الجزء الرابع والعشرين
- سمع جاسم صوت مزعج يقتحم مكتبه: يا إلهي طلال!
- طلال يصرخ : لماذا أخبرتها بزواجي هاه ؟
- نهض جاسم : هيا ليس هنا..
- طلال ينتفس بصعوبة: بعد ماذا ..بعد ماذا.. زوجتك ستخبر والدتي
- جاسم يمسك بكتف طلال لتهدئته: هيا اخرج معي
- في سيارة طلال: كيف علمت بزواجي هى أخبرتك أليس كذلك
- جاسم يكبح توتره: هى!
- طلال بيأس: دانة !
- جاسم بهدوء: لا لم يسبق لي معرفتها
- طلال بحيرة: إذاً!
- جاسم يضغط على أسنانه: أتذكر منذ سنتين وقد استعرت سيارتك وجدت بالصدفة ورقة زواجك الشرعي
- طلال: علمت بأمر زواجي كل هذه المدة والآن أعلنته لماذا؟!
- سكت جاسم لأنه تذكر عندما رأى ورقة الزواج وذهب إلى شقة طلال وهناك وجد باب الشقة موارباً فسمع بين دانة ورجل ما حواراً عن التهريب ومن حسن حظه لم ينتبها له
- لماذا تزوجتها أتحبها؟!
- طلال بسخرية: هههههه تباً لها
- جاسم يشاركه السخرية: إذاً لما تزوجتها؟!
- قلب طلال شفتيه قهراً: لأنها خدعتني ومن ثم هددتني
- جاسم: ولم تجد الحل إلا بالزواج
- صرخ طلال: وماذا تريدني أن أفعل سأطرد من عملي الذي أحبه عشقي الطيران..وسأفتضح أمام أسرتي
- جاسم: صح النوم ألم تسمع بالشرطة كان بإمكانك أن تخبرهم بشأنها وبشأن تهديداتها
- طلال بكمد: لقد فات الأوان
- جاسم: ألا تشك بها ولو قليلا ً
- طلال: ههههه بل هى أم الشبهات والمشبهوات ولكن لا أملك حيلة فقد أمسكتني من اليد التي توجعني بشدة
- جاسم بحذر بالغ: مثل ماذا هى مشبوهه
- طلال: مثل سهراتها وغيابها عن البيت عدة أيام دون أن أراها ولا تهمني فقط لا أعرف كيف السبيل إلى الخلاص منها
- جاسم بخيبة أمل: معنى هذا أنت لا تعلم عن نشاطها الإجرامي
- طلال:ههههههه نشاطها الإجرامي..جاسم ماذا تقصد هل سبق أن رأيتها في مكان ما ؟!
- جاسم: مرة في الشقة عندما جئت لأراك وأخبرك أني علمت بأمر زواجك..هى لا تعرفني كان باب الشقة موارباً ولكن سمعت بعض الأمور كانت تتكلم في أمر جلل
- طلال: ماذا تقصد بسمعت بعض الأمور ؟!
- جاسم يتدارك الأمر: لم أسمع بشكل واضح ولكن نصيحتي لك خذ حذرك منها
- طلال: وهل تظن أنني لا أفعل
- جاسم: كيف؟! لا يبدو عليك أنك تتحذر منها ؛فأنت حتى الآن جاهل بأمرها ،لا بأس أنصحك أن تذهب فوراً الى الملازم علي سيساعدك
- طلال: الملازم علي لماذا؟
- جاسم: هذا كل ما لدي اعذرني لا وقت لدي فقط توخ الحذر وافتح عينيك جيداً
- جلست بعيدة عنه وهى تعبث بخاتم من الألماس ولأول مرة حللت يدها بخاتم قالت في سرها: كم أكره لبس الخواتم وها أنا ذا دخلت في نادي الزوجات على رغم أنفي ثم تصنعت الخجل والهدوء
- نظر علي إليها فهو يعلم أنها تتصنع الخجل ثم نهض وجلس بمحاذاتها وحدق بعينيه العسليتن في وجهها ثم قال: ممكن طلب بسيط
- ريم باستغراب: تفضل
- علي يشير إلى شفتيها: ابتسامة صغيرة
- ابتسمت ريم بعض الشيء: أعلم أني أخذ الأمور بجدية فعذراً
- علي: الحقيقة أنكِ تقلقين بدون سبب ثم وضع علي اصبعه على أنفها : هل أنفكِ مستقيم حقيقة لطالما أردتُ أن أتأكد
- جفلت ريم وأبعدت اصبعه: أنه كذلك
- قهقه: ههه الحقيقة أنني أشكركِ أنكِ وافقتني على اختياري الجميل
- هزت ريم رأسها استفساراً: وافقتك على اختيارك !
- علي بلطف : نعم أنتِ كنتِ اختياري هههه
- لأول مرة شعرت ريم بالحياء الحقيقي فلزمت الصمت
- مر الوقت بينهما بثقل فكلاهما لا يشعر أنه يمتلك ذلك الروح ، فالأرواح جنود مجندة، ترى أهو الخوف من رهبة اللقاء أم لقوة شخصيتهما، فكلاهما قائد نفسه.
- ريم في سرها: كان الله في عوني لا أقدر أن أتصنع الخجل ولا أرغب في تحميل نفسي فوق طاقتها
- علي في سره: ياله من موقف محرج ، صحيح أنها رائعة ولكن باردة كالثلج ، تُرى هل سيذوب الثلج في يوم من الأيام
- ريم تسبح مع خواطرها: هل لأنه وجه جديد في حياتي ففضلت الجدية أم لأني أشعر أني أخونه لأني لم أخبره كما طلب مني الملازم فهد ..ألا يقال من "خان هان" ثم ابتسمت له
- علي وقد تعمد مسك يديها : هيييه نحن هنا، صحيح أنا معجب بكِ ليس لأنكِ جذابة وجميلة فهذا الأمر مفروغ منه بل لأنكِ تمتلكين ما أريده الرزانة وبالأصح القلب الكبير
- التقت عينا ريم بعينيه كانت عاجزة عن الكلام
- فابتسم علي بوجهها: كل ما أريده أن يكون بيننا تقارب بدون حاجز وبرزخ
- ريم تحاول ان تزرع الثقة بينهما: استاذ علي
- علي: هههههه استاذ !! إن كان لابد أن تجعلي اللقاء بيننا هذه الليلة رسمية فأفضل أن تقولي لي الملازم علي
- ريم: مغرور!
- علي وقد أحس بأن الثلج على وشك الإذابه: ههههه يحق لي فقد تعبت لأصل لتلك المرتبة
- شاركته ريم الابتسامة ثم قالت: بالفعل يحق لك يا ملازم علي
- علي يتصنع الجدية: والآن آمركِ أن تقولي حبي الأوحد هل تستطيعين ؟
- ريم بعد صمت قصير تبتلع الإحراج: سأحاول ولكن لا تستعجلني
- ابتسم وانحنى ليرى عينيها المنخفضة: كنتُ أراقبكِ دائماً دون أن تلاحظي،هناك أمر غامض تبدين كأنكِ خائفة من أن يقترب أي إنسان منكِ
- أحست ريم كأنه أصاب الحقيقة:تراقبني!! ماذا تقصد انطوائية؟ !
- كان يتكلم بلطف كأنه يهمس لها وتهرب من تعجبها: ههههه لا لستِ انطوائية بل تريدين عالم آخر مختلف لتكوني أحلامكِ ، أخذ يداعب خدها بيده،أبعدت رأسها
- ريم مندهشة : تراقبني ! متى ولماذا؟!
- ضاق عيني علي لا يريد أن يفصح عن قضيته التي انشغل فيها سنة ونصف ثم قال: لم أقصد ما تتصورينه كلمة مجازية فقط
- لاحظت ريم تغير ملامحه : هااه
- علي: صدقيني لا أريد أن يكون بيننا أسرار خاصة ولكن عملي يتطلب مني أن أحرص على بعض الأمور
- ابتسمت ريم له وهى تبعد تأنيب ضميرها: لابد أن يكون في عملنا أسرار وهذا أمر غير خافي لكلينا ..ولكن كيف علمت أني أخاف من أن يقترب مني أي شخص
- علي : لقد أخبرني ابن عمي والذي هو زوج أختكِ أنكِ أجلتِ دراستكِ الجامعية أربع سنوات..وبعدها ها أنتِ ذا اليوم
- حدقت به: ربما فالحياة غامضة بالنسبة لي وليس كل إنسان قادر على أن يتواصل منهم من يستسلم ومنهم من يطول به التفكير مثلي أنا..ومنهم مقدام مثلك أنت..ألا يقال الخوف خوفان ايجابي وسلبي
- علي وقد شعر أنه أمام شخصية جامدة جداً:ههههههه بلى وأنتِ من أي خوفان
- ريم: كنت في السابق سلبي والآن علمت أن الحياة لا تتوقف لأجل أي إنسان
- علي في سره: كان الله في عوني ، لا أدري هل هذه طبيعة شخصيتها، أم رهبة اللقاء جعلتها جامدة وجادة ثم ابتسم فقد شعر ببعض الملل
- ريم بتخابث: هههههه هل أشعرتك بملل ؟!
- جفل علي ثم ابتسم: هههههههه لا ولكن كنتُ أفكر أن عملي سيجعلني أؤجل حفلة العرس فأنا معتكف على قضية أخذت حيزاً كبيراً من جهدي وكنتُ أتمنى أن لا نؤجل حفلة العرس أكثر عن شهرين
- فكرت ريم في سرعة تغييره للموضوع ثم ابتسمت : اعذرني لا أستطيع أن أخوض معك في هذا الأمر سأترك الأمر لوالدتي
- علي مقطب الجبين: كيف ذلك؟! هذا شأننا لا شأن والدتكِ وهى تعلم أن ظروفي وظروفكِ هى التي تحدد موعد حفلة العرس
- ريم برقة مصطنعة: إذاً لنترك الأمر للظروف
- علي يتجاهل أسلوبها: لا أحبذ أن أترك هذا الأمر بالذات للظروف بل يجب أن نخطط لها فوراً وخير البر عاجله
- ريم بارتباك: لا أدري كما ترى أنت
- أحس علي بالتوتر: لنؤجل هذا الموضوع الآن لما بعد غد..لا أدري كيف جرى هذا الحديث والمفروض أن نتعرف على بعضنا البعض
- زفرت ريم فهى لا تريد أن تجعله يكون قائداً عليها نعم لقد وافقت على الزواج ولكن لم تتوقع أن يكون الأمر فيه قائد واحد والآخر تابع أو نائب القائد فقالت في نفسها: أوه! ماذا أفعل بدأت أشعر بالرعب من هذه الحياة الجديدة ثم ابتسمت له : هل لديك اليوم مهمات خاصة
- علي في سره: هل أنا أمام أنثى تخجل وتتغنج أم شخصية لا تعرف ماذا تعنى العاطفة ؟ فقال: نعم بعد ساعة ونصف
- ريم: موفق إن شاء الله
- علي: شكراً وسأتصل بكِ قريباً و أتمنى أن لا تكوني مشغولة فأنتِ تعلمين وقتي ضيق ولا أستطيع أن أعاود الاتصال بأي شخص
- هزت ريم رأسها وكلها أمل في أن تهرب منه الآن، فهى تشعر أن الأمر غير مفهوم وغير مستعدة له : نعم وأنا مسرورة لأنك ذكرت لي وضعك ثم ابتسمت لتبعد عن نفسها الثقل والجفاء الذي حتى الآن لم يلين جانبهما بعد
- كانت بقرب شاطئ كلكتا تتحدث في جوالها: هاه تزوجت أنتِ متأكدة هههههه سأحرق قلب طلال بهذا الخبر
هزت رأسها : لالا ..لا أستطيع فأنا في مهمة خطيرة نعم عمر ومحسن موجودان وسالم غداً سيحضر ...كل شيء سينكشف ولا ندري من هو المتجسس
- كان قلب محسن منقبض جداً: لا أدري لماذا أشعر أنني ورطت ندى سامحيني يا ندى لم أجد أحد جديراً بالثقة سواكِ
- عمر وهو يسترخي على الكرسي ويتأمل لون سماء كلكتا فالمكان بديع والقصر مشيد بهندسة خلابة : هاه محسن في ماذا سرحت؟! ياله من مكان أفكر أن أخذ بيتاً قصراً لا يهم فقط هذا المكان يستحق أن أعيش سنواتي الباقية هنا عندما أشيخ جنة الله على الأرض..
- محسن بتأفف وتوتر كبير: متى سنرى الرئيس ؟!
- عمر يعتدل في جلسته: علمي علمك كلي فضول أن أتعرف عليه شخصية غامضة جداً
- محسن ينظر باتجاه البحر: بالفعل ويقال أنه هرب منذ عشرين سنة من البلاد
- شك عمر في صحة كلام محسن: من أخبرك لأول مرة أسمع بهذه المقولة
- ارتبك محسن ولكن تعمد أن يجعل ملامحه جامدة: هاه..ربما سالم
- عمر وقد ارتفع حاجباه أكثر: غريبة سالم! ربما والآن سأسترخي حتى يحين موعد الغداء لا توقظني
- نهض محسن وقد شعر أن قلبه المنقبض حله الوحيد هو الجري حتى الانهاك فأخذ يجري إلى أن وصل لدكان صغير على حافة الطريق فإلتفت يميناً وشمالاً ينظر إن كان هناك من يراقبه ويتبعه فاطمئن فطلب الاتصال برقم دولي وكانت فرنسا هذا ما اتفقا عليه هو وفهد ..ثم دار بينهما حوار مشفر
- فهد: هل بابك مفتوح الآن؟!
- محسن: بل مقفل حتى الآن؟!
- فهد: متى ستفتح إذاً؟!
- محسن: حتى عودة الولد الغريب
- فهد: هاه نعم انتبه اشتري الغريب كمية كبيرة من الأوراق الخضراء
- محسن: حسناً يبدو أننا بحاجة لكل ما اشتراه وسأنتبه
- فهد: في رعاية الله وحفظه
- فاستأنف محسن الجري قليلاً ليرى أن كان هناك غريب ما قد دخل الدكان ثم تأكد من خلو الدكان بأي غريب مشكوك في أمره
- مسكين محسن لم يدر في باله أن صاحب الدكان هو الغريب والذي تنصت على المكالمة بدون أي مواربة منه
- ندى وهى تشعر بألم في قلبها ولا تدري ما هيته : حسنا يا خلود سأستريح بالرغم أن الوجع قد توقف في منتصف الرقبة هههههه
- قلقت خلود لوضع ندى: ندى الأمر أكبر من وجع في رقبتكِ وألف سلامة لكِ ..ولكن ملامحكِ شاحبة جداً لا أدري لماذا أشعر أنكِ تخفين عني أمراً ما..وتتصنعين الراحة
- ندى : لا شيء مجرد أني تعبة بعض الشيء ولا تلتفتي لوجهي الباهت
- خلود: لا يمكنني أن أسكت لا تعجبني حالتكما ابداً
- ندى: حالتكما!
- خلود: نعم أنتِ وريم هناك سر بينكما ولا تريدان أن تثقلاني به أليس كذلك؟!
- ريم وهى تسمع من بعيد بعض من حوارهما: لا ليس هناك سر ..ولكن بالفعل نحتاج إلى استرخاء ولبدنك عليك حق ثم ابتسمت لتطرد عن خلود الشك والريبة