "
أعاد الصوت الجملة ليؤكدها حتى تهدا ، أحست بفمه فوق شفتيها
وأنفاسه تملأ كيانها ، ودفء جسمه يتخلل جلدها البارد . رفعها وحملها إلى
الخارج سواد الظلام ، إلى نصاعة الضوء فتحت عينيها ورأته .
حملت به كثيرًا وعرفت الآن أن ضوء الشمس جاء ورائه فخلف ظلالاً
على ملامحه ،،، فلم تستطع أن تعرف ملامحه أبدًا .
واختلف الأمر هذه المرة فعيناه شديدة الخضار ، شعر ناعم ، لكنه متموج
بعناد ،، العضلات واضحة في صدره العرى وكتفيه . نظر إليها وابتسم
وأحست بشفتيها تحترق من نظرته . أحنى رأسه وما أن لمس فمه فمها حتى
14
سحبت عيناها في الظلام . دق قلبها وكأنها تجرى وابتلت ملابس نومها بسبب
العرق الذي تصبب من جسدها الساخن ، أخذت تجذب ملابسها ثم جلست
وإضاءة المصباح المجاور لسريرها وأزاحت شعرها للخلف ونظرت لساعتها . لم
تنم أكثر من ساعة ،، رمت نفسها على المخدة وتركت المصباح مضاءً وحدقت في
الحائط المطلي بلون الكريمة أمامها .
لم تستطع أبدًا رؤية ملامح الرجل الذي أتى لها في أحلامها . أحيانا تقوم من
نومها تبكي لأنه لا يظهر لها فلا تعرف شكله . الآن وللمرة الأولى رأت وجهه
بوضوح .
15
نهاية الفصل الأول
|