الجزء السابع عشر
- ألا ترين أنكِ تتأخرين كثيراً ولا تعودين إلى البيت مبكراً
- ريم وهى تبتسم لوالدتها: ماذا أفعل متطلبات العمل وعُذراً
إن كنتُ أسببُ لكِ القلق
- ولكن الوضع لا يطاق،أصبح البيت مهجوراً
وراشد حتى الآن لم يستقر
- ريم وهى تضع رأسها على كتف أمها: الا تأتيكِ عائشة؟!
- تحاول وتجلس عندي ساعة وساعتين ولكن عذرها معها فهى لها وظفتين الأمومة وعملها
- ريم تمط شفتيها: وسارة!!
- لا أدري ماذا حل بها؟! هذه أكثر أخواتكِ التي لم أتوقع منها الجفاء ، هل أخطئت بحقها يا ترى؟!!
- ريم وهى تمسك بيد أمها: معاذ الله، ولكن هى لم تتغير
- ولكن لم أفرق في معاملتكن كلكن سواء، حتى راشد لم أفضله
عليكن كلكم واحد..فما الخلل ؟!
ريم: أوووه يا غاليتي لا تشغلي بالكِ منها..هى الخاسر الأكبر
- أمري إلى الله وعسى أن يردها الله رداً جميلاً
- حاولت ريم أن تلطف الجو: أمي..ما رأيكِ أن تكملي تعليمكِ
- هههه بعد هذا العُمر!..دعكِ من ذلك
- ريم باستنكار: ماذا في ذلك وما شأن العمر بالعلم..العلم لا يتدخل بالأعمار بل بالنور الأهم أنكِ تزيدين علماً وتقطعين عن نفسكِ الفراغ والملل
- لا أدري أشعر سأكون في موضع سخرية
- ريم: أووه أمي دعكِ من نظرات الناس القاصرة،
انظر إلى الغرب تشجع شعوبها على العلم مهما بلغوا من العمر،
حتى لو كان ثمانون،ونحن نسخر سبحان الله هذا بقايا آثار الاحتلال
الغربي على مجتمعاتنا، ولو فكرتي قليلاً الصحابة تعلموا في كبر سنهم،
والجهل يعيب أي إنسان مهما كان عمره،كبيراً أو صغيراً،
والتعلم يحسنُ عقلية الإنسان مهما كان عمره
- ولكن العلم في الصغر كالنقش على الحجر
- ريم: اللهم لا اعتراض ومن قال العكس، ولكن العلم أفضل
من الجهل،هياااا لا تترددي وستغييرين جو البيت ويكون لكِ
صحبة جديدة ومعارف مفيدة ..هيا قولي نعم
- ولماذا أقول نعم
- ريم بأمل ولهفة: حتى أقوم بإجراءات تسجيلك لأقرب مدرسة
- سأفكر
- ريم بهدوء: لا بأس فكري وأنتِ مازلتِ شابة في مقتبل العمر
- هههه أتمزحين أبلغ ثلاثة وخمسون عاماً
ريم: ماذا في ذلك فالحياة والصحة نعمة دينوية وأنتِ تمتلكينهما
فما أجمل أن تكوني مشغولة بتحصيل العلم
- وماذا أفعل بالشهادة؟!
- ريم وهى تشجع أمها بابتسامة كبيرة: ليس المهم ماذا تفعلين
المهم تزيدين علماً وتستفيدين من فراغكِ
- خيراً إن شاء الله..الآن اتصلي بــ عائشة لأننا غداً سنذهب
لـ بيت أم سهيل وأنتِ أيضاً فلا تتأخري بالقدوم
- ريم تنهض لتقبل رأس أمها: مالمناسبة؟!
- لـتهنئتها بسلامة ابنتها الصغيرة غاية فقد تكللت عمليتها بالنجاح
- ريم: عمليتها ماذا كانت تشكو؟
- تقول لحمية في الأنف
- ريم: تستأهل السلامة
- عائشة وهى تكلم ريم في الهاتف: أجل أجل سأكون هناك غداً
- ريم: عائشة ألا تكلمكِ سارة ؟!!
- عائشة: لا منذ زواجها لم تأتي ولم تزرنا لماذا؟ّ!
- ريم: أمي حزينة بسبب تصرفاتها فهى شحيحة في المكالمات
تتحجج بأن وظيفتها أخذها كل مأخذ
- عائشة: لم أتوقع منها ذلك !
- ريم بشغب: ماعلينا المهم أن تحضري إياكِ أن تتحججي
بضيق الوقت والأطفال
- عائشة: هههه ليس بيدي حيلة،على فكرة أما آن لكِ أن تتزوجي؟!
- ريم باستنكار: ماشاء الله هل تريدينني أن أخطب لنفسي
وماهذا الكلام هل طرق أحد بابنا وقلتُ لا
- عائشة وهى تتدارك خطأها: أوووه ريمي لم أقصد هذا
ولكن أنتِ الوحيدة منا لم تتزوج والآن تبلغين سبع وعشرون عاماً
- ريم بحدة بسيطة: عائشة ألا ترين أنكِ تجرحيني بكلامكِ هذا
والزواج قسمة ونصيب وأنتِ أكثر واحدة تعلم بذلك
- عائشة : لم أقصد ما فهمتيه..ونعم قسمة ونصيب لذا فقد رشحتُ لكِ ابن عم زوجي اسمه علي
- ريم : بعد ماذا هااه كلامكِ كالخيزران الآن تقولين رشحتكِ
وماذا ترينني لترشحينني انتخابات وأنا لا أدري ..
عائشة وهى تعض على شفتيها: عُذراً ولكن سأخبر أمي عنه
- ريم: افعلي ما ترينه مناسباً سلاااااام
في بيت أم سهيل وكان الوقت بعد المغرب
- أم سهيل: كم أنا سعيدة بقدومكن كيف حالك ياريم
- ريم وهى تتلافى وضع عينيها بعين أم سهيل: نحمده ونستعينه
وتستأهلين سلامة صغيرتكِ غاية
- أم راشد: الحمدالله على سلامتها
- جلست عائشة وهى تحتضن طفلها الصغير : الحمدالله على سلامتها وأعلم كيف يكون قلب الأم في هذا الموقف لا أراكِ الله مكروهاً
- أم سهيل تبتسم: آمين عن إذنكن هذه أمي تتصل بي
- أخذت ريم تداعب يد غاية وتتحدث مع هدى
والتي كبرت الآن وكذلك فهد ماعاد صغيراً كالسابق
أما سهيل فهو في مشارف الرجولة المراهقة
- أم راشد: خير إن شاء الله يا أم سهيل لقد جئتِ بوجه غير
عن الوجه الذي أعرفه ..هل هناك ما يكدركِ؟!
- أم سهيل وهى تجلس وتصب فنجان من القهوة
وتمدها لأم راشد: هذه أمي أخبرتني للتو أن طلال سيتزوج ابنة عمتنا
- كانت ريم تنظر إلى أم سهيل بصدمة فأريقت بعض من الشاي
على عباءتها، ذهلت حيث كادت أن تصرخ من هول الصدمة: يتزوج!!
- عائشة بهدوء دون أن تشعر بنظرات ريم المتغيرة: ماشاء الله مبارك لكم
- أم سهيل بغضب: لا تباركين ابنة عمتنا هى التي خطبته لنفسها
وورطت طلال في هذا الأمر
- جلست ريم بعيداً عنهن فقد كانت تريد أن تسمع ماهى الورطة
- أم راشد: لم أفهم ماذا تقصدين بأنها ورطته ؟!
- أم سهيل تتمالك أعصابها: ابنة عمتنا لا أحد يحبها،
ولكن استغلت صغر سن اختنا آخر العنقود وطلبت منها أن تخبر والدي
برغبتها بالزواج وأنها تحب طلال..والأدهى والأمر لا ندري
كيف أحبته ومتى أحبته وطلال لم يرها سوى مرتين
وكانا صغيران في ذلك الوقت..
- عائشة تحاول أن تكتم ضحكتها فقالت في سرها: يااا ياطلال وقعت في شر أعمالك
ثم نطقت : ههههه خطبته لنفسها ابنة عمتكم جريئة
- أم سهيل وهى تعبر عن رأيها: بل قولي وقحة،
لا أحد في العائلة يحبها، وعلمتُ من أمي أن والدي أجبر طلال وبعد غد
خطبتهما وفي الاسبوع الثاني عقد قِرآنهما..
- أم راشد: ليس هناك ما يعيب، صحيح من عاداتنا أن يبادر
الرجل بالخطبة وهو الذي يرغب بالزواج،ولكن هذا الزمن قد تغيركل شيء
فالمرأة الآن تساوت مع الرجل ولم يعد الحياء هو السائد
وما فعلته لا يعد حراماً ولكن يقلل من قيمة المرأة لا أكثر
- أم سهيل: ولكن الكل يرفض زواجهما حتى أمي رفضت
- أم راشد: لا يسعنا سوى أن نقول مبارك لهما وجمعهما على خير
- نهضت ريم ما أن سمعت من أمها هذه الكلمات،وانفردت بنفسها ،
ران على عقلها سكون شامل، ليس من الخير أن تغضب وتبكي
حظها العاثر،كانت على وشك أن يتعلق قلبها به،
والآن أطلت على حياتها شخصية جديدة وأنشبت أظافرها في عنق طلال..
ابنة عمته ..جلست تداعب أناملها دون أن تثير حولها أدنى شبهه
واستطاعت أن تتمالك نفسها ثم خرجت تمشي في صحن البيت وأخذت تلعب على
الأرجوحة تحاول طرد وقع خبر زواج طلال بابنة عمته..
فتعمدت أن تتخيل رجولة ابنة عمته وخنوع طلال كالأنثى
ثم ضحكت بشدة وذرفت عدة دمعات سخينات ..
- كرهت ريم أن تنهض للذهاب إلى عملها،ولكن مكالمة خلود الملحاحة
جعلتها تنهض بخفة ونشاط
- صباح الخير يا خلود
- خلود: صباح الفل..هيا احضري فوراً
- ريم: ما الجديد تحت الشمس
- خلود: لن أخبركِ ولكن حضوركِ ضروري لا تتأخري
- كانت ريم تشعر بصداع بسبب مقاومتها أن لا ترسل رسالة قصيرة
تشتم طلال وتتهمه بإضلالها: مسافة قصيرة وأكون هناك..سلاااااام
تعمدت ريم هذه المرة أن تمر أمام مكتب المحامي عمر، بما أن المصاعد معطلة..
فلمحت ملامح ليس بغريب عليها
- أليس هذا الملازم فهد استغربت من الأمر ياترى ماذا يفعل هنا ثم أسرعت الخطى
- ريم وهى تأخذ نفساً : خير يا خلود المصاعد لا تعمل
- خلود: صيانة ماعلينا هناك أمر أريدكِ أن تهتمي به
- ريم: ماهو؟!
- جاءت ندى ووقفت بجانب خلود: هذا الرجل ذو البدلة السوداء
تفكيره كلون بدلته
- ريم: ما به؟!
كان ملامحه قاسيه و شاحبه ما يميزه عيناه الضيقتين القلقتان جداً..
ذاهل ما يحصل له..ترى ماذا جرى له؟!
- خلود: هل تصدقين أنه قرر أن يقتل زوجته وأطفاله ومن ثم ينتحر؟
- ريم وهى تنظر إلى ندى ، وندى تهز رأسها بإيجاب
- ريم: مااااذا وكيف لم تبلغا عنه ؟! يخطط لجريمة قتل وتسكتان
- ندى: لا داعي للجزع ياريم فقد علمتُ أن زوجته وأطفاله في بلاده الأم
- ريم تتنفس الصعداء: ولو يجب أن نقوم بالتبليغ عنه
- ندى: امممم على رسلكِ هو لم يخبرنا إلا لأنه يحتاج مساعدتنا
- خلود: هل نتصل بطبيب نفساني ربما يعاني من الاكتئاب
- ريم: لنرى سر قدومه إلينا، وأنتِ يا ندى ابقى قريبة منا
فإذا حصل أمر طارئ اتصل بالشرطة فوراً
دلفت خلود وريم غرفة المكتب وعبارة عن طاولة طويلة فيها عدة كراسي ..
- ريم تحاول أن تكون طبيعية: أهلاً بك تفضل بالجلوس هنا
- شكراً لكما لقد قرأتُ اعلان صغير عن مكتبكم وكنت أحتاج لاستشارة
فقد هدني الهموم ولا أعرف ماذا أفعل وكيف أفكر
- خلود: لقد جئت إلى مكان مناسب نحن نحل أغلبية القضايا
ودياً بعيداً عن القضاة والمحاكم هل ترغب بشرب شيئاً ما
- ريم: لم تخبرنا باسمك
- عبدالواحد
- ريم وهى تنهض لتصب قهوة ساخنة له: أهلاً بك يا عبدالواحد
- خلود: ما هى الاستشارة التي تريدها منا
- عبدالواحد وهو مطأطأ الرأس وتنفسه متقطع فقدمت ريم القهوة
ثم جلست تنتظر جوابه ..
- ريم: عفواً ما الذي جعلك تخبرنا بنيتك في ارتكاب جريمة
ألا تعلم أن بإمكاننا أن نبلغ عنك
- عبدالواحد وهو يصر على أسنانه : زوجتي الخائنة السبب
ما حل بي من اليأس، لا أملك اليوم شيئاً راح سنين تعبي وكدي
- خلود: اكمل لربما وجدنا لك مخرج مما أنت فيه ماذا فعلت زوجتك؟!
- عبدالواحد يحاول أن يتمالك دموعه وحسرته: منذ يومين جاءني
اتصال من قريب لي أنه شاهد زوجتي مع رجل غريب
وليست المرة الأولى، بل اكتشفت اليوم أنها سحبت الأموال كاملة
من الحساب المشترك ثلاثمائة ألف درهماً شقاء عمري وسنينه
- ريم: لا حول ولا قوة إلا بالله هل اتصلت بها ربما أخطأت أنت في رقم الحساب
- قهقه عبدالواحد ألماً: لقد قامت بتغيير أرقام البيت والجوال
ورمت الأطفال في حضن أمي وانا أعيش الآن في دوامة لا أعرف سماءي ولا أرضي
- دخلت ندى فقد سمعت كل شيء: لا بأس عليك حلك بسيط جداً
ولكن ما نحتاجه منك الآن أن تعطينا رقم بيت أمها أسرتها
أياً كان من معارفها..وطبعاً إذا تكللت الخطة بنجاح فلنا 20% من أتعابنا
وليس هناك داع لتقتلها..ولا تنسى القانون لا يحمي المغفلين
- ريم: نعم لا يحمي..وسارع بفتح حساب خاص بك اليوم وليتك تخبرنا برقم حسابكما المشترك السابق
- عبدالواحد: ولكن هى سحبت الأموال والرصيد صفر
- خلود: المهم أعطنا رقم حساب ورقم السري للشبكة العنكبوتية
لنتابع الوضع مباشرة
- ندى: وكل ما نطلبه منك أن تنفذ ما نقوله بحذافيره
ولا تخبر أحداً حتى قريبك الذي أخبرك عن زوجتك
- ريم: واطمئن مالك سيصلك ولكن تحلى بالصبر فقط
- خلود: اجعل الأمر كأنه لم يكن ونتمنى أن تسجل الارقام الصحيحة
وبعد ذلك نطلب منك أن تتصل بأحد أقاربها وتحدثه كأنك لا تعلم عن خيانتها
ولا سرقتها وأنك فرح جداً لأنك قد ربحت مليون درهماً
من ضمن مسابقات أقامتها شركتكم وبعد ذلك تخبره أنك اتصلت
بالبيت ورقم جوال زوجتك فربما المسكينة هكذا قل المسكينة
نست أن تدفع فاتورة الهاتف والجوال وسنرى هل ستأكل الطعم
وإنك ستودع المال بعد ثلاثة أيام في الحساب المشترك
وتريد غداً أن تذهب البنك لكشف الحساب وكم تبقى لك من الرصيد ..
وإذا ما اتصلت بك اخبرنا لنكمل نحن الباقي
- انتعش عبدالواحد وشعر أن روحه قد عادت إليه رويداً رويداً
- ندى: نرجو من الله أن تنجح خطتنا وتأكل هى الطعم
فمن المعلوم من "طمع طبع" وفوق كل ذي علم عليم فهو القادر
فادعو الله ولا تيأس
- عبدالواحد: ماذا سيحصل إن لم تنجح الخطة؟!
- ريم: تفائل بالخير..ولا تيأس من روح الله..ولن يضيع الحق
- بعد أن غادر عبدالواحد أخت ريم تصفق لـ ندى: ماشاء الله أحسنت
فأنتِ نبيهه في هذه الأمور
- ندى: هههههه هذه هى مهنة المحاماه
- خلود تشارك ضحكة ندى: بل قول مهنة المحققين، من يدري ربما في المستقبل نراكِ محققة
- اتسعت ابتسامة ندى وتعمدت المشاغبة: الحمدالله أنني لستُ مثلكما يا فيلسوفتان
- ريم وخلود: هههه لا بأس لا بأس
- خلود تستأنف الكلام: على فكرة لقد رأيتُ رجلاً يحوم أمام مكتبنا وما أن رآني تراجع إلى الخلف
- ندى: ربما المحامي عمر فأنتِ تعرفينه ما أن يرى عميل لنا يسارع الخطى إلينا ليثبطنا
- خلود: اوووه لا تذكرين به ولكن الرجل حنطاوي
- ريم وهى تفكر بدون صوت مسموع: ربما الملازم فهد ياترى ماذا يريد؟!
- خلود: مابكِ ريم وجهك لا يعجبني لماذا أنت واجمه
- ندى: هيا لا تقلقي ستنجح خطتنا إن شاء الله
- ريم بارتباك:إن شاء الله..كانت ما تزال تفكر بطلال وزواجه القريب من ابنة عمته..