المنتدى :
المنتدى الاسلامي
تأملات في معاني آيات الحج ( 2 )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين [آل عمران:97]} "هذا من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب، وإنما ذكر الله
سبحانه الحج بأبلغ ألفاظ الوجوب؛ تأكيدا لحقه، وتعظيما لحرمته، وتقوية
لفرضه"[ابن العربي]
"ركزت آيات الحج في سورة [البقرة] على إظهار كمال الشريعة بتضمنها للتخفيف
والتيسير, وإبطال ما أحدثه المشركون وأهل الكتاب في الحج من تحريف وتغيير بعد
ملة إبراهيم عليه السلام، بينما ركزت سورة الحج على مقاصد الحج الكبرى بربطه
بالتوحيد، وتأكيد الإخلاص، وتعظيم الشعائر والحرمات" [د.محمد الربيعة]
{يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ [الحج:27]} "في تقديم ذكر الرجال على الركبان
فائدة جليلة وهي أن الله تعالى شرط في الحج الاستطاعة, ولا بد من السفر إليه لغالب
الناس, فذكر نوعي الحجاج لقطع توهم من يظن أنه لا يجب إلا على راكب, فقدم
الرجال اهتماما بهذا المعنى وتأكيدا، أو أن هذا التقديم جبرا لهم لأن نفوس الركبان
تزدريهم" [ابن القيم]
"هذا يوم صلة الواصلين: { أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } ويوم
قطيعة القاطعين: { أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } ويوم إقالة عثر النادمين
وقبول توبة التائبين: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا } ويوم وفد الوافدين:{ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً }" [الرازي]
في مثل هذا اليوم نزل قوله تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة:3]} "وهذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة
حيث أكمل لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم؛ ولهذا
جعله الله خاتم الأنبياء، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما
شرعه" [ابن كثير]
في قوله تعالى: { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ } - أي: بعد التحلل من النسك - {فاذكروا الله
[البقرة:200]} قال عطاء: هو كقول الصبي: "أبه، أمه" أي: فكما يلهج الصبي بذكر
أبيه وأمه، فكذلك أنتم، فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك.)
"{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } ولم يقل: فصل لنا؛ لما في لفظ الرب من الإِيماء إلى
استحقاقه العبادة لأجل ربوبيته فضلا عن فرط إنعامه" [ابن عاشور]
"ورد في آيات الحج من العناية بأمر القلوب ما لم يرد في أي ركن من أركان
الإسلام؛ لما في أعمال الحج من مظاهر قد تصرف عن مقاصده العظيمة إلى
ضدها، تأمل: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } فتعاهد قلبك
حين أداء نسكك" [أ.د.ناصر العمر]
{ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [الحج:32]} "أضاف التقوى إلى
القلوب؛ لأن حقيقة التقوى في القلب؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام - كما في
الصحيح -: (التَّقْوَى هَاهُنَا،) ثلاثا، وأشار إلى صدره"[ القرطبي]
|