لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-10-09, 07:59 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

قمر ،، ورده ،، فراوله

يآآلبى قلووبكم كل وحده اسمهآآ احلى من الثآآنيه

منورين حبايبي

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 26-10-09, 08:04 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

2/ الزائـرهـ


أستفاقت ساندي مذعورة من حلمها , لتجد نفسها وحيدة في غرفة نوم صغيرة , هذا هو اليوم الأول لها في دانكريغان , كانت أشعة الشمس تدخل الغرفة من فتحة صغيرة في الستارة المخملية الخضراء العتيقة , التي تغطي قسما من النافذة لا يتعدى أطارها , سمعت ساندي زقزقة عصفور صغير يغرد , مع صوت العصفور أصوات أخرى متشابكة , لمطرقة حديدية تغل الحديد وأصوات رجال يتكلمون , صوت محرككك سيارة بدأ يدور , وشاحنة أو جرار ثقيل يسير فوق الأرض.
منتديات ليلاس
قفزت ساندي من فراشها ونظرت من النافذة بعد أن فتحت الستارة , كانت غرفتها تقع في مؤخرة المنزل وتشرف على ساحة خلفية تحيط بها أبنية زراعية بيضاء , كانت شاحنة لنقل الحليب تحاول الخروج من الساحة الى الطريق العام , يقف بالقرب من الشاحنة شاب يلبس بنطلون جينز وقميصا بدون أكمام وفوقه كنزة صوفية خفيفة قبتها مفتوحة على شكل سبعة , وينتعل جزمة مطاطية , يراقب خروج الشاحنة وضع أصابعه في فمه وصفر , وللفور ظهر كلب لونه أسود يخالطه بياض , كلّمه الشاب ومشى وأياه الى بناية مجاورة , دخلاها , وبعد ثوان قليلة خرج من البناية قطيع من الأبقار والماشية , بعضها أسود وأبيض , تمشي مترنحة ببطء , نظرت ساندي الى البعيد خلف الساحة , رأت حقلا أخضر فسيحا وفي وسطه حصن عال , حجارته رمادية تلمع تحت أشعة الشمس , الحصن موجود فوق هضبة من العشب الأخضر وتجري بجانبه الميته الزرقاء تتراقص مع أشعة الشمس حيث يصب النهر.
الحصن مربع وفيه نوافذ ضيقة طولا , وجود الحصن ينبىء عن سلطة وعظمة وقوة عائلة كالدويل في الماضي , شعور مثير أنتاب ساندي وهي تراقب الحصن من بعيد , هو الشعور نفسه الذي يخالجها كلما وجدت نفسها في مكان أثري تاريخي.
سمعت ساندي صفيرا مرة ثانية , في الباحة... ألتفت الى مصدر الصوت , كان الشاب قد خرج من الزريبة ينظر اليها , وجهه مكشرا عن أبتسامة عريضة , وبعد أن أسترعى أنتباهها اليه , بادرها محييا اياها وهو يلوح لها بيده , ردّت له تحيته بلأن لوّحت له بيدها ايضا وتراجعت الى داخل غرفتها.
لبست ثيابها بسرعة , وما أن أنتهت حتى سمعت طرقا خفيفا على بابها , فتحت الباب , كانت نان تحمل لها فنجانا من الشاي , وكان ديرميد الصغير ذو العامين , ممسكا بثوبها الطويل القديم , كان شعرها جديلة طويلة على كتفها , وما أن لمحت ساندي ديرميد حتى أخفى وجهه خلف نان.
" جلبت لك فنجانا من الشاي , هل نمت جيدا؟".
" شكرا , نعم , نمت فورا , شكرا لأحضارك فنجاي الشاي , أرجو أن لا تفعلي ذلك كل يوم , أنا معتادة أن أستيقظ باكرا ".
قالت ساندي لما رأت الصغير :
" أهلا ديرميد , هل تذكرني؟".
نظر الصغير وهز رأسه أيجابا , نظرت ساندي الى شعره الأسود وقالت في نفسها : لا بد أنه ورث سواد شعره عن والده وعائلة كالدويل , أما عيناه الذهبيتان الواسعتان فقد ورثهما عن مارتا , عيناه مثل عيني الهرة , لا يرف له جفن أذا حدق.
" سآخذ ديرميد ل المطبخ من أجل فطوره , مرتا ما تزال نائمة , لقد عادت البارحة مع جوني بعد منتصف الليل".
" لكن جوني أستفاق باكرا!".
" نعم , لقد أيقظه ليماند ليرعى الأبقار , هذا عمله لهذا الصيف , عليه رعاية البقر وحلبها وشحن حليبها للسوق كل صباح , هل تحبين العصيدة مع الزبدة ثم اللحم مع البيض للفطور؟".
" هذا كثير".
" سأطبخ من أجل جوني ويمكنك مشاركته فطوره , ليماند تناول فطوره باكرا وذهب الى كيركاد برايت سيغيب اليوم بطوله , لديه أجتماع مع أعضاء المجلس البلدي ".
أنتهت نان من تفصيلاتها ولمست شعر ديرميد وهي تقول له :
" تعال , أتبعني , ستتناول فطور الصباح".
نزلت ساندي الى المطبخ وكان قد سبقها جوني الى طاولة الطعام وبدأ يتناول فطوره , كذلك كان ديرميد يجلس على كرسي خشبي عال قديم وقد وضعت نان فوطة حول عنقه , يحاول أن يطعم نفسه بجهد جهيد.
" أجلسي يا ساندي".
قال لها نان وهي تضع أمامها صحن العصيدة .
" هذا أبني جوني , هذه ساندي أبنة عمة مرتا يا بني".
" أهلا".
قال الشاب وهو يكشر عن أسنانه بأبتسامة عريضة , شعره أسود قصير وقد أنسدلت غرة فوق جبينه من الأمام , تكاوينه كبيرة ولا يشبه والدته أو ليماند .
" أهلا بك في دانكريغان , الظاهر أن قدومك خير علينا , فقد جلبت معك الطقس الجيد , قالت لي مرتا أنك تخرجت لتوك من الجامعة في علم التاريخ , ماذا ستفعلين بعد التخرج؟ هل ستدرسين في مدرسة؟".
" كلا , لن أعمل , أحاول أن أتابع دراستي الجامعية للحصول على درجة عليمية أخرى".
ثم أضافت:
" ماذا تدرس أنت يا جوني؟".
كان حديثها معه سهلا ومنفتحا , شخصيته لينة لا غموض أو قساوة فيها.
" أدرس علم الأحراش , سأتخرج بعد سنة من الجامعة , أحب أن أتجول في العالم قليلا وأعمل في مدن مختلفة , كما فعل ليماند , لأكتسب خبرة ضرورية قبل أن أستقر , ستحبين هذا المكان أذا كنت تهتمين بعلم التاريخ , توجد آثار قديمة عديدة هنا , لا تمشين خطوتين الا وتقعين على آثار أو بقايا آثار".
أجابها بلباقة .
" رأيت الحصن هذا الصباح وأظن أنه بني في القرن الرابع عشر , هل تعلم متى أمتلك آل كالدويل هذا المكان؟".
" لا , لا تسأليني , أنا لا أعرف أكثر مما دار من منتصف القرن العشرين فقط".
أجابها وهو يضحك ثم نظر الى والدته وقال:
" هل تعرفين يا أماه متى حضر مؤسس عائلة كالدويل الى هنا ؟".
وضع صحنه بعيدا وتناول صحن البيض واللحم.
أجابت نان:
" قال لي كافن أن العائلة تنحدر من صلب فارس نورماندي يدعى سيرغاي , قدم لمساعدة الملك داوود الأول من أجل تثبيت حكمه في سكوتلندا".
" كان ذلك حوالي القرن الثاني عشر".
علّقت ساندي , كانت مسرورة من أن نظريتها الأولى برهنت عن صحتها.
" نعم هذا صحيح".
أجابت نان , ثم أكملت:
" كان كافن يقول أنه وجد عدّة أبنية في الطرف الآخر , ويعتقد أن هناك مستوطنين قبل آل كالدويل , وقد بدأ حفريات عدة في الأرض للأستكشاف والتنقيب".
" تنقيب عن الآثار!".
صرخت ساندي بحماس.
" نعم , كان يجرب بيديه من وقت لآخر يحاول العثور على جواهر قديمة أو أدوات فخارية مما يساعده في معرفة تاريخ المستوطنين الأوائل هنا , حاول كافن أن يكتب تاريخ حصن دانكريغان".
" ماذا حلّ بمخطوطاته؟ هل نشرها؟".
سألتها ساندي بألحاح.
" كلا , مات قبل أنجازها , هي موجودة في المكتبة , صفحات وصفحات من الكتابة".
" هل يمكنني قراءتها ؟".
سألتها ساندي ثم نظرت الى جوني لأن نان أستدارت الى جانب الموقد , رفع جوني كتفيه أشارة أنه لا يعرف , وقال:
"عليك أستئذان الريّس هنا , هو الفارس الحالي في دانكريغان , المكتبة في حالة كبيرة من الفوضى , كان الرجل العجوز كافن لا يسمح لأحد بدخولها , ولكنني آمل أن لا يكون علم التاريخ هو همك الوحيد ؟ هل قمت بأية رحلة بحرية في السابق؟".
" نعم , نملك أنا وأخي زورق تجديف صغيرا نستعمله في عطلة نهاية الأسبوع , نجوب فيه الشاطىء الجنوبي بحرا".
" أذن ربما تبحرين هنا أيضا , لي صديق يدعى رون كارسن .أشترى مؤخرا مركبا شراعيا ويأمل أن يستعمله في السباق ما رأيك في مشاركتنا رحلتنا هذا الأحد؟".
" أحب أن أشارككما , ولكنني لا أعرف برنامج عملي بعد , لقد حضرت الى هنا لرعاية ديرميد من وقت لآخر , ولست في عطلة صيفية للراحة والأستجمام!".
ودهش جوني كما دهش ليماند من قبل , وتعجب أن تكون مرتا في حاجة لمن يساعدها في رعاية ديرميد , ثم قال:
" أمرأة عظيمة هي مرتا , أليس كذلك؟ لا وقت لديها لتفاهة تحرير وحقوق المرأة أو مساواتها بالرجل , همّها أن تحافظ على جمالها وتلفت الأنظار اليها وتظهرها بمظهر لائق وفاتن , هي صعبة المنال ".
ثم أردف يسألها:
" كم ستمكثين هنا؟".
" لا أعرف بعد , ذلك يتوقف...".
لم تعرف ساندي بماذا تنادي ليماند , أذا كان فارسا حقيقيا فعليها مناداته بسير ليماند...
" يتوقف على الريّس".
أكما جوني عنها جملتها وقد أتسعت تكشيرته .
" هل هو فارس حقا؟".
" أفضل من فارس , لقد ورث لقب بارون عن جدوده".
شرحت نان وهي تضع أمامها صحن البيض مع اللحم وأكملت حديثها:
" هل ترغب في المزيد من الشاي يا جوني؟".
" كلا , شكرا يا أماه , عليّ أن أعود لعملي , أحد الجرارات يتعبني , ولقد وعدت ليماند بتصليحه".

أنهت ساندي فطورها وساعدت ديرميد في طعامه , حملت الصحون الوسخة ال المغسلة من أجل جليها لكن نان رفضت أن تدعها تنظفها قائلة:
" كلا , كلا يا صغيرتي , أتركي الصغير معي وأحملي هذه الصينية لمرتا في غرفتها , سنفاجئها بمفاجأة صغيرة , ستجدينها في غرفتها مقابل غرفة الصغير , سلمي عليها وثرثري وأياها قليلا ".
ظهر الممر رثا باليا أكثر من السابق في وضح النهار , تسلقت ساندي السلالم العارية من السجاد وأجالت بصرها في أطارات الصور الزيتية المطلية بالذهب المعلقة على الجدران , كلها رجال سود العيون والشعر .
كان يرتدي لباسا عسكريا لفارس في الجيش , كتب أسمه في أسفل صورته وعليها تحديد وظيفته في الجيش , فارس دانكريغان.
دخلت غرفة مرتا بلطف , مشت الى طاولة قرب السرير ووضعت عليها الصينية , حاولت فتح الستائر عن النوافذ , كانت غرفة مرتا تطل على المدخل الرئيسي للمنزل , الى جانبي الممر المؤدي الى المنزل , عشب أخضر ترعى البقرات السود والبيض منه مسرورة ****ة , بعضها يتمشى في الممر بدون حرج , خلف الممر منحدر تغطيه شجيرات شوكية صغيرة ملفوفة , وقربها بعض شجرات الحور الطويلة وقد مالت بأتجاه الرياح , السماء صافية وزرقتها لامعة.
" ساندي , وصلت , كم أنا سعيدة برؤيتك!".
أستيقظت مرتا لتوها , جلست في سرير نحاسي قديم ترتدي غلالة نوم شفافة , من اللون الأخضر الفاتح يكشف عن أحد كتفيها , جسمها البض ووجهها المستطيل الجميل يتوجه شعرها الأحمر الذهبي يتموج بثورة حول عنقها الفاتن , رفعت يديها لأستقبال ساندي بالعناق ولفورها مشت ساندي نحوها وجلست نحوها الى حافة السرير لتعانقها.
" جلبت لك فطورك , أسرعي بأكله قبل أن يبرد".
قالت لها ساندي بعد أن أنتهت من العناق والترحيب , حملت الصينية ووضعتها أمامها .
" شكرا , أنت حملت فطوري!".
" هي فكرة نان".
" وهل ديرميد معها؟".
" نعم , وعدت أن ترعاه في غيبتي عندك".
" حسنا فعلت , يمكنني الآن التحدث اليك من القلب للقلب , وجودك معنا سيكون مفيدا , كم تمنيت أن أجد قريبا لي أتكلم معه بصراحة , نان عطوفة وحنونة ولكنها غريبة عني , هي لا تتحمل مني أي أنتقاد أبديه بخصوص المنزل أو العائلة ".
سكتت مرتا لتأكل بعض الخبز المحمص ثم أكملت:
" ما رأيك في المنزل يا ساندي؟ ألا تجدينه صرعة , مفروشاته القديمة أثرية عفنة وبالية , أنواره خافتة , كل شيء هنا على الطراز القوطي( نشأ هذا الطراز في فرنسا وأنتشر في أوروبا الغربية في منتصف القرن الثاني عشر ) كل شيء في هذا المنزل يشير الى مظاهر العظمة والغطرسة للسيد الأعلى , والحاكم المطلق".
" تقصدين سير ليماند!".
" نعم , هو من أعني , أرجوك لا تناديه سير يا ساندي , هو صحيح متغطرس ومتكبر وغامض ولكنه يكره الشكليات , أعتاد أن يعيش على طبيعته عندما سكن في كندا , وغيرها من البلاد التي عمل فيها , كيف كان مشوار الطريق معه من دمفريز؟".
" ليس كما يجب يا مرتا , أرتبكت جدا لما عرفت أنه لا يعلم أي شيء عن موضوع حضوري للعمل هنا فترة الصيف , كان عليك أستئذانه قبل دعوتي".
حدقت مارتا بالسقف , عيناها الواسعتان جامدتان كعيني قطة , قالت:
" كيف عرفت أنني لم أسأله؟".
" شعرت ببرودة في أستقبالي ونفور من قدومي , واجهته بالحقيقة وسألته أذا كان يسمح لي بالبقاء فترة الصيف".
" أوه , يا ساندي , كيف تخذليني هكذا؟".

" أنا أخذلك ؟ أنا لم أخذلك بل أنت التي وضعتني في مأزق حرج , كيف لي أن أعرف أنك لم تستأذنيه ؟ أو لم تخبريه حتى بالأمر؟ ما علينا ألأن , أخبريني يا مرتا , لماذا لم تسأليه؟ هذه ليست من صفاتك ولا طباعك التي تربيت عليها ؟".
" صحيح أنني لم أسأله , وذلك لأنني كنت أخاف أن يرفض لي طلبي , قلت في نفسي , عندما تحضرين الى هنا سيذعن للأمر الواقع ويقبل أن تبقي , وهذا ما حصل معي أيضا عندما حضرت الى بابه مع أبني, سمح لي بالبقاء لفترة قصيرة فقط ... وها أنا ما زلت هنا للآن , وسأبقى حتى أحصل منه على كل ما أبتغي".
وصمتت ساندي بعد أن سمعت خطة أبنة خالها وقرارها الشديد , كانت تراقبها وهي تأكل فطورها , قالت ساندي في نفسها: أن مرتا طفلة مدللة أعتادت أن تحصل على كل رغباتها , فطورها تتناوله في الفراش , الكل في خدمتها ... هذه الفئة من الناس تعيش لنفسها وتحصل في النهاية على كل رغباتها في الحياة ولو على حساب الآخرين , ثم قالت لها:
" ألست يا مرتا طفيلية تمتصين تعب شقيق زوجك وتعيشين عالة عليه أنت وأبنك؟".
" خذي الصينية , ضعيها هناك يا حبيبتي".
قالت مرتا بلهجة آمرة وأكملت:
" أجلبي لي فرشاة شعري من فوق طاولة الزينة , سأمشط شعري بينما نكما حديثنا , ساندي حبيبتي , كذلك أجلبي لي المرآة وأمسكيها لي بينما أنا أمشط شعري".
عملت ساندي ما طلبت منها وهي تبتسم لنفسها , الظاهر أنها ستكون وصيفة خصوصية لأبنة خالها بالأضافة الى مربية لأبنها , ثم قالت مخاطبة مرتا:
" لم تجيبي على سؤالي؟".
" كلا , لا أعتقد أننني عالة عليه".
رمقتها مرتا بنظرة مزعجة عاتبة وأكملت:
" زوجي كروفورد ينتمي الى هذا المكان مثل ليماند , وأنا أرملة كروفورد ويحق لي البقاء هنا كما يحق لأبني".
ثم رمت فرشاة شعرها جانبا ولمست كتف ساندي وأكملت:
" لا تهتمي بهذه الأمور ولا تنزعجي , يمكنك البقاء بدون خوف , ليماند سيرحب بك مثلي بعد أن يرى بنفسه كم أنت بارعة في رعاية ديرميد".
أجابتها ساندي :
" أنا لست مهتمة , لقد دعاني ليماند بنفسه للبقاء هنا فترة أسبوعين".
" دعاك هو بنفسه! أذن لماذا كل هذا الجدل؟".
" ما يزعجني هو شعوري بأنني عالة عليه , بل كلنا عالة عليه , مرتا! لماذا لا تحضرين معي الى هامشير ؟ يمكنك الحصول على عمل وهذا أشرف لك من أن تكوني طفيلية عليه".
" أنا أجد عملا! أوه , لا تقنعيني يا ساندي فأنا لا أستطيع أن أعمل سوى عارضة أزياء , وهذا يعني أن أعمل ريجيما كي أستعيد شكلي ونحافتي , ثم من يؤكد لي الحصول على عمل؟ ومن يرعى ديرميد في غيابي؟".
" عمتك جين ترعاه , ألم تطلب اليك البقاء عندنا يوم وصلت بعد وفاة زوجك؟".
" كلا يا ساندي , سأبقى هنا ولن أعمل".
أكدت مرتا عزمها على تنفيذ خطتها , ثم تابعت:
" لقد أكتشفت هنا أنني أنسانة مهمة , أنت تعرفين حب الظهور عندي , أن أسم عائلة كالدويل بالرغم من ماضيها المريب وحاضرها المفلس لأن وضعها المادي مترد , هي عائلة عريقة ومعروفة في المنطقة ولها وزنها بين العائلات ,ومع أن السير كافن كان متطرفا ومنعزلا عن الناس ألا أنه بطل من أبطال الجيش , ولقد أنتخب ليماند مؤخرا عضوا في المجلس البلدي".
" لم أكن أعرف أن الوضع الأجتماعي يهمك الى هذا الحد".
" صحيح , لم أكن أهتم له بالسابق , لكن اليوم وبعد تجربتي هنا , عرفت قيمته ولمست لمس اليد أهميته وما يعنيه , الجميع يرغبون بالتعرّف اليّ لأنني أرملة كروفورد كالدويل , وكنة السير كافن كالدويل وزوجة أخ السير ليماند كالدويل – لهذا سأبقى , سأحاول أقناع ليماند بأعطاء ديرميد حصة أبيه في الميراث , وبعد ذلك سأكون سعيدة جدا".
" ولكن يا مرتا , ليس هناك ميراث أو مال قد تركه كافن , فقط هذه الأملاك وهي من نصيب الأبن الأكبر".
" كيف عرفت ذلك؟".
" لقد أخبرني بذلك ليماند ونحن في طريقنا الى هنا قادمن من دمفريز".
" يا ألهي! لقد تكلم ليماند معك كثيرا!".
ثم حولت مرتا الحديث الى ناحية أخرى وقالت:
" أنا أعرف أن لا وصية مكتوبة ولا شيء موصى لزوجي وكروفورد , ولكن ذلك لا يعني أن عمه لا يمكنه مساعدته , كل ما أبغيه لأبني علما لائقا في مدرسة محترمة , مثل والده كروفورد , ولا بأس لو دفع ليماند مصاريف تعليمه من جيبه , أن ذلك دين عليه يدفعه لأبن شقيقه التوأم , على كل , أبني هو الوريث الوحيد الآن لهذه الأملاك".
" أظن ذلك ".
تمتمت ساندي وهي مطرقة تفكر في خطط أبنة خالها ثم قالت:
" ما هو دوري في مخططاتك؟ كيف يمكنني مساعدتك؟".
" يمكنك مساعدة ديرميد على تحسين تصرفاته".
تنهدت مرتا وكأن حملا ثقيلا قد أزيح عن كاهلها وأكملت:
" أن تصرفاته بغيضة ورديئة , دائما يسيء التصرف أمام عمه ليماند ولا يوجد تقارب بينهما , يوم كنا عندكم في هامشير لاحظت أنه يستمع اليك ويحسن التصرف جيدا أمام الآخرين , حسب أرشاداتك , كم يسرني لو تفهميه أن علاقته الحميدة بعمه تهمني أكثر بكثير من حسن أنسجامه مع بوب سكوت أو ول برودي".
" من هما؟".
" هما أثنان من عمال المزرعة , هو يحب أيضا جوني كثيرا".
" أظنهم يهتمون به ويتكلمون معه ويشاركونه لعبه".
قالت ساندي :
" ألا يهتم به ليماند؟".
" أظنه يحبه , ولكن ديرميد يهرب منه كلما ألتقاه ويصرخ , حضر القاتل الأزرق".
رفعت مرتا حاجبيها أشارة لجهلها الأسباب , ثم نظرت نظرة فاحصة الى وجه ساندي وقالت:
" الظاهر أنك أستطعت من البداية أن تتفاهمي مع فارس دانكريغان , ولهذا السبب عليك أن تقنعيه في تلبية طلبي , عليك أن تلينيه ليعطف عليّ وعلى أبني".
" أنا أليّنه ؟ كيف؟".
" أوه يا ساندي كم أنت بريئة , يمكنك تليينه بأستعمال سحرك الأنثوي عليه , لقد دعاك ليماند للبقاء هنا , وهذه أشارة جيدة لنجاحك".
" أنا! لا أستطيع ! ولا أريد أن أفعل أي شيء من هذا القبيل ".
تراجعت ساندي الى الوراء خائفة وقالت:
" أنا لست من ذلك الصنف من البنات ! لماذا لا تجربين أنت بنفسك تليينه كما تقولين , أنت أكثر خبرة مني في هذا المضمار".

ضحكت مرتا ضحكة مثيرة لها مئة معنى ومعنى , ضحكتها تلك تدير رؤؤس الجال مهما بلغ عنفوانهم , كانت ساندي تفكر مهمومة , ألتفتت اليها مرتا وقالت:
" جربت سحري عليه يا حبيبتي , فلم أفلح , أنه صلب وطينته تختلف عن طينة شقيقه كروفورد , من الصعب عليّ ايجاد نقطة ضعفه , وبما أنك من طينة مختلفة عن بقية النساء , ربما تفلحين أن حيث فشلت أنا, ربما تعرفين نقطة ضعفه , هو لا ينفر من الجنس اللطيف وجاذبيته , وله شهرة واسعة في هذا المضمار مع الفتيات هنا قبل رحيله الى الخارج ... أنت يا ساندي جذابة ومثيرة أذا خلعت بنطلونك الجينز ولبست فستانا يبين سحر أنوثتك".
" ولكنني أرتاح في البنطلون وأجده أقتصاديا".
أجابتها ساندي بحدة ونزق , وضعت المرآة التي كانت تحملها لتمشط شعرها ووقفت لتخرج من الغرفة بعد أن شعرت أن المحادثة بينهما أصبحت مزعجة , حملت الصينية ونظرت الى مرتا التي ما تزال في فراشها وقالت:
" يمكنك النهوض , ستصبحين ثمينة أكثر اذا بقيت وقتا أطول في الفراش".
تمكت مرتا في فراشها وقلبت شفتيها علامة الأمتعاض من تعليقها وقالت:
" فهمت قصدك يا ساندي , أحذرك أن يوما قريبا سيأتي وتتمنين رجلا يراك أمرأة مميزة , كلنا نمر بهذه التجربة آجلا أم عاجلا, هنا تكمن المشكلة عندئذ".
" ماذا ترغبين لي أن أفعل مع ديرميد اليوم؟".
سألتها ساندي وهي تتجاهل تشعب الحديث وأنحرافه عن طريقه الأصلي , ثم فتحت الباب لتخرج.
" خذيه الى الشاطىء , أنه يحب اللعب هناك, سأراك فيما بعد".
كان ديرميد فرحا وهو يقود ساندي الى الشاطىء , كان يقفز صامتا ويده الصغيرة في يدها , بينما يحمل في اليد الأخرى سطلا ومجرفة صغيرة.
وصلت وأياه الى خليج صغير حيث المياه نظيفة تتراقص فوق الرمال , تحيط بعض الصخور الرملية بالخليج, أطفال وشباب يمرحون على الشاطىء , وجد ديرميد أصدقاءه وهما فتاة صغيرة من عمره , شعرها أشقر حريري منسدل على كتفيها وعيناها زرقاوان واسعتان وأسمها لورنا وشقيقها ايوان في الثالثة والنصف من عمره , شعره أحمر بلون الصدأ ووجهه مليء بالنمش , كان مع لورنا وايوان مربية متوسطة العمر وقد جلست فوق مقعد وأمامها رمال الشاطىء , تركت الأولاد يلعبون أمامها ولم تشاركهم لعبهم, كذلك لم تكلم ساندي أو تحييها.
لعبت ساندي مع الأولاد بالطابة وصنعت لهم من الرمال أشكالا مختلفة وحفرت بمساعدتهم القنوات الرملية وغطست رجليها في المياه الباردة , أنتهى الصباح على هذا الحال , ولما حان وقت الغداء أخذت ساندي ديرميد عائدة به الى دانكريغان بعد أن وعدت الولدين برؤيتهما مجددا , وصلت ساندي الى المنزل فوجدت مرتا قد أغتنمت فرصة ذهابها مع ديرميد فذهبت برفقة جوني الى كيركتون لزيارة الحلاق وتصفيف شعرها وسوف لن تعود قبل الثالثة بعد الظهر.
تغدت ساندي وديرميد وصعدت وأياه من أجل قيلولته , بعد أن أطمأنت الى نومه دخلت غرفتها لتكتب لوالديها رسالة تخبرهما أنها وصلت سالمة وتعلمهما أخبار مرتا وديرميد , بعد أن أنتهت من رسالتها وضعتها في مظروف وكتبت عليه العنوان ثم وضعته في جيب بنطلونها لتضعها في البريد في طريقها الى الشاطىء بعد الظهر.
وقفت ساندي تمتع نظرها بالقلعة العظيمة من نافذتها, حجارتها الرمادية تلمع في ضوء الشمس , خلفها تنساب المياه تتلألأ عند مصب النهر بهدوء , تذكرت حلم ليلة الأمس , تساءلت هل يوجد سجن في قبو الحصن؟ نظرت الى ساعتها تستطلع الوقت , سيبقى ديرميد نائما نصف ساعة أخرى على الأقل , هذا الوقت يكفيها لتذهب الى الحصن وتلقي نظرة فاحصة عن كثب , ربما تتعرّف الى أماكن التنقيب التي بدأ يستكشفها كافن في حفرياته التنقيبية.
خلال دقائق كانت تمشي الى الحصن عبر ممر ضيق بين صفي حجارة تغطيها الزهور الملونة تطير فوقها جماعة من النحل تمتص رحيق الأزهار , رائحة الزهور ذكي والهواء دافىء هادىء وصوت خرير المياه ينساب الى الشاطىء البعيد , كل ذلك أجتمع ليعطي جوا آخر من عالم قديم , كانت ساندي تمضي وحدها وكأنها تدخل الى عالم الماضي.
تعاظم هذا الشعور لديها لما وجدت الممر أنتهى فجأة وظهر أمامها منحدر مغطى بالعشب الأخضر أنتهى في فجوة دائرية حول الحصن ثم بدأ يرتفع الى هضبة صغيرة بني فوقها الحصن , الفجوة هي الخندق المائي الذي يلف الحصن قديما , ركضت ساندي الى أسفل الفجوة ثم صعدت الى الجهة الثانية , الى الحصن , فوقها مباشرة حجارة البرج الرمادية أرتفعت عامودية منبسطة , وفوقها سطح الحصن ذو الفتحات التي تطلق منها النار وقت القتال , حجارتها خشنة وصلبة تتحدى السماء الزرقاء فوقها.
مشت ساندي الى الأمام , دارت خلف الحصن فوجدت بابا مزدوجا في الحائط الشرقي , يوصل هذا الباب الى طريق جانبية تؤدي الى جسر خشبي يرتفع فوق الفجوة , خندق الماء , ثم تنعطف الى غابة صغيرة تؤدي الى الطريق العام.
كان أحد البابين المزدوجين مفتوحا قليلا , أقتربت ساندي ومدّت رأسها مستطلعة , أنتابها شعور بأنها دخلت القرون الوسطى للحظة , ثم أختفت , وجدت نفسها داخل ساحة مربعة مليئة بالسيارات القديمة , كان هناك سيارة رولز رويس زرقاء لماعة يعود موديلها لعام 1910
قربها سيارة سبور بتنلي خضراء موديلها 1930, مقاعدها جلدية سوداء ويلفها شريط خارجي أسود , وهناك أيضا سيارة أوستن سبعة صغيرة جدا , ولكنها عريضة قليلا , عرفت ساندي أن هذه السيارات تخص كروفورد , أجالت بعد ذلك نظرها في الغرفة فوجدت موقدا حجريا كبيرا في وسط الحائط, وبعد مراجعة معلوماتها التاريخية قررت ساندي أن هذه الغرفة كانت مطبخا في حصن من حصون العصور الوسطى.
يوجد في زاوية الغرفة المربعة سلما دائريا مبنيا في الحائط , تسلّقت السلالم اللولبية الحجرية بتأن , لاحظت كيف كانت مجورة في منتصفها من كثرة ما مشى عليها بقوة جنود أشداء.
وصلت بها السلالم الى غرفة كبيرة فارغة , سقف الغرفة عارضات خشبية مائلة , كانت الشمس تدخل الغرفة من فتحات صغيرة هي نوافذ بدون زجاج , مشت ساندي ببطء وكانت تتحقق من موقع أقدامها خوفا من أن تكون الأرض الخشبية مهترئة , أقتربت من النافذة ونظرت الى أسفل حيث مياه النهر تلمع عند المصب , أنقشع الضباب ظهرا وتراءت لها تلال أنكلترا من مسافات بعيدة.
أعادت تفحصها في داخل الغرفة , لا بد أنها القاعة الكبرى في الحصن , هنا تجتمع العائلة للطعام, تخيّلت طاولة كبيرة عليها أباريق خزفية أو معدنية وقربها مناسف للطعام المدورة مليئة بالطعام , النساء يرتدين الثياب الفضفاضة الطولية , الرجال يلفون رؤوسهم بما يشبه الخمار , يلبسون ستراتهم الجلدية الطويلة والضيقة , بدون أكمام مع سراويل ضيقة , أمكنها أن تتخيل كلاب الصيد منبطحة , ممددة تحت الطاولة تنتظر العظام .
رجعت السلالم , أكملت صعودها الى الطابق الثاني , وجدت نفسها في العراء على السطح , سقف الحصن قد أختفى منذ أمد بعيد وما بقي سوى غرفتين , عرفت ذلك من المدفأتين الموجودتين في الحائط الشمالي .
نظرت الى ساعتها من جديد , وجدت أن عليها العودة الى المنزل , نزلت الى الطابق السفلي بتأن , لم تلاحظ وجود قبو أو سجن في الحصن , لا بد أن تعود الى هنا مرة ثانية لتكمل جولتها في الحصن وتكتشف بقية أجزائه.
لفت حول السيارات الثلاث وأقتربت لتفتح الباب الخارجي , تذكرت أنها تركته مفتوحا خلفها , هل من المعقول أن تكون قد أغلقته بدون أن تشعر؟ لم تعد تذكر , جربت فتح الباب , لم يفتح لأنه قد أقفل بمفتاح , يا لدهشتها , أحدهم أقفله حين كانت تتفرج على الحصن في الطوابق العليا .
يجب عليها أن تتصرف بسرعة وألا ستبقى سجينة الحصن بقية يومها أو ربما حتى ليلها أيضا , صعدت السلالم مسرعة الى الطابق الأول , قطعت الحائط الشمالي ومدت رأسها من فتحة النافذة , هناك أحد يمشي مبتعدا عن الحصن وقد خرج لتوه من الفجوة ,عليها أن تصرخ لتسترعي أنتباهه , مدت جسمها فوق الحجارة وجعلت من يديها بوقا أمام فمها وصرخت بأعلى ما يمكنها :
" يا هذا ... أنت , عد الى هنا! لقد أغلقت عليّ الباب!".
تسمّر الرجل لمّا سمع النداء , لأول وهلة ظن أن ما سمع وهما , عاود مشيته مبتعدا , أعادت ساندي الصراخ وأردفت بصفير شديد , ألتفت الشخص خلفه بعد أن توقف عن متابعة سيره وعاد هذه المرة أدراجه الى الحصن ثم نزل الخندق وصعد الى الجهة الثانية .
ولما أقترب من الحصن عرفت ساندي أن مخلصها هو فارس دانكريغان ليماند كالدويل , أقترب تحت النافذة ووضع يديه على ردفيه ورفع رأسه الى أعلى لينظر اليها , كانت هي تطل من النافذة فوقه , صعقت لما رأته , مرت لحظة ظنت نفسها تعيش حلم ليلة الأمس.
" ماذا تفعلين هنا؟".
سألها بسخرية .
كانت الشمس ترخي أشعتها على وجهه الأسمر وتحدد صلابة أنفه وفمه وحاجبيه وفكه , يلبس زيا رماديا من الصوف الجيد مع قميص أبيض وربطة عنق , تذكرت أنه كان في أجتماع مع أعضاء المجلس البلدي.
" أمتّع نظري فقط!".
قالت بطريقة محببة تحاول أن تخفف من ذنبها.
فرحت لما لاحظته يبتسم من طريقة جوابها كأنها تسخر من سؤاله , أخفى ضحكته بسرعة ولكنها عرفت أنه يتمتع بروح نكتة ولكنه يخفي ذلك عن الجميع , ثم أكملت بصوت متوسل:
" أرجوك , أفتح لي الباب لأخرج ".
حملق فيها كأنه يفكر قبل أن يجيبها الى طلبها.
" عليّ أن أبقيك سجينتي ".
أحتجت وبان على وجهها الخوف ولكنه أكمل:
" سأطعمك , وأجلب لك الحلويات واللحوم , والسمك الطازج , سأحمل لك أحواض الفاكهة المنوعة وأباريق الشراب المعتّق عن الطاولة في داخل الحصن , سأجلبها في ظلمة الليل حتى لا يراني أحد ولا يراك أحد , حتى لا يعرف أحد أن عندي ساحرة جميلة في الحصن سجينة , سنجلس نقتسم الطعام والشراب في ضوء الشموع وبعد ذلك....".
توقف فجأة ونظر الى مجموعة مفاتيحه التي أخرجها من جيب سرواله
ثم نظر الى أعلى مرة أخرى وقال:
" سأخرجك ."
قال ذلك ببرود وبدون أي أكتراث.
مشت ساندي الى ناحية الباب بعد أن سحرها حلمه الذي شرحه لها , كيف لا وهي جميلة الحصن السجينة , عاشت لحظات مسحورة , نزلت السلم اللولبي وكانت تنتظر الفتيات بالأثواب الفضفاضة ينحنين تحت قدميها , صدمتها الحقيقة لما وصلت الى أسفل السلم ووقع نظرها الى السيارات القديمة , فتح ليماند الباب , كان ينتظرها متوتر الوجه بدون أي أبتسامة , ألتقت عيناها الفزعتان بعينيه الخاليتين من أي تعبير , تحيّرت كيف تغيّر وبهذه السرعة , قال:
"قدومك الى الحصن وحدك وصعودك السلالم المهترئة جنون ".
ثم أكمل :
" الأرضية الخشبية فوق غير سليمة , ولو لم أسمع نداءك لبقيت في داخل الحصن الليل كله".
" لم أعرف أنك ستعود لتغلق الباب ! كان الباب مفتوحا عندما دخلت , ظننت أنه يبقى مفتوحا دائما ".
ثم فكرت في نفسها , لا عجب أن تجده مرتا غامضا ولا تفهمه , منذ لحظة كان يحيك أجمل الأحلام والآن هو بارد كجمود الصخر.
" في الغالب ترك جوني الباب مفتوحا حين حضر ليجلب بعض المعدات لأصلاح الجرار, نحن نستعمل الطابق الأرضي كمخزن للآليات وقطع الغيار والموترات , أنا أقفل عليها لأن للسيارات بعض القيمة الأثرية على ما أعتقد".
" هذه السيارات تخص كروفورد ! هل ستعطيها لأبنه ديرميد؟".
نظر اليها نظرة ريب وتشكك وقال:
"هل حضرت الى الحصن لرؤيتها؟".
" كلا , لم أكن أعلم أنها موجودة في داخل الحصن , أردت زيارة الحصن والتحقق من وجود سجن في القبو هناك , لكنني لم أعرف طريقي الى الطابق السفلي".
" الطريق اليه من هناك في الزاوية من باب يفتح من الأرض , هل تحبين رؤيته الآن؟".
" ليس الآن , شكر , لا وقت لدي , ربما يكون ديرميد قد أستفاق من نومه الآن وهو يسأل عني".
خرجت من باب الحصن مارة من أمامه , خرجت الى شمس آب الدافئة ونورها الواضح , تبعها , أقفل الباب خلفه ثم نزلا الى الخندق وصعدا الى الجهة الأخرى بأتجاه المنزل.
" ما سر أهتمام بسجن الحصن؟".
" حلمت البارحة أنني سجينة في الحصن".
أجابته ثم أكملت:
" لكنني شديدة الأهتمام بالحصن كله كأثر تاريخي , لقد أخبرتني نان هذا الصباح أن والدك بدأ كتابة تاريخ حصن دانكريغان قبل موته".
" هل أهتمامك ينصب على الناحية التاريخية للحصن؟".
" نعم , أنني أحمل شهادة بكالوريوس في علم التاريخ , تخرجت لتوي من جامعة دولتستر, تخصصت فيما يعرف بعصور ما قبل التاريخ , أي علم الآثار , وقد ساهمت فعليا في حفريت تنقيبية عن الآثار في مناطق عديدة من جنوب أنكلترا".
كانا يمشيان في أتجاه المدخل الرئيسي للقصر , النحل يطير حولهما يمتص رحيق الزهور ويؤكد أن الدفء ملأ المكان , دفء لذيذ يشعر معه الأنسان بالأسترخاء.
" لا أحد يراك ويتبين رابطة الدم بينك وبين مرتا ؟ ".
رمى ليماند هذه الملاحظة , رمقته ساندي بنظرة جانبية مستغربة ملاحظته وقالت:
" كلا لا أظن أحدا يلاحظ صلة الدم بيننا , فأنا أشبه والدتي وهي تشبه والدتها".
والد مرتا هو شقيق والدتي , ولكن جمال مرتا هو فريد في عائلتنا".
" لم أقصد الشكل الخارجي , فأنا لا أهتم للشكل الخارجي , أعني التصرفات والأهتمامات والطباع".
" صحيح , كذلك أنت وشقيقك كروفورد تختلفان كثيرا في طباعكما وتصرفاتكما , هذا ما سمعته أثناء وجودي هنا , أنتما توأمان وشكلكما مطابق لبعضكما , أذن ليس من المستغرب أن يختلف أبناء العمومة في الطباع والتصرفات".
" وماذا سمع أثناء وجودك في القصر؟".
تساءل بشك , فهمت ساندي أنها بدون قصد قد داست على طرفه , شعرت كأنها لامست جرحا عميقا لديه , وكأنما قد وافقامسبقا على التوقف عن المسير... توقفا يواجه أحدهما الآخر , كانا قد وصلا الى الممر بين ضفتي الحجارة , أصبحا كأنهما في مرفأ في الزهور العطرة , معزولان عن العالم كله.
" سمعت أن كروفورد يختلف عنك كليا ".
أجابته بسرعة كأنها ترفض أن ترهبها نظراته القاسية من عينيه السوداوين.
" هل هذا رأي أبنة خالك؟".
قال بسخرية وتهكم وأضاف:
" أظن أنه كان يتنازل لها دائما ويلبي لها جميع طلباتها , كانت تفعل ما تشاء بدون أن يردعها , هذه طباعه فهو يداهن ويمالق الجنس اللطيف بدون أستثناء".
" وهل أنت غير ذلك؟".
" أفضل أن أكون البادىء في أي دعوة لأي علاقة مع الجنس اللطيف".
" أعلم أن مرتا طائشة قليلا ومستهترة نوعا ما , ولكنني واثقة من أنتها أحبت أخاك وأبنه بصدق".
كانت تشرح له بحماس زائد بعد أن تذكرت مهماتها التي من أجلها أستدعيت للعمل في دانكريغان.
رفع حاجبيه السوداوين وتشنجت عضلات وجهه وظهر بريق في عينيه , رأت ساندي لهيبه قبل أن يبدي رأيه في ما قالته ساندي.
" وهل تظنين أن الحب موجود؟ بالرغم من شهاداتك العلمية وقراءاتك التاريخية , هل تؤمنين بوجود هذه العاطفة؟".
أما هي فتجمدت قسماتها وبسرعة قالت:
"نعم أنا أؤمن بعاطفة الحب , أن دراستي للتاريخ ساعدتني على ايماني بالحب".
ثم سألته:
" أنت لا تؤمن به؟".
أجابها ببرود:
" في أعتقادي , أنها كلمة فارغة من المعاني تستعملها النساء للتغطية والتمويه عن أطماعهن الشخصية".
" أوه ! كم أنت مخيف, كثير الشك , غامض!".
رمت كلماتها بدون حذر وقد نسيت وظيفتها الجديدة في التأثير عليه وتليينه... أنت تعتقد أن مرتا تحب نفسها فقط عندما تزوجت أخاك وأنها كانت تعمل لمصلحتها الشخصية حين لجأت اليك مع أبنها".
ضمّ يديه الى صدره ونظر اليها كأنها طفلة تحتاج الأرشاد وقال:
" أليس هذا هو الواقع؟".
" كلا , لم تحضر الى هنا ألا بناء على رغبة أخيك حيث طلب اليها أن تحضر ديرميد ليعيش في كنف عائلة آل كالدويل".
" لهذا السبب تمدد أقامتها ونرحب نحن بها؟".
لاحظت ساندي أنه يستزها ليثير غضبها ويخرجها عن طورها لذلك لملمت نفسها وبدأت هجوما معاكسا , سألته:
" وكيف تريدها أن تتصرف؟ هي هنا تنتظر منك مساعدة لأبنها ديرميد , ألا يتوجب عليك أن تساعد أبن أخيك؟ هل تطلب الكثير؟".
" أذن هي تنتظر مبادرتي , هل تعرفين ماذا ترغب ؟ من المؤسف أن مرتا لا تواجهني بنفسها أو تفصح عما يجول في عقلها , وتستخدمك كمراسلة بيننا , ما هي بالتحديد طلباتها من أجل ديرميد؟".
" أنا ... أنا أعتقد أن عليك أن تبحث الأمر معها هي ".
لملمت ساندي نفسها بعد أن وجدت نفسها مرة ثانية في موقف لا تحمد عليه وأكملت:
" ألم تبحث مرتا هذا الأمر معك سابقا؟".
هز رأسه نفيا وقال:
"كلما حاولت التحدث معها في أمور تتعلق بالمستقبل , تستقبلني بفيض من الدموع , وأنا لا وقت لدي لهذه التمثيليات".
وهز كتفه كأن ذلك لا يعنيه.
تذكرت ساندي يوم طلبت اليها مرتا أن تكتشف لها نقطة ضعفه لأنها لم تنجح هي بأكتشافها مع أنها جربت معه جميع أسلحتها الأنثوية , كانت تستعمل طريقتها المعهودة بأن تمثل دور المرأة الرقيقة التي لا حول لها ولا طول , دور المرأة التي تنتمي الى الجنس الضعيف اللطيف الخ... كلما باءت بالفشل , تعجبت ساندي وتساءلت : كيف تتوصل هي الى حواسه الداخلية والى تحريك عواطفه الأنسانية وما الى ما تحت درع الفارس ! هل عنده شعور وأحاسيس مثل البشر أم هناك فراغ متحكم في داخله.
وصلت جلبة من الأصوات أسترعت أنتباههما , ظهر أمامهما ديرميد تتبعه مرتا في الساحة أمام مدخل المنزل , كان شعرها تاذهبي الأحمر كأنه شعلة ملتهبة أو هالة نور حول رأسها الجميل , وجهها الأبيض المشبع بالحمرة وأنفها المروس في وسط وجهها ثم أنفراج شفتيها الورديتين المثيرتين , كانت تركض خلف أبنها.

" ها أنت يا ساندي , ديرميد يبحث عنك في كل مكان , عدت من كيركتون ولم أجدك".
ثم نظرت ناحية ليماند وأكملت :
" مرحبا ليماند , أهلا , لطيف منك أن تري أبنة عمتي الحصن والمزرعة ".
كانت مرتا تتصنع اللطف والكياسة وهي تخاطب ليماند , تحاول أغواءه بشكل فاضح , شعرت ساندي وينتقد تصرفاتها , نظر بأشمئزاز من تصرفات مرتا ,تأكدت ساندي أن مرتا بعملها هذا تعطي ليماند الفرصة ليسخر منها ويرميها بملاحظاته الجارحة وينتقد تصرفاتها , نظر ليماند الى مرتا نظرة مخزية مشمئزة , لم تبال مرتا بل كانت تركض ترنح فستانها الرقيق حول جسدها الملفوف البض , كان فستانها شفافا من اللون الأخضر والأبيض , فاجأ ساندي حين نظر اليها وغمزها بأحدى عينيه وهو يقول لمرتا:
" لكنني لم أكن أري أبنة عمتك الحصن , كنت أخلص فتاة الحصن الجميلة من السجن داخل الحصن ... أستأذنك لدي بعض الأعمال".
ترك ليماند مرتا وساندي أمام المنزل ودخل , دهشت مرتا وهي تواكبه بنظراتها وفمها منفرج قليلا , ثم قالت:
" بالحقيقة لم أفهم ماذا قال , أليس هو غريب الأطوار؟ ماذا يعني بقوله يا ساندي؟".
وجدت ساندي نفسها تخفي ضحكة عريضة في داخلها ولم تدر بماذا تجيب مرتا , أسعفها ديرميد حين سأل كعادته:
" من هي فتاة الحصن الجميلة يا ساندي ؟ هل أجد أنا في الحصن فتاة جميلة مثل عمي ليماند؟".
" لا أظن ذلك ".
أجابته وصوتها متهدج .
" الفتيات الجميلات موجودات فقط في قصص الفرسان : مثل لوجريز أو قصص الفردوس المفقود".
" من هو الفارس؟".
" هو رجل يركب حصانا ويقوم بالأعمال الحسنة , يخلص الفتيات الجميلات من التنين أو من السجن".
" لكن عمي ليماند لا يركب الحصان".
حاول ديرميد تصحيح معلومات ساندي.
" كان الأنسان يركب الحصان في العصور القديمة أما اليوم فالأنسان يركب بالسيارة أو الطائرة...".
" حقا يا ساندي أنت تفسرين أسوأ من ليماند عن جميلته سجينة القلعة , من سمع بفارس يركب سيارة أو يطير بطائرة ؟".
قالت مرتا ذلك بعد أن عيل صبرها من كثرة أسئلة أبتها , فتركته مع ساندي.
" ألم يكن كروفورد فارسا يوم تعرفت اليه أول مرة؟".
سألت ساندي أبنة خالها مرتا.
لكن مرتا نظرت اليها نظرة أستغراب وحيرة , ثم سأل ديرميد من جديد:
" أليس جوني فارسا؟ أنه فارس يركب الموتوسيكل , لقد نزل مرة بدراجته بسرعة هكذا...".
وبدأ ديرميد يركض ويقلد صوت الدراجة بأتجاه الطريق العام , صرخت مرتا:
" قف يا ديرميد".
ثم نظرت الى ساندي وقالت لها بلهجة آمرة " أجعليه يخفف ركضه , ربما تصدمه سيارة مسرعة , ألحقي به بسرعة".
ركضت ساندي خلفه في محاولة أخيرة , توقف ديرميد قرب أشارة جانبية على مدخل المنزل الخارجي , توقف ينتظر ساندي ووالدته , ولما وصلا اليه مشى الجميع الى الشاطىء , هناك التقى ديرميد لورنا وايوان , قامت ساندي تشارك الأولاد لعبهم ألا أن مرتا قالت:
" أتركيهم , لا خوف عليهم , لنجلس أنا وأنت نتحدث سوية.".

جلسا قرب مقعد مربية آل لندسي ولكن المربية لم تعرهما أي أنتباه .
" هي عجوز شمطاء! أليس كذلكّ ؟".
كانت مرتا تتكلم عن المربية مع ساندي.
" لا تتكلم مع أحد, لورنا وأيوام مرحين وينسجمان مع ديرميد , هل شاركتهم اللعب صباحا يا ساندي؟".
" نعم".
أجابتها ساندي , ثم قالت:
" هل يعيشون هنا؟".
" يأتون الى هنا في فصل الصيف فقط , والدهم بيل لندسي جراح يجبر الأعضاء ويقومها , هو يملك هذا المنزل الكبير هناك في الناحية الأخرى للخليج".
تعرفت ساندي الى المنزل لأنه يقع وحده على بقعة كبيرة من الأرض في الطرف الآخر للخليج , مربع ومتين ومدهون باللون الأبيض , تلف المنزل شجيرات خضراء تتجمع مع بعض وتحيط به حديقة كبيرة في نهايتها بعض درجات تصله بالشاطىء , قالت مرتا:
" بيل هو نائب رئيس نادي اليخوت هذه السنة وقد تعرفت اليه يوم سهرت برفقة جوني هناك , نشترك كلانا بأشياء واحدة , فهو أرمل وأنا أرملة , لقد توفيت زوجته السنة الماضية , توفيت على أثر مرضها بأبيضاض الدم أو اللوكيميا".
" أخبرتني نان عنه عندما ذكرت لها لورنا وأيوان , عرفت من نان أن عائلة لندسي وعائلة كالدويل لم يكونا أصدقاء , تقول نان هناك خصومة بين العائلتين".
" ماذا تعرف نان عن هذه الخصومة؟ ".
تساءلت مرتا:
" ما رأيك بنان؟ أليست عجوزا رجعية؟ أنها تبالغ بالأهتمام بجوني وليماند , في يوم سابق قرأت لي طالعي , تنبأت بأنني سأتزوج مرة ثانية من رجل يختلف كثيرا عن كروفورد , أتمنى أن تصدق تنبؤاتها بشأن الزواج".
أنتهت مرتا من ثرثرتها .
أعترضت ساندي:
" ولكن , لم يمض على وفاة زوجك كروفورد سوى أشهر قليلة , يجب أن لا تتسرعي!".
" أعرف , لكنني لا أرغب في البقاء أرملة بقية حياتي ".
قالت مرتا ذلك ونظرها ناحية الأولاد الثلاثة الذين يلعبون في الرمال , ثم غيّرت مجرى الحديث وقالت:
" أتعجب لماذا يبقي ليماند نان في أدارة منزله؟".
" من الصعب عليه أن يطردها من منزله بعد كل خدماتها السابقة , هي مربيته , لقد خدمت آل كالدويل عشرين عاما".
" لكن نان كانت تقوم بأعمال أخرى غير تدبير المنزل , لقد سمعت قصصا عديدة تحاك حول علاقتها بكافن".
" ماذا تعنين بذلك؟".
" ها أنت لا تفهمين من جديد ".
ضحكت مرتا وأكملت:
" بالحقيقة يا ساندي لا أحد يظنك من الجيل الجديد المفروض أن يعرف كل شيء ولا يدهش أذا قامت علاقة غير شرعية أو محرمة بين شخصين , في كل حال كافن كان رجلا وسيما وكذلك كانت نان في صباها , وهي تحمل دم آل كالدويل وتفهم طريقة حياتهم , ثم هل تعتقدين أنه من الممكن أن تعيش معه في منزل واحد, كل هذه السنين بدون أن يحصل بينهما أي علاقة؟".
" نعم, من الممكن أن لا يحصل بينهما أي علاقة , أن الجاذبية الحسية ليست كل شيء في الحياة , أنا أؤمن أن الرجل والمرأة يستطيعان أن يعيشا سوية في منزل واحد أو يعملا في مكتب واحد أو ورشة عمل واحدة بدون أي أرتباط حسي أو عاطفي بينهما".
ورمقتها مرتا بنظرة ساخرة من طرف عينيها ثم قالت:
"ماذا تعرفين عن هذه العلاقة؟ ما هي خبرتك؟ أنت تختلطين فقط بطلاب علم التاريخ , أو أساتذة تهتم بالحفريات والتنقيب في الماضي الدفين , كذلك لم تعيشي في منزل واحد مع رجل مثير".
" لا أظن أن والدي أو أخي توم يعملان لهما حسابا".
علّقت ساندي وهي تكشّر تكشيؤة شيطانية.
" أنت تعرفين ذلك بالطبع".
أكدت مرتا ثم سألتها:
" ألم تقابلي بعد رجلا شعرت أنك تحبين العيش معه وترغبين في الزواج منه؟".
فكرت ساندي بديريك سلون , هو الآن بعيد ينقب في جزيرة في البحر الأبيض المتوسط , أنه زميلها في الدراسة:
" نعم , ألتقيت أحدهم".
" أخبريني عنه".
أمرتها مرتا وقد أكتسى وجهها بريقا عجيبا لأنها ستشارك أبنة عمتها سرها وتكتسب بذلك ثقتها.
" ليس عندي ما أقوله ".
ضحكت ساندي ثم تابعت:
" هو زميل جامعي درست وأياه في الجامعة نفسها , تكلمنا كثيرا في علم الآثار , نتحمس أذا أكتشفنا قطعا فخارية ونحن ننقب , كنت آمل أن أذهب وأياه هذا الصيف في بعثة تنقيبية في منطقة البحر الأبيض المتوسط , ولكن طلبي رفض بينما قبل طلبه".
" ما أسوأ ذلك يا حبيبتي, لماذا لم تقبلي؟".
" كنت في لائحة طويلة ضمن الذين رفض طلبهم , العرض لديهم يفوق الطلب".
" هل تشتاقين اليه؟".
نظرت ساندي الى المياه المتلألئة في الخليج وأحست حرارة الشمس تلفح وجهها وسمعت جلبة الأطفال يلعبون , تذكرت أسرار الماضي الدفينة تحت أرض دانكريغان قبل أن تتكلم:
" كلا , لا أظن أنني أشتقت اليه بعد , ربما مع نهاية الصيف أتأكد من ذلك".
" أوه , هو ليس بالحب الحقيقي أذن".
" متى يكون الحب حقيقيا؟ ".
سألتها ساندي وهي تضحك .
" هل تدق الأجراس وتفرقع المفرقعات؟ ماذا حصل لك لما قابلت كروفورد؟".
" لا أعرف , لم يترك لي كروفورد مجالا لأكتشف الحب , ألتقينا في حفلة وقبل نهايتها تقدم بطلب يدي للزواج . كان دائما متسرعا ويتبع أهواءه , كلما أعجبه شيء , كان يصر على أقتنائه".
" وهل كنت أنت ذلك الشيء الذي أحبه؟".
" هو كذلك! أليس هذا صحيحا؟ لكن الأمر قد أنتهى كليا الآن!".
" ماذا تقصدين , أن الأمر قد أنتهى؟".
سألتها ساندي في صوت خافت بعد أن صدمت من حقيقة تغيير عواطف أبنة خالها بهذه السرعة , ثم أستفسرتها:
" ألا تشتاقين ألى كروفورد وتحسين بالفراغ لفقدانه؟".
" كلا , لا أشتاقه بعد اليوم, أظن أن تنبؤات نان ستتحقق , لقد وجدت شخصا مختلفا عن كروفورد هنا , ولهذا سأبقى , أنه متعقل ولا يتهور مثل كروفورد , كثير التفكير والحيطة , متأن وحذر , علي أن أقنعه أن الزواج هو الصواب لكلينا , أقناعه يحتاج للوقت , ربما سيأخذ ذلك مني فترة الصيف".
كانت مرتا تتكلم ببطء وجدية على غير عادتها , شعرها الأحمر الذهبي تدلّت خصلاته الى الأمام وعلى وجهها حين مالت برأسها الى أسفل , ألتقطت بيدها خشبة صغيرة ورسمت على الرمال حرف(ل) حدقت ساندي في الرمال , ولما تبينت بوضوح الحرف سرت قشعريرة في جسمها وأجفلت, أن حرف(ل) يعود الى ليماند , وحسب رأي نان ليماند يختلف كثيرا عن كروفورد في كل شيء ما عدا الشكل الخارجي , أرادت ساندي أن تستوضح الأسم بالكامل للحرف ولكن أبنة خالها كانت مشغولة بالأولاد , لقد أسترعى أنتباهها صراخ الأبتهاج الصادر عن لورنا وأيوان , ركض الولدان عبر الرمال بأتجاه شخص قادم نحوهما , كان طويلا وشعره أحمر , قدم من المنزل الكبير وتصحبة سيدة طويلة ترتدي ثيابا أنيقة جدا.
" هذا هو بيل لندسي".
قالت مرتا تخاطب ساندي:
" ومعه أخته هيلين هي طبيبة وصلت لتوها ما أميركا الجنوبية حيث كانت تعمل مع مؤسسة الأمم المتحدة , أود أن تتعرفي الى بيل , أظنك ستحبينه , وأنا أود التعرف الى أخته هيلين".
راقبت ساندي الرجل الطويل يرفع لورنا بين يديه ثم يمد يده بعد ذلك الى ايوان , وعلى مسافة قصيرة وقف ديرميد ذليلا وقد أكتسى وجهه بالحزن , مسكين ديرميد الصغير, في مثل هذه الظروف يفتقد فيها الصغير والده ومحبته وحنانه , لاحظ بيل لندسي وجود ديرميد , ضحك له وناداه :
" أهلا يا ديرميد , أين الماما؟".
وعلى الفور تألق وجهه الصغير بالفرح وأشار بمجرفته الخشبية الى ناحية مرتا , وللفور توجه بيل والأولاد الى مجلس مرتا وساندي , بقيت هيلين تتبع الركب ببطء , كان وجه بيل صبوحا ومرحا طبيعيا كما أنه يمتلىء بالنمش.
" أهلا يا مرتا , أراك تستفيدين من وجود الشمس ما أستطعت".
" الشمس جميلة , أليس كذلك؟ ".
كانت مرتا تتكلم وهي تضحك.
" أظن أن الشمس جاءتنا من الجنوب مع أبنة عمتي ساندي التي حضرت لتبقى معي في دانكريغان ".
تبادلت ساندي التحيات الشكلية مع بيل , أما هيلين فنظرت الى مرتا بدهشة ثم سألتها بترفع:
" دانكريغان؟ قلت أنك تعيشين في دانكريغان!".
" نعم , أنا مرتا كالدويل , أعيش مع شقيق زوجي ليماند هناك".
" مرتا هي أرملة كروفورد ".
شرح بيل لأخته بهدوء.
وعلى الفور أكتسى وجه هيلين كآبة , لم تحيي مرتا بل نظرت الى شقيقها:
" علينا أن نعود الى المنزل , والدتي تنتظر لترى الأولاد!".
دارت هيلين على أعقابها ومشت عائدة الى المنزل وتركت خلفها صمتا غريبا ودهشة , مشت بليلقة فطرية ورأس مرفوع وكتفين مشدودين , أما بيل فقد أرتبك ولم يعرف كيف يعتذر , قال:
" هيلين تشعر كالسمكة خارج الماء , هي لا ترغب برؤية هذا المكان بعد أن تغير كثيرا بعد مغادرتها أياه منذ خمس سنين , أعذريني عليّ الرجوع بالأولاد الى المنزل , سأراك في نادي اليخوت ,أنتظرك هناك يا مرتا".
" سأكون هناك في أنتظارك".
مشى بيل الى المنزل مع ولديه , كانا يقفزان حوله بفرح , نظرت مرتا الى ساندي وعلى وجهها أبتسامة مزيفة , قلبت مرتا شفتيها أمتعاضا وهزت كتفيها النحيلين أشارة لعدم الأكتراث, ثم قالت:
" ما هذا الصد!!‍".
حاولت مرتا أن تجد لتصرفات هيلين مبررا , شعرت ساندي أن قطرات الدموع ترقرقت في عيني مرتا من شدة تأثرها , تابعت مرتا قولها :
" لم تحبني! لم أعجبها! ما هو السبب يا ترى؟".
" ربما لأن أسمك كالدويل وربما تعتبر أن الخصومة بين العائلتين ما زالت قائمة".
" ربما ذلك".
مشت مرتا صامتة في عودتها الى دانكريغان , لقد جرحت كرامتها تصرفات هيلين لندسي لها , كان صدّها واضحا للعيان ولم يخف على ساندي.

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 26-10-09, 08:08 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

القمر شاهد الأحاديث

بقي الطقس مشمسا لعدة أيام , أعتادت ساندي أن تذهب برفقة ديرميد يوميا الى الشاطىء , قبل الطهر وبعده , ساعدت كذلك ديرميد في بعض دروس أولية في السباحة له ولصديقيه الصغيرين , لورنا وأيوان .
أمضت مارتا كذلك , معظم وقتها مع الأولاد على الشاطىء , لم تشاركهم اللعب كما تفعل ساندي ولكنها كانت تمضي الوقت تثرثر مع الأصحاب الذين تعرفت اليهم , أكثر من مرة حضر بيل لندسي الى الشاطىء , بعد أن ينهي عمله اليومي , كان يشاركها مقعدها حيث تجلس على الشاطىء تستمتع بحرارة الشمس وتكتسب سمرة محببة , لم تحضر هيلين ولا مرة معه , ولم يأت بيل على ذكرها.
منتديات ليلاس
كانت ساندي تذهب من وقت لآخر الى كريغان وهي قرية صغيرة تقع على ساطىء النهر خلف المنزل من الناحية الثانية للتلة التي يقع الحصن فوقها , أحيانا تذهب برفقة جوني على دراجته.
قرية كريغان ميناء لصيد الأسماك , القرية صغيرة وهي مركز صغير للملاحة , ومنتجع صيفي , رممت معظم أبنيتها لتصبح صالحة للسكن ومعظم بيوتها تقع على جوانب مصب النهر حيث تعكس المياه زرقة السماء وخضرة التلال على ضفتي النهر , كانت الرحلة الى كريغان تسرها.
وقت المد ترى المراكب الشراعية متجمعة عند المصب تحتمي , أشرعتها مختلفة الألوان والأعلام مشرعة تحت أشعة الشمس يداعبها النسيم فترفرف بسلام, وحين الجزر تتضاءل مياه النهر فيصبح كساقية رفيعة تشبه في شكلها الحية الزرقاء , يظهر الطمي على ضفتي النهر فيتغير لونه من الأصفر الذهبي الى البرونزي ثم البني الغامق حسب ما تعكس السماء.
ألتقت ساندي رون كارسون في كريغان , هو أكبر منها بقليل , عيناه زرقاوان وطبيعته ضاحكة مرحة يعمل مهندسا معماريا وشريكا لوالده في عمله, غالبا ما يصحب رون ساندي وجوني للنزهات البحرية في مصب النهر في مركبه الشراعي , لقد أمضت ساندي أول أحد لها في دانكريغان في هذه القرية.
صحت ساندي يوما باكرا لتجد أن الأسبوعين قد شارفا على الأنتهاء , شعرت بوخز الضمير وهي تتذكر أنها للآن لم تتوصل الى أي نتيجة في مهمتها الموكلة اليها , لم تتوصل لمساعدة مرتا في أقناع ليماند كي يتكفل بتعليم ديرميد ... وكذلك لم تعرف أي شيء بعد عن تاريخ دانكريغان , كل ما فعلته أنها أمضت عطلة ممتعة كانت تسرح وتمرح على حساب شقيق زوج أبنة خالها , قفزت من فراشها يخالجها شعور بالذنب.
الساعة السادسة صباحا , ستجد ليماند يتناول طعامه في المطبخ قبل أن يبدأ يومه بالعمل في أملاكه , أنه مراوغ كبير ويعرف كيف يتملص من وعوده , أنها تلتقيه دائما وقت الطعام ولكنه لم يحدثها بشأن ديرميد أبدا, كان يتناول طعامه صامتا ثم يعتذر ليذهب الى مكتبه حيث ينكب على أكداس الورق أمامه , أو يخرج لمراقبة مشروع جديد ينفذ في أملاكه , صمته وتحفظه أيضا , لم يسهلا على مرتا مهمتها في أجتذابه والتأثير عليه , كي يقدم لأبنها المساعدات ,أو..... لبست بنطلونها الجينز وتذكرت حوف(ل) الذي رسمته مرتا فوق الرمال , عبست , هل صحيح أن مرتا ترغب في الأستقرار في دانكريغان وتحاول أجتذاب ليماند ؟ هل هو غايتها لتتزوج به؟ كانت تلاحظهما سوية , كان ليماند يشمئز من حركات مرتا الوقحة لأجتذابه , هو غريب الأطوار ولا يمكن لأحد أن يقرأ ما يجول تحت القناع الذي يلف به وجهه الجميل , لا أحد يستطيع معرفة ما يرى في عينيه السوداوين , نظراته مبهمة وباردة , دائما ينقل بصره بينهما هي ومرتا متفحصا ويستخلص لنفسه ما يشاء عنهما.
مشطت ساندي شعرها بالفرشاة, نظرت في المرآة لتطمئن الى شكلها , أنها جميلة وخداها ورديان وفمها واسع قليلا مع أمتلاء في شفتيها , أنفها مروس وعيناها رماديتان , قفزت من غرفتها الى الدرج , كانت الساعة القديمة تشير الى السادسة والنصف صباحا.
دخلت المطبخ , سرت لأن ليماند ما زال يجلس لوحده , أمامه الشاي ويطالع مجلة وهو عابس , نظرت ساندي حولها , لم تر نان , جوني ما زال يحلب البقرات , أن فارس دانكريغان لها وحدها الآن , دقّت ساعة العمل.
"صباح الخير".
سلمت عليه مبتسمة , لم تقرر بعد بماذا تناديه.
" أنه يوم آخر جميل".
" صباح الخير".
ثم عاج لمجلته يطالعها وهو يشرب الشاي.
لم تستغرب برودته في أستقبالها , لقد أعتادت ذلك منه , صبت لنفسها بعض الطعام , صدمتها الفوضى الكبيرة التي عمت المطبخ هذا الصباح , لم يكن غطاء الطاولة عليها , كان عليها أن تفتش لتجد لنفسها فنجانا أو ملعقة , من الواضح أن نان غير موجودة.
" أين نان؟".
" أنها مريضة, طلبت اليها أن ترتاح اليوم في فراشها , عليك أن تدبري طعامك بنفسك اليوم , حان الوقت لك ولأبنة خالك أن تكتشفا أن هذا المنزل ليس فندقا أو مدرسة داخلية".
أستغربت ساندي هجومه غير المنتظر , رفضت الوضع , أنه متحامل عليها , قررت أن تبقى هادئة من أجل أهدافها البعيدة معه.
" أعرف أنه ليس نزلا أو فندقا , أنا أساعد نان قدر المستطاع , هل أستطيع اليوم أن أقوم بأعمالها في غيابها؟".
نظر اليها بطرف عين , مال كرسيه الى الوراء وقال:
" أشك بقدرتك على ذلك!".
" هل تظن أن لا حول ولا قوة لي؟".
تبسم من أجابتها وأضفت عليه البسمة جاذبية لا تقاوم , أجابها:
" أوه , كلا! أنا لست متأكدا , يصعب عليّ أن أرى جامعية متخصصة في علم التاريخ تعرف أيضا أدارة منزل في حجم منزلنا , حتى نان تجد صعوبة في الأعمال المنزلية الكثيرة , وهي تقوم بهذا العمل منذ عشرين سنة , لا أرغب في مس شعورك ولكن جهدك لا يحتمل تحضير الغداء والعشاء لنا جميعا , تنظيف المنزل والغسيل والترتيب ثم القيال بأعمال المزرعة الموكلة الى نان...".
كان يكلمها بكبرياء وغطرسة ولا يترك فرصة للسخرية منها ومن مرتا وجهلهما التدبير المنزلي.
" أنت تجهل كليا ما أستطيع أن أفعل , سأقوم بكل أعمال نان اليومية وأكثر وسأبرهن لك م ذلك منذ الآن".
حملق ليماند فيها بعينيه السوداوين , لا تعابير فيهما , نظر الى فنجانه الفارغ , كتم ضحكة كادت تفلت من بين شفتيه , شعرت ساندي ساندي , هل هو يضحك منها؟ ماذا ستفعل أن ضحك عليها!
" أذن , لقد صممت على أدارة أعمال المنزل اليوم , أقبل تحديك , برهني لي أنك تستطيعين القيام بذلك".
دهشت من موقفه وتراجعت قليلا الى الوراء ثم قالت:
" لديّ شرط واحد , أريد أن تسمح لي برؤية مخطوطات والدك التي كتبها في تاريخ دانكريغان , أخبرتني نان أنها في المكتبة , أريد أن تأذن لي بدخول المكتبة للأطلاع عليها".
" كان عليّ أن أعرف أنك لن تقومي بالعمل بدون مقابل".
قال ساخرا ثم حدق بها لحظة , لقد فاجأه طلبها , ثم تابع:
" ما أغرب ما تطلبين؟ يمكنك رؤيتها ولكنني أحذرك أن الفوضى تعم المكتبة , والدي لم يسمح لأحد بدخولها وكذلك لم أهتم أنا أبدا بترتيبها بعده".
" هل لديك فكرة أين أجد المخطوطات؟".
" ربما في جوارير المكتب".
قال ذلك ووقف لفوره , كانت أبتسامته ساخرة تلف وجهه وهو ينظر اليها متعجبا .
" أتفقنا أذن : مقابل دخولك المكتبة وقراءة المخطوطات ستطبخين لنا الغداء والعشاء وتنظفين الصحون والمنزل وتغسلين وتقومين بأعمال نان في المزرعة".
هزت رأسها موافقة , خرج بدون أن يزيد كلمة أخرى , نظرت حولها في المطبخ , هالها قدم الأدوات النحاسية فيه , لا توجد أي تسهيلات كهربائية مما تجده في مطبخ والدتها , تحققت بذاتها المهمة الصعبة التي ألقت بنفسها فيها , لقد وقعت في الفخ الذي نصبه لها ليماند ولهذا السبب وافق سريعا على شرطها , الآن هو يضحك عليها وعلى سذاحتها.

غضبت مما وصلت اليه . صعدت لتتفقد نان , فوجدتها مريضة طريحة الفراش, وجهها شاحب ودوائر سوداء تلف عينيها.
" أنه الصداع , ينتابني دو ريا وعليّ أن أستريح في الفراش".
" لا عليك, لا تهتمي, سأقوم بأعمالك عنك, سأطبخ وأغسل وأفعل كل ما تفعلينه , هل يمكنك مساعدتي وأرشادي ؟ ماذا رتبت من طعام للغداء؟".
أخبرتها نان عن اللحم والخضار للغداء وكذلك للعشاء ثم الشاي في الساعة الخامسة".
طلبت اليها تجميع البيض من قن الدجاج وتعليبه للشحن لليوم التالي .
" جميل منك يا صغيرتي أن تساعدي , أنا أشكرك وكذلك سيشكرك ليماند".
فكرت ساندي بكلامها ثم ذهبت الى غرفة مرتا وأخبرتها بكل ما حصل.
" يا ساندي لقد وقعت في الفخ , لماذا حصل كل ذلك اليوم؟ أنني مدعوة بعد الظهر الى نادي الغولف لألعب ايزفنز في نادي كيركتون, لماذا تخذليني ؟ دعوتك الى دانكريغان لمثل هذه الظروف حيث أخرج ولا ينشغل بالي على ديرميد , لا يتوجب عليك القيام بأعمال نان هنا , يستطيع الشباب تدبير أمورهم لوحدهم في مثل هذه الظروف"
" أظنهم يستطيعون".
تمتمت ساندي وهي ما تزال تتألم من معاملة ليماند لها , لا بد وأنه يراها فتاة ساذجة بسيطة من السهل خداعها وأستغلالها , ثم أكملت حديثها مع مرتا:
" لا أستطيع أن أتراجع الآن , ربما يرسلني ليماند الى بلدي أن لم أفعل ما وعدت به ,وفي أي حال , العمل ليس كثيرا , هو ليوم واحد فقط , ثم أن مساعدتي في تأمين العمل يعطيني شعورا بأنني لست عالة عليه".
" هل ما زلت تشعرين بتأنيب الضمير؟".
" نعم, ماذا لو تطبخين أنت الطعام ؟ ربما بعملك هذا تلفتين نظره اليك".
" أنا! أطبخ في هذا المطبخ العتيق؟ أوه, كلا يا ساندي , أنت وعدت بذلك وأنت تنفذين , أفضل أن ألفت نظره اليّ بطريقة ثانية...".
ضحكت مرتا ضحكة .مبطنة ثم أكملت :
" عليك مباشرة الطبخ الآن والا فلن ينضج الطعام في الثانية عشرة والنصف , موعد الغداء".
أستغرق الطبخ الوقت كله , بالأضافة الى أعمالها المتراكمة كان على ساندي أن ترد على الهاتف بين الحين والآخر مما زاد من أعبائها , تمنت لو بقي لديها المزيد من الوقت لترتيب الطاولة بطريقة أجمل ولترتيب نفسها كذلك, قدمت الطعام في وقته ولكن اللحم ما زال قاسيا ويحتاج للمزيد من الأستواء كذلك حلو المرمالاد ما زال طريا في الوسط ويلزمه المزيد من الطهو , أكل الرجال بدون تذمر , شكرها جوني وقال أنه تمتع بطعام شهي وتمنى عليها أن تطبخ لهم مرة ثانية خلال أقامتها في دانكريغان.
شعر ديرميد بأنه مهمل من الجميع , لم ينتبه اليه أحد , ساندي مشغولة عنه بأعمالها , بدأ يضرب بملعقته صحنه يريد المزيد من الحلوى , نظرت اليه مرتا وطلبت منه أن يصمت , كانت هي مشغولة عنه بالحديث مع ليماند لعلها تجذبه اليها أو تؤثر فيه , لم يرد ديرميد على طلبها بل بدأ يصرخ بصوت عال , نظر اليه ليماند وأمره أن يصمت , وألا يطرده من المطبخ , ذهل ديرميد من الأوامر التي أصدرها اليه عمه , سكت قليلا وحدّق فيه , ولكن ليماند لم يعره أنتباهه , أمسك ديرميد بملعقته ورمى بها عمه وصرخ :
" عمي المرعب , عمي المخيف , أنا أكرهك , لا أعتقد أنك فارس , أنك عمي المرعب".
وقعت الملعقة أرضا ولم تصب ليماند , ساد الصمت , حدق الجميع عندئذ بديرميد , لقد نجح في لفت الأنظار اليه , حدق بهم ثم أنفجر باكيا ومولولا.
" خذيه الى غرفته يا مرتا , لا تجلبيه الى الطعام معنا ألا أذا كنت واثقة من حسن تصرفه".
كان صوت ليماند آمرا , مشت مرتا بدون معارضة لأن ساندي أشارت اليها أن تطيعه.
حملت مرتا أبنها وهو يلبط ويرفص ويصرخ صراخا حادا , صرخ ليماند:
" أهدأ والا ضربتك؟".
سكت ديرميد في الحال وكف عن العراك , حملته مرتا وأستأذنت وهي تقول:
"ليماند , أنه لا يقصد سوءا , هو طفل صغير بريء".
" أعرف ذلك , لكن عليه أن يتعلم كيف يتصرف منذ الآن , هو من آل كالدويل صعب المراس , عليك أن تكوني شديدة في تربيته والا سيصبح مجرما".
حاولت مرتا أن تعترض ولكن ليماند نظر اليها نظرة صارمة , تنهدت وخرجت مع ابنها من الغرفة وبعد دقائق خرج أيضا ليماند وجوني من المطبخ , نظفت ساندي الصحون الوسخوة ورتبت المطبخ , صعدت الى غرفة مرتا لتواسيها , كانت واثقة أنها تبكي لوحدها , مرّت بطريقها الى غرفة ديرميد وتأكدت أنه نائم وقت القيلولة , دخلت غرفة مرتا فوجدتها تجلس على حافة السرير وبيدها منديل تمسح به دموعها من على خديها , رأتها مرتا فسارعت الى القول:
" يا ساندي , مأذا أفعل؟ الأسبوع الماضي كان ديرميد حسن التصرف بعد حضورك , ظننت أنه أنتهى من نوبات الغضب التي تنتابه , أنظري كيف تصرف اليوم, لقد بدأ ليماند يبدي أهتمامه بي ويتحدث اليّ ولم يعد يهملني كالسابق , أشعر أنني عدت الى البداية معه".
" لا أوافقك الرأي , أظن أننا نعرف الآن سبب نوبات الغضب عند ديرميد".
" كيف نعرف! لماذا يفعل ذلك؟ ".
سألتها مرتا بعد أن مسحت دموعها ونظفت أنفها بمنديلها.
" أنه يكره أن يسترعي أنتباهك أحد وخصوصا ليماند , أنا كنت مشغولة عنه ولم أستطع أن أعيره أنتباهي لأنشغالي بأعمال المنزل".
" أظنك على صواب , ولكن متى أتكلم مع ليماند؟ أنا لا أراه الا وقت الطعام, لم أصل بعد الى أي نتيجة معه بشأن ديرميد , هل أستطعت أنت؟".
" لا , تكلمت معه فقط يوم وصلت وقد أخبرتك ما دار بيننا , مرتا , ربما أنت تضيعين وقتك ببقائك هنا".
" أرجوك لا تبدأي حديثك مرة ثانية في هذا الموضوع , يجب عليه أن يساعد ديرميد , الولد يحتاج لأب".
ولم تستطع أكمال جملتها لأنها غصّت بدموعها من جديد.
" بكاؤك لن يفيد , كفي عن البكاء قبل أن تشوهي جمالك وتظهر آثار البكاء على عينيك... عليك أن تخرجي بعد الظهر , متى ستذهبين؟".
طيّبت ساندي خاطرها , لاقت كلمات ساندي أذنا صاغية عند مرتا فتوقفت عن البكاء وتبسمت من وسط الدموع , كأن الشمس ظهرت بعد المطر.
" هل تقصدين أنك سترعين ديرميد أثناء غيابي ؟".
" بالتأكيد , لا أظن أعتنائي به يثقل كاهلي بالأضافة الى أعمالي الأخرى".
" شكرا يا عزيزتي , أقدر لك جميلك , نزلت مرتا عن فراشها وقالت :
" ماذا سألبس؟ سيمر آل ايرفنز بعد ربع ساعة , ليس لديّ الوقت الكافي لأجهز نفسي للخروج".

خرجت مارتا الى نادي الغولف , أكملت ساندي ترتيب المنزل وتنشيف الصحون ثم كنست الأرض ومسحتها قبل أن يستفيق ديرميد من نومه , ولما ناداها ديرميد حملته من غرفته ونزلت به الى المطبخ , كان جوني قد وصل لتوه, قال لها يطلب ودها بأبتسامة عريضة:
" علينا أن نجمع البيض الآن , سأساعدك في هذه المهمة ".
أخذت ساندي ديرميد معها وساعدها في تجميع البيض, كسر عددا منها من كثرة تشنجه وعصبيته , ما زال تحت تأثير مشكلته مع ليماند , فقد ثقته بنفسه , ظنّ أنه سيعاقب على أي خطأ يبدر منه , طمأنته ساندي وأعطته بعضا من لعبه يتسلى بها بينما أكملت هي توضيب البيض في علبة من أجل شحنه في اليوم التالي , رن جرس الهاتف , كانت مرتا تضحك وهي تخبرها أنها مدعوة لتمضية السهرة خارج المنزل وتطلب منها الأعتناء بديرميد والأهتمام به لينام , أكدت لها ساندي أنها ستفعل ما طلبته منها ثم أقفلت السماعة وعادت الى المطبخ , قررت أطعام ديرميد قبل موعد ليماند وصعدت به الى غرفته لينام , ولما حضر ليماند لم يكن العشاء جاهزا , حاول ساندي أن تشرح له الأسباب ألا أنه رمقها بنظرة ساخرة كعادته , لكنه لم يتكلم بل دخل الى مكتبه.
وأخيرا جهز العشاء , حضر الجميع الى المطبخ وأكلوا , كانت ساندي متعبة جدا.
ولما أنتهت من حمام ديرميد وقص القصص عليه , نزلت الى المطبخ لتكمل غسيل الصحون , وجدت جوني قد سبقها الى الجلي .
" شكرا يا جوني , أنت ملاك من السماء".
" ليس كذلك, لقد شرح ليماند تفاصيل غسيل الصحون بعد أن أوكل لي هذه المهمة , هل ترافقينني الى كريغان بعد أن ننتهي؟".
" لا أستطيع, مرتا خارج المنزل , عليّ البقاء مع ديرميد لأن نان مريضة ولا تستطيع رعايته , وأريد أن أدخل المكتبة وأفتش فيها عن مخطوطات تاريخ دانكريغان , لقد سمح لي ليماند بذلك, هل تدلني أين المكتبة؟".
رافقها جوني عبر الممر وفتح بابا قرب السلم الداخلي , دخلا غرفة سقفها مرتفع , تكتنفها الظلمة , أدار جوني النوافذ ليدخل النور , للحال عم الغبار الأسود المكان , ومزقت الستائر أعلاها وتدلت من طرفها وبقيت معلقة ببعض الدوائر الخشبية التي تشدها الى السقف.

" فوضى كبيرة , أليس كذلك؟".
نظرت ساندي فأذا بها ترى صورتها معكوسة في مرآة كبيرة أطارها مطلي بالذهب معلقة فوق المدفأة الأنيقة الى جانبي المدفأة رفوف مليئة بالكتب, لا بد أن تكون هذه الغرفة قاعة الأستقبال الرسمية قبل أن يحولها كافن الى مكتبة يعود تاريخها الى القرن الثامن عشر.
" كيف يمكنهم أن يهملوا مكتبة بهذا الشكل؟".
تعجب ساندي وهي تتفحص الغرفة والكتب المبعثرة حولها هنا وهناك وفي كل مكان.
" الرجل العجوز كنت أناديه عم كافن , كان معتزلا عن الجميع , يغلق على نفسه ويبقى هنا أياما كاملة , كان يكتب تاريخ دانكريغان".
مشت ساندي الى الكتب حيث أكداس الأوراق , الى يمين المكتب صينية فضية عليها زجاجة شراب يحتوي على سائل أصفر , الى شمال المكتب في أطار من الفضة زواج رجل في الأربعين , شعره أسود وعيناه سوداوان , يلبس بدلة ضابط حارس في الجيش الأسكوتلندي , قربه صبية في فستان زفاف أبيض تصغره بعشرين سنة تقريبا , شعرها أسود ولكن عينيها ملونتان وعلى فمها أبتسامة مرحة عابثة.

" ماذا حل به؟ لماذا أعتزل الناس ؟ الأن زوجته ماتت؟".
" نعم , غرقت في مصب النهر".
" غرقت وهي تسبح؟".
" كلا, لم أر هذه الصورة قبل الآن , كانت جميلة جدا , أليس كذلك؟ كانت تصغره بعشرين سنة , أظن أن هناك بعض الحقائق للأشاعات التي راجت حولها".
" ما هذه الأشاعات؟ قل لي يا جوني؟".
توسلت اليه ساندي وهي تشعر أن بعض الغموض بدأ يتكشف لها.
" يوم غرقت كانت في نزهة بحرية برفقة رجل على متن يخته , تقول الأشاعة أنها كانت في سبيل ا لهروب معه الى ايرلندا فقلبت الرياح العاتية اليخت في مصب النهر , عند حدوث المد , ولم ينجوا , ووجدت الجثتان على الشاطىء...".
" أليس لديك شيء أفضل من أن تضجر ساندي بثرثرة محلية؟".
كان صوت ليماند وراءهما , ألتفتا بسرعة نحوه , الشعور بالذنب يلفهما ,كان ليماند واقفا في وسط الغرفة , عابسا , لم يكن ****ا عن سماعه المحادثة التي تناولت والديه.
" رغبت ساندي أن ترى المكتبة ".
قال جوني وقد أحس بالخجل من أخمص قدميه حتى قمة رأسه.
" نان ترغب في رؤيتك , أنه الأجتماع الشهري للمنظمة الريفية اليوم, هي مريضة وترغب اليك أن تحمل أعتذارها عن الغياب بسبب المرض , مع وقائع الجلسة الأخيرة ".
قال ليماند يخاطب جوني بصوت هادىء ومتزن.
" حاضر , أعتذر منك يا ساندي , فالواجب يدعوني".
ضحك جوني ضحكة صفراوية بينما هو حزين لأنه تركها وحدها تحت رحمة ليماند القاسي.
" لم نكن نثرثر , كنت أرغب في معرفة أسباب أعتزال والدك عن العالم وترك كل شيء هنا يتلف ويفسد تدريجيا , كان جوني يخبرني بالقصة الحزينة".
" لكنها لا تهمك بشيء".
" لا أوافقك الرأي, كل ما حصل في الماضي يهمني لأنه يساعدني على فهم الحاضر".
" آه , نسيت, أنت متخصصة في علم التاريخ , تهتمين دائما بالأسباب والنتائج".
قال ساخرا, نظر حوله في الغرفة وقال:
" لم أكن أعرف أن المكتبة على هذه الحالة المتردية , ربما عليّ أن أحرقها جميعها , الأثاث , الكتب , الستائر...".
" أوه , لا أنه أنتهاك للحرمات , الكتب والأثاث يمكن تنظيفها , بعضها له قيمة أثرية كبيرة".
" وهل تظنين ذلك؟ كيف يمكنني أن أعرف قيمتها؟".
" أنا متأكدة مما أقول , لا بد أن أحدا في متحف غلاسكو يستطيع تقييمها لك , أما المفروشات فأي شخص يعرف في الأثاث يساعدك في تقدير القيمة الأثرية للكراسي والمكتبة".
" ولكن , علينا أولا تنظيفها قبل أن نسأل أي شخص".
" أنا أستطيع أن أنظف المكتب وأمسح الغبار عنها وأرتبها".
" أنت مجتهدة ومستعدة دائما لتقديم الخدمات , لم أشكرك لمساعدتك اليوم! كان عملك أفضل مما توقعت".
كان حديثه صادقا , قالت ساندي في نفسها : لا تدعي مديحه يخدعك , ربما قد ينصب لك فخا آخر للمزيد من العمل المرهق, أجابته:
" شكرا , ربما أقتنعت الآن أن المرأة تستطيع أن تقوم بتدبير المنزل الذي هو حقلها منذ بدء الخليقة بالأضافة الى تسلحها بالعلم والمعرفة, فالشهادات الجامعية لا تعيقها في آداء أعمالها المنزلية".
كانت تكلمه برصانة مجابهة الند للند , نظرت الى وجهه , هنك دلائل أنفعالات بادية عليه ولكن عينيه لا تفصحان عن شيء.
" أنت لا تحبينني أليس كذلك؟".
لم يكن لدى ساندي أي جواب حاضر , تذكرت مهمتها الدبلوماسية من أجل ديرميد , قالت مدافعة عن نفسها:
" أنا لا أعرفك حق المعرفة".
" كم أنت حذقة , أنت لا تحبينني , أنا في نظرك لا أحتمل, صلب , وكثير الشكوك".
" من قال لك ذلك؟ أنا ... أعتقد أنك غير راض عني وعن مرتا".
" ما الذي يجعلك تعتقدين ذلك؟".
" طريقتك في معاملتي , دائما تسخر من تصرفاتي وأفكاري , كل ذلك يشير الى أنك تحمل لي روح العداء وعدم الرضى".
" هذا غير صحيح... قولي لي ماذا كنت تنتظرين قبل مجيئك الى هنا؟ مغامرة عاطفية مع شاب أسكوتلندي؟".
" أوه".
تساءلت ساندي في نفسها : لماذا تجد نفسها تتحارب وأياه بالسيوف كلما أجتمعت به , بينما العكس هو طلبها للتفاهم معه على مهمتها بشأن ديرميد :
" لا تكن فظا, أنا لم أنتظر شيئا من هذا القبيل , أنا لست فتاة لا ترى في الرجل سوى...".
" سوى رجولته , أليست هذه هي الكلمة الشائعة؟".
أكمل عنها جملتها:
" أخبريني أذن, كيف ترين الرجال من عليائك؟ هل ترينهم. كما تراهم مرتا؟ مصدرا لتأمين المأكل والمشرب , موطنا للحماية والتأمين ضد المصائب , كبش الفداء للتكفير عن أخطائك؟".


" كلا , كلا , أنهم أناس , أتكلم مع أحدهم في أشياء نشترك في أهتمامنا بها, نتحدث ونتبادل الرأي حولها , نتفاهم , أتمنى أن يراني كما أراه أنسانا سويا".
كانت ساندي تشرح رأيها بالرجل وقد أفزعها ما قاله عن مرتا , أحست ساندي أنه يتفحصها بعينيه السوداوين من أخمص قدميها لجذور شعرها ثم قال:
"ربما يراك بعض الرجال هكذا!".
تمتم وقد ظهر في عينيه وميض من الأعجاب بها , هذه المرة لمحت بريقا في عينيه لم تره من قبل.
" لكنك لا تراني هكذا؟".
سألته وقد شعرت بأرتعاش من جراء نظراته تلك.
" ليس دائما , أنا شخصيا أتمتع بما تقدمه النساء من ميزات , ولكنني لا أهتم بنظرية تكافؤ الجنسين".
" هذا واضح".
أجابته ساندي وقد شعرت بأنها هزمت في جولتها معه , أبتسم وهو يمشي نحو المدفأة بطريقه الى خارج المكتبة.
" هل أستطيع أن أتكلم معك بشأن ديرميد؟".
سألته وهي تتبعه, أستدار بسرعة وأجبرها على التوقف لأنها كانت ستصطدم به :
" هل هذا الموضوع من المصالح المشتركة؟ ماذا عن ديرميد؟".
سألها بتهكم , بدأت ساندي ترتعش قليلا بعد أن وجدت نفسها قريبة جدا منه , خطت خطوة الى الوراء :
" أرجوك لا تسيء الظن به لسوء تصرفه على الغداء اليوم , لقد أختلط عليه الأمر , أنه لا يجد فرقا بينك وبين والده مما جعله مشوشا".
" لماذا؟".
" أنك تشبه والده كثيرا بالشكل ولكنك لا تتصرف معه على هذا الأساس – أي كوالده".
طوى ذراعيه على صدره , ضاقت عيناه السوداوان وهو يفكر:
" معقول".
وافقها ثم أبتسم بعبث , رأت الشبه بينه وبين صورة والدته على المكتب.
" أنه ليس الشخص الوحيد الذي يخلط بيني وبين كروفورد للشبه الكبير بيننا , كنا نلعب هذه اللعبة مرارا".
أختفت البسمة وحل محلها العبوس.
" هل طلبت منك مرتا أن تتكلمي معي بشأنه.. حتى لا أضربه؟".
" كلا .. أنها مهمومة بشأن نوبات غضبه , هي تعرف أنه يحتاج لأب...".
توقفت ساندي عن متابعة كلامها بعد أن رمقها بنظرة شك , ثم أردفت:
" هي ترغب أن يتربى هنا ويذهب الى المدرسة التي درست فيها أنت وكروفورد , زوجها لم يترك لها أي مال , لها راتب تقاعدي ورثته عن والديها ولكنه لا يكفي لسد مصاريف تعليمه".
حدّق فيها كأنه يفكر ويزن ما قالته في عقلها , ثم سألها ببرود:
" هل أنت متأكدة أن هذا كل ما ترغب به مرتا؟".
" نعم".
تذكرت حوارها مع أبنة خالها وحرف(ل) وفكرة زواجها مرة ثانية وأكملت:
" لا ... أنا لست واثقة".
" ظننت ذلك , هل لديك فكرة.. أين هي هذا المساء؟".
" قالت أنها مدعوة للسهرة , ذهبت لتلعب الغولف مع آل ايرفينز في كيركتون بعد الظهر".
" فهمت الآن لماذا طلبت اليك الحضور الى هنا لمساعدتها في رعاية ديرميد , لا أنا ولا جوني نرضى أن نرعى الصغير في غيبتها وكذلك نان مشغولة معظم الأوقات ,بدأت أتحقق من براءة أبنة خالك في التخطيط البعيد المدى , لديها خطط محكمة , أعتقد أن والدي كان يرحب بها , سأتركك لتكملي بحثك عن المخطوطات التاريخية وسأذهب أنا الى حساباتي لأوازنها , أتمنى لك التوفيق في حملة التفتيش, أعلميني رأيك فيها أذا وجدتها".

عادت ساندي الى المكتب لتفتش في جواريره , هناك ثلاثة جوارير محشوة بالملفات والأوراق المغلقة وقد كتب فوقها بخط مرتب , صحيح أن كافن أعتزل الناس وأكثر من الشراب في آخر أيامه, ألا أنه ظل أنسانا خلاقا مبدعا وبقي نظاميا لنهاية أيامه , كل ملف عليه عنوان وأرقام متسلسلة , أول ملف أخرجته كان يحتوي على المقدمة للتاريخ.
زاد حماس ساندي وأخذت أول ملف وصعدت به الى غرفتها , بدأت تقرأ عن جذور المستوطنين الأول في دانكريغان...
في اليوم التالي عادت نان الى عملها المعتاد في تدبير المنزل , بقيت مرتا نائمة صباحا بعد أن تأخرت في سهرتها , ذهبت ساندي مع ديرميد الى الشاطىء قبل الظهر وعادت وقت الغداء , صعدت ساندي مع ديرميد بعد الغداء الى غرفتها لتقرأ المزيد مما كتب كافن , وضعت ديرميد في سريره لينام بعد الطعام , دخلت غرفتها ولكنها لم تنعم بالهدوء لأن مرتا دخلت تشرح لها ما تمتعت به في سهرتها في نادي الغولف.
" أحذري من حضر الى النادي عند وصولي؟".
" لا أعرف".
" بيل لندسي".
تمددت مرتا على السرير ووجهها الى أسفل ورجليها تتأرجحان في الفضاء وهي تقضم تفاحة.
" لأختصر لك القصة , دعاني بيل لعشاء وبعد ذلك أخذني الى بروكفيلد حيث منزله قرب الشاطىء , كم هو فخم وأفضل بكثير من هذا المنزل".
" هل رافقته أخته هيلين للعشاء؟".
" لا , ألتقيتها في المنزل وتصرفت أحسن تصرف أمم والدتها".
ضحكت مرتا ثم أكملت :
" هي ودودة للغاية , لكنها تكلمت كلاما غريبا يا ساندي , قالت أنني سعيدة الحظ لأنني ألتقيت الأخوة كالدويل كل على حدة , ما رأيك بقولها؟".
" ربما كانت تعرفهم في أول عهدها بالشباب , وقد أختلط عليها الشبه بينهما مثل الكثيرين ,كنت أتحدث البارحة مع ليماند, أخبرته أن ديرميد يختلط عليه الأمر لأنه يشبه والده كروفورد وتصرفاته تختلف عنه , أخبرني أنهما كانا يلعبان هذه اللعبة ... كان كل منهما ا يدّعي أنه الآخر ويتمكنان من خداع الناس , أليس هذا ما يفعله التوائم
في أكثر الأحيان؟".
" أظن ذلك , لقد سألتني بعد ذلك أذا ما كنت متأكدة أنني تزوجت كروفورد وليس ليماند .... شعرت كأنها سددت اليّ ضربة خفيفة ما زلت أشعر أنها لا تحبني لأنني من آل كالدويل ... ماذا تقرأين؟".
" مخطوطات تاريخ دانكريغان التي كتبها كافن كالدويل , أنه ممتع , هل تعرفين أن الحصن يعود تاريخه الى العصور المظلمة (476-100 ب م) أي العصور الوسطى , هي آخر معاقل المقاومة ضد الأنكلو –ساكسون في القرن السادس , ربما بناها الملك أوربان الذي حكم مملكة تمتد من جنوب كاليزل الى دمفريز ثم غللوي حتى سنرانرار".
تمتمت مرتا وهي تتساءل:
"متى؟".
" في أيام الملك آرثر الأسطوري ,بعض هذه القصص عن الملك أوربان تشير الى أن مقاومته الأنكلو ساكسون وربما قد أضيفت الى الخرافات".
" صحيح, هل تقصدين الملك آرثر في التمثيلية الغنائية كاميلوت؟".
" نعم , هو الملك نفسه , كان كافن يحاول أن يبرهن صدق نظريته بالتنقيب عن أدلة وقد وجد بعض المصنوعات التي تثبت نظريته ومنها دبوس للزينة من النقش السلتي وكذلك كتلة معدنية , لكنني لا أعرف أين وضعها".
" أسألي نان , ربما تعرف".
وأضافت:
" أنه بربري متوحش , لا أحد يستطيع العيش معه , هل سمعت ما حل بزوجته؟".
" نعم, أخبرني جوني الليلة الماضية القصة الحزينة , هل تظنين أنه حقيقية وأنها كانت في سبيلها الى الهرب مع رجل آخر؟".
" بالطبع حقيقة, لقد أخبرني كروفورد بها".
" هل قال لك سبب هروبها؟".
" لا , لكنني حزرت , لا بد أنها أحبت رجلا آخر , هذا يحصل دائما يا غبية".
" أعتقد أنه يحصل , ولكنها مسؤولة عما حل بالعائلة من بعدها".
كانت تكلم نفسها أكثر ما تكلم مرتا.
" ماذا تقصدين؟".
أستدارا مرتا من الفراش وأستوت على ظهرها , تمطت كأنها قطة مدللة.
" الأسباب والنتائج, هذا هو علم التاريخ , لو لم تغرق ليليا وهي تبحر مع رجل آخر في نزهة , لما أعتزل زوجها الناس وأكثر من الشراب وبالتالي أصبح عصبي المزاج وأختلف مع ولديه وترك بالتالي هذا المنزل يفسد ويبلى تدريجيا".
" هذا فظيع! لو أفكر مثلك بالأسباب والنتائج لما أقدمت على أي عمل , هل تعتقدين أن زوجته مسؤولة عن خلاف العجوز مع كروفورد وطرده من المنزل؟".
" لا أعرف بالضبط ,من الممكن أن طباعه لم تكن لتسوء وكذلك من الممكن أن ليماند وكروفورد كانا قد عاشا بطريقة مختلفة لو بقيا في رعاية والدتهما".
" ربما".
تمتمت مرتا.
" هل تعرفين أسباب الخلاف؟".
" بشكل غامض , كان كروفورد دائما يدافع عن نفسه ويردد أنه مظلوم , يقول أن والده أكتشف أنه أساء التصرف في سنين سابقة قبل أن يترك ليماند المنزل ليعمل في مزارع الغير , غضب والده منه وطرده , أشعر أن ليماند له علاقة بالمسألة ... القصة قديمة وقد حصلت منذ أثنتي عشر سنة تقريا , الأب توفي وكذلك كروفورد ... بقي من آل كالدويل الآن ليماند وديرميد , هل أخبرك ليماند الليلة الماضية عن مستقبل ديرميد؟".
" ليس قبل أن أفتح له الموضوع بنفسي , أخبرته ما ترغبين لأبنك من فرص جيدة من أجل تعليمه , كذلك أخبرته أنك لا تملكين مالا لتعليمه بنفسك".
" جيد , أكملي يا ساندي , ماذا كان جوابه؟ هل قال أنه مستعد لتحمل مصاريف تعليم ديرميد؟".
" لا , سألني فقط أذا كنت واثقة بأنك لا ترغبين في شيء آخر , وأجبته أنني لست واثقة".
ثم نظرت اليها عاتبة :
" لو تبحثين معه مستقبل ديرميد صراحة , أنا لن أبقى هنا طويلا بعد , لقد دعاني ليماند للبقاء أسبوعين فقط وينتهي هذا الموعد الأربعاء المقبل".
" عليك أن تبقي أكثر , يمكنك ذلك ,لن يمانع على ما أعتقد".
" أنا أمانع".
قالت ساندي بحدة., تكدرت مرتا ونفرت الدموع من عينيها , شعرت ساندي بوخز في الضمير وبأنها غير مخلصة.
" ربما لو يعرف ما ترغبين لتوصل الى قرار بهذا الشأن يا مرتا , هل تعليم أبنك هو كل ما ترغبين به من مساعدة؟".
أصرت ساندي أن تعرف.

كانت مرتا شاردة بأفكارها بعيدا كأنها تداعب سرا جميلا في داخلها .
" أرجوك لا تسألي , لن أفصح عن رغبتي الآن , أعتقد أن تلمت عن رغبتي لأي أنسان فسوف لا أنال ما أرغب وأنا لا أريد أن أفشل , هذا شعوري الأكيد".
" نعم".
تنهدت ساندي وقالت :
" أعرف هذا الشعور ... ولكن؟".
" تحملي معي أرجوك , أشكرك لبحثك موضوع ديرميد مع ليماند أعتقد أنك مصيبة بأن سلوك فيليدا قد أثر على التوأم , ربما من أجل ذلك لا يثقن بالنساء , تدل شهرتهما أنهما يهربان من الفتيات بعد أن يقعن في حبهن".
" هل هذا صحيح؟".
" نعم , صحيح, أنا أعرف أن كروفورد كان كذلك قبل أن يلتقيني ".
قامت مرتا ومشت نحو الباب وهي تهز ردفيها.
" كيف تمكنت من منعه من تركك؟".
" أنت تحملين شهادة جامعية ولكنك تجهلين أمور الحياة الأساسية , سوف لا أخبرك كيف , ولكنني نجحت في مهمتي أليس كذلك؟".
" لكنك لم تنجحي مع أخيه".
علقت ساندي هازئة .
" لا لم أفلح بعد ولكن...".
ضحكت مرتا ضحكتها التي تشبه الشمس المشرقة.
" سمعت صوت ديرميد . لقد فاق, لنذهب الى الشاطىء , الحمد لله ما زال الطقس جيدا".
بعد غياب الشمس وقد بدا القمر يتوسط السماء , جلست ساندي في سيارة رون كارسون السبور في طريقها الى كريغان , كان جوني برفقتهما , أوقف رون سيارته بين الطريق العام والشاطىء , صعدوا الى الفندق للقاء بعض الرفاق, لقد رضيت نان أن ترعى ديرميد في غيبتها , قاعة الفندق مليئة وكذلك غرفة الشراب , جماعات يجلسون حول طاولات يحتسون الشراب ويتحدثون.
وسع مكان للقادمين وسط مجموعة من الشباب والشابات يجلسون حول طاولة , تعرفت ساندي اليهم وطلبوا لها بعض الشراب.
همس جوني في أذنها:
" أنظري من يجلس في الزاوية".
كانت مرتا تجلس ضمن مجموعة ومن بينهم بيل لندسي.
" قالت لي أنها قادمة لتحضر السباق".
" أعتقد أن رابح السباق هو بيل لندسي ".
نظر جوني الى رون مخاطبا :
" من هذه المرأة التي تجلس قرب نائب مدير النادي؟".
" أنها هيلين شقيقته, هي....".
ثم توقف رون عن الكلام بعد أن وكزه جوني في كتفه أشارة ليصمت , ثم قدم له المزيد من الشراب , وبعد قليل أكمل رون كلامه في موضوع آخر قائلا:
" هل عرفت الساقية لهذه الليلة؟ أنها صديقتك الشقراء , ربما ستبقى للرقص بعد دوام عملها".
" أتمنى ذلك".
قال جوني وهو مأخوذ بالنظر الى الساقية الشقراء , قرر الجميع الأنتقال الى قاعة القرية للرقص , خاطب روني جوني قائلا:
" لقد أنتهيت مع الساقية الشقراء هذه الليلة , قريبك ليماند قد سبقك اليها".
نظرت ساندي الى البار ,فرأت ليماند يميل الى الشقراء يكلمها, كان يرتدي سترته الرمادية التي أرتداها يوم أستقبل ساندي فوق بنطلون أسود وكنزة سوداء قبتها عالية, بدا هندامه الرسمي المميز في غير مكانه المناسب وسط المصطفين في ثيابهم المختلفة الألوان , فكرت ساندي بالفارس الأسود في السباق.
" أعرف سبب حضوره".
قال جوني وهو ينظر الى الزاوية التي جلست اليها مرتا مع بيل لندسي.
" تستغرب ما ما يمكن أن تفعله المنافسة".
كانت تجلس مرتا تتحدث بروح معنوية عالية بعض القصص , وضعها وسط المجموعة مخزي بنظر ليماند ويحط من قدره وقدر عائلته ,الى الجهة الأخرى جلست هيلين وعيناها الزرقاوان على ليماند وقد أبيض وجهها كأنها ترى شبحا أمامها , أشاحت ساندي بنظرها عن هيلين ولكنها أكتشفت أن ليماند يرقبها هي, حيته بأستحياء , خجلت من نفسها لأن حمرة الخجل قد تسربت الى وجهها بدون أرادتها , هز ليماند رأسه يحييها , وقف رون ومجموعة الشباب عندئذ لمغادرة الفندق في طريقهم الى قاعة الرقص الكبرى في القرية.
وصلت المجموعة الى القاعة , كانت أصوات الموسيقى الصاخبة تسمع من الخارج , دخلوا ونزلوا فورا الى حلبة الرقص على أنغام الروك , الرقص وسيلة تعبير وهروب , يساعد على الأسترخاء والتخلص من التشنجات العضيلية , ينسى الهموم ويساعد على حل المشاكل ...
توقفت الموسيقى , جلست ساندي على كرسي قرب الحائط للأستراحة ,جلس رون قربها بينما وقف جوني أمامهما , مال رون الى الأمام يخاطب جوني وهو يبتسم مكشرا:
" لا تنظر الى المدخل , حضرت الشقراء برفقة ليماند".
" لا يضيع وقته سدى ".
سخر رون وهو ينظر الى جوني:
" يمكنك أن تطلب منه أن يعرفك اليها".
" كيف؟".
سأله جوني بأهتمام بالغ.
" هناك رقصة الفالس التي ستعزف عاجلا أم آجلا , يحق لك أن تقطع على أي أثنين وتراقص مرافقته بدلا منه".
كان رون صادقا , توقفت موسيقى الروك وأستبدلت الفرقة بأخرى تعزف موسقى أسكوتلندية ريفية , كانت أول رقصة أعلنت الفرقة عنها رقصة الفالس , كل من ليس له رفيقة لتراقصه ,يمكنه أن يقطع على أي راقصين ويطلب التبادل مع الراقص.
" أبشر يا عزيزي , ها هي فرصتك الذهبية ".
أعلن رون وهو يضحك :
" تعالي يا ساندي راقصيني".
كان رون يرقص وهو يعلق على كل ما يراه حوله في حلبة الرقص :
" لقد قطع جوني على ليماند ررقصته , أنه يراقص الآن الساقية الشقراء , أظنك سمعت عن السلوك الغريب الذي مارسه ليماند وشقيقه التوأم كروفورد حين كانا يحضران الى قاعة الرقص في السنين السابقة".
" كلا , لم أسمع, قل لي يا رون, أخبرني".
قالت وهي تلهث من كثرة اللف والدوران.
" شقيقتي جين متزوجة الآن وعندها ولدان , قالت لي أنها ذهبت مرة للرقص بصحبة ليماند وعادت الى المنزل بصحبة كروفورد , لكنها لم تعرف أنهما تبادلاها الا بعد أسبوع حين أخبرتها الفتاة التي ذهبت عائدة بصحبة ليماند القصة , كانا يفعلان مثل هذه الحيل دائما , كان لا بد لهما أن يقعا في مشكلة يوما ما".
" أي مشكلة يمكن أن يقعا فيها؟".
" أتهم أحدهما بأنه عبث مع أحدى الفتيات بينما شقيقه التوأم قام بذلك .. أتفهمين ما أعني , عرف والدهما بالأمر ...".
" عن أذنك , هل لي أن أقطع عليك رقصتك يا رون؟".
كان صوت ليماند باردا بدون أبتسامة.
لقد قطع الحديث عنها كذلك , لقد حصل اليوم ما حصل في المكتبة حين كان جوني يخبرها عن فيليدا , دائما ليماند يقطع عليها حبل المعرفة , كانت ساندي تفكر في نفسها.
" من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ".
أجابه رون وهو يضحك من الألم.
" سأراك فيما بعد يا ساندي ".
دار يفتش عن فتيات من معارفه كن يجلسن يسترحن ليكمل ثرثرته معهن.
كانت ساندي ترقص بسهولة من رون , أما الآن فالأمر يختلف , لقد وضع ليماند يده على خصرها وأمسك بيدها في حزم شديد , كانت يده باردة قاسية , أرتعشت بين يديه وتشنجت , شعرت أنها لا تعرف الرقص.
" تبدين غير مرتاحة".
" أشعر بدفء هنا من كثرة الأزدحام".
" لنترك الى الخارج نتمشى ونشم هواء لطيفا ".
قادها الى مقعدها حيث أخذت سترتها الصوفية , ترددت ساندي قبل أن تخرج , كانت تفتش عن جوني الذي كان مشغولا كليا بالشقراء التي ما زال يراقصها , وقع نظرها بعد ذلك على رون وقد أنشغل بفتاة في الثامنة عشرة من عمرها , شعرها أسود مجعد , نظرت ساندي الى ليماند الذي كان يراقبها كأنه يقرأ أفكارها على الطريقة الغجرية.
" كل منهما يتمتع برفيقته الجديدة أكثر بكثير من رفقتك أنت".
" هذا غير لائق بك أن تقوله لي".
أعترضت ثم قالت في نفسها : ماذا يعرف عني وعن جاذبيتي وسط معارفي ورفاقي , تذكرت أن رفقتها ممتعة في قاعة المحاضرات أو المناقشات أو الرحلات التعليمية , أما في الحفلات الراقصة فكان رفاقها يفضلون عليها الفتيات الأكثر جمالا والعابثات المستهترات.
" عنيت بقولي مديحا ,ليس ألا , هما يهتمان بالشكل الخارجي وليس في المضمون الداخلي للفتاة , أهتمامهما ينصب فيما تكشف عنه المرأة وليس بما في داخلها , أنت رصينة وبريئة ولن تروقي لهما الليلة ,كل ما يبغيانه الليلة هو المتعة".
" ما أدراك أن ذلك بغيتهما؟".
هز كتفيه وضحك ضحكة قصيرة جذابة وقال:
" أعرف ذلك من خبرتي السابقة منذ أثنتي عشرة سنة عندما كنت أحضر الى قاعة الرقص لهذه الأسباب ... تعالي نتمشى معا في ضوء القمر ونبحث في المصالح المشتركة".
شعرت أنه يسخر منها , نظرت اليه , أعاد اليها النظر بدون أي تعبير , قالت:
" ما هي المصالح المشتركة بيننا ؟".
خالجها شعور غريب هو الشعور نفسه الذي تحسه كلما ألتقته شعور ينبهها الى خطر المشي معه في ضوء القمر.
" مستقبل ديرميد , سعادة مرتا ... لدي بعض الأسئلة ربما تعرفين الأجابة عنها , أريد نصيحتك أيضا في مسألة أخرى , هل تتمشين؟".

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 26-10-09, 08:12 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45499
المشاركات: 173
الجنس أنثى
معدل التقييم: ..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط..مــايــا.. عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 116

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
..مــايــا.. غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

4/ درعه يلين بالعناق

4- درعه يلين بالعناق
حملت ساندي شالها الصوفي ولفت به كتفيها وذهبت برفقة ليماند , أليست هي الرسول بينه وبين مرتا وهذه حجته ليحظى بها لنفسه فترة وجيزة.
خرجا من القاعة المزدحمة بالناس والضجيج الى الجو اللطيف في هدأة الليل تحت ضوء القمر , تمشيا سويا في ممر مرصوف بحجارة الغرانيت , تغطيها أشجار الحور العملاقة , كانت المنازل القريبة المطلية باللون الأبيض تظهر كالأشباح وسط العتمة , النسمات تداعب مياه المصب فتتراقص جذلة , وتظهر التلال المرتفعة خلف المصب تعكس ظلالها المستديرة على صفحة السماء المنارة بضوء القمر .
كانت ليلة مميزة للعشاق , كانت ساندي تفكر حالمة... أعادها الى صوابها الرجل الذي يمشي قربها حين سألها ضاحكا:
" منذ متى تعرف مرتا بيل لندسي؟".
أذن , جوني على صواب , أن المنافسة بينه وبين بيل هي التي حملته الى الخروج من عزلته.
منتديات ليلاس
لهذا السبب حضر ليماند الليلة الى كريغان يتتبع أخبار مرتا , ربما سمع أشاعة مفادها أن مرتا تخرج مع بيل وحضر بنفسه يتقصى الحقيقة.
" لا أعرف , تعرفت اليه قبل حضوري الى دانكريغان , كانت برفقة جوني في نادي اليخوت حينما تعرفت ب , ثم أن ديرميد يلعب يوميا مع أولاد بيل على الشاطىء , وأحيانا يحضر هو الى الشاطىء بعد أن يفرغ من عمله ".
أحست غضبه يتصاعد من تأثير حديثها , فأنبرت تدافع عن أبنة خالها تقول :
" لا تهتم للأمر , مرتا تحب أن تحيط نفسها بالعديد من الأصدقاء , أنها أجتماعية وتحب الأختلاط مع الناس...".
" هذا ما لاحظته اليوم , حين رأيتها تذهب برفقة بيل في سيارته ,فوجئت لأنها وجدت أصدقاء من تلك الضاحية".
" أمن أجل الخصومة؟".
" أي خصومة؟".
" أخبرتني نان بأن هناك خصومة عاشت بين عائلتي كالدويل ولندسي في غابر الأزمان , العائلتان تخاصمتا على الأرض أو القطعان ... اليوم أنتهت الخصومة بالتأكيد".
" كان عليّ أن أفطن الى أنك ستكشفين الستار عن القصص البربرية عند جدودي".
قال ذلك وهو يضحك , ثم أكمل:
" الآن نحن لا نتخاصم من أجل الأرض أو القطعان , لقد تمدنا".
" كيف ذلك؟".
" مثلا . هيلين لندسي أحبت شقيقي كروفورد منذ سنين قليلة , العلاقة لم ترق لوالدتها فقتلتها في المهد".
" أوه , وهل رغبت الزواج به؟".
سألت ساندي تستوضح الأمر لأنه يجلو بعض الغموض لديها , ثم قالت:
" لهذا السبب تصرفت هي بغرابة عندما قدم بيل أخته الى مرتا , لقد ظنت هيلين أن مرتا نجحت حيث فشلت هي , ثم يوم رأتك هيلين في النادي كانت تنظر اليك وكأنها ترى شبحا".
" صحيح! لم ألاحظ , كانت دائما تجد صعوبة في التفريق بيني وبين أخي".
" مثل فتيات كثيرات غيرها . أذا كان ما سمعته الليلة صحيحا ".
كانت تضحك منه لتضايقه .
" لقد سمعت قصة جين شقيقة رون كارسون بالتأكيد , حرام جين لم تغفر لنا أبدا".
" الحقيقة أنه عمل غير مهذب ... كيف تقومان بحيل وخدع مثل تلك؟".
" كنا نقصد المزاح وليس الضرر".
قال بهدوء:
" وعندما كبرنا كانت لهذه اللعبة نتائج وخيمة دوت كقرع الطبول".
" لقد نلت أنت اللوم على شيء بغيض فعله شقيقك التوأم كروفورد ".
توقف ليماند عن المشي وأستدار ليواجهها , أمسك بذراعيها وهزها , نظر الى وجهها مستطلعا كان ضوء القمر يغمر وجهها وقد بدا الخوف على محياها , سألها:
" من أخبرك؟".
" لا أحد , رون سمع أشاعة تقول أن أحدكما كان ملاما عن شيء أقترفه الآخر , أعتقد أنك أنت البريء".
قالت ساندي وهي ترتعش.
" وكيف توصلت الى هذا الأستنتاج؟".
قال وقد حاول أن يكبح جماح غضبه , أختفى صوته لكن يده ما زالت ممسكة بذراعها في عنف مما يدل على شدة غضبه وأنفعاله.
" جمعت أثنين مع أثنين".
حاولت أن تفلت من قبضته ولكنها لم تفلح .
" أنت... أنت تؤلمني , أترك ذراعي أرجوك".
تركها في الحال , كانت تسمع أنفاسه تخرج بصعوبة من بين أسنانه وهو ينتهد بغضب.
" هل يمكنك أن تخبريني ماذا تعنين؟".
" أن ما سمعته عن كروفورد من زوجته مرتا , ثم ما سمعته من نان وكذلك ما عرفته عنك خلال أقامتي في منزلك...".
أدار رأسه بسرعة نحوها , ذهل , تسمر في مكانه , ثم قال:
" عليّ أن أكون حذرا فيما أعمل أو أقول خلال أقامتك في دانكريغان , لم أفطن الى أن متخصصة في علم التاريخ يمكنها أن تكون مخبرة , اياك أن تظني أن بأستطاعتك فتح خزانة وأخراج الهياكل العظمية للعائلة من داخلها , اياك أن تجمعي أثنين مع أثنين ثانية , المنطقة مليئة بالثرثارين , عادة يكون جمع أثنين مع أثنين خمسة بدلا من أربعة هنا , بهذه العمليات الحسابية تمكن الناس من أزعاج والدي وسرقة راحة باله , أرجو أن لا تقومي بأقتناص المعلومات عني أو عن شقيقي كروفورد من خلال أقامتك هنا , هل فهمت جيدا ما أقصد؟".
وقفت ساندي مسمرة , شعرت بالغضب يتملكها , لقد عرضت نفسها لأنتقاداته اللاذعة بدون أن تدري ,نسيت كبرياء آل كالدويل التي لا تهزم , أجابته:
" نعم , فهمت ما تقصد , أنني لم أبحث عن معلومات أبدا , ليس بيدي أن افعل أي شيء حيال كلام الناس , الجميع يتكلمون عنك وعن عائلتك أمامي".
" هذا صحيح , يمكنك أن تكفي عن أستنتاجاتك مما تسمعين , ربما معرفة الماضي ضرورية لفهم الحاضر , لكنني أفضل أن أغلق الباب على الماضي , كان عليّ أن أغلق هذا الباب لأنقذ دانكريغان , عملت جهدي لتصبح مزرعة منتجة مزدهرة , همي أن يأتي الجيل الجديد من آل كالدويل يرث أكثر من منزل متهدم وحصن متداع وحقول تغطيها الأعشاب اليابسة وحفنة من الديون , الحزن والبكاء على الماضي لا يفيد والعزلة عن الناس كما فعل والدي , لم تسفر عن أي نتيجة".
" أنا لا أوافقك الرأي , لقد أعطى والدك تاريخا , ربما تفضل أن تحرق المخطوطات مع الكتب والستائر والأثاث ... أوه ليماند , أعرف ما تكابد اليوم, ولكن, ألا تعتقد أنك تأثرت بالماضي فهو الذي جعلك بهذا التفكير , رجل كادح , تعمل لبناء المستقبل بشكل أفضل , لقد تعلمت من أخطاء والدك".
كان يستمع اليها بأهتمام , كلماتها تلاقي أذنا صاغية , وبعد فترة صمت قصيرة قال:
"أنك تهتمين بما أحاول القيام به".
" بالطبع, بالطبع أهتم".
ران صمت آخر, ثم سمعته يضحك:
" أنها المرة الأولى في حياتي , أصطحب معي فتاة نتمشى تحت ضوء القمر وأمضي الوقت أناقشه!ا".
" كان لا لزوم للنقاش لو لم تغضب أنت من أستنتاجي الصحيح أنك أخذت كل اللوم عن أخطاء أرتكبها أخوك , أنا لا أستغرب أنك كنت دائما تستر عن أخطائه وتفخر من عملك هذا , لقد أزعجك كثيرا أن أحدا أكتشف الحقيقة التي كنت وما زلت تخفيها عن الجميع".
" كفى, كفى أرجوك".
" كان مرهقا ,يحاول أن يمسك بذراعها ليجعلها تقف :
" ألا ترين أنك تحطمين أعتقادا راسخا لدي بأنني كنت على صواب في تغطيتي لأخطاء أخي وسكوتي حين كان اللوم يقع عليّ".
" هذا فظيع , كيف يلومونك أنت على أفعال سيئة..؟".
" ماذا تقصدين؟".
كان يحاول أن يسخر:
" كلانا من طينة واحدة , لم يكن أحد يفرق بيننا".
" أعمالكما تساعد على التفريق بينكما ,خبرتك في الحياة تختلف عن خبرته , في السنوات الماضية , هناك أمثلة عديدة تساعد على التفريق بينكما , أنكما تختلفان كليا في طباعكما".
تمنت ساندي أن تسأله ما الذي فعله كروفورد وأتهم هو به , ولكنها خافت أن يتهمها من جديد بأقتناص المعلومات عنه , سكتت.
" ربما".
كان ما يزال ممسكا بذراعها , تعجبت , أنه واقف لا يتحرك , أنه يمعن النظر فيها كأنه يراها للمرة الأولى , وأكمل:
" ولا واحد منا كان يمكن أن يضيع فرصة سانحة مثل هذ...".
تحرك من جموده , أنقض كالنسر على فريسته , عانقها بشدة وكاد يخنقها , حرك ذراعيه ليحيط بها , تراجعت الى الوراء , ركضت بأتجاه النور والموسيقى.
كانت تركض ويدها على فمها , كاد قلبها أن ينفطر , لماذا تركض؟ أنه شعور فطري , الهرب , قبل فوات الأوان , من شخص يستطيع أن ينتصر على قلبها وجسمها معا, شخص أصبح مهما لديها أكثر من أي أنسان في الوجود , أهم اليها من نفسها , وقفت خارج قاعة الرقص تهدىء من روعها , رتبت شعرها بيديها , كانت لا تريد جوني أو رون أن يلحظا عليها أي تغيير في شكلها الخارجي , لهما عينان ثاقبتان وبالتالي يؤولان أشياء عنها , نظرت حولها لترى أذا كان ليماند قد لحق بها ,ثم دخلت قاعة الرقص وكلها أمل في أن تجد جوني أو رون لتحتمي بهما حين يعود ليماند الى القاعة , كان من الصعب العثور عليهما وسط أزدحام الراقصين , ألتقت ساندي فتاة كانت ضمن المجموعة التي تعرفت اليها , مشت اليها وسألتها بأعلى صوتها :
" أين جوني ورون؟".
" خرجا , ذهبا الى كيركتون منذ ربع ساعة , فتشا عنك ولم يجداك , أعتقد جوني أنك ذهبت بصحبة ليماند , قريبه , طلب اليأن أعلمك أنه غادر".
" شكرا جزيلا".
مشت ساندي الى الخارج مرة ثانية , حيث ضوء القمر , أذن لم يلحق بها ليماند , لا تراه , أحتارت ماذا تفعل؟ يمكنها العودة الى دانكريغان لوحدها , يمكنها المشي بمحاذاة الطريق العام ثم عبر التلال في الطرق , أنها لا تعرف طريق التلال , رحلة شاعرية في ليلة مقمرة.
مشت لوحدها لنهاية القرية , مرت بطريقها على الفندق , لقد أطفأ أنواره ويسوده الظلام والهدوء , مرت بعد ذلك بنادي اليخوت وبقية متاجر القرية , أنتهت رحلتها على الطريق العام وعليها أن تمشي عبر التلال.
بدأ القمر رحلته بأتجاه الغرب ومن مركز القمر في السماء قررت أن دانكريغان تقع الى الشرق , كان الممر الذي تسير فيه بأتجاه الجنوب , ظنتأنه ربما ينعطف بعد ذلك شرقا ,مشت , رائحة البحر تصل الى أنفها , والنسيم العليل يداعب شعرها ووجهها , والقمر يعكس أشعته الفضية على محياها , هدوء كبير في المياه, كأن المياه نائمة , ضاق الممر , أصبح المصب الى يمينها , أحست بالأعشاب تلفها , شجيرات شوكية , ربما هي أشجار ورد وشوكها كبير , كانت سترتها الصوفية تعلق بالأشواك , ربما هي القمر خلف الشجيرات , لم تعد تدري أين طريقها , خافت , شعرت بقشعريرة تسري في جسمها وجفاف في حلقها ,شيء خلفها يخشخش, غصن شجرة التوى ثم أنكسر , ما الذي كسره؟ التفتت خلفها , رأت شبحا يقترب منها , صرخت:
" من هناك؟".

" ساندي ؟ الى أين تذهبين؟".
كان صوت ليماند.
أقترب الشبح وتمثل بشرا , عرفته للحال , أنتابتها رعشة قوية , سألها:
" ما الأمر؟".
" أخفتني! لم أسمعك تقترب".
قالت وأسنانها تصطك , بقيت ترتجف ... مشى اليها وأمسك بذراعيها , صرخت:
" لا تلمسني ".
لم يأبه لأعتراضها , جذبها اليه بقوة وضمها الى صدره , وقال:
" لا رغبة لي بأن أخيفك , كنت في الطريق المؤدي الى المنزل , رأيتك تأخذين الطريق المؤدي الى مصب النهر , أهدأي, لا شيء يخيف هنا...".
الدفء في جسده وقبضته القوية تحتويها وضحكته المكتومة في صوته وهو يهدىء من روعها , كل هذه أجتمعت لتعطيها الطمأنينة , وتدريجيا هدأ روعها وسكنت ولم تعد ترتجف.
" سأرافقك الى المنزل في دانكريغان , لقد أخذت طريقا خطأ , هذه الطريق توصلك الى الرمال , الآن وقت المد والرمال لن ترحمك".
كانت ساندي تتمتع براحة وهو يضمها اليه , تحس دفء جسمه وقوته ولكنها تحركت تحاول الأفلات منه , وللفور تركها وقال:
" هل أنت أحسن؟".
" نعم, شكرا , لا أعرف ما الذي حصل لي , عادة لا أخف!".
" أنت لست معتادة على أن تكوني لوحدك في الريف وسط الليل , ثم ربما ضوء القمر جعل خيالك يجنح بعيدا وتخيلاتك صورت لك أشياء غريبة".
" صحيح, كيف عرفت؟".
" أنك لست الوحيدة التي حصل لها ما حصل لك في ضوء القمر , نان تقول أنها غريزة البقاء تنبهك عند أقتراب الخطر اليك , هذا صحيح , الرمال خطيرة هنا وربما أبتلعتك!".
"رمال متحركة".
كادت تصرخ من الخوف , لقد وقف شعر رأسها من الفزع.
" هل تستطيعين العودة معي في الطريق الصحيح؟".
" نعم , نعم , شكرا, هذه هي المرة الثانية التي تنقذني فيها من الخطر".
" صحيح؟".
" نعم , هل تذكر يوم أقفلت باب الحصن علي؟".
" تذكرت".
مشيا الى القرية سوية , قال ليماند يحدثها:
" أعتقد أن جوني ورون قد تركا قاعة الرقص حين عدت اليها".
" نعم , ذهبا الى كيركتون , ولهذا السبب حاولت العودة لوحدي".
" ليس من المستحسن أن تعودي لوحدك في طريق لا تعرفينها جيدا, كيف يمكن لفتاة مثلك , تعتمد على نفسها , مقتدرة , تتمتع بالحرية ,أن تخاف بهذه السهولة! هل خفت أيضا من عناقي؟ ألهذا ركضت؟ ".
صوته هادىء ومتين.
" لا ".
كانت تكذب .
" لم يعجبني تصرفك ولم أرحب بفكرتك التي مفادها أن بأستطاعتك عناقي متى رغبت, لماذا فعلت ذلك؟".
" لقد قلت لك أنها فرصة سانحة لا تعوض , لقد حان الوقت لتجدي رجلا يعاملك كأمرأة وليس كشخص لا جنس معين له , حسب أعتقادك بنفسك, أنت ترتدين اليوم ثوبا وهذا يليق بك أكثر من البنطلون".
لقد أغضبها أنتقاده , ولكنها فضلت الصمت لأن أمامها تلة عليها صعودها , كان القمر خلفهما ينير لهما الطريق , ظلهما يمش أمامهما.
" ما أجمل شكل القمر , كيف ينام على ضفة النهر...".
كان ليماند يتلو شعرا قد حفظه , تعجبت, قال
" لقد نسيت بقية أبياته , أنت أقرب مني الى أيام الدراسة ,هل قرأت تاجر البندقية ؟ هل تذكرين بقية الأبيات؟".

" نعم , قرأت التمثيلية في المدرسة وأذكر المنظر بين جاسيكا ولورنزو جيدا عندما تقول جيسيكا:
" في هذا الليل
أقسم الشاب لورنزو أنه يحبها كثيرا
لقد سرق قلبها وروحها بوعود الأخلاص والولاء
وليس بينها أبدا واحد صحيح
(شكسبير)
أنتهت ساندي من تلاوة الشعر وضحك هو تقديرا لها وقال:
" لقد فهمت مرادك , أنت تقولين أنك لن تنخدعي بالكلمات المعسولة ولا العناق في ضوء القمر , لا عليك أنت في أمان , لن أقسم لك بأنني أحبك ولكن يجب أن أعانقك مرة ثانية , لتعرفي بنفسك".
تراجعت الى الخلف محاولة الأبتعاد عنه , تحركت حصاة صغيرة تحت كعب حذائها , أختل توازنها , كانت ستقع الى الوراء في حفرة عليق لو لم يسارع ليماند ويمسك بها من خصرها .
" عملية أنقاذ رقم ثلاثة ".
ضحك ساخرا :
" أصبحت عادة مستحكمة , لكنك ترتعشين , لم أقل سأعانقك الآن , قلت مرة ثانية ... أنتبهي الى قدميك ونحن نمشي , لا أرغب لك أن تلوي كاحلك".
لقد تبلل تفكيرها , كل ما تفوه به غير معقول , عودتها مع ليماند في ضوء القمر شيء جديد تختبره للمرة الأولى في حياتها , شعور جديد ضعضع كيانها وتوازنها , لقد تغيرت حتما , هي اليوم غيرها بالأمس , سألها فجأة كأنه ما زال يفكر فيها:
" ماذا ستفعلين بعد أنتهاء عطلة الصيف؟".
" سأعود للجامعة لأكمل تحصيلي العلمي".
" أذن, أنت لا تلعبين دور المثقفة لفترة ما قبل الزواج , أنت حقا مهتمة بالعلم".
" نعم , أحب أن أعمل في دائرة التنقيب في المتحف بعد أن أنتهي من دراستي".
" أليس لديك مشروع لبناء منزل زوجي مع شخص ما ؟".
" ليس بعد, ليس قبل سنين وسنين ... فقط حين ألتقي بالشخص المناسب".
" بالطبع , سيكون لديكما مصالح مشتركة مثل بقايا الفخار القديم , توابيت الموتى....".
وقد برهن لها أن معلوماته في هذا الحقل لا بأس بها , أفضل مما يبديه للآخرين , ثم ...
" أظن أنك لم تلتقيه بعد؟".
فكرت ساندي في ديريك في وجهه الجميل وحاجبيه التي تشبه الأفلام وشعره الأشقر.
" ربما أكون قد ألتقيته , أود أن أتأكد من ذلك مع نهاية الصيف , أنه مسافر الآن".
" بالتأكيد , أنت الآن في فترة تجربة , تقيّمين الوضع بعدها , أذا كان غيابه قد أحزنك وشعرت بفراغ فأنك تحبينه , أما أذا كان العكس فأنك لا تحبينه".
" كيف عرفت ذلك؟".
" هي طريقة أتبعتها بنفسي مرة واحدة".
" هل نفعت؟ ماذا أكتشفت؟".
" أذا كانت الفتاة بعيدة عن العين فهي بالتالي بعيدة عن القلب , أكتشفت أن هناك الألوف من الزهرات الجميلات غيرها ينتظرن من يقطفها".
" وهل قطفت زهرة منها؟".
" نعم, ولكن ليس لتبقى مع دائما!".
" وهل تظن أنك ستجد زهرة لتبقى معك دائما!".
لم تكن ساندي لتجرؤ على مثل هذا السؤال الخاص لولم تكن تحت تأثير سحر ضوء القمر.
" أعتقد أنني وجدتها , ربما أقرر مع نهاية الصيف".
كان يجيبها الآن بمثل جوابها له وهو يضحك ساخرا.
هل يفكر بمرتا؟ كيف لها أن تعرف؟ لو سألته لظن أنها تبحث من جديد عن معلومات خاصة , وسألته:
"ماذا بشأن ديرميد؟ هل ستفعل شيئا لأجله؟".
" هذا ما كنت أرغب في التحدث به معك , ألا أننا خرجنا عن الموضوع الرئيسي... ثم هربت... ما زلت أفكر بالموضوع , علي أن أعرف ماذا ترغب مرتا بالتفصيل؟".
كان يتكلم ببطء شديد , كأنه يتسلى بها .
" لا أعتقد أن عليك الأنتظار لنهاية الصيف , لماذا لا تسألها الآن...؟".
" أسألها؟".
أستدار ليواجهها , توقفا عن السير , خلفه منزل دانكريغان تلفه الأشجار , وأمامه القمر الساطع ووجهها.
" لتتزوجها ".
دفعت اليه بكلماتها مرة واحدة , ثم أكملت:
" أذا تزوجتما تنحل جميع المشاكل , أليس كذلك؟ يمكنك أن تتبنى ديرميد وتربيه على أنه أبنك".
وقف أمامها كالتمثال بدون حراك , وجهه يلمع في ضوء القمر ولكنه خال من أي تعبير سألها:
"هل أنت واثقة من أن هذا ما ترغبه مرتا؟".
" لم تقل ذلك بكلمات واضحة ولكنها لمحت تلميحا يوم كنا سوية على الشاطىء , أخبرتني أنها ترغب في الزواج مرة ثانية وأنها وجدت من يأخذ مكان كروفورد في حياتها , ويكون أبا لديرميد , لقد رسمت لي حرف(ل) على الرمال بأنه المرشح لأن يصبح زوج المستقبل".
كانت تتكلم بسرعة كأنها خائفة منه.

.
سخر منها وقال:
" أنت جمعت أثنين مع أثنين مرة ثانية".
" نعم".
لم يعلق , لكنها لاحظت في عينيه السوداوين علامة عدم الرضى , أستدار من جديد ليصبح في محاذاتها ليمشي قربها في الممر المؤدي الى المنزل .
وصلا الى المدخل الرئيسي حيث الدرحات, الضوء الخافت لا يكاد يضيء أكثر من رقعة صغيرة أمام الباب الرئيسي للمنزل , بدأت ساندي تصعد الدرجات القليلة المؤدية الى الفسحة أمام الباب.
" ساندي , أنتظري لحظة".
قال ليماند , ظنت أنه سيضيف شيئا آخر عن مرتا وزواجه منها , وقفت أمامه منتظرة .
" ساندي هو أسم مختصر لألكسندر ويبدو غريبا لفتاة".
" لكنه بالنسبة الي أختصار لألكسندرا المؤنث".
" أنه يجعلني أتهيب كأني أمام ملكة , رابطة الجأش".
" كأنك أمام الملكة ألكسندرا ".
قالت وهي تضحك :
" أنا أعرف أنه من الممكن أن تظن أي شيء ما عدا أن أكون ملكة لها رباطة جأش وبأس".
" صدقت , رأيي فيك هو أنك طويلة , ذات رجلين نحيلتين , فتاة مغرورة , وللآن لم تعرف نفسها بعد".
" أشكرك , أعتقد أنك أعطيت رأيك بوضوح الليلة , قلت شخص لا جنس معين له , على ما أذكر ".
كانت ترد له الكيل كيلين وتحاوره محاورة الند للند , ولديها رغبة ملحة في أن تتلهى معه خارج المنزل , الليل هادىء والهواء عليل , وقد وجدت في الأخذ والرد معه في الكلام متعة تساعدها على التقارب والتفاهم معه , وجدت أن تخاصمهما الدائم فيه لذة غريبة , شعور لم تألفه من قبل مع أي رجل آخر.
" أذن أسمك ساندي ,دعيني أفكر ما معناه , ربما هو كذلك بالنسبة الى شعرك لأنه بلون الرمال- الرمال الحريرية الصفراء".
رفع يده ولمس شعرها الناعم اللامع فوق جبينها , حبست أنفاسها , شعرت بأحساس غريب يغمرها , بدأت رجلاها ترتجفان , تسمرت مكانها , كانت مصممة على البقاء على هذا الحال لتعرف ما الذي سيحصل بعد ذلك , تحركت يده ولامست جانب وجهها لمسة رقيقة ثم لف بيده ذقنها بلين وحنان , لم تحاول الأفلات , كانت لحظات أرتقاب كأنه ينتظر أن تتراجع الى الوراء , لحظات بمقدار ضربتين من ضربات القلب , ثم أنحنى فوقها وعانقها .

لم تقاوم , كانت طيعة تتبع خطواته الخبيرة في العناق , لف ذراعيه حولها وهي كذلك لفت ذراعيها حوله لتلتصق به أكثر , لدقائق معدودة كل شيء حولهما أختفى , توقف ليماند أولا ولكنه ظل ممسكا بها قريبة اليه.
" عمل جيد من شيء لا جنس معين له , سأصنع منك أمرأة".
أعادا العناق مرة ثانية , كانت تتجاوب مع خلجاته , شعرت كأن بابا مغلقا في داخلها قد فتح لأول مرة , غمرها شعور هائل بالعطاء بدون تردد , يمكنه أن يفعل بها ما يشاء لأنها هي تشاء أيضا.
توقفت سيارة في المدخل الرئيسي , ضوؤها وصوتها لفهما , ترك ليماند ساندي من بين يديه وهو يشتم بصوت منخفض , توقف المحرك وفتح الباب , تمنت ساندي أن لا تكون مرتا هي القادمة مع بيل لندسي .
" ليماند؟ أهذا أنت؟ ".
كان صوت أنثوي رفيع يتكلم بعصبية , كأن القادمة تهاب هذا اللقاء .
" من غيري هنا! هيلين لندسي؟".
كان يخاطبها بلهجة مهينة .
" كنت أتعجب متى تجدين حجة للحضور الى هنا".
كانت ساندي تفتح الباب , أجفلت من لهجته , وكانت متأكدة أن المرأة الأخرى قد أجفلت بدورها من قسوت ملاحظته.
" لقد حصل حادث".
كانت هيلين تخبره وهي خائفة.
" حادث".
رددت ساندي في نفسها , كان كل تفكيرها أن مرتا موجودة في السيارة.
سألها ليماند بصوت جاف:
" وقعت مرتا هذا المساء في منزلنا في بروكفيلد , كسرت رجلها اليمنى , علق كعب حذائها في السجادة , وتزحلقت فوق الأرضية الملمعة , طلب الي بيل الحضور لأخبارك".
قالت ذلك وبقيت تنظر اليه تنتظر أوامره .
" طبعا , لم يكن لمرتا أن تختار مكانا أفضل لكسر رجلها!".
كان يحاول المزاح .
" في منزل جراح للتجبير , أعتقد أن بيل تدارك الأمر وهي الآن في المستشفى تحظى بالعلاج الناجح والعناية الفائقة ".
" مسكينة مرتا".
تأسفت ساندي وهي تفكر بالأم, ثم خيبة الأمل التي تمر بها , ثم سألت هيلين:
" هل هو كسر أم ألتواء؟".
نظرت هيلين اليها أخيرا , كانت تتجاهلها قبل ذلك , هناك صمت , أكتشفت ساندي أن هيلين نسيتها تماما , شرحت لها عن نفسها قائلة:
" أنا أبنة عمة مرتا , ساندي فيليس , أنا أسأل لأن بالي مشغول عليها هل أستطيع زيارتها في المستشفى؟".
" آه , أنت مربية الصبي الصغير , مرتا أخبرتني عنك ".
كانت تتكلم بلهجة متكبرة ومتعالية .
" لا يمكنني أن أخبرك بشأن الكسر لأن صور الأشعة لم تظهر بعد, حين تركت المستشفى , عليك الأستفسار بنفسك عن مواعيد الزيارات".
قالت ذلك وأستدارت ناحية ليماند كأنها تصرفها , بالتأكيد لا وقت لديها لمربية تافهة تسمح لنفسها أن تكون في مشهد غرامي بين ذراعي كالدويل صاحب دانكريغان , وسألت:
" ليماند , أريد أن أحادثك بشيء هام يخصنا".
" الوقت متأخر وعلي القيام باكرا لأعمال هامة".
بدأ يتحرك , شعرت ساندي أنه يرفضها ويتملص منها .
" أرجوك يا ليماند ".
لهجتها المترفعة قد تغيرت بما يشبه التمني والترجي .
" لم نتقابل منذ فترة طويلة , كنت دائما أفكر فيك , وأريد أن أعترف لك بخطأي , كنت غبية ومغفلة , لقد صدقت كروفورد حين قال لي أنت..".
" هيلين , ليس هذا لا المكان ولا الزمان المناسب لهذه الأحاديث".
" بل... قل...".
لم تكمل حديثها , بل نظرت الى ساندي , أحست ساندي أن عليها الأنصراف.
" مساء الخير".
قالت ساندي قبل أن تدخل المنزل , أغلقت الباب خلفها , صعدت السلالم بهدوء , وهي تشعر بثقل غريب في قلبها , لحظات العناق مع ليماند في ضوء القمر قد أنتهت , أنقطعت بوصول هيلين؟
أرتجفت ساندي قليلا , ليس من البرد والخوف بل من خيبة الأمل , هرعت الى غرفتها دخلت فراشها , بدأت تفكر في مرتا , كم من الوقت يستغرق شفاء الكسر؟ ستة أسابيع على الأقل , عليها الأعتناء بديرميد لحين شفائها , ربما تأخذ الصبي معها الى هامشير الأربعاء المقبل , موعد سفرها بعد أن تنتهي ضيافتها التي حددها ليماند بأسبوعين , ستقترح هذا الحل على أبنة خالها غدا عندما تزورها في المستشفى.
ربما لا يسمح ليماند لها بأخذ ديرميد بعيدا عن دانكريغان , ذلك يتوقف على ليماند وكيف سيتصرف بعد أن أخبرته برغبة مرتا في الزواج منه , لقد تفاجأ حين أخبرته , لكنها مقتنعة في قرارة نفسها بأن ليماند متعلق بأبنة خالها في سره , ومن أجلها حضر الى كريغان ثم لحق بها الى قاعة الرقص ليسألها أسئلة تتعلق بصدامة مرتا وبيل لندسي لأن لندسي كما قال جوني هو منافسه الى قلب مرتا , وهي تعرف مرتا جيدا ولا تستغرب أن تكون هي التي دبرت هذه الخطة لتحرض ليماند ليتحرك ويتصرف.
كل شيء آخر حصل هو من تأثير ضوء لبقمر عليها ولا يعني لها شيئا , عناق الفتاة التي مشى معها الى منزلها , قبل وداعها الى النوم , شيء طبيعي بالنسبة الى ليماند , هو يفعله مع كل فتاة يخرج معها كجزء من المرح المنتظر بعد الرقص في القرية , لو لم تكن هي معه الكانت الساقية الشقراء ... لقد تأكد لها بالبرهان القاطع أن هناك عاطفة دافئة في داخل الرجل الذي يلبس درعا .
سحر القمر , كل ما حصل معها سببه هذا السحر , ولا شيء خلاف ذلك , أغمضت عينيها وأستسلمت للنوم قبل أن يتمكن منها فارس دانكريغان ويقضي على راحة بالها للأبد.

 
 

 

عرض البوم صور ..مــايــا..   رد مع اقتباس
قديم 27-10-09, 01:18 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 37697
المشاركات: 193
الجنس أنثى
معدل التقييم: بنيتي بنيه عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 45

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بنيتي بنيه غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ..مــايــا.. المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تسلمين اخت مايا الروايه جداااا جميله بليز كمليه بسرعه وشكرااا على جهودك

 
 

 

عرض البوم صور بنيتي بنيه   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اسوار و أسرار, flora kidd, روايات, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, the black knight, عبير, عبير القديمة, فلورا كيد
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t121716.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
sosoroman's Bookmarks on Delicious This thread Refback 30-12-09 10:22 PM


الساعة الآن 10:48 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية