المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
""""ارتعاشة قلب"""""
بسم الله الرحمان الرحيم
قصة قصيرة رائعة
""اِرتعاشة قلب""
منتدى ليلاس الثقافي
اِقتربت من طفلي حازم ذي السنوات الخمس وحملته بين ذراعي أودعه,طوقني بقوة يرجوني البقاء,طمأنته بأن غيابي لن يطول وعودتي مؤكدة.
تركته مع صديقتي وحملت حقيبتي هأنا في طريقي إليك يا "جنيف",ليس لقضاء شهر عسل كما في زيارتي الأولى بل في رحلة عمل سريعة لن تستغرق سوى أسبوع واحد.
أحسست برغبة شديدة في التراجع,يعلم الله اني لم أرد العودة الى جنيف أبدا خوفا من سيطرة الذكريات علي,لكن السيد لورانس هانز رئيسي في العمل أرسلني لتقديم تقرير مهم باليد لمكتب الأمم المتحدة هناك وتسلم الجواب أيضا.
حين ذخلت الطائرة إلتفتت حولي ثم نظرت إلى تذكرتي وجلست في مقعدي المحدد قرب النافذة,أخدت أردد أذكار السفر , وإتخذت قرارا بيني وبين نفسي لن أزور أي مكان يذكرني بزوجي السابق الذي علمني البكاء لا إراديا وأوصلني إلى ذروة اليأس عن سابق قصد وترصد.
أليست رؤية حازم أكبر عقاب لي ,إنه نسخة مصغرة عن نديم.
كم اضغط على نفسي لئلا تهزمني دموعي.لأول مرة عرفت لماذا لا يمكننا أن ننسى الحب الأول ؟
لماذا لاننسى طعم جرحنا الأول؟
لماذا نشعر بأننا نهوي من علٍّ عند تلقي الصدمة الأولى ؟
مؤكد ان طعم الذل مرّ وأن ما يزعجني حقا هو مافعلته يوم أراد أن ينطق بتلك العبارة البغيضة . "أنت طالق"
هرعت نحوه بجنون ووضعت يدي على فمه أرجوه ألاّ يقولها.
أسأل نفسي دوما:"أين كانت كرامتي في تلك اللحظة؟"
طلبت منه باكية أن يرسل لي ورقة الطلاق وألاّ يقولها في وجهي.
هل يشعر الرجال بهذا الألم الذي يشطر الروح عند الإنفصال؟
خمس سنوات وبضعت أشهر,ولم أره قط أرسلت لأخته التي كانت أعز صديقاتي رسالة أخبرها عن حملي آملة ان يتراجع نديم.
كم كنت غبية وذليلة حينها . هل كان يستحق أن أفقد الوعي عندما وصلتني ورقة الطلاق.
كم كانت صفعة أختي لي مِؤلمة عندما رجوتها أن تطلب من نديم حضور ميلاد صغيرنا ولا صوتها الغاضب وهي تزجرني.
شعرت بأنني أتعافى تدريجيا وأن الحياة من دونه ليست جحيما فقد عشت سبع عشر عاما قبل ان أعرفه .
لكن شيء في داخلي ما زال يهفو إليه.
كيف سيبدو لي لو صادف وقابلته مرة ثانية في جنيف؟
كيف يمكنه أن يتجاهل وجودي طوال تلك الفترة؟ ترى هل كانت أمّر في خاطره وترتسم على شفتيه تلك الإبتسامة التي طالما سحرتني
قائلا بصوت حالم:
" ! "كم أشتاقها؟
صحوت على صوت المضيفة تهنئ الركاب على سلامة الوصول وهي تذكر تفاصيل عن جنيف , درجة الحرارة والتوقيت المحلي وسوى ذلك.
أخدتني دوامة العمل شغلتني عن ذكرياتي لحسن الحظ لمدة اربعة أيام فقررت إستغلال ما تبقى من الأسبوع في التجوال والإستجمام,
وأطلت فكرة زيارة عائلة نديم بإلحاح عجيب فقررت عدم تفويت الفرصة على الاقل
أشبع فضولي وأعرف ما حصل له خلال خمس سنوات.
ضغطت على الجرس بيد مرتجفة وقلب واله, ماذا لو فتح هو الباب,سوف يسخرمني بصمت وسيملأه الشعور بالغرور.
آلمني ما تصورته فقررت الهرب قبل أن يفتح الباب ,لكن شوقي رفض ,سأهان لكنني .....
فوجئت بوجه رجل غريب نظر إلي بإستغراب فسألته عن ندى,شقيقة نديم ,فقدم لي نفسه بأنه زوجها ودعاني للدخول.
كانت ثمة جموع غفيرة في الصالون ,فتشت عن وجه مألوف دون جدوى,سمعت صوتا باكيا يهتف بإسمي فإلتفت بلهفة لأعانق ندى سألتها عن سبب بكائها والتعب البادي عليها , فأجابت بخفوت:
"نديم يضيع منا يا أختي لقد تعب جسده ولم يعد يستجيب للادوية"
- " ماذا تقولين ؟ماذا حصل له؟"
- " تعالي قد يسمعده الآن أن يراك أخيرا"
تبعتها في وجل وجسدي يرتعش لا إراديا ,وعندما تقابلت عينانا ,مد لي يده بضعف وهو يقول بخفوت:
"هل بدأت أهلوس يا ندى؟أرى سلمى أمامي. إنها تبكي .إنها تبكي .هل بدأت في الهلوسة؟ عندما أموت قولي لها الحقيقة وأطلبي منها أن تصفح عني"
شعرت بدوار خفيف فتشبتت بها ,جذبتني نحوها برفق وهمست :
"نديم .إنها حقيقة .أنت لاترى الأطياف "
أقتربت منه وحاولت أن أتمالك نفسي وهمست بإسمه بكل حناني وحنيني,وقبل أن المس يده الممدودة نحوي فقدت سيطرتي على أعصابي
وأغمي علي .
! بعد كل تلك المدة أراه على فراش الموت؟
كان هذا فوق تصوري وإحتمالي .
وعندما أفقت كان الجميع في حالة ذهول ومجتمعين حول ندى وأمها .
حتى في لحظة كهذه بقيت على الهامش .الجميع يعزي أمه وأخته ولا أحد شعر بوجودي.
تسللت الى غرفة الميت لأخلو معه وأبكي وحدي قربه.,لكني بمجرد ما أزحت الغطاء عن وجهه
فقدت شجاعتي فهربت من البيت لاتجه مباشرة
الى الفندق لحمل حقيبتي ثم أعود إلى الوطن ولن يعزيني شيء سوى أن أضم حازم إلي وأبكي وحدي.
منتدى ليلاس الثقافيرائعة سمية عبد القادر شيخ محمود من "الصومال " تحيتي لك غاليتي على الابداع المرهف دمت كاتبة متألقة:
|