كاتب الموضوع :
احلام جوليا
المنتدى :
القصص المكتمله
همسات في الذاكرة
الفصل الثامن عشر:
حاولت جيهان سحب الجواد العنيد من رسنه لتحركه خارج الاسطبل ولكنه للمرة الثانية في هذا اليوم يرفع راسه ويصهل رافضا الانصياع ليديها ونظرا لضعفها وقله تغذيتها في الفترة الاخيرة فقد جعلها هذا واهنة القوى غير قادرة على سحبه وقد شعر الجواد الذكي بضعف فارسته وعدم قدرتها على السيطرة على قوته مما جعله اكثر عنادا معها
في تلك اللحظة اندفع ابنها الصغير داخل الاسطبل صارخا ماما
صوته العالي وارهاق جيهان كان السبب في شدها للجام الجواد بشكل ازعج الجواد مما دفعه للقفز عاليا تراجعت جيهان للخلف لتسقط على كومة التبن الموضوعه بالاسطبل واندفع الجواد باتجاه الصبي الصغير عندما تبع شريف الصبي الصغير الى الاسطبل فوجئ بالجواد المندفع وتصرف بالفطرة باسرع ما يكون دفع الصبي من امامه ليسقط جانبا وقفز ممسكا بلجام الجواد المزمجر محاولاً السيطرة عليه وبقوته وشده اللجام شعر الجواد المتمرد بقوه خصمه وقدرته على السيطرة على الموقف حتى بدا يلين تحت يداه وهدأ في يد صاحبه وكأن يداه القويتان وصراع القوى ما بينه وبين الجواد قد اعلم الحيوان ايهما هو المسيطر هنا
استطاع شريف السيطرة على الحيوان الهائج وبعزم انزل ساقيه للارض وبدأ يربت على وجهه الجواد وكأنه يلاطفه ويكافئه على طاعته ومد يداه بشكل غريزي لجيب بنطاله وكأنه يبحث عن شئ لا يدركه بعقله الواعي حتى هو تعجب ورفع عيناه
ليجد جيهان تنظر اليه بانبهار وبعيناها نظره لم يستطع ان يحددها بينما الصغير قام ينفض ملابسه المتسخة جراء سقطته وينفض التبن من راسه ويتوجه لإناء صغير ليناوله قطعة من السكر اخذها منه واطعمها الحصان الذي صار الان هادئا ً وتبسم شريف في وجهه الصغير
-------------------
عندما افلتت جيهان اللجام من يدها واندفع الجواد للامام تجنبته بالقفز جانبا مما ادى لسقوطها على كومة من القش والتبن وفي تلك اللحظة رات الرعب بعيناها عندما وجدت الجواد يتجه نحو الصغير الخوف شل تفكيرها وعقد لسانها عن تحذيره ابتهل قلبها لطلب معجزة ترفع الصغير من امام الجواد الجامح فتجسدت لها المعجزة في صورة شريف الذي انقذ ابنه مما شل تفكيرها وظنت انها لوهلة تحلم ولا يمكن ان يكون شريف هنا بالمزرعة ينقذ حياه ابنهما في تلك اللحظة نظرت لشريف تخشى ان تتكلم فتفيق من حلمها على واقع حياتهم بدونه
------------------
ابتسم شريف ناظرا للصغير ولجيهان بجرأة ولم يترك من يده رسن الجواد ولكنه اقترب عده خطوات من مكان سقوط جيهان على الارض ومد لها يده ليساعدها على الوقوف
افاقت جيهان من شرودها ومدت له يدها لترتعش بين يداه وكانه جاء من عالم اخر غير واقعها يداها الباردتان سقطت في حضن يداه الدافئة كانت ضآلة حجمها وصغر يداها الانثوية لها اكبر التأثير في شريف فبمجرد ان احتوتها يداه شعر بنغزة عميقة داخل قلبه بدت له مرهقة واكثر نحافة مما راها اخر مرة وشعرها الناعم الطويل مرفوع باهمال ليبتعد عن كتفيها وظهرها وليعود ليتساقط مرة اخرى من الجوانب والمقدمة بشكل جذاب كشلال اشقر ناعم متمرد وغير مرتب الخصلات بدا شعرها اكثر اشقرارا مما كان عليه ربما بسبب جو المزرعة وتعرضها الدائم للشمس اما بشرتها فتشربت بلون ذهبي تحسدها عليه اجمل النساء ثغرها الصغير الضيق بدا مشدودا من التوتر وعيناها الواسعتان بدت حولهما هالات من الاسمرار الخفيف دليل ارهاقها وعذابها وقفت جيهان لتنسحب عينا شريف على قوامها بشكل لا ارادي لينظر لملابسها الخشنة فبنطالها الجينز الضيق الملتف حول جسدها باللون الازرق الفاتح والقميص الابيض المخطط المرفوع الاكمام رغم اتساعه الا انه انسدل ليلتصق بجسدها من حرارة الجو وقماشه الرقيق لم يخفي عن عينا شريف الدقيقتان خطوط جسدها الانثوي وتسائل كيف ترتدي امراة كاملة الانوثة كجيهان ملابس كهذه تجعلها ملفته للنظر بينما هنا في مزرعة ريفية قد يتواجد الكثير من العمال والرجال اراد ان يحتفظ بيدها اكبر وقت ممكن بين يداه ولكنه اضطر الى افلاتها عندما استقامت ونظرت اليه تبسم شريف في محاولة لكسر الصمت المخيم على المكان وتوجهة باهتمامه للجواد بيده وقال لجيهان :
مكنش المفروض انك تفتحي بوابة الجواد قبل ما تكوني قادرة على سحبه وتطويعه تسمحي
فهمت جيهان اشارته وابتعدت عن طريقه عندما اقترب من مكان حبس الجواد داخل اسطبل الخيل ادخل الجواد بسهولة وربت على مؤخرة الجواد ثم تقدم ليجلس على مكان مخصص لمن يعتني بالجواد اشبه بالكرسي الصغير ومد يده مرة اخرى ليربت على ساقي الجواد ثم رفع السائق تلي الاخرى حتى توقف للحظة ونظر جيدا ثم انزل الساق الاخيرة وتوجهه بالكلام الى جيهان
الحصان مسكين في حجر صغير في حدوته علشان كده مكنش عاوز يطلع من مكانه
نظرت جيهان لشريف وتنهدت
انها المرة الكم التي تنسى فيهما اهم قواعد العناية بالخيل الكشف على حدوة الحصان والنظر الى ظهر الخيل واسفل ذيله للتأكد من عدم اصابته بفطريات او حدوث اي مشكله تعوق حركته تعبها وسوء حالتها النفسية الى جانب ارهاقها بالعمل جعلها تنسى قواعد السلامة
نظرت اليه جيهان خجلة من نفسها كادت تتسبب بحماقتها بأذية ابنها او الاسوأ لولا مجيئ شريف ولكن لما جاء سؤال تردد بذهنها المشوش
خرج صوت جيهان همسا متحشرجا من حنجرتها : متشكرة قوي للاسف نسيت اهم قواعد الكشف على الحصان
ابتسم شريف وقال لها مفيش حاجة تقدري بها تخرجي الحجر بدل ما تحتاجي لحداد لفك الحدوه اشارت جيهان لمجموعة من الادوات امتدت يد شريف لملقط رفيع صغير وبهدوء استطاع استخراج الحجر وابتسم : يظهر من ضمن عدة اشياء بجيدها بجيد الاعتناء بالخيل وانا نفسي مكنتش اعرف
ابتسمت جيهان لا تدري كيف ترد يبدو انه مازال فاقداً لذاكرته وهي لا تعرف كيف تبدأ معه حواراً
انقذها الصغير بقوله ماما عمو بيقول انه اسمه يوسف على اسمي وجي من عند خالو
الكلمة ازعجت شريف بالفعل فحتى الان لم يكن يفكر بمن تكون ام الصبي والان اكتشف ان لجيهان عائلة ابن وبالتالي زوج لايعلم لماذا لم تعجبه تلك الفكرة
ماما! ده ابنك !!
اه طبعا يوسف ابني
هز شريف راسه متحيرا في الحقيقة انا جيت لك بطرد صغير من عند استاذ خالد وجواب وجبته بدل مصطفى لانه عنده ظروف منعته انه يجي
متشكرة قوي واسفة ان استقبالنا لك كان بالشكل ده
لا ابدا انا مبسوط اني كنت مفيد كفاية علشان اساعدكم
اتفضل معي تشرب حاجة
متشكر
تقدمته جيهان ممسكة بايدي الصغير وقلبها ينبض فرحا هاهو القدر قد جاء بشريف الى المزرعة كما تمنت
دخلت جيهان لبيت المزرعة الخشبي يليها شريف واشارت اليه بالجلوس على احدى الكنبات المريحة بالصالة وتقدمت هي لتذهب الى المطبخ لتعد له عصيره المفضل عصير التوت واثناء ذلك مدت يدها للتليفون المعلق بالمطبخ طلبت رقم تليفون اخاها خالد الشخصي
ليتناهى اليها صوته عبر الاثير
خالد شريف عندي ايه الحكاية
الوه ايوه يا جيهان شوفي يا حبيبتي انا ومصطفى اتفقنا على اننا نبعت لك شريف بحيلة والباقي عليك يا جيهان لازم تحتفظي به عندك اكبر قدر ممكن وجوده معك ومع الولاد حيساعده انه يفتكر دي فرصتك يا جيهان اوعي تضيعيها
ترقرقت دموع باعين جيهان الفرحة والشاعرة بحنان اخاها الغامر والذي يريد ان يساعدها
مش حضيعها يا خالد مش حضيعها
طيب اسمعيني كويس يا جيهان
---------------
جلس شريف على كنبة كبيرة ومريحة بالصالة الموجوده بصحن البيت ونظر حوله للستائر المشغولة الجميلة وابتسم بدا المكان مريحاً وناعماً اثر عيناه المشهد امامه من خلف الستارة المرفوعة من احد جوانبها فاقترب من النافذه ليكتشف وجود نافذه زجاجيه بعرض الحائط سيجت بحديد مشغول باشكال نباتيه حماية للبيت من محاولة الدخول عنوة وحافظت على المنظر الرائع للنافذه الزجاجية وابتسم للمنظر الخلفي للشرفة العريضه المطلة على ساحة الخيول وجزء من الارض المزروعة بالليمون والموالح امتدت يداه غريزيا ليفتح النافذه ويدلف اليها ليشتم رائحة الليمون المزروع ورائحة الحوامض الجميلة شعر بانه وللحظات اراد ان يحتضن المكان يا له من مكان
لاحظ شريف وجود ارجوحة من كنبة واحده تتسع لشخصين بجانب الشرفة كانت بشكل فاتن من قماش يشبة قماش الستائر وابتسم لتخيله لجيهان ترتاح عليها بتكاسل لتمد ساقا فوق الاخرى وللحظة تخيل يدا رجل تحيط بكتفيها فزوى ما بين حاجبية غضبا لا يعرف له كنها واراد ان يتوقف عند تلك النقطة فليس من حقه التفكير بها فالمرأه متزوجة ولديها طفل كذلك كيف لم تخطر تلك الفكرة براسه فامراه مثل جيهان جميلة وجذابه بالتأكيد يجب ان يكون لها زوج واطفال في سن مبكر
----------------
كانت جمانة في حجرتها تكمل ترتيب العابها بعد ان جمعتها فور انصراف اخاها يوسف عنها عندما استمعت لاصوات امها واخاها بصحن البيت ارادت ان تطمئن على امها فنزلت اليها لاول وهلة لم تنتبه جمانة للزائر الموجود بالشرفة ولا بالشرفة المفتوحة عندما دخل شريف في تلك اللحظة لداخل البيت نظرت اليه الطفله بانزعاج ظاهر وبصدمة باتت واضحة على ملامحها ثم هربت من امامه وصعدت سلالم الدار مرة اخرى
وقفت جمانة تلهث من الصدمة باحثه عن بخاخ التنفس خاصتها فازمة الربو تهدد بالظهور مرة اخرى وعثرت عليه بسرعة في مكانه لتستخدمه ثم تضعه بجيب ملابسها وهي تلهث ما الذي راته الان كانت تفكر من هذا الشبح
من ضمن اعجب الاشياء ان كل انسان لديه صندوق صغير بعقله مغلق على الذكريات يستدعي منه ما يحب ويتناسى البقية وكانت جمانة عندما حدث الحادث لاباها في سن الثامنة واعية كفاية لتعرف اباها وكانت كثيرة التعلق به وتعده صديقاً لها وعندما جاءت جدتها لامها واخبرتها بوفاه ابيها وبأن امها تعاني من انهيار عصبي كانت قاسية في تحميلها ذلك العبء على كتفي طفلة صغيرة مثلها افهمتها بوضوح بوجوب اخفاء كل اثر لابيها في البيت حتى لا تنهار امها ثانيا فتفقد الاثنين معا وساعدت جمانة جدتها في جمع كل صور اباها وملابسه في عدة صناديق ولكن جمانة التي احبت والدها احتفظت له بصورة واحده اخفتها عن جدتها واحتفظت بها بعيدا عن عينا والدتها اباها الوسيم لم يكن رجلا سهلا ان تنساه طفلته وهذا الرجل الملتحي ذو الشارب الصغير شبيها كثيرا بتلك الصورة ولو ان اباها لم يكن لديه لا لحية ولا شارب
توجهت جمانة لدولاب ملابسها لتخرج صندوقاً صغيراً للالعاب واخرجت من داخله دفتر مذكرات صغير من النوع الذي يمكن اغلاقه بالمفتاح وفتحته وامتدت يدها لتسحب صورة صغيرة لرجل اسمر يبتسم في وجه عدسات الكاميرا ويحمل على ساقيه طفله عامان
كانت الصورة قديمة وهي صورتها المفضلة مع ابيها فقد كان ابيها فرحا جدا في تلك الصورة وكانت اول مرة تنطق باسمه كاملا والتقطت لهم الصورة سوياً احتفظت بها لسنوات ذكرى جميلاً وتسألت جمانة عن الشبح بصالة البيت ترى هل هو اباها المنشود ام رجل يشبهه كثيراً
---------------------
عادت جيهان الى صالة البيت وتحمل معها عصير التوت وهي تفكر بكلمات خالد والحيلة التي حاكها معها على الهاتف لابقاء شريف وكيف تنفذها قدمت له العصير ونست انها حتى لم تسأله ان كان يحبه ام لا باعتبارها لا تعرف تلك المعلومة
-----------------------
امتدت يد شريف الى عصير التوت المفضل لديه وتناوله ليشرب منه مستمتعا بطعمه اللذيذ وامتدت يده لحقيبته ليخرج منها العلبه المغلفة من اخيها والخطاب الصغير معها كان الخطاب عبارة عن كارت كتب عليه خالد
الى جيهان
ارجو ان تعجبك هديتي واعتبريها هديه مبكرة فقريباً تحتفلي بمناسبتك كما يجب
خالد
ابتسمت جيهان وفهمت مغزى الرسالة فالهدية كانت شريف نفسه والمناسبة هي عيد زواجهم وتتمنى وقتها ان يتذكر شريف كل شئ لتحتفل معه بعيد زواجهم عن قريب
الان يجب ان تبقيه كما اتفقت مع خالد ولتبدأ على الفور بالخطة
|