كاتب الموضوع :
~{ğmOoŕaђ
المنتدى :
الارشيف
{.. بؤرة مبتدأ ؛
نتنفس غضباً وجموحاً
ويتجسد الخيال واقعاً
فنفني أصابعنا ندماً
أتراها صادفت باب سماءٍ مفتوح تلك ( الأمنيات )
لمياء الحربي
؛
" أنا لن أدوم لك والدتك رحلت منذ ولادتك فأحببتك كما لم أحب أحدهم قط , وفضلتك على جميع أحفادي ,
" جدتي لمَ تقولين ذلك الآن , أنتِ تشعريني بأني شيء ثقيل تودين التخلص منه
" أنا أخاف عليك يا حمقاء من والدك الذي أجهل أين هو الآن إذا لم يتوفى إثر السموم الذي يتناولها ؛
" وما ذنبي يا جدتي لا أريد أن أبعد عنك أريد أن أكون معك
استطردت قائلة " ثم ما علاقة والدي لم أره قط ولا أعرف من هو سوى الصور التي تحكي ملامحه القريبة من ملامحي أليس من الظلم أن تنفيني من عالمك لأجل الخوف من والدي ؟!
بصوت حاد " رغد !
اجتمعت سحابة الدموع هي تعرف جدتها إذا حدة نبرة صوتها فإن الأمر مفروغٌ منه تماماً ..
أشاحت بوجهها واعتلت نظرة الشموخ عينيها " لا أريد أن أتزوج برجل لم يحضر لخطبته
" كيف له أن يترك حلاله في بلاد الغرب .. يكفي حضور جدّه إلى هنا !
التفتت سريعاً لجدتها " إنه لم يتعنّ لأجلي لمَ أضحي بحياتي ودراستي وكل شيء لأسافر لرجل
لم أره قط ولم أعلم أنه مخلوق سوى اليوم فقط !
" إن جدّه ابن خالة والدي رحمة الله عليها .. ويكفي أن الرجل ربّى ابن ولده
استطردت بهمهمة " أنتم متشابهان هو أيضاً لم يعش في كنف والده إلاّ عمراً ضئيلاً ..
اتسعت عينيها بذهول " جدتي ماذا تقولين وإن كنّا كذلك ليس من المفروض علينا الزواج !
أتاها صوتها بحنان تشرّب أفئدتها " يا بنيّتي والله أخشى عليك من أبنائي وأبنائهم !
أنا أعلم أن حسام تذوق حسرة الفقد واليتم كما تذوقته ولا أريده أن يذيقك من مآسي الحياة شيئاً
نهضت لتقبل جدتها وتضمها " يا حبيتي أنا لم أعد طفلة انظري إلي قد أصبحت أنثى !
لكزتها الجدة وهي تقول بسخرية " لم تبلغي الثامنة عشر يا فتاة
تنفست الصعداء وأجابت " لكني في الجامعة الآن وهذا بحد ذاته صفة لأني غدوت كبيرة
" لا مجال للرفض فقد أخبرت محمد بموافقتنا !
صرخت بذهول " جدّه لست رخيصة إلى هذا الحد ! أشعر بالامتهان سحقاً !
ضحكت الجدة عندما أكملت بقية الخبر " وستسافرين إلى زوجك بعد أسبوع من اليوم !
نهضت سريعاً من مكانها بفزع " أي زوج ! أنا لا أعرف عنه شيئاً إطلاقا.. لا اسمه ولا عمره
ما يحب وما يكره .. لا شيء أجهله كثيراً ..
استطردت بصوت يشوبه البكاء " لن أتزوج..أنا كأي فتاة تتمنى أن تحظى بفستان أبيض على الأقل
انحنت إلى جدتها لتقبل يديها بشغف " جدتي ألا تتمنين رؤيتي بفستان الزفاف ألا تتمنين أن أقطن بالقرب منك جدّتي أرجوك لا أريد الزواج به أرجوك جدتي ؛
مسحت دمعتها بطرف يدها " اسمه حسام ؛ ويبلغ من العمر الثانية والثلاثون
لم تكمل حديثها لأن عقل الطفلة لم يعد يتحمل شيء وأطلقت شفتيها الصاعقة " يكبرني بخمسة عشر عاماً !
قالت الجدة معترضة " لا يهم ذلك إنه رجل وما أريده لك رجلاً ليس ذلك الوقح خالد
امتعضت معارضة واشتعلت غضباً " والله بالرغم من وقاحة خالد ومشاعر الكره التي تتوالد في داخلي إلى أني أفضله على أن أتزوج بعجوز وغد لم يحضر لخطبتي وهو أوقح من خالد لأنه يخطب فتاة تصغره كثيراً .. بيد أن خالد ابن خالي وأجده الأحق بي لا ذاك الغريب الوغد !
ضحكت الجدة لحديث حفيدتها الصغيرة تعلم أنها غاضبة لكن شيء بداخلها يؤكد حسن اختيارها
بالرغم أنها تجهل كل شيء عن حسام فهي لم تره إلاّ في المهد لكنها تثق بتربية محمد فهو سبع
ولن يربّي إلاّ شبلاً ..
هذا غير أنهم الآن في حاجة إلى فتاة وهي تثق بـ رغد كثيراً وتعلم أنها حنونة جداً ..
وستعتني بمحمد كثيراً فترة مرضه ؛
انتشر خبر خطبتها وأحدث خالد ضجيجاً لتلك الزيجة الغير متوقعة تذكرت وجهه الحانق بالغضب ونظرات والدته الغاضبة إليها ، نعم تمنت بإخلاص من أي شيء يخلصها من خالد
لكنها لم تتوقع أن يكون ذلك التخلص بزواجها من شخص يبلغ من العمر ما بلغ !
زفرت بضيق وألقت برأسها إلى الخلف طبطب على يديها مواسياً لها نظرت إلى هذا الجد الحنون أيعقل أن حسام مثله ؟!
ابتسمت له برفق ؛ لم تمر دقائق حتى أصبحوا في مطار لندن هيثرو .. ذهلت رغد لوجود فتيات بملامح عربية غير عابئين بالحجاب بل أن البعض منذ هبوط الطائرة أسرعن لإنزال ما يرتدون
تضايقت كثيراً لذلك ؛ يا لا دناءة الأنفس !
التزمت بالحجاب وكانت ترى الكثير يلتهمها بالنظر اقتربت منها احداهن لتقول لها باللكنة الانجليزية " How attractive you, dear
نظرت إلى محمد وتمتمت " أريد أن أغطي وجهي أيضاً ..
ربت يدها وأجابها " ستكملين دراستك هنا عزيزتي عليكِ أن تعتادي على ذلك
لا تريد ذلك رفعت حجابها إلى أنفها وأنزلت من أعلاه أسفل حاجبيها هكذا ارتاحت وشعرت أنها لم تزال رغد ؛
شعرت بالقشعريرة تسري في جسدها عندما دخلت السيارة لم تكن كأي سيارة ؛ أيعقل أن الجد محمد بالغ الثراء إلى هذا الحد ؟!
لمَ هاجر إلى هنا ؟! لا تجرؤ على أن تسأله تخشى أن تحرجه بأسئلتها الفضولية فآثرت الصمت على الحديث وقررت البحث عن تلك الإجابات في الأيام المقبلة ؛
خاطبها بهدوء " سنقطن بمدينة Bournemouth .. لا عليك هي ساعة ونصفها وسنكن هناك
ابتسمت له تشعر أن الساعات التي قضتها بالطائرة أبادت كل نشاطها..
فغرت فاها من روعة القصر التي دخلت السيارة في ساحته ؛ كانت تنظر من نافذة السيارة إلى أزهار الحديقة بسعادة لا توصف ؛ صرخت بحماس عندما رأت الشاطئ ونظرت إلى الجد
" تقطن بالقرب من البحر يااااااه كم تمنيت ذلك في الصغر !
ابتسم الجد لسعادتها لم يرى السعادة في عيني حسام ولا التعبير إثر ما يملكه " هل تحبين القراءة يا رغد ؟!
التفتت إليه سريعاً " نعم جداً
" وهل تقرئين لكتاب إنجليز
همهمت ثم أجابت " قرأت لـ داون .. و باولو .. ترجمة كتب قاموا بتأليفها
" رائع لمَ لا تقرئيها من غير ترجمة
ضحكت وقالت بسخرية " من الرائع أن أقول "hi – how are you? –stupid
ضحك الجد والسائق الذي فهم بعض ما ترمي إليه الفتاة ؛
توقفت السيارة أمام المنزل نزل الجد وتبعته رغد وهي تسمع طقطقة حذائها في أرجاء المكان
وشعور بالغباء يضرم بها لصوت تلك الطقطقة ..
توقف محمد وأخبرها أن بإمكانها أن تطمئن وتنزل حجابها جميع من في البيت خادمات ؛
توقفت عند المرآة ورتبت شعرها وأخرجت من حقيبتها مرطب الشفاه وضعت القليل منه وقليل من الكحل في عينيها الرمادية ؛
مشت بخطوات خفيفة إلى حيث ما رأت محمد يذهب ودهشت عندما رأت الشاب الجالس أمامها مباشرة ؛
وحيث ما يحدث هناك ؛
ستكون الضوضاء فوداعاً لكل راحة إلى يوم مجهول ؛
~{ğmOoŕaђ
|