كاتب الموضوع :
dede77
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وقفت فانيسا فجاة واستانفت السير .. ما تحتاج اليه الان , ان تهيم على وجهها فى الريف بدون هدف وبدون ازعاج من احد . خاضت فى الحقول الخضراء الندية وهى تشعر بسعادة غامرة لاحتكاكها بالطبيعة الهادئة الجميلة ، وابتعدت عن الطرقات المطروقة فلم تعد تجد الا الاشجار والصخور وبعض الاغنام التى ترعى فى ذلك الريف المنعزل . ظلت تصعد فى التلال حتى وصلت الى جدول مائى ينحدر عذبا رقراقا وقد انعكست عليه اضواء المساء الخافتة . وقفت فانيسا قليلا واخذت ترطب يديها ووجهها بالماء البارد المنعش , ثم شربت بعض قطرات منه ... وتابعت مسيرتها 0
ازدادت الاشجار كثافة , ولاحت امامها بداية غابة واسعة من اشجار الصنوبر والسنديان . عما قليل ستدخل هذه الغابة الغامضة وتضيع فى لا نهايتها 0
دخلت بين الاشجار المتشابكة فاحست بالبرودة تشتد بحيث اخذت ترتجف , لكنها واصلت تقدمها وكانها مسحورة بالخضرة الطاغية المحيطة بها وبصوت تكسر اغصان الصنوبر اليابسة تحت قدميها . الهواء ملئ بالرطوبة الباردة , فالشمس لا تصل الى داخل الغابة بل تكتفى بملامسة رؤوس الاشجار التى تزداد تطاولا وضخامة 0
وقفت فانيسا فى مكانها لحظة واطلقت نظرها الى الاعلى , حيث جذوع الاشجار تمتد وتمتد . شعرت بان الاغصان تطبق عليها والاشياء تدور حولها بسرعة غريبة ومفاجئة , فاستندت الى اقرب شجرة لتتدارك السقوط . وعرفت على الفور انها جائعة جدا فهى لم تتناول على العشاء الا عدة ملاعق من الحساء قبل ان تنظر الى كال وتكتشف انها تحبه ... وبعد ذلك فقدت شهيتها 0
بدا لها ان الغابة اصبحت اكثر برودة واشد ظلاما . فقررت عدم مواصلة التقدم , لم تعد تنفعها الافكار والتخيلات , الشئ الوحيد الباقي لها هو ان ترحل بعيدا ... بعيدا ... عندما تعود الى دينستون هاوس سوف تجهز حقيبتها للمغادرة . سمعت صوتا خافتا يشبه حفيف اوراق الشجر اليابسة عندما تدوسها الاقدام , وعندما خرجت من الغابة اكتشفت ان الصوت ناتج عن المطر الذى بدا ينهمر خفيفا . لم تنزعج من البلل ، بل رفعت وجهها الى السماء لتستقبل رذاذ المطر المنعش على بشرتها . عادت باتجاه سيارتها وقد اخذت الارض توحل تحت قدميها 0
دخلت السيارة وادارت محركها . علا الزئير وسط الصمت الطاغى , لكن العجلات دارت فى مكانها دون ان تتحرك السيارة قيد انملة . اطفات المحرك ثم جربت مرة اخرى وقد اعتراها القلق . قفزت السيارة خطوات الى الامام قبل ان تغرق عجلاتها مرة اخرى وتراوح مكانها . اطفات المحرك وخرجت لتفحص العجلات , فوجدت الخلفيتين غارقتين تماما فى الوحل 0
- يا لهذا الحظ السئ ! فبعد كل الذى حصل , يحدث هذا . لو انها انتبهت الى المكان قبل ان تتوقف فيه ؟ لا فائدة الان من الوقوف تحت المطر دون معنى ... بحثت فانيسا حولها عن اغصان او احجار او ما شابه مما يمكن ان يوضع تحت العجلتين الخلفيتين لمساعدتها على الاقلاع , لكنها لم تجد شيئا ... على الاقل بالقرب منها . وادركت ان عليها العودة الى الغابة لاحضار بعض الاغصان اليابسة . فالمطر يزداد غزارة والظلام يشتد , وكلما اسرعت فى الذهاب كان الامر افضل . ومع انها لم ترحب بفكرة العودة الى الغابة المظلمة الرطبة , الا انها مضطرة لذلك0
|