كاتب الموضوع :
dede77
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان بعد الظهر هادئا بغياب لورى . انهت فانيسا عملها بحدود الخامسة ثم القت نظرة اخيرة على المكتبة قبل ان تتوجه الى غرفتها . تساءلت كيف ستكون العلاقة بين كال ولورى عندما سترحل هى . ربما احسا بضرورة ان لايتدخلا بشؤون بعضهما البعض . لاحظت مرة اخرى الرف الذى سحب منه كال الكتاب قبل مدة , هناك الكثير من الكتب للقراءة . لكنها وجدت نفسها راغبة فى قراءة احد كتبه على ضوء اكتشافها لحقيقته وشخصيته . خرجت من المكتبة واغلقت الباب خلفها بهدوء ثم اسرعت الى غرفتها . كانت غرفة كال تقع فى الجهة الاخرى من الممر , ومنها سمعت صوت ضربات على الالة الكاتبة , وهو الصوت الذى تردد كثيرا خلال الايام الماضية . ثم تجاوزت الممر ودلفت الى غرفتها 0
عندما بدات نشرة اخبار الساعة سادسة مساء على شاشة التلفاز، سمعت الرجلين يغادران البيت . وبهدوء تام توجهت الى النافذة لترى جدها يدخل فى سيارة كال الجاكوار , ثم اقلعا معا باتجاه الطريق الرئيسى . بعد ساعة ستحضر لها السيدة بانكس عشاءها المكون من وجبة خفيفة , خاصة ان الرجلين غائبان . وعلى كل فان شهيتها للاكل خفت كثيرا خلال الايام القليلة الماضية . انحنت على النافذة تراقب السهول الممتدة حتى الافق وقد غرق قلبها فى لجة الحزن العميق . عاد اليها وجه السيد مورتون الرافض لخططها فتخيلت نفسها امامه تعترف له بفشلها , فهى مدينة له بذلك على الاقل . بعد ذلك ستترك شقتها الخاصة فى لندن , بل ربما تغادر لندن كلها , الى خارج البلاد ... فهى لم تعد تحتمل حياة القلق بعد الذى جرى لها هنا . احست ببرودة اطار النافذة تلسع راسها فتساءلت عما اذا كانت ستصاب بالرشح او الانفلوانزا . كان جسدها متعبا , ووجهها ملتهبا بالحرارة الشديدة مع ان موجة من البرودة كانت تسرى فى اوصالها 0
ابتعدت فانيسا عن النافذة , فوقعت عيناها على كتاب كال , تناولته واقفلت جهاز التلفازثم القت بنفسها على مقعد الوثير . اعجبتها المقدمة التى تحدث فيها عن كيفية تحويله سيارة لاندروفر الى بيت على عجلات , واستعمالها فى رحلة طويلة الى مجاهل افريقيا . اعجبتها لان الكتاب ليس مجرد رقم على احد الرفوف , بل هو من تاليف الرجل الذى انقذها من اثنين من الرعاع ... والذى يشك بها ولا يحبها . توقفت فانيسا فجاة عن القراءة وقلبت الكتاب لتعيد التامل فى الصورة المنشورة على الغلاف الاخير. انه يبدو مختلفا فى اللحية , ومع انها لم تعجب به الا انها اعترفت بان اللحية تناسبه تماما . احست بعينيه , حتى بالصورة , وهما ترمقانها وتسخران منها بغموض شديد . تنهدت بعمق واعادت فتح الكتاب على الصفحة التى كانت تقراها . ومع ذلك ظل خيال المؤلف يهاجمها بالحاح رغم انها بذلت جهدا للتركيز على الموضوع . لقد لمسها صاحب الكتاب واحتضنها , بل وعلمه كيف تسقط بامان ... كما انه كان لطيفا فى احيان قليلة . واحست فانيسا بدفء يتدفق فى كل جسدها وهى تتذكر ذراعيه القويتين وعينيه الحادتين ...
اغلقت الكتاب بعنف وتوجهت مرة اخرى الى النافذة . ودون ان تدرى احست باصابعها تلامس شفتيها . لقد عانقها بالقوة ... انه الرجل الاول الذى يفعل ذلك بدون ان يبدو عليه التاثر . وعلى امتداد نظرها ترامت الحدائق والسهول لتقف فى النهاية على اعتاب تلال رمادية اللون مكللة بالثلوج البيضاء التى لن تذوب ابدا , لان الحرارة هناك لا يمكن ان ترتفع لدرجة تذيب معها الثلج 0
|