دلال سعيد المغربي فتاة فلسطينية كانت صغيرة عندما قررت القيام بعملية فدائية إستشهادية لا مسبوقة فى عمق تل أبيب.. كان عمرها عشرون عاما آنذاك.. هل تذكر ماذا
كنت تفعل أنت فى مثل هذا العمر؟ عندما كان كل همك أن تنتبه إليك جارتكم الحسناء كانت دلال مغربى ترتدى لباسا عسكريا, وتضع على بشرتها الناعمة أصباغ سوداء
مموّهة وتتجه مع فريق إنتحاري فلسطيني لتسافر فى عرض البحر على متن قارب مطاطي متجهه إلى الأرض المحتله بعد أن ودعت أهلها وكتبت لوالدها الذى لم يكن
موجودا أنذاك تشكو له حظها لعدم تمكنها من لقاؤه قبل الرحيل
*******
كانت دلال ذات العشرين ربيعا تمسك بزمام مدفع الكلاشنكوف الضخم روسي الصنع بين أصابعها
بقبضة من حديد.. كانت قد وصلت وزملائها إلى شاطىء مدينة تدعى ميعجال ميخائيل تبعد مايقرب من 90 كيلومتر عن تل أبيب بعد رحلة بحرية شاقة خسرت فيها المجموعة
إثنان من أفرادها.. لقوا حتفهم غرقا نتيجة قسوة أمواج البحر الهادر.. وكان هدف العملية بسيطا مخيفا فى أن واحد.. السيطرة على مبنى الكنيسيت الإسرائيلي
كانت دلال المغربى ورفاقها يقطعون الطريق السريع المباشر إلى تل أبيب.. يختارون أهدافهم بعناية..
أطلقوا النيران على حافلة تقل جنودا إسرائيليين فتوقفت.. ولم تمض لحظات إلا وقد سيطروا على الحافلة بمن فيها.. لم يتوقفوا عند هذا الحد.. قطعوا الطريق بإستخدام
سيارة بيجو أوقفوها بعرض الطريق وإعترضوا طريق حافلة أخرى.. نقلوا ركابها إلى حافلتهم وإنطلقوا بحملهم الثقيل والثمين إلى تل أبيب مباشرة
كانت السلطات فى تل أبيب توكل مهمة إيقاف الحافلة المختطفة لإيهود باراك, وكانت الأوامر بسيطة ومحددة: يجب أن
يتم إيقاف الحافلة قبل بلوغ تل أبيب بأى ثمن
هكذا دارات مطاردة عنيفة بين الحافلة التى سيطرت عليها دلال ورفاقها, والتى تولت دلال بنفسها مسئولية تأمين مقدمة الحافلة والسيطرة على قائدها لحين بلوغ هدفهم, كانت
مطاردة شرسة من التى نراها فى أفلام الأكشن الأمريكية فلا نصدقها.. سيارات مصفحة إسرائيلية تطارد الحافلة بإستماتة.. وكمائن تنصب على الطريق السريع لعرقلة تقدم
الفرقة الإنتحارية.. بلا جدوى
كانت سلطات الإحتلال تنصب كمينا لا فكاك منه على بعد
كيلومترات قليلة من تل أبيب.. أدرك الشباب القائمين على العملية أنهم لن يتمكنوا من عبور هذا الكمين.. كانت ذخيرتهم قد أوشكت على الإنتهاء, وأنُهكت أجسادهم من فرط
القتال.. وكان آخر ما فعلته دلال المغربي أن رفعت علم فلسطين على مقدمة الحافلة.. مضت لحظات ثم دوى إنفجار هائل فى الحافلة بعد أن أطلق الإسرائيليين قذائفهم عليها..
تناثرت أجساد المجموعة الفدائية خارج الحافلة بين شهيد وجريح
تظاهر أحد زملاء دلال بالإستسلام فلما إقترب منه الجنود فتح
عليهم نيران مدفعه الرشاش ليحصدهم ويستشهد هو الأخر جراء رصاصاتهم.. بينما زحفت دلال لتصل إلى مدفعها فأطلق عليها احد الجنود النيران وأخترقت رصاصته أعلى
عينها اليسرى فسقطت شهيدة.. ناظرة للعلم الفلسطيني الذى رفعته فى قلب الأرض المحتلة
صعق الجنود الإسرائيليين عندما إعترف إحد زملاء دلال أن بينهم فتاة.. إقتربوا منها فى حذر رغم أنها كانت أمامهم جثه مسجاة.. يزيد عمر أصغرهم عنها بما يقرب العشر
سنوات.. لم يتأكدوا من كونها فتاة إلا عندما خلعوا عنها النصف العلوى من ملابسها.. إستشاط إيهود باراك قائد العملية غضبا.. وسحب جثتها الطاهرة من رأسها أمام
عدسات المصورين والمراسلين الصحفيين.. وبقى جثمانها فى إسرائيل حتى تم إعادة رفاتها إلى فلسطين فى إطار عملية "الرضوان" وهى العملية التى تزعمها حزب الله
بقيادة حسن نصر الله لتبادل أسرى وجثث لفلسطينيين ولبنانيين بجنود إسرائيليين
أعلن نصر الله أن تحليل الدي ان ايه سيتم عمله على رفات الجثث للتأكد من أنها فعلا للشهداء الفلسطينيين, إلا أن نتيجة التحليل لم تظهر حتى اليوم.. وسرت شائعات قوية
أن جرفا تعرضت له منطقة المقابر أدى لإختفاء جثة دلال.. حتى أن فريق طبى إسرائيلى كلف بفحص التربه التى دفنت فيها الفتاه فلم يعثر لجثتها على أثر.. وكإنما تأبقى
جثامين الشهداء إلا أن تدفن فى الأماكن التى إختارها أصحابها وهم أحياء