الجزء الثاني والعشرين
- في المكتب التاسعة صباحاً ،حدقت ندى في السماء بعد أن غسلت الأمطار حدة نور الشمس، تفكر فيما دار بينها وبين محسن فسرحت في
- امرأة كانت تقطع الطريق على ندى وهى تمشي في مركز التسوق: هل أنتِ ندى؟!
- ندى بتعجب كبير: هل تريدين شيئاً ما؟!!
- المجهولة: لا فقط كنت أسأل إن كان اسمكِ ندى؟!
- هزت ندى رأسها بالإيجاب مشبوب بحذر: نعم ماذا هناك؟!
- المجهولة: هناك رجل طلب مني أن أعطيكِ جوالي يريد أن يتحدث معكِ بأمر ما وأعطاني خمسمئة درهم ووافقت
- ندى بدهشة كبيرة: رجل! عفواً لم أستوعب ماذا تقصدين ما اسمه؟!
- المجهولة: لا أعلم ما اسمه ولكن أشار باصبعه عليكِ وطلب رقمي ومن ثم قال أن أعطي جوالي لكِ
- أحست ندى بغرابة الموقف: هاتي جوالكِ لأفهم ماذا هناك؟!
- سمعت أجمل صوت رجولي فشكت أن يكون محسن
- محسن: لا تنطقي باسمي فقط اسمعيني وثق بي
- ندى بصوت خائف: أثق بك!!
- محسن: قولي لي نعم فقط هل تعرفين أني محسن
- ندى بخجل يخالطه الخوف: نعم بالرغم أني أول مرة أسمع صوتك
- ابتسم محسن لنفسه: وأنا أيضاً وحتى لا أنسى سبب هذا الاتصال..هناك أمر ضروري جداً يجب أن أخبركِ به قبل سفري
- ندى: سفرك!!
- محسن بحذر: لا تنطقي سوى بنعم ولا لا أريد أن يعلم من المتصل بكِ ندى أريد رؤيتكِ غداً صباحاً
- ندى وهى تصغي باهتمام : لماذا ؟
- محسن: ستعرفين كل شيء غداً فقط سأعطيكِ الآن طريقة تجعل الآخرين لا يشكون بكِ ولا بي
- ندى: مــح
- محسن بخوف: إياكِ أن تنطقي اسمي ألا تعلمين أنكِ مراقبة
- إلتفت ندى يميناً وشمالاً بخوف ظاهر: لا أصدقك لا أرى أحداً ممن؟
- محسن بتأفف: ندى لا وقت لدي فقط ثقي بي واحذري من سيارة حمراء فهى تتبعكِ
وسنلتقي غداً في صالون التجميل وسأدلكِ على طريقة لتصلي إلى هناك ..
ندى ناوري تلك السيارة حتى تختفين عن أنظارها وكل ما أطلبه منكِ أن تثق بي
- ندى وقد ومرج وارتفع قلبها بالخوف والفضول والرغبة في رؤيته: حسناً
- خلود: اخبريني متى موعد عقد قِرآنكِ
- ريم: بعد يومين إن شاء الله
- خلود: ممتاز سنكون هناك للمساعدة
- ريم: هههه لا بأس مع أن الأمر لا يستحق
- خلود: يستحق أولا يستحق سنكون هناك
- ريم: وماذا نفعل بشأن هذه القضية؟!
- خلود وهى ترفع الملف: قضية الأرملة سأتصل لأرى
- سمعت ندى مادار بينهما فانتهزت أن هذه هى الفرصة المناسبة لتلتقي بمحسن:
لقد اتصلت قبلكما ووجدت أن حالتها صعبة جداً
- ريم تحاول أن يغلبها العقل على العاطفة: ولكن البنك لا يرحم
- ندى: ولكن البنك لا يستطيع أن يرفع عليها قضية السداد بما أن زوجها متوفى وليس لها عقار أو مال لسداده
- خلود: وطبعاً لن يستطيع البنك أن يطردها من الشقة قانونياً
- ريم: ندى اطلبي منها أن تأتي إلى هنا
- ندى: اتصلت وطلبت منها فقالت لي لا تملك مالاً لأجرة السيارة
- خلود: حسناً فلتعطينا عنوان شقتها وسآتي بها إلى هنا
- ندى: لا بأس أنا سأذهب إليها وسنرى ما الحل ؟!
- ريم: إذن الأمر منتهي وسأجهز كل شيء لنساعدها في أزمتها
- ندى: حسناً ولكن عندي مشوار ضروري ومن ثم سآتي بها هنا لنتناقش بشأن الدين
- خلود بتعجب: مشوار همممم لا بأس في رعاية الله
- بدرت من ندى حركة نفاذ الصبر وهى تناور السيارة حتى استطاعت أن تصل للمكان المتفق عليها
- اوووه قال لي أن أركن سيارتي هنا ومن ثم أدخل هذا المركز التجاري
وأخرج من الباب الخلفي حتى أصل لصالون التجميل النسائي على بعد خطوتين..
قلبي لا يطاوعني لأني أخفيت الأمر عنهما، لا أدري لماذا يجب أن أثق به ..
دخلت ندى الصالون النسائي وأعطت للمرأة كلمة السر المتفق بينها وبينه..
ارتبكت المرأة ومن ثم خرجت خارج الصالون لتتأكد خلو المكان من أي شخص
مشكوك بأمره، ثم زفرت بقوة بعد أن اطمئنت أن لا أحد يراقب المكان ..
- المرأة: إنه ينتظركِ في المكتب الرئيسي تفضلي من هنا
- ندى وهى تنظر للمكان بوجل وشك: عفواً هذا مكان خاص بالنساء فقط ماذا يفعل في صالون النساء
- ابتسمت المرأة لها بلطف شديد: اليوم ليس لدينا عمل كما ترين أنتِ ..ولي معرفة سابقة به وأفضاله علي كثير ..اطمئني
- تصنعت ندى الراحة: إن شاء الله خير
- المرأة : تفضلي من هذا الباب ادخلي ينتظركِ على أحر من الجمر
- ندى وهى تمسك بذراع المرأة : هل ستكونين هنا؟!
- المرأة وهى تربت بأصابعها على يد ندى: نعم وسأنتظركِ لا تقلقي ثم ابتسمت وانصرفت عنها
- ابتسم ما أن سمع صوت ندى وهى تحدث المرأة ففتح الباب لها بدون أن تشعر
أنه واقف بجسمه العريض : شكراً مدام هدى تفضلي ندى اجلسي هنا
- نظرت إليه فشعرت بشوق له مع خوف خافي فقالت بحزم تبعد عنها خيانة قلبها: لا
وقت لدي..الآن ماذا تريد مني بالضبط ؟!!
- حاول محسن أن يمسك يدها ليجلسها فصرخت : ماذا تفعل هل أنت معتاد على مسك
أيدي فتيات لا تحل لك !!
- تدارك محسن خطأه فوراً: المعذرة لم أقصد وبالفعل كما قلتِ معتاد بالرغم إنكِ أفضلهن
- ندى بحدة: استاذ محسن ماذا تريد مني؟
- ابتسم محسن بوجهها: اجلسي لأخبركِ ورجائي أن تثقي بي
- أحست ندى بأن يدها مبللتان لأول مرة من الرعب فجلست في مكان الذي أشار إليه تنتظر ما يسفر عنه
- نظر إليها بعمق وتعمد أن يجعل عينيه في عينيها ثم قال بصوتٍ هامس: ندى! هل
تؤمنين بالحب من أول نظرة؟!
- انصدمت ندى لم تتوقع أنه يسألها هذا السؤال وفي رأسها يدور ألف سؤال
عن تلك السيارة، واتصاله بها وسفره ففضلت مسايرته: ليس كثيراً فقط في قصص الخيال
- محسن بتعليق ساخر: ما رأيكِ أنني أحببتكِ من أول نظرة
- نظرت إليه بخوف، فالمكان مغلق لا أحد فيه سواهما فأخذت تتتأتأ: أنت ..أنت
- اقترب منها قليلاً: لا بأس عليكِ لم أقصد أن أروعكِ..وسامحيني ثم قال لها بهمس: ولكن بالفعل أحببتكِ من أول نظرة
- وقفت بسرعه تحاول أن تفتح الباب ولكنه سبقها ووقف على مقربة منها وقد
أسندت ظهرها للباب : هيا لا تقولي أنكِ لا تبادلينني ولو قليلا ً بأحاسيس القلب
- ندى تعض شفتيها: قلت أنك مسافر إلى أين ؟
- استعاد محسن بعض عقله : لا أحبذ أن أخبركِ
- ندى: إذاً لما طلبت رؤيتي
- رفع محسن يده بدون وعي فقد أغرته خدها فحاول أن يمسك خدها فضربته بشده: لا
تفعل ودعني أخرج من هنا وإلا صرخت كيف تطلب مني أن أثق بك..أنا الغبية
نسيتُ ما اجتمع الإثنان إلا والشيطان ثالثهما ابتعد عني
- جفل محسن من حدة صوتها ثم سحبها وأجلسها على الكرسي القريب منها: سامحيني وأكرر اعتذاري مرة أخرى
- كانت ندى تفكر في غرابة تصرفات محسن، حتى سمعته يقول لها
وقد وضع حقيبة من الجلد الرقيق: نعم سأسافر لمدة خمسة عشر يوماً
وفي حال طالت مدة غيابي عن خمسة عشر يوماً، أرجوكِ أعطي هذه الحقيبة
لــ ريم لا أحد سوى ريم..وأرجوكِ هى أمانة لديكِ ولا تحاولي الاطلاع عليه لسلامتكِ ثم
ابتسم ليرى ردة فعلها..
- نظرت ندى للحقيبة مليلاً: ريم!
- هز رأسه: نعم المحامية ريم وأرجوكِ لا تسأليني ولا تظني بي سوءاً
- رفعت نظرها إليه: لماذا لا أسألك؟
- شعر محسن بثقل السر على قلبه: ندى أعرف تماماً الشعور بالجهل ولكن ثقي بي فقط
- ندى: هل أنت متورط في قضية ما ؟!
- محسن: متورط حتى النخاع ولكن ليس كما تتصورين
- حبست ندى أنفاسها فقد شعرت بغموضه: إذاً لما لا تعطي الحقيبة لــ ريم بدل كل تلك المناورات
- محسن: لا أريد أن يعلم أحد بالحقيبة حتى فهد يجب أن لا يعلم به
- ندى: فهد!!
- اقترب محسن حتى جلس بمحاذاتها: نعم الملازم فهد أرجوكِ يا ندى أمانة عندكِ
فإن غبت أعطيه لريم فهى وحدها ستتصرف
- تحركت ندى تبعد نفسها عنه فقد شعرت أن هناك شيء ما يتكهرب بينهما ثم نهضت
- فقطع عليها الطريق للخروج: ندى خذي الحقيبة أرجوكِ واحتفظي به حتى عودتي فإن لم أعد أعطيه لريم
- وقفت تنظر إلى يده ثم رفعت رأسها بتردد كبير: ألن تخبرني ماذا في هذه الحقيبة ؟!
- ابتسم محسن: أدلة قد تكشف عن قضيتي
- شعرت ندى بالحيرة : أخبرني لعلي أساعدك
- نظر إليها وأشار إلى قلبه : وجودكِ في عالمي كالسحر الجميل وكلما قل عدد من يعرف عن قضيتي كلما كنا في أمان
- ندى بارتباك: ولكن
- محسن: ولكن أخطأت لأني لم أخبر الملازم فهد عن الحقيبة وحملتكِ سر الحقيبة سامحيني
- ندى: لماذا أنا؟
- محسن: لأني أثق بكِ وصدقي أو لا تصدقي أحببتكِ من أول نظرة
- أخذت أفكار ندى تتوالى وهى صامتة هل تصدقه أنه يحبها أم يستغلها والله أعلم ماذا في هذه الحقيبة
- محسن: هيييه ما بكِ ؟!
- ندى: أنا..أنا
- محسن: أرجوووكِ وافقي لقد أخذتُ حذري بأن لا يعلم أحد عنكِ شيئاً و حتى
ما دار بيننا من الاتصال لن يعلمه أحد لأني استعملت هاتف شخص مجهول وأنتِ أيضاً
- ندى بتردد: حسناً في حالة غيابك وأرجو من الله أن لا تغيب أكثر عن خمسة عشر يوماً
- محسن بتخابث: هل تخافين علي؟!
- شعرت ندى ببعض الخجل مما زادها بهائها
- ضحك محسن ضحكة خفيفة ليطرد عنها الخوف والخجل: عفواً أردتُ فقط أن أطرد عنكِ الشك والتردد
- كبتت ندى مشاعرها بقوة: كما قلتُ لك لا وقت لدي يجب أن أنصرف وسأثق بك هذه المرة فقط
- ارتسم على محسن الجدية: توخي الحذر فقط
- خلود وهى تنظر إلى الساعة في معصم يدها: تأخرت !
- ريم وهى تقرأ في الملفات: حجة الغائب معه لا داعي للقلق
- ندى وهى تلهث وبجوارها الأرملة: السلام عليكم عذراً عن التأخير لظرف طارئ
- ابتسمت ريم وعقدت خلود حاجبيها ضجراً
- ندى للمرأة: تفضلي من هنا ريم وخلود هذه سهيلة
- نظرت ريم لــ سهيلة طويلة القامة بعض الشيء خجولة جداً شكت أنها أم وزوجه : أهلاً بكِ وعظم الله أجركِ
- بصوت خافت: لله ما أعطى ولله ما أخذ وشاكرة لكن مساعدتي
- خلود وهى تدخل في الموضوع فوراً: لقد طُلب منا النظر في قضيتكِ بما أنكِ
لا عائل لكِ ولا تملكين سوى الشقة ألديكِ أقارب
- هزت رأسها بلا ..ثم سكتت وكانت ريم تنتظر منها أن تحدثهن عن أمرها ولكن طال سكوتها..وندى في عالمها الخاص
- ريم وهى تعلم عن عدد أولادها فتعمدت سؤالها: كم لديكِ من الأولاد
- أحنت سهيلة كتفها: ثلاث ابنة واثنين من الابناء
- خلود: جعلهم الله من الذرية الصالحة نحن هنا لمساعدتكِ فليتكِ تخبرينا عن بعض الأمور
- ريم: من خلال السجلات أنتِ ربة بيت وحاصلة على الثانوية العامة ولكن لا نعلم إن كان لديكِ أقارب
- سهيلة وعيونها تدور في الفراغ: أنا وهو تربينا في دار الأيتام
- ريم: والقرض ما حكايته؟!
- سهيلة تغالب دموعها: بعد أن أنجبنا ثلاثة أولاد ورأي متطلبات المعيشة
الغالية هنا..قرر أن يعمل في تجارة ولكن قدر الله وماشاء فعل ما أن اقترض المال
وشرع في تخطيط للمشروعه داهمه مرض الخبيث..وذهب المال كله للعلاج
ثم ذرفت بضع دمعات حيرة وألم
- ريم بهدوء: إنا لله وإنا إليه راجعون.. البنك لن يستطيع أن يطردكم من الشقة
قانونياً وأما مسألة سداد الدين فقد قمنا بتجميد الفوائد..وسنحصر ديونه واطمئني أهل
الخير موجودين ولله الحمد
- خلود: وكل ما نطلبه منكِ حالياً أن تعطينا فواتير العلاج وأوراق يختص
بقرضه وشهادة الوفاة وغيرها من الأوراق الرسمية
- تهللت أسارير سهيلة: جزاكم الله خيراً لا أدري كيف أرد جمائلكن ثم انصرفت مع ندى
- ريم بألم: يجب أن نساعدها فشخصيتها ضعيفة جداً
- خلود تشارك مشاعر ريم: لقد ساعدناها
- ريم: لا أتكلم عن الديون بل عن شخصيتها فهى ربة بيت
وتربي ثلاثة أولاد وليس لها مصدر دخل واعتمادها على مصدر دخل من الحكومة لن يساعدها
- خلود ترفع حجبها: ماذا تقصدين؟!
- ريم: هى خريجة الثانوية وتحتاج إلى دخل ثابت ومستقر مارأيكِ أن تعمل هنا
معنا ونحدد لها ساعات العمل ليناسبها ويناسب أولادها طبعاً بعد أن تأخذ شهادة
الرخصة الدولية لقيادة الحاسب
- خلود: همممم صحيح نحتاج إلى موظفات ولكن أنتِ تعلمين أن ...
- ريم: أعلم أعلم أن الأجر لن يكون كبيراً ولكن أفضل من يد السفلى أليس كذلك
- خلود: اممم سنتفق مع ندى وسنرى
- ريم: لما لا..وإلا سأساعدها بتقديم أوراقها لوزارة العمل
- خلود: حسناً والآن لنركز على قضيتها وهذه قضية القمار
- وجدت ندى واقعة في ورطة خفية : يا تُرى ما سر هذه الحقيبة وكانت نفسها تدفعها دفعاً أن ترى مافي الحقيبة
صرخت داخلياً: كيف وثقت به..وأنا لا أعرفه حق المعرفة
صارعليها الآن أن تحرص على الحقيبة وتراقب الشارع والسيارات بحذر شديد
لم تعهدها..كانت تقود سيارتها وتنتظر إشارة خضراء فما وعت حتى سمعت
صوت ارتطام سيارة مسرعة شاحنة صغيرة تصدمها من الخلف بكل قوة فصرخت من
هول الصدمة والألم ..