المنتدى :
الارشيف
حلم الليل الضائع
رحت أقطع الطرقات بحثا عنك..كل الطرقات..إلا القليل منها ألا أجدك ها هنا فى باريس ..كما لم أجدك هناك فى أيامى على أرض مرسيليا..
ولم أجد بدا من أن أستريح وأسترد أنفاسى هنا أو هناك ..لكن لنفس السبب الذى أخبرتك به..لم أذهب لأستريح فى أى من الأماكن التى قد تتوقعينى فى أى منها..لا المقاهى المنتشرة فى أحياء المدينة ..ولا الكازينوهات ولا الكافيتيريات الهادئة ..ولا حتى الحدائق..
فلم يتبقى أمامى إلا طريق المقابر البعيدة هناك فى أقصى الغرب من المدينة ما وراء شارع ألانس ديراب (شارع الأمير المجهول)..
وكان التعب قد إستبد بى ، بمخاوف فقد..ورهق شديد من كل هذا الهروب منه..فجلست دون أن أنظر أين جلست فى الركن الأخير منها 00ولم أبالى حتى أن أعرف مقبرة أى أسرة هى..ورحت أخفى وجهى فى برد يداى للحظات ثم رفعته لأتطلع ما بين كل هذه السحب الرابدة التى كانت تروح عن المدينة بعيدا وكأنها هى الأخرى لا تريد أن يبغتها فقد ما هناك ما بين خفايا هذه الأفاق حولها من المدينة..وسرعان ما إبتعدت أنا الاخربنظراتى المتعبة عنها ..
ولم أجد بدا كعادتى من أن أنشغل متأملا للمكان القريب منى ودعينى أسميك " كريستين" كتلك الأيام الخوالى القليلة التى جمعتنا معا يوما ما ونحن صغارا ..ويوما اخر ونحن فى مستهل ماكان لدينا ذات يوم من شباب قبل أن نفترق إذ كنت أسمعهم يقولونها لك خفية وأنا متحيز لجديتى المفرطة بعيدا عنهم..
المهم أننى لم أجد فى النهاية بدا من أن أتأمل فى ذلك المكان القريب منى وحولى عسى أن يشغلنى كعادتى بما لديه مما لا أعلمه أوحتى لاأعرفه عنه بعيدا عن مشاعر ضيقى وقلقى وأشجانى هذه..
كانت هناك تلك السطور القلبلة عن السيدات والسادة وأبرياء الأطفال الذين دفنوا فى المكان "سير ريموند دى لاسييه ..مدام أنيا رينولز.. والطفل الصغير.. وفجأة وجدتنى أتذكر أن هذه الأسماء التى أمامى وحولى إنما هى بعض أسماء الأعز والأغلى من أقاربنا معا ..وكان هناك طوال الوقت شعور بالألفة يجذبنى إلى المكان من بعيد ويريحنى دون أن أحس لأجلس على هذا القبر الذى كنت ولا زلت جالسا عليه فالتفت إليه فجأة لأجد إسمك أنت ما ورائى..مكتوبا عليه..
وإن دارت الأرض للحظة إلا أن روحى كانت لازالت أقوى ..
ولكنى لاأذكر من وقت ذلك أى شىء غير أنى كتبت هذه الكلمات إليك وتركتها على رخامات قبرك ورائى قبل أن أخفى عنها وتتلاشى هى الأخرى مع ألاف الذكريات والأحداث عن ظاهر تفكيرى فى فقدان للذاكرة دام سنين قد تكون بداية عمر لغيرى ..ولكنى أبدا لم أذكر ولم أعلم فى هذه الصفحة البيضاء الجديدة من حياتى عنها أى شىء..
ولم أكن أدرى سر كل هذه التعاسة والأحزان التى دون أى سبب يذكر كانت تنفجر كألف نافورة وامضة فى ظلام ليل باريس فى أسى ..فى روحى ووجدانى..فلا أرى ولا أسمع وقد أخذتنى معهاأيا ماكان من كل فرص الحياة والشباب والسعادة حولى..
كانت هذه هى رسالتى الأولى والأخيرة إليك ..يوم تركتها حلما لدى للحياة بك ومعك ..وتركتها ورائى لك بدورى ..ومشيت....
elanceerickland
|