المنتدى :
المنتدى الطبي - Medical Forum
«فرط الحركة» مرض يدفع ثمنه الأبناء بسبب جهل الآباء
«فرط الحركة» مرض يدفع ثمنه الأبناء بسبب جهل الآباء
لعل العديد من الأسر سواء الآباء أو الأمهات لا يدركون أو يعرفون شيء عن مرض الـ «ADHA» مرض فرط الحركة وتشتيت الانتباه والذي يصيب عددا غير قليل من الأطفال ويفسره العديد من الآباء والأمهات على انه نوع من «قلة التربية» أو العند لدى الطفل بل وفى غالب الأحوال يميلون إلى استخدام العنف والضرب في العديد من الأحيان بهدف ضبط سلوك أبنائهم غير مدركين أن أبناءهم مرضى لا حيلة لهم فيما يصدر عنهم من أفعال وأنهم في الحقيقة في حاجة إلى العلاج والرعاية أكثر من التوجيه والزجر.
وقد كانت بداية التعريف بالمرض عام 1902 غير انه لم يتم تعريفه بصورة علمية إلا عام 1930 حيث تم تعريف المرض بأنه تعرض المخ للتلف غير المنظور وفى العام 1960 تم تسمية المرض بمرض فرط الحركة وأخيراً وخلال التسعينات تم تحديد اسم المرض بأنه مرض تشتيت الانتباه مع فرط الحركة.
الجهل بالمرض
ويقول د. طلعت مطر استشاري الأمراض النفسية والعصبية بمستشفى عبيد الله برأس الخيمة إن الجهل بالمرض لا يقتصر على فئة دون الأخرى بل يتعداه ليشمل المثقفين وحتى الأطباء مؤكداً أن عدم إدراك الوالدين أو المحيطين بالطفل لحقيقة مرضه بالرغم من توفر العلاج المناسب له قد يؤدى في حالات عديدة إلى انهيار بعض الأسر وانفصال الوالدين نتيجة الجهل بحالة الطفل وإصابته بالمرض حيث غالباً ما يلقي الأب بمسؤولية الطفل وأفعاله على الأم التي تشعر بالفشل في تربية ابنها أو ابنتها وهو ما يلقي بظلال من التوتر على العلاقة بين الأم والأب قد تنتهي إلى الطلاق بسبب الضغوط النفسية والعصبية التي تمر بها الأسرة خاصة الأم.
نشاط زائد
ويضيف إن الطفل المصاب بالمرض تظهر لديه العديد من العلامات الدالة على إصابته بالمرض حيث يبدو كثير الحركة، مندفع، لا يهدأ أبداً، ميال دائماً إلى تحطيم الأشياء الموجودة أو المحيطة به دون قصد بالطبع نتيجة لعدم الانتباه، غير قادر على التركيز لفترة طويلة، دائما ما ينتقل انتباهه من شيء إلى آخر دون توقف يلاحظ الأشياء الصغيرة التي قد لا يلحظها الأشخاص الطبيعيون بالإضافة إلى عدم القدرة على الجلوس هادئاً لفترة ولو قصيرة لديه سرعة في الاستجابة دون تفكير، مخه مفتوح على أكثر من اتجاه في وقت واحد، غير مرتب ولا يستطيع التركيز على فكرة واحدة لمدة طويلة.
ويضيف إن المشكلة تظهر بصورة أكثر وضوحاً لدى هؤلاء الأطفال خلال المرحلة العمرية من 4 إلى 10 سنوات وتكون أكثر وضوحاً عند الالتحاق بالمدرسة. وتعود الإصابة بالمرض إلى أسباب وراثية نتيجة وجود خلل في بعض مناطق الدماغ حيث تبلغ نسبة الإصابة في مجتمعاتنا بالنسبة للصغار حوالي 7% وبالنسبة للكبار من 3 ـ 4 ويوضح أن جامعة الإمارات قامت بأجراء دراسة أوضحت أن نسبة الإصابة في الإمارات تصل إلى 10% وان عشر هؤلاء المصابين فقط هم الذين يتلقون العلاج وان بعضا منهم لا يتلقون العلاج المناسب.
الدوبامين
ويشير إلى انه وجد أن التاريخ الأسري للمرض يعد عاملا مؤثرا في الإصابة فقد وجد أن أفراد الأسر الذين لديهم طفل أو احد أفرادها مصاب بالمرض فأن الغالبية العظمى منهم لديهم عارض من أعراض المرض وليست كل أعراضه، كما انه بالنسبة للتوائم السيامية «من بويضة» واحدة فقد وجد أن نسبة التوافق بين الاثنين تصل إلى 80% أما التوائم غير المتشابهة فتصل النسبة بينهم إلى 30%، وحول أسباب الإصابة بهذه الحالة قال ان هناك جينا مسئولا وهو الجين المتعلق بنقل مادة الدوبامين فقد وجد أن هذه المادة هي المسؤولة عن المرض وعند إعطاء المريض أدوية تساعد على تحسين إفراز هذه المادة فأن حالته تتحسن على الفور بشكل ملحوظ.
كما أثبتت الأبحاث وجود تغيرات تشريحية في مخ الشخص المصاب بالـ «ADHA» حيث تظهر الصفة التشريحية أن الوصلة الوسطى بين فصي المخ «الجسم الملتحم أو الجسم اللاصق» يكون أصغر في الحجم من الشخص العادي.
بداية الدراسة
ويضيف إن خطورة المرض خاصة بالنسبة لصغار السن تتمثل في عدم النجاح في الدراسة «الفشل الدراسي» عزلة الطفل عن الآخرين وعن البيئة والمجتمع المحيط به، أيضاً التعرض الدائم لسوء المعاملة بين الأهل والأصدقاء والمدرسين وهو ما يترتب عليه تكون شعور معادي للمجتمع المحيط بالطفل وكثيراً ما يتحول الأطفال المصابين بالمرض إلى شخصية سيكوباتية معادية للمجتمع والمحيطين بها، كما أن الطفل المصاب كثيراً ما يتعرض للاكتئاب لشعوره بأنه غير محبوب حتى ان بعض الأطفال يتولد لديهم ميل أو أفكار بالانتحار.
العلاج الكلاسيكى
ويوضح د. مطر أن هناك نوعين من العلاج الأول هو العلاج الكلاسيكي القديم والذي كان ينحصر في الإكثار من تعاطي المشروبات المنبهة مثل الشاي والقهوة بالإضافة إلى الحبوب المنبهة لتحفيز الجسم على إفراز الدوبامين.
ويضيف انه مع التقدم الحادث في تصنيع وأبحاث الدواء فقد تم إنتاج جيل جديد من الأدوية حيث توجد أقراص الافوموكسوفين. وبالنسبة للعلاج التقليدي حبوب «الرتالين «RETALIN» فأنه بطئ المفعول ويستمر تأثيره لمدة لا تزيد عن 4 ساعات من تعاطيه يعود الطفل بعدها إلى حالته السابقة بنفس الأعراض السابق ذكرها. غير انه بالإضافة إلى ذلك توجد أقراص الكونسترو CONCERTU وهى أكثر تأثيراً ويمتد تأثيرها إلى 12 ساعة متصلة يكون الطفل خلالها في حالة طبيعية تماماً وهو ما يعني أن الطفل يحتاج إلى قرصين يومياً لاستقرار حالته.
بالإضافة إلى أنواع أخرى سوف تكون متاحة خلال الفترة القادمة والتي تعمل على مستقبلات عصبية مختلفة بالإضافة إلى العلاج النفسي والذي تعد التوعية بالمرض وأعراضه احد أهم بنوده وخصوصاً توعية الأسرة بطبيعة المرض وهو الجزء الأهم في العلاج، مع ضرورة عرض الطفل على طبيب مختص بالأمراض النفسية والعصبية.
ويؤكد على ضرورة أن تعلم الأم التي لديها طفل مصاب بالمرض أن تلك الحالة هي حالة مرضية ليس للطفل يد فيها كما انها ليست ناتجة عن سوء التربية أو العناد. وان العلاج عنصر أساسي في استقرار حالة الطفل حيث إن الإهمال من شأنه أن يضاعف من تدهور الحالة وعدم استقرارها.
وأوضح د. مطر في نهاية حديثه أن القول بأن بعض الأغذية أو الأطعمة التي تحتوى على ألوان صناعية أو مكسبات طعم يمكن أن تؤثر على حالة الطفل من الناحية النفسية والعصبية هو كلام غير مؤكد علمياً ولم تثبته أية أبحاث.
( البيان )
|