كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كانت ناتالى تفقد الوعى وتستعيده مرات . أحياناً كانت تسمع ضوضاء ولكن لم تكن لديها القوة لتفتح عينيها ... إنها تحس بالدفء وهذا كل ما يهمها .
عندما قررت أخيراً أن تنظر فيما حولها أحست بالاضطراب يجتاحها . ما الذى تفعله فى سرير ؟ والشمس تتسلل أشعتها خلال الستارة المفرودة على نافذة . انتبهت ناتالى فجآة لنفسها ونظرت أسفل البطانية وفغرت فمها على آخره .... إنها لا ترتدى شيئاً .
شيئاً فشيئاً عادت إلى ذاكرتها صوراً مشوشة عن الأمسية السابقة رأت نفسها تائهة وسط الجليد وهى تتجمد من البرد ... ثم ... الدب الضخم المخيف ... الذى اقترب منها . وكان هذا آخر منظر تذكره . ولكن ماذا تفعل فى هذه الحجرة المجهولة ؟
تأملت السرير الحديدى الأسود القديم والأثاث من خشب البلوط السميك وساعتها الأنيقة من ابتكار لوسبان بيكار مستقرة بجوارها على المائدة الليلية . ثم لمحت بعد ذلك بابين تمنت أن يكون أحدهما يفتح على ملابسها .
جلست ناتالى ولفت نفسها فى البطانية الطويلة المصنوعة يدوياً . لم يسبق لها أبداً أن أحست بهذا الضعف الشديد ، وعندما هبطت من فوق السرير أوشكت ساقيها أن تخوناها ، أصيبت بالدوار فاضطرات إلى الإمساك بحافة السرير . أخذت الغرفة تتراقص أمام عينيها مثل مركب عائم تتقاذها أمواج المحيط .
أحست بالشرود وبصعوبة التركيز الذهنى فاضطرات إلى أن تتوقف بعد محاولتها الأولى للنهوض . أخيراً أخذت نفساً عميقاً واتجهت برقة نحو البابين وأمكست بمقبض أقربهما إليها ودهشت وهى تحس بأن المقبض يدور من نفسه فى نفس اللحظة هناك شخص أو شئ ما وراء الباب .
انفتح مصراع الباب إلى الخارج وظهر المخلوق الرهيب ذو الفراء . كانت ناتالى لا تزال فى حالة صدمة فغطت عينيها وأطلقت صرخة هزت جدران البيت . أوشك الغطاء أن يسقط عن جسدها العارى ولكن ذلك لم يعد يقلقها .
صاح تروى وهو يرفع يديه نحو أذنيه ليسدهما :
- اللعنة ! ألن تكفى عن الصراخ هكذا ؟
كان فكه متصلباً كالخشب بدرجة مخيفة .وعندما استطاع السيطرة على الطنين الرهيب فى أذنيه أوشك أن يصاب بالإغماء أمام منظر الفتاة شبة العارية الواقفة أمامه .
رفعت ناتالى رأسها فجأة . إن من تراه أمامها لا صلة له بالدب الأسود . إنه رجل يرتدى عباءة فرو ضخمة شكلها دميم للغاية .
أطلقت زفرة ارتياح طويلة . وأخيراً أدركت الشابة وهى فى شدة الخجل والذل أنها شبه عارية أمام نظرات المجهول العميقة فغطت صدرها بسرعة .
وقالت أخيراً وقد احمر وجهها خجلاً :
- حمدا لله ... أنت من البشر !
- من كنت تتوقعين أن تريه ؟ أمنا الغولة ؟
لم يستطع تروى أن يرفع عينيه عنها : إنه منجذب إليها كالمغناطيس
.
أطلقت ناتالى ضحكة عصبية :
- لقد حلمت حلماً رهيباً أن دباً يهاجمنى .. أعرف أن هذا يبدو حمقاً .
كانت نظرات الرجل تخترقها . رفعت عينيها نحوه ولاحظت أولاً شعره الأسود الذى تخللته خطوط بيضاء . لم يكن غريباً أن يبدو لها متوحشاً ومهدداً فى الليلة السابقة .
**********************
يتبع...
|