كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وفي اليوم الثالث من التجول للأستكشاف ابتعدا عن المدينة وهما يبحثان عن مكان خاص لتناول الطعام أوصاهما به موظف الأستقبال في الفندق, وفجأة قفزت شاني من فوق دراجتها وهتفت:
-" مزيد من الآثار القديمة! وهنا في البراري!
كان هذا صحيحاً , وامتدت أمامهما أميال لهما وحدهما, كانت الأعمدة المنهارة مغطاة بالنباتات الى حد كبير , وكانت هناك رؤوس ثلاثة تماثيل لأسود من المرمر. انحنت شاني وبدأت تنبش عن جذور الحشائش الخشنة وغيرها من الأعشاب البرية, أخيرا توسلت اليه وهي تشعر بالأثارة :
-" ساعدني ... هناك شيء صلب هنا".
-" أتدركين أنك تخرقين القانون؟".
حذرها بذلك لكنه أذعن لطلبها.
وكانت شاني منهمكة تماماً في مهمتها , وأزالا بعناية جذور النباتات ثم أزاحا التربة, وهنا شهقت شاني شهقة قصيرة وقالت:
-" قطعة جميلة من الفيسفاء , أندرياس ينبغي أن نخبر أحداً".
وابتسم وهو يقول:
-" السلطات تعرف أن هذه هنا..."
-" كيف يمكنها ذلك؟ عثرنا عليها للتو".
" لكن بعدما عثر عليها شخص آخر , ثقي بذلك".
-" لكن هذه النباتات ؟ الفسيفساء . كانت مدفونة تماماً حتى الآن".
-" أعتقد أنه لا شك أن هذا المكان تم مسحه , أنظري الى الأعمدة . أننا لسنا الوحيدين اللذن لاحظناها".
ورمقها بنظرة ابتهاج ونهض وهو ينفض التراب عن يديه ثم قال:
-" لا يا شاني, اننا نتوصل الى اكتشاف عجيب, فالمكان بانتظار التنقيب فيه , وفي الوقت نفسه يرجى من السياح الفضوليين ألا يباشروا هم التنقيب".
وقطع كلامه وهو يضحك من تعبير الأكتئاب الذي بدا عليها ثم قال:
-" أو أزالة النباتات , فمن الواضح أنها تركت تنمو فوق المكان , هيا بنا ينبغي أن نغطية مرة أخرى".
واعتراها الأحباط تماماً, وأشاحت ببصرها تحدق في الصورة الرائعة للطيور والأزهار , وقالت بابتهاج:
-" أنها جزيرة رائعة".
وبعد ذلك بأسبوع صاحت هذه الصيحة نفسها اذ كانا وحدهما في حديقة الفندق يتجولان تحت سماء ساحرة والهواء حولهما كله معطر بشذى الأزهار يهب رقيقاً دافئاً, وفجأة شعرت شاني بنفسها تنجذب نحو زوجها وسمعت همسته الرقيقة المقنعة في أذنها:
-" انه مكان رائع يا عزيزتي شاني, مكان رائع لقضاء شهر العسل".
وفي الحال تصلبت وابتعدت عنه وهي تشعر بالأضطراب , فقال بهدوء:
-" أنني آسف".
ثم أضاف عندما لاحظ ما اعتراها :
-" قلت أنه لن يعكر صفو هذه الأجازة شيء وأنا أعني ذلك".
ثم أخذ يدها في يده وسارا في صمت عائدين الى الفندق.
-" أندرياس ... لا أستطيع أن..."
لكنه قاطعها قائلاً:
-" قلت لا تقلقي, لم يبق لنا الا أربعة أيام فقط, فلنسعد بها".
وابتسم لها بدون بادرة غضب في عينيه ثم أضاف:
-" ألم أقل منذ البداية أنها ستكون فترة تظل ذكراها معنا؟".
وأشارت بالأيجاب ولما لم يتغير تعبيرها نظر اليها بصرامة وأمرها بأن تبتسم , فأطاعت , ومنذ ذلك اليوم أصبح مرحه مجرد مظهر خداع , وسرعان ما أحست شاني بهذا, اذ بدا وكأنه يحمل في أعماقه ثقلاً من الأسى, كان مثل رجل ناضل بيأس ولكن بشرف, وخسر المعركة, وحاولت الأقتراب منه وفي مناسبتين حاولت أن تدير الحديث بطريقة تجعلها تعبر له عن شكها المتزايد, وعن أنها تشعر شعوراً مختلفاً اتجاه زواجها وينبغي أن يكون صبوراً معها, فيتيح لها فسحة قصيرة أخرى من الوقت لتعرفه, فقد كانت أولاً وقبل كل شيء في بداية معرفتها اياه خلال هذه الأجازة , لكنه كل مرة كان يغير مجرى الحديث , وأدركت أنه يفعل ذلك اعتقاداً منه بأنها تضايقت من أقتراحه بأن يجعلا أيامهما القليلة الأخيرة بمثابة شهر عسل لهما, وهكذا لم تكن قد قدمت اعترافها عندما عادا الى لوتراس , حيث استأنفا علاقتهما القديمة بعدما قضيا معا أسبوعين.
يتبع...
|