كاتب الموضوع :
Jάωђάrά49
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
الجزء الثالث والعشرون
ان شاء الله
لفت الصدمة العمة المكلومة لحال ثريا
ونظرت اليها فقد بدت كالمجنونة وهي تبحث عن نقابها
بينما كل شيء في الغرفة واضح
نظرت اليها وهي تشعر بالذنب
للحظت شهدت توقف ثريا وانخراطها في بكاء مرير
اقتربت منها وهي تقول :
- هيا تعالي اجلسي هنا ...اهدئي الله سترك يارب اللهم احفظه
ساتي بملابسك والبسك اياها ونذهب
قالت ثريا جاحضة العيون تكاد تفقد ما تبقى من عقلها:
- يارب اتوسل اليك يارب اتوسل اليك يارب يا رحيم ارجوك لاتحرمني منه ارجوك لاتحرمني من عثمان لاتحرم ابني من والده ..ارجووووووك.....
بعد ان البست العمة ثريا ملابسها بعناية وهي تحاول تهدئتها قالت:
- ارجوك ثريا حافظي على هدوءك فالان زوجك يحتاجك
كانت ثريا وهي تنزل الدرج مع عمتها ترتعش في داخلها
تتمنى ان يحمي الله فؤادها
ان يحفظ الله القلب النابض فيها
فان حصل ومات عثمان فلن تستطيع العيش
تعلم انها سيكون مصيرها الضياع من بعده
قد يكون قاسيا مستبدا
لكنه زوجها ولن تتخلى عنه الى ان ترى انه بخير بام عينيها
خرجت الاتنتان ومشتا الى موقف سيارات الاجرة
كانت ثريا تائهة ضائعة لاتستطيع ان تفكر في شيء سوى عثمان وحالته
تهاجمها اشنع الهواجس
وتحرك راسها بعنف لتنفض عنها الخوف
وانفاسها تتحرك مهددة بالانقضاض على وجنتيها دمعا حارا
يشفي اذا كان سيشفي شيء مما في صدرها
لكنها لاتريد ان تبكي انه بخير باذن الله بخير ولن يحرمه الله من ابنه ولن يحرم الله ابنه منه
دعت وتعالت روحها مع نور الخشوع
وارتبطت بالسماء وكانما ترى بابها مفتوحا
وهو ليس سوى ايمانها بان الدعاء سيصل وان الله موجود ينتظر ان يستجيب له العبد بالدعاء
شعرت بيد عمتها على يدها الباردة وهي تقول:
- ابنتي حبيبتي ارجوك اصبري هيا لن ندع السائق ينتظر اركبي في الخلف ساركب قربك
ركبتا السيارة بسرعة ولم تكن ثريا واعية تقريبا فقد اتكلت على عمتها في كل شيء
كان قلبها يتوجع في افكارها التي توسوست كليا
تراجعت الى الخلف لتسند نفسها على المقعد
نظرت اليها عمتها بقلق
كانت تضهر فقط عيونها ترى فيهما الحزن
وتاسفت لانها لم تعش مع هته الفتاة مدة اطول لكانت علمت كيف تفكر الى ماذا تحتاج الان قبل اي وقت
الاسى يملأ جوها ويخترق عالمها المسكين
عيون ثريا الرمادية كانت هائمة
تفكر فيه وفي هيبته في قوته ارادته
دائما هكذا حتى وان آلمها فلن تريه آلامها فحبها له غريب
يكتسح فيها السعادة ليحولها الى جمرات موجعة
ونظرة اليه تحول الالم في قلبها الى حياة
فهي لاتنسى قلبها التي تقشفت عروقه وكاد ان يموت من حسرتها
لكنه اتى وكأنه كأس ماء ارواه وجعله مزهرا باشواك قاتلة
تدري انها لن تستطيع مهما فعلت ان تضهر القوة بدل لضعف
لكن لايمكن لاحد ان يجبرها لانه قلبها
فآآآآآآآآه لو ذهب قلبها عنها فستفقد طعم الحياة والوانها البهية
ستنطفأ الشمس
ستقفل نوافذ بالهواء ترضيها وستذبل
لن تستطيع ان ترى احدا بل قد تقفل على نفسها لمدى الحياة لانه هو الهواء في راتيها هو عيونها الرمادية
فهو يخلق فيهما التألق هو يشعلهما عاطفة وهو من يجعلها تتقلب غضبا
لكن لذة العيش معه لاتنسى
اعطى طعما لعمرها كله لن تتخلى عنه في هكذا ضرف ابدا
ستسجد لله ستدعوه بان يطيل في عمره لانه الشعلة المضيئة في افكارها وقلبها وكل عروقها
اهتزت لدى سماع صوت السائق الكبير في السن يقول:
- وصلنا سيدتاي
نظرت الى ماحولها باهتمام يصعب على عمتها عدم اظهار الشفقة فيه على حال ثريا
التي بدت عيونها حمراء من دون دمع بل محمرة بالجمرات التي تكوي كيانها التي تعصرها عصرا
فالقادم يصعب عليها تحمله
خرجت بسرعة من السيارة ونسيت حتى حقيبة يدها قطعت الطريق الفاصل بينها وبين المستشفى ودخلت اليه
نظرت اليها عمتها بتوتر
وهي تتبعها بعد ان اعطت السائق الاجرة وتاخد حقيبتيهما
توجهت الى حيث وجدتها
تسال الفتاة المحجبة في الثلاثينات من عمرها:
- ارجوك ..سيدتي هل دخلت هنا حالة ...اقصد رجل في الثلاثين من عمره تعرض لحادث في سيارة جيب على الطريق السيارة هته الليلة
قالت الشابة التي شهدت القلق في عيون الفتاة:
- اجل هناك ثلاث حالات... اثنان منهما فوق في الطابق الثاني والاخرى في حالة خطيرة ادخلت لغرفة العمليات
دون ان ترد حتى بشكرا
تحركت ثريا بحذائها العالي قليلا الى المصعد وقد لاحظت ان المشفى ممتلأ بالحالات التي تقشعر لها الابدان
خافت وخوفها بات كالغشاوة على عيونها
كانت عمتها وراءها تحاول ان تستعلم اكثر عن الحالات لكن الفتاة لم تخبرها بشيء كثير تقدمت من ثريا وهي تقول :
- ثريا عزيزتي تحلي بالايمان ....ارجوك
وضعت يدها على ذراعها
ونظرت اليها ثريا بعيون تائهة محترقة لاتريد ان تصدق بل انها تضن انها ليست هي الان من يندفع الى المصعد الذي خرجت منه ممرضتان ودخلته هي وعمتها
في الطابق الثاني بعد ان خرجت من المصعد
بقيت واقفة مسمرة في مكانها لم تستطع الحراك
تتذكر اثنان هنا والاخر في غرفة العمليات
قالت تمسك بيد عمتها وانفاسها تتلاحق:
- اذهبي واسالي انت انا ... انا سابقى هنا... لا استطيع اخشى انني لن اتحمل
اقتربت من مكان للجلوس وجلست منحنية الظهر فقالت عمتها:
- هل... هل انادي لك على ممرضة ان شعرت بتوعك؟
قالت ثريا تحرك راسها بعصبية :
- لا عمتي
ارجوك اسرعي لم اعد استطيع الصمود اكثر ارجوك اذهبي وتحققي
اجابتها لترضيها باي شيء:
- حسنا ساذهب حالا لن اتاخر
ذهبت عمتها
وبقيت ثريا في مكانها تنظر الى القلق البادي على وجوه بعض الناس ورائحة الدم والادوية تعبئ المكان
اغمضت عيونها وضمت يديها على حضنها والخوف يالمها ويزيد اضطرابها واخدت الدموع تتدحرج فلم تعد تستطع
تخيلت ان عمتها تاتي
وتخبرها انه هو من في غرفة العمليات وزادها الامر نكبة على نكبة
- لا ....يا ربي اتوسل اليك لا ...انا اريده بخير ...ارجوك يارحيم
المشكلة الكبرى انها لم تعطي نفسها الوقت للتفكير في العائلة
اذا حصل واتصل المشفى بهم ما سيكون رد فعلهم ؟؟
ماذا ستقول لهم اذا ماسألوها؟؟
سمعت وقع الاقدام يقترب منها ابت ان ترفع عيونها خوفا من القادم
يد عمتها ربتت على كتفها وهي تقول:
- انه بخير يا ثريا ...انظري الي وكوني قوية اذا اردت رؤيته الان فهو تحت تاتير المخدر...اعطني يدك وتعالي لنذهب اليه سمح لنا الدكتور بذلك
لم تستطع ثريا النهوض
فقد كادت تموت رعبا
ولم تبقى قوية لمدة طويلة بل ازداد نحيبها المقطع للقلوب
انتحبت وبكت بحرقة
اشفقت عمتها عليها وجلست بالقرب منها تضمها اليها بقوة
عسى ذلك يشعرها ببعض القوة والايمان
قالت بعد ان انتهت الدموع في جوف عيونها من النزول:
- فلنذهب.. عمتي
اسندتها عمتها بحنو:
- هيا..صغيرتي تماسكي ابنتي
امسكت ثريا ذراعها وكانها تحاول الاختباء من الالم والجرح والنزيف الغزير في قلبها عساه يزول
ودخلتا الى الغرفة التي كانت مشاركة مع رجالان آخرين ويبدو التعب والدماء من تحت الضمادات تقطع القلوب
كان هناك في السرير الاوسط مغمض العيون
مضمد الراس ويبدو على يده اليمنى ورجله اليسرى انهما مكسورتان من البياض الذي يلفهما
كانت ترى ذلك الوجه العزيز على قلبها يبدو متعبا
ارتعدت شفاهها تحت النقاب وارتعشت العيون بالدموع التي ان عبرت فهي تعبر عما يخالجها من ضعف من الم ومن حزن اكتساها كلها تقريبا استندت على عمتها التي لم تفتها حالها
وعلمت من نظرتها التي تشبتت بملامحه التي علتها بعض الخدوش
ان هته المراة صعب عليها الكذب
وصعب عليها تحمل البعاد عنه مهما ادعت ذلك
اقتربت منه وحمدت الله لان الرجلان الاخران نائمان ايضا لكي لايشهدى انهيارها هذا والدموع تبلل نقابها بدون هوادة
اقتربت منه وجلست على السرير بقربه
لم تدري ان هو فتح عيونه هل ستصمد
ام ستنتهي بالهروب
عساني انا قبلك انا ولاتكون انت في هذا المكان
ااه يا منبع حياتي يا حبيبي ليتني مكانك
همست بالكاد يستطيع احدهم تمييز صوتها ورفعت يدها التي ازاحت عنها القفاز ومررت راحتها التي انقلبت من البرود الى دفئ
بعد تاكدها من صحته وانه بخير:
- عزيزي ..ايها الغالي .. يا قلبي افتح عيونك ارجوك...عسى قلبي يستعيد نبضه من جديد
كان جامدا الجمود هذا ارعبها
لكنها حركت يدها قرب انفاسه المنتظمة وكانها تنفخ في جسدها لتجدد كل خلية فيه
انه حي يرزق لكن لو يتحرك فستكتمل سعادتها
نزلت فلثمت كتفه من تحت النقاب
اقتربت منها عمتها تضع يدها على كتفها:
- ثريا فلنخرج عليهم ان ينعموا بالراحة حبيبتي
قالت ثريا حيث نظرت الى عمتها ومن ثم اعادت عيونها على وجهه
فاخدت تعيد يدها في القفاز:
- س...سارى الطبيب
خرجت ثريا برفقة عمتها
وتوجهتا الى الطبيب الذي اشرف على حالتهم سالته ثريا تقول:
- ارجوك سيدي كيف حال الحالات في الغرفة ...هل سيستفيق الرجل الذي في السرير الثاني قريبا ...ارجوك طمني؟
تكلم الدكتور وبدى عليه البرود وعدم الاهتمام الشخصي:
- بخير سيستفيق بعد ساعتين على الاكثر فلقد عانى من الكسرين في يده ورجله لكنه سيتعافى بسرعة انه قوي حضرتك تقربينه
قالت ثريا بشجن:
- اجل انا زوجته
قالت العمة تسال:
- هلا اخبرتنا حضرتك ما حصل في الحادث؟؟
قال الدكتور :
- شاحنة دات حمولة ثقيلة
انقلبت الحمولة من الشاحنة
ما وجدناه ان السيد عثمان على ما اعتقد ...قد كان محظوظا فقد رمى بنفسه من السيارة في حين السيارة التي كانت وراءه صاحبها والاخر بقيا في سيارتهما
مما ادى باحدهما الى التاذي على مستويات شتى صعب الجزم بانه سيعيش
عن اذنكما لدي حالة تنتظرني
شكرته العمة نفيسة على اعلامهم بالوضع
تنفست ثريا الصعداء واقتربت من المقعد لتجلس عليه ووضعت كلتا يديها في حضنها فقالت عمتها تضع قربها الحقيبتين
وفتحت حقيبة يدها لتجذب منها محفظتها وتقول:
- ثريا ابقي عزيزتي هنا ساذهب لاحضار شيء نأكله اتفقنا
اومئت ثريا وقلبها وكامل عقلها مع الشخص في الغرفة البعيدة
تفكر كم هي محظوظة بان انقذه الله من تلك الحادثة التي كادت توذي بحياته
تحبه وتعرف الان ان حبها له يتعلى فوق اعلى قمم جبال في العالم ينشر علما بل اعلام الحب بكل شموخ
لاتتمنى شيء في الحياة غير كمالها وهو كمالها هو الجزء الناقص فيها
هو مفتاح الروح في جسدها
ليت الامور تسير بعد الان على خير ليتهما يعودان لبعضهما فلا يتطلقان
كيف لها ان تتركه كيف لها ان تتحمل سماع خبر مرضه وهي بعيدة عن حضنه
كيف تتخيل سعادته في فتراة من حياته دون ان تشاركه اياها
اجل يرفضها وهي ليس بيدها خيار
لكن خيارها ان تطلب الرحمان في ان يحافض على الصغير في بطنها عساه يجمعهما من جديد
**********************
في القصر
في هذا الصباح المختلف
نسائم الصيف الدافئة تعبث بالستائر البيضاء المفضية للشرفة
تغريد تلك العصافير ورونق صباح البادية الساحر لم يكن سبب استفاقة
عبير نشطة عن غير عادة
هو كلام امها الذي اخذ يصبوا الى عقلها
وانعاش قلبها الذي تالم لمدة بعد ما افترقت عن سعيد في الغرفة
انه الشخص الوحيد الذي يملأ خيالها وهي بين ذراعيه وهو يغلغل خصلات شعرها على صدره بنفحات انفاسه الدافئة
كم تعشقه حتى الدمار
وكم تشعر بالاسى لانها تعرف انها جرحته
باتت تشعر انها تنضج على يده
تتزين كسماء متلألأة في مرآآآآآآتها نهر هادئ صاف ولامع
انه في الغرفة فقد عاد من صلاة الفجر
ودخل على الجهة الاخرى التي تحافض على عزلته بتلك الستائر
انه بارد وجاف للغاية فالسلام تخرج من شفاهه الرقيقة القاسية
وكانما يستهزء منها متكبرا بطريقته
لم تعرف انها في يوم من الايام ستبدا في الاكتشاف ان للرجل طرق في جعل المرأة تندم ان هي ركبت دماغها او اسائت اليه
البرود هو ما لم تعهده فيه وما لاتريده ان يبقى
تريده ان يختزنها بين اضلعه ان يبقيها حوريته اللطيفة
ستسعى الى الوصول الى قلبه مرة اخرى
وستحاول ان تفتح معه صفحة جديدة عله يسامح جهلها وقلة خبرتها في هته الامور
بعد خروجها من الحمام وقفت قرب المنضدة واخدت المصفف لتقوم بتجفيف شعرها الاسود البني
واطفئته بهدوء
اقتربت من الخزانة واخدت فستان قصير فوق الركب
وبدون حمالات في اللون الاصفر الرقيق المزين بورود صغيرة بيضاء
انسدل ببساطة على جسدها
تعرف انها تبالغ فلا عادة لها في ارتداء شيء كهذا
وايضا مضطرة هي للتغيره لكي تنزل الى الافطار
لكن ان يراها جميلة يغرق مبسمها في بحر ابتسامات خجولة مشعة واحمرار طفيف يعلو الخدود
رسمت شفتاها باحمر شفاه في اللون الزهري ولمعته بحيث منحها روعة واضافت ماسكرا فوق رموشها المكحلة
اعجبت بنفسها بعد ان خللت اصابعها في شعرها
اقتربت من الخزانة
وشفاهها المبتسمة تشدو بدندنة رقيقة عساه يسمعها ياليته يفعل ذلك
لكن من اخبرها انه نائم؟؟؟
بل كان صاحيا
عاري الصدر بسروال في اللون الاسود
كان يشتم عطرها من هنا
والوجع يكتنيه من هنا
بل هي من توجعه حتى الالم بصوتها العذب الرقيق وهي تشدو بعدم اكثرات
الا تدري انها بذلك تحفز ما تبقى له من صبر عليها للانهيار
لايريد ان يخرج ليحتضنها
ويكتفي من وجعها المعذب هذا فقد يكون عاصفا
وقد لايضمن ان يكون لطيفا معها
احتفض برباطة جأشه ووقف يضع يدا على خصره القوي ويدا يبعثر بها شعره دون شعور
حار في كيفية الخروج حتى
لكنه خطى الى الامام وخرج
قبل حتى ان يرفع عينيه الناريتين اليها عصف بقلبه وبعروقه العطر الذي يتغلغل اصلا في صدره حتى صار ممزوجا بانفاسه لايمكنه تجاهله
رآى ما صعقه بمرة واحدة
كم تبدو له شهية وبريئة حتى في وقفتها امام سريرها دون ان تنظر اليه منحنية على قمصانه
الوجع منها تسلل الى كامل اوردته اذاب كل خلاياه وتسرب كحرارة وغليان اهوج من جميع مسامه
اذن هي تعتني بنفسها هكذا
لكن لما بالتحديد تفعل ذلك وفي الصباح
ابعد اهتمامه من جمالها
فان اطال ذلك سيتحرك منوما اليها ولايريد ان يفعل ذلك
ترسى على قمصانه بين يديها الدافئتان
الان عليه ان ياخذ قميصا ما
وهي لم تفكر في اعادة ترتيبها سوى الان
دخل الى الحمام لينعش نفسه بحمام بارد
عله يبرد النار في جوفه
ان الفتاة تعبث بكيانه كما لم تفعل امراة فليس هذا في مصلحته
يحبها اجل يكاد يفني عمره من اجلها
لكن ليس عليه ان يدعها تشعر انه بدونها لن يستطيع ان يعيش
رغم ان هته هي الحقيقة فقد عادت الشيء الوحيد الذي يستطيع تشتيت تفكيره عن اي هم او عمل او اي شيء آخر
فما ان تتربع على صدره وتخفي راسها في عنقه حتى يشعر ان قلبه سيقفز من اذنيه
علمت انها تلعب بالنار لكنها نار حبها فليست بالنار الحقيقة
وان كوتها فسيكون ذلك اجمل شيء يحصل لها
خرج من الحمام وقد لف جسده بقطرات المياه الباردة على جسده في روب الحمام" اكرمكم الله"
كانت تشعر بوجوده لكنها لم ترد ان تستدر
مشط شعره الكث ولم يحلق ذقنه منذ يومين فاراد ان ينبث الشعر فيه قليلا يعطيه جاذبية اكثر
ارتدى سروال الجينز الاسود
ولعن في نفسه فقامتها المديدة المنعكسة في المرآة تكاد تدمر كل ما يملكه من ارادة
اقترب من مكان وقوفها وهي تشدو بدفئ
غمره احساس بالشوق المألم اكثر فاكثر
فقد كانت قمة في الروعة لم يفته منها ولا جزء
تنفس الصعداء ومد يده وراءها على قميصه الاسود
واخترقه عطرها الندي
ضن انه سيفقد عقله سيجن ان لم يلمسها انها تتلاعب به يشعر بذلك فليس بالغبي
كانت تحس بالدوار وانفاسه تقترب من كتفها واذنها
تطرب قلبها بسعادة عله يضمها وينتهي هذا الوضع
لكنه همس ليظهر قمة التحكم في النفس:
- عبير غيري هذه الملابس وارتدي شيء محتشما
جحضت عيونها وترقرق الدمع فيهما
واعتلتها رجفة والم لايضاهيه الم
استدارت تنظر اليه لتفهم كلامه:
- انا لا افهم... ماذا.... في ...ملابسي؟
قال يقاوم النظر الى فمها الذي يذكره بلحظات تكاد تبعثر كلامه في الهواء:
- ....ليست محتشمة ولسنا في الليل الان
ابتعد يرتدي قلادته والقميص ويرش بعضا من عطره ليقول من دون ان يراها او ينظر اليها:
- سآتي اليوم الى الغذاء... السلام عليكم
خرج ليتركها تشعر بالاسى الكبير
لمحت شبحها الشاحب في المرآة
والذي بكلامه فقد الدم من عروقه
وشعرت بالخجل من نفسها جلست واتكأت على العمود في السرير
نظرت الى الفستان وحركته الى اسفل قليلا
غصة تبتلعها كالصخر في حلقها اوقفت الدموع قبل النزول
**********************
في بيت هود
كانت بين ذراعيه نائمة غائبة عن العالم الان
تثير فيه حب الحماية والرعاية
يعرف الان انها انسانة بقلب كبير خلافا عن الاب الكريه
ويتمنى من الله ان تكون اختها بمثل رقتها وسماحها
المهم لديه الان هو عشقها السالب للروح من مكانها ليرسلها الى اعالي السموات تحلق بين الطيور
كانت قد ابحرت به في بحر السعادة الى ما لا نهاية بخبر الحمل
انه اسعد الرجال وسوف يصبح ابا
سيتبث لابنه او ابنته انه رجل يستحق ان يحصل على امراة وطفل
سيحقق لنفسه ذلك النجاح فهو يستحقه
تململت جميلة لتعتدل وتنظر اليه بين رموشها المنعسة
- انت مستيقظ ...؟؟؟اوف منك لما لم توقظني.. لكنت حضرت الافطار
قال يعيد راسها الى المخدة قربه ويسند نفسه على ذراعه:
- انا من سيحضر الافطار لست جاهلا ...نسيت انك البارحة كنت مريضة واكتفيت حتى اللالم من الاستفراغ اخفتني فلاتفعلي بي ذلك مرة اخرى
ابتسمت تتمطى مغمضة الاعين كقطة :
- تعرف انه ليس بمشيئة لي ما يحصل
تدري انه من يختبئ في بطني السبب واحـلــــــــــــى سبب
قبل جبينها واسند راسه عليه
ومرر يده على بطنها وهو يهمس:
- جميلة ...حبيبتي ..علي اطلاعك على امر...يخص اختك
فتحت عيونها وقد اندهشت لكنها تشعر بالحزن بدل السعادة
- هود ...ماذا تعني باختي؟
قال يبعث الدفئ في بطنها بلمساته الحانية:
- اخبرتها بما عليها ان تعرفه
تركت الامر بيدها الان
وان هي ارادت فسنتمكن من رؤيتها عن قريب
قالت جميلة تمرر يدها على يده فوق بطنها وتنفسه بعمق:
- هل تشبهني اختي ...هل لها من ملامحي شيء؟
قال يجيبها وهو يحتضن يدها ويقبلها قبلات دافئة:
- اجل....تشبهك انت اروع
هي تبدوا اصغر منك واكثر دلالا فالعائلة التي تعيش في كنفها غنية ولامحال هي الان تحاول الاستفسار
نظرت جميلة اليه تحرك وجهه اليها:
- الم تتسرع اليس من الخطير اسراعك في اخبارها لربما لانها مسكينة وصغيرة صعب عليها تفهم الامر ليس مثلي انا ...فعلا اشفق على حالها
فلربما تتالم لمعرفة ان من احبتهم كعائلة لها لم يكونوا كذلك
قال هود يمرر اصابعه على وجهها وخصلاتها:
- عاجلا ام آجلا كانت ستعرف لست انا المذنب فلقد كنت يافعا ومراهقا احمق لايعرف لتلك الامور شيء
لكني الان اعلم جيدا مهية عملي ان تعرف هو المهم...والمخطئ في الامر برمته والدها المزيف...ومع احترامي لك ووالدك الخبيث الفاسد ايضا
عندما تتذكر والدها وما فعله بها وما كان يفعله بامها
تشعر ان الله افرج عنها كربها فلو لم يكن هود قد احتضنه حبها فلاتظن ابدا كيف كانت ستعيش مع الحقير الاخر
ضمت نفسها الى صدر زوجها واغمضت عيونها تقول:
- الم تخبرك هند متى سنلتقي
قال يحرك راسه:
- لا للاسف ...ولكن لاتحملي هما فمتى شعرت بالحاجة لمعرفة تلك الامور فستاتي الينا على وجه السرعة
قالت تساله بفضول:
- الا يزال اسمها هند الم يغيره ذلك الرجل؟
قال هو بجدية:
- لا في ذلك الوقت الصغيرة كانت آلفة لاسمها ورشيدة المراة التي ربتها كأم احبت الاسم فلم تشعر برغبة في تغييره
تاسفت جميلة لان اختها كبرت بعيدا عنها
لكن من جهة اخرى حمدت الله على ذلك
لانها لم تضطر للتعرض للضرب المبرح والسجن
ولكن الخوف اعتلاها هو والاهتمام لتعرف كيف الان هي ردة فعلها مع اسرتها
**********************
في القصر
بجناح سليمان وفاطمة
سليمان الذي اخذ جلبابه الاحمر القاني وارتداه وقف امام المنضدة يعدله جيدا ويمشط شعر راسه ولحيته
قالت فاطمة التي كانت توضب السرير وتنفضه
- سليمان ...عزيزي لم اخبرك بآخر الاخبار
قال سليمان يقفل ازرار القميص عند ياقته
- وماهي هته الاخبار اللهم اسمعنا خيرا؟
قالت تحمل روب نومها لتقوم بتعليقه على المشجب :
- انه عبد الصمد لقد عجل بموعد الزفاف في الاسبوع المقبل
نظر سليمان الى زوجته وقد علت حواجبه ورفعت كتفيها علامة ليس بيدي حيلة:
- هلا افهمتني مايدور في خلد ذلك الولد
اعجز فعلا عن فهمه
حسنا على اي حال هو زفاف فقط اسرع فيه كان ام ابطئ فهو من سيتزوج
طال بفاطمة الكتمان فهي تشعر انها لاتستسيغ الزواج من اساسه :
- عزيزي شئنا ام ابينا ذاك ابننا وعلينا ان نرى ما يرضيه وتلك الفتاة تعبث بمشاعره ....لست ادري ان كانت فكرة سديدة بان زوجناه منها لكن كن واثقا ان زواجه سيجلب لنا الفضيحة على اي حال
استدار سليمان وقد انتهى من وضع عطر المسك على ملابسه ليجلس وينتضر ان تلبسه جواربه وشربيله
- لكن عن اية فضيحة تتكلمين يا امراة الفتاة مادبة بل ووالدها رباها افضل تربية
اجابته فاطمة ممتعضة تلبسه جواربه:
- يقول ان مشاكل قد صادفتهم ما يدفع بابني انا ان يتزوجها بهته السرعة...انها ليست ابنة سي محمد فعلا اكاد ابكي على بني المسكين وحظه الذي جمعه بها
قال سليمان بصوت غامض:
- لاحول ولاقوة الا بالله...انا ادري عن الامر هو سر بين صديقين لايقال ووعدته بذلك فلاتنظري الي يا زوجتي بعينيك تلك
قالت فاطمة تنهض بغضب:
- ولم تخبرني ...لم تخبرني يا سليمان عيب عليك والله كنت منعتني من عرض الزواج على تلك الفتاة لما فعلت بي ذلك لما ....ااه اه
نظر سليمان لزوجته التي بدت حساسة للوضع وكانها مستفزة الى اقصى درجة:
- يا غاليتي يا ام اولادي سواء اخبرتك ام لا الولد يريـــــــدها هذا يجعل الموضوع من اساسه مستحيل فيه الرفض
الفتاة تربت احسن تربية ودرست احسن دراسة وتعرف كيف تتعامل مع الطبقة التي هي مثلنا لاتنسي انها عاشت مدللت الى اقصى الدرجات ....وسبق ومدحت طبخها يا امرأة وجمالها وعيونها وانها بدت لك في قمة الجمال وستحصن ابنك من الزلل فما الذي تريدينه....؟؟؟
ارجوك يا فاطمة لاتكوني انانية وفكري في ان ابنك يحتاجها وان رفضناها
لاتنسي انهما زوجان قد نفقد ابننا قد ينتهي باخذها والذهاب بعيدا ولست بمستعد ليبقى كل اولادي بعيدين عني....تاخرت عن العمل
انحنى يقبل راسها رغم غضبها وخرج
بعد ان اطلق السلام
شعرت فاطمة انها تستفز فعلا بهذا الوضع
هي تريد الاصل قبل كل شيء بعدها يليه الجمال وما الى ذلك
كيف الان ستعاملها ستنظر اليها دائما كما لو من مرتبة الخدم
ولاتزال الفكرة في راسها مترسخة
الاصــــــــــــل هـــــــــــو الاهـــــــــــــــم
**********************
في المستشفى
الساعة تقارب الحادية عشر والنصف
وجدت ثريا نفسها بعد عودة عمتها جائعة فعلا فبعد ان علمت بان الطاغية في حياتها حي يرزق
انشرحت ملامحها وبدات تهتم لمن حولها وتشعر بالاسى على عائلات الضحايا في الطرقات
كيف للانسان ان ياتي ويتاكد من ان الميت يخص عائلتهم
الصعقة تكون قوية ويصعب التحمل
لاتدري ما كانت عليه الان لو ان عثمان مات لكانت انهارت بل جنت
والان لم تستطع عمتها تحت طلبها من الجلوس فكلما جلست تعود لترى ان استفاق عثمان من التخدير الذي يسبب له النوم
جلست العمة بالقرب منها تقول بصوت ثابت:
- قالت الممرضة سيستفيق بين الفينة والاخرى وفي هذا الوقت ....اسالك ياثريا ما الذي ستفعلينه بعد ان يفتح عيونه
قالت ثريا والارهاق باد على وجهها وعيونها الرمادية المنتفخة بالدموع:
- لست ادري لا استطيع رؤيته ...لااعرف ما ردة فعله لدى رؤيتي اشعر بالخوف فلربما رغم الحادث لن يتغير ..واشك قي ذلك
ربتت عمتها على ذراعها فوق العبائة :
- لاتكوني متشائمة اتينا اتنين وسنراه اتنين لاتتركين مع الشاب لوحدي وانت زوجته ...اصلا كلامك غير منطقي من قد يفكر في المشكال وهو على فراش المرض عليك ان تريه والا ساجعلك ترينه بالغصب
نظرت الى عمتها بامتعاض :
- عمتي انت لاتفهمين انا خائفة من ان يرفضني ان يراني و...
تقدمت احدى الممرضات تقول لنفيسة بصوت رقيق:
- سيدتي المريض الذي تسالين عنه في الغرفة رقم سبعة قد استفاق
قالت العمة تبتسم:
- اشكرك ابنتي...هيا ثريا كفاك ارتجافا الان لن يعضك فانت معي
قالت ثريا بشجن:
- لانني فقط معك لكن ان بقيت واياه وحدي فمن يضمن لي انه لن يعيرني
امسكت عمتها بيدها بقوة واجبرتها على الخضوع
حاولت ثريا جذب يدها من عمتها وهي تتوسل:
- ارجوك عمتي ارجوك لاتفعلي ذلك ليست لي القدرة على النظر اليه ارجوك عمتي
قالت العمة تقترب من الغرفة :
- اصمتي ولاتكوني بلهاء هو زوجك والواجب ان تكوني معه واضمن لك انه لن يفعل شيء يزعجك
قالت ثريا تحاول ايجاد الاسباب:
- ليس هذا عمتي تفهميني انا ..لا اقدر قد انهار
جرتها عمتها من يدها ودخلت تطرق الباب المفتوح اصلا
حيث كان الرجل في السرير الايسر يحدث عثمان عن حالته
استطاع الان قلبها ان ينبض بالحياة انه يتكلم لم يراها في تلك اللحظة لكن فقط بعد ان طرقت عمتها الباب حينها استدار
اوجعتها نظرته التي تسمرت على وججها المخفي وراء النقاب
تحركت عمتها تسبقها الى الاقتراب من عثمان
تحدثه بينما هي بقيت قرب السرير اسفل قدميه المدثرتين تشعر بالاحراج والحب في قلبها لهذا الرجل يتعدى البحار بعمقها وطولها
نظرت الى ملامحه الرجولية وقد بدأ التعب الغادر يغادرها
بدى لها كما تحبه رغم المرض الا انها شعرت انه فقط بصوته الذي تحدث انه ينفذ الى كيانها من كل منفذ تمسكت بمأخرت السرير الحديدية
قالت العمة مبتسمة:
- نحمد الله على سلامتك بني كيف تشعر الان؟
قال عثمان بصوت لايخلوا من رجولة تهز كيان ثريا :
- بخير الحمد لله فرؤيتكم اسعدتني ...الحمد لله على فضله اكثر وعلى كل حال
اردفت العمة تقول وملامحها تشفق على الشاب كما تقول:
- خفنا عليك يا ابني كثيرا سمعنا انك نجوت باعجوبة عساها تكون من مغفرة الذنوب لك
قال عثمان يبتسم بشبح ابتسامة ويطالع تلك العيون السابرة البعيدة عنه ترمش وترتجف بخفة احس بشيء يزعزع كيانه انها حامل وقد نسي حتى الان ذلك قال يسالها:
- ثريا كيف حالك ؟
اهتزت ثريا لدى سماعها لاسمها ينطق من اعز الشفاه الى قلبها:
- بخير ...ونريد سلامتك
قالت العمة :
-ثريا اقتربي من زوجك ساخرج قليلا لاجري اتصالا يهمني هيا
نظرت ثريا لعمتها بخوف وهي تراها تخرج من المكان
نظر عثمان لها بقلب وجع ملهم حتى الثمالة وقال يطلب منها بتلك الطريقة الاقتراب:
- تعالي ثريا هلا رفعت السرير قليلا وعدلتي لي المخدة ارجوك
اقتربت ثريا منه وفعلت له كما طلب
شيء واحد انعش عروقه الموجعة وهو عطرها الخفيف
رواه الى آخر قطرة لذيذة
لاحظ عيونها الظاهرة منها وهي تعدل له المخدة باضطراب تحت كتفيه ليصبح جالسا باعتدال
كانت تلك العيون الشقية التي تلعب بمشاعره فلايتذكرها سوى وهي قاتمة من الشوق هذه المراة لايسهل نسيانها مهما حاول ان يفهم ذلك لنفسه
همس لها :
- اشكرك ...آسف على التعب
قالت ترفع حواجبها وابتسمت خلف النقاب:
- لا ارجوك لاتعب..هل تشعر انك هكذا افضل؟
قال يشعر بالسعادة لاهتمامها به
وتلك العيون التي تسبر اغواره وتفهمه :
- بخير ...اجلسي هنا قربي لاحدثك قليلا
شعرت ان العالم بدأ يدور حولها
عما سيحدثها الان هي لاينقصها كلام عن الطلاق لانها ستموت ان هو فعلها واصر
جلست في المكان الذي اشار له بيده اليسرى المتحررة
قال بصوت لايصل الى الزملاء في الغرفة :
- كيف حال حملك ثريا هل تشعرين بانك على ما يرام؟
قالت تنظر اليه ومن ثم تبعد نظرها عنه وفي الفكر تقول:
لايهمك سوى حملي يا ربي الا يستطيع ان يفكر في ولو مرة واحدة؟
قالت تجيبه بصوت اجش:
- بخير احمد الله على فضله
على كل حال لست متيقنة ان كان سيعيش لكني اتشبت بحبل الله
آلمه ما قالته والحزن عميق في عيونها تحت رموشها المنسدلة
نظر حوله بتنهيدة تنفس عما يكبث في صدره
لو لم يكن مع احدهم في هته الغرفة لامسك وجهها ومسح عنه الحزن كليا
قال يمسك بيده اليسرى يدها في القفاز
شعر بان الحواجز كبيرة الان فلم تعد كما كانت يشعر بذلك
نظر الى عيونها وهي تبعد يدها
فعلت ذلك وقلبها يسقط بين قدميها فلقد اكتفت من جنون هذا الزواج ان كان الصبي او الفتاة من سيربطهما ان كتب الله فليفعل لكن ليس كليا
فالخوف يبثر افكارها وقراراتها من الجذور
نظر اليها بقساوة مغضن الجبين وعاد التعجرف الى العلو الى فوق :
- لو سمحت هلا ..ناديت على الممرضة فراسي يألمني احتاج الى مسكن الم فوري
نظرت اليه تقول:
- لكنك لم تفطر بعد ....لاحظت النظرة الثاقبة التي اعطاها لها فشعرت بنفسها تداس بقسوة تحتها
...حسنا ساذهب لجلبها
نهضت ومشت الى خارج الغرفة حيث دخل في نفس اللحظة عائلة الرجل الذي يجلس في السرير الايمن له
لم يعلم ان للحب طرقا عصيبة في الإيلام
يشعر ان شرايينه تجذب بقوة موجعة ساحقة ليست كما هي
تغير حصل ويعرف انه السبب فيه
لكن الى متى وهذا التعجرف بدل الخضوع ولو قليلا ليستعيدها فيه
لايعرف كيف يطلب السماح حتى فكيف لها ان تسامحه
العشق بات وجعا خطيرا يزداد
ويشعر انه يعصر كل كيانه دفعة واحدة
وينسف كل ما في وجدانه بقسوة ليت الفرحة تتم لكان عاش وهي بسلام
دخلت الممرضة التي اقتربت منه لتعطيه الدواء
ونظر وراءها لكنه لم يراها فسال الممرضة:
- زوجتي التي ارسلت في طلبك اين هي؟
- لست ادري سيدي اخبرتني بالمك وضننتها تبعتني لكن ....هزت اكتافها تعطيه الدواء ويتمنى ان يهمد هذا الوجع فهو يكاد يفنيه
دخلت ثريا الى حمام السيدات واقفلته انسدحت في الارض تتكأ عليه
قلبها ينزف وبكت بحرقة وارتجاف قوي
الهذه الدرجة انت قاسي
حتى في نظراتك لااشعر بذرة حنان لما ...لما
يا ربي كم احبه اكاد اهديه عمري ان اراد فقط لايعاملني بجفاء
عثمان بعد ان شعر بالصداع يخف وقد طلب من الممرضة ان لايتصل احد بعائلته او يعلمهم بوضعه
شعر انه بالغ في نظرته القاسية المحقرة تلك على ثريا
لما لا يحاول ولو يوما ان يراجع حساباته ويعطيها فرصة
لطالما نددت رغم كل العوائق انها بريئة شريفة
اعجبه ان يرى في تصرفاتها ادنى عناد
رداءها الاسود لم يتغير
واحترامها لنفسها من تصرفاتها اصبح اكثر نضوجا
حولها بل وروضها ويصفق لنفسه على ذلك
لكن ما الفائدة التي استفادها يمكن حسنات في ميزانه هذا افضل شيء
لكن قلبه الان يتذمر وحصون دفاعه تتلاشى كالسراب
لايضل سوى وجهها الذي يخترق قلبه بكل المقاييس فقط ولاغير
دخلت العمة نفيسة تنظر اليه والاستغراب يعلوا وجهها:
- عثمان بني كيف تشعر الان؟
قال يجيبها بعد ان هدأ الالم:
- بخير والالم لن يكن اقسى من...الحمد لله على كل شيء
قالت تساله:
- اين ثريا ؟
قال ينظر اليها مغضن الجبين:
- لقد خرجت منذ مدة ولم تعد لست ادري اين هي
قالت تنظر اليه وتسال:
- انت لم تكدرها اليس كذلك؟
شعر عثمان ببعض الغضب يجتاحه
فيمقت مقتا من يتدخل بحياته فما يعانيه يكفيه
لكن الاحترام فرض السيطرة:
- لا لا اذكر انني كدرتها فارتاحي سيدتي
قالت العمة تنهض :
- حسنا بني ساذهب لابحث عنها وساحضر لك بعض الطعام لابد من انك جائع
قال يبتسم من جانب واحد:
- مم ان شاء الله
خرجت نفيسة وقلبها غير مطمئن البتة عن ابنة اخيها
تشعر انه لمن الممكن ان توجد في اي مكان
بدأت تبحث كان صعبا عليها ان تجد من يساعدها
توجهت راسها الى الحمامات فهي تدري انها تحتاج اليها في فترة الحمل هذه
فتحت الباب لكنها لم تجد احدا
تنفست بعمق وخرجت لتجد ثريا تسند نفسها على احدى النساء وتخرج من غرفة فحص ما
اقتربت بهرولة منها امسكتها من كتفيها تسندها وهي تسالها :
- ماذا بك صغيرتي هل انت متوعكة؟؟
قالت المرأة التي اسندتها حتى اوصلتها الى مكان الجلوس:
- لقد كنت في حمام النساء عندما وجدتها تبكي وفي حال يرثى لها حتى انها اغشي عليها ضننت انه لمن الممكن فقدت شخصا ما او ...لكنني تاكدت من انها حامل فالممرضة فحصتها كان ضغطها مرتفعا وهذا ليس في صالحها
قالت العمة تشكر الفتاة:
- اشكرك اختي والله اتعبناك
قالت الفتاة دات الوجه البشوش:
- لا سيدتي ان شاء الله ت شفى...عليها ان ترتاح فقط
اومئت العمة مبتسمة تنظر الى الفتاة التي ذهبت ونظرت الى ملامح ثريا الحزينة:
- انت يا بنيتي ما كان عليك ان تاتي
انا غبية حقا نسيت حتى ان مرحلة حملك هته في الخطر سامحيني
وضعت ثريا كلتا يديها على وجهها المتعب وتسند مرفقيها على ركبها:
- انا بخير عمتي ...لاتشغلي بالك طمئنتني الممرضة ان ابني قوي وسيتحمل لا عليك
قالت العمة:
- يتحمل ماذا هل حصل شيء بينكما في غيابي؟؟
قالت ثريا لاتريد ان تجذب الموضوع :
- لم يحدث شيء فقط انا حساسة اكثر من اللازم
واستوطن الحزن عيونها حكم عرش قلبها
وغرز فيه نبلة مسننة حادة تخترقه بعنف
وتجلب لها يأسا ورعبا من المستقبل
********************
على ممتلكات السي محمد
شعرت بسعادة غامرة وفرحة لاتوصف وهي تستقبل زوجها بحماس
عرضت هند على عبد الصمد ان يخرجا قليلا في الحقول ليمشيا قليلا
وتنفرد به عساه ينسيها المها وحزنها
اراد عبد الصمد ان ياتي اليها لكي يطلع على اوضاعها
تبدوا سعيدة بوجوده وهي تتابط ذراعه
كانت جميلة بحق وعيونها كالاسهم الرائقة له تعبر فؤاده
لابد من ان حزنها ما يكدره ويجعله ماخرا في قمة العصبية
قال وهما يقفان قرب احدى الاراضي قرب احدى الاشجار
- هند لحد الان لاتزال العلاقة بينك وبين والديك متوترة
اخفضت هند راسها بحزن وهي تشعر بتاتر كبير من الموضوع:
- لاتقلب علي المواجع عبدو ارجوك ....انا حائرة في ما علي فعله
قال عبد الصمد ينظر الى فوق حجابها ساهما يفكر:
- لست بمتدخل في امورك صغيرتي لكن الافضل ان توطدي علاقتك بهما الان قبل اي وقت فهما والداك حتى لو كان الواقع مختلفا لاتنسي انهما تعبا كثيرا من اجلك
قالت باسى:
- وحرماني من اختي وامي وابي الحقيقين
قال عبد الصمد الذي يعرف كل شيء من ايوب:
- انت مخطئة وسوف تفهمين ان والدك الحقيقي ليس بالرجل الجيد كما تعتقدين ...آسف لقول هذا لكنه من فرقك عن عائلتك باعك وخدع الاخرين بانك ميتة ....
اقترب منها وهو يرى نظرات الهلع في عيونها
ضمها اليه عساه ينفض عنها ذلك
- اسف يا عمري ليس لي الحق في هذا القول اعرف الصراحة والحقيقة صعب تقبلها
لكن هذا فقط لتعلمي ان والدك رجل جيد ان امك المسكينة المريضة تحتاجك فليس عدلا
وانت احكمي...ليس عدلا منك ان تعامليها بتلك الطريقة
لربما هما اخفيا عنك الامر لكن فكري لربما فعلا ذلك لانك كنت ستعيشين مضطربة وما كنت لتجدي الراحة التي نعمت بها حتى نضوجك
غادرتها القدرة على ذرف دمعة واحدة فلايهمها الان
ستذهب الى بيت زوجها في الاسبوع المقبل وليس هناك ضرر في رفع هذا الغلاف القاسي عن ملامحها نحو والديها ومعاملتهما بشيء من الرقة فانهما يستحقانها
اليس عليها ان تشكر والدها فعلى الاقل كان من الاسباب من حبه الكبير لها ان اهداها دروسا لدى هذا الرجل صاحب الرجولة والنبالة
اطلت على ملامح زوجها بابتسامة شاحبة:
- سافعل ذلك ليس سيء لو حاولت كما تقول
فكلامك كله منطقي
ادعوا من الله ان يسامح فضاضتي وقسوتي عليهما
رفع راسها قليلا بين انامله وتاملها مسحورا:
- جمالك تكمله رقتك فلاتفقديها وعززيها بطيبوبتك
انحنى يلثم جبهتها بحنان ارعشها
وضع ذراعه القوي على اكتافها يضمها اليه ويبادلها الابتسام
قال عبد الصمد :
- حضري نفسك ففي اية لحظة قد تاتي امي لكي تاخدك معها الى الدار البيضاء حيث ستختارين الالبسة وتلك الاشياء"الاخرى"
قالت تمازحه وتقرص وجنته التي مرر يده عليها مغضن الجبين:
- يا لحظك الجيد انت لست مضطرا سوى لارتداء لباس او اتنين ولست مضطرا لتسريح شعرك او ....اوف يتطلب العرس الكثير فعلا اشعر بالتعب وانا احاول التفكير فما بالك بالتطبيق
قال يهمس لها:
- المهم ان نكون معا وتحت سقف واحد الا تظنين؟
ابعدت عيونها عنه تبتسم بخجل:
- هه لاتفكر في شيء آخر
قال بصراحة:
- احب التفكير في زوجتي وحلالي فهل من مانع ...ترك كتفيها ودفعها بكتفه ...وافكر في النمش...دفعها مرة اخرى... وفي اشار بحاجبه الى ثغرها وغمز
ضربته وهي تشعر بخفة وتضحك:
- مجنون لم ارى شخصا مجنونا مثلك يااااااه
سبقته تضحك
وتشعر بالحزن لانها تسعد هنا بينما هي نفسها تسبب الحزن لوالديها اللذان سيقومان بدفع تكاليف سعادتها
عليها فعلا ان تسعدهما وتعلن مسامحتها فليس لها قلب اسود البتة
نظرت الى زوجها بابتسامة وراءها واكملت طريقها امامه
شعر عبد الصمد بالسعادة الابدية هذه هي السعادة الغريبة العجيبة التي تخلفها امراة حقيقية رغم صغر سنها رغم ما قد يجلبه المستقبل الذي علمه عند الرحمان
فحبها يلخبط الدماء بين الحلو والمر
بين النار والبرد الذي يجتاحه ليتدفئ بها
وبين سحر عيونها البرية وجمال وفتنة ثغرها
بعد وصولهم الى البيت الكبير
دخلت هند بسرعة ترتقي الدرج بينما عبد الصمد ياخذ وقته في التمتع بمظهرها السعيد توقفت تنتظره على الدرج وقالت بعد ان رفعت اعينها اليه تظللها من الشمس
- حبيبي عليك الدخول معي لا استطيع ان انظر الى والدي وانا من صرخت في وجهه ذلك اليوم اشعر بالخجل من نفسي ارجوك حبيبي
قال يمسك يدها :
- حسنا والدك فقط اما امك فعليك الذهاب اليها بنفسك ايوب طلب مني بعد الصلاة ان نلعب لعبة الشطرنج مفتخر الاخ بنفسه وكانه سيربحني
قالت تبتسم بتوتر :
-اتمنى ان تفوز
عند اقترابهم من الباب قالت ترجع الى الوراء خلفه:
- عبدو ارجوك انت ادخل اولا وساتبعك
تنهد عبد الصمد وطرق المكتب يسمع الصوت من الداخل الذي اذن اليه بالدخول:
- السلام عليكم عمي كيف الاحوال؟
قام سي محمد من مكانه ينتظر وصول عبد الصمد ليسلم عليه:
- وعليكم السلام بني بخير والحمد لله تفضل اجلس
قال عبد الصمد ينظر الى هند باشارة من عينيه لكي تبادر
- اشكرك عمي
اقتربت هند من والدها والدموع تغشى عيونها
انحنت تقبل يده وضمته بقوة دون ان تمنع نفسها من ذلك
ابتسم السي محمد وربت على راسها المحجب زينته وردة من الحجاب نفسه على اذنها اليمنى
- ابي عفوك عني سامحني ارجوك لا استطيع مسامحة نفسي على ما فعلته انا سيئة
قال سي محمد يمنع دموعه:
- لا يا غاليتي ...انا احبك بنيتي واسامح ما بدر منك لاعليك
نظرت اليه بخجل:
- اتركك بابا اريد رؤية ماما سيخبرك عبدو بما سنفعله من اجل الزواج اتمنى الا تشعر بالحزن من قراري ارجوك
اومئ والدها يعود الى كرسيه
وينظر اليها تخرج من المكتب تلوح لهما وبقي عبد الصمد مع والدها ليطلعه على ما وصلوا اليه من ناحية الزواج
عندما صعدت هند الى فوق
نظرت الى باب غرفة امها بحزن وشجن تخاف ان تكون قد كدرتها كثيرا انها تحبها بل لاتحب شخصا اكثر منها فهي امها انيسة دربها في كل حياتها التي مضت فلم يكن عليها جرحها بتلك القسوة
مررت يدها على الباب وبعدها
طرقته ودخلت
وجدتها جالسة على سريرها تمسك القرآن بين يديها تقرأ فيه ما تيسر
عندما رفعت عيونها الى ابنتها من وراء نظاراتها
شعرت رشيدة بانها تائهة فما الذي ستفعله هل تبتسم لها ام تتركها الى ان تدخل وترى ما بها
لكن ما اعاد الروح الضائعة منها الى جسدها وهو شبح الابتسامة البريئة الحزينة فوق ثغر ابنتها
قالت رشيدة بتعب لهند:
- اقتربي عزيزتي هل تريدين شيء؟؟
جلست هند تضم امها وتدفن راسها في صدرها الحنون الدافئ الذي لايهدئها غيره ولايشعرها بانها دائمة الوجود على هذا الكوكب سواها وان الطاقة للعيش تستمدها منها لا من غـيرها
- امي اريد رضاك فقط ولاغير فارجـــــــــــوك سامحيني انا مخطئة في حقك ووالدي ارجوك امي قولي انك سامحتني قولي انك تحبينني واني ابنتك واني لاازال في نفس المرتبة بالنسبة لك كما في الماضي
ارجـــــــــوك ماما
لم تستطع الام منع دموعها فلم ترد سوى ابنتها وطول هته الحياة لم ترد سواها ربتها وكبرتها وزرعتها في احضانها الدافئة من البرد وكم اغدقت عليها من الحب والاحاسيس التي افتقدتها من عقرها
لكنها توالدت وتوالدت لدى مكوث هذه البنية بين ذراعيها وهي صغـــــيرة
قالت الام:
- رضي الله عنك ابنتي ...وحماك برحمته من كل شر وانت ابنتي وحبيبتي والغالية على قلبي ...يا صغيرتي اسامحك من اعماق قلبي فقط على الاتعيدي جرح امك عزيزتي
نظرت هند الى امها من بين دموعها :
- شعرت بالسوء لما فعلته
انتم تستحقون افضل من الخير امي انا احبكما اكثر من الكرة الارضية اقسم على ذلك فقط اتمنى ان اضل ابنتكما مهما حدث
مررت رشيدة يدا مرتجفة على وجه ابنتها:
- ابنتي ولن ينزعها من فمي مخلوق
ابتسمت لها وبادلتها هند الابتسامة براحة راحة عمت على افراد هذا المنزل لتنسيهم كليا ما حدث
قالت هند :
! – امي؟
اجابتها رشيدة تسال:
- ماذا بنيتي؟
قالت هند بخوف :
- ماما ساخبرك بشيء واخاف ان تحزني او تغضبي...قررت انا وعبد الصمد ان نقرب موعد الزواج في الاسبوع المقبل
ازالت رشيدة نظاراتها واقفلت القرآن لتعيده الى مكانه:
- اليس هذا تسرعا يا هند كيف سيكون العرس في اسبوع ولم يتم تحضير كل شيء؟
قالت هند والخجل يملأ خدودها حمرة:
- ليس مهما العرس بالنسبة لي امي يمكن تحضيره ببساطة والتخلي عن تلك الاشياء المترفة لا اريد ان ازيد من عبئي...
قاطعتها امها :
- هل حددتما اليوم ؟
قالت هند :
- السبت المقبل سيكون هنالك وقت للتحضير لاتخافي فحماتي ستساعدني في ذلك وانت ايضا ماما اليس كذلك؟؟
قالت رشيدة تبتسم:
- مندفعة وقد تضعين نفسك في المتاعب يا هند
المهم سنحاول الاسراع في كل التحضيرات وساتصل بفاطمة للتاكد من انها ستوافقني على تلك الاشياء ايضا ساحدد معها وقتا لكي نسافر الى البيضاء عسانى نلحق الامور بسرعة
ضمت هند امها تقول بسعادة:
- اشكرك ماما انا فعلا سعيدة بذلك لاتدرين كم سعادتي بزوجي وهو ايضا كبيرة
اردفت امها بدعاء:
- اللهم اتم سعادتك به وسعادته بك يـــــــــارب يارحيم
*******************
في الدار البيضاء
قبل ان يسافر عثمان
كان قد ترك تعليماته للفندق بترك الجيب البيضاء تحت تصرف العائلة
وايضا اجرى بعض الاتصالات التي ستساعد كلا من الاب وابنته الهام في امور الجوازات
كان قد علم عصام من عثمان ان والد الفتاة سيرافقهم الى اسبانيا
واعجب بمساعدة ذلك الرجل لهته العائلة
رغم انه لاحظ على عثمان انه ليس انسان سهل اختراق عقله لكن يبدو انه يتعب من التفكير المتواصل
وكانما يتوقف على عمره الآلاف من الناس
في المستشفى
الهام التي كانت تعاني من التعب في بداية العملية
وبعد ان قامة بالفحوصات ما بعد العملية
توضح ان القلب يتجاوب بشكل جيد جدا مع جسدها
وذهب التعب الذي كان ينهكها فقد عادت قادرة على الخروج الى الحديقة في الاسفل الوضوء الاستحمام حتى بكل بساطة اصبحت قادرة على العيش في حياتها بشكل عادي ومريح
اما ما زاد من ارتياحها زيارة اهلها لها والسعادة على ملامحهم اعادت لها الارادة والصحة من جديد
لكن كان هناك عنصر اساسي صديق وفي اعاد اليها الحياة رغم انه السبب فحسب ولكنه بقي دا اثر قوي في قلبها
تتسائل دائما لما لم يعدها عثمان لما لايأتي ويطل عليها
وخامرها شعور بالوحدة وبانه ولابد يتهرب منها الان فلم يعد له فائدة من زيارتها
لكن لما هي بهته الغباء كيف لها ان تقول شيء كهذا عن شخص متزوج في بداية زواجه وايضا منحها من الوقت الكثير
وقفت مرتدية لبيجامة طويلة الى تحت الركب بسروالها في اللون الوردي القاتم مع حجاب في الوردي الفاتح
تحرص اخواتها على الاعتناء بها كملكة
تشكر الله على فضله فلولاه لما اعطاها شخصا كعثمان الذي تكلف بدفع تكاليف الفندق لأزيد من شهر
وكذا السيارة التي اعطاها لابيها لكي يتنقل بها
شخص في مثل عطائه ونبالته لم تجد
لكن شبح عصام تلى افكارها المنحصرة على عثمان
فذلك الرجل ايضا غامر بقلب اخته لاعطاءها فرصة في العيش
ويريد ان يمنحها عطلة صيفية في بلاد تسمع بها في الاخبار فقط
ابتسمت وهي تنظر الى الحديقة من النافذة فتدخل صوت رجولي يحمحم:
- احم ...السلام عليكم
التفتت تنظر الى عصام بابتسامة واسعة وهويقترب من المائدة الصغيرة ليضع الزهور
و نظرت اليها برقة:
- سيد عصام لما ازعجت نفسك ارجوك ما كان عليك ذلك؟؟
اقترب من السرير المرتب يقول:
- هل مسموح لي الجلوس؟
قالت بابتسامة اوسع:
- تفضل ارجوك
اقتربت تنظر الى الزهور الرائعة
- انها لابد وغالية اشكرك كثيرا عليها انها تلهم
قال والابتسامة على شفاهها تعديه:
- لا ..لن تساوي شيء فانت اغلى بكثير
احمرت لكلامه كانت الكلمات تخرج بشكل رجولي اكثر وهي ممزوجة باللكنة الاسبانية
اقتربت من الكنبة البعيدة قليلا عنه وجلست تقول:
- كيف حالك سيدي اتمنى ان تكون بخير؟؟
قال يضم يديه ويسند مرفقيه على فخديه:
- بخير المهم انت كيف تشعرين؟؟
قالت والابتسامة الخجلة لاتفارق ثغرها:
- بخير فبعد ان تاكد الدكتور من فحوصاتي اخبرني انه يمكنني مغادرة المشفى متى شئت
حرك راسه بالايجاب:
- جيد هذا يخول لنا البدأ في الحديث عن بلدي هناك تدرين ان اختي الصغرى نسرين لن تدع لك الفرصة في حك راسك كما تقولون
انها فتاة نشيطة وذكية وتتاقلم مع الجميع بسهولة
اومئت لاتجد ما تقوله صعب هو الكلام مع شخص غريب لا تعرفه كثيرا فالكلام ينفذ ويبقى التوتر لكنها قالت:
- اعلم انك اخبرت والدي بانني ساسافر معك وهو وافق ...لست ادري لم السيد عثمان لم ياتي؟؟؟
شهد الاهتمام الذي على تألق عيونها ولايدري لما ملأه احساس غريب بان السيد عثمان لمحظوظ بالفعل:
- اظنه سافر آنستي لربما الى زوجته او لديه اعمال ما لايبدوا عليه شخص حر طليق ويملك الوقت كله
قات الهام بتبعثر:
- اه زوجته انك محق كان انسانا جيدا ويستحق كل الخير
قال يغير دفة الحديث لانه لايشعر بالراحة كثيرا وهي تمدحه هكذا:
- لقد دفعت بمساعدة والدك الاوراق الى القنصلية واخبرونا ان ...""وجد انه لمن الصعب التخلص من سيرة عثمان بسهولة""....ان عثمان قد اتصل ببعض المعارف
وهناك من سيسهل وضع الاوراق وعلى اكبر وقت ستكون جاهزة في الاسبوع المقبل مابين الاثنين والاربعاء على حسب التحضيرات ...المهم...
نهض من مكانه يجذب الهاتف النقال خاصته حيث وجد اتصالا من اخته وبما انه وضعه على الصامت حتى دون رجاج لم يسمعها قال لإلهام :
- اسف علي ان اخرج الان وان شاء الله الرحمان الرحيم ساتي في المرة المقبلة والاوراق معي
قالت تنهض هي ايضا:
- اذا سافر والدي معنا اين سيبقى اخوتي وامي؟
قال عصام يقفل الهاتف ويضعه في جيب سترته:
- يمكنك القول انهم سيبقون في الفندق وبعد عودة والدك سيعود اليهم فلا تحملي هما ...شيء ما مر بباله بعد ان نظر الى ملامحها الهادئة لكنه ابتسم ...السلام عليكم
قالت خجلانة من نظرته تلك :
- وعليكم السلام
نظرته كانت
انه في بلاد الاسبان يجد بينه وبين الاصدقاء ان السلام بقبلة على الخد امر عادي جدا
لكن ما فتنه انه هنا وجد من يضع الحدود القسوى ضد اي نوع من التقارب حسنا الكلام يكون له تاتير قوي
لكن احترام الجسد في الاسلام وبالخصوص لهذه المراة التي اشعرته بشيء مختلف جعله يبتسم لانها تضع نفسها في برج امين احتراما لخالقها
احب ذلك كثيرا فهي بتصرفاتها ولباسها وصلاتها وقراءة القرآن تلك الاشياء المفقودة لدى اسرته باسبانية ادفئت قلبه
حسنا كان عليه ان يغض النظر لكن والله يشهد انه لاينظر اليها بنية سيئة
خرج من المستشفى وهو ينوي الاتصال باخته التي منذ ان علمت بعملية الفتاة التي تحمل الان قلب اختهم
حتى اخدت في الاطمئنان عن حالها
قلب ومن لحم اختهم الميتة اشعرهم انها حية تنبض بتلك العضلة بينهم
************************
في المستشفى
الذي ينزل فيه عثمان
بعد ان هدأت ثريا طلبت غصبا عن ما يقوله لها عقلها
ان تحمل بنفسها الطعام لزوجها
وان تكون هي ايضا معهما
عليها ان تظهر له انها قوية ولم تعد ضعيفة انه انضجها وكان افضل استاذ لها في مادة القساوة والجرح
كانت عمتها تجلس على جانب السرير تحادثه
في موضوع الحادث وكيف نجى منه:
- اذكر فقط انني عندما لمحت تلك الحمولة التي تاتي من البواخر تميل
اندفعت من السيارة وبعد ذلك لاشيء الظلام لفني
قالت العمة باسى:
-الشخص الذي ادخل غرفة العمليات هذا الصباح
مات و آآآه فقط لو رايت عائلته كان دمهم يحترق من اجله
كانت ثريا تجلس قربه تفتح اكياس الطعام وتضعها على الطاولة قربه
قال يعتدل قليلا في جلسته بهيبة جسده الذي يخلق في قلبها الدفئ غصبا عنها فليست تملك السيطرة على جماح عواطفها
- رحمه الله وصبرهم ...كنت سالقى حذفي لكن ساعتي لم تحن بعد
نظرت ثريا اليه بغضب
واخفضت نظرتها
كيف يتحدث هكذا كما لو انه رخيص لايوجد من يتالم لاجله ترقرقت دموعها فلايوجد شخص اقسى منه راته في حياتها
ردت نفيسة على كلامه:
- طول عمرك يا بني لديك زوجة وابن والله يرأف بالعباد
تسائلت العمة لما يقتصران على كلام العيون تعلم انه كلام ليس بالجيد فهو ان عنى شيء فهو العتاب الشديد الذي يكنه كل منهما للاخر
قالت عمتها تنظر الى الطعام الذي احضرته:
- انا ساخرج لاتمشى قليلا وشافاك الله والمسلمين يابني رائحة المستشفى تبعث على الغثيان
عند خروجها نظر عثمان بمكر الى الطعام ومن ثم الى ثريا الصامتة التي انحنت على بلاستيك الخبز الصغير تفتحه:
- ثريا ستساعدينني في الاكل ...لايمكنني الاكل باليسرى لست متعودا سوى على اليمنى
همست بالكاد:
- حسنا
حملت منديلا ابيض وضعته على ياقة قميصه
قالت مغصبة:
- هل ازيل قفازي الان؟
نظر الى المتواجدين في الغرفة ولم يكن المريضين مستيقضين
اما العائلات فلسن سوى من النساء والأطفال
اجابها وهو يبتسم على تملكه فيها:
- ليس هناك مانع ولكن ستعيدينه عندما انتهي
خرجت تنهيدة متحشرجة من حنجرتها المزمارية تلاقي نظرته :
- حاضر
شرعت في اطعامه وكان متطلبا لايستمتع بالاكل اكثر
ما يتمتع بوجودها
بدفئ يدها التي تمنى ان يلتهمها بين شفاهه
ولكن الذي يتمناه ان يرى كامل وجهها ويتمناه بقوة
لانه مهما حفر صورتها في قلبه وعقله لاتكون بنفس الوقع الجبار وهي واقعية
مدت لفمه الملعقة وصعقتها النظرة في عيونه
تابعت تعطيه الطعام وهي تشعر انه بهاته النظرة سيحضر انهيارها
تحمد الله لان السرير تحتها يساعدها على الصمود
لكانت سقطت من اضطرابها ومن رخوت ركبها وهشاشتهم تحت تاثيره
فهو لاينظر بشكل عادي
درست وتعمقة في تلك النظرة تحكي لها عن اوقات حميمة
راتها في شوقه المدمر لاوصالها والذي يرعش قلبها والهوى فيه بشدة
تعرف ان تلك النظرة ان عنت شيء فهي اريدك
كم هي غبية متى ستثوب عنه
قالت تساله بصوت بعيد عن الاخرين فهي تشعر بانهما معزولان ولايوجد غيرهما:
- هل شبعت...؟
قال يمسك يدها برفق لكن بتملك:
- لا وليتني فقط... اشبع
لاقت نظرته وقالت تماطله عساها تهرب من سحره:
- هل تريد اي شيء آخر لاحضره لك؟
زاد من احتضان يدها يرسل لها رسائلة خاصة تقتلها وتبعثر تنفسها:
- ما اريده هو الان ....امامي
نظرت الى السرير الايسر والى السرير الاخر مع العائلة الاخرى ايضا ولاحظت انهما رغم خفوت كلامهما غير ان ذلك يبعث عن الفضول والعيون الحسودة:
- عثمان هلا تركت لي... يدي من فضلك
اريد ان انهض لكي آخذ الصينية ...خارجا
بعد ان عصر اناملها من غضبه المفاجئ
بين اصابعه القوية حتى اختفت فيها
تغضن جبينه ونفض يدها بقسوة
امسكت يدها تعيد اليها القفاز رغم المها فقد ظهر من ارتعادها
ونهضت تحمل الصينية فسمعته يهمس:
- لاتختفي مرة اخرى فانا اود الذهاب الى الحمام
جحضدت عيونها من تكبره
وعاد الى الاستلقاء
كأمير لايقهر
حملت الصينية الى الخارج والتقت بعمتها تجلس قرب احدى النساء يتحدثتن عن حالة ابنها الذي كاد ان ينتحر لولا انهم اعتقوه قبل فوات
الاوان
اقتربت ثريا من عمتها بعد ان تخلصت من الصينية تهمس في اذنها:
- عمتي هلا ساعدتني في اسناد عثمان يريد ان يذهب الى الحمام تعلمين لااستطيع اسناده فهو ضخم ما شاء الله عليه
نظرت اليها عمتها تضحك وهي تنهض :
- والله لم ارى لتناقض كتناقضك مع نفسك يا ابنتي مثيلا
اعذريني سيدة نعيمة ان شاء الله ينهض ابنك سالما... ساذهب
ردت المراة الجالسة بآمين
وانصرفت العمة مع ثريا وهي تقول تقول:
- يبدوا عليك الارهاق بنيتي لكن اصبري سيخرج وناخده معنا الى البيت وستجدين الوقت للراحة
نظرت ثريا اليها :
- هل سنستقبله في بيتك عمتي ؟؟
قالت العمة:
- يظهر انه لم يخبر العائلة لدى فهو لايريد ان يخيفهم حسنا اشعر بالمسؤولية اتجاهه فانا من اتصل به والحادثة اشعرتني بالذنب
وضعت ثريا ذراعها حول عمتها:
- انه طاغية
والحمد لله انه بخير
لكن انت امراة عظيمة فلاتحملي نفسك عبئ شيء كتب وقدر
قالت العمة قبل ان تصلا الى الغرفة:
- ورغم ذلك ساعتني به الى ان يتعافى
ابتسمت لها ثريا ودخلتا اليه
ورغم ذلك تشعر ثريا بالحنين لهذا الرجل بالسعادة لانه قريب منها الان انه بخير وعافية حتى خانتها الابتسامة التي اظهرت ان عيونها تبتسم له دون ان تشعر
رغم قساوته فقلبها خائن كل الخيانة
الحب الذي يجرفهما حب خطير حساس يهتز بعمق مع اية شائبة
اقتربتا من سريره وقالت ثريا :
-اعطني ذراعك كي اساعدك ...عمتي الا تظنين انه يحتاج الى عصى او....
قالت عمتها :
- لا انتظرا سآتي حالا
تحرك يجلس والالم يظهر من امتعاضه
اقتربت ثريا تجلس قربه وتقول باهتمام:
- هل انت بخير اتريد ان انادي الدكتور؟
قال بدون وعي:
- لاحياتي انا بخير
اخفضت راسها واوجعتها الكلمة تلك حتى السعادة
ولاحظ هو ذلك من عيونها التي اختلجت وانحنت بعيدا عنه
لعن نفسه لما لم ينتبه فقول تلك الكلمة ستعطيها قوة ضده عليه ان يحترس بعد الان عما يطلقه قلبه النابض باسمها في هوس دائم
بدل عقله
نظر الاثنان الى عمتها التي دخلت تجر مقعدا متحركا
نظر اليه عثمان بنفور عليه ان يستعمله منذ الان الى ان يشفى هذا واضح فرجله وذراعه مكسورتان كيف له ان يمشي او يستند الى العكازين
قالت نفيسة تطلب من ثريا:
- ساعديه بنيتي ليجلس عليها
اقتربت ثريا منه باكراه وزرعت كتفها تحت ذراعه وبجهد قوي استطاعت ان تساعده في الجلوس عليها
يقول في نفسه
ليتك اكثر قربا يا حبي لشفيت من عجزي هذا بسرعة
قالت العمة لثريا التي التهمها دفئه وعمق عيونه السوداء القاتمة:
- ثريا هيا ابنتي...حاولي دفعه اذا استطعت او افعل ذلك انا
قالت ثريا تدير الكرسي بثقل زوجها عليه:
- سافعل ذلك انا
بعد فترة من عودته الى السرير ودثرته ثريا بعناية قالت نفيسة :
- عثمان بني ...ثريا تحتاج الى الراحة كثيرا
فليس بالجيد لها ان تبقى هنا سآخدها واعود لك في ساعة الزيارة الاخيرة بالمساء اتفقنا
قال عثمان يشعر ببعض الاسف لانها ستذهب وقد استمتع اليوم بتواجدها قربه فلم يمر وقت بينهما طويلا بهذا الشكل وساحر بل خالب للبه فسال:
- ومن سيضل معها في البيت لا اريدها ان تبقى وحدها
تسائلت ثريا هل يهتم لها ام يهتم لابنه؟
اجابته نفيسة تقول :
- هناك صديقاتي انهن لطيفات وتستطعن ان تهتممن بها
فقال عثمان براحة من استرخاء اساريره لكن القوة لاتغادره:
- بالطبع ...انظري ثريا اذهبي مع عمتك وارتاحي لا اريد من ابننا ان يحصل له مكروه مفهوم
نظرت اليه تقول :
- حسنا لاعليك فهو في بطني انا واعرف كيف احافظ عليه
خرجت ثريا كالعاصفة من الغرفة فقد انتظرت التفاتة تخصها لكنها تدري ان هذا طبعه وعليها ان تتحمله
شعر كانه جرحها بشكل ما لربما كان عليه ان يظهر اهتمامه بها لكنه لايستطيع كرامته تفوق قدرته
لكنه لايتراجع ابدا عن شيء قاله:
- المهم ياعمة نفيسة اتمنى الا تشعري بانك مضطرة لكي تاتي في المساء يمكنني تدبير اموري
قال نفيسة تربت على ذراعه لتنهض من قربه:
- لا سآتي واطمئن على راحتك
ساحضر معي شراشف نضيفة واشياء اخرى فهنا المستشفى يجلب القرف لاشيء منظم البتة ما علينا ...السلام عليكم بني اراك على افضل من الخير
رد بهدوء :
- وعليكم السلام
خرجت تنهيدة من فمه
وهو ينظر الى صاحبة تلك الرشاقة في الخارج وتبدو غاضبة
التي رغم احتواءه لها لاتكفيه يريدها قريبة في كل الحالات ان يتحدث اليها
يريد ان يهمس لها بشيء ما
اسرار بينهما لايسمعها غيرهما ان يلمس بطنها ان يستنشق عبيرها الذي لايفنى
لكنه بتعجرفه يجري على نفسه في عالم من البرد بدل البرود
وسمع الرجل في السرير قربه يقول بتعب:
- هذه عائلتك يا سيد عثمان ؟
فقد تعرف عليه في الصباح
حرك عثمان راسه بالإيجاب يقول:
-واحلى عائلة المنقبة زوجتي والاخرى عمتها
قال الرجل بابتسامة:
- ونعم الزوجة ...تبدو مرتاحا فلولا عنايتها ياصاحبي لشعرت بالمرارة مثلي انا ...انا لا املك عائلة كل واحد مرمي في بلاد الوحدة قاتلة
شعر عثمان بالرجل
فليس لانه يملك عائلة لايشعر ببعض الوحدة
فهذه الوحدة تخلفها وراءها زوجته برائحتها ودفئها الشهي
يشتاق اليها لكن لما هو غريب الاطوار على الاقل ما يعيشه الان يستطيع ان يغفر لها الماضي الذي يوسوسه
لكن طباعه القوية الصلبة من تمنع ذلك
يتبع.................
|