المنتدى :
المنتدى الاسلامي
الاختلاف رحمة
يقول المولى عز وجل:"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
فجعل الله عز وجل ميزان التقوى هو الذي يفاضل بين الناس وليس اللون أو الفكر ، والتقوى كما عرفها عليٌ –كرم الله وجهه- :هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل .
ولو جعلنا مخافة الله بين أعيننا ما اقتتل الناس وما ظلموا ، وكيف يظلم المسلم وهو يقرأ كتاب الله:" وما الله بغافل عما يعمل الظالمون".
وكيف يقاتل الناس وهو يقرأ حديث الحبيب محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – "من رفع حديدة في وجه أخيه المسلم فقد برئت منه ذمة الله وذمة الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم –"
فكيف بمن يطلق النار عليه؟!! وقال - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - :" يبقى المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ".
والعاقل من يجعل مخافة الله بين عينيه ويعلم بأن هناك يوماً سوف يقف الجميع بين يدي الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، يومها لا تنفع الجماعات ولا الإمارات ولا القيادات يوم ينادي المنادي : لمن الملك اليوم؟ فيسمع الجميع من قبل الله عز وجل "لله الواحد القهار".
وللغافلين عن هذه الحقائق نقول لهم.. استمعوا لقول الله عز وجل وهو يعلّم المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - :"ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمّت كلمة ربك لأملأنّ جهنم من الجنِّة والناس أجمعين".
فالاختلاف ظاهرة فطرية وطبيعية بين البشر ومن رضي بذلك عاش بخير ومات على خير ومن لم يرض بذلك ويريد الناسِ جميعاً خلفه بقوة السلاح وجبروت السلطان فنهايته إلى جهنم و بئس المصير.
وانظر إلى عظمة القرآن وهو يخاطب الحبيب محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - :"لست عليهم بمصيطر".
وقوله تعالى:"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".. وهذا ما تعلمه سلفنا الصالح رضوان الله عليهم وسار عليه العلماء والحكماء في عصرنا وفي كل العصور .
واستمع لهذا الحوار الذي دار بين الإمام مالك رضي الله عنه والرشيد ،عندما سمع منه الموطأ ،فأعطاه ثلاثة آلاف دينار ، ثم قال له :ينبغي أن تخرج معنا فإني عزمت أن أحمل الناس على الموطأ كما حمل عثمان رضي الله عنه الناس على القرآن .
فقال له: أما حمل الناس على الموطأ فليس إلى ذلك سبيل فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – افترقوا بعده في البلاد فعند أهل مصر علم وقد قال - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -:"اختلاف أمتي رحمة".
وأما الخروج معك فلا سبيل إليه ،قال - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -:"المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" وهذه دنانيركم كما هي فلا أؤثر الدنيا على مدينة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – .
فيا ليت الناس تستيقظ وتترك الدنيا من اجل الدين وترجع إلى تعاليم النبي محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – الذي بعث رحمة للعالمين وتترك حطام الدنيا من أجل جنة رب العالمين.
وصلِّ اللهم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
|