7-الصدق يحقق الأحلام
الوقت يمر بسرعة في أوقات البيع , وسوق حيوانات تايندال لا يشذ عن هذه القاعدة , بعد أن توقف قليلا مع الحصان الذي سيقصل بينهما , كانت جين سعيدة بمراقبة كل ما يحدث حولها , البيع نشط , وكثير من المشتركين عادوا بخيبة أمل لأنهم لم يجدوا طلبهم ,وقف شارل مع أحد أصدقائه يبدي رأيه بعدما باع حصانه بسعر جيد وبسرعة غريبة , قال الصديق:
" أشتريت هذا الحصان خدمة لصديق محتاج , ولست بحاجة اليه , ولن يكون تعيسا حيث هو ذاهب فالمشتري سيقدمه هدية لأبنه الذي يبلغ الثامنة من عمره".منتديات ليلاس
" أعتقد ذلك".
وتخيلت جين سعادة الطفل بهدية كهذه وقالت لشارل:
" ولكنني فوجئت بالأسعار , فمن يريد أمتلاك حصان يجب أن يمتلك ثروة".
" ليس تماما , لأن الناس لا تفكر بأمتلاك العشرات منها...".
ونظر اليها محاولا أستكشافها ثم قال:
" لدي موعد مع كاتب العدل في المدينة في الساعة الخامسة , ولكن يمكن أن نلتقي بعدها حوالي السادسة والنصف, وهكذا يمكننا أن نتناول طعام العشاء في المدينة قبل عودتنا الى المنزل".
وبدون أن ينتظر ردها أعطاها اسم المطعم وعنوانه وأضاف:
" تستطيعين أن تستغلي هذه الفرصة بالتسكع بالمدينة".
وغاب في شارع جانبي بينما بقيت جين واقفة مستغربة , كل شيء... المدينة المزرعة , خيول شارل , أنها لا تشكل شيئا في كل هذا العالم , أحست بالغربة , وشعرت برغبة قوية في التحدث الى أحد أفراد أسرتها , أمها مثلا , فقد تساعدها على أن تتجاوز هذا الأحساس المرعب بالغربة والوحدة , وربما من الأفضل لها أن تتراجع عن مشروعها في أنشاد ناد للفروسية , بعدما رأت هذا الغلاء في الأسعار , أضافة الى الأرض وكل ما يتبع ذلك , فأرث جدتها لن يسد الحاجة على الأطلاق ... أذن ما الذي جاءت تفعله هنا؟ وقررت أن تخبر أمها بعودتها الى برادفورد , وأمتلأ رأسها بالقرار ودخلت أول مقهى وجدته في طريقها , وبدأ المطر يعصف في الخارجوأدارت الرقم وقد تملكها شعور بأنها كبدو الرحل , وتنهدت بأرتياح عندما جاءها صوت أمها التي صرخت عندما سمعت صوتها:
" حبيبتي متى ستعودين؟".
ولم تستطع أن تخفي قلقها , فالحيوية التي تتمتع بها أبنتها ليست لا تلك التي لأمها عندما كانت في عمرها , وقالت جين في نفسها , أعتقد أنه الوقت المناسب لأعيد اليها الهدوء والطمأنينة وأعلمها بعودتي غدا , ولكنها لم تستطع أن تقول كلمة واحدة فكل القرارات تبخرت في الهواء , وهي غير قادرة أن تترك هاي لينتون , وجاءها صوت أمها بمرارة وحزن:
" حبيبتي جين أنت دائما هنا معنا".
" بالتأكيد , كيف حالك يا أمي؟".
" لا بأس, ولكن كفي عن تعذيبي وقولي لي متى ستعودين , أرجوك؟".
ورنت في أذنها ضحكة أبنتها:
" كيف أستطعت أن تحتملي غيابي عندما كنت في المدرسة الثانوية؟".
" ولكن الموضوع الآن مختلف يا ملاكي وتعرفين ذلك جيدا , لم أكن بالأم القاسية والمتشددة في يوم من الأيام , لكنك أختفيت بين ليلة وضحاها بدون أن تتركي أثرال , أليس هذا مقلقا, ووالدك المسكين لم يعد يستطيع النوم من شدة قلقه , أما البائس فيليكس...".
وهنا أبعدت جين السماعة عن أذنها لأنها تعرف ما ستقوله أمها.
" أرجو أن يبعد فليكس عن هذا الموضوع نهائيا وأعتقد بأنني شرحت لك ذلك سابقا".
" لكنه يحبك .... ولا أعرف ما الذي تحملينه ضده , أنه شخصية محبوبة ولطيفة , والحب ليس كل شيء في الحياة, وقد يأتي بعد ذلك".
" ولكنني لا أريد زوجا لطيفا".
وكانت ترغب جين في أن تصرخ بأنها تريد شخصا قويا وغامضا , ذو طبع متعال , شخص مثل..... وهنا أستعادت نفسها , لماذا تحلم بشخص كهذا بالتحديد... أنه لعبث , لماذا رفضت أن تترك هاي لينتون , ولكن هذا لا علاقة له بشارل غريرسون , ماري ... كيف لم تفكر بها؟".
وتمسكت بهذه الفكرة وقالت:
" هنا في المكان الذي أعمل فيه السيدة المسؤولة كانت في غاية الطيبة , ولذلك لن أستطيع أن أتخلى عنها بهذه البساطة , بدون أن يكون لديها الوقت الكافي لأيجاد بديلة .... فلنقل شهرا".
" شهر".
قالتها السيدة براون بتعجب, ثم صمتت وكأنها أرادت أن تغير أسلوب كلامها:
" أن والدك يقول بأنه على أستعداد لمناقشة مشروع نادي الفروسية معك من جديد لدى عودتك , أذن لم يعد هناك أي مبرر لتأجيل عودتك والمسؤولة ستجد دائما من يساعدها , ولا أعتقد بأنك تساعدينها في غسل الأطباق".
جين فضّلت أن تتجاهل الجملة الأخيرة لتعود الى موضوع والدها:
" أنه يقول ذلك لأعود الى البيت, ولكن لنسلم بصحة كلامه أذ بدأت أحسب تكاليف المشروع!".
" أذن عودي ولا تنتظري شيئا".
" لا ليس قبل بضعة أسابيع".
" حسنا... يمكنني أن أقول لأبيك بأنك ستعودين لأستلام وظيفتك في المكتب".
" لا ليس في المكتب, فلا مجال للحديث في هذا الموضوع , أنني لا أريد مشروعا أكيدا بأنني لن أعود الى عمل المكتب".
وألقت جين نظرة خاطفة الى الوراء لترى أذا كان هناك أحد ينتظر الهاتف وأستغلت هذه الفرصة لتنهي المكالمة.
" أعذريني علي أن أودعك الآن وسأكلمك قريبا".
وبعد أن كادت تضل الطريق عدة مرات لعدم معرفتها باشوارع , وجدت أخيرا المطعم , وفي الداخل كان شارل ينتظرها , ولم يسألها كيف أمضت وقتها بل أمسك بذراعها بشوق, ولكنها شعرت بالضيق عندما لمحت أن عقارب الساعة تشير الى السابعة.
" لا تقلقي لدينا الكثير من الوقت لتناول طعام العشاء ".
وجرها الى أحد الصالونات حيث كان يجلس وطلب كأسين من الشراب قدم لها أحدهما قائلا:
" أشربي فهذا سيساعدك على الدفء".
وكان قد لاحظ شحوب وجهها بسبب البرد ورعشتها, وأرغمت نفسها على الشراب , رغم أنها لا تحبه , أنها ليلة باردة... وهذا الوقت الطويل الذي أمضياه خارجا جعل البرودة تتسرب ال عظامها وكذلك الحديث مع أمها , وفوجئت بصوت شارل:
" لماذا تأخذين دائما موقف الدفاع ... أنا لست بربريا , ولكنني أحترس فقط من النساء الجميلات ولا أقترب منهن الا بحذر شديد". أشتعلت جين غضبا من لهجته الجافة ودفعت بالكأس على الطا ولة وقالت:
" يا سيد غريرسون , أنا لا أشعر بالعطش أطلاقا".
وأعتبر شارل هذا التصرف مسليا فقال:
" لماذا تتصرفين كطفلة غريبة الأطوار يا جين؟ فأنت دائما حذرة ومتحفزة كالغزال الصغير ".
لماذا يريد أن يسخر منها , وبحركة عصبية ألقت بشعرها الجميل الى الخلف , وفي الوقت نفسه تريد أن تثيره ,وعندما رأت وجهه العبوس المتكبر نهضت:
" سأذهب لأغتسل قبل الطعام, أذا لم تزل لديك الرغبة بدعوتي".
ورفعت رأسها بتكبر وخرجت من الصالون بدون أن تلتفت الى الخلف , ولكنها كانت مدركة بأنها كانت مضحكة الى حد ما.
غسلت وجهها ويديها وأسدلت شعرها على كتفيها وسرحته بعناية , ولم يكن لديها الا رغبة واحدة وهي الهروب من الرجل الذي ينتظرها , أنها ترتيدي قميصا حريريا مع تنورة من المخمل من اللون نفسه , وغمرها شارل بنظراته عندما رآها تقترب.
" أحب شعرك لماذا لا تركينه غالبا على هذا الشكل فهذا يليق بك".
ورغم لهجته الرقيقة لم تصدق جين بأنه يمكن أن يتأثر بجاذبيتها كأمرأة , وبسحر أنوثتها , ولتخفي أضطرابها قالت:
" لأن ذلك عملي ومريح أثناء العمل".
مد يده الى ذقنها ورفع رأسها اليه قائلا:
" هيا يا جميلتي ولا تفتعلي الخجل .... من الأفضل أن نذهب للعشاء".
جلست جين الى الطاولة المحجوزة وأحست بنظرات الأعجاب من مدير المطعم , وطيلة السهرة لم تستطع أن تحيد نظرها عن شارب , كانت تتأمل الصالة الفخمة الجميلة ثم تعود بنظرها اليه , أنه الرجل الذي لا يترك أي قرار للصدفة , هذا ما فكرت به جين وهي تتناول الطعام بشهية ... وشعرت بأرتياح , ولم يخف على شارل هذا التغير في المزاج عندما فاجأها:
" هل من جديد بعد أن تركتك , أعذريني أذا ما بدر مني أي شيء , ولكن ذلك لصالحك ,وحزن الآخرين يخرجني دائما عن ذاتي".
ولم تكن جين على أستعداد بأن تتلقى مثل هذه السخرية وفي هذه الساعة:
" أعتقد أنك تتمتع بالسخرية مني".
وأسدلت جفنيها , وأنفجر ضاحكا:
" تراودك مثل هذه الأفكار أحيانا , ولكن لن نتحدث عنها بعد الآن , ولكن سأتغيب عدة أيام لزيارة أحد أقاربي في بوردو , فأنا أقوم بزيارة هذا العجوز من وقت لأخر".
وتحت تأثير المفاجأة وضعت جين الشوكة من يدها وقالت:
"أجدادي أيضا...".
وأدارت رأسها بأضطراب بعد أن شعرت مرة أخرى بحماقتها .
" ماذا قلت؟".
" لا , لا شيء , لا تهتم لما قلته".
ولم يعد لديها شك بأن شارل قد أكتشف الحقيقة.
" أجدادك فرنسيون؟".
أحمرت جين وهي تأخذ موقف الدفاع:
"ماذا يعني ذلك؟ ليست جريمة".
" يا ألهي لماذا تشوهين كلامي بهذه الطريقة... أسمعي, أيضا هناك دم ألماني تجري في عروقي ... يعود الى عدة أجيال , كان علي أن أشك بأن شعرا بهذا اللون لن يكون أنكليزيا وموضوع نادي الفروسية .... لم أجده الا بفرنسا".
" بكل بساطة أنها مصادفة".
" لا .... لن أصدق هذا ... أن طريقتك في أمتطاء الخيل لا تخطىء ... لدي أصدقاء يمتطون الخيل من الصغر , لكنهم لم يتوصلوا الى هذه الدرجة من الأتقان".منتديات ليلاس
" كفى أرجوك...".
كان عليها أن تجابه خبرة هذا الرجل القوي وقالت:
" ذهبت مرة واحدة في زيارة الى بوردو منذ زمن بعيد وأجدادي رحلوا الى العالم الآخر قبل ولادتي".
" أجدادك لأمك؟".
وهزت رأسها بطريقة آلية , ولكن هذا ليس سؤالا , فأن أسم عائلة براون لا علاقة له بالأسماء الفرنسية.
" ألم تعاودي الذهاب مرة أخرى الى هناك؟".
" لا أبدا".
وعبست وكأنها تعلم وأضافت:
" أعترف أنلدي رغبة كبيرة للعودة ولكن هناك أمكنة أخرى تستحق الزيارة".
" أذن فأنت رحالة كبيرة أليس كذلك؟".
طرح شارل هذا السؤال بلهجة خشنة مما أثار كبرياء جين فردت عليه:
" لا أبدا فأذا كنت قد خلقت لديك مثل هذا الأنطباع فأنا آسفة".
" لا أهمية لذلك... وأذا أردنا أن نعود الى حبك للخيول فأن أحلى أمنية لديك هي أنشاء ناد للفروسية خاص بك , هذا ما قلته أنت".
" هذه الفكرة تبخرت في الهواء ولم أعد أفكر بها".
" جين...".
وبالحقيقة أن شارل لم يكن بالأنسان المغفل , نظر اليها بتمعن وقال:
" لماذا لا تقولين بصراحة ... أن طموحاتك لم تتحقق لعدم توفر الدراهم ,وليس في هذا ما يعيب , وعندما أسمعك تتحدثين بهذا الحماس عن المشروع تعيدين اليّ التفكير بمشروعي الذي فكرت به منذ عدة سنوات , ولكن المشكلة بالنسبة لي هي مشكلة الوقت وليست مشكلة المادة".
وعلى الرغم من أنها حاولت أن تبدو غير مبالية , لكنها أصغت اليه بشكل جيد.
" أن نوادي الفروسية المتعددة التي بدأت تقام في كل مكان تقريبا لا تغطي حاجاتها , فكثير من الشبان لا يعرفون أذا كانوا يحبون الفروسية فعلا أو أنهم يمارسونها تقليدا لفلان وفلان من الأصحاب وهذا يبعد الأهل عن صرف ثروتهم في مشاريع غير مضمونة".
" وأنت هل توافق أن تهتم بمشروع كهذا؟".
وهنا أرغمت جين نفسها بأن تتكلم بصوت معادل لصوته , أجابها شارل:
"أنسيت بيل وبن الطالبين ... لماذا تعتقدين أنني أستخدمتهما في هاي لينتون ؟ وليس من السهولة أن يجد الطالبان من يتحمل مسؤوليتهما , ولم أطلب منهما الا شيئا واحدا وهو الصدق في العودة , وأنا أتعهد بأن أقدم لهما كل المساعدات التي يحتاجانها , ومن أجل نادي الفروسية بالذات جهّزنا عددا من الخيول ... ولا ينقصنا الا القليل لتحقيق مشروعنا".
شدت جين على قبضة يدها وتفجرت كل حيويتها , وكادت تموت من شدة الفرح وأرادت أن تقدم له مساعدتها , ولكن كلمة واحدة فقط أوقفتها , كلمة الصدق , ماذا لو عرف شارل الحقيقة... والوقف العاقل هو أن تغادر هاي لينتون في القريب كما قررت.
" هذه فكرة ممتازة بدون شك".
وكتمت تثاؤبها وأضافت:
" أعذرني, لقد كان اليوم متعبا بالنسبة الي".
وكأن المن قد توقف عندما عاودت النظر الى شارل فرأت أمامها شخصا غريبا وكأنها تراه للمرة الأولى .
" أذا صح ما فهمته فأن عرضي لا يهمك؟".
لم تحتقر جين نفسها كما أحتقرتها في هذه اللحظة ... أنه يفعل ذلك من أجلها ويحاول مساعدتها في هذا المشروع , ويعطيها فرصة لتستعيد أمكانياتها وقدراتها ولكن مع الأسف كان عليها أن ترفض.
" النساء يغيرن آراءهن بشكل دائم".
طبعا لم يقتنع شارل بذلك , وخوفا من أرتباكها أزاحت كرسيها وقالت:
" أعتقد أن الوقت قد حان للعودة , ألا ترى ذلك يا سيد غريرسون؟".
" أنا أقترح بالأحرى أن نمر بالصالون لنشرب القهوة".
وأضاف بسخرية :
" ولا تعتقدي بأن رفضك سيغير شيئا , سأنف المشروع وثقي بذلك ".
ومسك ذراعها بتسلط حتى وصلا الى الصالون.
" أنها العادة في هذا المطعم , يقدمون القهوة في الصالون , يعتبرون أن هذا المكان أكثر أهمية بالنسبة لزبائنهم الذين يريدون أطالة السهرة قليلا".
وبدون أن تدرك جين نظرة شارل المركزة عليها جلست على المقعد نفسه الذي كانت تجلس عليه قبل العشاء وبدأت تتذوق قهوتها , ومع الأضاءة الخفيفة توضحت كل تفاصيل وجهها الرقيقة المحببة.
" عندما سأكون في فرنسا فأن مارك هو الوحيد الذي سيهتم بهاموند , ولا أريد أن تمتطيه أطلاقا... مفهوم".
" طبيعي".
ماذا لو عرف بأن مارك هو الذي خرج عن طاعته في المرة الماضية.
" طبيعي!".
سخر منها وتابع :
" كيف يمكننا أن نثق بشخص يتمتع بكل هذه البراءة؟".
ووجه اليها نظرة تكذب كلامه , مما جعل جين تشد بأصابعها على فنجان القهوة , ماذا ينتظر منها ؟أن تعترف بأخطائها ثم ترتمي بين ذراعيه ليسامحها , عضت على شفتها , وقد عرفت بأنه لم يسيطر عليها بهذه الطريقة أي رجل طيلة حياتها, وأذا لم تستطع أن تسيطر على نفسها حالا فستكتشف كم هي مضحكة.
الوصول المفاجىء لليديا ومارك أنقذها من مصيبة , قال شارل:
"أذكر الديب...".
وجحظت عينا جين من المفاجأة... مارك كان قد لمحهما وتوجه مباشرة نحوهما وليديا من ورائه.
" كنت متأكدا من وجودكما هنا , فشارل لا يفوت فرصة العشاء في المدينة بعد عملية البيع, كذلك ليديا وأنا قررنا أن نأتي لنشرب كأسا هنا".
ولم توجه ليديا نظرها الى جين التي لم تندهش لذلك.
" نحن متحرقان لمعرفة نتائج البيع , هل حصلت على سعر جيد؟".
" كنا على وشك الذهاب".
ونهض شارل وأعطى كرسيه لليديا .
" البيع كان جيدا , وروستلر بعناه بسعر جيد".
" أحضري معطفك ريثما أطلب لهما شيئا ثم أراك على الباب".
وفي السيارة خيم صمت كامل من ناحية شارل , وجين بالتأكيد كانت تفكر بليديا , لماذا تهمها مشاعر هذا الرجل الى هذا الحد؟ ولماذا هذه الرغبة في معرفة كل شيء عنه , عن تجاربه , عن علاقاته, وخافت من فكرة التحقيق أكثر من ذلك ومما يمكن أن تكتشفه .
" لم أعد أحس برأسي . أشعر بصداع حاد".
وبدون أن تنتبه يبدو أنها تكلمت بصوت عال فأجابها شارل:
" أقتربنا من الوصول".
كيف يستطيع أن يظل محافظا على سيادته الكاملة , كان بأمكانها أن تدفع غاليا لتعرف أسراره , لقد أرهقت من المعارك التي تدور في داخلها ولا تجد لها مخرجا ,فقررت أن تنتقل بتأملاتها الى الأشجار العارية المتتابعة , ويبدو أن الضوء الخافت مع رتابة الأشجار أثر عليها فنامت , وعندما أستيقظت كان شارل واقفا أمام المزرعة وقد فتح لها الباب وساعدها على النزول وأخذ يدها تحت أبطه حتى أستعادت توازنها .
" كان يوما طويلا ويبدو أنك تعبت".
كانت نصف نائمة ونظرت اليه نظرة محملة بالنعاس.
" كعيون القطط...".
تمتم بهذه الجملة وهو ينحني بأبتسامة , وبالكاد سمعته , وبالنتيجة لم تكن لديها أي رغبة في تلمس الحقيقة القاسية...
" تريد أن تقول بسبب لونهما الأخضر".
ومسحت جبينها بكفها وأدركت أن الصداع قد زال .... فقال:
" هل تعرفين ماذا حصل لجميلة الغابات أثناء نومها , لقد وضعوا خصل شعر ذهبية بين أصابعها وحسب ما أذكر كانت تكفيها قبلة لأخراجها من غفوتها.
وعندما رفعت وجهها اليه ضغط عليها بنعومة , ولم تقاوم فجين جسمها لا يزال مخدرا من النعاس وألتصقت بشارل وكأنها تريد أن تذوب فيه بشكل نهائي وتاهت في مشاعرها ولم تعد تفكر بالهرب منه, ثم تركها فجأة بفظاظة خافت أن تفقدها توازنها وقال بسخرية وكأنه مسؤول عن أن يوصلها الى الحقيقة.
" يبدو أننا نحمل بعض الميول العدوانية وعلينا أن نتخلص منها , ولا أريد أن ألعب دور الأمير الجذاب المكروه , والآن حان الوقت الذي تنام فيه الصغيرات".
ضحكته العصبية هزت جين, ثم تركها بحالة شبه هستيرية , ولن تكون مهزلة لهذا الرجل وعليها أن تنقذ كرامتها بأي ثمن:
" هل تعتقد؟ مع الأسف لا أملك شيئا من جميلة الغابات النائمة".
وألتفتت وأنهمرت الدموع من عينيها ولم تستطع السيطرة عليها.
كانت سعيدة أن تستيقظ صباح اليوم التالي لأن الليل الذي أمضته لم يكن ذلك الذي تتمنى أن يطول, أذا أستطاعت فقط أن تطرد شارل غريرسون من تفكيرها , هذا ما كانت تحم به , ولم تكن لديها أي رغبة لتكرار مأساة ليلة أمس, ولكن يبدو أن الطريقة المثلى أن تغادر هاي لينتون بشكل نهائي , ووعدت نفسها أن تنفذ ذلك في الأيام القريبة القادمةمنتديات ليلاس