كاتب الموضوع :
safsaf313
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
9- المطر يغسل الهموم
ظلت جين شاردة تتأمل النار , وحاول شارل أن يخترق هذا الصمت المهيمن فقال بلهجة لطيفة:
" أهدأي ... لماذا تفكرين بالهرب دوما , فالحياة بحاجة الى المجابهة".منتديات ليلاس
ملأ كأسين من الشراب وقدم لها واحدا وتابع:
" أشربي, لا أريدك أن تصابي بمرض نتيجة هذا المرض ".
أخذت الكأس مرغمة وأحست بحرق في حنجرتها بعد الجرعة الأولى ,ولكنها شعرت فيما بعد بالراحة , وأحسن بثقل في رأسها , ووجهت نظرها الى الكأس هربا من ذلك الوجه الغامض الذي يوحي اليها بالخوف , وراحت تفكر بطفولة شارل ووحدته , ولكن هل يمكن لهذا الرجل الحازم الملىء ثقة في نفسه أن يكون هو ذلك الطفل الوحيد؟ ولكن ماذا ينتظر لكي يفرغ ما في داخله ضدها , وبالتأكيد فمسألة الحصان هاموند لم تكن الا واحدة من جملة أمور كثيرة.
وحاولت أن تسيطر على رعشة جسمها وكسرت الصمت بقولها:
" أعتقد أنك طلبتني بخصوص هاموند؟".
" وهل تنتظرين أن أبارك أخطاءك؟".
هذه اللهجة جعلت جين تأخذ حذرها.
" آسفة للطريقة التي أنسحبت بها مع هاموند أمامك .... وقد يكون ذلك بسبب خوفي منك".
قطب حاجبيه بعدم مبالاة:
" أنه عذر أقبح من ذنب , أي أنك تعتقدين بأنني لا أستطيع السيطرة على أعصابي؟".
" لا أعرف".
ماذا يريد أكثر من ذلك .... وبيأس خفضت رأسها وأسدلت بهذه الحركة شعرها على وجهها كستارة . ثم سحبته الى الخلف بعصبية ووقفت قائلة:
" من الأفضل أن أذهب".
وعندما رأى شارل شحوب وجهها ضحك بسخرية وأضاف:
" أن لصبري حدودا .... أتعرفين ذلك, لقد ضقت ذرعا بتصرفاتك".
وقاطعته جين بعصبية بعد أن أستعادت شيئا من القوة:
" كان من الأفضل أن تتبعني الى الأصطبل فورا".
نظر الى قميصها المبلل وقال:
" هذا يعني يا عزيزتي أن سلوكي سيسبق أفكاري , وسيكون مؤسفا بالنسبة اليك , أنت الشابة المليئة بالنشاط".
ولم تستطع جين أن تحتمل أكثر من ذلك فقالت:
" ولكن ما العلاقة بين هذا و صغر سني , لقد جئت الى هنا لتحدثني بموضوع هاموند".
وتحشرج صوت جين ولم تستطع أن تتابع أكثر من ذلك .
" أنت غامضة تماما , وهذا ما يفسر لي سر الجاذبية التي يحملها كل منا للآخر".
وشعرت جين بأنها ستجن , أزدادت آلام الصداع , وكذلك رعشة الجسم, وبذلت مجهودا مضاعفا لتركز أنتباهها ولكنها أصيبت فجأة بالدوار:
" أرجوك يا شارل".
قالت بتنهد.
" أرجوك يا شارل!".
أعاد الجملة بسخرية ورفع يده فتراجعت الى الوراء لا شعوريا , ولكن شارل لم يرفع يده ليضربها كما تصورت وأنما ليمسكها من كتفيها ويشدها بقوة الى صدره قائلا:
" هذا على الأقل يمكنك أن تفهميه".
وضمها بين ذراعيه أكثر فصرخت بعصبية:
" لا ".
ولكن الصرخة الغريبة التي أطلقتها جين جعلته يعتصرها أكثر فأكثر ولم تستطع أن تفعل شيئا لتمنعه .... وعندما عانقها نسيت كل شيء وأستسلمت اليه بكلتيها وعقدت ذراعيها حول عنقه وترنحت وهي تسمع دقات قلبه , لا شك أنها تحبه بجنون , ولكن هل يبادلها هذا الحب ؟ ولكن عناقه والقوة التي يشدها بها الى صدره ألا تدل على ذلك؟
|