5- أنقاذ أم ورطة
أستفاق ديرميد يغني كعادته عندما يستفيق في الصباح , ذهبت اليه ساندي وأخبرته ما حصل لوالدته , تقبل الأنباء بهدوء ثم وضع يده الصغيرة في يدها , وقال:
" ستهتمين بي يا ساندي , أليس كذلك؟".
أخذته الى المطبخ من أجل الفطور, أخبرتها نان أن ليماند قد أتصل بالمستشفى يسأل عن مرتا , أنها علامة حسنة , أن يهتم ليماند في أمر مرتا , مع أنه كان دائما يظهر عكس ذلك.
" كيف حالها؟ ".
سألته ساندي .
" صحتها جيدة , مرتاحة , يمكنك زيارتها بعد الظهر , ليماند يقول أنه سيصحبك مع ديرميد لزيارتها بعد الظهر في سيارته".
" هل يعني ذلك أنك لن تذهبي في نزهة بحرية برفقتي أنا ورون؟".
سأل جوني وهو يجلس في مكانه المعتاد الى الطاولة , شعره بدون تمشيط وعيناه حمراوان أشارة أنه أطال السهرة الليلة الماضية ولم ينم كفايته, كان مكشرا كعادته في ضحكة عريضة.
" يجب أن أزور مرتا مع ديرميد لأطمئن عليها , أعتذر يا جوني ,يمكنك دعوة فتاة أخرى لمرافقتك".
" لا أظن".
ثم غمز لها بعينه أشارة تعني أنه يعرف سرا وقال:
" هل تمتعت بالمسير بصحبة ليماند في ضوء القمر؟ لقد غضب رون قليلا عندما أكتشف أنك تركت المرقص بدون أن تخبريه".
" لم أقصد أن أترك, خرجت لأستنشق بعض الهواء النقي, لقد كان الجو خانقا داخل القاعة من كثرة الأزدحام , لما عدت كنتما قد خرجتما , أظن أن رون وجد صديقة غيري ترافقه".
" لا , ليست صديقة خاصة, هي شيلا غرانت التي عادت ال كيركتون في عطلة قصيرة , دعتنا لزيارتها في منزلها , وأنت أيضا كنت مدعوة معنا , أعتقدنا أن لديك مشاريع أفضل".
وعاد يغمز بعينه مرة ثانية , أحست بحمرة الخجل تعلو وجنتيها ,
" ستبقين فترة أخرى هنا لأن مرتا طريحة الفراش, أليس كذلك؟".
" لا أعرف بعد, هذا يتوقف على دعوتي للبقاء".
" ولكن, من يرعى ديرميد أذا تركت؟".
" والدتك نان".
" لا أعتقد أنها تستطيع , ستذهب الأثنين المقبل لزيارة شقيقتها سكاربورو , منذ أشهر وهي تخطط لهذه الزيارة , لقد أتفق ليماند مع زوجة ويلي برودي لتحضر كل صباح لتساعد في التنظيف والطبخ ولكنها لا تستطيع المبيت هنا , ولا رعاية ديرميد".
" ةأذن , أصطحب ديرميد معي الى هامشير عند عودتي".
قالت نان:
" من المؤسف أن تأخذيه الآن , بعد أن بدأ يعتاد علينا , منزل الصغير هنا , حيث تربى والده , أنا متأكدة أن ديرميد سيطلب منك البقاء لتساعديه".
لم تكن ساندي متأكدة من ذلك , بعد الظهر ,ذهبت الى المستشفى برفقة ليماند , كان كعادته منطويا , قليل الكلام وتصرف كسابق عهده , كأن شيئا لم يحصل بينهما الليلة الماضية... ربما لم يحصل أي شيء , كلها أوهام , بل أحلام , منذ وصلت الى دانكريغان والفارس الأسود ينقذها من أخطار تحيق بها , عليها أن تماشي ليماند وتتصرف هي أيضا كأن لا شيء قد حصل البارحة , لقد حضرت الى دانكريغان من أجل هدفين , أولا تأمين مصاريف تعليم ديرميد , ثانيا زواج مرتا من ليماند .
وجد ليماند مكانا ليوقف سيارته قرب المستشفىه قليلا في السيارة , , طلب من ساندي أن تنتظر ه قليلا في السيارة , عاد بعد خمس دقائق يحمل وردا أحمر ,وعلبة شوكولاتة وعنبا , أنها علامة ثانية حسنة من ليماند , سرت لأعتقادها أن مرتا
أخيرا نجحت في أجتذاب ليماند.
تقع المستشفى في ضاحية كيركتون , نظيفة وهادئة جدا , في الغرفة كانت مرتا مستلقية ورجلها اليمنى معلقة قليلا الى أعلى , تحيط بها الضمادات والأربطة ,وتبدو جميلة للغاية بالرغم من كل ما قاست من تعب وألم , وجهها الشاحب يحيط به شعرها الأحمر اللامع.
فرحت مرتا كثيرا برؤيتهم , رفعت ساندي ديرميد لوالدته لتقبله , ثم أنحنت على مرتا تعانقها , فتحت مرتا ذراعيها لأستقبال ليماند... تردد قبل أن يقترب منها وقبلها على خدها ثم قدم لها باقة الورد الأحمر التي كان يخفيها خلف ظهره حين دخل.
" ما أجملها , كيف عرفت أنني مولعة بالورد الأحمر؟ ".
قربتها من أنفها , شمتها ثم قالت مخاطبة ساندي:
" خذيها وجدي لها مزهرية".
قدمت ساندي العنب كما قدم ديرميد علبة الشوكولاتة , جلس ليماند على كرسي قرب سريرها وحمل ديرميد وأجلسه على ركبتيه , كانت مرتا تثرثر معه , منظر عائلي أليف , أي شخص يدخل الغرفة سيعتقد أنهم أب وأم وأبنهما...
" أنها نعمة, بعد كسر رجلي , أن أحظى بهذا الأهتمام من الجميع؟ أليس سخيفا أن أكسرها؟".
سألتها ساندي:
" كيف كان الكسر؟".
" الكسر فوق الركبة , ولهذا السبب هي مشدودة الى أعلى , قال بيل أن علي البقاء في المستشفى من عشرة الى أسبوعين".
نظرت تخاطب ليماند وقالت:
" أنا آسفة جدا , يجب أن تبقى ساندي هنا فترة أخرى لتعتني بديرميد".
نظرت ساندي الى ليماند , رد عليها بنظرة ساخرة بعد أن ضيّق عينيه قليلا كأنه يفكر أن مرتا قد كسرت رجلها عن سابق تصميم , كي تبقى ساندي فترة أطول في دانكريغان , لكن ساندي أسرعت تقول:
" يمكنني أن آخذ ديرميد معي الى هامشير يوم الأربعاء".
خيّم صمت ثقيل , عبست مرتا , كان ليماند يفكر تفكيرا عميقا , مال بكرسيه الى الوراء ولم ينظر الى أحد.
" لا أريدك أن ترحلي! ".
قال ديرميد :
" لا أريد الذهاب الى هامشير , أريد البقاء هنا لأذهب الى الشاطىء كل يوم وألعب مع لورنا وأيوان!".
" من الواضح أن ديرميد قرر".
كان تعليق ليماند على الموقف برمته , عيناه السوداوان كانتا خاليتان من أي تعبير , ثم نظر الى ساندي وقال:
" ما هو رأيك؟ هل من الممكن أن تبقي في دانكريغان وتهتمي بديرميد لحين شفاء مرتا؟".
" أرجوك يا ساندي , قولي نعم , سأشفى بسرعة أذا تأكدت أن ديرميد قربي وأنت تهتمين به".
لا يمكنها الرفض حتى ولو كان ليماند يعلاض بقاءها , عليها أن تبقى من أجل الصغير فقط.
" نعم , أستطيع".
" هل من شروط جديدة؟".
سألها عن الأتفاقية الجديدة , نظرت في عينيه ورأت ومضة شيطانية سريعة جعلت نبضها يسرع, قالت:
" شرط واحد فقط".
" ما هو؟".
" سأبقى شرط أن تسمح لي بأن أحفر خلف الحصن, وجانب التلة قربه, أفتش عن بقايا أثرية تبرهن أن هناك حصنا قديما في دانكريغان يعود تاريخه الى القرن السادس".
تبادلا النظرات لدقائق كأن لا أحد معهما في الغرفة.
" يمكنك ذلك متى رغبت , ولكن لا تتعمقي كثيرا , ثم لا تحفري مكان المزروعات , عليك الأنتباه الى ديرميد والمساعدة في أعمال المنزل في غياب نان".
" وهل سترحل نان؟".
أستغربت مرتا وتابعت:
" لم أكن أعرف , متى ستعود؟".
" لست متأكدا ".
قال ليماند وأكمل :
" ستبقى مع شقيقتها بضعة أسابيع , لديها النية في مشاركتها في أدارة الأوتيل الذي تملكه أختها".
سألت مرتا مهمومة:
" من سيدير المنزل في دانكريغان في غيابها؟".
" يا زوجة أخي العزيزة لم نتفق بعد على ذلك".
قال هذا ثم وقف ليخرج وتابع:
" مبدئيا السيدة برودي ستعمل بعض الوقت في الصباح , لدي الآن موعد عمل , سأترككما لتثرثرا , سأعود بعد نصف ساعة , سأراك يا ساندي مع ديرميد ف مدخل المستشفى ".
ثم نظر الى مرتا ثم قال:
" أعتني بنفسك , أفعلي كل ما يأمر به الجراح ,هو يعرف ما هو أفضل لك , أراك فيما بعد".
نظرت مرتا الى ساندي مستغربة كل هذا اللطف . . على غير عادة .
" ما الذي غيّره ؟ كم هو لطيف , كدت أظنه زوجي كروفورد , هل لديك تفسيرات لهذا التغيير؟".
قالت ساندي مستغربة:
" ربما لأنني أخبرته عن رغبتك؟".
سألت مرتا:
" ماذا تقصدين؟ أعتقد أنني بعد هذه الحادثة أصبحت لا أفهم بسرعة , وقعت البارحة على مؤخرة رأسي بالأضافة الى الكسر في رجلي ربما هناك شعر بسيط بسيط في رأسي , قال بيل أنه يندمل ببطء , ساندي أن بيل لطيف للغاية , بدأت أعتقد أن الحادثة التي حصلت لي كانت نعمة هبطت عليّ من السماء , ليماند جلب لي الورد وبيل يهتم بي كثيرا .... ماذا قلت له عن رغبتي؟".
" هل تذكرين عندما سألني ليماند ما أذا كنت أكيدة من أنك لا ترغبين شيئا آخر غير تعليم أبنك؟".
" نعم , أذكر...".
" لقد أخبرته أنك ترغبين في الزواج مرة ثانية!".
سألت مرتا:
" كيف كانت ردة الفعل عنده؟".
" لست متأكدة ,لم يقل شيئا , ربما هنا تكمن أسباب تغيره اليوم, أعتقد أنه شغوف بك يا مرتا ويخفي عواطفه عنك لأنك ترملت منذ فترة قصيرة , هو أيضا لا يعرف شعورك نحوه".
حدقت مرتا بها ثم ضحكت ضحكة هستيرية.
" ربما تكونين على صواب".
" أعذريني لأني أخبرته, كنت سأسافر بعد أيام قليلة , ظننت أن أعلامه برغبتك قد يساعده في الأسراع بأتخاذ القرار المناسب ليحل المشكلة المتعلقة بثلاثتكم , هو وأنت وديرميد".
" ربما هذا يساعده على المدى البعيد".
تمتمت مرتا وقد ظهر العبوس على جبينها.
" هل أنت تعبة؟ ".
تعجبت ساندي لماذا أثار حديثها غضب مرتا وكانت تنتظر أن تراها مهللة فرحة لأنها أنتصرت عليه أخيرا , لقد وجدت نقطة ضعفه , لقد تأكدت بما لا يقل الشك, أنه أنسان دافىء يتفاعل مع عواطفه وأحاسيسه كأي رجل عادي , وما تصرفاته القاسية وبروده وعدم أكتراثه سوى أقنعة يختفي خلفها الرجل الحقيقي.
" أنني تعبة قليلا ". تنهدت وتابعت" لقد قال بيل بأنني سأشعر بتعب من جراء الحادث , ناتج عن الألم الذي كابدته ... هل هيلين هي التي أنبأتكم بأنني وقعت؟".
" نعم , كنا قد وصلنا لتونا من مرقص القرية ".
" من؟".
أحست مرتا أن في الجو مغامرة عاطفية.
" أنا وليماند ".
أجتهدت ساندي أن تخفي حمرة الخجل عن وجنتيها حين تذكرت ماذا كانت هي وليماند يفعلان ساعة وصلت هيلين بالخبر .
" آخر مرة رأيته كان في الفندق يشرب برفقة الساقية الشقراء , أذكر أنني قلت وقتها أنه يشبه شقيقه في تصرفه في هذا الحقل أيضا بالأضافة الى الشبه في شكلهما .... ثم تبادل في حلبة الرقص , أليس كذلك؟".
سألت مرتا.
" نعم ,
أجابتها ساندي بصوت خفيض .
" فقط ليسألني عنك , كان قد رآك مع بيل لندسي وأراد أن يعرف مني كيف توصلت لتوطيد هذه الصداقة!".
" أوه , أرجو أن لا تقف الخصومة بيني وبين بيل وتجعل صداقتنا صعبة , أتمنى أن لايعتقد ليماند أن له الحق في أختيار أصدقائي أيضا".
" لا , لا أظن ذلك , أنه فقط يتعجب كيف وجدت أصدقاء من تلك الضاحية , الظاهر أن والدة هيلين في الماضي , لم ترضى عن صداقة قامت بين هيلين وكروفورد , ربما كان هذا هو سبب تصرف هيلين الغريب وصدها لك وتعليقاتها الغريبة".
" تظنين أنها تغار مني لأنني تزوجت كروفورد وفشلت هي".
" هذه هي الحقيقة".
" فكرتك صائبة يا أبنة عمتي الصغيرة , أن هيلين تغار مني لسبب آخر غير هذا السبب".
كان ديرميد يأكل الشوكولاتة لاهيا عنهما , طلبت مرتا الى ساندي أن تأخذها منه قبل أن يأكلها كلها ويمرض , ثم قالت له:
" عزيزي ديرميد الشوكولاتة لي وليست لك!".
بدأ ديرميد في نوبة صراخ وغضب لأن ساندي أخذت منه الشوكولاتة , ودّعت ساندي مرتا بسرعة بعد أن أخذت ديرميد الى الحمام حيث غسلت يديه ووجهه ونزلت به الى المدخل , لم يكن قد حان موعد رجوع ليماند بعد, أخذته وذهبت به الى الحديقة العامة القريبة من المستشفى , حيث لعب قليلا وعادت أدراجها الى مدخل المستشفى , وهي في طريق العودة لمحت ليماند وبقربه هيلين يقطع الشارع عائدا الى المستشفى , أذن , هذا هو موعد العمل , لقد تمت ترتيبات هذا اللقاء بينهما الليلة الماضية.
" هل تأخرت؟".
سألها ليماند , كان يبدو مرحا على غير عادته , مشى قربها , تلفتت حولها لترى أين أختفت هيلين.
" دخلت الى المستشفى ".
كأن ليماند عرف سؤالها بدون أن تسأل .
" ستعمل هنا لنهاية الأسبوع بديلة عن طبيب غائب في أجازة , ستقوم مؤقتا في هذا العمل لحين أن تركز عيادتها الخاصة ,ماذا ترغبين في أن نفعل؟".
" ماذا نفعل؟".
تساءلت ساندي وهي تفكر في نفسها , كيف يمكنه وهو المتكبر الآمر الذي أعتاد أن يفعل ما يريد وعلى الآخرين أن يرضخوا لما يقرر ويرضوا به , هذه هي المرة الأولى التي سألها رأيها .
" لدينا كل بعد الظهر وديرميد معنا , أنا لا عمل ضروري لدي , هل ترغبين في التسوق ؟".
كان يفتعل المرح , أنه ليس من طبعه , لا يستطيع أن يمشي خلفها من متجر الى آخر وهي تتبضع وتشتري , رمقته بطرف عينها , حاولت أن تقيّم مزاجه الجديد , لم تر في عينيه السوداوين أي تعبير يساعدها على الفهم.
" هل تعتقد أن بأستطاعتنا رؤية الركام( بقايا حصن رملي قديم)؟".
سألها بأستغراب كأنه يسمع الكلمة للمرة الأولى:
" ما هو؟".
" هي تربة عالية , ترتفع عن سطح الأرض بضعة أقدام. ذكرها والدك في مخطوطاته التاريخية , وتبعد بعض الأميال من هنا , أنه مكان تاريخي يوم كانت البلاد قسما من المملكة , في هذا المكان كان الملوك الأقدمون يعقدون أجتماعاتهم العامة ويضعون القوانين , أحب أن أراها , أنها من المواقع التاريخية المهمة هنا".
نظر اليها مليا , ضاقت عيناه السوداوان قليلا , ظنت لوهلة وجيزة , انه سيرفض طلبها , ثم تبسّم , وبالتالي ضجك قلبها , وأسرع في ضرباته....
منتديات ليلاس
" كان عليّ أن أعرف مسبقا أن التسوق لا يروقك ... نذهب الى الركام الذي قرأت عنه حتى لا تتهمنينني , مرة ثانية , بأنني لا أهتم للماضي".
جلست ساندي في المقعد الأمامي ومعها ديرميد , كانت تتابع المناظر حولها بأهتمام وتراقب وجود تلة من التراب وسط الحقول , بدأ الركام يظهر من بعيد , التلة مرتفعة أكثر مما أنتظرت ... جوانب الركام منحدرة وقمته مسطحة.
أشارت ساندي:
" ها هو الى اليمين".
" يمكننا أن نوقف السيارة بالقرب منه, الطريق خالية من السير".
المكان حولها خال تماما ,كانت أول خطوة خطتها ساندي بجانب الحائط الحجري القديم والذي يشكل طرف الركام , شعرت ساندي بالشعور نفسه الذي أنتابها يوم زارت حصن دانكريغان , كأنها تخطو الى التاريخ , الى العصور الماضية, رائحة أعشاب وأزهار برية , وصوت قبّرة تغني في الهواء النقي , مياه النهر تعلن نغما في أنسيابها , أختفاء ضجيج السير يعزز دقة الحس, حدقت في الركام أمامها , للحظة تخيلت حشدا من الناس قد حضر ليرى ويسمع أصدار الأحكام على كبار المجرمين.
" هنا كانت محكمة العدل في الزمن الماضي".
" أكملي درس التاريخ".
كان ليماند يضايقها , أجفلت, عادت للواقع .
" بالحقيقة أنني أجهل هذا المكان ولكنه مثير , ماذا يمثل لك؟".
" أنه مثل مدهش لبقايا حصن قديم , القسم الأوسط للركام مع القمة السطحية يشكلان القسم الأساسي للحصن , حوله المحكمة وملصق بها منصة الحكم , تحتها الخنادق التي تملأ بالمياه لتحمي الحصن من الهجمات والأعتداءات , لقد أستغرق بناؤها زمنا طويلا أو ربما أستنفد المئات من العمال".
" هل يوجد ما يشبه الركام في حصن دامكريغان؟".
" ليس منظورا ,والدك ومن قبله ماسح أ**** محلي كانا يؤمنان بوجوده , لقد وجد والدك بقايا بعض الآثار التي تؤيد نظريته , ألم يخبرك بما وجد؟".
" كلا , جميع حفرياته تمت بعد رحيلي منذ 12 سنة , أتصالي معه لم يكن على مستوى علمي , لما عدت قبل سنتين ونصف تقريبا كان قد أصيب بنوبة فالج شلته عن الكلام السوي , هل تعرفين ماذا وجد؟".
" دبوس للزينة وكتلة خزفية معدة للصب في أشكال مختلفة".
" أنت ترغبين في المزيد من الحفريات لعلك تعثرين على أدلة جديدة ".
" نعم , لقد وعدني رون كاسون أن يجلب لي صورا فوتوغرافية , أخذت من الجو, للمنطقة كلها , يوم كانت تحت سلطة والده , أذا نظرنا في هذه الصور يمكننا الجزم بوجود أشكال مشابهة للركام والتي تبرهن بدورها على وجود مستوطنين قدماء يعود تاريخهم الى القرن السادس".
" فهمت".
ونظر الى أعلى الركام الذي يرتفع كالبرج .
" لو أعثر على الدبوس والقطعة الخزفية التي وجدهما والدك في حفرياته ؟ هل لديك فكرة أين يمكن أن تكونا؟".
" أنظري مجددا داخل المكتبة , من المؤكد أنهما هناك".
بينما كانت تثرثر مع ليماند , أخذ ديرميد يتجول في المكان لوحده , رأته يقفز بين العشب بأتجاه النهر.
" أنتبه يا ديرميد".
صرخت وركضت لفورها خلفه , أقتربت من ضفة النهر , سمعت صوت المياه تصب من الأعلى ثم شاهدت شلالا صغيرا تتدفق مياهه من علو بضعة أقدام , في بركة صغيرة , اراد ديرميد أن يرى الشلال , تعثر بجذع شجرة ووقع في البركة.
لم تكن المياه عميقة ولكن المياه كانت تلف بعد أنحدارها من الأعلى وتشكل تيارا لا يستطيع الصغير مقاومته , حملت المياه جسمه الصغير وجرفته الى مصب النهر.
" ساندي".
صرخ طالبا مساعدتها , بدون تردد نزلت خلفه في النهر , كانت مياه النهر تصل الى خصرها , تحركت بسرعة نحوه , كان يحرك رجليه كما علمته في درس السباحة سابقا دقائق قليلة ثم وصلت اليه وأمسكت به , كان كتلة مبللة , أحاق بكلتا ذراعيه عنقها , بدأت تسير نحو الضفة ولكنها أنزلقت , وبالتالي فقدت توازنها ,جلست وسط الماء , وجد ديرميد أن الوضع الجديد ليس آمنا , بدأ يصرخ طالبا النجدة , لم تستطع الوقوف من جديد , كلما حاولت النهوض كانت تنزلق من جديد , كان الصغير يعوقها , قالت تطمئنه:
" أمسك بي جيدا يا ديرميد , هذه المرة سننهض".
وبالفعل أستطاعت أن تقف هذه المرة لأن ليماند وصل لنجدتها , أمسك الصغير وحمله , ولدهشتها ذهب ديرميد لتوه الى حضن عمه ولف ذراعيه حول عنقه كأنه شعر أن الأمان لديه , وصل ليماند بالصبي الى الضفة , ثم عاد ليساعد ساندي.
كان شكلها فوضى , خلعت حذاءها لتفرغه من الماء , ثوبها مبلل لنصفه , وشعرها أصابه الملل , أما ليماند فقد حافظ على كامل أناقته المعتاد , خلع حذاءه قبل أن ينزل الى الماء وكذلك خلع سترته ورفع رجلي بنطلونه الى أعلى.
وضع ليماند ديرميد على ركبتيه يخلع عنه ثيابه المبللة ثم خلع ليماند كنزته السوداء وألبسها للصغير , ونظر الى ساندي وقال:
"آسف ليس لدي أي شيء ألبسك اياه".
" أوه , لا يهم , أنا بخير , شكرا لأنقاذي مرة ثانية من الخطر".
" كنت اليوم أنت المنقذة , من حسن حظ ديرميد أنك سريعة الحركة ".
نظر الى ثوبها المبلل , قدميها العاريتين , الى شعرها المبلل وقال:
" أنك تذكريني بأنسنة كنت أعرفها".
" من هيظ".
" تذكرينني بوالدتي ... أنا لا أقصد أنك بالنسبة اليّ تمثلين الأم بحنانك أو أنك تشبهينها شكلا ... أنك سريعة الحركة في المواقف الحرجة , أنك مندفعة بل متهورة , لست أنانية , متحمسة للتاريخ , هي أيضا مثلك مندفعة ومتهورة , لست أنانية , متحمسة للتاريخ ,هي أيضا مثلك وكانت متحمسة جدا للأبحار وقد قادها حماسها للغرق".
" هذه أول مرة تذكرها".
" كنت أنا وأخي كروفورد في العاشرة أو الحادية عشرة من عمرنا لما غرقت , أنني أذكرها جيدا ...".
قام واقفا بعد أن وضع ديرميد على كتفه وأكمل:
" تركت سترتي وحذائي فوق , نلملمها ثم نعود للبيت , لقد تعب الصغير".
في طريق العودة جلس ديرميد على حضن ساندي , الصمت خيم على الجميع , كانت ساندي تفكر وتحلم بالركام ثم بفيلدا والدة ليماند والتي لم تعد شبحا يخيف بل تجسدت أمرأة عاشت بحماس وماتت وهي تتابع حماسها... ثم فكرت في هيلين لندسي ثم في مرتا , أرادت أن تثير ليماند , أخبرته أن الورد الأحمر قد أعجب مرتا كثيرا ., لم يجب بأي كلمة , أكتشفت أنه بدأ أعتزاله من جديد , تعجبت في نفسها كيف رضي أن يأخذها الى الركام , تذكرت ما حدث معهم وقررت أنه سوف لن يأخذها لأي مكان آخر , ضحكت ساخرة من نفسها وقالت:
" من الآن فصاعدا سيبتعد عني لأنني ميالة للوقوع وقد تعب من أنقاذي".
حين وصلت الى المنزل شعرت بسعادة كبيرة , وراحة بال , أنه أمان وراحة , أصرت نان على أن تحمم الصغير بنفسها , طلبت الى ساندي أن تسارع في تغيير ثيابها المبللة , خلال الطعام سردا على نان أخبار مرتا ثم زيارتهما الأثرية للركام , بعد الطعام أخذت ساندي ديرميد لغرفته لينان , نام لفوره , عادت الى المطبخ لتشرب فنجانا من الشاي مع نان , خرج ليماند بعد العشاء , وجوني ما زال في كريغان.
" أخبرني ليماند أنك مسافرة ومن الممكن أن تستقري في سكاربورو وستعملين في فندق شريكة لشقيقتك".
" كانت تصر عليّ في الماضي لم أشأ أن أترك كافن وحده , الآن لا أحد يحتاجني , جوني كبر ويستطيع أن يعتني بنفسه وليماند سيتزوج قريبا ".
سألتها ساندي بلهفة:
" حقا هل هناك فتاة معينة؟".
" لا أحد يعرف ما في داخله , هو كتوم , كوالده , ولا يحب أن يشاركه الآخرون في أسراره , ولكنه لا يستطيع أن يعيش بدون رفقة أمرأة هو هادىء وبارد بالطبع , ولكنه يحمل دما حارا في عروقه , دماء كالدويل ".
فكرت ساندي في وضع نان , هل كانت عشيقة كافن , أنها أيضا تحمل دماء كالدويل في عروقها ومن الطبيعي أن يكون دماء حارا , في صباها ".
" أخبرني ليماند أن والدته كانت تحب الأبحار ومتحمسة له ".
قالت ذلك تجر نان للحديث عن فيليدا.
" هذا صحيح , لقد كنت دائما حاضرة للنزهات , كانت الحياة تدب في عروقها , شجعها كافن على هوايتها في الأبحر وأشترى لها مركبا لهذه الغاية , كانت الأشاعات كثيرة حولها , لأنها تمضي الصيف كله في نادي اليخوت , يوميا مع شلة من أصحابها , تكلم الناس عنها وعن أصحابها من الرجال الذين عرفتهم , لم تكن تأبه أبدا لكلام الناس , كانت متهورة ومندفعة , ولما أشترى ستيوارت لندسي مركبا جديدا وأراد أن يجربه , لم يتقدم لمرافقته في ذلك اليوم غيرها , كانت الرياح شديدة عاتية...".
هل ستيوارت قريب لبيل لندسي؟".
" أنه والده , يمكنك أن تتصوري الفضيحة حين عثر على الجثتين في المصب , كانت الأشاعة التي دارت , أنهما كانا في صدد الهرب سويا , هذا ما كسر قلب كافن".
" هل في الأشاعة شيء من الحقيقة؟".
" من يعرف؟ أنا أعرف فيليدا ولا أظن أن هناك أية صحة لها , فقط هي وستيوارت يعرفان الحقيقة , بموتهم ماتت الحقيقة ...".
ثم قالت:
" ستبقين هنا لترعي ديرميد لحين شفاء مرتا؟".
" نعم".
كانت نان تحرك فنجان قهوة ساندي لتقرأ لها طالعها , سألتها ساندي:
" ماذا ترين في فنجاني؟".
" أرى رجلا أسمر , جميلا , في طريقك , هذا لا يستغرب طالما أنت في هذا المنزل , أرى أمرأة طويلة ليست ابنة خالك...".
" أنها هيلين لندسي....".
خرج الأسم من بين شفتي ساندي بدون سبب معين.
" ما الذي جعلك تفكرين بها ".
نظرت نان اليها بتعجب.
" رأيتها اليوم بعد الظهر في المستشفى , رأيتها تتكلم مع ليماند , هل تعرفينها؟".
" طبعا , لما كانت شابة يافعة كانت تحضر دائما الى هذا المنزل من أجل التوأمين لتلعب معهما , منعها أهلها من القدوم الينا بعد موت فيليدا , كانت تلتقيهما خارج البيت , ولما كبرت سافرت ولم تكن لتعود الا في العطل المدرسية مثلهما , كانت تحضر الى هنا وتسألني أين تجدهما ؟ كأنني أعرف؟ أنهما كالنسران , ولم يسلم أحد من شيطنتهما , سمعت أن هيلين عادت من الخارج وهي التي أخبرت ليماند عن حادث مرتا , ستعود , أنها هنا في مستقبلك , أحذريها , أنها صاحبة مقالب وربما تسبب لك المتاعب".
مر يوم الأحد , تلاه الأثنين , سافرت نان الأثنين الى دمفريز برفقة جوني , من هناك ستستقل القطار الى كارليزل ثم تغير الى قطار آخر يأخذها الى الشاطىء الشرقي , كذلك وصلت الأثنين السيدة برودي من أجل تدبير المنزل في غيابها , الغسيل والتنظيف والطبخ , كانت ساندي متفرغة لرعاية ديرميد صباحا , وفي أثناء قيلولته بعد الغداء , ذهبت ساندي الى خلف الحصن من أجل الحفريات , نظرت حولها متفحصة , لم تر أي شيء يدل على وجود ركام بالقرب من الحصن , عادت الى المنزل ,ولما أستفاق الصغير أخذته معها لجمع البيض وتعليبه , وبعد ذلك ذهبا الى الشاطىء ليلعب مع أيوان ولورنا ليندسي , عادت في الخامسة لتحضر الشاي والعشاء , بعد العشاء أخذها جوني بسيارة ليماند الى كيركتون لزيارة مرتا في المستشفى.
مرت أيام أخرى متشابهة , لم يحصل أي شيء غير طبيعي , في يوم ماطر , وجدت ساندي أن الفرصة سانحة لدخول المكتبة لتفتش عن الدبوس والعجينة الفخارية التي عثر عليهما كافن كالدويل , جلبت لفورها أدوات التظيف من المطبخ وحملت السلم الصغير من خلف الباب وبدأت عملية التنظيف التي وعدت ليماند أن تفعلها قبل أن يطلب خبيرا من المتحف لتقييم الكتب وآخر لتقييم الأثاث , كانت السلم مخربة نوعا ما ولكنها تفي بالحاجة , صعدت السلم وبدأت في الرف العالي الى يسار المدفأة , كانت تأخذ كل كتاب تمسحه من الغبار وتضعه على السلم قرب رجليها , كانت تنوي أن تنظف الرف قبل أعادة الكتب اليه.
معظم الكتب الموجودة تبحث في تاريخ الجيش والحروب , تصفحتها , كانت منهمكة في القراءة حين خاطبها ليماند وهو واقف باباب , أخافه صوته فوقع الكتاب من يدها وأحدث صوتا مكتوما.
سألته:
" ماذا قلت؟".
مشى نحوها ليلتقط الكتاب عن الأرض ويعطيها اياه , منذ خرجا الى الركام , لم تكن تراه , ألا وقت الطعام , عاد لأنعزاله السابق , كان يلبس لباس العمل في الحقول وينتعل جزمة مطاطية , لو كانت نان موجودة لطلبت اليه أن يخلع جزمته قبل أن يترك المطبخ الى داخل المنزل.
" كنت أسألك أذا كان السلم آمنا".
" أعتقد ذلك , لكنني ما زلت بطيئة في عملي ولم أحرز تقدما , ما زلت في الرف الأول , أن جميع الكتب الموجودة ملذة وأنا أحاول أن أتعرف اليها".
" هل تخليت عن الحفريات؟".
" كلا , وجدت من الأفضل أن أنتظر الصور الفوتوغرافية المصورة من الجو , آمل أن يجلبها رون الليلة , كما وعد , من خبرتي السابقة في هذا المجال , الصور تؤكد لي وجود مكان الركام وبالتالي يسهّل عليّ تحديد منطقة الحفريات , دخلت أفتش عن الآثار , وتذكرت أنني وعدتك بتنظيف الكتب".
تمتم قائلا:
" لست مجبرة على هذا العمل".
" أريد ذلك".
شعرت فجأة أنه يراقبها بعينيه السوداوين , تلهت عنه بكتاب من على الرف وبدأت تنظيفه.
سألها ليماند:
"ما هي آخر الأنباء عن مرتا؟".
" أنها تتحسن , لم يسمح لها بيل بمغادرة الفراش بعد , ربما يسمح لها بمغادرة المستشفى في نهاية الأسبوع المقبل , هذا يعتمد على حسن أستعمالها للعكازين , ثم هناك بعض الترتيبات الضرورية , علينا تحضير غرفة نوم لها في الطابق الأرضي , هل تعتقد أن بأستطاعتنا تدبير هذا الأمر؟".
" أعتقد أننا نستطيع تغيير غرفة الطعام الى غرفة نوم لها, أطلبي من جوني مساعدتك لنقل الأثاث اليها ".
أجابها بدون أكتراث ثم رفع يده وأمسك بكتاب من الكتب المكدسة على السلم , أحنى رأسه ليتفحصه, حدقت ساندي بشعره الأسود وهي تقول في نفسها:
" أي لغز هو ليماند ؟".
كان بأمكانه أن يسألها عن مرتا خلال الطعام في الأسبوع الماضي , تعتقد أنه لم يكن يصغي اليها حين حدثته عنها , وسألته وهي تلومه بلطف:
" مرتا تتعجب , لماذا لم تزرها في المستشفى مرة ثانية؟".
" ولماذا أزورها مرة ثانية؟".
أجابها ببرود وهو يتفحص الكتاب .
" أنت تذهبين يوميا ,كل ما ترغبه مرتا , أعرفه منك , ألست المرسال بيننا؟ أليس هذا دورك؟".
هو يذكرها بالأتفاق بينهما , تمنت لو تضربه بكتاب على رأسه, أنه يضايقها , أكمل:
" هل لديك رسالة جديدة لي؟".
نظر اليها بمكر , شعر أنها تضايقت منه .
ردت عليه بغضب:
" أنا ... أنا لا أستطيع الا أن الفت نظرك!".
" لماذا؟ ماذا فعلت؟".
" أنه شيء لم تفعله... يمكنني القول أنك تجهل كيف تغازل أمرأة ".
سألها بمكر وسخرية :
" من عليّ مغازلتها؟".
" مرتا طبعا , لا أستطيع مساعدتك أكثر , لقد أخبرتك عن رغبتها ... البقية عليك , هي مستلقية على ظهرها في الفراس ولا تستطيع حراكا , رجلها مكسورة , أما أنت فتستطيع ....".
توقفت فجأة بعد أن شعرت أنه يراقبها وفي عينيه ضحكة واضحة :
" أكملي , زيديني علما وثقافة , أخبريني ما الذي عليّ القيام به؟".
" تستطيع مثلا أن تزورها".
" لكنك قلت أنها ستعود الى المنزل في نهاية الأسبوع , سأراها حينئذ".
" صحيح , ولكن ألا ترغب في الزواج منها؟".
" أنا لا أذكر أنني قلت سأتزوج منها أو من غيرها".
" لقد قلت لي منذ أيام أنك ربما وجدت زهرة لتبقى معك , كذلك قالت نان أنك ستتزوج قريبا لأنها لا تتصور أنك تعيش هنا لوحدك بدون أمرأة ترافقك درب حياتك...".
" وأنت جمعت كالعادة حساباتك!".
لاحظت أنه تضايق كثيرا لأن خططه للمستقبل قد بحثتها مع نان , وأكمل بغضب شديد:
" أعتقد أن مرتا تدبر خطة تؤمن بها لأبنها ولها مركزا أجتماعيا من زواج ثان , وأنت تفترضين أن أكون أنا الزوج المرتقب".
ثم أعاد الكتاب الى المجموعة , طوى ذراعيه على صدره ونظر اليها , كانت تعابير وجهه تتحداها , نظرت اليه ساندي مستسلمة وعرفت أن رأيه بمرتا لم يتغير , هي بنظره عنيدة , ماكرة ,ووصولية.
" لماذا أذن أهديتها الورد الأحمر؟".
" لا ينقصني التهذيب , هل من اللياقة الأجتماعية أن أزور مريضة في المستشفى ولا أقدم لها بعض الزهور , لو كانت نان أو حتى السيدة برودي لفعلت الشيء نفسه".
ثم أكمل يسألها:
" أعتقد أن مرتا لم تأخذ الورد الأحمر على غير محمله؟".
" أعتقد ... أعتقد أنها فعلت ذلك".
أجابته بهدوء:
" بعد أن نزلت من المستشفى قالت لي أنك تغيرت في معاملتها , أصبحت لطيفا.... ظنتك كروفورد تجلس قربها تحادثها ".
أصبحت تعابير وجهه متسلطة:
" ذكرت لمرتا أنني أخبرتك عن رغبتها في الزواج".
أنخفض صوتها الى تمتمة :
" لا بد وأنك تعتقد الآن أنني غبية؟".
" ليس ذلك فقط بل أنك لا تجيدين جمع أثنين مع أثنين أيضا , لماا لا تكفين عن جمع المعلومات ؟ كفي عن دفعنا الى أدوار لا نرغب بتمثيلها ؟ أنا أعتقد أن الزواج أمر جدي للغاية , زوجة مثل مرتا ستكلفني أموالا باهظة وأنا أدقق في مصروفي لأوازن ميزانيتي , أنها تحب أن تغمر بالهدايا , ترغب في تجديد أثاث المنزل دفعة واحدة ليصبح عصريا , وأنا لست مستعدا لأتكبد مصاريف زوجة مثلها ".
" الزواج يتطلب أكثر من ..... مصاريف".
أنفجرت ساخطة :
" هناك الحب والعشرة مع شخص يعجبك".
" بالطبع ".
أجابها ليماند وهو يضحك :
" يمكنني الحصول على الحب والعشرة بدون رباط زوجي ... أو أنك لا تعرفين ذلك؟".
" لم أعرف في حياتي رجلا مشاكس مثلك".
تضايقت منه كثيرا , أمسكت كتابا لتضربه به , مالت السلم تحتها , تأرجحت في الهواء , أسرع ليماند وأمسك بها قبل أن تسقط الى الأرض , ثقل جسمها المنهار قلب كيانه , أختل توازنه ووقعا أرضا.
حاولت الأفلات من قبضته , لكن ذراعيه أطبقتا عليها بشدة , جذبها اليه ليوشوشها في أذنها قائلا:
" أنقاذ رقم خمسة يا جميلتي الساحرة , هذه المرة كان الخطر أقل , والأنقاذ مثير , ألا أستحق مكافأة لأنني جعلت من نفسي وسادة لك".
أفكاره الجديد جعلت رأيه واضحا فيها , الحب والعيش بدون رباط زوجي يعني أنه يستغلها.
" دعني أذهب".
" ليس الآن , لم تسنح لي فرصة مؤاتية لأجعل منك أمرأة".
" ولا فرصة لك الآن أيضا".
أجابته بغضب وهي تحاول أفلات يديه عن خصرها , ثم أكملت:
" لا أرغب في عناقك".
" أعتقد أنك تريدين ".
قال ذلك وبسرعة أفلت يده عن خصرها وأمسك بوجهها , نظرت اليه شبه مسحورة بينما كان يعانقها.
سمعت ساندي صوتا بالباب , وكذلك سمع ليماند , تركها ونظر الى الباب , وكذلك نظرت هي ...
دفع الباب ببطء , ظهرت خلفه سيدة طويلة أنيقة ترتدي قبعة زرقاء فوق معطف أزرق للمطر , كانت هيلين لندسي بالباب , تجمدت عيناها الزرقاوان وهي تحدق فيهما , يجلسان على الأرض ملتصقين.