كاتب الموضوع :
نديم العمر
المنتدى :
التاريخ والاساطير
"بدايات رفعت الجمال حسب الرواية المصرية"
ولد رفعت على سليمان الجمال في مدينه "دمياط" في "جمهورية مصر العربية" في 1 يوليو 1927،حيث كان والده يعمل في تجارة الفحم أما والدته فكانت ربة منزل تحدرت من أسرة مرموقة وكانت والدته تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية ، وكان له شقيقان هما لبيب ونزيهه إضافة إلى أخ غير شقيق هو سامي وبعد ذلك بسنوات تحديدا في 1936 توفي "علي سليمان الجمال" والد رفعت الجمال وأصبح "سامي" الأخ غير الشقيق لـ"رأفت" هو المسئول الوحيد عن المنزل ، وكانت مكانة "سامي" الرفيعة ، وعمله كمدرس لغة إنجليزية لأخ الملكة "فريدة" تؤهله ليكون هو المسئول عن المنزل وعن إخوته بعد وفاة والده ، وبعد ذلك انتقلت الأسرة بالكامل إلى القاهرة ، ليبدأ فصل جديد من حياة هذا الرجل الذي عاش في الظل ومات في الظل.
شخصية "رفعت" لم تكن شخصية مسئولة ، كان طالبا مستهترا لا يهتم كثيرا بدراسته ، وبرغم محاولات أخيه سامي أن يخلق من رفعت رجلا منضبطا ومستقيما إلا أن رفعت كان على النقيض من أخيه سامى فقد كان يهوى اللهو والمسرح والسينما بل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبير بشارة واكيم بموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة أفلام، لذا رأى إخوته ضرورة دخوله لمدرسه التجارة المتوسطة رغم اعتراض "رفعت" على إلحاقه بمثل هذه النوعية من المدارس . في المدرسة بدأت عيناه تتفتحان على البريطانيين وانبهر بطرق كفاحهم المستميت ضد الزحف النازي ، تعلم الإنجليزية بجدارة ، ليس هذا فقط بل أيضا تعلم أن يتكلم الإنجليزية باللكنة البريطانية . ومثلما تعلم "رفعت" الإنجليزية بلكنة بريطانية تعلم الفرنسية بلكنة أهل باريس
تخرج في عام 1946 و تقدم بطلب لشركة بترول أجنبية تعمل بالبحر الأحمر للعمل كمحاسب واختارته الشركة برغم العدد الكبير للمتقدمين ربما نظرا لإتقانه الإنجليزية والفرنسية ثم طرد من تلك الوظيفة بتهمة اختلاس أموال. تنقل رفعت من عمل لعمل وعمل كمساعد لضابط الحسابات على سفينة الشحن "حورس" وبعد أسبوعين من العمل غادر مصر لأول مرة في حياته على متن السفينة وطافت "حورس" طويلا بين الموانئ ، نابولي، جنوة، مارسيليا، برشلونة، جبل طارق ، طنجة وفي النهاية رست السفينة في ميناء ليفربول الإنجليزي لعمل بعض الإصلاحات وكان مقررا أن تتجه بعد ذلك إلى بومباي الهندية.
هناك في ليفربول وجد عرضا مغريا للعمل في شركة سياحية تدعى سلتيك تورز وبعد عمله لفترة مع تلك الشركة غادر إلى الولايات المتحدة دون تأشيرة دخول أو بطاقه خضراء وبدأت إدارة الهجرة تطارده مما اضطره لمغادرة أمريكا إلى كندا ومنها إلى ألمانيا وفي ألمانيا اتهمه القنصل المصري ببيع جواز سفره ورفض اعطائه وثيقة سفر بدلا عن جواز سفره والقت الشرطة الالمانيه القبض عليه وحبسه ومن ثم رحل قسرًا لمصر . مع عودة "رفعت" إلى "مصر"، بدون وظيفة، أو جواز سفر، وقد سبقه تقرير عما حدث له في "فرانكفورت"، وشكوك حول ما فعله بجواز سفره، بدت الصورة أمامه قاتمة إلى حد محبط، مما دفعه إلى حالة من اليأس والإحباط، لم تنته إلا مع ظهور فرصة جديدة، للعمل في شركة قناة السويس، تتناسب مع إتقانه للغات. ولكن الفرصة الجديدة كانت تحتاج إلى وثائق، وأوراق، وهوية. هنا، بدأ "رفعت" يقتحم العالم السفلي، وتعرَّف على مزوِّر بارع، منحه جواز سفر باسم "علي مصطفى"، يحوي صورته، بدلا من صورة صاحبه الأصلي. وبهذا الاسم الجديد، عمل "رفعت" في شركة قناة "السويس"، وبدا له وكأن حالة الاستقرار قد بدأت.
قامت ثورة يوليو 1952، وشعر البريطانيون بالقلق، بشأن المرحلة القادمة، وأدركوا أن المصريين يتعاطفون مع النظام الجديد، فشرعوا في مراجعة أوراقهم، ووثائق هوياتهم، مما استشعر معه "رفعت" الخطر، فقرَّر ترك العمل، في شركة قناة "السويس"، وحصل من ذلك المزوِّر على جواز سفر جديد، لصحفي سويسري، يُدعى "تشارلز دينون".وهكذا أصبح الحال معه من اسم لاسم ومن شخصية مزورة لشخصية أخرى إلى أن ألقي القبض عليه من قبل ضابط بريطاني أثناء سفره إلى ليبيا بعد التطورات السياسية والتتغيرات في 1953 واعادوه لمصر واللافت في الموضوع انه عند إلقاء القبض عليه كان يحمل جواز سفر بريطاني إلا أن الضابط البريطاني شك أنه يهودي وتم تسليمه إلى المخابرات المصرية التي بدأت في التحقيق معه على انه شخصيه يهوديه.
بالنسبة لـ"رفعت" فيقول في مذكراته عن هذه المرحلة في حياته:
وبعد أن قضيت زمنًا طويلًا وحدي مع أكاذيبي، أجدني مسرورًا الآن إذ أبوح بالحقيقة إلى شخص ما. وهكذا شرعت أحكي لـ"حسن حسنى" كل شيء عني منذ البداية. كيف قابلت كثيرين من اليهود في استوديوهات السينما، وكيف تمثلت سلوكهم وعاداتهم من منطلق الاهتمام بأن أصبح ممثلا . وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في "إنجلترا" و"فرنسا" و"أمريكا"، ثم أخيرًا في "مصر". بسطت له كل شيء في صدق. إنني مجرد مهرج، ومشخصاتي عاش في التظاهر ومثل كل الأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد في حياته.
|