كاتب الموضوع :
احلام جوليا
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل الخامس والعشرون
غريبان تحت سقف واحد
إستطاعت جيهان أن تنتهي من أعمالها اليومية في وقت قياسي رغم ما قابلها من صعوبات كاقناع اسماعيل المزارع الكسول بوجوب تنقيه أوراق الليمون من الآفه الظاهرة عليه وعرفت انه لم يكن امينا معها حين اخبرها باعتنائه بالزرع وعهدت لمحمدين بأن يقوم بالاتصال بالمهندس الزراعي المتابع للارض للتأكد من كمية المبيدات العلاجية التي ستستخدمها مع المحصول لتجنب تفشى المرض في المحصول .
متزعليش نفسك يا بنتي كل شي بينحل انا بروح اجيب الباشمهندس وبقعد معاه لحد ما نرش الزرعة وباخد بالي من مواعيد العلاج لحد ما المحصول يتجمع متقلقيش
متشكرة قوي يا عم محمدين انا مش عارفة من غيرك كنت اعمل ايه ارجوك متسيبش الموضوع لاسماعيل والا خسرنا المحصول
ضحك عم محمدين وظهرت غمازة على جانب خده المحفور بعدد سنوات عمره
لا متخافيش وانا لي مين غيركم انت وسي شريف الله يرحمه زي ولادي بالضبط
انتبهت جيهان لكلمات محمدين ولاول مرة تنتبه لما نسيته طوال الفترة الماضية انشغلت بنفسها وبمشاعرها وبشريف ونسيت تماما انها ليست الوحيدة التي بامكانها التعرف على شريف فمحمدين اقدم عمال المزرعة الوحيد القادر على معرفه شريف كما تعرفه هي فمحمدين الفلاح العجوز كان يعمل مع ابو شريف في قريته وقد اتي للمزرعة معه عندما انتقلا للمعيشة بها وهو الوحيد المتبقي من عمال المزرعة الذين بقوا بالمزرعة مع جيهان بعد الحادث الذي تعرض له ففور حدوث الحادث وبعد عودتها من المستشفى قامت حرب شعواء بينها وبين حماتها التي لم تتقبل وجودها على وجه الارض بعد وفاه ابنها وارادت السيطرة على الامور في المزرعة وعلى حياة جيهان والخلافات بينهم وصلت لاوجها عندما امسكت جيهان بمقاليد الامور مما دفع المرأة المكلومة على ابنها الى تحريض العمال ضدها ونجحت ما بين تحريض وطرد العمال على افساد الامور في المزرعة مما اضطر جيهان للحصول على عمال جدد في المزرعة الوحيد الذي لم يتخلى عنها هو محمدين وقف بجانب جيهان ورفض التخلي عنها وجاء بعائلته كلها لتقيم معه في المزرعة بعد ان كان قد تركهم في قريته وساعد جيهان لتقيم الامور من جديد وجيهان بالمقابل كانت تحترمه وتقدره وتقدر زوجته حميده وتركت له كثير من الامور بحكم خبرته وهو ابدا لم يتجاوز حدوده ولكن الان ماذا سيحدث اذا رأى شريف هل سيعرفه وكيف تمنع حدوث هذا ؟
وتوالت افكارها عن حميدة فلا تظن بانها قد تعرف شريف بالرغم من انها رات شريف في طفولته ومراهقته الا ان شريف كان انتقل في شبابه للمدينة للدراسة والعمل وكان يتردد على قريته ولكن هذا لم يكن يسمح له بالتزاور مع اهل القرية ولا يسمح لهم هذا الوضع بمعرفته بشكل وثيق فلا خوف من حميده إذن ولكن الخوف كل الخوف من محمدين ؟ فقد اقام في المزرعة معهم لعدة سنوات قبل الحادث وبعده ويعرف صاحب البيت جيداً ؟
يا بنتي يا بنتي
هه!!!!!! اه ............عم محمدين سامحني كنت بفكر
بقول لك يا بنتي انا اعرف واحد ينفع يشتغل في الاسطبل في بلد هنا جنبنا تحبي اجيبه لك
لالالا خلاص مشكلة الاسطبل اتحلت انا لقيت عامل للاسطبل
لقيتيه فين ده يا بنتي لازم نعرفه كويس لا يطلع زي الي قبله
لا ابدا خالد اخويا هو الي بعته
اه خلاص يا بنتي على خيره الله طالما سي خالد هو الي بعته يبقى مضمون باذن الله
ارتاحت جيهان لاسكات محمدين وان ساورتها الشكوك حوله هل سيحاول رؤية عامل الاسطبل الجديد تعرف كيف يفكر وكيف يحاول حمايتها وابنائها والاطمئنان عليهم فهل بعد ان افهمته ان العامل الجديد من طرف اخيها سيظل يمارس دوره في الحماية ومحاولة رؤية العامل الجديد اذا فعل فسينكشف كل شئ ولكن كيف تحول دون ذلك ؟
كانت رأس جيهان تعج بالافكار حتى ألمتها وقررت انها تحتاج ان تنهي اعمالها اليومية قبل ان تستغرق في الافكار ثانيا وتحاول ان تفكر فيما تنوي فعله
توجهت جيهان إلى بيت المزرعة بعد ان تركت عم محمدين واسماعيل في الارض وهي تفكر في شريف ترى هل انتهى من عمله في الاسطبل ام لا فكرت ان تمر عليه ثم تراجعت فعليها ان تتركه يندمج قليلا في عمله والا تضطارده حتى لا يشعر بسأم منها ويبدأ الطير في محاولة الهرب هي تعلم شريف جيدا وتعلم ان اكثر ما جذبه اليها هو انها لم تحاول ان تقيده ابدا ولم تحاول ابدا تضغط عليه كانت كالفراشة تقترب من قلبه برقة وتطير بعيدا عنه مما حدا به للحاق بها ومطاردتها كان دائما الصياد وقد احبته وارادت ان تقع في شباكه والان عليها ان تعيد القصه مرة اخرى وان كانت هي من تطارده فانها يجب الا تشعره بذلك والا لن يلحق بها الصياد ابدا
إنتهى شريف من الأعمال الروتينية للاسطبل ووقف ينظر ناحية ساحة الخيل كان يتأمل في هدوء المكان الا من صوت حوافر الخيل وشعر بالراحة حتى انه بدا يستنشق الهواء من حوله وهو يستمتع به بكل احساسه وجوارحه عندما لمحها كانت تمر امامه باتجاه بيت المزرعة وتبدو غارقة في افكارها انزلت راسها لاسفل دليل على انخراطها في التفكير فتدلت خصلات شقراء على وجهها ذو التقاسيم الناعمة وبشرتها الخاليه من الشوائب التي لم يرى مثلها من قبل بدت له مثال للبراءه والطهر بوجهها الخالي من الالوان والماكياج جعلته نظرته اليها يبتسم وقرر اللحاق بها ليتحدث اليها بشأن عمله الذي تحدد كمصير محتوم سارع خطاه وباقل مجهود لحق بها وعندما اقترب منها بدا انها شعرت به فتوقفت فجاة وبدا اللون الاحمر يتسرب لبشرتها الناعمة
سلامو عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مجتيش تشوفي الاسطبل وتطمني على الشغل
انا ....كنت مشغولة واكيد انت قمت بالواجب وبعدين حشوفه بعد الظهر المهم عجبك شغلك ولا تعبت
انا في الحقيقة اكتشفت عن نفسي اني بستمتع بالعمل مع الخيل
جميل جدا يبقى باذن الله حتستمر معنا
اذا كان عرضك لسه قائم
طبعا قائم انا في الحقيقة اعتبرت اننا اتفقنا خلاص وان كان على الراتب...........
مش حنختلف
طيب دلوقت تتفضل معي اكيد جعت ويارب اكلنا يعجبك
اكيد حيعجبني بس يا ترى كل عمال المزرعة بيتغدوا جوا بيت المزرعة
كلمات شريف جعلت الدنيا تدور براس جيهان فبالفعل هي لم تفكر في تبرير الموقف لشريف
وردت عليه بما خطر ببالها وبثقة مصطنعة : انت مش زي اي عامل هنا
تعجب شريف للرد الجرئ وتسائل : تقصدي ايه ؟
انت ...... الوحيد من العمال الي ملكش عيله جوا المزرعة ولا سكن مستقل وبالتالي الاسهل لك ولنا انك تتغدى معنا فكل العمال هنا عائلات تعيش في بيوت صغيرة على اطراف المزرعة علشان الزرع والفلاحة لكن انت مش فلاح وملكش عائلة تعيش معها مثلهم ده غير ان الاسطبل بجانب البيت لكن لو تحب تغير الترتيب مفيش مانع المهم يكون عملي
لا ابدا متفرقش اكيد حستفيد من الصحبة ومن الاكل البيتي اللذيذ
ضحكت جيهان ضحكة رقيقة وغطت فمها بكف يدها وفكرت هكذا هو شريف الذي احبته يهتم دائما بجوده الشئ وخاصه فيما يخص الطعام
دخلت جيهان ويليها شريف لصحن البيت وتتعالى اصوات ضحكاتهم وسط نظرات جمانة التي جلست ترعى اختها الصغيرة وتنظر بنظرة عدائية ناحية ابويها
غاضبة من ابتسامة امها للغريب وغاضبة من الشبه بين الغريب واباها وغاضبه اكثر لعدم وجود اباها في هذا المكان بدلا منه
توجهت جمانة ناحية امها موجهه كلماتها لها وحدها
ماما كنت فين
ايه يا جمانة انت عارفة بشوف الزرعه
انا جعت
خلاص يا حبيبتي حجهز لك الغدا حالا
نظرت جمانة لاباها بعدائية ظاهرة وتوجهت نحو سلم البيت الى غرفتها دون ان توجه كلمه لشريف الذي رفع كف يده ليحك مؤخرة راسه تعبيرا عن الحرج الذي شعر به
استدارت جيهان نحو شريف وقالت عن اذنك وبعيناها اعتذار عن تصرف ابنتها وتوجهت خلف جمانة فدخلت لغرفة الطفلة التي جلست على فراشها تحضن دب صغير رمادي اللون بدا قديما جدا وكثير الاتساخ فانقبض قلب جيهان التي تعلم ان ابنتها لم تلجأ الى لعبتها القديمة الا عندما تكون على وشك الغضب الشديد فتلك اللعبة دمية قديمة لدى جمانة اهداها اياها شريف في عيد ميلادها الثاني وفي كثير من الوقت كانت جيهان ترى ان ابنتها تستعيض عن غياب والدها بلعبته نظرت جيهان للعبة ولجمانة واقتربت لتجلس بطرف الفراش واصرت جمانة على النظر للعبتها دون رفع راسها نحو والدتها التي مدت اصبعين اسفل ذقنها لترفع لها وجه ابنتها وتحدثها
جمانة مالك يا حبيبتي انا مبشوفيكش خالص تيجي وتقعدي معنا
لانك مشغولة عننا
رد جمانة اثار استغراب جيهان
مشغولة انا مش ممكن انشغل عنكم ابدا انا هنا وعلى طول معكم
بجد معنا يا ماما انا مش شايفة كده
تقصدي ايه يا جمانة
الراجل ده ليه لسه موجود هنا ليه ممشيش
ده حيشتغل هنا يا جمانة
يعني حيقعد هنا على طول
عضت جيهان على شفتها السفلى وقالت جمانة ما في عمال كتير في المزرعة
مضبوط بس محدش فيهم عايش جوا البيت معنا
ده علشان يبقى قريب من الاسطبل
يا سلام طب ليه مسكنش في الاوضه الي كان ساكن فيها خليل
علشان جي من طرف خالو خالد
وايه الفرق
جمانة مالك عمرك ما حاسبتيني بالطريقة دي قبل كده
وانت عمرك ما اهتميتي بحد غيرنا بالشكل ده
جمانة كفاية قوي كده يظهر ان دلعي فيك خلاك تتجاوزي حدود الكلام معي
سكتت جمانة وعيناها تخرج شرارات عناد طفلة على اعتاب المراهقة وتسال مئة سؤالها اصعبها هو من هو هذا الرجل ؟؟؟
خرجت جيهان من غرفة ابنتها متوجه نحو السلم محاولة تجنب بقية الحوار الشائك مع ابنتها بينما بكت جمانة بعد خروج والدتها واحتضنت دبها ولاول مرة منذ الحادث وهي تشعر انها بعيدة كل البعد عن امها وانها تحتاج لوجود اباها الغائب الحاضر
توجهت جيهان نحو الاسطبل الذي غادره شريف الى البيت واسرجت فرستها المفضله وقررت انها تحتاج لبعض التريض بعيدا عن البيت كانت تجري بحصانها داخل اسوار الاسطبل المخصصة للتدريب فلم يرضيها هذا فقامت بالخروج خارجها وتوجهت نحو الاراضي الشاسعة للمزرعة علها تهدأ وتستطيع ان تحسن من مزاجها وتفكيرها
شريف توجه بعد حواره مع جيهان نحو غرفته وقام بالاستحمام على الفور لاستعاده نشاطه والانتعاش وجه وجهه نحو مرش المياه اعلى راسه وترك الماء يتتدافع على وجهه وصار يحرك وجهه يمينا ويسار ويتطاير شعره الاسود ناشرا المياه بدا كطفل صغير يعبث تحت المياه ضحك شريف لتصرفه الطفولي وشعر لاول مرة منذ خروجه من المستشفى بالراحة والامان شعر بالسعاده سعادة لا يعرف لها سبباً
جيهان ظلت تلف بفرستها وتنظر من فوق ظهر الحصان للمزارع حولها وللساقيه وتفكر في شريف وابنتها جمانة هل من العدل ان تظل الطفلة على هذه الحالة لقد تناست اولادها لا لم تتناساهم - كانت تفكر- فما تفعله كله لاجلهم تستعيد شريف لاجلهم ام انها تستعيده فقط لنفسها ماذا عليها ان تفعل هل تواجهه ؟؟؟ مستحيل لن تفسد الامر الان ماذا اذا هل تنقله لحجرة الاسطبل الخاصه بالسائس ؟؟؟؟؟؟؟ لن يهون عليها شريف ؟ فماذا تفعل الان ربما يجب ان تبتعد عنه بعض الشئ؟ ثم ماذا تخسر فرصتها في جذبه من الهوة السحيقة التي سقط بها ؟
ضجت راسها بالافكار فرفعت راسها وحركتها يمينا ويسارا محركه شعرها الاشقر الناعم يمينا ويسارا وكانها تطرد الافكار المقيته من عقلها عادت جيهان بفرستها نحو المزرعة وادخلت فرسها للاسطبل ومرت بجانب شرفه غرفة شريف لتجد لتجدها مفتوحه تتطاير ستائرها نحو الخارج الشرفة الارضيه الفارغة اغرتها لتقف بالقرب منها وتدخل اليها لتنظر داخل الغرفة الفارغة لعيناها دلفت جيهان للغرفة ظنا منها بان شريف غير موجود وتساءلت اين يمكن ان يكون الان كانت تعبث بفرشاه شريف تحاول ان تفكك من خصل الشعر العالقة بها عندما سمعت باب الحمام يفتح خلفها استدارت جيهان متفاجئة داسه بيدها خصلة من شعر شريف تاركه الفرشاه على المرآة الموجودة لتفاجأ بشريف يخرج من الحمام ملتفاً نصفه الاسفل ببشكير كبير وبكلتا يداه يمسك بفوطه صغيرة ويغطي وجهه محاولا تجفيف شعره الاسود الناعم بضربات قوية من يديه شهقت جيهان من الصدمة فرفع شريف وجهه لعيناها مصدوماً من وجودها في غرفته
شعرت جيهان بمدى حماقتها لدخول غرفته من الشرفة ولم تجد سببا تقوله لشريف يبدو سببا مقنعا لتصرفها الطائش فاشارت نحو الشرفة بحماقة وابتسمت ببراءه رافعه كتفيها لاعلى واسفل
عينا شريف اقل ما يقال عنها انها اشتعلت ببريق لامع وضحك لحركتها تلك وفهم انها دخلت من الشرفة فابتسم ابتسامة اضاءت وجهه الجميل
التمعت عينا جيهان واحمر خديها وبدت مشرقه اكثر من خجلة فهي ليست اول مرة ترى شريف على هذا الشكل ولكنه لايعلم وهي بدت كطفلة متسللة لا تجد وسيلة للدفاع عن نفسها سوى الصراحة
ابتسم شريف قائلاً : ايه اتقفل الباب عليك مرة تانية وكنت بتدوري على مكان تدخلي منه
ابتسمت جيهان بخجل متذكره الموقف السابق بينهم وقالت : لا بصراحة فضول لقيت الستاير بتتحرك ومحدش في الغرفة استغربت ودخلت اشوف في ايه
اممممممممممممممم الفضول محدش قال لك الفضول عمل ايه في القطة
انا مش قطة
صح انت نمرة
ضحكت جيهان ضحكة عاليه لكلمات شريف متناسية سخافة الموقف وانتبهت لان شريف قد اقترب منها كثيرا اثناء ضحكها واضعا يداه في خصره ورافعا احدى حاجبيه باسلوب ساخر ومفتر ثغرة عن ابتسامة حلوة قائلا: هه وبعدين يا متسلله
ضحكت جيهان ومدت يدها باندفاع نحو ذقنه الحليقة وابتسمت حلقت ذقنك
ضاق شريف من نظره عيناه ورفع يدها من على خده هازاً راسه وناظراً لعمق عيناها العسليتان
اسودت عينا شريف وانتبهت جيهان لاندفاعها فاصيبت بالتوتر فحاولت ان تداري سخافتها بالابتسام وسحبت يدها وقالت : اسفة حنستناك على الغدا بعد نص ساعة من دلوقت
وتحركت جيهان نحو باب الحجرة لتدير مقبض الباب
شريف لم يريدها ان تغادر ولم يريد ايضا ان يبقيها في غرفته فهو بشكل او باخر صار يحترمها ويقدرها ولا يريد ان يسئ اليها باي صورة ان كانت ولكنه اراد فقط ان يطيل من بقاءها ليختم حوارهم وهم اصدقاء
جيهان
نعم ،،،،
ابقى ابعتي لي فوطه اطول من دي شوية
ههههههههههههه استدارت جيهان نحو الباب واسرعت في الخروج من الغرفة وهي تبتسم لفكاهه شريف
|