17-02-10, 02:45 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
الادباء والكتاب العرب
صالح بن ابراهيم بن صالح السكاك , اسطورة ساش , دار الفارابي , 2009
بسم الله الرحمن الرحيم
صالح بن ابراهيم بن صالح السكاك , اسطورة ساش , دار الفارابي , 2009
"يا من تقرأ قصتي إقرأ وافهم وتخيّل أنك تريد إنقاذ صديق لك وتذهب إلى صديق آخر لك لينقذك وتجد المنقذ قد مات كذلك!! أتفهم يا من تقرأ آهاتي أم أنك ككل البشر تفهم ما تريد فهمه وتدع ما لا يرضي غرورك وأنانيتك! أسمع صرخات الليل عندما كنت أمام جثتَي صديقيّ، أدرك معنى الفراق بالموت، أفهم معنى أن تنتشل من روحك أغلبها وتظل روحاً ناقصة بلا إدراك وبلا فهم وبلا إحساس لما يجري حولك وخلالك! إذا فهمت يا من تقرا كلماتي السابقة فهماً عميقاً يحقّ لك أن تكمل قراءة قصتي وإلا دعك من الكذب على الذات". بهذه الكلمات قدم الروائي السعودي الشاب صالح بن ابراهيم بن صالح السكاكر (مواليد 1984) روايته الأولى " أسطورة ساش" (دار الفارابي).
لا تزخر هذه الرواية بالحبكة المتقنة فحسب إنما تتميز بمزج الفكرالفلسفي بالأدب وتطرح أسئلة كثيرة من خلال الحوار والمناقشات بين الأصدقاء الثلاثة الذي يشكلون أسطورة ساش: سامي، أحمد، شاهين. كذلك تعيد هذه الرواية إلى الأذهان الكثير من القيم التي باتت مفقودة اليوم في عصر الاستهلاك السريع لكل شيء حتى العواطف، وما يثير الدهشة أن شاباً ينتمي إلى جيل ثورة الاتصالات والانترنت يكتب عن هذه القيم ويعطي أهمية خاصة للصداقة التي يحددها في بداية الرواية بأنها "جنة بل أعطية، لا تعطى ولا تمنح إلا لمن يستحقها، الصداقة ذلك الشيء الذي تتلاشى أمامه كل الأشياء ويقف الجميع له احتراماً وتبجيلا وتحية".
تتمحور القصة حول أصدقاء ثلاثة سامي وأحمد وشاهين، كانوا كالجسد الواحد إذا اشتكى أحد اتحد الثلاثة لنجدته ومساعدته. سامي كاتب يحلم بكتابة رواية أو قصة يضمنها وحزنه وواقعه وما يؤمن به ليخمد الصراع في داخله وإثبات الذات. شاهين رسام وشاعر ومتأمل يحاول اكتشاف الشيء الغامض والمبهم في كل إنسان، الذي لا يراه الانسان في نفسه. أحمد فيلسوف ساخط يعشق الخلوة والانطواء ويعتبر أن مهمته كفيلسوف هي أن يمقت كل وجود للكذب والدجل.
لم يحاول الكاتب الاختلاط بغير صديقيه ولم يكن اجتماعياً، كتب الكثير لكن كتاباته بقيت في الأدراج، كان يكتب فقط من أ جل أحمد وشاهين، عندما يرى الانسان أن أحلامه والطريق إلى تلك الأحلام بدأت تتحقق تصبح الدنيا في عينيه جنة عظمى. يكتب اليوم ذلك الماضي كيف كانت روح أحمد كأنها طائر يحلق في السماء.
إن لكل كائن صديقاً في داخله وأغلب البشر لا يعرفون ولا يدركون أصدقاءهم الحقيقيين الموجودين في ذواتهم لأنهم لا يعرفون حتى الآن أنفسهم. قد يكون ذلك الصديق الكائن في داخل كل واحد منا هو الضمير، كثيراً ما لفت الكاتب أن "من البشر من يجعل من الأقنعة نقاباً على وجهه الماكر يخفي به عكر الياه التي تحوي أعماقه".
عن هذه الصداقة وعن هذا الواقع تدور نقاشات طويلة بين الأصدقاء الثلاثة تتخللها طرح أفكار فلسفية ووجودية حول الانسان الذي "كلما كبر واشتد عوده، الأحرى به أن يكون أكثر طيبة وشفقة وعطفاً على غيره من بني جنسه، لكن الواقع عكس ذلك تماماً، فكلما كبر ازداد عنفاً وجبروتاً وكأنه يملك كل شيء، ألا يعرف ذلك الانسان أنه لا شيء يذكر في هذا الكون!" كذلك تناولت الحوارات الإيمان بالله الذي هو الحب والخير ورفض استمرار الشر والعبودية والجحود.
أسطورة ساش هي الماضي الذي يعني شاهين وأحمد، هي الأمل الذي غمر الأصدقاء الثلاثة بالسعادة لدى تناولهم مواضيع الوطن والتاريخ وأخذ العبر ممن سبقوا، هي المستقبل، الذي لا يستقيم إلا بالنظر إلى الماضي، الذي يعتبر فهمه أبسط طريق للحصول على لغز المستقبل، هنا يكمن الفرق بين الانسان والحيوان. "الربط بين الماضي والحاضر هو ربط بين الأحداث الماضية وبين النتيجة والسبب وجعلها نماذج متوخاة لمحاولة إدراك المستقبل"، كما ورد على ألسنة لمتحاورين.
تشارك الأصدقاء الثلاثة هموم الحياة وظلم الدنيا لهم، فحارب سامي عقلا لا يرضى إلا بالانتصار على مالكه. صدم من إصابة صديقه شاهين بمرض السرطان فأصبح المرض واقعاً يعيشه الثلاثة. كان سامي إلى جانبه وهو يحتضر وشهد موته، كذلك شهد موت أحمد، فشعر بحزن يعتصر قلبه، يقول في الرواية: "أحياناً مع قيمة الحزن الصامت أصاب بالجنون. ما هو الحزن؟ هو ألم يخرج من داخل الروح ويجعل الانسان زاهداً مبتعداً عن مسرات الدنيا... مرت السنوات وستمر غيرها وستظل أسطورة ساش عظيمة لأنها خلقت من الألم".
للتنزيل من هنا
قراءة موفقة للجميع
|
|
|