حاسة التذوق وحلاوة الايمان
التذوّق... تلك الحاسة التي نجهل الكثيـــــر عن سحرها...
فكل شيء في حيـــاتنا... حينما نحاول أن نفهمه... نستوعبه... نستشعره...
فإننـــّــا - إنما بطريقة أو أخرى - نحاول أن نتذوقه...
========
فمثـــلاً... لعشـّــاق الشوكولاه~
حينما تريد أن تنعم ببضعة أوقاتـــ لذيذة مع رقائق الشوكولاتة الشهية... أو قطع الكاكاو المغرية... ماذا تفعل؟...
ألا تجد نفسك تختار زاوية هادئة أو ركن فيه كرسي هزاز... أو حديقة غناءة فيها أرجوحة... و بعد اختيـــار المكان الذي يروق لذائقتـــك... تفتح بهدوء و رواقة تامّة الأكياس الذهبية الفضية التي تغلفــــ الشكل المغري للشوكولاه... ثم تقضم قضماتـــ صغيرة/كبيـــرة تليها قضماتـــ أخرى... و ربما تغمض عيونكـــ وأنتــ تنتظر ذوبـــان تلكـــ القطع الشهيـّة رويداً رويداً... آآآه كم هي لذيـــذة... وكم هو لذيــــذ ذا الشعور... الــ يشبعكـــ نشوة و ابتهــــاج... و تصل إلى قمة الروقـــان...
لكن،،، سؤالــــــ، ولم كل هذه العمليّة المطوّلة؟!!
أكل ذا فقط لأجل غـــاية في نفس المتذوق.. وهو " التذوّق"؟!!
معقولة كل ذا لأجل تذوق قطع الشوكلاته، أو الأيس كريم، أو الحلويـــات بأنواعهـــا...
أو حتى أي أكلة نشتهيــــها؟!!!
:
وإذا انتقلنـــا إلى مثـــال آخر~
القارئ حينمـــا يعجبه مقال... أو قل فقرة صغيرة... أو شعر... أياً كان... ماذا يفعل؟...
ألا ترى أنّه يقرأ كل كلمة بل كل حرفــــ بتمعّن و حرص شديد.. ألا ترى أنّه يأخذ راحته كاملة فيعيد قراءة شطر من البيت مثلاً مرّة مرّتـــان و ثلاثــــ... لأجل أن تستقر الكلماتـــ و المعاني التي توحي إليها في قلب القارئ... فتزيد من نبضاته... تستثيـــره أحيانا لدرجة أنه يوزّع إبتساماتـــ و لربما يقهقهــ من الضحكـــ أو يخيّم عليه الحزن و يجهش بالبكاء...
لم كل هذا المشوار... هـــاه
أليس من أجل آلــ تذوّق... فالقارئ يريد أن يعيش ما قرأ و ما دُوّن...
يريد أن يشعر من الأعماق... يريد أن يتذوق الكلمــــاتـ.. العباراتـــ ... تذوقــاً تاماً...
والأمثلة كثيــــرة~
تخيلوا الأمثلة المختلفة لحاسّة التذوق... هذه الحاسة كغيرها من الحواس تحتاج لتمهّلــــ،
تحتـــاج منـــا قليل من الــ وقتـــ/جهد... إذن لن تتحقق التذوّق في ثانيتين أو بضع ثواني أبداً...
:
والآن... حينما نصلي الأربع ركعـاتـــ في بضع ثواني... هل نكون قد تذوّقنـــا الصلاة؟!!!
حينما نجعل كلمات الدعاء تمر مرور الكرام في أذهاننا... هل نكون قد تذوقنــــا روعة الدعاء و التضرّع إلى الله؟!!!
حينما نصوم... و نقضي النهار في النوم... هل نشعر بالصوم أصلاً.. أو بمعاناة الجوع والحرمان؟!!
وحينما نقرأ القرآن قراءة سريعة... أو بالعيون... هل فعلاً نتذوّق كلماتـــ الله عزّوجل؟!!
وحينمـــا نرى مأساة أصحاب الديانات المختلفة... هل نقف مع النفس وقفة... تجعلنا نتذوّق حلاوة الإيمان؟!!
نحن للأسفـــ صرنا نبذل الكافي من الوقت و الجهد حتى نتذوق كل شيء ما عدا حلاوة الإيمان...
ولذا صار الكثير منّا يشعر أن العبادات و طاعة الله "عـــبـــء" يثقل كاهل المسلم... لا حول ولا قوّة إلا بالله
ولذا صرنــــا نؤدي الشعائر... بسرعة (و أي كلام)... كأننا فقط نريد أن نفتكــــ من ذا الحمل الثقيل... للأسفـــ الشديد
المشكلة أننا ما حاولنا أن نتذوّق... كما نتذوق الشيكولاته فننتشي... أو نتذوق روعة التعبيـــر فيرق شعورنا...
عندما نتفوه "الله أكبر"... لنجعل هذه التكبيرة تلامس أعماقنا... ربما نقشعر ونحن نستشعر عظمة الخالق الواحد الأحد... لنجعل هذه التكبيرة أدعى للخشوع في الصلاة و سبب في التغلـّبـــ على وساوس الشيطان... عندما نسجد... نركع... لنستشعر عظمة الخالق الذي له وحده نسجد و نركع... عندما نصلّي... لنستشعر أننا واقفون أمام الله... أننـــا نناجي الله و نعبد الله و هو يرانا... فلنؤدي صلاتنا على أفضل وجه لأنه جل شأنه يرانا... إي نعم هكذا بتمهّل و تمعّن لـنتذوق روعة الصلاة/ صلة العبد بالله...
عندما نرتـّل آيـــات الله... لنتذوق كلمــــاتها و حروفها... لنتمعّن في معانيهـــا... في بلاغتهـــا... لنجعلها تلامس أفئدتنــــا التي اسودّتـــ من كثرة المعاصي و الذنوبــــ... لنستشعر عظمة القرآن نفسه.. فهو المعجزة الكبرى والخالدة
عندمـــا ندعو.. نسبّح.. نستغفر.. لتكن الكلمات نابعة من قلب صادق يتذوق حلاوتها و عقل واع مدركـ لما ينطق به اللسان
عندما ننظر إلى الطبيعة... و نتعجبـــ من جمالها الســـاحر... لنتذوق عظمة الله في الكون... فـ لله في خلقه شؤون
إذا أصابتنا مصيبة.. و تكدّر خاطرنا بالأحزان و الآهاتـــ... لـ نتذوّق روعة الصبر فالصبر مفتــاح الجنـّة
وإذا غمرتنا الأنس و البهجة... و طوّق السعد حيـــاتنا.. لــ نتذوق روعة الشعور بالامتنان لرب واحد كريم
وهكذا.. في كل خطوة و في كل حركة... مع كل زفرة و شهقة... نستشعر عظمة الرحمن الرحيم
و كـــــل ذا... لـ نتذوّق حــــلاوة الإيـــــمان...
وهذا التذوق... كفيل بأن يجعلنــــا -لا شعوريا- نشتهي ممارسة الشعائر الدينية
و نشتهي تأدية العبادات و المواظبة على الطاعات على الوجه الذي يرضي ربنا الله
نسال الله العظيم أن يرحمنا برحمته و يوفقنـــا للعمل بما يحبه و يرضاه
منقوووووول