المنتدى :
المنتدى الاسلامي
رب معصية خير من ألف طاعة
~~أضع بين يديك كلمات في غاية الروعة والجمال~~
قال بعض السلف
ان العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة يدخل بها النار
قالوا كيف
قال يعمل الذنب
فلا يزال نصب عينيه منه
مشفقا وجلا باكيا نادما
مستحيا من ربه تعالى ناكس الراس بين يديه
منكسر القلب له
فيكون ذلك الذنب انفع له من طاعات كثيرة
بما ترتب عليه من هذه الامور التي بها سعادة العبد وفلاحه
حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة
ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه
ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها
ويستطيل بها
ويقول فعلت وفعلت
فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة
ما يكون سبب هلاكه
فاذا اراد الله تعالى بهذا المسكين خيرا ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه
ويصغر به نفسه عنده وان اراد به غير ذلك خلاه وعجبه وكبره
وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه
فإن العارفين كلهم مجمعون على ان التوفيق ان لايكلك الله تعالى الى نفسك
والخذلان ان يكلك الله تعالى الى نفسك
فمن اراد الله به خيرا فتح له باب الذل والانكسار ودوام اللجا الى الله تعالى
والافتقار اليه ورؤية عيوب نفسه وجهلها وعدوانها
ومشاهدة فضل ربه واحسانه ورحمته وجوده وبره وغناه
وحمده
فالعارف سائر الى الله تعالى بين هذين الجناحين لايمكنه ان يسير الا بهما
فمتى فاته واحد منهما فهو كالطير الذي فقد احد جناحيه
قال شيخ الاسلام العارف يسير الى الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل
وهذا معنى قوله في الحديث الصحيح من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه
سيد الاستغفار
ان يقول
العبد اللهم انت ربي
لا اله الا انت
خلقتني وانا عبدك
وانا على عهدك ووعدك ما استطعت
اعوذ بك من شر ما صنعت
ابوء بنعمتك علي
وابوء بذنبي
فاغفر لي
انه لايغفر الذنوب الا انت
فجمع في قوله
ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي
مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل
فمشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم والاحسان
ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والانكسار
والافتقار والتوبه في كل وقت
وان لايرى نفسه الا مفلسا
واقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الافلاس
فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به
ولا وسيلة منه يمن بها
بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف
والافلاس المحض
دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه
حتى وصلت تلك الكسرة الى سويدائه (أي أعماق قلبه)
فانصدع وشملته الكسرة من كل جهاته
وشهد ضرورته الى ربه عز وجل
وكمال فاقته
وفقره اليه
وان في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة
فاقة تامة وضرورة كاملة الى ربه تبارك وتعالى
وانه ان تخلى عنه طرفة عين هلك
وخسر خسارة لا تجبر الا ان يعود الى الله تعالى عليه
ويتداركه برحمته
~~من كتاب الوابل الصيب في الكلم الطيب لابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى~~
منقول
|