قضت ميجن أبشع ليلة فى حياتها . كل شئ فيها يتغير في وحشية غرفتها المظلمة حيث تبكى ساعات . كانت تميل إلى تصديق أن السعادة لا تأتى إلا مرة واحدة لكن فى الحقيقة لم يكن ألمها بسبب أنها فقدت مايكل أو أنها خيبت أمله . كان ألمها بسبب ما أدركت أنها لن تستطيع أن تنظر إلى طفلها فى عينيه , لأنها أرادت – منذ ساعات قليلة – أن تحرمه من والده . وفى نفس الوقت من أم سعيدة . أدركت فجأة أن هذا الطفل سيعاني مائة مرة أكثر منها . بكت ميجن شاي دون أن تستطيع التوقف حتى الفجر .
كشفت لها المعاناة حجاب الحقيقة . أدركت أنها لا تريد إبعاد مايكل بدافع الغرور أو الضعف . ببساطة لأنها اعتقدت أن فى ذلك لمصلحتها .
كان ينقصها بعض الحكمة . إنها لم تستمع إلا لقلبها ,. ولم تستمع لعقلها بالقدر الكافي . اعتقدت أن تكتفى بذاتها ولكن أن تحب رجلا أو تحب طفلا فهذا يعني البحث فى العالم على ما ينقصها منذ الأزل ولكي تصل لما تبحث عنه يجب أن تتحلى بما ليس لديها : الصبر .
تحلى مايكل رامسى بالصبر ليبحث عنها فى كل مكان مرتين على التوالى دون أن يفقد عزيمته . أعطته مشاعره دفعة انطلاق ولكن سيطرت الحكمة على الفور على افعاله . لو استمع إلى صوت الحب لعاد إلى ميجن فى اليوم التالى ولما تركها . على العكس أمرته الحكمة بأن ينتظر مرة أخرى . أن يترك المرأة التى يحبها تدرك الحقيقة , أن تبصر حقيقة العوائق التى أمامها وأن عليها تخطيها .
كان ذلك قرارا حكيما سمح له بالسيطرة على عواطفه بينما كانت ميجن من ناحيتها تفحص للمرة الأولى الأحداث دون حاجب الخوف والعاطفة .
# # # #
بعد ثلاثة أيام , استيقظ فى الصباح الباكر ظهرت ميجن عند الباب برداء نوم أبيض كانت نظرتها أكثر صفاء . ونظرت إليه مباشرة . قالت ببساطة كما لو كانت تقنع نفسها بأنها لا تحلم .
- مايكل , هذا أنت ؟
أجاب بصوت محايد :
- جئت لأقيم هنا .
لم ترد ميجن أن تبتسم . ما زالت لا تستطيع ذلك . كان ينقصها أن تعترف بتفاصيل التمثيلية التى أخرجتها فى فندق هاراباس التى يجهل مايكل عنها كل شئ . كانت تعرف أن هذا سيكون صعبا ولكنها ستستطيع من اجل الطفل خاصة . نعم على الرغم من تعبها , كانت تشعر بالقوة .
- ادخل سأعد القهوة .
أغلقت باب المنزل النائم تحت الشتاء خلفهما .
أنت لم تعودى تستطيعين القيام بأعمال المنزل . كما أنى لا أريدك أن تكوني وحيدة هنا فى هذه البلاد البعيدة . قد يحدث لك شئ . دوار مثلا , لست أدرى يكفي أن يكون التليفون بعيدا حتى تلاقى المعاناة ... يمكننى أن أخذ إجازة ,إجازة طويلة سأعتنى بك وبالطفل بكما أنتما الاثنين . إنى أرغب فى ذلك .
- هذا لطيف منك يا مايكل . بالتأكيد من الأفضل أن تكون هنا بسبب الطفل . لكن ستعود العمة كاتي بين يوم وآخر .
- سنواجه رجوعها . أما الآن فسأدللكما أنتما الاثنين .
- اتفقنا . لكن بشرط .
- ماهو ؟
- أن تعلمنى الطهي ! فى المستقبل لا اريد أن يأكل ابنى المعلبات .
أدرك مايكل أن المشكلة لم تحل بما أنها ما زالت تتخيل أنها الوحيدة التى ستعتنى بالطفل بعد مولده . لكنه لم يعرب عن حزنه :
- سيكون ذلك سهلا كلعب الأطفال يا ميجن . أنا متأكد أنك موهوبة بأشياء كثيرة أكثر مما تتخيلين .
- إنك تخدع نفسك يا مايكل . استغرقت لوسى سنتين لتعلمنى كيف أصنع سندويتش يؤكل . أنت لا تعرف ماذا ينتظرك , إنه أنا التى تقول ذلك .
بعد عدة أيام . استقر مايكل فى المنزل كأنه يعيش فى هذا المكان منذ وقت طويل . لم تعارض ميجن إلا فى بعض الأشياء البسيطة .
خلال كل حياتها , عاشت مع نفسها , وحيدة أغلب الأوقات بدون أى شخص يهتم بها , كان والدها وكونراد يحبانها كثيرا بالتأكيد ولن تميز آل شاي دائما بالميل إلى الحياة البوهيمية . يأتى والدها ليوقظها فى الصباح . بعض الأيام يصطحبها إلى المدرسة . كان هذا هو كل شئ .
كونراد كان يفطر معها ونادرا ما يتناول معها الغداء أما باقى الوقت فكانت ميجن منفردة بنفسها تماما . لا أخواها ولا والدها مهتمون بما تصنع فى الخارج . لايوجهون لها الأسئلة إلا عندما تحصل على درجات سيئة , وبما أنها لم تكن معتادة على المساءلة ولا تحبها فكانت ميجن تدبر مذاكرتها حتى تحصل على درجات متوسطة .
فى مرحلة الجامعة , لم يتغير شئ . بدافع أن تكون دائما وحيدة أصبحت ميجن كما يقال امرأة مستقلة ,. انتهى بها الأمر بأن تؤمن بأنها ليست بحاجة إلى أحد باستثناء صداقتها أحيانا لزميل يخفف وحدتها . شيئا فشيئا نسيت رقتها الطبيعية , وانوثتها الحقيقية , لم يرغب الزملاء فى مصادقتها . تربي أخواها بنفس الطريقة لكنهما كانا أحسن حالا منها لأنهما رجلان . قدمت إليهما النساء ما لم يجداه فى المنزل من دفء أسرى وحنان لكنهما أيضا أكد استقلالهما مبكرا .
بعد أيام الوحدة الطويلة , كانت ميجن فى أسعد حال لأن إلى جوارها رجلا يعتنى بها عناية فائقة . بالإضافة إلى أن هذا الرجل يدعى مايكل رامسى وهو أبو طفلها . لم يهتم بها أحد كما يفعل هو , ثلاثة أسابيع دون أي مقابل , دون أي كلمة عتاب .
أما مايكل فهذه تعد المرة الأولى التى يهتم فيها بأحد . ولد فى أسرة غنية . واعتاد على أن يخدمه الخدم , بالتاكيد يعانى الكثير ليحارب عادات الطفولة المدللة وساعده فى هذه الحرب حبه ل ميجن ورغبته فى أن يفعل أى شئ لاسعادها .
مرت الأيام فى هدوء كان وجود كل منهما للآخر بمثابة نعمة كبيرة ولدت بينهما صداقة عميقة . تعلما كيف يتبادلان معرفة بعضهما البعض ,. يتبادلان الاحترام , كيف يرتفع كل منهما عن كل شئ وضيع , وبذلك كبر حبهما بمرور الأيام .
ألم تنسى الفيتامينات ؟ لا , لا تشربى القهوة , الأطفال لايحبون القهوة يا عزيزتى ... تعالى لنتريض .. ضعى قبعتك .. حتى لا تأخذى بردا ... وعشرات من الملاحظات الحانية كانت على شفتى مايكل خلال الثلاثة الأسابيع . غالبا كانت ميجن لا تجيبه وتكتفى بالابتسام . لكنها كانت تطيعه ذلك لأنه من الصعب الصمود أمام سحر هذا التكساسى .
اتصلت العمة كاتى نهاية يناير. كانت تكتب لها كل يوم ولكنها كانت تتجنب الاتصال التليفونى من منزل فريدي بريستون بدافع اللياقة . لم تحدثها ميجن عن مايكل خشية أن يقيم بشكل نهائى . بعد شهر من الحياة المشتركة , لم تفلح فى أن تعترف له بسيناريو ليلة فندق هاراباس . لقد أصبح الكلام عن هذه الليلة أكثر صعوبة يوما بعد يوم .
لأن كل يوم كانت تتعلق به بشكل أكبر فكانت تخشى أن تفقده إذا قالت له كل شئ .
سألتها كاتى :
- من هذا الرجل الذى رد على ؟ صوته ساحر أليس من تكساس ؟
- بلى يا عمتى . اسمه مايكل . إنه ... صديق جاء ليقضى بضعة أيام ... متى ستعودين إذن ؟ وكيف حال فريدي ؟
- ليس على ما يرام يا صغيرتى . استيقظ هذا الصباح مصابا بالبرد . هذه مساؤي التقدم فى السن . انا سعيدة جدا لأنك مع صديق يا صغيرتى . الحياة قصيرة والشباب ليس إلا فترة منها استمتعى به ! اسمعى إذا كان صديقك سيبقى بعض الوقت يمكننى أن أبقى لدى فريدى لن يسامحنى إذا تركته بهذه الحال أخبرينى إذن هل سيبقى طويلا هذا الشاب ؟
- أنا ... لست أدرى عن ذلك شيئا يا عمتى . لكن لا تقلقى بشأنى .
- لماذا لا تطلبين منه ذلك يا عزيزتى ؟ يبدو لطيفا من صوته الجذاب هيا اطلبى منه أن يبقى .
- أنا لا . لا يهم يا عمتى ...
همس مايكل فى أذن ميجن :
- أن تطلبى منى ماذا ؟
وعندما رآها تبتسم أخذ من يدها السماعة :
- السيدة شاى ؟ هذا مايكل .
تحدث الاثنان بروح مرحة وضحكا من قلبيهما ... يبدو أنه دخل قلب العمة كاتي . شعرت ميجن بحبه يكبر فى قلبها . لأول مرة فى حياتها تشعر بوجود من يحميها فى هذا العالم ويطوقها بذراعه فى حنان .
- نعم يا سيدة شاي أؤكد لك أنها فى حالة رائعة .. إذا كنت غنيا ؟ بالتأكيد يا سيدتى .. إنى فى أجازة .. نعم طويل إنى طويل ... إذا بقيت فعلى الرحب والسعة ؟ نعم يا سيدتى هذا من دواعى سرورى .
تحدثا عن أشياء كثيرة عن عمله وثروة أبيه .
- نعم ... نعم يا سيدتى .. أناديك كاتي ؟ .. أعدك بذلك ... لا تقلقى إلى اللقاء يا سيدتى ! إيه أقصد قبلاتى يا كاتى .
وضع السماعة دون أن يترك ميجن بعينيه أحاط وجا بيديه ونظر فى عينيها .
شعرت ميجن بموجات الحب تتدفق فى قلبها . لكن ما زال هناك سر يمنعها من الاستمتاع بهذا الإحساس الجميل .
همس :
- العمة كاتي من نوع النساء الذى أفضله
- مايكل هناك شئ أريد أن أخبرك به .
- ليس هذا المساء يا حبيبتى .
- يجب ان أقوله
- ليس هذا المساء أرجوك . هذا المساء أريد أن أغوص فى عينيك الساحرتين دون أن أنطق بكلمة
- مايكل إذا عرفت ما الذى ...
- ألا تريدين أن نجلس فى هدوء الليل وننعم به دون مناقشات ؟
وعندما لم تجب شعر أنه أسعد رجل فى العالم . إنه لا يريد أن يتفاوض بشأن سعادته . كل شئ يصبح ثانويا عندما يحتضن ميجن بين ذراعيه .
وبعد مضى أسبوع . حضر كونراد على غير موعد . لم تكن ميجن قد أخبرت مايكل بعد بالمناقشة الحادة التى دارت بنيها وبين أخيها . لكن كان كونراد يعرف القصة كاملة وقد حدث ما كان لا بد أن يحدث .
توافق الرجلان وتبادلا الاعجاب . قبل الغداء بقليل تركا ميجن ليركبا الخيل فى الريف القابع تحت الثلج . قال كونراد :
- تهانئى يا مايكل . لم تكن ميجن بهذا الجمال باستثناء أنها غيور قليلا من انسجامنا . أعتقد .
- قال الطبيب : إن الطفل سيكون معافى ربما كبيرا قليلا ولكن لن يسبب ذلك أى مشكلة .
- الحياة كم هى غريبة يا عزيزى مايكل . لقد بدأ كل شئ بشكل سيئ . أن ترغب فى أن يكون لها طفل هذا شئ أما أن تختلق هذه القصة السخيفة عن استطلاع الرجل ثم تتنكر فى شكل امرأة محترفة وتذهب إلى أحد الفنادق الفاخرة فهذا ما لم أصدقه عن أختى أبدا . إن حظها من السماء أنها التقت بك أنت . أنت ...
عبس وجه مايكل بشكل مثير .
قال كونراد غاضبا من نفسه لانه ارتكب هذا الخطأ :
- لايمكن أنها لم تخبرك . يبدو أن كل شئ على ما يرام بينكما .
# # # #
بعد مرور يومين كانت ميجن تشاهد عملا دراميا فى التليفزيون بعنوان " هو وهي " عندما دخل مايكل .
همست فى الضوء الخافت :
- صه ...
أطاعها مايكل جلس بجانبها صامتا على الأريكة الحديثة التى اشترتها العمة كاتي من المعرض الدولى فى مونتريال إن ألوانها وتصميمها توحي بأنها مصممة فى الفضاء .
احاطها مايكل بذراعه فى حنان فاستنشق عبيرها الذكي وشاهد لمعان شعرها الاحمر تحت هذا الضوء الخافت تماما كأول لقاء لهما .
قال فى نفسه : إنها لى وهي تحمل طفلى .
منذ وقت طويل كان يحلم أن يقول بصدق أحبك يا عزيزتى ولقد حقق له القدر هذه الأمنية لأن المراة التى يحبها منحته دون أن تدرى أجمل دليل على الحب يمكن تصوره , لقد اختارته من بين الرجال ليبدأ القصة الأبدية لخلق العالم , هذا العالم بالنسبة ل ميجن يدعى طفل هذا الحمل الكامن فى جسدها يحمل أسرار الكون .
من ملايين السنين يختار الرجل امرأة حياته التى ستهبه الذرية . وعلى الرغم من ان المراة هى أبرع كيميائى فى العالم إلا أن جوائز نوبل تذهب للكيمياء الذرية التى تجرى اختباراتها فى المعامل والمختبرات بالمقارنة بالمرأة التى تقدر على حمل طفلها تسعة أشهر إنهن يحملن سر خلق الكون منذ الازل .
لقد فهمها مايكل إنه يعتقد أن النساء أكثر قدرة على معرفة من الجدير بان يحمل أبوة أطفالهن . حدسهما فى هذه المسألة لا ريب فيه ومن ناحية أخرى . شعر أنها امتدحت رجولته عندما اختارته .
لكن هيهات لكل ميدالية وجه آخر . لم تكن ميجن على مستوى ما قامت به لقد ندمت وحزنت وشعرت بالخزى والذنب . لابد بدون شك أن تخفى القصة عن كل الناس ولكن كبرياؤها تؤلمها لأنها لم تقل له الحقيقة بعد . ومن ناحية أخرى كان يعرف ان ميجن لديها السبب فى عدم الإفصاح له عن الحقيقة هذا السبب هو الحب . إذا كانت لا تحبه لقالت له الحقيقة لتتخلص منه . وبوجه عام لايجرى الرجال خلف أطفالهم غير الشرعيين . ولكن تماما مثل المراة التى يحبها . يبدو أن مايكل ظاهرة نادرة
انتهى الفيلم الموسيقى
رومانسية . اغرورقت عينا ميجن بالدموع . استندت إلى صدر مايكل . همست :
- أحبك يا مايكل .
اجابها بابتسامة ساخرة :
- لا أصدق أنك تحب فتاة ذات بطن مستدير كالمجمعات السكنية والبعض يشبهونها بالشاحنة لكنك لست شريرا .
- أنا أرى أنك تشبهين تمثال الحية . أحبك كلك . بأكملك على الإطلاق وبشكل قاطع .
سالت دموع ميجن . قالت :
- إنه الفيلم .
- أوه أعرف . سترين سنمثل فيلما عن قصتنا يكون الفيلم مشيئة السماء .
- أوه يا مايكل .
- انتظرى لا تتحركى . ابقى هنا . لدى شئ من أجلك .
نهض واختفى لحظة فى الغرفة التى يشغلها وعاد وفى يده علبة صغيرة من القطيفة .
- كنت أود أن أقدمها لك فى أعياد الميلاد ولم أفعل . بمجرد ان شاهدته عرفت أنه صنع من أجلك . من أجل ان تلبسيه يوما ., من أجل أن اهديه لك اليوم , إنها فرصة عظيمة هذا المساء أن أخبرك بأننى أردت الزواج بك منذ أربعة شهور .
أخذت العلبة من يد التكساسى . بيد مترددة وشعرت أن طوق السعادة يغلفها وأنها قد وقعت فى الفخ لا محالة لأن هذه السعادة مبنية على كذبة ., وإذا قالت الحقيقة فستفقده وهى تخشى أن تفقده دون أن تعرف سبب هذا الخوف هل هو من أجل الطفل أم من اجلها .
- مايكل .
فتحت العلبة لتكشف عن خاتم رقيق يزينه فص زمرد حر محاط بهالة من الماس . إنها قطعة فنية ساحرة .
أخذ مايكل مكانه على الأريكة شعرت به ميجن وبكل نبضات قلبه همس فى أذنها :
- نفس لون عينيك . سنتزوج إذن ؟ لا أنتظرى سأبدا من جديد . مارى ميجن شاى هل تريدين أن تكونى زوجتى وتعيشى معى فى السراء والضراء ؟
كانت كلمة نعم تتردد فى قلب ميجن كأنها أمر إلهى . غرقت الحجرة فى جو من الحب .
- مايكل .. أنا .. الطفل .. إنه لذلك .. أوه لا أريد .. لا استطيع .
أرادت أن تهرب من الحجرة لكنه أمسك يدها . مسحت نظرته عنف الحركة التى قام بها . خفضت ميجن عينيها . إن مايكل يعرف ما يدور بخلدها . وركز تفكيره على أن يساعدها .
قال بصوت عميق ويفيض بالصدق :
- أحبك يا ميجن . والطفل أيضا . سأحاول أن أكون أبا جيدا أعدك بذلك .
- أعرف ذلك جيدا يا مايكل . لكنى ببساطة لا استطيع الموافقة
قال مايكل فى نفسه تحدثى , أرجوك ساحبك أكثر إذا ما تحدثت وقلت الحقيقة يا حبى .
- لماذا ؟ قولى لى فقط لماذا ؟
- انا .. أنا متأكدة أنك ستتزوجنى من اجل الطفل لأنك تريد أن تمنحه اسمك . انتم الرجال لا تفكرون إلا فى ذلك .
- ميجن . أرجوك , ليس هناك شئ من هذا القبيل بيننا . أنت تعرفين أننى احبك ألا ترين ذلك ؟ قولى الحقيقة
شعرت ميجن أنها ستبكى . وضعت الخاتم فى إصبعها . لمعت الدموع فى عينيها فى نفس اللحظة التى لمع فيها فص الخاتم الزمردى .
- هل أستطيع أن اطلب منك طلبا .
- بالتأكيد يا عزيزتى
- دعنى اخذ حماما الطفل يزعجنى
- حسنا سأنتظرك . سأنتظرك الوقت الذى تريدين .
أخذت ميجن تفكر أثناء الحمام . الموقف واضح . ووضوح مشاعرها نحو مايكل يزيدها شجاعة . طرحت على نفسها نفس الاسئلة عشرات المرات . وكأن اختبارا عقليا .
هل تحب مايكل ؟ نعم هل تريد الزواج منه وبذلك تكرس له حياتها ؟ نعم . هل تريد أن تقيم أسرة حقيقية معه ؟ نعم وتوالت الاجابات نعم ونعم . هل هناك وسيلة لتخفى عنه الحقيقة إلى الابد ؟ لا إن نهاية الكذب ستكون بداية لحياة سعيدة مع مايكل الرجل الذى تحبه . رجل حياتها ؟ نعم . رجل حياتها الذى لا تستطيع أن تقابله إلا مرة واحدة على الأرض الرجل الذى بحثت عنه دائما .
عندما عادت الى الحجرة كان مايكل قد دخل لينام حتى لا يجبرها على الحديث . لقد اتعبته احداث اليوم . نظرت إليه ميجن وهو نائم . كم هو جميل ووجهه برئ . إنه يشبه الملائكة رغم ضخامة جثته التى تشبه العملاق القوى . فتح عينيه ببطء .سألها :
- هل أنت بخير ؟
- لا ياعزيزى
- اذهبى إذن لتنامى
وضعت ميجن يدها على فم مايكل حتى تجبره على الصمت . كانت تعرف أن شجاعتها ستخونها إذا بدأ يتحدث بصوته العذب ويقول كلمات الحب التى يعرف أسرارها أرادت أن تعترف له بالحقيقة . دون أن تترك له فرصة مقاطعتها مرة واحدة
باردته بصوت هادئ :
- مايلك أنا لا أنتظر منك أن تسامحنى كل ما اطلبه منك هو أن تسمعنى حتى النهاية وألا تكرهنى بعد ذلك
همس مايكل بشئ فى راحة يدها لكنه لم يحاول أن يحرر شفتيه .
وشعرت ميجن بهدوء غامض . وأخذت تتكلم كأن ملاكا يهمس إليها بالكلمات فى اللحظة المناسبة .
- لم تكن مقابلتنا مصادفة . لقد حسبت لها كل شئ . لست أدرى إذا كنت ستتفهم ذلك ،كنت أريد طفلا . كنت أريده بشدة وإلى درجة لا تستطيع أن تتخيلها . كل حياتى منذ سنين تتجه فى هذا الاتجاه . الحصول على طفل .لم أعد أصبر . الأيام تمر والانسان يتعب وييئس ويتقدم فى السن .
واستطردت ميجن تقص تفاصيل خطتها من أول رقصة الاستبيان واستطلاع الرأى إلى ما إنتهت إليه الليلة المشهودة :
- لقد ندمت بالتأكيد خاصة عندما رأيتك مع هنرى آلدرمان كنت أظن أننى لن أراك أبدا .لقد اخترتك كما أختار فستانا بين العشرات فى فترينة متجر . لقد استغللتك بشكل بشع .وشعرت بعدها أننى بشعة أيضا .... كل ما أستطيع ان أقوله لك : إننى أسفة من كل قلبى .
نظر إليها . لم يكن يظن أبدا انه يستطيع أن يحب كما يحب ميجن الآن . إن كل كيانه يفيض حبا لها . لم يرد مايكل أن يتحدث وكذلك عندما حررت ميجن شفتيه ظل صامتا . إنه لا يريد أن يكسر سحر هذا الصمت . أما ميجن فكانت متوجسة وقلقة حتى الموت تنتظر إجابته .
- مايكل ألن تقول شيئا ؟ هل سمعت ما قلته لك ؟ هل أنت نائم ؟
همس :
- لا ، لست نائما .
أراد ان يحتضنها ويمطرها بالقبلات . لكنه تبين ما تشعر به ميجن من تعب . لقد أنهكها الاعتراف بالحقيقة . إنها تحتاج الآن إلى الحنان والراحة والنوم .
أعترف بدوره :
- إنى أعرف كل ذلك يا عزيزتى كونراد حكى لى كل شئ يوم تقابلنا
بدت الدهشة على وجه ميجن . أمسكت رأسها بين يديها ولاذت بالصمت فهى لا تعرف ماذا تقول .كان مايكل يعرف مدى تألمها خلال الأيام الماضية باحتفاظها بهذا السر .
- هل تتذكرين ،بعد رحيل كونراد خرجت فى جولة فى القرية كنت غاضبا بالتأكيد ولكن ليس لما فعلته بل لأنك كذبت على .كنت سعيدا لأنك اخترتنى من بين الآخرين .ثم قلت لنفسى : إنك مجنون تماما وإنه يجب أن أعدود إلى نيويورك دون ان أخبرك . وعندما فكرت فى أن أتركك عرفت كم أحبك . الشئ الوحيد الذى آلمنى هو صمتك . لأنى قد أموت إذا تأكدت أنكلا تثقين بى .ولا تؤمنين بحبنا لهذا لم أقل لك قبل هذا المساء .لكن انتهى الأمر الآن . دعينا لا نفكر فى ذلك يا حبى .
ابتسمت ميجن بما أنه لا يوجد كلمات ذات جدوى بعد كل ما قيل ... أراحت ميجن رأسها على صدره وأغلقا عيونهما كطفلين أجهدهما اللعب .
# # # #
فى صباح اليوم التالى ، استيقظت ميجن متأخرة نحو الثانية عشرة ظهرا . كانت وحيدة . الشمس ساطعة وجدت على الطاولة المجاورة للسرير رسالة من مايكل :
" صباح الخير يا ملاكى الصغير . لم يطاوعنى قلبى أن أوقظك .كنت جميلة جدا وانت نائمة ... سأذهب إلى نيويورك بدأت أعمالى تغار منك لأنى أهتم بك أكثر مما اهتم بها . اصنعى لنفسك غداء طيبا . سأعود هذا المساء وسنتناول العشاء فى الخارج .أحبك مايكل "
ملحوظة : لا أعتقد أن الأمور قد حدثت كما تظنين فى ليلة لقائنا الأول . لقد قررت المشيئة الإلهية أن نتقابل وهذا كل شئ .وبدونها ما كنت أنا ولا أنت هنا .إن كل شئ مكتوب كل شئ فى مكانه ويأتى فى أجله المحتوم . نحن كالعميان الذين لا يعرفون قراءة رموز القدر .دائما تتضمن الأشياء حقائق خفية وغامضة لا نفهمها .أهم شئ هو أن نكون معا .إنه قدرنا يا حبى ،قدرنا الجميل .فكرى فى ذلك "
وضعت ميجن الخطاب فوق قلبها ونظرت إلى إصبعها الذى يزينه الخاتم هدية مايكل . فى الحدائق ظهرت بشائر الربيع . الذى سيعيشانه معا . جاءتها فكرة أن هذه الشمس ليست شمس كل يوم بل إنها قد بزغت اليوم من أجلها . ومن أجل مايكل ومن أجل الطفل الذى تحمله كأنها حياة جديدة كأنها هبة إلهية من السماء .
تمت بحمد الله