كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
دعها تخاف ، هي ليست طفلة وعليها أن تعرف أن آخر شخص في الدنيا يريد الدون أن تقيم علاقة معه، هو رأي الفاداس.
كان العشاء عادياً رغم الاضظراب الذي كان بادياً على باربرا، ورغم نظرات الرجاء التي كانت تبعث بها الى فانيسا، بالكبع لن تخبر الدون عن اكتشافها للعلاقة بين باربرا وراي.
الأسباب عديدة، أولاً معرفتها لطباع الدون الشرسة ، ثانياً خوفها من عمل طائش تقوم به باربرا..كأن تهرب مع رأي إن قرر الدون أبعاده عن القلعة، وهناك سبب أكثر أهمية وهو خوف فانيسا على العلاقة الحميمة الدافئة التي تربط باربرا يولى أمرها الدون.
لوسيا كانت تجلس الى جوار دون رفاييل تشغله بحديثها الممتع وحركاتها المليئة بغنج الأنوثة، راي كان الى جانب فانيسا يتبادل نظرات الهيام مع باربرا الجالسة قبالته والتي كانت تحمر و تصفر خوفاً، من انكشاف امرها.
مع انشغال الجميع استرقت فانيسا نظرة جانبية الى الدون، وجهه القوي كأنه منحوت من الصخر، " كوجه نسر" قالت لنفسها.
لم تذكرت كيف طار إليها في محنتها واختطفها من براثن الموت الى وكره..كالنسر تماماً! شيء لا يصدق! أيكون هذا الرجل في ثياب العشاء الرسمية هو نفسه الذي تناولت معه الفطور؟ كان يلبس ثياباً عادية.
كان يكلمها بحماس طفل عن أسفاره و مغامراته، كان يلاعب الطفل بكل حنان ورقة، ويجلس في كرسيه بكسل يراقب العصافير تطير و يضحك بشقاوة من ماريا وهي تقرأ كفها!
انتهى العشاء، وكما كانت العادة انتقل الجميع الى الصالة لتناول القهوة، كانت الليلة دافئة.
انسحبت فانيسا الى الحديقة تمشي قليلاً قبل أن يحين الموعد في مكتب الدون.
سارت في ممر تحيط به أشجار الياسمين واستغرقت في أفكارها، غريب أمر هذا الرجل ، عندما كان يزور عمها في أورداز كانت تظنه بارداً وقاسياً.
كانت تعتبره رجلاً بلا هموم ولا مشاعر انسانية، ساخراً و متهكماً، وهاهي تكتشف العكس، هنا في بيته، تكتشف انه رجل يهتم بعائلة فقيرة لا طفل لها، يدفع تكاليف عملية ضخمة ممكن هذه العائلة من انجاب طفل جميل، انه انسان..انسان له مشاكله وأحاسيسه المرهقة!
اضطربت فانيسا لتلك الأفكار ، أحست بقلبها يخبط صدرها كالطفل و كأن أحداً لمسها، أقشعر جسمها وقامت تركض في ممر الياسمين.. نحو الباب.
دخلت الصالة ومنها اتجهت نحو باب مكتبة الدون، طرقة خفيفة على الباب وكانت وجها لوجه مع الدون.
تنحى الرجل جانباً وخجلت، وقع نظرها على لوحة كبيرة لأم مع طفلها ووقفت مأخوذة.
- تحبين هذه اللوحة اكثر من التي شاهدتها في صالة العرض؟
تذكرت فانيسا يوم أخذها لمشاهدة الصور الفنية في صالته الكبيرة، وتذكرت كيف ارتجفت امام لوحة ضخمة تمثل رجال محاكم التفتيش الاسبانية، وتذكرت صور الضحايا البشعة واندفاعها في القول:
- لو كانت هذه اللوحة ملكي لألقيتها في الخارج.
ضحك حينئذ وتساءل كيف يلقي بلوحة تقدر بالملايين، عرفت قمر الليل تلك اللحظة ان هذا الرجل الذي لم تستطع يوماً ان تتخطى حاجز البرودة و النفور القائم بينها وبينه، يختلف عنها تماماً، أحاسيسه لا تمت الى أحاسيسها بصلة، لن يكونا صديقين أبداً كما كانت هي وجاك كونروي.
* * * * *
يتبعـ...
|