5- هدية مرفوضة
أحس شارل بالأضطراب الذي بدا على وجه جين لدى ظهوره المفاجىء , ولكي لا يترك لها مجالا للظنون قال:
" كنت متأكدا من أنك أنت التي في الأصطبل , فمن سيأتي في ساعة كهذه سواك, ألم تقل لك ماري أن الفرس بخير ؟".
" نعم, ولكنني عرفت بأنك عدت الى القصر؟".
" كان علي أن أتكلم مع جان ديك في موضوع مستعجل , وكذلك مع مارك ولكنني لم أجده".
منتديات ليلاس
" لقد خرج مع ليديا...".
وعضت على شفتها بعد أن قالت جملتها بعفوية , وخافت أن تثير غضبه , فتوجهت نحو باب الخروج , عندها أجاب شارل بلامبالاة :
" يستطيع مارك أن يخرج مع من يشاء , ولكن للأسف لا يتواجد كثيرا في المنزل , وهذا ليس لصالحه".
" أتريده بعد يوم عمل كامل ألا يروح عن نفسه قليلا؟".
" يوم عمل , هذه أذن نظريتك الي...".
قالها بسخرية مضيفا:
" أتساءل أحيانا يا عزيزتي جين ما هي النتائج التي توصلت اليها في تحليلي".
" لا شيء ... لماذا؟".
وظهر عليه الأنزعاج ولكنه فرح بأضطرابها وقال:
" بالمناسبة أنا أيضا أحب فترات الراحة".
أنها تعرف ذلك تماما وما عليه ألا أن يتذكر الأهتمام الذي أحاط به ليديا , وفي هذه اللحظة ضرب الفرس بقائمته على خشبة الأصطبل ... فقالت جين بسرعة:
" جئت لأطمئن عن لينتون ليد وسررت لأهتمامك بها , ولكن ذلك لم يمنعني من القلق عليها , لأنني لا أحتمل آلام الحيوان".
" حسنا ولكن لا مبرر لهذا القلق , لأنني تأكدت من سلامتها , فالخيول غالية الثمن وعلينا الأهتمام بها ".
وشعرت جين بأن شارل يبقى دائما السيد في كل الأحوال والظروف , وتجمدت عيناها على الفرس وهي تقول:
" أعرف ذلك , كنت أحلم بناد للفروسية , ولكن للأسف لن أسمح لنفسي بأن أغامر أية مغامرة بهذا الخصوص".
" ما معنى هذا؟".
وتوجه اليها بنظرة فاحصة , ولعنت جين نفسها لأنها أفشت سرها بهذه البساطة.
" وهل رصدت المبلغ الأساسي؟".
وفكرت في نفسها:
" يجب أن أبلغ الحادية والعشرين من العمر حتى أستطيع أن أحصل على أرث جدتي".
لكنها أجابته:
" لا ... فأنا لا أملك ما أشتري به ذنب حصان".
" كل أمرأة تحب الخيول تحلم بأنشاء ناد للفروسية".
" أنت مرتاح بعملك , لكن أن تدير مركزا من هذا النوع , فهذا يتطلب الكثير من التفاني".
وشعرت بالتوتر لأبتسامة شارل, أنه كأبيها ينظر اليها نظرته الى طفلة تحمل أفكارا مثالية وقالت:
" كل ما يهمني أن أتمتع بممارسة هذا العمل...".
وتابعت بسخرية:
" وأنا لست من اللواتي تحدثت عنهن...".
أجاب بسخرية:
" حسنا يا آنسة براون , أنا أقترح بأن تتزوجي صاحب أصطبل كبير".
وقالت جين بنفسها:
" كل ما أتمناه أن أمتلك الثقة بنفسي مثله".
ونظرت اليه . ومن فتحة القميص رأت بشرته السمراء التي لا تزال متأثرة بحرارة شمس الصيف , وشعرت بشيء من الدوار , فأستندت الى الجدار , وقال:
" ها... ما رأيك في هذا الأقتراح؟".
وأقترب منها أكثر, وكان الظلام المخيم قد فرض نوعا من التقارب في المكان وبجهد أستطاعت جين أن تستعيد صوتها:
" لا أتذوق مثل هذا النوع من المزاح ,و لكن نظرا لألحاحك أريدك أن تعرف أنني أفضل العدول عن طموحاتي من أن أحققها بالزواج".
" لن تدّعي بأنك لا تهتمين بالرجال:
" ونستطيع أن نعكس السؤال ونتساءل هل الرجال مهتمون بي؟".
ورفعت خصلة شعرها الى الوراء ... وشعرت بأنها سيطرت على الموقف , خبرتها لم تكن محدودة ولكنها سطحية , فليس فيليكس وحده هو الذي غازلها , أذن لماذا تخاف؟ هل سيختلف شارل عن غيره؟".
" لماذا تنظرين الي بشك؟ عليك أن تعرفي بأنك مغرية جدا ".
وشاهدت الأعجاب مرسوما في عينيه , ثم أضاف:
" ولكن لماذا لا تولين مظهرك قليلا من العناية؟".
كان شعرها مشدودا الى الخلف ومربوطا كذيل الحصان, والتفتت الى الوراء لتهرب من نظراته ومن مواجهته , وقالت:
" ربما , ولكن هل هذا خطأ مني؟ يبدو أننا أبتعدنا عن الموضوع , وأنا لم آت الى هنا لأجيب على تساؤلاتك حول حياتي الشخصية , ولكنني جئت للأطمئنان عن الفرس , هل تسمح لي بالمرور لأعود الى المنزل؟".
ورفعت وجهها الى الأعلى بأعتزاز فبرزت طبيعتها الأرستقراطية , وحاولت أن تهرب من أمامه.
" لا أزال أتصور بأن الجميع كانوا يخضعون لأوامرك".
أحمرت جين ولم تعرف بم تجيب , ربما يريد أن يمازحها ولكن كيف لها أن تعرف ذلك...
ولذا عليها أن تكون حذرة ,وشعرت بأنها لن تستطيع أن تقف أمام هذا الرجل.
" أود أن أذكرك بشيء واحد , قرأت الأعلان وبما أنني أحب الخيل , أعجبني العمل هنا وهذا هو الموضوع بكل بساطة ".
" ولكن الغريب يا جين بأنك تجيدين القيام بكثير من الأعمال...".
" لندع هذه المناقشة غير المجدية".
لم يجب ولم يتحرك وظل منتصبا أمامها , مما جعلها كالسجينة وعندما حاولت الخروج أمسكها من كتفها قائلا:
" أنت تحاولين بكل الطرق أن تتهربي من ماضيك ... مع أننا في الوقت الحاضر لم نعد نقيم وزنا لهذا, وأنا لا أريدك أن تبذلي مجهودا من أجل لا شيء".
وضغط بأصابعه على كتفيها مما جعلها ترتجف , وفي الخارج كان الهواء البارد يعصف بشدة , ولما رفعت رأسها الى الأعلى تابع يقول:
" نبقى هنا أذا كنت ترغبين بذلك؟".
وبلطف أدار وجه جين وأخذ يداعب عنقها نزولا الى كتفيها ثم جذبها اليه وشد خصرها بيديه اللتين تفيضان رجولة , حتى شعرت وكأنها ستذوب , فهمس في أذنها:
" سأتجاوز كل الأنظمة , فأنت مثيرة جدا , وأنا لست ألا رجلا وسأكون مجنونا لو أضعت مثل هذه الفرصة...".
وبدون أن يترك لها المجال لتقول شيئا عانقها بحنان ... وشعرت جين بالدفء يسري في جسمها , وكأنه كشف عن مشاعرها المخبأة أذ لم يسبق أن عانقها أحد بهذه الطريقة, وفهم ذلك شارل عندما ضمها بين ذراعيه وتمنت ألا تنتهي تلك اللحظة , ثم أبعدها عنه قائلا:
" أذن لم أكن مخطئا ... فأنت تجيدين العناق , وهذه موهبة جديدة تضاف الى نشاطاتك المتعددة".
وشعرت بثورة عارمة وفهمت بأنه لن يدع الفرصة تفلت من يده, ولكنها قررت هي الأخرى أن تقاوم وبدأ شارل يتمرغ بها , وجهه , وشعره , وأنفه وأهدابه , ثم عانقها من جديد وبقوة جعلتها تنسى ما قررته وتنساق لعواطفها , وعندما تركها كادت تسقط على الأرض لأن رجليها لم تقويا على حملها وبدون أن تقول كلمة واحدة , أنسلت بأتجاه الباب , وسمعت صوت شارل يقول لها بخشونة :
" لقد حان الوقت لتعودي يا جين , وبما أنك غير مؤهلة لمجابهة هذا النوع من المواقف , أنصحك بعدم العودة الى هنا في مثل هذه الساعة المتأخرة".
أحمر وجه جين ... يا له من وحش, ألم يخرج هو أيضا مهانا من هذه المغامرة.
لكنها أستطاعت أن تجيبه رغم الغصة التي خلفتها لهجته:
" أطمئن أنا لست على أستعداد لتجديد مثل هذه المغامرة لكن ليس للأسباب التي تدعيها لأنني أعتقد بأنني على المستوى نفسه".
بلهجة باردة أجاب:
" في كل حال أن عدم الخبرة له جاذبية أيضا".
وعندما وصلا الى المزرعة قالت:
" تصبح على خير".
أجابها بنبرة ساخرة:
" ستشعرين بالتحسن غدا"
وبعد أسبوع وفي الصباح الباكر بعدما عادت جين من الأصطبل , وجلست تتناول طعام الأفطار قدمت اليها ماري سماعة التلفون لتسمع صوت ليديا يقول:
"شارل ذهب الى لندن لمدة يومين ... وقبل سفره طلب مني أن أبلغك بأن تحلي محلي في العمل في الفترة التي أريد أن أستريح بها , فهل يمكنك أن تأتي فورا؟ ".
بذلت جين كل ما في وسعها لتكتم سخطها وفكرت : أذا كان قد قرر السفر من الأفضل أن يكلفني هو بذلك , وعليه أن يعرف أيضا بأنه يكفيني ما أقوم به من أعمال مع الخيول بدون المكتب , وكذلك تلك المسكينة ماري التي تشكو دائما من عملها المرهق ولكن لا ... أن الآنسة كليفز هي التي بحاجة الى الراحة .... ولما وصلت الى باب المكتب كانت ليديا تنتظرها بفارغ الصبر.
" حسنا نستطيع أن نقول بأنك تتصرفين بوقتك كما تشلئين , سأذهب الى المدينة ولا أعرف كم سأستغرق من الوقت".
أذن كيف ستذهب الى المدينة وهي تدّعي بأنها محتاجة الى الراحة ؟ وتابعت ليديا:
" نعم سأذهب الى نيوكاسل مستغلة غياب شارل لأفصل فستانا .... لأن ثيابي أصبحت واسعة بعد العملية , وسأحاول أن أصنع شيئا من أجل شعري لأنني لم أعد أطيقه كذلك ".
وكالمعتاد كانت ليديا بكامل أناقتها ولكن جن أصرت بألا تعلق على الموضوع وقالت بلا مبالاة:
" وبالتأكيد ضربت موعدا؟".
" موعد.... آه ... شعري أعتقد بأنني سأغير شكله".
وكان في صوتها رنين كاذب .... لم تكن بحاجة لا لتسريحة جديدة ولا لثوب .... أذن لماذا هذه السرعة في الخروج؟".
قالت جين وهي تأخذ مكانها على الكرسي :
" ألم يقل السيد غريرسون شيئا عن أسباب سفره الى لندن ؟".
" لضرورة العمل , قرر ذلك فجأة".
هزت كتفيها ووضعت أمام جين مجموعة من الفواتير والسندات :
" هذا ما ستنجزينه خلال هذه الفترة , وبالنسبة الى الباقي , كتبت قائمة بذلك , في كل حال سأمر في نهاية اليوم لأرى أذا كان كل شيء على ما يرام".
" كان عليها ألا تترك المكتب أثناء غياب شارل".
هذا ما قالته ماري عندما تأخرت جين في الحضور لتناول طعام الغداء.
" وعندما يعود السيد فنويك سأحاول أن أعرف لماذا تغيب الأثنان تحديدا هذا اليوم , قد لا يعنيني هذا , ولكن يهمني أن أعرفه".
جين كانت قد طرحت على نفسها السؤال نفسه , مما زاد في حيرتها وجود ليديا في صباح اليوم التالي في المكتب.
" كما ترين لم أعد بحاجة اليك الآن لأنني قرر أن أؤجل ذلك الى يوم آخر , ولكنني سأطلب منك ألا تخبري شارل بأنني تغيبت البارحة .... مع أنه كان قد طلب مني أن آخذ بعض الراحة ولكنني أود أن لا يعرف بأنني تتبعت نصائحه".
منتديات ليلاس
" لماذا هل تخافين أن يحسم من راتبك؟".
وندمت جين على هذه الدعابة الساخرة من ليديا التي أحمرت بشدة , فليديا تستطيع أن تمضي يوما مع مارك وتخدع شارل.
وأغتاظت جين كثيرا لأنها لم تستطع أن تفهم موقف ليديا , أذن ليديا ****ة عن هذا الموقف ولكن يجب ألا يؤدي ذلك الى أن يتعكر الجو بين الرجلين , لأن عليهما أن يعملا معا , ولكن ما السر في أن شارل ظل محتفظا بوكيل أعماله أذا لم يكن ****ا عنه؟ وفجأة أدركت ليديا شكوك جين فقالت:
" لماذا تظنين بالسوء؟ يمكنني أن أقدم لك خدمات في يوم ما ".
" هذا ممكن ولكن لا تعتمدي علي أذا فشلت مخططاتك ".
هذا التحذير جاء بشكل أحتقاري .... وشعرت جين بأن مواقفها مع مواقف ليديا لم تكن سيئة.
لقد عاد أهلها من كندا وتحدثت مع أمها على الهاتف ورجتها أن تعود الى المنزل , ولكنها رفضت لأنها لم ترغب في العودة الى الجو العائلي.... ولكي تهدىء قلق أمها بررت لها ذلك بأنها مجبرة أن تتم الفترة التدريبية خلال أسابيع.
ولكن ماذا سيحصل لو عرف شارل الحقيقة ....سيطردها وهي لن تستطيع الأبتعاد عن هاي لينتون أما بالنسبة لأبيها فهي لا تفكر به لأنها بمجرد عودتها الى البيت ستجد الوسيلة لأصلاح الوضع, وستجد نفسها أمام المذبح بين يدي فيليكس , هذه الفكرة لوحدها جعلتها ترتجف وتأملت بحزن المنظر الذي يحيط بها , لماذا أرتبطت الى هذا الحد بهاي لينتون؟ لتبني شخصيتها وتحقق ذاتها في المستقبل ... أن هذا السبب وحده لا يكفي , أذن؟ هذا التسؤال زاد من كآبتها.
مر أسبوع على حادثة سقوطها , ولكن الموقف لا يزال حيا في ذاكرتها , عندما شدها شارل بين ذراعيه وعانقها .... ماذا يمكنه أن يفكر بها... وكان عليها أن تعرف مكانتها ... وبوصولها الى الأصطبل فوجئت بمارك.
" لم أكن أعرف بأنك ستخرج الجياد هذا اليوم".
قالت جملتها هذه وهي تسرج جنيفر , فأجابها:
" شارل طلب مني أن أهتم بهذا الوحش هاموند أثناء غيابه ولذلك جئت أؤدي مهمتي".
" يبدو أنك لا تهتم بالجياد كثيرا فهل تخافهم؟".
أنفجر مارك ضاحكا وقال:
" يا لها من عدوانية هذا الصباح , أنا شخصيا لا أميل الى هذا النوع من الضخامة والخشونة .... ولكنني لا أخافها".
هزت جين رأسها وأجابت وهي تشد لجام جنيفر..
" فهمت , يبدو أنك وقعت في طفولتك ذات يوم ولا زلت متأثرا بالحادث".
وأمام مارك الذي بدا كالطفل الصغير الذي أعترف بخطأه أضافت:
" أن مزاجي سيء هذا الصباح وذلك بسبب الأرهاق من يوم البارحة , فلو لم تتغيب ليديا وأنت لما أرهقت بهذا الشكل ".
" أذن أنت تتصورين بأنني قضيت يوم أمس مع ليديا".
" أحساسي نادرا ما يخطىء ويبدو لي أنك في موقف صعب يا مارك أليس كذلك؟".
أحمر وجه مارك وبدا عليه الأنزعاج:
"أنت تحبين الحديث بالألغاز , أرجو أن تشرحي لي ما تودين قوله".
" هذا ما ينطبق عليك أنت, ولكنني خائفة لدى عودة شارل...".
ضحك مارك بمكر وقال:
" أفهم من كلامك بأن الفئران يجب ألا ترقص في غياب القط".
" يبدو أن راحة يوم البارحة قد أثمرت لديك؟".
" نقطة سجلتها لك .... لقد ربحت يا عزيزتي جين".
وفجأة جاء صوت مارك ناعما ولطيفا عندما أضاف:
" لكنك لا تستطيعين فهم الأمور لأنك لا تعرفين كل شيء".
" وأنت أيضا , ومن سيقول لي كلمة كهذه بعد هذا اليوم ... سأقتله".
" في القريب أذا لم تسر الأمور على ما يرام سآتي وأخبرك ".
ونظر الى هاموند بلا مبالاة:
" صحيح , لقد أمضيت البارحة مع ليديا ولكن أطمئني فلهدف شرعي تماما".
أذن صحيح ما ظنته جين ونظرت الى مارك نظرة لوم وأستهجان .
" وشارل ألا يعلم بذلك؟".
" آمل ذلك ".
ونظرت اليه جين وأبتسمت أبتسامة تحمل كل سخرية الكون فقال مارك:
" يا للشيطان ماذا بك؟".
" لا أدري ... أنا آسفة فقد يكون بسبب الأرهاق وها أنذا مثلك الآن لم أعد أعرف أين أنا".
" أحيانا أتساءل أذا لم أكن ألد الأعداء لذاتي".
" عديدون هم الذين يتساءلون التساؤل نفسه , من أنا ؟ من أين أتيت؟ هذا هو السر الأكثر شمولية : أريد أن أعرف من يمكن أن يهتم بي".
قالتها بنبرة مقتطعة فأجابها مارك:
" كل الناس هنا.... وكل الذين يأتون لزيارة الآثار الرومانية يتساءلون من هي هذه الخارقة الجمال , ذات الشعر اللامع التي تجتاز الهضبات على حصان أسود جميل ... هل هي كليوباترا أم شبح أحدى الأمبراطورات التي عادت من العالم الآخر لزيارة المكان".
" وكيف عرفت ذلك , أو بالأحرى من قاله لك؟".
قالها بشكل ماكر وكأنه يكشف سرا وأضاف:
" والمصيبة أذا عرف شارل بأنك أمتطيت الفرس هاموند لقد حذّرك من ذلك أكثر من مرة".
" هذا المسكين يجب أن يخرج , وألا فسيجن بالأصطبل ".
" حسنا في هذه الحالة أقترح أن تمتطيه اليوم , وأنت بالمقابل تسكتين عني وعن ليديا".
" لا أبدا لن أقبل بهذه المساومة".
" من الأفضل أن تقبلي يا عزيزتي".
وأستعاد هنا مارك كل ثقته بنفسه وأضاف:
" سكوتي أمام سكوتك ولا شيء آخر".
" هذا سخف".
ولكنها عندما فكرت بشارل وغضبه أجابت :
"أذن تستطيع أن تعتمد علي".
" كبداية لمستقبلك في نادي الفروسية".
هذا ما قاله شارل هذا الصباح وهو يمد الى جين علبة صغيرة , ويبدو أن شارل لم ينسى أحدا بعد عودته من لندن, فكان للكل نصيبه من الهدايا وأنعكاس الفرح على جميع الوجوه , وأخذت جين هديتها بيد مرتجفة وهي تحاول أن تسكت خفقان قلبها وهي تفك الخيوط من حول الهدية ومع رفع آخر ورقة حريرية صعقت للمفاجأة عندما وجدت حصانا مصغرا عن هاموند وكان شارل يراقبها ولاحظ أحمرار وجهها فقال:
" أنت أحببته منذ اليوم الأول , وكنت متأكدا من أن هدية كهذه ستعجبك".
" بالتأكيد .... يا له من تشابه... لا أستطيع تمييز أي فارق بينهما".
أنه مصنوع من حجر كريم , وأستطاعت أن تكتشف ذلك من معرفتها لمجموعة حلى الزينة الخاصة بأمها فقالت:
" لا بد أنها كلفتك كثيرا؟".
وخيم صمت لم يقطعه الا رنين الهاتف , وكانت كل من ماري وهيلين سعيدتين بعلب الشوكولا.
قالت هيلدا:
" هل لديك بعض الوقت يا جين لتساعديني في صنع الحليب؟".
وعندما أغلق الباب ركز شارل نظراته على جين الواقفة أمامه وقال:
" بالتأكيد حصلت على هدايا من قبل يا عزيزتي جين".
" تريد أن تقول يجب علي الأعتراف بالجميل؟".
" كنت أرغب في لوي عنقك الجميل , أعتقد بأنها ليست المرة الأولى التي تتلقين فيها هدية من شخص؟ ألم يشرحوا لك بأنه من غير اللائق التحدث عن سعرها؟".
أحمرت جين وهي تقول لنفسها : أنها ليست هدية يقدمها رب عمل الى موظفة , لماذا يجد متعة بأرباكي , في كل حال هي لم تطلب منه شيئا".
" لا أعرف أذا كان يمكنني أن أقبلها , وفي الحقيقة لم تكن ضرورية".
" هذه الهدية يا عزيزتي جين , شعرت برغبة قوية بأن أقدمها لك , لأرى الفرح الذي سيضيء وجهك , قد يكون ذلك أنانة من جانبي , وعليك بأن تعترفي بأن هذه الطريقة غريبة جدا في أستقبال مسافر".
" غياب يومين , من الصعب أن نسميه سفرا".
" هذه المرة لم أبتعد أكثر من لندن ولكن في المرات المقبلة عندما سأسافر الى الخارج وسترين ماذا سأحضر لك معي".
ولم تعد جين تحتمل نظراته الساخرة , فأجابت مدافعة عن نفسها وبصوت يرتعش غضبا:
" ولكنني لا أريد شيئا".
وعند هذه الكلمة وضعت الحصان بين يدي شارل وقالت:
" لقد قررت بألا أقبله فأرجو أن تستعيده".
منتديات ليلاس
يتبع