لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-10-09, 05:53 PM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي الفصل الرابع

 



اعتذر لي



خرجت كارولين من مطعم " كوش إند هورس " ونظرت الى شارع فينبورن الرئيسي الهادئ , لم يكن هناك سوى القليل من المارة فى مثل هذه الساعة من بعد الظهر . لقد اعطوها اليوم عطلة لم تكن تتوقعها , فقد ذهبت ديبوراه بوث الى لندن فى ذلك الصباح ثم فى الطريق انزلت لورا فى منزل جدها .اما كارولين فقررت ان تسير مشيا الى القرية لتتذوق الطعام فى " كوش إند هورس "
منتديات ليلاس
كان صعبا عليها ان تصدق انه مر الان اسبوعان على وصولها الى منزل " ميتلاندس " كما لم تصدق ان بإمكانها العيش فى منزل مع ثلاثة اخرين دون ان ترى احدا منهم الا نادرا . هي ترى لورا بالتأكيد , وكانت مسرورة جدا للتقدم الذى حققته معها . ولكنها لم تكن ترى ايا من الزوجين تقريبا .

كانت كارولين وتلميذتها تتناولان غداء خفيفا فى الغرفة الصباحية , ومع ان ديبوراه تتناول الغداء ايضا الا انها لم تشاركهما قط تلك الوجبة . اما العشاء فكان يقدم اليها فى غرفتها . وهذا يعنى انه لم يحصل بينها وبين جايمس اي اتصال مهما كان نوعه , وهذا ما اشعرها بالراحة .

واثناء عطلة الاسبوع التي تتعطل فيها الدروس , كانت وجبات الطعام تقدم الى كارولين فى غرفتها وهذا ما جعلها تقرر القيام ببعض الترتيبات للخروج والا اختنقت .
كانت واقفة تستمتع بالشمس على ذراعيها العاريتين , عندما برزت سيارة من خلال الضباب الصيفى الذى يلف شارع القرية ووقفت امام المطعم . إنها سيارة فارهة خضراء اللون صمم شكلها للسرعة وللراحة فى آن . ولكن كارولين سبق ان رأت هذه السيارة متوقفة امام منزل " ميتلاندس " وهذا بعث الذعر الى قلبها .
- آنسة دوغلاس ؟

كان هناك رجلان يخرجان من السيارة , أحدهما اسمر ضامر الجسم يرتدى ثيابا اكثر بساطة مما اعتادت رؤيتها عليه : سروالا من الجينز وقميصا نصف مفتوح , اما الرجل الاخر فيماثله بالملابس ويقاربه طولا , ولكنه ذو شعر يميل الى الاحمرار وشارب متدل .

جعلتها تحية جايمس تقف بشكل آلي , فارتدت لتواجه الرجلين على كره بالغ منها . ولكنها كانت تشعر بالخجل لانها ترتدى سروالا من الجينز رقيقا وقميصا بلا اكمام , بينما شعرها مكوم على قمة رأسها وقد تدلت منه خصلات على رقبتها وحول اذنيها . لم يكن هذا لباس مربية ولكنه يوم عطلتها .

اجابت بأدب وقد بدا عدم الاهتمام والبرودة على ملامحها : " مساء الخير , يا سيد بوث "

كانت واعية الى ان رفيقه ينظر اليها متأملا , فارتسم فى عينيها نوع من السخرية وهي تفكر بمرارة انه سبق لها ان خبرت مثل هذا الوضع . المربية تجذب صديق العائلة فيلاحقها بشهواته ! لكنها باتت قادرة على معالجة كل الاوضاع المتعلقة بالرجال تقريبا .

نظر جايمس حوله وقال مقطبا جبينه : " اين غروم ؟ المفروض ان يحضرك الى القرية "
- لا , لم يقلنى لانه اصطحب زوجتك الى المدينة , اما انا فجئت الى هنا مشيا .

- مع لورا ؟

- لا .. اعتقد ان لورا تمضى النهار مع والديك

ازداد تقطيب جايمس : " هل مشيت كل هذه الطرق الريفية ؟ كنت عرضة للمعاكسات "

- ولكننى لم اتعرض لذلك

ادركت كارولين ان حديثها مع جايمس لا يليق بموظفة . ولكنها لم تستطع تجنب ذلك , فخوفه عليها من المعاكسات امر يدعو الى الضحك .

قال جايمس باقتضاب وهو يرمق رفيقه بنظرة مختصرة :

- حسنا , سنعيدك نحن . آه , اقدم اليك الانسة دوغلاس مربية لورا , يا كليف .

سكت ثم نظر الى كارولين قائلا : " كليف لستر "

فقال كليف لستر وهو يصر على مصافحتها : " كيف حالك آنسة دوغلاس ؟ كنا على وشك اطفاء عطشنا هنا . فهل لك ان تنضمى الينا ؟ "
- آه , لا شكرا .

رفع كليف حاجبيه : " ولم لا ؟ اليس من حسن الاخلاق ان تتناول مربية المرطبات مع مخدوميها ؟حسنا , سيكون ذلك على حسابى . فما رأيك ؟ "

قال جايمس باقتضاب : " ربما لدى الانسة دوغلاس رغبة فى الذهاب للتسوق قبل ان تعود الى المنزل "

ولكن رفض جايمس وليس دعوة كليف هو ما أثار شيطان العناد فى داخل كارولين , فقالت بحذر وهي ترمق كليف من خلال اهدابها : لا , ليس لدي ما أشتريه من السوق "

سمعت جايمس يجذب نفسا سريعا , ولكن كليف لم ينتبه الى شئ لحسن الحظ , وقال يستعجلهما : " هيا بنا الى الداخل , إذن "

كان المطعم خاليا تقريبا . أجلسهما كليف على مقعد قريب من مقعده . لقد دعاها كليف على نفقته الخاصة , وان لم يعجب ذلك جايمس فليس فى وسعه القيام بشئ لأن لا سلطة له على اوقات فراغها .

قال لها كليف : " كنا فى نزهة فى النهر عند " هاولوك " , ألم تقومى بالتجذيف قط آنسة دوغلاس ؟"

اجابت وهي تنقل نظراتها الى جايمس الذى كان ينظر الى الفضاء بذهن شارد : كان لدي ذات يوم صديق يملك زورقا , فذهبنا معا عدة مرات "

اومأ كليف : " وهل استمتعت بذلك ؟ "

هزت كارولين كتفيها : " لا بأس بذلك , ذلك وقف على شخصية الشخص الذى تبحر معه "

ضحك بصوت خافت , ولكنها وهي تنظر فى كأسها كاد تحس بالعداء ينبثق من الرجل الواقف خلفه .

قال كليف وهو يهز رأسه : " لم اعرف قط امرأة استطاعت ان تصبح مجذفة جيدة "

قالت كارولين متعمدة : " ألا تجذف زوجتك بك ؟ "

عاد كليف يضحك مرة اخرى : " زوجتي ؟ ليس لدي زوجة , آنسة دوغلاس "

اردف وهو ينظر فى عينيها متحديا : " هذا لا يعنى اننى كرست نفسى للعزوبية . كل ما فى الامر اننى لم اقابل امرأة رغبت فيها او رغبت هي بي "

رأت كارولين انهما سارا شوطا طويلا فى هذا الاتجاه , فغيرت الموضوع : " ما اجمل ان تقوم بنزهة فى زورق ساعة تريد "

قال كليف عابسا : " لاننتهى جميعا من اعمالنا الساعة الخامسة كما تعلمين "

واجهته ساخرة : " آه , انت موظف إذن ؟ "

- هذا مؤكد انا اعمل فى تصريف البضائع . قد تريننى اتصرف كالفراشة , ولكننى حتما نحلة

- هل يمكننى الحصول على ما تقوله مكتوبا يا كليف ؟

ألقى جايمس عليه هذا السؤال رغما عنه تقريبا , ولكن بلهجة تنطق بالهزل المكبوت , فقال له كليف وهو يلكمه بقبضته مازحا :

- ظننتك اقسمت على الصمت يا رجل , هل تريد كوبا اخر ؟

- لا , شكرا .

قال جايمس ذلك وهو ينهي كوبه .

خرجوا جميعا الى اشعة الشمس مرة اخرى , وصعدت كارولين الى سيارة جايمس بشئ من التردد , ولكنها لم تستطع القيام بغير ذلك لئلا تبدو غير مهذبة . جلست فى المقعد الخلفى اما الرجلان فصعدا الى المقعد الامامى .

كانت نوافذ السيارة مفتوحة اثناء سيرها لذا سرعان ما حلت الريح شعر كارولين فانسدل على كتفيها واخذ يتطاير حول وجهها . وكانت تبعده بيدها عندما واجهت عيني جايمس تنظران اليها من خلال مرآة السيارة . حولت نظراتها على الفور رافضة ان تشعر بالرهبة ازاء البرودة في نظراته .لاحت امامهما بوابة المنزل , ولكن كارولين دهشت وهي ترى السيارة تجتازها كما بدت الدهشة على كليف ايضا.
قال جايمس : "من الافضل ان انزلك انت اولا يا كليف فلدي بعض الاعمال فى المنزل لذا لا يمكننى البقاء معك ابلغ اعتذارى لوالدتك من فضلك "

كان كليف لستر , كما يبدو , يسكن على مقربة فى منزل انيق من طراز العهد الجورجي . وعندما وقفت السيارة فى طريق المنزل اتكأ على النافذة بعد نزوله من السيارة وقال بمودة : " لا بأس يا صديقى . اراك مساء الاحد عل كل حال . لقد دعتنى ديبوراه الى العشاء "

وتحولت عينا كليف الى كارولين , الى منظرها الذى اكتسحه الريح .
- وداعا آنسة دوغلاس , سررت بمعرفتك

فابتسمت له كارولين , وإذ شعر كليف بفروغ صبر جايمس استقام فى وقفته فانطلقت السيارة مبتعدة

توقعت كارولين من جايمس ان يقول شيئا وذلك حالما اصبحا بعيدين عن مرمى السمع , ولكنه لم يفتح فمه بل ركز كل انتباهه على القيادة , وبعد دقائق ضغط على بوق السيارة للبواب حتى يفتح بوابة المنزل . ودخلت السيارة ثم ابطأت ووقفت امام الشرفة الامامية .

فتحت كارولين باب السيارة وترجلت منها قبل ان يتمكن جايمس من القدوم نحوها ليساعدها على النزول . بعد ذلك صعدا درجات الشرفة معا الى الباب حيث تقدمته كارولين الى الردهة شاعرة بشئ من الراحة ,ولكنها كانت قصيرة الامد .

قال بلهجة رسمية متكلفة : " رافقيني الى مكتبي من فضلك "

ثم أشار الى مدبرة المنزل التي برزت عند دخولهما بانه ليس بحاجة اليها . ولم يكن امام كارولين من خيار سوى الطاعة
لم يسبق لكارولين ان دخلت الى مكتبه الذي يقع فى نهاية ممر ضيق فى الجهة الخلفية من المنزل وهي الغرفة الوحيدة التى اخبرتها لورا بأن دخولها ممنوع حتى عليها .

تبعته الى مكتبه بشئ من التحدي غير ملقية بالا الى اناقة الغرفة . السجادة البنية اللون , الكراسي المكسوة بجلد الحيوانات والمكتب المكسو سطحه بالجلد , ولكنها عن غير وعي وقفت مستندة الى حافته وقد عقدت ذراعيها وبدت الحدة فى نظراتها .

اغلق جايمس الباب ثم استند اليه لحظة قبل ان يعدو فينتصب واقفا ثم يتحرك فى الغرفة . بدا أصغر سنا بهذه الملابس البسيطة التى كان يرتديها , ولكن بدا على جسده مظهر التوتر . عندما أخذت تختلس النظر اليه , عادت اليها ذكريات مطاردته لها طوال فصل ذلك الصيف . وكان من السهل استرجاع تلك الذكريات . ففى تلك الفترة ثابر على الخروج وتناول الطعام معها والتحدث اليها وممازحتها بالنسبة الى احلامها ومثلها العليا . وعندما اصبحت اخيرا بين ذراعيه , كان هو الرجل الوحيد الذى بادلته المشاعر , ولاجله لم تسمح قط لرجل , بعد ذلك بالاقتراب منها . لقد استغرق الامر بعض الوقت , عدة اشهر فى الحقيقة قبل ان تدرك ان ليس فى نيته الطلاق من زوجته والزواج منها .

وها هو ذا الان يقف بجانب المكتب , وإذ اخذ ينظر اليها , قال بصوت غاضب منخفض : " اياك ان تفعلى هذا بي مرة اخرى "

ارغمت كارولين نفسها على التظاهر بهدوء كانت بعيدة عنه وهي تقول : " افعل ماذا ... سيد بوث ؟"

اخذ عرق ينبض فى فكه وانقبضت يداه : " انت تعلمين ماذا اعنى ؟ ان كليف لستر هو صديق لي , فلندع الامر عند هذا الحد ؟ أليس كذلك ؟ "

فاتسعت عينا كارولين بسخرية : " وكيف بإمكانى القيام بالعكس يا سيد بوث ؟"

فتمتم يقول بعنف وهو يشيح بوجه عنها تقريبا : " كفى مخاطبتي بلقب السيد بوث "
فسألته بصوت خفيف : "ربما تريدني ان اخاطبك ؟ جايمس ؟ لا اظن زوجتك سترضي عن ذلك "

احنى كتفيه بشكل انهزامي : " اظن الوقت قد حان لمناقشة هذا الامر"

فتصلبت كارولين فى وقفتها : " ماذا بالضبط ؟"

- لا تراوغي يا كارولين . هل تعمدت القيام بذلك ؟ اعنى القدوم الى هنا ؟

ردت عليه بحدة واختصار : " لا , لم اتعمد المجئ .. لقد منحتنى الوظيفة صديقتك السيدة فروبيشر "

- آيرين فروبيشر ليس صديقتى


- لا بأس .. صديقة زوجتك اذن . ما اعلمه انهم منحونى الوظيفة من اجل ابنتهم , وما كان يدرينى ان زوجتك وراء ذلك ؟

سحب جايمس نفسا عميقا : " فهمت , لقد تكهنت بكل هذا بالتأكيد "

التهبت عينا كارولين غضبا : " ما احسن ظنك هذا ! ما كان لي ان اقبل وظيفة فى بيتك "

لم يجب جايمس على هذا الا بتوتر خفيف فى شفتيه ثم قال بكآبة : " ولكنك بقيت هنا "

- نعم , لم يكن امامى خيار اخر , لانننى انفقت نصف الاجر الذى نقدتنى اياه السيدة فروبيشر مقدما .

التفت جايمس اليها عابسا ثم تمتم قائلا : "ما دمت مفلسة الى ذلك الحد فلماذا لم تطلبي مني ان اعطيك المبلغ ؟ "

- آه , نعم , ولو طلبت المال منك ماذا كنت ستفعل ؟ تعطينى النقود لاردها الى زوجتك ؟ لا ادرى بأى شرط توقعت ان يكون الدفع !

حدق جايمس اليها بمرارة ثم قال بفظاظة : " يالك من ساقطة "

قالت معتذرة على كره منها لانها شعرت فجأة بانها تصرفت بشكل صبيانى نوعا ما : " انا اسفة , كل ما فى الامر . انك اغضبتنى "

رفعت بصرها اليه رغما عنها فتحركت مشاعرها بسبب قربه منها كما لم يحدث معها من قبل .

تمتم بصوت مرتجف : " آه يا كارولين , ما الذى جعلك تعودين الى حياتى بحق الله عليك ؟"

ابتعدت كارولين عنه جاعلة المكتب بينهما . ثم قالت بثبات : " لم اعد الى حياتك يا جايمس . انا هنا من اجل ابنتك ليس الا .. اما مسألة تعارفنا فامر غير مهم البتة "

تجهم وجه : " احقا هو كذلك ؟"

- ربما كان الامر كذلك , حدث ذلك منذ ست سنوات , ومنذ ذلك الحين تغيرت فقد نضجت اكثر . عندما عرفت انك ستكون رب عملي . حسنا , اعترف ان اول ما خطر لي هو الرحيل . ولكن بعدما قابلت لورا ..

ازداد عمق الخطوط حول فمه : " نعم , لقد انسجمت مع لورا بشكل جيد "

- احاول ذلك

- وهذا ما اخبرتنى هي به .. انها تحبك

- شكرا
تخللت اصابعه فى شعره : " لا تشكرينى , ليتها كرهتك الى ابلغ حد!"

ذهلت كارولين لانه ما زال قادرا على ايلامها بسهولة . قالت : " انا اسفة "

قال بعدم تصديق : "احقا , احقا انك اسفة ؟ الا تهتمين حقا برأيى فيك؟"

رفعت كارولين رأسها : "لا "

سقطت يدا جايمس الى جنبيه , ثم تهالك على احدى الكراسى , ووضع ساقا على ساق متعبا : "لا بأس , يمكنك الذهاب "

- نعم يا سيد بوث

لم تعرف كارولين ما الذى جعلها تسخر منه بهذا الشكل , ولكن عندما اجتازت الغرفة متجهة الى الباب , كان عليها ان تمر بجانب كرسيه , واذا بيده تمتد لتقبض على معصمها باصابعه القوية .


قال من بين أسنانه محذرا : " لا تفعلى ذلك , يا كارولين "

عندما نظرت الى عينيه تملكها شئ من الخوف ولكنها لم تشأ ان تدعه يرى ذلك , فقالت : " ما الذى على عدم فعله يا سيد بوث ؟ "

تنهد جايمس ثم نظر الى المعصم الرشيق الذى يمسك به : " إن ادراكي بانك هنا فى البيت , ليس امرا بسيطا . سواء أصدقتنى ام لم تصدقي , فأنت المرأة الوحيدة التى رغبت فيها فى حياتى . فلا تغرينى على القيام بما قد تندمين عليه "

عند ذلك أطلقها , فابعدت معصمها عنه بعنف وقد ثار غضبها : " كيف تجرؤ على مثل هذا القول لي ؟.ما الذى جعلك تظن اننى لن اذهب الى زوجتك واخبرها اى حقير انت ؟ "

هز جايمس كتفيه , قائلا : " اذا كان هذا ما تريدينه , فلن أمنعك "

نظرت اليه بقنوط : " الا يهمك هذا ؟ "

ضاقت عيناه : " فلنقل انه عمل غير صائب حاليا "

تحولت كارولين الى الباب لانها لا تريد المضي فى هذا الحديث , ولكن صوته اوقفها : " هل كان هنالك . هل هنالك شخص اخر ؟"

ارتدت اليه بعنف : " ليس لديك الحق فى توجيه هذا السؤال إلي

- ولم لا ؟

- انه شئ لا يعنيك

- آه , دعك من هذا يا كارولين . كنا , انا وانت عاشقين ذات يوم

- انك مغرور بنفسك

- لا , هذا غير صحيح , حسنا . تقولين ان هذا الامر انتهى الان , و لكن ذلك لا يمنعنى من التفكير فيك متسائلا عما اذا كان هناك شخص اخر قد دخل قلبك البارد

مدت كارولين يدها الى قبضة الباب وقالت بازدراء :

- فى الواقع , دخل قلبي عدة اشخاص وان كان يهمك ان تقرأ فسأدعك تقرأ دفتر مذكراتي , انما لاتحاول ان تخبرنى بما على ان افعل يا .. سيد بوث .

كانت قد فتحت الباب قبل ان يتمكن هو من النهوض عن كرسيه ,.ولكن هذا لم يمنع قلبها من الخفقان بعنف ورأسها من الدوار ثم ازداد شعورها هذا وهي ترى مدبرة المنزل واقفة فى الخارج . ظنت فى البداية ان المرأة تسترق السمع .

ولكن عندما اخذت تحاول تمالك اعصابها , بددت مدبرة المنزل اعتقادها هذا بقولها بصوت مضطرب : "آه ,انسة دوغلاس , هنالك شاب يريد رؤيتك "

وعندما برز جايمس خلف كارولين , هتفت وهي ترفع بصرها اليه وقد احمر وجهها : " انه ينتظر بالخارج , هل اسمح له بالدخول يا سيدي ؟ "

رأت كارولين مظهر العداء الذى بدا على وجه جايمس . ارادت ان تبتعد عنه ولكن السيدة فرنتش كانت امامها تسد عليها طريق الهرب.


سألها جايمس بهدوء : " من هو القادم يا سيدة فرنتش ؟"

حركت المراة كتفيها بشكل غير عادي قائلة : " شخص يدعى السيد مونى , يا سيدي "

فغرت كارولين فاها ذاهلة اما جايمس فسأل المرأة بهدوء ينذر بالشر : " هل قلت السيد موني ؟ "

- نعم يا سيدى , هل يمكننى ادخاله الى المكتبة يا سيدى ؟
نظر جايمس الى كارولين بغضب ثم سألها : "هل كنت تنتظرين زائرا ؟ "

قالت كارولين ساخطة : " لا , لم اكن بانتظار احد , لا اعرف اى شخص يدعي موني "
قال جايمس بلا حماس : "بل أظنك تعرفين "

نظر الى مدبرة المنزل : " حسنا جدا يا سيدة فرنتش , احضري السيد .. موني الى غرفة المكتبة "

- نعم يا سيدى

ابتعدت السيدة فرنتش اما كارولين فوقفت تحدق الى مخدومها . اخذ جايمس يحدق لحظة الى وجهها المستاء ثم سحب نفسا عميقا وقال بصوت فظ :

- لا بأس , ما الذى يعنيه جون موني بالنسبة إليك ؟

شهقت كارولين : " لى ؟ انا لا اعرفه حتى , سبق ان اخبرتك بذلك "

- وهل تتوقعين مني ان اصدقك ؟
فردت عليه بحدة : "لا يهمنى ما تصدق . فانا لا اعرف جون موني وانما سمعت باسمه فقط , وانا اعرف ما تفكر فيها انما لا صلة لى بهذا الرجل " .
انكمشت يدا جايمس , ثم دسهما فى جيبي بنطلونه الامايتين وهو يسالها : " اتنكرين انك دعوته للحضور الى هنا لرؤيتك حين علمت انه لن يكون فى المنزل احد ؟ "

نظرت كارولين اليه بعدم تصديق : "اهذا ما تظنه ؟ "

انتقل جايمس من مكانه بضيق , ثم قال غاضبا : " وما المفروض ان اظنه سوى ذلك ؟ يا الهى لقد جعلتنى اعتقد ان وجودك هنا محض مصادفة ؟ "

سحبت كارولين نفسا عميقا وقد ساورتها الرغبة فى ان تصعد الى غرفتها حيث تجمع حاجياتها وتترك هذا المنزل الى الابد .وليرفعوا عليها قضية لتحصيل نقودهم اذا شاؤوا فلن تهتم لذلك . ولكن شيئا ما , شعورا ما رفضت الاعتراف به , لم يسمح لها بالاستسلام بهذه السهولة .

قالت وهي تغرز اظافرها فى راحتيها : " هل لك ان تصغى إلى ؟ لم ادع هذا الرجل موني الى هنا اليوم , بل لم اكن اعلم اننى لن اشتغل هذا النهار . لقد اخبرتنى زو .. زوجتك , بعد الفطور , انما هي ولورا ستخرجان "

رد عليها ببرودة : " هنالك تليفون "

- نعم , هنالك تليفون , ولكننى لم استعمل التليفون , اسال السيدة فرنتش . لقد تناولت الغداء فى القرية

- كان بإمكانك الاتصال تليفونيا من هناك

تمالكت كارولين اعصابها بجهد : " ولماذا عدت انا اذن الى هنا ؟ ولماذا لم اتدبر الامر لألاقيه فى القرية ؟ "

- لأننى اصررت على احضارك الى البيت

قالت كارولين تفسر الامر بسخرية : "آه , نعم . وانا حيث اننى كنت اعلم بانك ستكون هنا , كنت ارجو ان يأتى الى هنا . هل يبدو هذا منطقيا لديك ؟"

اطال جايمس التحديق فيها مفكرا , ثم قال :


- لماذا جاء الى هنا إذن ؟ ولماذا طلب مقابلتك ؟ وما ادراه باسمك ؟

الا اذا .. الا اذا ..

قالت تحثه على الكلام وهي تحملق فيه : " إلا اذا .. "

تمتم جايمس متمتما : " الا اذا كانت لورا وراء ذلك كله "

تنهدت كارولين قائلة : " لورا ؟ لم يخطر لي ذلك ببال "

هز جايمس رأسه بفروغ صبر : " ولا انا .. يا الهى , ان كانت وراء هذا , فسوف .. فسوف .. "

قالت كارولين بجفاء : " ستعتذر إلي "

- طبعا , اذ أسأت الحكم عليك . الافضل ان اقابله بنفسى

- لا

اعاد رفض كارولين الفورى الى ملامحه اثرا من شكوكه السابقة ,اما هى فتوسلت اليه بقولها : " ارجوك دعني اقابله . لقد طلب مني مقابلته على كل حال "

عقد جايمس حاجبيه : " اذا كانت هذه حيلة "


نسيت كارولين لحظة الاحتفاظ بالحاجز بينهما , واندفعت تضع يدها على ذراعه فشعرت بتوتر عضلاته تحت أصابعها : اواه , يا جايمس . امنحنى ثقتك "

نظر الى اصابعها على ذراعه فشعر بلحمه يتحول الى جمر تحت لمستها , لكنها ما لبثت ان انزلت ذراعها وارتدت خطوة الى الخلف , إنما ليس قبل ان تلمح العذاب الذي بدا فى عينيه .

قال بصوت خشن : " انا أثق بك يا كارولين , ولكن لا تثقي بي "


ودون كلمة اخرى ارتد عائدا الى مكتبه ثم أغلق الباب .



* * *
وجدت الشاب واقفا عند النافذة ينظر منها الى الطريق امام المنزل , ولكنه ارتد اليها حالما دخلت . رأته كارولين مختلفا كليا عن الصورة التى رسمتها له فى خيالها.لقد كانت مخيلتها وعادة لورا فى المبالغة قد خلقتا صورة لشاب قوى العضلات مزهوا وعدوانيا وبالغ الثقة بنفسه .

واذا بالحقيقة تأتى بشكل مفاجأة , ولكنها ليست مخيبة للامل تماما . فجون موني فوق المتوسط طولا بقليل , جسمه نحيل وشعره بني يميل للاشقرار , بدأ ينحسر عن جبهته . ولكنه بالاجمال رجل جذاب ومن هنا فهمت كارولين سبب افتنان لورا به , ففي ملامحه صفات مميزة وظرف ورقة تركت تأثيرا في كارولين نفسها .

- آنسة دوغلاس ؟ كيف حالك ؟

سمحت كارولين له بمصافحتها ثم وقف امامها منتظرا واضعا يديه خلف ظهره .

قالت كارولين : " كيف حالك ؟ "

كان الصمت الذى ران بينهما غير مريح , فجأة اندفع الاثنان بالكلام فى وقت واحد وهذا ما لطف الجو , فاخذ الاثنان يضحكان وعند ذلك قال : " هل اردت رؤيتى ؟ "

شهقت كارولين ذاهلة : " انا اردت رؤيتك ؟"

- حسنا , ألم تطلبى ذلك ؟

هزت كارولين رأسها بحيرة : " لا , وما الذى جعلك تظن ذلك ؟"

- تلقيت خبرا منك

- خبر ؟ وكيف ذلك وانا لم ارسل أى خبر؟

اخذ موني يحدق اليها متشككا ثم قطب جبينه :


- هل أنت واثقة ؟ هل قالت لك لورا شيئا بهذا الخصوص ؟

قالت كارولين محاولة التذكر : "لا , لا .. ارجوك . اخبرنى عن ذلك الخبر , من اوصله اليك ؟ "

- تلقيت اتصالا هاتفيا فى البناء الذى اعمل فيه

- وفى الخبر ان تأتى الى هنا لرؤيتى ؟

- نعم , لم افهم سبب ذلك . ولكننى ظننت . حسنا , اخبرتنى لورا انك لا تقفين ضد صداقتنا كليا

ازداد تقطيب كارولين : " هل اخبرتك لورا بذلك ؟ وكيف تخبرك وهي لم ترك ؟ ام لعلها رأتك ؟

- نحن نتكلم تليفونا احيانا ونتراسل بريديا . من المؤكد ان لديك اعتراضا على ذلك

فقالت بفروغ صبر :

- ليس الامر امرى كي اعترض على اى شئ . فلا يتعلق هذا بي . آه , لا ادرى . دعنى افكر , اتظن ان لورا هي التي رتبت امر هذا الاجتماع بيننا ؟

فهز كتفيه وهو يتنهد : " لا تسألينى فلا اظن ذلك . اذن فقد كانت رحلتى هذه عبثا . أليس كذلك ؟ "

- حسنا , ما هى نتيجتها برأيك ؟ وماذا تتصور ان بإمكانى القيام به من أجلك ؟

- ظننت انك رتبت لقاء لي معها . لكي نمضي بعض الوقت معا .

ويبدو اننى كنت مخطئا .

تنهدت كارولين التى شعرت بالعطف عليه .

قالت : " حسنا . انا اسفة . ولكن مهما يكن الشخص الى أرسل اليك الرسالة , فهو ليس أنا . ولورا ليست هنا , انها تمضى النهار مع جديها .

وضع يديه فى جيبيه : " آه , هذا عظيم . اظن على ان اقول إننى آسف على إزعاجك "

عضت كارولين شفتها : "لا بأس فى ذلك "

سار نحو الباب ثم عاد فتوقف : " لا أظن .. "


سكت برهة ثم عاد يقول : " جئت الى هنا على دراجتي البخارية , وهي هناك عند غرفة البواب الذى لم يسمح لي بركوبها الى باب المنزل . لا أظنك ترفضين ان تتمشى معي اليها ؟ "

بسطت كارولين راحتيها وقالت باسمة : " لا ارى ما يمنع ذلك . من المؤسف ان تأتى على دراجتك البخارية فمبقدورنا التمشى الى القرية معا . احب ان اتحدث اليك عن لورا "

- لكي تعرفى اى فلاح جاهل انا .. أليس كذلك ؟

لم تجفل كارولين : " اذا شئت "

ابتسم فجأة : " يمكننى ان احملك على الدراجة اذا شئت , فانا احتفظ بخوذة احتياطية "

ترددت كارولين , السير معه الى القرية شئ وركوب الدراجة معه شئ اخر . وماذا سيظن جايمس ؟

ولكنها أنبت نفسها بغضب : وماذا يهمها مما سيظنه جايمس ؟ هل سبق له قط ان اهتم بما تفكر هي به ؟ وبجانب ذلك , فالامر كله فى منتهى البراءة , واذا اراد ان يسئ الظن فذاك شأنه !

واذ ادركت ان مونى ينتظر جوابها , قالت : " حسنا , لا بأس . يمكنك ان تأخذنى الى مكان ما لنتحدث فيه على الا يكون بعيدا "

اومأ قائلا : " هذا حسن . والان هل يمكننا الخروج ام علينا ان ناخذ اذنا بذلك ؟"

قالت ضاحكة : " بل نخرج , اتبعنى "

لم يكن مكتب جايمس يطل على طريق المنزل , ولكن كارولين لم تكن مقتنعة بانه لم يكن يراقب ما انتهى اليه لقاؤهما .او ربما السيدة فرنتش , ولا شك ان المطلوب منها ان تخبر سيدها .

لم تركب كارولين دراجة بخارية من الخلف منذ سنوات . منذ ايام الدراسة , ولكنها وجدت ذلك ممتعا فى عصر هذا اليوم الدافئ . وسرعان ما اخذ شعرها يتطاير ويتشابك فبدا عسليا ذهبيا قبل وصولهما طريقا ضيقا ينتهى الى ساحة معشوشبة تحف بضفة النهر الذى كان يلتوي عند هذه النقطة مشكلا بحيرة طبيعية ,وكانت هذه البقعة منعزلة كليا .
نزلت كارولين من الدارجة وخلعت خوذتها . قالت له : " يبدو انك تعرف هذه الانحاء اكثر مما أعرفها "

ثبت مونى الدراجة فى مكانها ثم خلع خوذته ومر بيده على شعره وهو يقول : أرتنى لورا هذا المكان الذى اعتادت القدوم إليه مع أبيها العجوز فى صغرها . البحيرة تلك عميقة وقد اعتادا أن يسبحا فيها "

جلست برشاقة على العشب وقالت :" حسنا , إنه مكان رائع "

ألقى بنفسه قربها وراح يملى ناظريه من الصورة الجميلة التى بدت فيها .

قال : " إممم .. رائع حقا . ما الذى جعلك تصبحين مربية ؟"

التفتت كارولين تنظر إليه : " لسنا هنا لنتحدث عني "

استلقى إلى الخلف عاقدا ذراعيه خلف رأسه :

- لا بأس , ما الذى تريدين معرفته ؟

تنهدت كارولين وهى تضع ساقا فوق الأخرى : " ربما هناك فائدة فيما لو .. لو فهم كل منا الأخر "

رفع بصره إليها وقد ضاقت عيناه : " وما الذى يهمك من ذلك ؟ فأنت لا توافقين على أية علاقة لي مع لورا , أليس كذلك ؟ "

- أنا .. لا أقول هذا

- لا تقولين ؟
- لا , اسمع انا احب لورا كثيرا وهي السبب الوحيد الذى يجعلنى أمكث هنا . عليك الاعتراف بأنك تكبرها بكثير , فما زالت تلميذة .

- كما إنها من أسرة بوث !

- وهذا ايضا


أرخى ربطة عنقه : " قد لاتصدقين ما أقول , ولكننى لم أبدأ بهذا . آه ,لا أقول اننى قاومت او ما أشبه ولكن لورا هى التى ابتدأت بإنشاء العلاقة "

سألته بفضول : " كيف تعارفتما ؟ "

عند ذلك ابتسم قائلا : "يمكنك ان تقولى انها اختارتنى , اعتادت مجموعة منهن التكسع حول مقهى فى بورنماوث . وقد ميزناهن عن غيرهن انا وبعض الاصدقاء لأنهن كن يرتدين الملابس المدرسية "

هزت كارولين رأسها : " وهل انت مستعد للانتظار حتى تبلغ الثامنة عشرة ؟ "

- أنتظر ؟ انتظر ماذا ؟ أن أتزوجها ؟ لن يسمحوا لي قط بالزواج بها.

فتملكت الحيرة كارولين وقطبت جبينها :

- هل أنت جاد ؟ أم إنها مناورة منك ؟

جذب مونى نفسا عميقا : " ليست مناورة وإنما أنا واقعي يا آنسة دوغلاس.تظن لورا أنها مغرمة بي ولكن إذا نجح والداها فى التفريق بيننا , فستعثر فى النهاية على رجل آخر . رجل مناسب بلا شك

شهقت كارولين ذاهلة : "إنك لا تحبها إذن ؟ "

- آه , انا لا أقول هذا . لا , لا أقول هذا . إننى مهتم بها كثيرا , ولكن هذه العلاقة لن تنجح . لقد اخبرتها بذلك .

قالت كارولين التى تقوست كتفاها : " ليتك أخبرت أمها واباها بهذا "

- ماذا ؟ واريحهما من تعاستهما ؟ بعد الطريقة التى عاملا بها لورا ؟ ولماذا افعل ذلك ؟ سأدع القلق يتملكهما مدة أطول , فلن يؤذيهما هذا أما أنا فلن أقوم بما يؤلم لورا .

لم تستطيع كارولين منع نفسها من الضحك . لقد تبدد التوتر الذى كانت تعانى منه طوال العصر كسحابة من الدخان وبدا لها النهار أكثر إشراقا .

قال لها برفق : " لماذا تضحكين ؟ هل قلت ما يضحك ؟ "

فهزت كارولين رأسها وهى تدس أصابعها فى شعرها :

- لا , لا فى الحقيقة , شكرا لصدقك معى

- ولكنك لن تخبريهم فى المنزل بما قلته لك , أليس كذلك ؟

بدا على كارولين التفكير قبل أن تقول : " لا , لن أقول شيئا قد تعرف به لورا . اكره ان اكون انا من يبدد أحلامها

نظر مونى نحو الأفق عابسا : " ما زال أمامها مدة طويلة لكي تنضج"فتمتمت كارولين بصوت لا يكاد يسمع : " ألسنا جميعا كذلك ؟"

ثم نهضت واقفة . فرفع بصره إليها بلا حماس : " لا داعى للسرعة , أليس كذلك ؟ "

تنهدت كارولين : " أكره العودة الى البيت فى الوقت الذى تعود فيه لورا من بيت جدها. قد تسئ الظن إن علمت بأمر خروجنا "

نهض مونى واقفا مستجيبا بهدوء : " هذا لا يهمنى . ما اسمك ؟ كارولين ؟ هل بإمكانى أن أدعوك به ؟ انت تعرفين اسمى . قابلينى مرة أخرى يا كارولين "

ارتدت كارولين مذعورة : " لايمكننى القيام بذلك "

فعاد الى العبوس : " ولم لا ؟ لست .. مخطوبة , أليس كذلك ؟"

- حسنا ... لا .. ولكن ..

- ولكن ماذا ؟ ما يدرينا بأن علاقتى بلورا ليست سوى خطة وضعها القدر لكي نلتقى انا وأنت ؟

- سمعت عن التملق , ولكنني ..

بدت الضراعة فى عينيه : " ما هذا بتملق , صدقينى . لا اعرف الكثير عن الفتيات "

- لا أصدق هذا !


- ليتك تخرجين معي فانا اشعر بالوحدة احيانا


تنهدت قائلة : " لا استطيع ذلك . اضف الى هذا ان لورا قد تعلم بالامر ؟ "

- لن تعلم

- لا , لا .. لا استطيع

عندما ادرك جون انه لن يستطيع اقناعها سار الى دراجته ووضع خوذته على رأسه ملقيا بالاخرى الى كارولين . ثبتتها على رأسها , وبعدما صعد الى مقعده وادار المحرك , صعدت وجلست خلفه .

ولم يستغرق وصولهما الى بوابة ميتلاندس سوى دقائق , فنزلت كارولين وهي تشعر بالراحة . راح جون يتحسس شيئا داخل سترته , وما لبث ان اخرج بطاقة صغيرة مربعة من الكرتون مد يده بها إليها : " انها بطاقتى فيها رقم تليفونى فى البناء الذى اعمل فيه إن شئت الاتصال بي .."

هتفت قائلة : " ولماذا أفعل ذلك ؟ "

فقال ضاحكا : " من يعلم ؟ "
فتح دودز البوابة باتساع إنش او اثنين ليمكنها من الدخول . إنه رجل متوسط السن يعيش مع زوجته فى هذا المسكن.وكان يعتنى بالمروج الخضراء والازهار . وعندما اغلق البوابة خلفها , مط شفتيه بعدم استحسان وقال : " الآنسة لورا تفتش عنك , لم يعرف من فى المنزل إلى أين ذهبت "

قالت كارولين بذعر : " الأنسة لورا ؟ وهل عادت ؟"

- هذا ما يبدو . احضرها السيد بوث الى البيت بنفسه

فقالت وهي تمر بيدها على رأسها : " السيد بوث ؟ آه , تقصد السيد بوث الكبير . وهل اخبرت الانسة لورا إلى أين ذهبت أنا ؟"
- قلت لها إنك ذهبت مع شاب على دراجة بخارية يا آنسة فأنا أيضا لم أعلم إلى أين ذهبت

قالت وهى تصعد : " لا , لا طبعا . شكرا يا سيد دودز "

وفى منتصف الطريق , رأت لورا تركض لملاقاتها متوردة الوجه ولكن النكد بدا عليها , ثم هتفت تقول وهي تقترب منها : " ها قد جئت ! أين كنت ؟ وماذا كان يفعل هنا جوني , إنه جوني الذي ذهبت معه , أليس كذلك ؟ "

قالت كارولين مسرعة فى حديثها قبل أن تقاطعها لورا :

- نعم , وليتك لم تطلبى منه القدوم إلى هنا أثناء غيابك ! لم يكن أبوك راضـيا عن ذلك

أطلقت لورا مشاعرها المكبوتة بصرخة احتجاج : " أنا ؟ ولكننى لم أطلب منه القدوم الى هنا . ما الذى تتحدثين عنه ؟ "

قالت كارولين التى نجحت فى إظهار الدهشة فى صوتها : " لم تطلبى منه ؟ ظننتك انت من فعل ذلك ؟ "
سألتها لورا : " ولماذا أفعل شيئا كهذا ؟ "

- حسنا , ظننتك تريدين منى أن أقابله لكي أدرك أى نوع من الشبان هو .

- وهل أمكنك ذلك ؟


تنهدت كارولين , كانتا قد اقتربتا من الشرفة فرأت سيارة رولز فارهة تقف أسفل الدرجات ,.فافترضت انها سيارة روبرت بوث الجد الذى سيعرفها كما سبق ان عرفها جايمس . آه , يا إلهى.يا له من شرك معقد . ولكنه على الأقل لا يعرف شيئا عن علاقتها بجايمس .

هتفت تقول : " لا يمكننا ان نتحدث الان يا لورا . ان جدك هنا أليس كذلك ؟ ألا يجب علينا الاحتفاء به ؟ "

- أبى هنا , بحثنا جميعا عنك فأبى غاضب كثيرا . ولا ادرى لماذا . كان عليه ان يكون مسرورا لأنك ذهبت مع جون . فكري كم سيكون سرورهم عظيما إذا نجحت فى سلب جون مني .

أشارت كارولين الى سروالها الجينز والقميص وهما تصعدان الدرجات :

- أواه . يا لورا . انظرى الى ملابسى . على تغييرها . سنتحدث فيما بعد .

- أين كنت بحق الله ..

كانت كارولين مركزة انتباهها على لورا عندما انهالت عليها هذه الكلمات المفاجئة كدوش ماء بارد . كان جايمس فى الردهة يقف منفرج الساقين . عاقدا ذراعيه على صدره غاضب الوجه .

حولت كارولين عينيها عنه وهي تبلل شفتيها بلسانها , ثم أخذت تتفحص ما ارتسم على وجه لورا نتيجة ذلك وقالت آملة ان تجد المساندة من الفتاة : " أنا أسفة لاننى اختفيت بهذه الطريقة يا سيد بوث . وجدت ان من الاسهل ان نتحدث بعيدا عن المنزل "

قالت لورا التى استجابت الى ضراعة كارولين الصامتة :


- هذا صحيح يا أبى , حدثتنى الآنسة دوغلاس بكل شئ عن هذا .

ازداد عبوس جايمس : " وما الذى كان يفعله هنا يا لورا ؟ ولماذا طلب رؤية .. الأنسة دوغلاس ؟ "

هزت لورا كتفيها بعدم اكتراث , واخيرا قالت : " لقد . طلبت أنا منه المجئ "

فعرت كارولين فاها ذعرا , لانها لا تريد من لورا ان تذهب بعيدا الى هذا الحد . عادت نظراتها الى وجه جايمس , فلم يشجعها ما رات على ملامحه .
- ما الذى يحدث يا جايمس ؟

جاء الان دور روبرت بوث فى مقاطعتهم . كان واقفا عند الباب ينظر اليهم جميعا بتسلية , إنه رجل وسيم فى الستينات من العمر , وهو نسخة أكبر سنا عن ابنه . ولكنه عندما رآها توترت ملامحه المسترخية واظلم وجهه , وانتقلت نظراته الى ابنه بعد تصديق.أدركت كارولين وهي تراقبه أن روبرت بوث على علم بعلاقتهما .

قال الأب : " من الواضح ان الانسة دوغلاس لم تتعرض لسوء فى خروجها هذا . ليس لدي لورا الحق فى دعوة ذلك النذل الى هنا مهما كان السبب .. "

رأت كارولين ان عليها ان تحتج على هذا الوصف فقالت : " ليس نذلا . إنه , حسنا , أنه رجل مثقف وهو الى ذلك ليس صيادا انتهازيا أو أى شئ من هذا القبيل . لقد جاء الى هنا لانه .. حسنا , لانه دعى للمجئ ولا أرى ذلك سببا يجعل أيا كان بمثل هذا الغضب الملتهب "

قالت لورا : " ولا أنا . ليس منكم من يعرف جون , فكيف تحكمون عليه دون أن تعرفوه ؟ "

رأت كارولين كيف توتر فك جايمس بينما سقطت يداه على جنبيه , ثم قال ببرودة : " حسنا جدا يا لورا . بما أن لدينا رأى الانسة دوغلاس الخبير , فسنغفر لك سلوكك غير المسؤول هذه المرة . ولكن فى المستقبل يا آنسة دوغلاس . ارجو منك ان تخبرينى قبل ان تخرجى مع رجل غريب "

- نعم يا سيد بوث

كان الشعور بالسخط لدى كارولين , يماثل شعوره , فأشاح بوجهه فجأة ثم سار عائدا الى غرفة الجلوس ..واحدث ذهابه صمتا محرجا ما لبث روبرت بوث ان اخترقه بقوله : "سبق ان تقابلنا , أليس كذلك يا آنسة دوغلاس ؟ فى منزل آل فورستر "

ابتلعت كارولين السخط الذى احسته تجاه جايمس واغتصبت ابتسامة باهتة : " هذا صحيح يا سيد بوث , حدث ذلك منذ ست سنوات انه زمن طويل "

- وانت الان تشتغلين عند ابنى .

لم تكن تخطئ ما يعنيه بكلامه هذا .

أومأت تقول : " انه عالم صغير , أليس كذلك ؟ "

بدا على روبرت بوث عدم التركيز وكأنه لم يكن يتوقع هذا الجواب العفوى ثم قال : " هذا صحيح , إذا سمحت .. "

ولحق بابنه الى غرفة الجلوس , وعندما اغلق الباب خلف , تنهدت كارولين بصوت مسموع ثم هزت رأسها وسارعت نحو السلم , ولكن لورا لحقت بها :

- هل كنت تعنين ما قلته يا آنسة دوغلاس ؟ عن ... عن جون بأنه رجل مثقف . وليس صيادا انتهازيا ؟

أومأت كارولين على كره منها : " بالتأكيد "

ضغطت لورا براحتيها على وجنتيها وقد بدا عليها السرور بهذا الجواب , ثم عادت تقول : " انا مسرورة لانك قابلته "

قالت كارولين " يجب ان اغير ثيابى , لورا , اقترب مجئ أمك "

قالت لورا التى انحدرت زاويتا فمها : " آه , نعم . لا أدرى ما ستقوله عندما تعرف ان جون كان هنا "

لم تشأ كارولين التفكير فى ذلك , فقد خرجت الامور عن السيطرة فى هذا النهار , الذى كان رائع البداية أولا فى مصادفتها لجايمس فى القرية ثم حضور جون مونى غير المنتظر , والان تكتشف ان روبرت بوث على علم بالعلاقة التى كانت بينها وبين ابنه .. إن هذا لكثير .

- أراك فيما بعد يا لورا .

قالت ذلك بحزم أسبغ حدة على صوتها . ولكن الغرام الذى يمتلك تفكير لورا لم يسمح بان تدع كارولين تذهب دون الالحاح عليها بالسؤال عمن دعا جون الى الحضور الى البيت .

ولكنها عندما أصبحت فى حمي غرفتها , لم تستطع أن تنبذ من ذهنها ذلك السؤال . من الذى احضر موني الى المنزل ولأى غرض ؟ فإن لم تكن لورا الفاعلة فمن غيرها سيستفيد من شئ كهذا ؟

دخلت الى حمامها وفتحت الصنابير سامحة لمزيد من الماء البارد . هزت كارولين رأسها . ربما لن يستطيعوا أبدا معرفة الفاعل . وتنهدت , ما كان أكثر أهمية هو تصرفات جايمس وعدم اكتراثه الجلى بدور والده البرئ فى كل هذا , ماذا سيكون رأى روبرت بوث فيها ؟ ارتجفت وهى تفكر في ذلك .

خلعت ثيابها ونزلت فى ماء الحوض مستمتعة ببرودة الماء على جلدها اضطجعت فى الماء لتسمح للرغوة المعطرة بغمر جسدها . ما كان عليها ان تأتى الى هنا على الاطلاق . ما كان عليها قط ان تسمح لنفسها بالتورط .

فى الصباح التالى , تملكت كارولين الدهشة لأن ديبوراه بوث جاءت تزور ابنتها لورا ومربيتها , ولم تأت على ذكر زيارة جون موني . فى الحقيقة , بدا على ديبوراه الاستغراق فى أفكارها , وبدت فى عينى كارولين أكثر توترا من المعتاد .
بعد ذهابها , قالت لورا بامتعاض يخالطه شئ من الرضي :

- لم يذكر أبى لأمى شيئا عن مجئ جون الى هنا . اظن ان جدى اقنعه بذلك , إذ لن ينتج عنه سوى المزيد من الازعاج , بينما لم ينتج عن ذلك أى ضرر , أليس كذلك ؟

لم تعلم كارولين ما إذا كان عليها ان تكون مسرورة أم آسفة .

تابعت لورا التى عقدت حاجبيها : " ليتنى أعلم لماذا جاء . هل أنت واثقة من أنك لم تطلبى منه القدوم يا آنسة دوغلاس ؟

شهقت كارولين : " لا , كونى عاقلة يا لورا . ولماذا أطلب منه القدوم إلى هنا ؟ "

وضعت لورا مرفقيها على المائدة مريحة ذقنها على يديها : "لا أدرى . آه , ليتنى كنت هنا , ليتنى رأيته "

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 23-10-09, 05:40 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي الفصل الخامس

 


الحب يغزو كل شئ



أرسلت ديبوراه بوث وراء كارولين صباح السبت عندما كانت تستعد للسفر إلى لندن لمفاجأة تيم . عندما نزلت الدرج قاصدة الغرفة الصباحية التى تنتظرها فيها مخدومتها . كانت افكارها مليئة بجايمس ولورا , وبزيارة جون موني التى كانت كارولين واثقة من ان ديبوراه قد علمت بها .

ولكن ما حيرها هو ان ديبوراه ارادت ان تدعوها الى حفلة عشاء صغيرة ستقيمها فى المساء التالي .
منتديات ليلاس
قالت للفتاة باسمة : " سنكون ثمانية فقط , انا وجايمس بالتأكيد , ووالداه السيد والسيدة روبرت بوث .. ثم تريفور فروبيشر والسيدة فروبيشر وابنهما الاكبر الذى عاد للتو بعد سنتين من الغياب أمضاهما فى جنوب افريقيا ولورا . وكليف لستر وهو من اصدقاء زوجي , وانت "

تساءلت كارولين عما إذا كان وراء هذا التدبير جايمس . راحت تبحث فى ذهنها بلهفة عن عذر للتغيب وما لبثت ان قالت تعتذر : "انا . حسنا , سيدة بوث , كنت ارجو ان اتمكن من قضاء العطلة الاسبوعية فى المدينة "

ولكن لم يكن من السهل رفض طلب لديبوراه : " ارجو الا تخذلينى يا آنسة دوغلاس . ساكون صريحة معك , السيدة التى ترافق السيد لستر عادة مريضة لذا لم استطع موازنة عدد المدعوين فى هذه المدة القصيرة "

قالت كارولين وهي تبدي تعاطفها : " أسفة ولكن .. "

- آه , ارجوك ستستمتعين بالحفلة . انك لم تستمتعى بأى نوع من الترفيه منذ جئت الينا .

- ولكن يا سيدة بوث .

فقاطعتها ببرودة ودهاء :

- من المؤكد انك تنوين العودة الى هنا مساء غد . آنسة دوغلاس , اليس كذلك ؟ ليس لدي اعتراض على قضائك الليلة فى المدينة اذا كان هذا ما تريدينه . ولكن اكثير علينا ان نطلب منك العودة فى وقت ابكر قليلا مما كنت تريدينه لتشاركينا العشاء ؟

تنهدت كارولين التى لم تشا ان تكون عديمة الادب فماذا تفعل ؟

قالت : " حسنا .. "

فقاطعتها ديبوراه مستغلة ما بدا عليها من ضعف : " علمت ان بإمكانى الاعتماد عليك يا آنسة دوغلاس . هذا حسن جدا . إذن ستوافيننا الى المكتبة غدا مساء "

بعدما أوصلها غروم الى محطة " ريدنغ " لتستقل القطار الى المدينة تملكها ذلك الشعور الرهيب بانقباض القلب الذى يترافق دوما مع توقعها حدوث شئ غير سار .

افسد عليها التفكير فى حفلة عشاء ليلة الاحد عطلتها الاسبوعية . كان تيم مسرورا لرؤيتها , وهو ايضا معلم . رغم انه فى البداية ابتدأ مهنته كرسام تجارى , وهو الان يقوم ببعض الاعمال الكتابية بشكل حر , ولكنه يكتسب معيشته الحقيقية من التعليم فى كلية ثقافية . لدى تيم شقة في حي تشلسي . ومنذ عرفته كارولين وهو يحاول إقناعها بان تشاركه فيها بالمبلغ الذى يناسبها وكان إن توقف عن طلب الزواج بها قبل سفرها الى سريلانكا ,. ولكنه لم يدع الامل قط فى ان اتغير رأيها يوما ما .

تناولا الغداء فى المطعم الصينى فى المنعطف القائم بجانب شقته . وهناك أخبرته عن الاشياء المتعلقة بعملها , ما عدا هوية مستخدميها . فقد اعترفت مرة لتيم فى غمرة موجة من الكآبة عن تلك الفترة التعسة من حياتها . فخافت أن تخبره بأنها تعيش الان فى نفس المنزل الذى يعيش فيه ذلك الرجل الذى آلمها بذلك الشكل السئ

عندما كان يحدثها عن إحدى تلميذاته اخذ ذهنها يشرد عن الطريق السوي فقال لها : "هاي . هل تصغين إلى ؟ "

اعتذرت كارولين " انا آسفة يا تيم , ماذا كنت تقول ؟ "

- بل ما الذى كنت تفكرين فيه ؟ هذا هو المهم ؟
اغتصبت كارولين ابتسامة : " لا شئ هام "

عقد جبينه : " هل انت واثقة ؟ انك تشغلين بالي إذ تبدين متوترة . هل يرهقونك بالعمل ؟ "
- آه , لا بل استمتع به كثيرا . فلورا فتاة ذكية .
- لورا ؟ اهذا هو اسم الفتاة التى تعلمينها ؟

- نعم
- ما شكلها ؟ اعنى شخصيتها , هل هي من تلك الفتيات الضيقات التفكير

- آه , لا , بل على العكس . السبب الذى أخرجوها بسببه من المدرسة هو تورطها بعلاقة مع مهندس إرلندي يعمل فى إنشاء طريق بالقرب من المدرسة .

فقال هازلا : "هاى .. هل الامر كذلك ؟ يبدو انها طفلة "

- وهي كذلك

- ما اسمها مرة اخرى ؟ فروبيشر ؟ لورا فروبيشر ؟ لا أكاد اتذكر .

ترددت كارولين لحظة ثم قالت :" اسمها . فى الواقع . بوث . لورا بوث "

قال تيم الذى ضاقت عيناه :

- هل قلت بوث ؟ ألم تخبرينى مرة بأن لدى ذلك الشخص الذى حدثتنى عنه .. ابنة ؟

- آه , آه , نعم .ربما عليك ان تعلم , إنه مخدومي

- ماذا ؟ ولماذا لا تريدين ان تخبرينى ؟

- انا . ربما لا . انما انا نفسى لم اعلم بذلك حتى اصبحت هناك . لقد اجرت لى المقابلة تلك المرأة فروبيشر كما تعلم , فكيف كان يمكننى ان أتكهن ان ديبوراه بوث تتجنب مثل هذه الامور لأنها عاجزة ؟

- لماذا إذن لم ترفضى الوظيفة بعدما عرفت أصحابها .

تنهدت كارولين : " كنت سأفعل ذلك , ولكننى . حسنا . قابلت لورا فقررت البقاء "

- هل أنت واثقة من أنه السبب الوحيد ؟

- أظن ذلك

فتنهد تيم : " وكيف كانت ردة فعل بوث عند ظهورك ؟ "

تورد وجه كارولين : " لقد تكهن بما حدث . وهو يعلم اننى لا اريد علاقة معه "

- أحقا ؟ اذا كان لم يعد يهتم بك , فلماذا لم يطردك من العمل ؟

- من المؤكد ان زوجته ستشك فى الامر اذا طردنى بلا سبب

بدا عدم الاقتناع على تيم ثم سألها :

- وماذا عن زوجته ؟ كيف شكلها ؟

فكرت كارولين لحظة قبل ان تقول : "لست واثقة . فهى تبدو ودودا للغاية احيانا , وفى احيان اخرى . فى الواقع , طلبت منى الانضمام الى حفلة عشاء ستقيمها مساء الغد "

ذهل تيم : " ماذا ؟ ولماذا ؟ هل انت واثقة من ان السيدة بوث هي التي وجهت الدعوة ؟ "

احنت كارولين كتفيها وهي تعترف كارهة : " تساءلت بينى وبين نفسى عن ذلك . ولكنها هى وراء ذلك لأن جايمس لن .. "

- جايمس ؟


- آه , يا تيم . كفى محاولة العثور على زلة فى اللسان . نعم . جايمس ! وبم تريد منى ان ادعوه ؟ السيد بوث ؟ تيم انه رجل احببته مرة ! رجل عشت من اجله . ثلاثة أشهر فقط . فلا تتوقع منى ان انسى ذلك .

امسك تيم بيدها عبر المائدة بشدة : " آه , يا كارولين . كارولين .. إنك حمقاء , فهل تعرفين هذا ؟ انك حمقاء لانك تمكثين فى ذلك المنزل , فأنت لست عديمة الاكتراث بجايمس بوث . لذا لن يجلب مكوثك هناك الا التعاسة الا نفسك "

انتزعت يدها من يده ووضعت يديها معا فى حضنها وهي تقول : " انا لا افعل ذلك . الا تفهم يا تيم ؟ هذه هى الطريقة الوحيدة , فلا يمكننى الهرب من نفسى طوال حياتى "

فحملق فيها غاضبا : "إنك مجنونة "


ولاذ بالصمت , ولكن هذه المحادثة افسدت العطلة الاسبوعية , ومع ان كارولين امضت الليلة فى الشقة حيث احتلت سرير تيم بينما رقد هو على الاريكة فى غرفة الجلوس كما اعتاد مرات كثيرة من قبل , رغم هذا لم يكن الامر بينهما كما كان .

صباح الاحد , استيقظت كارولين بعينين منتفختين لانها لم تظفر سوي بساعتين من النوم .

وجدت تيم ما زال يغط فى نوم عميق على الاريكة , غسلت وجهها وارتدت ثيابها بهدوء ثم تركت الشقة دون ان توقظه , ولكنها وضعت رقعة ورق صغيرة بجانب الاريكة تشرح له الامر . ان ذلك جبن منها ولكنها لا تستطيع ان تتعرض مرة اخرى لمزيد من تبادل التهم .

لان الوقت مبكر على العودة الى ميتلاندس , اخذت تتمشى فى الشارع فولهام قاصدة الحديقة العامة .. قررت ان تودع حقيبة ملابسها الصغيرة فى مكتب الامانات فى محطة " بادينجتون " وبعد ذلك تبحث عن مكان تتناول فيه طعام الفطور . ولكن ما ان سارت عدة اميال حتى مرت بها سيارة خضراء فارهة .

ارتدت كارولين الى الخلف عند المنعطف مجفلة , فما زال الوقت باكرا والمارة قليلون . ولكن فى السيارة ما جعلها مألوفة لديها , ولما أنزل جايمس زجاج السيارة المحاذى لها اتسعت عيناها دهشة .

قال بحدة : " ادخلى "

توقفت كارولين وهى تنظر حولها متوترة : " انا .. لماذا ؟"

فتح باب السيارة من الداخل ثم مد ساقة خارجا منها ومن ثم وقف بجانبها . كان بنطلونه مجعدا , ويرتدى كنزة سميكة . وبدت لحيته نابتة تغطى ذقنه . اما عيناه فبدتا محمرتي الاجفان وقد رسم الارهاق خطوطا حولهما .

عاد يقول بإصرار : " ادخلى يا كارولين "

فهتفت وهي تنظر فى عينيه : " من أين أقبلت ؟ وماذا تفعل هنا ؟"

قال وهو يأخذ حقيبتها من اصابعها المرتخية : " ادخلى وسأخبرك . هيا بنا , ان ضوء المرور أصفر الان "

ثم القى بحقيبتها الى المقعد الخلفى .

حاولت ان تحتج ولكن شيئا فى عينيه اسكتها . فهزت كتفيها بعدم اكتراث وصعدت الى المقعد الامامى عندئذ صفق الباب ودار حول السيارة ثم صعد الى جانبها .

التفتت تحدق الى جايمس . واذا به يركز اهتمامه على حركة السير لذا لم يستطع مبادلتها النظر , فتملكها شعور بألم مريع فى معدتها لا يمكن تجنبه . ما الذى كان يفعله هنا ؟ وكيف عثر عليها ؟

حول جايمس السيارة من الشارع العام عند أول مفترق للطرق , متبعا الشوارع الصغيرة , حتى خرجا منها الى جانب مقبرة . ثم اوقف السيارة عند المنعطف واطفأ المحرك .

قال : " هل نتمشى ؟ "

نظرت كارولين الى المقبرة بريبة . فأضاف يقول بخشونة : " انها هادئة على الأقل "

تنهدت وهى تفتح باب السيارة . دخلت كارولين من بين القضبان الحديدية الطويلة الى ساحة خالية . الجو ما زال باردا لذا شعرت بالسرور لانها ترتدى سترتها الفيروزية فوق القميص الاصفر وبنطلون السفر . سار جايمس بجانبها واضعا يديه فى جيبي بنطلونه اما ملامحه فبدت مظلمة شاردة .

اخيرا سألها : " من هو ؟ "

خرجت الكلمات من بين اسنانه متوترة ملؤها المرارة .

لم تتظاهر كارولين بعدم فهمها ما يعينه : " ان اسمه تيموثيل فرانكلاند . ولكننى لا افهم ما شأنك بهذا "

فوقف جايمس امامها متوقفا عن السير : "لا تفهمين ؟ من يكون ؟ وكيف تمضين الليلة فى شقته ؟ "
قالت وهى تجذب نفسا عميقا : " جايمس , ليس لديك الحق فى التجسس علي "

- صدقى او لا تصدقى , لحقت بك لأننى ظننت انك ذاهبة للقاء موني .

- ماذا ؟

قال وقد توترت شفتاه : " سمعت ما قلته , فما أشد حماقتى ! كان على ان ادرك انك لست بذلك الغباء "

فقالت بغضب : " لا اقبل هذا منك يا سيد بوث , ان ما افعله فى وقت فراغي هو شأنى الخاص "

سحب جايمس نفسا عميقا يدل على انه يحاول ان يسيطر على اعصابه . اردف : " والى اين كنت ذاهبة الأن ؟ الى بسكومب على الأغلب "

تحولت كارولين عنه مبتعدة . سألت : " ولماذا أذهب الى بسكومب ؟ "

- مونى يسكن هناك . هناك بيته المتنقل .

التهبت عيناها غضبا : " آه , بحق الله . لقد سبق ان اخبرتك باننى لا اعرف جون موني اكثر مما تعرفه انت "

- احقا لا تعرفينه ؟

- لا . آه , نعم . تحدثت اليه , أليس كذلك ؟ ولكن كان بمقدروك انت محادثته .
- لم تسمحى لي بذلك .

تنهدت قائلة : " لقد طلب رؤيتى انا , ولا اظنه كان سيرضي بالتحدث إليك "
- إذا ظننت أننى اقتنعت بذلك الكلام التافه عن اتصال لورا به لكي يتحدث إليك . فانت مخطئة .

هزت كتفيها قائلة : " وماذا أستطيع ان اقول ؟ "

- ما لا استطيع فهمه هو السبب الذى يجعل لورا تساندك ؟


التفتت اليه كارولين وشعرت رغما عنها بالبؤس بسبب العذاب الظاهر فى ملامحه .
- آه , يا جايمس , ليس لك ان تقلق بالنسبة للورا . فلن يصيبها أى ضرر , صدقنى .

اخرج يديه من جيبيه ثم اخذ يمرر اصابعه على فخذيه : " انا لم امض الليلة خارج شقة فرانكلاند بسبب لورا "

حبست كارولين أنفاسها وهي ترتد مبتعدة عنه. راحت تهز رأسها ببطء ثم قالت بوهن وهي ترى يديه تمتدان اليها : " لا , لا يا جايمس . انا .. لا يمكنك فعل هذا .. "

قبض على أعلى ذراعيها ثم جذبها إليه وراح يتمتم بصوت ملؤه العذاب : " لابد من ذلك يا كارولين .. لابد من ذلك .."

كان عناقه عنيفا محموما جعلها تشعر به كما لم تشعر قط . لم تدرك انها ما زالت تتذكر قوة تأثرها وتجاوبها معه .

همست محتجة : " جايمس "

همس يقول دون ان يفلتها من بين ذراعيه : " لا تصدينى يا كارولين"

ادركت فجأة انه لا ينوى ان يتركها . لم تعرف ما إذا كانت تملك القوة او الارادة لمقاومته ولكن عليها المقاومة . اغمضت عينيها لانها لا تريد ان ترى جاذبيته التى لا تنكر , ثم رفعت قدمها ورفسته بعنف على ساقه مستغلة استرخاء يديه المؤقت عنها . ثم ركضت الى بوابة المقبرة والمشاعر تهزها . لكنها ما لبثت ان توقفت فجأة , فحقيبتها فى سيارة جايمس وحقيبة يدها ايضا وهذا يعنى انها لا تملك قرشا واحدا يعيدها الى ميتلاندس .

اصلحت ملابسها ثم التفتت خلفها متوجسة . كان جايمس يسير ببطء نحو البوابة محني الرأس , وبدا غير منتبه الى وجودها . عندما نظرت إليه . تملكها العجب لعدم شعورها نحو بأى غضب او اشمئزازا , ولهذا الشعور السخيف الذى يتملكها والذى هو .. ماذا ؟ عطف ؟ حنان ؟ ولماذا تشعر بالعطف على رجل يستحق احتقارها ؟ كان الجواب بسيطا بالتأكيد ( الحب يغزو كل شئ ) كما يقول المثل .

عندما اقترب منها , رفع بصره إليها فأبدت تمردا كانت بعيدة عن الشعور به .

قالت : " هل لى أن آخذ حاجياتى من فضلك ؟ "

نظر جايمس اليها بذهن متلبد ثم هز كتفيه : " لماذا ؟ إذا كنت عائدة الى ميتلاندس , فسأقلك بنفسى "

- لا أريد ان اركب معك . والى ذلك . ما الذى ستقوله زوجتك اذا عدنا معا ؟ خاصة وانت امضيت الليلة خارج البيت .

فقال لها ببرودة : "لا يهمنى شئ "

- حسنا , اما أنا فيهمنى , لا اريد ان افقد عملى فقط من اجل .. حسنا , من اجلك

عاد يهز كتفيه : " كما تشاءين "

فتح سيارته واخرج حقيبتها التى وضعها على الرصيف ثم ناولها حقيبة يدها الملقاة على المقعد .

علقت حقيبتها بكتفها وحملت حقيبة ملابسها , اما جايمس فاتكأ الى صندوق السيارة , ولكنه لم يكن ينظر إليها . ابتعدت عنه خطوة ثم نظرت خلفها وهي تشعر بحس من المسؤولية ازعج ضميرها .

قالت ضارعة : " جايمس "

عندما التفت لينظر اليها , اسرعت تقول : "جايمس أنا .. انا لم انم معه. اعنى تيم فرانكلاند . قد لا تصدق هذا , ولكننى لم افعل وما فعلت قط "

فقال وقد أظلمت عيناه : " لماذا تقولين لى هذا ؟ "

عند ذلك تورد وجهها : " لا ادرى .. ظننت انك .. ان هذا يهمك "

فأطلق ضحكة لا بهجة فيها , ثم تمتم يقول : " يهمنى ؟ آه , ابتعدي عني يا كارولين , دعيني وشأنى . ليتنى لم ارك مرة أخرى "

* * *


عندما عادت كارولين الى ميتلاندس , كان الوقت متأخرا . لقد قامت بما صممت عليه فى البداية فأودعت حقيبتها فى المحطة , ولكنها بدل البحث عن مقهى تتناول فيه فطورها , استقلت الحافلة الى جنوب المدينة حيث انضمت الى مجموعة من ذوي الاجازات الذاهبين الى الشاطئ والنزهات . فهي بحاجة للانضمام الى مجموعة لا يعرفها فيها احد .
تأخرت فى العودة الى المدينة , ولعل ما اخرها اكثر عدم رؤية غروم الذى كان عليه ان يستقبلها . وهذا ما جعلها تستقل سيارة اجرة الى المنزل , وقد تجهم وجهها بسبب المبلغ الذى عليها ان تدفعه لذلك . فإن هى لم تكن حذرة فستنفق علاوة الشهر المقبل وبهذا تحكم على نفسها بقضاء أربعة أسابيع اخرى هنا, فقد قررت تقديم استقالتها .

عندما توجهت الى غرفتها , لم تر سوى مدبرة المنزل ولكن سيارة جايمس كانت امام الباب وكم شعرت بالراحة لانه وصل الى بيته سالما .

لم تكد تجد وقتا تفتح فيه حقيبتها لتخرج كيس الحمام إذ سمعت قرعا على بابها . ترددت لحظة ثم سحبت نفسا عميقا وذهبت لتفتحه , وشعرت بشئ من الارتياح لأن لورا هى الواقفة بالباب.

قالت لها الفتاة بلهجة طبيعية : " مرحبا , هل استطيع الدخول ؟ "

تنحت كارولين جانبا فدخلت لورا الغرفة , وعندما اغلقت كارولين الباب ارتدت هذه اليها ضاحكة : " لن تحزرى ابدا ما حدث , رأيت جوني "

تهالكت كارولين على حافة سريرها بضعف : " احقا ؟"


- نعم , اليوم فى فينبورن , اتصل بي قائلا انه كان سيسأل عنك لو أجاب احد غيرى على الهاتف , ولكن بما أن ابى فى رحلة بحرية وامى مشغولة بالتحضير لحفلة العشاء التى ستقيمها الليلة , كان على ان اجيب بنفسى .

إذن هنالك كان مفروضا بجايمس ان يكون . تنهدت كارولين : " فهمت "
سألتها لورا بقلق : " لا تمانعين . أليس كذلك ؟ اقصد ان الامر كان فى غاية البراءة . تمشينا فقط . وتحادثنا "

اضطجعت كارولين الى الخلف فى سريرها وشبكت ذراعيها خلف رأسها وقالت بضعف : " لا ادرى يا لورا , لا احب ان اكون غطاء لتصرفاتك الخفية . تعلمين ان امك ستلومني لتشجيعي اياك ومن يستطيع ان ينكر ذلك ؟ "

- وما الذى يجعلها تعرف ؟

استندت كارولين الى مرفقيها : " ان الآباء دوما يعلمون . آه , اسمعى . ألم نتوصل الى ترتيب خاص ؟ "

- هذا صحيح . قلت انك ستساعديننى على رؤية جون أحيانا ..

- لم أقل شيئا كهذا .
أحنت لورا كتفيها وابدت الملامح الثائرة التى تبديها لوالديها : " بل فعلت , لقد قلت لك إذا اجتهدت فى دروسي . "

- لورا , لم يمض على وجودي هنا سوى اسبوعين او اكثر بقليل . فاصبري بعض الوقت , كيف يمكننى مساعدتك ان اصررت على التصرف بطريقة لا يرضي عنها ابواك ؟

- وما الذى يمنع ان ارى جون احيانا اذا تدبرنا الامر ؟

- حسنا . ارجو الا يتعود على الاتصال بك الى هنا والسؤال عنى . لا اظنكما رتبتما الامر بهذا الشكل , أليس كذلك؟

- لا , لم نرتبه .

كان جواب لورا عنيفا , فقطبت كارولين حاجبيها وقالت بفروغ صبر : " ولكنك تدبرت امر رؤيته مرة اخرى "

زمت لورا شفتيها ثم قالت بغلظة :

- لا أدرى لماذا على أن أخبرك .

- أتريدين منى ان اذهب واخبر والديك الى اين ذهبت هذا النهار؟

- لن تفعلى ذلك .

قالت كارولين وهي تستقيم فى جلستها : " جربيني "

- آه , لا بأس . نعم , نعم . وعدت بان أراه مساء الجمعة .

نهضت كارولين من سريرها : " لورا لا اريد ان اكون طرفا فى هذا الامر "

احنت لورا رأسها : " اما قلت انك صديقتى ؟"

رفعت كارولين عينيها الى السماء مستشهدة : " نعم , وانا كذلك . ولكن هذا ليس ما اتفقنا عليه , أليس كذلك ؟ ان مضيك بالاجتماع به سرا لن يعزز مكانته عند ابويك "

- لن يوافقانى ابدا على الاجتماع به .

هزت كارولين رأسها بعجز : " انت لا تعرفين ذلك , أخبرتك بأننى سأساعدك انما ليس بهذا الشكل . واذا واذا اتصل تليفونيا مرة اخرى فاخبريه بما قلته لك "

- متى يمكننى ان أراه اذن ؟

اخذت لورا تذرع حجرتها :" فيما بعد يا لورا , فيما بعد. خلال شهرين .. "

هتفت لورا بفزع : " شهرين ؟ "

- تستغرق هذه الامور وقتا يا لورا . ثقي بي فانا اعرف ما اقول .

ولكن كارولين اخذت تفكر , مهل هي كذلك حقا ؟ ومن هي حتى تنصح الاخرين ؟
تمتمت لورا باكتئاب وبصوت خفيض : " وما يدريني انك لا تريدين ان نبقى مفترقين ؟ "

اتسعت عينا كارولين : " ماذا تعنين ؟ "

- حسنا , جاء جون الى هنا ليراك عندما كنت انا خارجا.أليس كذلك ؟ وقد اخبرنى ان الخبر الذى تلقاه هو منك فكيف اعرف انك لا تهتمين به انت نفسك ؟ لو اجاب شخص اخر على التليفون هذا النهار , لربما سأل عنك لانك انت التى يريد حقا التحدث اليها .

بللت كارولين شفتيها بلسانها : " آه يا لورا , هل تظنين ذلك حقا ؟"

قالت لورا بصوت حزين : " لا ادرى ما على ان اظن "

اشاحت كارولين بوجهها وهي تضغط خديها براحتيها .

- حسنا . صدقى اننى لم ار قط جون موني قبل ان يأتى الى هذا البيت ذلك النهار . وبعكس شكوكك , لم يجذبنى .

تنهدت لورا وارتجفت شفتها : " هذا لا يعنى انه لم ينجذب إليك , اعنى .. اعنى , قالت امى ان كثيرا من الرجال يحبون صنفك من النساء "

شعرت كارولين بغصة فى حلقها : " هل .. هل قالت امك ذلك ؟"

- نعم

- ولكن .. ولكن كيف ؟ وكيف كان مجري الحديث ؟

هزت لورا كتفيها : " كان ذلك وقت الغداء أمس قبل ان يذهب ابى الى رحلته البحرية . قالت انك ستمضين الليلة فى المدينة "

- وبعد ذلك ؟

- حسنا , قالت انك ربما ستقيمين مع رجل ما وقالت انك كنت تعيشين مع رجل قبل مجيئك الينا . كان لديها .. لديها العنوان .

شعرت كارولين بالغثيان . اذن لهذا استطاع جايمس ..

نعم , لا تنكر انها سكنت فترة مع تيم ولكنها قط لم تكن على علاقة معه . هتفت بمرارة : " آه , يا الهى . ولكن ما الذى جعل أمك تقول شيئا كهذا ؟ وماذا يعنيها من ذلك ؟ "

- انت لا تعرفين امى يا آنسة دوغلاس , هي تحب الحديث عن امور كهذه , مع انها منذ تعرضت لذلك الحادث لم تطق ان يلمسها ابي .

- لايمكنك ان تعرفى هذا

- آه , بل اعرف . فهى تجفل او ما أشبه ذلك كلما كان ابى موجودا . ولكن هذا لا يعنى انها لا تهتم بما يفعل , فإذا اخذت امرأة من اللاتي يأتين للعشاء عندنا بالعبث مع أبي , يتمكلها غضب بالغ , إنها غيور جدا .

- لورا , لا ينبغى عليك ان تتحدثى عن أمك بهذا الشكل .

- ولماذا لا ؟ أما سألتنى عنها ؟

- اعلم هذا , ولكن ...

- على كل حال , لقد قالت إنك .. لا تعلم مطلقا ان جون جاء الى هنا , لكنها , بشكل ما جعلتنى اشعر بأنه اذا جاء ... آه , انك تعلمين ما احاول ان اقول .

حاولت كارولين استيعاب ما تضمنه كلام لورا , فبعض الناس يجدون متعة فى تعذيب الاخرين . ولكن ان تعذب ابنتها ؟

سارت نحو النافذة حيث اخذت تنظر منها دون ان ترى شيئا . لكن قد لا يكون للفكرة التى عنت على بالها أساس . ربما ديبوراه بوث غير مسؤولة عن استدعاء جون موني الى بيتها .. وهل يمكن هذا؟ ومع ذلك هى الوحيدة بينهم التى لديها احسن فرصة لذلك , وكانت تعلم ان كارولين ستكون فى المنزل , اما وجود جايمس هنا فلم يكن بحسبانها.

وجدت كارولين نفسها تتنفس بشئ من السرعة , ولكن قسوة ما كانت تفكر فيه عصف بكيانها , هل هذا ممكن ؟ واذا كان ذلك , فإلام تهدف ديبوراه من وراء ذلك ؟

تنحنحت لورا لتجذب انتباه كارولين .

- هل هناك شئ سئ يا آنسة دوغلاس ؟ لا اظنك .. اعنى .. حسنا , هل ستتركينا لأن .. لأن امى تهتم بشؤون الناس الخاصة اكثر مما ينبغى ؟

التفتت كارولين اليها شاعرة بثقل المسؤولية نحوها : "انا .. لا , بالتأكيد , يا لورا "

بدت الراحة على لورا : " وانا لن اقابل جون يوم الجمعة . سأرسل إليه خبرا بذلك "

اومأت كارولين قائلة : " شكرا "

منحتها لورا ابتسامة صغيرة : " الافضل ان اذهب واعد نفسى للحفلة , اخبرتنى امى انك ستكونين معنا "

اومأت كارولين مرة اخرى . كم تتمنى لو انها لا تحضر !

* * *

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 24-10-09, 07:00 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 98342
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: awaw عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
awaw غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

اهلا الروايه مرره حلوه اعجبتني كثير واتمني انك ما تطولين علينا شكرا

 
 

 

عرض البوم صور awaw   رد مع اقتباس
قديم 24-10-09, 08:03 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة awaw مشاهدة المشاركة
   اهلا الروايه مرره حلوه اعجبتني كثير واتمني انك ما تطولين علينا شكرا

اهلا اور اور (يعنى او او بالعربى ) ان شاء الله مفيش تأخير
واتفضلى الفصل السادس

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 24-10-09, 08:07 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

6 – لعبة المرأة الحزينة



ارتدت كارولين ثوبا أسود بسيطا للحفلة ورفعت شعرها على رقبتها . كان الثوب طويلا يصل الى الكاحل ولكنه بلا اكمام . ومع انه ثوب مصنوع من قماش الشيفون الا انه اظهر تقاسيم جسمها .

وعندما نزلت السلم سمعت اصواتا من غرفة المكتبة , فتوترت اعصابها كان باب غرفة المكتبه مواربا , ومع ذلك فقد ترددت عند العتبة . لم يكن هؤلاء الناس من بيتها , فاغمضت عينيها لحظة لتستجمع شجاعتها .

- هل أنت بخير يا آنسة دوغلاس ؟

فتحت عينيها واذا بها ترى كليف لستر بجانبها .. يبدو انه كان واقفا قرب الباب فلاحظ ترددها . فقالت بسرعة وهي تغتصب ابتسامة :


- آه . نعم . لقد كنت .. كنت استجمع شجاعتى لادخل .

قال وهو يبادلها ابتسامتها : " لست بحاجة الى شجاعة وانت بهذا المظهر . هيا ادخلى "

بدت الغرفة مليئة بالناس . ولكن سرعان ما تبين لها انهم عبارة عن السيد والسيدة بوث الكبيرين والشاب الذى كان ابن آيرين فروبيشر وديبوراه الجالسة فى كرسيها ولكنها بدت تحتل المشهد باجمعه باناقتها فى ثوبها القاتم الزرقة ولكن لم يكن هناك أثر لجايمس او للورا .

رأتها ديبوراه . وكان على كليف ان يقودها بالقوة الى حيث كرسى مضيفتهم التى قالت لها :

- آه , آنسة دوغلاس تبدين رائعة الجمال , اليس كذلك يا كليف ؟

فى صوت ديبوراه من الاعجاب الصادق ما جعل كارولين تشعر بالخجل لانها اساءت بها الظن وتصورت ان لها يدا بذلك الاتصال الهاتفى .

اجاب كليف هازلا : " قلت لها الشئ عينه , وعلى ان اهنئك على حسن اختيارك لمرافقتى يا ديبوراه "

ضحكت ديبوراه : " هل تعرفين كل واحد هنا آنسة دوغلاس ؟ لا , انت لا تعرفينهم جميعا . فلأقدمك الى حماتى , آه والى تريفور ايضا"

أثناء التعارف , انتبهت كارولين الى ان جايمس انضم اليهم . سمعته يتكلم مع ابيه , فنضحت راحتاها بالعرق .

كان تريفور فروبيشر ظريفا طويل القامة قوي البنية , وقد امضى السنتين الماضيتين يعمل فى مختبر فى جنوب افريقيا.وعندما أبدت كارولين فضولا مهذبا بعمله , اخبرها بأنه يهتم بالكيمياء الحيوية .

واضاف قائلا انه يرجو ان يعمل فى علم الوراثة , وكانا يناقشان اهمية الوراثة وفيسيولوجية الجسم , عندما ظهرت لورا .

وقفت لحظة عند العتبة فلما نظرات اليها كارولين كادت تقسم انها لو كانت اكبر سنا لكانت من الفاتنات , مع انها الان تبدو فاتنة ايضا .. فى الواقع , هى المرة الاولى التى تراها كارولين فيها من دون بنطلون , مرتدية ثوبا من القطن المنقوش بالازهار وشعرها المغسول حديثا ينسدل على كتفيها كحرير اسود . بدت جذابة للغاية .

نظرت حولها فى انحاء الغرفة ولكنها بدت غير مهتمة بما أثارته من انتباه , وما ان رأت كارولين حتى توجهت إليها . ولكن ما إن وصلت اليها ورأت مرافق كارولين حتى اتسعت عيناها بعدم تصديق .

هتفت حائرة : " تريفور ! هذا تريفور , أليس كذلك ؟ "

تورد وجه الشاب قليلا , ووجدت كارولين نفسها تراقب ما بدا على وجه ديبوراه بوث من تعبير , كانت أم لورا تميل الى الامام فى مقعدها ,وقد بدا اهتمامها مركزا على المشهد الذى يجري .

قال تريفور بابتسامة عريضة : "مرحبا يا لورا . لا تخبرينى اننى تغيرت بمقدار ما تغيرت انت "

فضحكت لورا وهي تنظر اليها غير مصدقة :

- ولكنك كبرت جدا . لا أتذكرك بهذا الطول .. او بهذا العرض .


ثم تورد وجهها وهى تنقل انتباهها الى كارولين : " انا اسفة يا آنسة دوغلاس . انما انا وتريفور نعرف بعضنا بعضا منذ الطفولة فهو يكبرني بأربع سنوات طبعا . ولكن ما زال بإمكانى تسلق الاشجار افضل منه "

صدر عن جديها غمغمة هزل , وكأنها أدركت انهما سمعاها فأبدت اشارة اعتذار ثم ارتدت لتتحدث اليهما . وعندما اجتذب آل بوث تريفور الى وسطهم , ظل كليف بجانب كارولين .

قال وقد بدا الهزل فى عينيه : " حسنا , أنهيت واجبي لهذا المساء ويمكننى الان ان ابدأ بإمتاع نفسى "

كانت كارولين تعبر لمجاملات كليف نصف مسامعها فقط . وكان جايمس واقفا قرب كرسي زوجته وقد أحنى رأسه مستمعا الى ما تقوله له . فى هذه الامسية ارتدى جايمس سترة العشاء القاتمة والقميص الناصع البياض بجانب بشرته السمراء , يمثل رجل الاعمال الناجح , وليس على الاطلاق ذلك الرجل الوحيد المعذب الذى واجهته هذا الصباح .

قدم العشاء بعد ذلك بدقائق . شعرت كارولين بالراحة وهي ترى أنها تجلس بين السيد بوث الاب وكليف لستر . أما جايمس وديبوراه فقد احتلا طرفي المائدة المستطيلة التى كانت تغطيها الآنية الفضية والكؤوس البلورية .

كان الطعام رائعا . استطاعت كارولين ان تأكل بعض ما قدم إليها , وفى هذه الاثناء ركزت انتباهها على ما كان روبرت بوث يقوله لها , وتجنبت النظر فى اتجاه جايمس .

وعبر المائدة , كانت لورا تثرثر سعيدة مع تريفور فروبيشر , يبدو ان الاثنين وجدا الكثير ليتحدثا عنه , واذ اخذت كارولين تراقبهما فكرت فى ان لورا نسيت حاليا جون موني .
نقلت انتباهها الى ديبوراه التى بدا عليها هى ايضا الرضا , وفكرت كارولين ان بإمكانها ان تفهم السبب , ولكن اذا ظنت ان من السهل تحويل مشاعر لورا فهى مخطئة .

عندما انتهى العشاء . قدمت القهوة فى غرفة الجلوس وهي غرفة نادرا ما كانت كارولين تدخلها ,فلم يكن عملها يتضمن الجلوس مع الاسرة فى غرفهم , والحمد لله لذلك !

سأل روبرة بوث كليف عما إذا قرأ فى الصحيفة ذلك الصباح التقرير عن إفلاس احدى الشركات , اما كارولين فجلست بشئ من الضيق على ذراع مقعد مستقيم الظهر , محاولة حمل نفسها على الاهتمام بما حولها لان وعيها منصب على جايمس , ولم تدهش عندما تقدم منها ليسألها عما تحب ان تشرب .

اجابت وهي تشير الى فنجان القهوة فى يدها :

- لا شئ , شكرا . هذا يكفى .

أومأ جايمس برأسه وقد بدا رابط الجأش , ورأت ان الارهاق الذى كان باديا عليه هذا الصباح لم يتبدد كليا .وبسبب قربه منها رأت مدى الانهاك فى مظهره الذى كان يوما ما مغريا جذابا .

أسرعت تغص طرفها لئلا يلمح ما ارتسم فى عينيها من شعور بالحنان .

شعرت به يبتعد دون أن تراه , عند ذلك فقط أدركت انها كانت تحبس انفاسها . ولكن من حسن حظها ان كليف استطاع النجاة من اسئلة روبرت بوث وجلس على كرسيها وعلى وجهه ابتسامة عريضة .

تمتم بصوت خفيض :


- ولماذ اهتم " بهانسفورد للنسيج " وعندي امرأة رائعة الجمال اتحدث اليها ؟

لم تستطع كارولين منع نفسها من الابتسام : " انك تشبع غرورى حقا . هل تعلم ذلك ؟ "

- لماذا ؟ ألأن السيد غير راض عن وجودك هنا ؟

وجدت كارولين صعوبة فى السيطرة على تلون وجهها :

- لماذا ؟ لماذا تقول هذا ؟

هز كليف كتفيه : " لا ادرى . ربما هو لا يوافق على حضوري أنا , فلم ينفك يرمقنا بنظرات قاتلة هذا المساء "

- هذه تخيلات منك .

اشتبكت عيناه بعينيها : " احقأ ؟ ربما . ام لعله يشعر بالغيرة ؟ "

- لا اراك جادا فى كلامك .

- آه , بل أنا جاد يا كارولين . هل يمكننى ان ادعوك كارولين ؟ انت لا تعلمين ما تفعله عيناك الخضراوان هاتان بالرجل .

حاولت كاورلين ان تكون جريئة , فقال عابثة : " عيناي فقط ؟ "

قال برقة : " لا , ليست عيناك فقط , بل أنت بأكملك .. "

- الا يمكنك ان تجد كرسيا تجلس عليه يا كليف ؟

فرق صوت جايمس بينهما كصاعقة فاستقام كليف محركا عضلات ظهره المتصلبة , ولكن ليس قبل ان ترى كارولين ما ارتسم على وجهه وهذا ما جعلها تعرف ما يفكر فيه .
قال ساخرا : " انت مضيف رائع دوما يا جايمس "
فاجاب جايمس برصانة : " لا أرانى كذلك "

مر كليف بأصبعه على شاربه وهو يقول :

- أخبرتنى ديبوراه انك كنت فى نزهة بحرية هذه العطلة الاسبوعية , فإلى اين ذهبت ؟

امسكت كارولين انفاسها ولكن جايمس لم ينزعج :

- ذهبت بسيارتى الى ساوثمبتن .

أنذرهم باقتراب ديبوراه صوت كرسي عجلاتها على السجادة , ولكن كارولين شعرت بشبه راحة . فمع أن جايمس وكليف يتحدثان بمودة ظاهرة , الا انها تحس بنفورهما الصامت . تملكها شعور قوي بالاستياء من مخدومها . فأية لعبة يقوم بها ؟ وكيف يجرؤ على إظهار مثل هذا الاهتمام التملكي بشؤونها ؟

- حسنا , ألان اتستمتعون جميعا ؟

بدت مقاطعة ديبوراه البشوش عفوية .

اجاب كليف : " وماذا يمكننا ان نقول سوى ذلك بعد ذلك العشاء الفاخر الذى قدمته لنا ؟ ان ديبوراه مضيفة رائعة كعادتها دوما "

وتحولت عيناه بسخرية نحو جايمس عندما قال ذلك . ظنت كارولين , فى لحظة مريعة , انه سيقول شيئا اخر ولكنه لم يفعل.. ابتسمت ديبوراه راضـية وهى تنظر الى زوجها بحنان : " ان كلام كليف أحلى كلام , أليس كذلك يا حبيبي ؟ "

وانتقلت نظراتها الى ملامح كارولين التى يكسوها توجس غامض :

- ألا تظنين ذلك يا آنسة دوغلاس ؟ لاحظت ان اعزبنا الجوال تحدث اليك كثيرا هذا المساء .

تحركت كارولين بضيق ثم تنحنحت : " إننا , انا والسيد لستر , لا نكاد نعرف بعضنا بعضا "

قالت ديبوراه بمكر : " آه , ولكن كليف ليس بالرجل الذى يدع العشب ينمو تحت قدميه . فقد حان الوقت ليتخذ زوجة , أليس كذلك يا جايمس ؟ الرجل بحاجة الى امرأة "

عندما لمحت كارولين وجه جايمس العابس , استغربت قلة الملاحظة لدي ديبوراه , الا ترى انها تثير موضوعا حساسا ؟

اخيرا قال جايمس بصوت متماسك هادئ :

- إن كليف ليس من الرجال الذين يتزوجون .

رد عليه كليف بحدة وهو ينظر الى كارولين :

- قد تكون على خطأ . وكما قالت ديبوراه , لقد حان الوقت لكي ابدأ جديا بالتفكير فى الاستقرار .

لم تطق كارولين المضى فى هذا فوقفت واشارت الى الخزانة داخل الجدار بقربها وقالت بصوت مهتز : " هل جمعت احجار اليشب هذه بنفسك يا سيدة بوث ؟ "

بللت ديبوراه شفتها بلسانها لحظة , ثم قالت : " اظننا نحرج الأنسة دوغلاس يا كليف . آه , بينما أنا مستمتعة بذلك؟ "

فقال كليف , ولكنه كان ينظر الى زوجها مباشرة : " وانا كذلك "

قال جايمس بهدوء : " وما الذى جعلك تستمتع ؟ "

- هل يمكننى ان اضع بعض التسجيلات يا أبى ؟

لحسن الحظ , ضاع هجوم كليف باختيار لورا هذه اللحظة بالذات لمقاطعتهما . كان تريفور الى جانبها , وبدت أكثر حيوية ونشاطا مما رأتها عليه كارولين قط . ومن ناحية اخرى , بدت ديبورا كمن استنفدت طاقتها .
قال كليف : " حسنا يا ديبوراه . ربما حان الوقت لكي اخرج "
قالت ديبوراه وهي تنهض نفسها محتجة :

- لا , لا , ليس الان . وماذا ستفعل كارولين اذا خرجت ؟

فابتدات كارولين بالقول بضيق : " فى الواقع , أشعر بشئ من التعب"

ولكن ديبوراه لم تدعها تهرب . فقالت لها : " هذا هراء , ربما الجو هو ما يجعلك تشعرين بذلك . فهو خانق نوعا ما .. كليف , لماذا لاترافق الانسة دوغلاس فى جولة بسيارتك ؟ "

- آه , فى الحقيقة ..

ولكن ديبوراه تجاهلت ممانعة كارولين اليائسة , اما كليف فراح يفكر في ذلك بوجه مشرق :

- نعم يا ديبوراه , انها فكرة صائبة . اليس لديك مانع حقا ؟

بدا الرضا البالغ على ديبوراه مرة اخرى : " ولماذا أمانع ؟ "

شعرت كارولين بأظافرها تنغرز فى راحتيها .. ساورها إغراء فى ان تخبرهما بأن ليس لديها رغبة فى الخروج مع كليف لستر وانها متعبة وتريد الذهاب الى سريرها . ولكن عندما تذكرت تصرف جايمس ترددت . فإن رفضت الخروج مع كليف فكيف سيفسر رفضها ؟ سبق ان تملكته الشكوك بموقف جايمس منها , فهل بإمكانها المغامرة بإثارة نفس الشكوك بالنسبة إلى مشاعرها ؟

أمسك كليف بمرفقها يسألها : " هل ثمة يأس فى هذا بالنسبة إليك يا كارولين ؟ "

حركت كارولين كتفيها بعجز : " انا .. آه , نعم , نعم .. لا بأس فى ذلك "

فبدت ابتسامة الفوز على شفتى كليف : " الافضل إذن ان تحضري ما تضعينه على كتفيك , فسيارتي يمكن تحويلها , وانا احب إزاحة غطائها "

تركت كارولين الغرفة متجنبة عيني جايمس الذى كان مشغولا مع لورا وتريفور بتفحص الاشرطة المسجلة .

سألها كليف وهو يخرج بسيارته من البوابة التى فتحتها " دودز " البواب لهما : " الى أين تريدين الذهاب ؟ "

اجابت كارولين وهي تحكم الوشاح حول شعرها : " الى اى مكان يعجبك "

لوى شفتيه :" يا له من شئ يبعث على الحماسة حقا . عرفت انك غير راغبة فى مرافقتى ولكنه كان الحل الأسلم "

اجفلت قائلة : " آه .. ماذا ؟ "

رد عليها بنعومة : " تعرفين ما اعنى , انه جايمس , ألم تلاحظي تصرفاته ؟ ربع ساعة اخرى ثم لايعود يهتم مثقال ذرة بما يقول "

حبست كارولين أنفاسها : " لا ادرى ما الذى تعنيه ؟ "

- بل تدرين . أننى اعرف انه يضايقنى كذلك , ولكنه يعيش فى جحيم مع تلك المرأة السافلة وانا لا استطيع ان الومه كليا بسبب انجذابه إليك .

ازدردت كارولين ريقها بصعوبة : " الى أين نحن ذاهبان ؟ "

- ها أنت تغيرين الموضوع مرة اخرى , ما خطبك يا كارولين ؟ انت اكثر تعقلا من ان تتورطى بعلاقة مع والد تلميذتك ؟

التفتت كارولين تحدق من نافذة السيارة :

- هل علينا دوما ان نتحدث عنى ؟ بإمكانى ان احاسبك على الاشياء التى تقولها كما تعلم .

- أية أشياء ؟

ترددت كارولين : " حسنا , عن رغبتك فى الاستقرار مثلا "

هز كليف كتفيه وهو يرمقها بنظرة جانبية :

- ربما كنت اعنى ما اقول

عبست كارولين فى الظلام :

- ومن لديك فى ذهنك ؟

- هذا سؤال واضح جدا , ألا تظنين هذا ؟

شهقت : " انا ؟ آه , حقا . اظنك ستخبرنى الان بانك جننت بحبي من اول نظرة "

- هذا ممكن .

- آه , كفى . الى اين نحن ذاهبان ؟

كانا قد وصلا الان الى القرية , وكانت اضواء مقهى " كوش إن هورس " تترامى على الرصيف .

والواقع ان الساعة التى تلت كانت من أمتع الاوقات التى أمضتها كارولين منذ عودتها الى انكلترا ,. فقد كان كليف مرافقا بالغ الحفاوة .

قال لها فجأة دون مقدمات ففاجأها :

- لن يطلقها ابدا , اعنى جايمس . ولهذا لا مستقبل لكما .. اتعلمين ما احاول ان اقوله لك ؟

قالت وهي تنظر الى يديها مفكرة فى أن لا جدوى من التظاهر بالجهل : " نعم , إنما استغرب ان تقول اي شئ بهذا الشأن ؟ "

تنهد واجاب : " انت تعجبينني يا كارولين . صدقينى . اظن ان من السهل تماما ان اغرم بك "

- آه يا كليف

- لا , اصغى الى , فأنا اعنى ما اقول . فانت مختلفة عمن اعرف من الفتيات , هذا اولا . ثانيا , تعملين لتعيشى . ان معظم النساء اللاتي اعرفهن يعتبرن ذلك مصيبة ! كما انك سافرت ورأيت نوع الحياة فى بلاد اخرى .

اردف قائلا : " انا اقول الحقيقة . فانت فتاة غير عادية يا كارولين . هذا عدا جمالك .. ولا اظن انه ينبغى لك ان تعملى فى ميتلاندس "

- لا شأن لك فى هذا ..

- اعلم , اعلم , ولكننى اعرف جايمس يا كارولين . اعرف انه يعيش حياة زوجية هي الجحيم بعينه ولا احتمل الوقوف جانبا والمجازفة بتركه يؤذيك من دون ..

شهقت قائلة : " لايمكن لجايمس بوث ان يؤذينى "

قال وهو يبطئ من سيره عندما لاحت بوابة المنزل أمامهما : " هل انت واثقة من ذلك ؟ ان لم يؤذك هو فقد تؤذك ديبوراه "

قالت وهى تشد ثنايا ثوبها : " آه , بحق الله عليك . ما خطبك يا رجل؟"

هز كليف كتفيه وهو يطلق صوت نفيره لكي يفتح له البواب البوابة ثم يدخل من خلالها :

- لا بأس , ربما كنت مخطئا . هل يمكننى رؤيتك مرة اخرى ؟

- ترانى مرة اخرى .. ؟
- نعم , فانا اريد ان اصحبك لاعرفك الى امى ويمكننا ان نتاول العشاء معا .

- أمك ؟

- آه , نعم . فلى أم

شعرت كارولين بابتسامة اخرى على شفتيها , ولكنها بقيت مترددة . لقد اعجبها كليف ولكنها لم تنجذب اليه

واخيرا قالت : " حسنا , لا بأس .. ولكن علي ان اسأل السيدة بوث اولا "

قال عابسا : " ولكنها ليست حارسة عليك "

ألقت كارولين نظرة على المنزل أما كليف فكان يوقف سيارته الرياضية امام الباب : " هذا صحيح ولكن .. هل يمكننى الاتصال بك تليفونيا , ربما غدا ؟"

اوما كليف :" لا بأس , الرقم فى الدليل "

ثم ارتد اليها واضعا ذراعه على مسند مقعدها : " هل تمانعين ان عانقتك ؟ "

- وهل من عادتك ان تسأل ؟

فهز كليف رأسه ثم انحنى يعانقها . قال : " إممم . هذا حسن . والان اظن ان على الدخول لتوديعهم بصفتى فتى مهذبا "

كانت ديبوراه فقط ووالدا زوجها ما زالا فى غرفة الجلوس , فتنفست كارولين الصعداء .

اجابت ديبوراه على سؤال لكليف : " ذهب جايمس ليقل تريفور الى بيته وذهبت لورا معه "

هتفت حماتها : " وعلينا نحن ايضا ان نذهب , كانت حفلة جميلة يا ديبوراه "

لم تكن الليالى الجميلة لتدوم , وبقيت كارولين فترة فى غرفة الجلوس إفراطا منها فى تأدية الواجب بينما ودعت ديبوراه ضيفيها الى الباب .

ولكن عندما عاد الكرسي المتحرك الى الغرفة , كانت تهم بالخروج من الغرفة , وعندما اتجهت نحو الباب , لوت ديبوراه شفتيها قائلة : " هل تتركينني وحدي ؟ الا تريدين البقاء لتقولي لزوجي تصبح على خير ؟ وللورا طبعا ؟ "

شعرت كارولين بصداع يغزو صدغيها , وظنت انه السبب الذى جعلها تتضايق من كلمات ديبوراه : " انا .. هل لك ان تعتذرى لهما نيابة عني يا سيدة بوث ؟ أشعر فعلا بالصداع "

- أحقا ؟ وانا التى ظننتك تستمتعين بنزهتك مع كليف ؟ الى أين أخذك ؟

- نعم استمتعت بذلك , انه لطيف جدا

- نعم , أليس كذلك ؟

وإذا بأصابع ديبوراه تنقبض فجأة على ذراعي الكرسي بشدة وكأنها تتألم ولكن عندما بدرت من كارولين نظرة غريزية نحوها , عادت فاسترخت ووضعت يديها فى حجرها وهي تسألها : " إلى اين اصطحبك ؟ "

- آه , فقط الى مقهى " كوش إند هوس " فى القرية , وهذا كل شئ .

- تأخرتما طويلا .

- كنا نتكلم فلم نشعر بمرور الوقت .

نظرت ديبوراه إليها بإمعان : " آه , حسنا . اظن ان هنالك أشياء لا تريد الفتيات الافصاح عنها "

قالت كارولين عابسة : " لا ادرى ما الذى تعنينه يا سيدة بوث "

عند ذلك ابتسمت ديبوراه ولكنها ابتسامة غير سارة : " لم اكن يوما ملازمة لهذه الكرسي يا آنسة دوغلاس اعرف ما يحدث عندما يكون رجل وامرأة وحدهما فى .. سيارة "

لم تصدق كارولين أذنيها : " أؤكد لك اننى لا اكاد اعرف الرجل "

- لا بأس إذا كان هذا ما تريدينه , فى أيامى أنا , لم نكن خجولين.

- هذا ليس خجلا مني يا سيدة بوث

- حتى ان كليف لم يودعك بقبلة المساء ؟

- لم أقل إن ..

ادركت كارولين انهما ليستا بمفردهما فى الغرفة . لم تسمع صوت السيارة , ولكنها عندما ارتدت وجدت جايمس واقفا فى العتبة ووجهه ينصح بالاحتقار .

ارتدت كارولين مرة أخرى الى ديبوراه بكراهية غريزية , فقد كانت تعلم ان جايمس هناك حين ألقت عليها السؤال . ولكن منذ متى وهو يقف هناك ؟

شعرت بالغثيان واستطاعت ان تقول وهي ترتجف : " انا متعبة للغاية يا سيدة بوث " وسارت نحو الباب دون ان تنظر الى جايمس الذى افسح لها الطريق , ثم تركتهما بلا كلمة اخرى .

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, أرجوك لا تعتذر, آن ميثر, دار الفراشة, روايات, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t121603.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 04-05-16 05:31 PM
Untitled document This thread Refback 04-05-16 02:57 PM


الساعة الآن 11:11 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية