كان من المذهل ان تعيد النظر الى حياتها لتكتشف انها لم تكن مكتفية كإمرأة في معظم حياتها.
من المضحك ان تصل لهذا الإستنتاج الآن ,وهي في قمة شهرتها ,لكن لا يمكنها القول بإن ما فعلته كان خطأ, لقد فعلت ما فعله جاريد تماماً, لقد كانت بحاجة للوصول الى القمة ,ان ترى أحلامها تتحقق, قبل ان تلتفت لنفسها كإمرأة.
فجأة نظرت إلبه ,لقد أرادت ان تنجب أطفاله بشدة لدرجة انها إستطاعت ان تشعر بإستعدادها لذلك, والشيء المصحك هو انها لم تعد ترى الحمل كمفسد لصورتها كنجمة سينمائية او كشيء يجب عليها تاجيله,بل بدا لها امراً طبيعياً جداً واكثر شيء طبيعي في العالم.
لأول مرة في حياتها احست بأنها جزء من الطبيعة ,مع تلك العصافير التي تغرد في صباح كالفيرونيا الحار, وصوت الحشرات الناعم في الشجيرات الخضراء,وتموج أشجار النخيل الشامخة نحو السماء الشديدة الزرقة.
لو لم يكن جاريد يحبها بصدق ,ولو تخلت عن دورها في النمرة مقابل لا شيء, فإنها ستخسر جمال هذه اللحظة المشعة الى الآبد, لكن طموحها وإحتياجاتها العاطفية يسببان لها صراعاً عميقاً في حياتها منذ وقت طويل.
قال سايمون
_"أصبحت الساعة الحادية عشرة."
إستدارت نحوه متوترة مما ستفعله
_"أوه."
منتدى ليلاس
نظر سايمون الى ساعة يده
_"من الافضل ان تسرعي, فمايك كامارا لا يعجبه ان يبقى منتظراً."
وقفت كريستي ورفعت رأسها بكبرياء, ثم سارت عبر التراس الى المنزل الكبير.
راقب جاريد كل حركة من حركاتها بينما كان لا يزال يتحدث مع تلك النجمة الشابة, لكن عينيه كانتا تتعقبان كل خطوة من خطوات كريستي , وأحست ان جسدها يحترق من نظراته.
كانت تفكر في نفسها, هناك الكثير من الرجال امامك ايتها النجمة الصاعدة, لكن هنا رجل واحد لي, فأبعدي يديكِ عنه.
قادتها روزيتا الى مكتب مايك, بعد ثوان, كانت تقف امام الباب الخشبي , وتستجمع كل شجاعتها ومهاراتها بينما كانت تقرع الباب.
قال مايك
_"ادخل."
كان جالساً خلف مكتبه في تلك الغرفة المصنوعة من خشب البلوط والسيجار مثبت بين اسنانه.
قال
_"تفضلي بالجلوس كريستي, وأخبريني ما الذي يجول في فكرك؟"
أغلقت الباب ونزعت نظارتها الشمسية , وتمايلت نحو الكرسي المواجه للمكتب وجلست, أخبرته بالحقيقة.
إستمع اليها ويديه خلف رأسه ,عندما انتهت قال
_"لقد فهمت, وانتِ لا تريدين ان تخبريني بالتحديد ما الذي جعلك تتخذين هذا القرار؟"
_"كما قلت لك, انه قرار إتخذته لأسباب شخصية."
قال ببساطة
_"لأنكِ مغرمة بجاريد يوشانان."
أحست بوجهها يتورد
_"نعم."
تكلم ببطء
_" لكن اذا كنتما على علاقة فيما مضى فلماذا يستحيل عليكِ العمل معه؟ لا يمكنك ان تقولي إنكما تكرهان بعضكما البعض ,لقد أمضيت معظم وقتك مع جاريد منذ ان جئت الى هنا, ورأيتك الليلة الماضية حين اتيتِ والرمال تغطي فستانك كله."
احمر وجهها اكثر.
إبتسم مايك ولمعت زرقة عينيه
_"لا تقلقي ,لن اقول لحد انكِ كنتِ مع جاريد على الشاطئ."
قالت بتثاقل
_" لا, نحن نتشاجر كثيراً مايك, ستكون علاقة العمل بيننا متعبة, هذا اذا نجحت اصلاً."
ضاقت عيناه
_"انتش تعنين انكِ لا زلتِ مغرمة به؟"
ان فظاظة كلماته جعلت وجهها يحترق, لكنها لم تستطع ان تجيب, فأخفضت رموشها لتخفي الرغبة في عينيها, لا بد وان مايك سيخبر جاريد دون شك عن هذه المحادثة, فأي شيء قيل هنا يمكن ان يقال في حضوره.
تكلم مايك مع إبتسامة
_" حسنا, هذا جيد , يمكننا العمل على هذا."
نظرت اليه بغضب
_"مايك.....انا اعني ما أقول, انا لا ارغب في العمل في هذا الفيلم مع جاريد يوشانان."
_"أوه, لا تقلقي, انا اتقبل قرارك كقرار نهائي, ولن أحاربك مهنيا, انا اعلم انك لطالما فعلت ما بوسعك لأجل كالامار ,كما اعلم ان الفيلم الجيد والأختيار الصحيح سيجعل منك نجمة ذات اجر عال, لكن..... انا لا زلت اريدك ان تمثلي في الفيلم, وسأبقى على قراري حتى حين عودتنا جميعا الى بيفرلي هيلز, فسأقبل بقرارك وسأجد ممثلة اخرى للدور."
حدقت إليه بدهشة, فهي غير قادرة على تصديق تفهمه وكرمه المبالغ معها,
_"شكرا لك مايك."
أجاب بإبتسامة كسولة
_"لا تخبري احدا عزيزتي, فقط فكري بالأمر حتى مساء غد, أوه.... وحاولي إصلاح علاقتك بجاريد , يمكنك ان تأخذيه الى الشاطئ ثانية هذه الليلة."
إحمر وجهها ثانية فنظرت بعيداً وقالت
_" سأفكر بالفيلم,مايك, لكن اريدك ان تتذكر بأن الموضوع الآخر نسيته واحد بالآلف"
حين غادرت المكتب احست بالضعف حين كانت تمشي في الممر الرخامي ,في طريق عودتها الى القاعة الرئيسية ,لقد كان اصعب قرار لها في حياتها المهنية ,لكن من حسن حظها انها وجدت مايك كامارا مديرا متفهما ,لكنها لم تكن لتخبره بما طلبه جاريد منها, ومما قاله جاريد لها هذا الصباح فإنه لن يقوله له هو ايضا.
كانت الردهة الرخامية الباردة مليئة بضوء الشمس ما ينبئ بيوم حار في الخارج,كانت الثريات تتأرجح مع النسمات ,نظرت كريستي الى صورة جين هولو المبتسمة بإعجاب وامنت بأنها ذات يوم سيكون لها لوحة زيتية كهؤلاء ,معلقة في كاسا كامارا ,أضاءت الإبتسامة عينيها ,ثم نظرت الى فيفيان لي الجميلة.
سمعت صوت جاريد من خلفها
_"هل تحلمين احلاما طموحة؟"
إستدارت بسرعة لتراه واقفا خلفها وقد جاء ضوء الشمس خلفه ليبرز قوته وجاذبيته,قال ببرود
_"لن تصلي الى هناك ابدا لو انك رفضت تمثيل دور البطولة في النمرة."
رفعت رأسها
_"أوه, نعم سأفعل هذا جاريد, يمكنك ان تنتظر وترى."
إستدارت وصعدت على الدرج ,لكنها ادركت ان جاريد في طريقه ليرى مايك كامارا وبالتأكيد سيكتشف الحقيقة.
دخلت غرفتها وأغلقت الباب , فجأة لم يعد بوسعها الإنتظار , كانتنبضاتها تتسارع لمجرد التفكير في مستقبلها, يا له من قرار, يا له من يوم مصيري, لقد قال لها مايك كامارا انه سيستمر في عرض الأفلام عليها, لكن الحقيقة هي ان دورا مثل النمرة لا يمكن ان يأتي كل يوم ولا يهم ما قاله الآن, إن سايمون لن يبقى وكيل أعمالها وستنهار صداقتها في هوليوود بإنهيار سمعتها ,أوه....... والمال, انها على المحك.
وبالنسبة لجاريد ......أغلقت عينيها بخوف حين فكرت في ردة فعله عندما يعلم انها رفضت الدور ,ألم يبق بعيدا عنها كل هذا الوقت؟ لقد كان بإمكانه الإتصال بها في اي وقت خلال الثلاث سنوات الماضية,ربما رغبته بها الآن هي مجرد رغبة جسدية ممزوجة مع رغبته في النجمة المشهورة.
عاد اليها الآلم مجددا,جاريد قد لا يكون الفارس الذي علقت امالها عليه, قد يكون نذلا وحقيرا, قد يكون عشيق نيسا, ربما هو يغري تلك النجمة الشابة دون ان يعرف احد. ربما هو يستخدم علاقته الماضية مع كريستي كي يتسلى قليلا, وفي النهاية, قد يكون الشخص الغير مناسب لها على الإطلاق.
فجأة سمعت احدهم يقرع على الباب , ذعرت ثم وقفت تستمع الى دقات قلبها لثانية قبل ان تنادي
_"ادخل."