كاتب الموضوع :
راحيـــــل
المنتدى :
القصص المكتمله
فقال له الماذون اريد اسم الوالد والعائلة
فقال فارس
هذا هو اسمها بالكامل ولا يوجد اسم اخر لاضيفه ابتسم الماذون ابتسامة
ساخرة وهو ينظر بوجوه الشهود لعله يجد من يعطيه تفسيرا ولكن كان حال
الشهود كحاله فقال فارس بلهجة عدم رضا وما هو اسمك انت ...؟
التفت فارس
باتجاه امه واخوه وبقية الحضور وصمت قليلا ولم يدر ماذا يقول فاعاد
الماذون السؤال عليه مرة اخرى فقال سجل انا اسمي فارس منير سالم الدهري
ذهل الحضور مما يقوله فارس ولم يفهموا لماذا غير فارس اسم عائلته الحقيقية
ومن اين اتى بهذا الاسم ..ولاحظ الماذون الذهول والاستغراب والتساءل
البادىء على وجوه الحضور وشعر بان شيئا ما لا يسير على ما يرام وطلب هوية
فارس فرد فارس عليه بأنه سيحضرها فيما بعد...
توقف المأذون عن الكتابة وقال ساخرا :>وهل هناك عروس اقصد اين ياسمين لعنة جورجيت ..؟"
فقال فار س
انها بالداخل فقال المأذون وهل من الممكن رؤيتها ..فرد فارس بعفوية مستحيل
فرمقه المأذون بنظره ولكن فارس ادرك ما قاله وقال نعم ولم لا سأناديها
بالحال..
توجه فارس الى ياسمين وقال لها: الامور مخربطة وباين على الماذون انو مش حيرضى يكتب الكتاب وهلا تفضلي الماذون حابب يشوفك .
فضحكت ياسمين وقالت بلهجة ساخرة :مالك يا حبيبي مرتبك زي اللي سارق اشي ،شو انت بتعمل اشي غلط والا انت عم تكذب.
فقال
فارس:ياسمين مشان الله خلي اليوم يمشي على خير لا المأذون راح يقتنع في
اللي بصير ولا اهلي ولا الناس اللي بره ..لو انت شفتي وجوههم لما قلت
للمأذون شو اسمي واسمك.
فقاطعته
ياسمين وقالت: انت ما حكيت اشي كذب والناس الي بره ما يهموني وعلى كل حال
اذا مش عارف تمشي الامور اطلب مساعدتي وانا بساعدك...
فابتسم فارس بمرارة وقال : ساعديني يا ست ياسمين ..؟
فقالت :طيب
روح نادي السيد المأذون لهون..خرج فارس وعاد بصحبة المأذون الى الغرفة حيث
تجلس ياسمين وارتبك المأذون حينما رأى ياسمين وارتبك اكثر حينما حدثته
ياسمين بلهجة الامر واخذت تملي عليه ما يفعل ولم تمر دقائق حتى خرج
المأذون وجلس ونادى على الشهود وطلب توقيعهم على الوثيقة وتمت الامور
وصافح الجميع ..وخرج من المنزل وهو يبتسم وكأن شيئا لم يحدث ..
وما ان خرج
المأذون من بوابة البيت حتى انهال الحضور على فارس بالاسئلة واستطاع فارس
ان يقنعهم ان كل ما قاله للمأذون هو مزح بمزح وانه قام بعد ذلك بتصحيح
المعلومات للمأذون واعطائه الوثائق اللازمة ..وفي هذه الاثناء دخلت ياسمين
الى الحضور فقالت لها ام فارس: شايفة يا ياسمين مزح الاستاذ فارس البايخ
واللي عملو بالمأذون..!!؟
فقالت ياسمين: هذا فارس وبحب يمزح بس صعب تميزي مزحه من جده ..ومش بعيد يطلع فعلا اسم ابوه منير الدهري ..
فضحكت ام فارس والحضور ظانين ان ياسمين تسخر من فارس فيما قالته..
انتهي ذلك اليوم الذي لن ينساه فارس ولا الحضور بسلام.
وفي صباح
يوم الزفاف لم تيقظ ياسمين فارس كعادتها كل يوم حتى استيقظ فارس لوحده
وحين علم ان الساعة الحادية عشرة جن جنونه فهو بحاجة لكل دقيقة هذا
اليوم...
فاستغرب ان
ياسمين لم تيقظه وحينما خرج وجد ياسمين وامه يتبادلان الحديث والمزاح مع
احدى قريبات فارس ..نظر فارس اليهن...وقال في سره سبحان الله كيف تحولت
ياسمين الى اغلى واهم شيء في حياة امه فكل ما تفعله ياسمين وتقوله هو
الصحيح ولم تعد امه على استعداد لابداء اية ملاحظة حتى ولو كانت صغيرة ما
دام الأمر يتعلق بياسمين.
رأت ياسمين
فارس واقفا فوقفت واقتربت منه وقالت له: شو يا حبيبي ليش فايق بكير طيب ما
دمت صحيت خليني احضرلك الفطور..توجه فارس الى الحمام وهو يتمتم بصوت يكاد
يكون مسموعا...هاي بدها تجنني ...هاي بدها تطير عقلي اليوم عرسنا ولا مش
اليوم طيب ليش مش مهتمة يمكن بطلت ..يمكن غيرت رأيها ولا يمكن انا بفكر
انو اليوم اليوم ..واليوم هو مبارح وبفكروا اليوم ويمكن الدنيا مش الصبح
وانا بفكر الدنيا الصبح.
وعاد الى
ياسمين وقال لها:ياسمين بدي اسألك سؤال هلأ الدنيا نهار ولا ليل ..فقالت
ياسمين: لا يا حبيبي الدنيا الصبح وانا عم بحضرلك الفطور..!
فقال: طيب شكرا...
وعاد فارس
ليغير ملابسه وهو ما زال يحدث نفسه ومن ثم توجه لتناول الافطار ليس لانه
يريد ان يتناول الافطار بل لان ياسمين تريده ان يتناول الأفطار وبعد ان
انتهت قال لها: احكيلي اليوم عرسنا ولا مش اليوم.
فقالت: شو هالحكي يا فارس في واحد في الدنيا بينسى يوم عرسه اكيد اليوم يا حبيبي ..
فقال: طيب ليش انت مش باين عليك انك مهتمة وليش ما فيقتيني بكير مثل كل يوم..
فقالت بدلع:معقول يا حبيبي ازعجك وعلشان شو ..علشان عرسنا ..ولو انا عندي ذوق ..
فقال: طيب ما ظل وقت وفي مية شغلة لازم نسويها...
فقالت:طيب انا جاهزة يالله نطلع ..
فسالها :على وين..
فقالت:نطلع نتجوز يا حبي ولا انت انسيت..!!
فقال:طيب امبارح احنا اتجوزنا..وكتبنا الكتاب
فقالت :صحيح امبارح كان على طريقتك وهلأ لازم نطلع نتجوز على طريقتي ..امبارح كان مأذون واليوم لازم نروح عند الخوري..
خرجت ياسمين
وفارس وتوجها الى احدى الكنائس ولم يكن فارس يتوقع ان تسير الامور بهذه
البساطة وهو يعلم انها غاية بالتعقيد ومليئة بالشكليات ولكن ياسمين تدبرت
الامور بطريقة لا تصدق او انها اعدتها مسبقا بطرق غامضة وغريبة..
وتم الزواج
..وقاربت الساعة الرابعة بعد الظهر فقالت ياسمين: فارس حبيبي انت عريس
اليوم ولا تزعج نفسك بأي اشي انت روح على الصالون ..
وهيّ ملابسك
بالسيارة ورا وما في داعي ترجع على البيت وانا حرتب كل شيء المواصلات
والسيارات وكيف سيصل المدعوون الى القاعة وكيف اهلك كمان ييجوا بدون غلبة
وحروح كمان اتفقد امور القاعة واستقبل المدعويين مع اني رتبت كل شيء بس
لازم اتأكد مرة ثانية..فقال فارس محتجا: ان هذا الامر لا يجوز فانت العروس
..كيف ستستقبل المدعويين..
ومن العيب
ان تقومي بهذه الاجراءات وخاصة انه لم يتبق على الحفل الا ساعات
قليلة..فارادت ياسمين ان تحسم الموضوع فتحدثت بطريقة حازمة ..
فارس
الموضوع منتهي وما في مجال للنقاش انت بتروح ترتاح وبتغير اواعيك في أي
مكان ولا تروح هون او هون والساعة سبعة بالضبط بتلاقيني على الباب الخلفي
للقاعة اللي اتفقنا ندخل منه مع بعض ولا تخلي حد يشوفك وانت جاي علشان
ندخل مع بعض انا حستناك الساعة سبعة بالضبط ولا تفكر تروح على البيت او
تمر حتى من حارتكم..
وطلبت منه
ياسمين ان يوقف السيارة وان يأخذ شنطة ملابسه التي اعدتها بنفسها ويستقل
أي تكسي لتأخذ هي السيارة للتأكد من ان كافة الاستعدادات تسير كما رتبت
لها..
اوقف فارس المغلوب على امره تاكسي واستقله وذهب ليفعل ما طلبته منه ياسمين ..
اما ياسمين
فقادت السيارة وتوجهت مباشرة الى القاعة لتجد مدير القاعة في انتظارها على
احر من الجمر وما ان رأها حتى هرع لاستقبالها ومجاملتها وكان على استعداد
لان يبذل المستحيل لينال رضاها وبعد جولة تفقدية قام بها معها في انحاء
القاعة لتتأكد ان كل شيء على ما يرام ...
ابدت ياسمين
عدة ملاحظات ووعدها انه سيقوم فورا بتنفيذها واتفقت معه على عدة امور
جديدة ومن ثم رافقها مدير القاعة حتى باب السيارة وبعد ان ودعها وسار عدة
اقدام نادت عليه ياسمين من شباك السيارة ...فأقترب منها مهرولا وقالت له
باللغة العبرية ..
اسمع يا
رافي بكره الصبح لما تطلع الشمس اذا كنت حاب تقدر تشوفها بعينيك طلع
الفكرة الي برأسك ولا تفكر باشي ما بخصك واستقلت ياسمين السيارة ..وبقي
رافي مدير القاعة متجمدا مكانه وقد اصفر وجهه واعتراه خوف شديد نفذ الى
اعماقه واخذ يتلو مجموعة من الصلوات ويدعوا الله ان تمر هذه الليلة على
خير..وخاصة ان ياسمين استطاعت ان تعرف ما يفكر به.
وبعد ساعات
وفي تمام الساعة السابعة مساءا وصل فارس الى الباب الخلفي للقاعة الذي تم
اعداده وتزينه ليمر منه العروسين في طريقهم الى المكان المخصص
بالقاعة..اقترب فارس من الستارة السوداء الاولى التي اعدت لتحجب النور
المنبعث من خارج القاعة ..
فازاحه بيده
ووجد نفسه امام ستارة سوداء اخرى حيث وجد نفسه بين ستارتين وقف هناك بناء
على طلب ياسمين حتى تحضر اليه وما هي الا دقائق حتى سمع صوت ياسمين تناديه
بأن يمر عبر الستارة ..
ازاح فارس
الستارة السوداء لتنبعث عبر الممر روائح عطور وبخور ويرى نور الشموع
المصطفة على جانبي المدخل وما كادت عيون فارس تتأقلم مع نور الشموع الباهت
ويستطيع الرؤيا حتى راى..ياسمين واقفة في نهاية المدخل وقد ارتسمت على
شفتاها ابتسامة ..
وقف فارس
مشدوها بما يرى وكأن عقله قد توقف عن التفكير ولم يعد قادرا على اصدار
الاوامر لقدميه لتسيرا بإتجاه ياسمين التي فتحت ذراعيها لاستقباله ..وما
بهت فارس هو رؤيته لياسمين بثوب الزفاف الابيض...كحورية من حوريات الجنة
..وقد ارتسمت على شفتاهها ابتسامة عريضة ناعمة .....
لم
يتحرك فارس من مكانه خشية ان يرفع بصره عنها او انه يخشى ان يكون بحلم قد
يصحو منه ..اخذ قلب فارس يدق بسرعة ولم يتحرك من مكانه برغم ان ياسمين
اشارت اليه اكثر من مرة ان يتقدم نحوها ..
الا انه لا حياة لمن تنادي فما كان من ياسمين الا ان اقتربت هي منه وهزته من ذراعه..
وقالت له: مالك ..لا تنجن هلأ ولا تسطل
فنظر اليها وقال: ياسمين انا ما بحلم صحيح..
فقالت: لا انت ما بتحلم وهلأ لازم نتحرك ..لا تخربطلي النظام الّي انا "مجهزتو لهليوم ".
فقال: طيب حندخل هلأ الناس كلهم حيشوفوا وجهك والعجوز حذرتك انو ما حد يشوفك الا بعد ما تخلفي بنت..
فقالت :فارس حبيبي هاي مشكلتي مش مشكلتك وهلأ يالله قبل ما الترتيب يخرب.
امسك فارس بذراع ياسمين واستعد للدخول ..فمالت ياسمين برأسها على اذن فارس
وهمست وكأنها لا تريد ان يسمعها احد وقالت :فارس خليك طبيعي ولا تهتم
بوجود حد
اراد فارس التقدم نحو القاعة ولكن ياسمين قالت له: استنى اشوي بعد دقيقة
بندخل.. دقيقة مرت ودقت موسيقى ترحيبية بدخولهم مصاحبة لاغنية بكلمات
جميلة متناسقة بالكاد تكون مفهومة...وسار فارس يتأبط ذراع ياسمين على دقات
الموسيقى حتى وصلا الى المكان المخصص لهما في وسط القاعة المليئة بآلاف
الشموع المضاءة بكل مكان ووسط جو من البخور والعطور والاف الورود التي
ملأت القاعة واصطفت على طريق مرورهم ..وفي هذه الاجواء لم يكن فارس يستطيع
ان يرى الا ياسمين الذي ما زال لا يستطيع ان يبعد عينيه عنها ولو للحظة
مبهورا بجمالها ...تحولت الموسيقى من دقة الزفة الى موسيقى هادئة اعدت
لرقصة العرسان مسبقا ووضع فارس يده على خصر ياسين وامسك بالاخرى وضمها
اليه واخذ يتمايلان على انغام الموسيقى ليشعر فارس كلما دارت ياسمين ان
الدنيا كلها تدور فيه.. همست ياسمين في اذن فارس فقام فارس بتناول كأسين
أعدا على الطاولة امامهم مسبقا فتناولاهما معا ..
وبقي مشدوها مبهورا بياسمين...
وبلفتة عين جاءت عفوية بأتجاه الموائد من فارس تبعتها تحديقات والتفاتات
وبحث في القاعة الواسعة الكبيرة رأى فارس ان كل الموائد مضاءة بشموع
ومليئة بالمشروبات والحلويات والأطعمة ولكنه تفاجىء بعدم وجود اي شخص في
القاعة ، حتى ان فارس ولهول المفاجأة انحنى لينظر تحت الموائد لعل
المدعويين اختبأوا وايقن انه لا يوجد في هذه القاعة الكبيرة الواسعة سوى
هو وياسمين واجهزة موسيقية تعمل اتوماتيكيا ...ضحكت ياسمين وتردد صدى
ضحكتها في انحاء القاعة المغلقة بإحكام والخالية من البشر ووقف فارس ينظر
اليها ولا يدري ايضحك معها ام يبكي..
وقال :شو بصير يا ياسمين شو بصير يا ياسمين ..
فقالت:شو يا حبيبي في اشي مش عاجبك ..!!
فقال: وين الناس وين..?
فقاطعته وقالت: شو يا حبي انت ما بتغار عليّ بدك حد غيرك يشوف وجهي معقول
انت ما عندك دم ولا بدك البس خمار وعباي يوم عرسي علشان الناس يقولوا انه
فارس متجوز قردة علشان هيك مخبيها...فقال فارس: وكل هالمصاريف وهالغلبة مش
على شان يكون في ناس ومدعوين ..واهلي يحتفلوا معنا ..
فقالت ياسمين: فارس اطلع على كل الطاولات وشوف اذا امي موجودة على واحدة
منهن ...اخذ فارس يتلفت ويبحث بعيونه وكأنه يتوقع رؤية ام ياسمين وقال
لها: مش شايف ..
فقالت:طيب اطلع على كل الطاولات وشوف اذا كانت اختي وردة موجودة على واحدة منهن..!؟
فنظر فارس بسرعة وقال: لا مش شايفها .
فقالت:طيب يا حبيبي بتعرف ليش علشان امي واختي ما بقدروا يحضروا عرسي واذا
امي واختي...مش موجودين مين حيهمني يكون موجود اذا كان واحد ولا الف
حيهمني اهلك ولا اصحابك ولا اقاربك كلهم يا حبيبي ما بيسوا عندي بسمة
صغيرة من امي في يوم مثل هذا وامي مش عم تقدر تبتسم .
فقال :طيب ليش كل هذا وليش داعينا الناس ..!؟
فقالت: ما حدا دعا حدا يا حبيبي ولا بتفكرني فاضية اشغل مخي بدعوة الناس ،
واطمئن ما حد بعرف بهالحفلة الا اذا انت داعي حد من وراي فهاي مشكلتك..اما
ليش هالغلبة ...يا حبي علشان اليوم عرسي ولا تقلبلي اياه نكد وخليني
مبسوطة ومن حقي اشعر انك عملت لي اشي على مستوى بتحلم فيه أي بنت بتتجوز
لاول مرة بعمرها وكمان علشان ما اشعر اني ناقصة عن الناس وبدك احلى من هيك
عرس يا فارس والله ما حلمت فيه حتى بأحلامك وعمرك ما راح تنساه الا اذا
قلبك وجعك على اللي دفعته وخسرتوا ..اطلع في حبيبي مليح وشوف اذا انا
بستاهل ولا ما بستاهل..
نظر اليها فارس وابتسم وقال من كل قلبه: مجنونة والله العظيم مجنونة بس بحبك وبموت بجنونك..
اقتربت ياسمين وحضنت فارس وقبلته وهي تضحك سعيدة واستمر العناق لعدة دقائق
وفجأة سالت عدة دمعات من عيني ياسمين وسارت عدة خطوات وحملت احدى الشموع
بكلتا يديها ووضعتها في وسط القاعة وجلست على ركبتيها امام الشمعة واخرجت
وثيقة الزواج ووضعتها بجانب الشمعة وبدا الحزن على وجهها وانهمرت الدموع
من عينيها ..ولا مس شعرها الطويل الارض وكانت تمسح بكفيها الدموع وهي تنظر
باتجاه الاف الشموع المضائة بارجاء القاعة .....وكان ما دفعها للبكاء انها
لمحت عشرات الشموع قد اطفأت ..فقالت بصوت عالي تخاطب الشموع والدموع ما
زالت تسيل من عيونها ..
نورنا وعهدنا وطريقنا انت يا جورجيت
ضويت كل هالشموع لألك
ومش لألي كل شمعة
بتحكيلك انو ما نسينا
ولا راح ننسى عهدك
كل شمعة بتذكرنا
بدمعتك وبندري انو شموع
الدنيا ما بتضوي عتمتك
يا جورجيت وجهك
ما شفناه وآلمك اعرفناه
يا جورجيت انا حفيدتك وهذا حفيد عدوك والزمن رجع والوثيقة انكتبت باسمك
واسم عدوك فيها ....والتاريخ نفس التاريخ واسمك فخر واسم عدوك عار ومشان
اسمك الدهري دفع كل شيء وما عاد من نسلوا حدا بيملك شيء ..
دموعك وحسرتك ذاقوها..واسمك ظل وحيظل ..واسم عدوك ما ظل منو شيء ..عهدك
لبنتي ححفظو..واسمك ححملو لبنتي ..واسمك الاول وعدوك الاخر ..وحفيد عدوك
دخل عتمة القبر..وهرب من القبر لانك سمحتي ..كان بايدك تعتميه العمر كله
..بس انتي اللي تركتيه ..
يا ستي وين ما كنت اذا كنت بتسمعيني ساعديني ..ابن الدهري حبني من غير ما
يشوفني والنذر اكتمل والعهد انصان..واثناء حديث ياسمين بدأت الشموع تنطفىء
الواحدة بعد الاخرى بطريقة غريبة..حتى انطفأت نصف الشموع ..ايقنت ياسمين
ان الشموع تنطفىء واحدة تلو الاخرى ..فأمتقع لونها ووضعت كفيها على وجهها
واجهشت بالبكاء ..وبصوت مسموع وبألم وحسرة وضعت رأسها على الارض ولم تعد
تنطق بكلمة ..
لم يحتمل فارس بكاء ياسمين بهذه الطريقة ولم يتمالك نفسه وأخذ يبكي معها
واقترب منها وحاول ان يرفع رأسها عن الارض الا انها بقيت ملتصقة بالارض
مجهشة بالبكاء بألم وحسرة ..حاول فارس وحاول وشعر ان ما يحدث لياسمين هو
بسبب انطفاء الشموع الذي يشير بأن جورجيت غير راضية وقف فارس والدموع
بعينيه متأثرا بشدة لما ألم بياسمين.
واخذ ينادي باتجاه ما تبقى مشتعلا من الشموع: يا جورجيت انا ما عرفتك
صغيرا ولا عرفتك كبيرا وانا ما عرفت انو انكتب علّي احمل ذنب ابو.. وجد..
وقريب وما صدقت انو دمي من دمهم..ما عرفتك بس بكيتك..وكرهت اصلي وحبيتك
وحبيت بنت بنتك وحبيت اسمك ..الدنيا كلها ..كلها ظلمة ان ما كانت فيها
..حبيتها من غير ما اشوفها ورضيت اظل العمر اشعر فيها وما اشوفها ولو
خيروني معها لاعيش بقبر وبدونها كل حياتي قبر..هي طلعت من العتمة وكانت
الّي النور وان كان حكمت علي اعيش بعتمة وهي معي فأنت حكمت علي اعيش
بالنور ..دموعها نار بتحرقني ..ارحم الي اعيش عمري كلوا في القبور ...وما
اشوف دموعها... يا جورجيت القبور والخوف والألم حتى الموت ما كان ممكن
يعذبني وهلأ بحكيلك ان كنت بتسمعيني وبحكيلها انو فراقها لحظة هو اليّ كان
يحرقني وتفكيري كل لحظة اني ممكن افقدها كان يعذبني..يا جورجيت ان نكتب
علّي احمل ذنب سيدي انا جاهز اعمل الي بدك اياه ..انا جاهز ادفع ثمن ذنب
مجرم ما عرفتو ..كل شيء ممكن احتملو الا الدموع "بعيونها" بشوفها بالليل
والنهار نار بتحرقني...بكل لحظة عرفتها حبيتها...انا حبيتها وهي بتكرهني
...انا حبيتها وهي بتعذبني ..انا حبيتهاوهي بتحبني..يا جورجيت ان كنت
بتسمعيني ...
وتعب فارس من مخاطبة الشموع وجلس بجانب ياسمين محاولا ان يهدئها..واستطاع
ان يرفع رأسها عن الارض ويضمها الى صدره بقوة لتمتزج دموعهما معا وكأنها
دموع شخص واحد...وعيونهما بأتجاه الشموع ...عادت الشموع تشتعل بطريقة
غريبة الواحدة تلو الاخرى وبسرعة كبيرة حتى عادت واشتعلت جيعها...وقفت
ياسمين محدقة بالشموع وما زالت اثار الدموع تملأ عينيها ..ووقف فارس الى
جوارها ومن بعيد ومن خلف الشموع ظهرت فتاة ترتدي الأبيض ويشع من وجهها
النور وشعرها مسترسل على كتفيها..حتى لحظة ظهورها كان فارس يظن ان ياسمين
هي اجمل من خلق الله ولكن ما رآه لا يمكن لعقل وفكر ان يوصفه وما بهر فارس
وحتى ياسمين ان الشبه كبير بينها وبين ياسمين...ياسمين لم تكن اقل مفاجأة
من فارس ..الا ان الفرحة الممزوجة بالخوف قد بدت على وجهها ..لم تتحرك
ياسمين من مكانها الا حينما ارتسمت على شفاه الفتاة ابتسامة كأنها دعوة
لياسمين ان تقترب منها ..سارت ياسمين بسرعة باتجاهها وانحنت ولمست بيدها
قدمها وقبلت يدها حيث لمست ..وهمت ان تحضنها في لحظة الا انها عادت الى
الخلف من جديد وكان احدا طلب منها ذلك او انها فهمت ان ذلك ليس بأمكانها
وشبكت يديها ببعض وضمتهم الى صدرها بقوة وعادت ووقفت بجانب فارس ولم تزح
نظرها ولو للحظة واحدة عنها وقالت ياسمين والدموع تترقرق في عينيها:
ستي جورجيت انا...لم تكمل كلمتها فقد اشارت جورجيت بيدها مع ابتسامة ففهمت
ياسمين انها يجب ان تصمت ...خيم جو من الصمت لعدة دقائق لم يتكلم احد ولكن
الابتسامة الممزوجة بدموع من طرف فارس وياسمين والابتسامة والنور المشع من
وجه جورجيت اضاف الى الجو نوع من الدفيء ..ونظرت اليهم جورجيت نظرة مليئة
بالمحبة والحنان مصحوبة بابتسامة دافئة وقالت لياسمين:
مبروك يا جورجيت
وسمي بنتك ياسمين
والنار انطفت والوثيقة احفظوها
والقديمة مع مولد ياسمين احرقوها
واحكوا للناس انو لعنة المظلوم نار
وقوة البشر ما بتطفيها
وتحرق جيل بعد جيل
لييجي جيل بالحب ينهيها
واستدارت جورجيت الجدة وسارت بخطى واثقة مبتعدة من حيث اتت وبقيت عيون
فارس وياسمين تتبعها حتى توارت عن الانظار..وقفزت ياسمين باتجاه فارس
وتعلقت به وهي تضحك وتبكي في نفس الوقت ..ومدت يدها الى وثيقة الزواج
وحملتها وضمتها الى صدرها ...وامسكت بيد فارس كطفلة صغيرة وركضت باتجاه
مدخل القاعة ثم توقفت للحظة وكأنها تتذكر شيء ثم ركضت باتجاه المدخل
الخلفي وحملت بيدها حقيبة صغيرة وركضت مرة اخرى باتجاه فارس وامسكت بيده
وركضت بسرعة باتجاه المدخل...خرجت منه عدة خطوات ونظرت للخارج فانهمرت
الدموع من عيونها وعانقت فارس بقوة وسحبته بسرعة باتجاه السيارة ...لمحت
بعينها مدير القاعة رافي ..يقف على بعد اكثر من ثلاثين مترا يحدق بها هو
ومن حوله من العاملين في القاعة وكأنها ملاكا بثوب ابيض هبط من السماء
..ضحكت وتركت يد فارس واخرجت من الحقيبة مغلف وركضت باتجاه مدير القاعة
وناولته اياه بسرعة وابتسمت له بخجل حينما شعرت انه يتسأل ...هي او ليست
هي..وركضت وعادت الى فارس ..
صعدا السيارة واوقعت ياسمين المفاتيح على الارض اكثر من مرة من شدة
الارتباك التي هي فيه...واسرعت بالسيارة تنظر الى فارس وهي تضحك وتبكي
وتمسح دموعها فتضحك وتعود الدموع تنهمر من عيناها من جديد.
ساعة وهي مرتبكة والصمت يخيم على الاجواء فلا احد يكلم الاخر واوقفت
السيارة بجانب هضبة وامسكت بيد فارس واخذت تصعده بسرعة وهي تجر فارس خلفها
ووقفت واخذت تنادي بأعلى صوتها وردة ..وردة..وردة..ويتردد صدى صوتها وتنظر
بكل الاتجاهات ...وبعد عشرة دقائق عادت وصعدت الى السيارة وقادتها لمسافة
مئات الامتار واوقفتها وخرجت منها ووقفت بجانبها ...وبعد خمس دقائق ظهرت
امرأة مقنعة بالخمار والعباءة واقتربت من السيارة وركضت باتجاه ياسمين
...وياسمين ركضت بأتجاهها وكل منهما تنادي بأسم الاخرى"ياسمين...وردة".
فقالت ياسمين لوردة: شفت ستي جورجيت يا وردة شفتها..!
واقتربت الام لعنة حيث خرجت من المكان الذي خرجت منه وردة وهي ترتدي الخمار وحضنت ابنتيها ياسمين ووردة ..
وردة التي ما زالت ترتدي الخمار وياسمين بثوب زفافها الابيض..
وبعد دقائق من الدموع والضحك ..
قالت ياسمين مخاطبة امها: ماما احنا هسه حنسكن مع بعض..؟!
ابتسمت لعنة ام ياسمين ووردة
وقالت: انا
واختك حنطلع على الشام نزور قبر ستك جورجيت ولما نرجع ..اختك وردة بتقدر
تخلع الخمار وبتقدروا تكونوا مع بعض على طول وتعيشوا وين ما بدكم ولا
تخافوا من شيء ..
ستك جورجيت
مش راح تنساكم...وانتو عارفين محلي مليح وراح اجي ازوركم كل وقت ومش راح
تقدروا تزوروني وان احتجتوني بتعرفوا كيف تنادوني وانتو بتعرفوا يا بنات
عمر المسافة ما قدرت تبعدنا عن بعض ..وبوصيكميا بناتي ديروا بالكم من عيون
الناس انتن احلى بنات الدنيا وعيون ونفوس الناس ما بترحم الخمار اكثر منوا
نذر كان يحميكن من عيون الناس ولا تنسن انو جمال ستكن جورجيت كان سبب
عذابها وبوصيكن كل وحدة قلادتها معها بترد عنكن كثيرولا تتركنها ليل ولا
نهار وان واحدة ضاعت قلادتها بسرعة تظل مع اختها ولا تبعد عن عينها ..
حبكن لبعض بيحميكن ..وان كانت بعيدة عنها تتخبى عن عيون الناس وان ما قدرت تشوف اختها ترجع بسرعة للخمار..لحد ما توفر قلادة غيرها..
استمرت لعنة ام ياسمين ووردة توصيهن وتحذرهن من عيون الناس ...والتفتت لعنة الى فارس واقتربت منه
وقالت له:
انا لا اكرهك وربما صعب على قلبك ان اتصور ان حفيد سالم الدهري اصبح زوج
ابني وربما انا بحاجة لبعض الوقت لاتقبل هذه الحقيقة ...
ياسمين
واختها لم يعرفن جورجيت ولم يرونها الا هذا اليوماما انا فقد عشت معها
وتجرعت الآمها وانا الوحيدة التي لا اعرف لي ابا وربما كان جدك سالم هو
ابي وربما تكون انت ابن اخي كل ما عرفته يا فارس عن جرائم عائلتك هو
القليل الذي تعرفه ياسمين ولكن هناك جرائم كثيرة ارتكبت بحقنا ...حتى
ياسمين واختها لا يعلمون بها..
لا ادري كيف استطاعت جورجيت ان تسامح ..
لم اكن اظن
انها يمكن ان ننسى ما دام ذكره واحد من عائلة الدهري على وجه الارض
..وربما ان دموع ياسمين ووردة اطفئن النار المشتعلة وربما سامحت من اجلهن
وربما لانك احببت ياسمين فعلا ..ساحتاج الى وقت كثير حتى انسى ..نعم ان
سامحت جورجيت فانا اسامح ولكن الوقت هو الكفيل على ازالة ما في قلبي ..
اليوم انت
زوج ابنتي وانا اتمنى من كل قلبي لكما السعادة والتوفيق يا فارس احرص على
ياسمين ولا تنسى انك زوجها وانه يتوجب عليكحمايتها من كل شيء حتى من نفسها
...
يا فارس
ياسمين برغم عن كل ما عرفته عنها الا انها بحاجة الى من يحبها ويعتني بها
ويحميها واحرص من نار الغضب المدفونة باعماقها والتي ترسبت طوال السنين
الماضية ...
حتى لا تثور
وحتى لا يعمل الوقت على اطفائها ...تعلم كيف تتعامل مع عنادها ...فعنادها
جنون ان وقفت بوجه ثار وان تجاهلته تحول الى اعصار واكثر ما اوصيك به هو
ان تحرق عليها ممن حولها وعلى من حولها منا فهي قادرة على حب الناس بجنون
ولا يمكن ان نبدأ بأذية احد وان قابلها احد بأذي ...
فلن ترتاح حتى تردها عليه..واذيه ياسمين ربما لاتكون بعدها اذيه...والمشكلة انك لن تستطيع ان تعرف ما هو الخطأ الذي (؟؟)
ومدت لعنة
يدها وصافحت فارس مصافحة لم تخلو من الفتور وودعت ياسمين وكذلك فعلت وردة
بعد ان اتفقت معها على الكثير من التفاصيل للمستقبل بعد عودتها من الشام
وعادت لعنه
بصحبة ابنتها ورده من حيث أتت وحينما وصلن جلسن بجانب العجوز البيضاء
واخذت العجوز تداعب بأصبعها شعر ورده وقد ارتسمت على شفاهها ابتسامة ناعمة
وقالت لورده ممازحة اياها : ترى اية اصابع ستداعب هذا الشعر في الغد
القريب ..
فقالت ورده
:اولا تعلمين يا خاله من سيكون ..فردت العجوز : كلا يا ابنتي فلا اعلم
الان ولكن ربما علمت في المستقبل بعد ان تقضي مدة في النور من سيكون زوجا
لك
فقالت ورده
والدموع تترقرق في عيونها : يا خاله لقد قالت امي انه بعد ان اخرج لاعيش
مع اختي ياسمين لن استطيع الحضور الى هنا من جديد فكيف ساراكما يا خاله
انا محتاره ..فلا اريد ان اترك اختي لوحدها ولا اريد ان افقدكما فانتما كل
شيء لنا ..
فقالت بعد ان ضمت ورده اليها : نعم يا ابنتي حياتك اصبحت في الخارج وليست هنا ..
اللعنة
انتهت وبعد مئة عام سامحت جورجيت ..ويجب ان تكوني سعيده لان جورجيت قد
ارتاحت وفي الغد ستكتشفي يا ورده بانك لست بحاجه الى هذا المكان من جديد
وامك لن تترككما وستحضر لزيارتكما بين الحين والاخر ..اما انا فسأكون لكما
ذكرى ليس اكثر..يؤلمني فراقكن ولكن هذه هي الحياة ويجب ان تستمر.
فقالت لعنه
بعد ان مسحت عدة دمعات سقطت على وجنتيها وهي تستمع للحديث الذي يدور بين
ورده والعجوز : متى سنذهب يا خاله لزياره قبر "امي جورجيت" ...
فقالت العجوز : في الغد يا ابنتي سأصحبكن معي الى هناك والان اذهبن للراحة فغدا امامكن رحلة طويلة وشاقة.
وفي صباح
اليوم التالي توجهت لعنة وابنتها ورده بصحبة العجوز الى الشام ومرت ساعات
طويلة وهن يسرن بطرق كانت معظمها تحت الارض .. حتى وصلن في فجر اليوم
التالي الى بقعة جرداء انتشرت فيها مجموعة من القبور القديمة مبعثرة بلا
ترتيب..
ومن بعيد رأن على احد القبور شمعه مضاءة وتجلس بجانبها امرأة تبكي ..
فقالت لعنه
للعجوز ..او ليس هذا قبر امي يا خاله ..فقالت العجوز نعم هو قبر جورجيت
لقد طلبت هي ان يسمى هذا القبر على اسمها فهنا دفنت عائلة الشامي امها
وابيها ولهذا طلبت جورجيت ان يسمى هذا القبر على اسمها.
فقالت ورده : لا افهم يا خاله ماذا تقصدين بأنها طلبت ان يسمى على اسمها او ليست هي من دفن هنا...
قاطعتها
امها لعنه وقالت: لا تقولي ذلك ولا تسألي ..فقالت العجوز بعد ان امسكت بيد
ورده : نعم يا ابنتي من الافضل ان لا تسألي فهناك امور كثيرة لن
تفهميها..فقالت لعنه للعجوز:ومن هي هذه المرأة الجالسه بجانب القبر يا
خاله .
فقالت العجوز : لا اعلم يا ابنتي فربما هي احد زوار هذا القبر ..
مرت نصف ساعه وهن ينتظرن ذهاب المرأة من جانب القبر ولكن هذا لم يحدث ..فتقدمت ورده ولعنه بأتجاهها ..
وسألت الام لعنه المرأة بهدوء:ماذا تفعلي في هذه الساعة المتأخره من الليل بجانب هذا القبر ولماذا تبكي ..
رفعت المرأة
رأسها واثار الدموع ما زالت في عينيها..وبعد ان تفحصت لعنه وورده بعينيها
قالت : جئت ارجو صاحب هذا القبر ان يساعدني في شفاء ابنتي الوحيده ..وانتن
ماذا تفعلن هنا هل جئتن تسألن صاحب القبر شيئا
فقالت لعنه للمرأة بفضول : وهل تعلمين من يكون صاحب هذا القبر ..
فقالت المرأة: نعم انه احد الرجال الصالحين الذي دفن هنا منذ مدة
طويلة وكل من مر رأى الشموع مضاءة على قبره.
فقالت ورده غاضبه: ومن قال لك هذه الاكاذيب .
فردت عليها المرأة بغضب :استغفري الله يا ابنتي ولا تقولي اكاذيب فهذا القبر قد ساعد الكثيرين .
فقالت ورده : يا خاله انت صادقه وما تقولينه صحيح هل ذهبت وتركتينا بجانب هذا القبر قليلا ..
فقالت المرأة :كلا لن اذهب قبل ان يتحقق طلبي ..
فتأففت ورده وقبل ان تنطق بكلمه سحبتها امها لعنه وعادت بها حيث تجلس العجوز بعيدا..
وحينما وصلت لعنه للعجوز قالت لها : ان المرأة ترفض الذهاب من جانب القبر.
فقالت ورده: ويا خاله هذه المجنونه تقول ان هذا القبر لرجل .
فنهرتها العجوز وقالت : لا يا ورده لا تقولي عنها هكذا فهي جاءت تضيء الشموع على قبر جورجيت وتسأل شيئا ولا يهم ما تظنه ..
واناس كثيرون يزورون هذا القبر ولا يعلمون لمن هو ويتداولون القصص حول صاحبه.
فقالت ورده : والان يا خاله الى متى سنبقى ننتظر والشمس ستشرق قريبا والمرأة لا تذهب .
فقالت العجوز: حتى تذهب لوحدها فلا يجوز طرد زائر للقبر.
مرت دقائق
وكأنها ساعات وهن ينتظرن ذهاب المرأة...فتنفست ورده وامها الصعداء حينما
بدأت المرأة بلملمة حالها وتحركت بعيدا عن القبر حتى توارت عن الانظار..
فتوجهت ورده وامها بأتجاه القبر وبقية العجوز مكانها تنتظر ..وحينما وصلت ورده والام أضيئت الشموع ولم تتمالك لعنه الام الا ان
اجهشت بالبكاء وكذلك فعلت ورده ...
وقالت لعنه بكلمات ممزوجة بالدموع تخاطب بها القبر :
انا وبناتي صن عهدك يا جورجيت ..
انا وبناتي صن عهدك يا جورجيت ...الخ.واستمرت لعنه تخاطب القبر لأكثر من ساعه والدموع لا تفارق عينيها وعيني ابنتها ورده ..
اقتربت العجوز بأتجاه لعنه وابنتها ورده ووضعت يدها على كتف لعنه وقالت : هيا يا ابنتي يجب ان نعود ..
فقالت لعنه للعجوز : ولكن امي جورجيت لم تظهر
فقالت
العجوز مخاطبة لعنه وورده:لم نحضر الى هنا لرؤية جورجيت،جئت بكن لزيارة
القبر واضاءة الشموع على قبر جورجيت في الشام، للتأكيد على وفائكن
بالنذر،لا اكثر من ذلك.
وعادت ورده وامها بصحبة العجوز وخيبة امل كبيره علت على وجوههن لعدم ظهور جورجيت..
فقالت العجوز لهن تحثهن على ان يسرعن اكثر:هيا يا بنات يجب ان نعود قبل ان تشرق الشمس .
فقالت ورده للعجوز : ليش ما أجت يا خاله ..انا نفسي اشوفها .
فقالت العجوز: سترينها يا ورده ..والان هيا نعد..
وعادت العجوز بصحبة ورده ولعنه من نفس الطريق حتى وصلن الى حيث كن بالسابق ..وبعد ان ارتحن قليلا..
ذهبت العجوز وعادت تحمل بيدها صندوق..وضعته امام لعنه الام
وقالت للعنه : افتحيه..
ففتحته لعنه
..فلمع نور من داخل الصندوق منبعث من قلادة صنعت من الذهب والفضة ومعادن
اخرى مصنوعه بغاية من الدقة والاتقان وقالت العجوز للعنه : هذه القلاده قد
تركتها لك امك جورجيت فيها سر وقوة العهد ترد عن حاملها الشرور...لا
يملكها اثنان ..
لا تباع ولا تشترى ..
يرثها من
استحقها وحافظ على عهدها..وجدت مع اهل هذا المكان منذ مئات السنين وانتقلت
بينهم وخرجت خارج هذا المكان وعادت اليه...وحينما حضرت الينا جورجيت قبل
عشرات السنين استلمت القلادة واقسمت امام صاحبتها ان تصونها وتحافظ عليها
وان لا تورثها الا لمن يستحقها...
مدت لعنة يدها لتمسك بالقلادة ولكن يد ابنتها ورده سبقتها وامسكت بها واخذت تتفحصها مبهورة بجمالها...
نظرت لعنة
الى ابنتها ورده مستأة من تصرفها واخذت القلادة منها واعادتها الى الصندوق
واغلقته وقالت للعجوز لقد حلمت بهذه القلادة منذ صغري حينما كنت اراهاعلى
عنق امي جورجيت وفي احد المرات بهرتني مثلما بهرت ابنتي ورده وطلبت من امي
جورجيت ان ارتديها ..
فقالت لي اخشى يا ابنتي انه حينما ترتدينها ستخسري احد عيونك ..
فقلت لها :انه لا شيء مهم في حياتي لاخسره .
فقالت لي: وانا يا لعنة الست مهمة...
فخجلت من نفسي واعتذرت منها واقسمت لها اني لا اريد هذه القلادة ولن ارتديها ما حييت..
والان يا
خالة قد مرت السنوات والعنق الذي كان يزين هذه القلادة لم يعد موجود وها
هي تذكرني بان امي جورجيت "نوري الوحيد" لم تعد في عالمي ومع هذه القلادة
يعتريني شعور بالخوف بأن افقد شيء اخر في حياتي ..فأرجوك يا خاله لا تفتحي
هذا الصندوق من جديد...
ابتسمت
العجوز وقالت للعنه: الصندوق وما فيه لك يا لعنة فقد ورثتيه عن امك جورجيت
وواجبي ان اسلمه لك فأن اردتي ان تبقيه مغلقا على القلادة فلا احد يمنعك
وان اردت ان ترتدي القلادة او ان تعطيها لأحدى بناتك فالخيار خيارك..
فقالت لعنة
: خياري ان تبقى هذه القلادة بالصندوق ولا تخرج منه ولا خيار اخر لدي وانت
يا خالتي العجوز طالما كنت وصية علينا وعلى امي جورجيت من قبلنا وعلى اهل
هذا المكان فهذا الصندوق سيبقى كما هو وان رأيت انه قد جاء يوم واستحق هذه
القلادة احد لتساعده فامنحيها له..
اما انا وبناتي فيكفينا شرف العهد وما منحنا من حماية وقوة فلا حاجة لنا بهذه القلادة ..
ردت العجوز
على لعنة وقالت: يا ابنتي انت قررت ان تعيشي هنا معنا فربما يأتي يوم
وتكوني انت الوصية على هذا المكان ..اما ياسمين ولعنه فهن اصبحن بنات
النور ولم تعد تربطهن علاقة بهذا المكان ..والقوة التي امتلكنها ستتلاشى
كلما وصلن الى الاستقرار في حياتهن الجديدة ..
ولكن
القلادة ان منحتيها لأحداهن فهي ستبقى معهن الى الابد لتنتقل من صاحبتها
الى وريثتها ولهذا السبب اطلب منك ان لا تتسرعي بأتخاذ القرار ...
فقالت ورده تأيدا لكلام العجوز: نعم يا ماما فكري ولا تتسرعي.
فقالت لعنه لوردة: افكر وبماذا افكر يا ورده واي قرار يجب ان اتخذ ..اعطيك القلادة ام اعطيها لاختك ياسمين.
فقالت ورده : لا فرق بيني وبين ياسمين يا امي فنحن واحدة ولن نكون اثنتان مهما حدث.
فقالت لعنه: لقد اتخذت قراري لن تخرج هذه القلادة من الصندوق ما دمت حية
والموضوع منتهي ولن اناقش فيه ، والان يا ورده وجب ان تستعدي حتى تنتقلي
للحياة خارج القبور..
سيحزنني فراقك انت الاخرى ولكن سأكون مرتاحة اكثر حينما اعلم انكن معا تحرص الواحدة على الاخرى.
فقالت العجوز : نعم يا ورده لقد حان الوقت فعلا لتستعدي للذهاب للعيش مع اختك ياسمين لتبدئي حياة جديدة.
فقالت ورده :لست على عجلة من امري يا خاله وانا بحاجة للوقت لافكر جيدا
قبل ان اخرج من هنا واحرم من العودة وامي التي لا اعلم ان كنت ساراها ام
لا ..
فقالت لعنه لابنتها : لا تخافي يا ورده لقد وعدتكن ساحضر الى زيارتكن
دائما واستمر النقاش بين ورده وامها والعجوز في تفاصيل المستقبل.
فارس وياسمين
حينما عادت ياسمين مرتديه ثوب الزفاف الابيض مع فارس في طريقهما الى بيته
كانت تضحك تاره وتبكي تارة اخرى وفارس ما زال مذهولا لا يصدق نفسه ان زمن
الخمار الاسود قد ولىّ وان ياسمين قد اصبحت زوجته دون تعقيدات ..
توقفت السيارة بجانب البيت في ساعة متأخرة من الليل ودخل فارس وزوجته
ياسمين البيت وكانت ام فارس واخوه نيام فتعمد فارس ان يحدث ضجيج في البيت
..
فقالت ياسمين لفارس بعد ان تنبهت ان فارس يفعل ذلك الضجيج لايقاضهم حتى يروا ياسمين: دعها نائمة فستراني في الصباح...
ولكن فارس أصر على ايقاظ امه ..
افاقت ام فارس وحينما خرجت من غرفتها لتكشف سر هذا الضجيج الذي دب في بيتها فجأة..
فوجئت بفارس يقف مبتسما وياسمين بجانبه بثوبها الابيض ..وقفت ام فارس
للحظات مشدوهة لا تتكلم وعيونها متسمرة باتجاه ياسمين ..اقترب منها فارس
وهزها من كتفها فنظرت اليه وقالت :انا ..انا بحلم ..مش آه .
فقال لها فارس : لا يا امي انت ما بتحلمي شو اللي بتشوفيه هو الحقيقة .
.ضحكت ام فارس وعادت الى غرفتها دون ان تنطق بكلمة ..ضحك فارس وقال لياسمين مازحا : امي انجنت .
دخل فارس وياسمين لغرفتهما ودقائق مرة وفارس مرتبك متردد في الاقتراب من
ياسمين..ولكن بنظرة واحدة خبيثة من ياسمين جعلته ينسى كل شيء ...الا
ياسمين .
لم يكن ذلك الصباح كأي صباح لاسرة ذلك البيت او للمنطقة كلها فأم فارس
افاقت من نومها فرحة سعيدة تعد الافطار ولا يبارح مخيلتها ذلك الحلم
الجميل لفارس وعروسه واخذت ترويه لابنها علاء وهي تنتظر بشوق ان يستيقظ
فارس الذي علمت بوجوده من خلال رؤيتها للسيارة مركونة خارج البيت لتروي له
عن حلمها الجميل .
ام فارس مشغولة في اعداد الافطار وعلاء يجلس على الطاولة يستمع لحديثها
وهو يبتسم فتوقفت ام فارس دون حراك وقد تغيرت ملامح وجهها وهي تنظر بأتجاه
الباب وعلاء يلتفت الى الخلف ليرى ما صدم امه ليفاجيء بياسمين ترتدي ثوب
زهري وتقترب منهم وعيونهم تتسائل من هذه ومن اين أتت ..
تبتسم ياسمين وتقول :صباح الخير ..مالكم في اشي.
ومن صوتها ادرك علاء وامه ان هذا الملاك الذي ظهر فجاءة ما هو الا ياسمين .
ام فارس وبحركات لا شعورية تدق بيدها على الطاولة
وتقول : بسم الله وما شاء الله ..بسم الله وما شاء الله ..وتكرر كلامها
عشرات المرات ..علاء يفيق من ذهوله ويمازحها قائلا "بتعرفي انت بالقناع
الاسود احلى" تقترب منه ياسمين وتمسك بأذنه وتشدها ويصرخ علاء وهو يضحك
ويقول لها: بتعرفي يا ياسمين انا اول وانت لابسه الخمار ومقنعة ما كان
يهمني اسألك ليش لابسى هيك علشان كنت متأكدة انك مثل القردة بس صوتك حلوا
وما حبيت احرجك ..بس هلا لازم افهم تطلعي على السما تنزلي على الارض بدي
افهم .
فقالت ياسمين :الله يبعثلك يا علاء وحده قردة على قد ذوقك ونيتك.
افاق فارس من نومه سعيدا وكأنه يرى الشمس تشرق لاول مرة في حياته جلس معهم
واخذت امه تروي لهم انها رأتهم بالحلم امس فقال لها فارس: ما رأيته كان
حقيقة وليس حلم ولكنها لم تقتنع وفضلت على ان يكون حلما قد تحقق على كونه
حقيقة.
مرة عدة ايام ومثلما كانت حكاية المقنعة السوداء في بيت فارس حكاية على
لسان كل الناس..اصبحت حكاية ياسمين اجمل الجميلات حكاية الناس في
الحارةوالمنطقة كلها.
طلبت ياسمين من فارس ان يبحث عن بيت ليبدؤا حياتهم بأستقلال وبعيدا عن الماضي ..
فقال لها فارس بعد ان تذكر حكاية البيت الذي قام ببيعه في الماضي ليغطي
نفقات الزفاف : لم يعد هنا بيت قديم ليكون هناك جديد ..فقالت له ياسمين :
لا تخف لقد قمت بأرجاع البيت وهو ما زال على اسمك ولا داعي لان تربط كل
شيء بحياتنا بالماضي ...فقال لها فارس : اذا سأبدأ من اليوم بالبحث عن بيت
..
فقالت ياسمين : ولكنك لم تسألني في اي المناطق اريد ان اسكن..فابتسم فارس وقال : اين؟
فقالت : فقط في مدينة القدس..
استاء فارس وبداخله لا يود ترك الناصرة او الابتعاد عنها لاي سبب كان وقال لها: هل انا مجبر على القبول بهذا الخيار .
فقالت له: كلا لست مجبر ولكن انا سأكون سعيدة ولي اسبابي الخاصة وهذا جزء
من عهد قطعته على نفسي ..لم يكن امام فارس الا ان يصطحب ياسمين ويبدأ
بالبحث عن بيت بمواصفات خاصة طلبتها ياسمين.
لم يكن ايجاد البيت بحاجة الى عناء وخاصة انه كان واضحا ان ياسمين تعلم
مسبقا ما تريده وبسرعة لم يتوقعها فارس تم شراء بيت في احد الاحياء
الهادئة بالقدس وكان ذلك البيت شبه مهجور ..
قاموا فورا بشرائه وترميمه ..لم يكن البيت ذلك البيت الجميل مقارنة
بالبيوت الاخرى ولكنه كان ذوا طابع قديم وكير الحجم ...انتقل فارس وياسمين
للعيش في البيت الجديد الذي لم يرق لفارس وكان يفضل لو انه سكن في بيت اخر
ولكن وجود ياسمين جعله يشعر بأنه يسكن في قصر بعد عدة ايام حضرت ورده في
ساعات المساء الى بيت ياسمين واستقبلتها ياسمين بالضحك والدموع ..
وسألتها ياسمين لماذا تأخرت وانها قد تركت لها رسالة في المكان المتفق عليه بينهما ..
فقالت ورده انها احتاجت لعدة ايام اخرى لتفكر قبل ان تتخذ قرارها فسألتها
ورده عن فارس فقالت ياسمين انه نائم فأمسكت ياسمين بيد ورده وسحبتها وقالت
لها تعالي لاريك غرفتك التي جهزتها لك كما تحبين..
ذهبت معها ورده وكانت ياسمين بغاية السعاده الا انها شعرت بأن ورده لم تكن
متحمسه او سعيدة مثلها فسألتها ياسمين ما الحكاية يا ورده ما بك ..فصمتت
ورده
وقالت : لا ادري يا اختي ولكني محتارة وخائفة واخشى اني لا استطيع الحياة
بعيدا عن اهل المكان حيث تربيت وايضا لا استطيع الحياة بعيدا عنك فقالت
لها ياسمين ورده اختي حبيبتي اليس هذا الحلم الذي عشنا من اجله ها قد تحقق
اخيرا فلماذا الخوف الان.
فقالت ورده: لا تكون الاحلام دائما كاملة يا اختي.
فقالت ياسمين: ورده ارجوك لا تحرميني السعاده التي انتظرتها سنين طويلة ارجوك.
فقالت ورده: دعيني من هذا الحديث انا سأبقى معك عدة ايام وربما الجو قد يعجبني فاغير رأي ولكن لا تحاولي ان تؤثري عليّ بدموعك .
فقالت ياسمين : اتفقنا وسأقنعك بدون دموع ولكن الان اذهبي واستبدلي ملابسك .
فقالت ورده: حاضر ولكن لن اخلع الخمار حتى اقرر لاني ان فعلت فلن استطيع العودة الى المكان من جديد ..
فقالت ياسمين لا تخافي فلن يراك فارس وهو نائم وانا لا اريد ان اتحدث معك من خلف الخمار.
مرت
ثلاثة ايام قضتها ياسمين مع ورده بسعادة بالغة وبذلت جهدها هي وفارس
بأقناع ورده بأن تتخذ قرارها بالبقاء لتبدء حياتها من جديد في عالم النور
ولكن يبدوا ان ورده ومنذ البداية قد اتخذت قرارها في البقاء مع امها واهل
المكان وايقنت ياسمين انه لن تستطيع ان تقنع اختها ورده في البقاء وراود
ياسمين شعور بأن وراء قرار ورده هذا اسباب خاصة لا تعلمها ياسمين..
.وقامت ورده بتوديع ياسمين وهي تضحك وتقنعها ان سعادتها وحياتها هناك مع
اهل المكان وانها ستأتي لتزورها دائما وضحكت ياسمين ايضا وتمنت لها
السعادة وقالت انها ستكون بأنتظارها دائما وغادرت ورده وهي تبتسم وكذلك
اختها ياسمين وكلتاهما تعرف ان الواحدة تكذب على الاخرى فما ان ابتعدت
ورده قليلا حتى بدأت بالبكاء وكذلك فعلت ياسمين .
وبدأت ياسمين ترتيب حياتها من جديد وهي تعلم بأن علاقتها بأمها واختها لن
تكون الا علاقة زيارة بين الحين والاخر يقمن هن بها وان احتاجتهن هي لامر
ضروري جدا فيتوجب عليها ترك رسالة في مكان ما حتى يعلمن بها ويحضر
لزيارتهن وهكذا مرت الأشهر والاشهر وحملت ياسمين من فارس وقبل ان تنجب
بأيام اصر فارس على ان يأخذها الى احدى المستشفيات خوفا على صحتها الا
انها رفضت واصرت ان تنجب طفلها في البيت ...
قرار ياسمين هذا جعل فارس في توتر دائم خوفا على ياسمين وفي منتصف الليل حان موعد ولاده ياسمين واخذت تصرخ ..
وجن جنون فارس وهو يبكي ويرجوها ان يأخذها الى المستشفى او يحضر طبيب
..الا ان ياسمين رفضت بشدة وتعالى صراخها..وانفتح الباب فجأة وظهرت امرأة
مقنعة اشارت لفارس بيدها دون ان تكلمه فخرج فارس من الغرفة واغلق الباب
خلفه وللمرة الاولى يشعر فارس بالراحة والأطمئنانية لرؤيته المقنعة وهو
كان دائم الخوف من رؤيته لهن ...
تعالى صراخ ياسمين لعدة دقائق وبعدها حل الصمت والهدوء لعدة ساعات واعصاب
فارس تكاد تنهار وهو ينتظر ان يفتح الباب ليطمئن على زوجته والمولود ..
ولكن هذا لم يحدث فاقترب فارس من الباب ووضع اذنه لعله يسمع شيئا ولكنه لم
يسمع فاستمر بمحاولتة لساعة اخرى حتى تجرء وشق الباب بهدوء ونظر من خلفه
فوجد ياسمين نائمة كملاك لا تعي شيئا فادار فارس راسه يتلفت في انحاء
الغرفة ولكنه لم يجد احد فدخل الغرفة واخذ يبحث فيها في كل مكان من
الخزانة الى تحت السرير لعله يرى شيئا ولكن عبثا فاحتار فارس لما حدث وجلس
بجانب ياسمين ينظر الى وجهها الملائكي ويود ان يوقظها ليسألها عما حدث
واين المقنعة واين المولود الذي لم يراه واشرقت الشمس واستيقظت ياسمين..
وسألت فارس ماذا حدث فقال لها لا اعلم فسألته ماذا انجبت اذكر ام
انثى..فقال لا اعلم فأخذت ياسمين تبكي وفارس يهدءها حتى هدئت وحكى لها ما
حدث بالضبط فصمتت ياسمين وعادت الى النوم من جديد وتركت فارس بحيرته
وحينما افاقت من جديد سألها فارس ماذا حدث وماذا سيحدث يا ياسمين ..
امسكت ياسمين بيد فارس وقالت له لا تخف سنعلم بعد اسبوع فمر الاسبوع على
فارس وياسمين وكأنه عام ولكن لم يحدث شيء ولم يحضر احد وانتظرت ياسمين
ليوم اخر ولم يحدث شيء فذهبت الى المكان المتفق عليه وتركت العلامة المتفق
عليها وبعد يوم حضرت مقنعة عرفتها ياسمين قبل ان تقترب واسرعت باتجاها
وحضنتها وقالت ورده: اختي لماذا تأخرت ..!!
فقالت ورده : لم اتأخر لقد جئت اليك فور ترك الرسالة ما بك يا ياسمين ومالي اراك مهمومة.
فقالت ياسمين : اين ابنتي يا ورده ماذا انجبت ولد ام بنت "طمئنيني" ...؟
فقالت ورده: لا افهم عما تتحدثين يا ياسمين ..
فقالت ياسمين: ارجوك ورده لا تمزحي ..
فقالت ورده: اقسم لك اني لا اعلم عما تتحدثي اقسم لك يا ياسمين اجلسي
واحكي لي ماذا حدث ..واخذت ياسمين وفارس يروا لورده ما حدث ..فقالت ورده
..لا تخافي يا ياسمين فربما امي اخذت المولود لاسباب لا نعرفها ..
فقالت ياسمين:لقد توقعت ذلك ولكن لمدة اسبوع وبعدها تعيده الي وها قد مر اكثر من اسبوع. اخذت ياسمين تبكي وتبكي فحضنتها ورده
وقالت: ارجوك لا تبكي ساذهب انا الان وسأعود اليك لأطمئنك بسرعة وغادرت ورده وتوجهت الى المكان ووصلت وتوجهت الى امها
|