لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


جريمة رقمية للدكتور نبيل فاروق كاملة

ومع الجديد دوما والحصرى فقط على ليلاس الرواية البوليسية المثيرة جريمة رقمية للدكتور نبيل فاروق الفصل الاول : الزائر بدأ ذلك الصباح عادياً كأي صباح ... استيقظت تعباً مجهداً

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-10-09, 11:12 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Jded جريمة رقمية للدكتور نبيل فاروق كاملة

 

ومع الجديد دوما والحصرى فقط على ليلاس
الرواية البوليسية المثيرة جريمة رقمية
للدكتور نبيل فاروق

الفصل الاول : الزائر
بدأ ذلك الصباح عادياً كأي صباح ...
استيقظت تعباً مجهداً كالمعتاد، وكأنني كنت أعدو طوال الليل، وبذلت جهداً خرافياً كالمعتاد أيضاً، حتى أنتزع نفسي من فراشي، وأدس قدمي المكدودتين في ذلك الشبشب القديم، الذي أنوي تغييره منذ فترة طويلة للغاية، ولا أضع هذا القرار أبداً موضع التنفيذ، ورحت أزحف معه وبه، حتى وصلت إلى حمام شقتي الصغيرة وأنا ألهث، على الرغم من أن مساحتها كلها لا تزيد عن مساحة صالة الانتظار، في شقة الأستاذ (حازم).
وفي تكاسل -هو سمة من سمات شخصيتي- رحت أحلق لحيتي، التي يصرّ الأستاذ (حازم) على أن يراها ناعمة كل صباح، وكأننا جنود في ثكنة عسكرية، ثم وضعت جسدي بالكاد في ملابسي التي يفترض أن تبدو أنيقة، بما يتناسب مع مكانة المكتب، ثم دفعت نفسي دفعاً إلى الخارج، لأبدأ يومي المعتاد الممل..
والطريق من حيث أقيم إلى المكتب، يستغرق ساعة من السير على الأقدام، ولكن بالنسبة لشخص نحيل مثلي يعاني من حساسية صدرية (منذ كان في الخامسة من عمره) هو أشبه بحكم إعدام، مع سبق الإصرار والترصّد، فأنا أستقل ذلك الشيء المتهالك، الذي يقوده شخص هستيري، نصف مختل، وحتماً مسجل خطر، والمعروف باسم (الميكروباص)، وأظل أدعو الله سبحانه وتعالى طول الوقت، أن أصل بأمان..
وأخيراً، وبعد حرب أعصاب، تستغرق عشرين دقيقة؛ نظراً للزحام المروري المعتاد، أصل إلى المكتب..
ويبدأ العذاب اليومي..
الأستاذ (حازم) يصرخ ويأمر طوال الوقت..
والآنسة (حنان) باردة كالثلج، وطلباتها لا تنتهي أبداً..
و(حسن) عامل البوفيه لا يتوقف عن الحديث لحظة واحدة..
و(حلمي) زميلي الوحيد بالمكتب يتصرّف طوال الوقت وكأنه (شيرلوك هولمز) في زمانه..
كلهم يبدءون بحرف الحاء كما ترون..
فيما عداي أنا..
آه.. معذرة.. كنت أتحدَّث طوال الوقت مثل (حسن)، ونسيت تقديم نفسي لكم، كما تحتم أصول اللياقة..
الواقع أنني أزيد عن كل من في المكتب..
أزيد عنهم بنقطة..
كلهم يبدءون بحرف الحاء، وأنا وحدي، أبدأ بحرف الخاء..
اسمي هو (خالد)..
(خالد خيري)، أو(خ خ).. كما أحب أن أسمي نفسي، وكما أحب وأتمنى أن يناديني الآخرون.. وكلهم ينادونني به أحياناً.. من باب السخرية فقط..
(حلمي) يقولها باعتبار أنها اختصار (خالد خايب)، وحنان تقولها (خايب خيابة)، و(حسن) -عامل البوفيه- يسألني دوماً إذا ما كنت أرغب في شرب (خروب خشن)، وهو يبتسم في خبث سخيف..
أما الأستاذ (حازم) نفسه، فيستخدم مصطلحاً، أكره حتى أن أكتبه، لما له من صلة بالفضلات الإنسانية، و...
إحم.. المهم أن اسمي الرسمي هو (خالد خيري)، وهذا يكفي..
وأنا أعمل منذ سنوات في مكتب الأستاذ (حازم)، المحامي الجنائي المعروف، والذي لم يخسر في حياته كلها سوى ثلاث قضايا، كنت أنا المسئول عن واحدة منها للأسف.. وأنا في الواقع لست محامياً لدى الأستاذ (حازم)، ولكنني مساعدة..
وكيل محامي لو شئنا استخدام المسميات الشعبية المعتادة..
ولكن دعونا من كل هذا، ولنعد إلى ذلك اليوم، الذي بدأت فيه هذه القصة..
كان كما أخبرتكم يوماً عادياً ككل يوم، ولكنني عندما وصلت إلى مكتبي، كانت هناك مفاجأة في انتظاري..
فعلى سطح المكتب، وسط الملفات العديدة، كانت هناك علبة مكعبة، وردية اللون، كتب عليها بحروف كبيرة أنيقة، ذلك اللقب الخاص بي..
حرفي خاء منفصلين..
وتوقفت أحدّق في العلبة، وأنا أدرك أنها مزحة من أحد العاملين في المكتب..
وبالأخص لأنهم جميعاً تظاهروا بأنهم حتى لم يلحظوا وصولي إلى المكتب..
(حنان) كانت تبدو منشغلة بجهاز الكمبيوتر أمامها، على الرغم من أن العمل لم يبدأ بعد..
و(حلمي) يتظاهر بالانشغال في مراجعة بعض الملفات القديمة..
و(حسن) في المطبخ، الذي تفوح منه رائحة الخروب المغلي..
ولكن أحدهم حتماً أحضر تلك العلبة..
والسؤال هو مَن منهم؟!..
مَن؟!..
***
على الرغم من أنني لست ممن يتميزون بالجرأة في المعتاد، فقد حسمت أمري في سرعة لم أعتدها في تعاملاتي، واتجهت نحو الآنسة (حنان)، وقلت، محاولاً التظاهر بالثقة:
- أعجبتني هديتك.
التفت إليّ، وبراءة الأطفال في عينيها، متسائلة:
- أية هدية؟! ملت نحوها، قائلاً بابتسامة، أظنها تشبه ابتسامه (أحمد عز)، في أفلامه:
- العلبة الوردية.. في سواك يختار اللون الوردي والحرفين الكبيرين لهديته؟!.. (حلمي) سيختار حتماً شيئاً أكثر تعقيداً من مجرد علبة مكعبة، و(حسن) لن يختار اللون الوردي حتماً؛ لأن هذا لا يتناسب مع ثقافته، فمن تبقى؟! أجابتني في سرعة: مرة أخرى، حاولت أن أبتسم ابتسامة (أحمد عز)، وأنا أنظر في عينيها مباشرة، على الرغم من أن ني لا أشبه (أحمد عز) على الإطلاق، وعلى الرغم من أنها لن ترى مني شيئاً، عبر عدسات منظاري السميكة..
ولكن المدهش أن هذا قد أفلح..
لقد أطلقت الآنسة (حنان) ضحكة، عجزت عن كتمانها طويلاً، وهي تقول.
هل أعجبتك حقاً، أم..؟!
سألتها، في أسلوب لا يُشبه أسلوب (عز) حتماً:
- ما رأيك أنتِ؟!
ضحكت مرة أخرى، وهي تجيب:
- أم..
لم ترق لي إجابتها
ولا حتى ضحكتها..
ولكن مَن أنا لأفصح عن مشاعري وضيقي، خاصة وأنني قد ورطت نفسي في تلك الهدية الإجبارية والاستفزازية، فبعد أن شكرت الآنسة (حنان)، لم يكن من التهذيب أن أتخلّص منها، ولا مناص من رؤيتي لها على سطح مكتبي طوال الوقت..

كل ما استطعت فعله هو أن أتحاشى النظر إليهم، وأدفن وجهي في كومة الملفات أمامي، وألعن تلك الهدية المستفزة في كل لحظة، وأضع الخطط للتخلص منها بأية وسيلة..
المشكلة أنها مصنوعة من البلاستيك اللين، الذي يصعب كسره..
ولكن ماذا لو سقطت سهواً في سلة المهملات، قبل أن يفرغ (حسن) محتوياتها بلحظات؟!
لابد في هذه الحالة أن أكتسب موهبة (خالد صالح) في التمثيل، وأتظاهر بالارتياع لفقدان الهدية!..
ولكن دعونا من كل هذا، ولندخل في صلب القصة..
لقد باءت كل محاولاتي لتحاشي النظر إلى الزملاء بالفشل، وخاصة عندما وصل الأستاذ (حازم)، وبدأ عملية الصراخ والمطالب، مما جعلنا نعدو طوال الوقت لتلبية مطالبه، ونحن لا ندري حتى لماذا هو غاضب ويصرخ باستمرار!!
وفجأة، وبينما ننهمك في العمل، اندفع إلى المكتب رجل أنيق..
لم يكن من زبائن المكتب المعتادين، ولكن كل لمحة منه كانت تؤكد أنه أحد ذوي الشأن..
كان يرتدي حلة رمادية بالغة الأناقة، ومن الواضح أنه لم يشترها من العتبة، التي اشتريت منها حلتي السوداء اليتيمة، فقماشها من النوع السميك اللافت للنظر، وأناقتها وفخامتها واضحين، على الرغم من أن أحد أزرار كمها الأيسر مفقود، وفي خنصر يده اليسرى خاتم ذهبي، به فص أسود، وقميصه يلمع تحت ضوء المكتب، ومن جيب سترته يطل منديل قرمزي حريري، أكمل أناقة زيه..
أما حذاءه فقد جعلني أكره ذلك الحذاء الذي أرتديه، والذي اشتريته من العتبة أيضاً..
المهم أننا في نفس اللحظة، التي التفتنا إليه فيها، كان يهتف في توتر بالغ الشدة:
الأستاذ (حازم).. أريد مقابلة الأستاذ (حازم) فوراً.. أين هو؟!
أسرعت إليه محاولاً تهدئته، وأنا أقول:
الأستاذ (حازم) هنا، ولكن أخبرني لماذا تريده، حتى أ...
قبل أن أتم عبارتي، صرخ في وجهي:
لا.. لن أخبر أحداً.. أريد مقابلة الأستاذ (حازم) الآن.. أريد مقابلته شخصياً.
التف الجميع حولنا صامتين، وأنا أحاول تهدئته..
(حلمي).. و(حسن).. والآنسة (حنان).. ولكنه صرخ بمنتهى العصبية:
لماذا لا يقابلني الأستاذ (حازم) بنفسه؟.. سأدفع له كل ما يطلبه.. أين هو؟!
قبل أن أجيبه هذه المرة، فتح الأستاذ (حازم) باب مكتبه، وأطلّ منه بكرشه الضخم، الذي يجعلني دوماً أتذكر معدتي، التي تلتصق بعمودي الفقري من شدة نحولي، كما يتندرون، وصرخ كالمعتاد.
- ماذا هناك؟!.. مَن يصرخ؟!
كدت أخبره أنه الوحيد الذي يصرخ طوال الوقت، ولكن ذلك الزائر سبقني، وهو يندفع نحوه، ويتشبّث به، هاتفاً:
أستاذ.. أنقذني يا أستاذ.. أنقذني.
وهنا حدث أمر عجيب..
عجيب جداً..
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس

قديم 06-10-09, 11:14 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الفصل التانى : الجريمة

على الرغم من أن الأستاذ دائم الصراخ، إلا أنه ما أن يرى زبوناً تفوح منه رائحة الثراء، حتى يتحوّل فجأة إلى حمل وديع، وتعلو شفتيه ابتسامة لا نراها في غير تلك المناسبات أبداً، لذا فقد استقبل زائره الثري الملهوف في وداعة، وهو يقول:
اهدأ يا أستاذ.. اهدأ.. كل مشكلة لها حل.. كل مشكلة.

أجابه الرجل في عصبية شديدة:
أنا (منير).. (منير صفوان).. صاحب مصانع (صفوان) للملابس.

شهقت الآنسة (حنان) مبهورة، ومط (حلمي) شفتيه، وكأنه قد فهم ما يحدث في حين مال عليه (حسن)، يسأله عما يعنيه هذا.. أما أنا فقد أدركت عظمتها فقط، لماذا بدا لي وجه الرجل مألوفاً منذ البداية!..

إنه (منير صفوان)، صاحب مصنع الملابس الشهير، وصاحب أكبر وأشهر فضيحة لهذا العام.

لقد لقِيَت سكرتيرته السابقة مصرعها في حادث سيارة، بعد إشاعتها وجود علاقة بينها، واتخذته الصحف عندئذ مادة دسمة للتوزيع، حتى إن الشرطة نفسها قد أجرت تحقيقاً معه، ثبت خلاله تواجده بعيداً عن مسرح الجريمة عند حدوثها (هذا لو أنها جريمة، وليست حادثة)..

المهم أنه قد تجاوز الاتهام، وإن لم ينجح في فضيحة علاقته بسكرتيرته، ولكن مثله سرعان ما يتجاوزون هذا..
وسرعان ما يتورّطون أيضاً في فضيحة جديدة..

المهم أن الأستاذ (حازم) قد اصطحبه إلى مكتبه، وهو يردد عبارته السابقة أنه لكل شيء حل، ولكن قبل أن يدخل مكتبه التفت إلينا، وقال في صرامة متجهمة:
- تعال..
لم نفهم ساعتها مَن مِنا المقصود بالطلب؟!..
مَن؟!..

وهل يمكنكم أن تتصوّروا أن الأستاذ (حازم) كان يقصدني أنا بندائه هذا؟!..
كيف لم أدرك هذا في اللحظة الأولى؟!..
كيف؟!..
لو أنه أراد الآنسة (حنان)، لتحدَّث بلهجة أقل صرامة، أو لما تجهم على الأقل، ولو أنه أراد (حسن) لطلبها بلهجة آمرة.
وهو بالطبع لن يدعو (حلمي هولمز) إلى مكتبه، في وجود زبون..
إنه سيختار حتماً أقل الموجودين بالمكتب شأناً؛ فقط لتدوين ما سيقوله الزبون.
سيختارني أنا..
ولأنني أخشاه طوال الوقت، فقد لبيت النداء في سرعة، وربما دخلت إلى المكتب قبل حتى أن يدخله هو..
أو ربما بعده..
لست أذكر بالضبط..
المهم أن حجرته بعد أن أغلقنا بابها، أصبحت تضم ثلاثة فحسب.. هو.. والزبون.. وأنا..
وفي نفس اللحظة، التي أغلقنا فيها المكتب، تشبّث الأستاذ (منير) بالأستاذ (حازم) هاتفاً:
سأدفع لك كل ما تطلبه، لو أخرجتني من هذه الورطة.
جلس الأستاذ (حازم) بكرشه الضخم خلف مكتبه، وقال بفخامة كعادته:
لابد لي مِن معرفة الورطة أولاً.
التقط الأستاذ (منير) لعابه في صعوبة، على نحو يُوحي بتلك الصحراء القاحلة في حلقه، قبل أن يقول:
إنهم يتهموني بقتله.
انتبهت حواسي كلها للعبارة، واعتدل الأستاذ (حازم) على مقعده، وهو يسأله في اهتمام مشوب بالتوتر:
قتل مَن؟!
كان الأستاذ (منير) يلهث، كما لو أنه قد قطع نصف العالم جرياً، وهو يقول:
شقيق تلك السكرتيرة.. لقد عثروا عليه مقتولاً في شقته، أمام جهاز الكمبيوتر ووجدوا إلى جواره أحد أزرار سترتي، وفي مكتبه رسالة أرسلتها إليه في ساعة غضب، أطلب منه فيها أن يتركني وشأني، وإلا فهو الجاني على نفسه.
وبلا وعي، وجدت نفسي أنقل بصري، من وجه الأستاذ (منير) الشاحب، إلى زر كم سترته الناقص، وودت لو أقول شيئاً، ولكن الأستاذ (حازم) سبقني وهو يسأله في اهتمام:
هل يمكنك أن تروي لي الأمور من البداية؟!.. مَن هي تلك السكرتيرة؟!.. وما الذي لم يتركك شقيقها فيه وشأنك؟! باختصار أريد أن أعرف القصة منذ بدايتها..
التقط الأستاذ (منير) نفساً عميقاً، وبدأ يروي..
وبمنتهى الاهتمام، استمعت إليه صامتاً..
كانت قصة نمطية، أشبه بالأفلام العربية القديمة، الأبيض والأسود، حتى إنني تخيّلت الأستاذ (منير) أشبه بالراحل (زكي رستم) وهو يرويها..
القتيل هو شقيق تلك السكرتيرة، التي ألقت مصرعها قديماً، في ذلك الحادث الغامض، ومنذ حدوثه، وهو كباقي المجتمع، يتهم الأستاذ (منير) بقتلها، وتلفيق الحادث، ومثل باقي المجتمع أيضاً لا يثق بتبرئة الشرطة له، ويصرّ على أنهم عجزوا عن إثبات التهمة عليه فحسب..
ومنذ ذلك الحين، والشقيق (صفوت)، يُطارد الأستاذ (منير) في كل مكان..
وكل زمان..
في مكتبه..
وبيته..
وناديه..
باختصار، لقد أحال حياته إلى جحيم، وجعله يكره استيقاظه كل صباح..
عجباً!!..
هناك تشابه إذن، بين حياة الأثرياء وحياة الفقراء، مع اختلاف الدافع..
المهم.. لقد استمر (صفوت) في مطاردته للأستاذ (منير)، حتى أرسل إليه الأخير تلك الرسالة، التي وجدوها في درج مكتبه بعد مقتله..
وكان من الطبيعي أن يُصبح الأستاذ (منير) هو المشتبه فيه رقم واحد، ولكن من الواضح أنهم لم يلقوا القبض عليه بعد؛ لأنه يجلس هنا..
يا للذكاء!..
"قل لي يا أستاذ (منير).. أين كنت ساعة ارتكاب الجريمة؟!"
ألقى الأستاذ (حازم) هذا السؤال في اهتمام، فبدت حيرة متوترة على وجه الرجل، وقلّب كفيه قائلاً:
وما أدراني ما هي ساعة الجريمة!.. أخبروني فحسب أنه قُتل، وأنني المشتبه فيه رقم واحد.
"مَن أبلغك بالضبط؟!"..
كنت أنا من اندفع ملقياً السؤال هذه المرة، فأدار الأستاذ (حازم) عينيه إليّ في غضب، وبدا لحظة وكأنه سينفجر في وجهي، حتى أنني انكمشت في مكاني، وتراجعت ملتصقاً بالجدار، ولكن من الواضح أن الأستاذ (منير) لم ينتهِ إلى هذا، فقد التفت إليّ، قائلاً بنفس توتره:
لست أدري.. لقد كان.. كان..
وصمت لحظة، قبل أن يُضيف مرتجفاً:
- كان مخيفاً.
تنحنح الأستاذ (حازم)، قبل أن يسأله في خشونة، كنت المقصود بها:
- رجل أم امرأة؟!.
بدا الأستاذ (منير) حائراً، وهو يُجيب:
ليس رجلاً.
قال الأستاذ (حازم)، بلهجة توحي بالاستيعاب:
هي امرأة إذن.
أدار (منير) عينيه إليه في سرعة، قائلاً:
وليس امرأة.
وهنا اتسعت عينا الأستاذ في شدة ودهشة، وهو يقول مستعيداً صراخه المعتاد:
ليس رجلاً وليس امرأة؟!.. ماذا يكون إذن؟!
وقفز السؤال نفسه إلى ذهني..
نعم.. ماذا يكون؟!..
ماذا؟!..
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 11:15 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الفصل الثالث : مسألة رقمية

على الرغم من أن كل هذا الجيل يعشق الكمبيوتر، ويعشق إلى حد الجنون التعامل معه، وعلى الرغم من أنني المسئول الرئيسي عن تحويل كتابات الأستاذ حازم -بذلك الخط الشهير، الشبيه بنبش الدجاج- إلى شاشة الكمبيوتر، فإنني أعترف أنني -وحتى هذه اللحظة- تور الله في برسيمه، في هذا الشأن..

كل ما أعرفه عن الكمبيوتر، هو أن أضغط زر تشغيله فور وصولي إلى مكتبي..
ثم أفتح برنامج (الأوفيس)..
وبعدها أبدأ عملية الترجمة..
ترجمة المذكرات من نبش الدجاج، إلى اللغة العربية..

ولا يمكنكم أن تتصوّروا مدى العذاب الذي ألاقيه، في هذا الشأن..
ولا مدى الغضب الذي يواجهني به الأستاذ حازم، إذا ما نسيت حرفاً، أو إذا أخطأت في ترجمة كلمة، يستحيل حتى على خبراء الآثار قراءتها، إلى العربية..

المهم أنه -وعلى الرغم من ضعفي الشديد في الكمبيوتر- كنت قد سمعت منذ أيام (حلمي هولمز) وهو يتحدّث مع الآنسة (حنان) عن أجهزة رقمية حديثة، يُطلق عليها اسم مغيّرات الأصوات، يمكنها تشويه الصوت البشري، أو تحويله إلى أية طبقة مخالفة.
إلى صوت امرأة..
أو طفل..
أو شيخ طاعن في السن..
بل لقد أكّد (حلمي) أن باستطاعة الأجهزة الغالية منها، أن تُحاكي صوت أي إنسان تشاء..

من الواضح أنني بعيد تماماً عن عالم الكمبيوتر..
أو ربما عن القرن الحادي والعشرين كله..
أو..
"مغير أصوات"..
تساءلت لحظة، من نطق هذه العبارة، ولكنني وجدت الأستاذ (حازم) يلتفت إليّ، قائلاً:
أهذا ممكن؟!

عندئذ فقط، أدركت من نطق العبارة..
لقد كان أنا..
حماسه الداخلي جعله يفلت مني، دون أن أدري..

ومع سؤال الأستاذ (حازم)، ارتبكت، ووقفت لحظة أحدّق فيه كالأبله، مما رسم الغضب المعتاد على وجهه..
أما الأستاذ (منير) فقد أتى رد فعله مختلفاً تماماً..
لقد التفت إليّ في لهفة..
لهفة غريق، وجد قشة أكثر نحولاً مني؛ ليتعلّق بها..
وهنا، لم يعد هناك بد من الإجابة..

وقبل أن ينتقل الأستاذ (حازم) إلى حالة الصراخ، اندفعت أخبرهما بكل ما سمعته من (حلمي)، عن مغيرات الأصوات، التي علمت فيما بعد أن اسمها بالإنجليزية هو (voice changers)..
والحقيقة أنهما استمعا إليّ في اهتمام شديد..
اهتمام، ربما يكون أكثر بكثير من فهمي للأمر..
وعندما انتهيت، قال الأستاذ (حازم) في جدية:
- إذن فهناك من استخدم مغيّر صوتي رقمي؛ لكي يبلغك بالجريمة..
بدا الأستاذ (منير) حائراً، وهو يقول:
ولكن لماذا؟!
كان المفترض أن ألمّ لساني داخل حلقي، أو أبتلعه وأصمت تماماً، ولكن عقلي المريض جعلني أندفع، قائلاً:
لأنه شخص يمكنك تمييز صوته.

رمقني الأستاذ (حازم) بنظرة نارية، كادت تشعل حُلّتي الوحيدة المسكينة، التي لو احترقت لاحتجت إلى عام ونصف، ببدل الجوع، الذي نتقاضاه من المكتب؛ حتى يمكنني شراء حُلة أقل جودة منها..
ولكن الأستاذ (منير) بدا شديد الاهتمام، وهو يقول:
فكرة معقولة جداً..
اختفت نظرة الأستاذ (حازم) فجأة، وقال في حسم، مع شيء من التباهي:
كل موظف في مكتبي يجد أفكاراً معقولة.
ثم لوّح بيده، في حركة مسرحية، مكملاً:
إنني ألهمهم.
نطقها بنرجسيته المعتادة، ولكن الأستاذ (منير) لم ينتبه إليها، وربما لم يسمعه من الأساس، وهو يقول:
ولكن لماذا؟!
دا لي أنه يكرّر سؤاله السابق، فقلت:
أخبرتك أنه حتماً شخص..
قاطعني في توتر:
لماذا أخبرني بوقوع الجريمة أصلاً؟!

بدا لي سؤاله منطقياً للغاية..
وبدا لي أنه لا جواب منطقي له..
قبل أن أندفع لألقي سؤالاً جديداً، بنفس أسلوبي الغشيم، قال الأستاذ (حازم) في صرامة، ليس لها في المعتاد ما يبررها أبداً:
ماذا فعلت بعد أن وصلك الخبر يا أستاذ (منير)؟
شحب وجه الأستاذ (منير)، وارتبك، وهو يقول:
شككت في الأمر.

كررّ الأستاذ (حازم)، في لهجة أكثر صرامة:
وماذا فعلت؟!
ازداد ارتباك الأستاذ (منير)، وهو يقول في خفوت، وكأنه يخشى ما سينطق به:
كان لابد وأن أتأكّد!
قال الأستاذ (حازم):
وذهبت إلى مسرح الجريمة..
أعجبني المصطلح، وربما لأنني من هواة التمثيل والمسرح والسينما، وتخيّلت الأستاذ (حازم) على خشبة مسرح، يُؤدي دور (عبد الفتاح القصري) وأمامه (محمود المليجي) في دور الأستاذ (منير)، الذي بدا وكأن
سينكمش في مقعده، وهو يغمغم في اضطراب:
كان لابد وأن أتأكّد.
مطّ الأستاذ (حازم) شفتيه، فبدا أشبه بـ(علاء ولي الدين) رحمه الله، في فيلم (الناظر)، وهو يقول:
خطأ..
اندفع الأستاذ (منير)، وهو يقول في توتر شديد:
ولكنه كان قتيلاً، عندما ذهبت إلى هناك.
مطّ الأستاذ (حازم) شفتيه مرة أخرى، وقال في صرامة، وكأنه يُؤنب طفلاً في العاشرة، ارتكب شقاوة كبيرة:
ولكنك تركت آثارك في مسرح الجريمة.
هتف الأستاذ (منير)، كتلميذ يُدافع عن نفسه:
لم ألمس شيئاً.. لقد وجدته صريعاً، فهربت من المكان فوراً.
سألته أنا بنفس الاندفاع الطائش، الذي سيكون وثيقة فصلي من المكتب ذات يوم:
وماذا عن زر سترتك؟!
هتف، في لهجة أقرب إلى البكاء:
- لم أرَه هناك.. ولم أفقده هناك أيضاً.. هناك من دسّه في مسرح الجريمة حتماً..
غمغم الأستاذ (حازم)، وكأنه يفكّر في عمق:
- نفس الشخص، الذي استخدم مغيّر الصوت الرقمي، ليخبرك بالجريمة.
ثم ضرب سطح مكتبه بقبضته، هاتفاً:
- القاتل الحقيقي.

بدا لي هذا أشبه بمشهد من فيلم بوليسي قديم، والفنان الراحل (سراج منير) يلعب دور المحامي، وابتسمت دون أن أدري، ثم أفقت من ابتسامتي على نظرة قاتلة من الأستاذ (حازم)، فتنحنحت في ارتباك، وقلت أيضاً بذلك الاندفاع العبيط:
وهل رآك أحدهم، وأنت تفرّ من مسرح الجريمة؟
شحب وجه الأستاذ (منير) في شدة، وانكمش أكثر وأكثر في مقعده، وهو يُجيب بهمهمة غير مفهومة، فمال الأستاذ (حازم) نحوه متسائلاً:
عفواً؟!
ارتفع صوت الأستاذ (منير) قليلاً، وهو يغمغم في توتر:
البوّاب.

وتراجع الأستاذ (حازم) في حركة حادة، في حين اتسعت عيناي أنا حتماً..
فبالنسبة لما سمعته يبدو أن هذه ستكون القضية الرابعة، التي سيخسرها المكتب..
حتماً...
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 11:17 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الحلقة الرابعة أهناك امل ...؟

لم يكن من السهل عليّ أبداً، في أية مرحلة من عمري،أن أعرف ما يفكّر فيه الآخرون وبالذات الأستاذ (حازم)، الذي كلما تحدّث أحدهم عن عقلي، وصفني ساخراً بأنني أمتلك مخ البازلاء.....

وهذا المصطلح يدهشني دوماً، لأنني كنت أقرأه من لسان عم (دهب)، وهو يصف به (بطوط) على صفحات مجلة (ميكي)، التي أداوم على قراءتها بانتظام، وتستنزف جزءاً من دخلي المحدود....

واستخدام الأستاذ (حازم) لهذا المصطلح يعني أنه يداوم على قراءتها مثلي ،ولعله يدسّها بين صفحات المراجع القانونية الضخمة، التي نراه يطالعها طوال الوقت....
آه...... لئيم هو (حازم) بك هذا.....
لئيم كمحام عقر.....
المهم أنه -عندما أكّد الأستاذ (منير) أن بوّاب عمارة (صفوت) قد رآه- انكمش هو في مقعده، أمام الأستاذ (حازم)، الذي كاد يخترق جسده بنظرة كأشعة الليزر، وأنا في الواقع أجهل ما يمكن أن تفعله أشعة الليزر هذه، سوى أنها تصلح عيوب الإبصار، كما سمعت في التليفزيون. ثم لم يلبث أن هدأ، وتراجع في مقعده، وضم راحتيه أمامه؛ ليمنح نفسه ذلك المشهد الوقور، قبل أن يقول:
- أنها قضية صعبة يا أستاذ (منير).
ولأن الأستاذ (منير) لا يعرف من هو الأستاذ (حازم)، ولا يدري شيئاً عن أساليبه؛ فقد ازداد انكماشه في مقعده، وهو يغمغم، في صوت أشبه بالضياع:
- أعلم هذا.
وهنا تنحنح الأستاذ (حازم)....
وما أدراك ما هي نحنحة الأستاذ (حازم)
إنها ليست نحنحة عادية....
بل نحنحة سوبر....
أنها تنفخ فيه كل شيء...
وجنتاه تنتفخان، ليصبح وجهه كبالون من بالونات الأعياد....
وينتفخ كرشه، ليفسح مكاناً لما سيطالب به....
وينتفخ لسانه حتماً لمنحه ذلك الصوت الفخم الغليظ، والذي سمعته يقول به:
- سيكلفك دفاعي عنك ثروة.
بدا الأستاذ (منير) أشبه بفأر في مصيدة، وهو يقول:
- أعلم هذا أيضاً.
انطلقت الكلمات من بين شفتي الأستاذ (حازم) كالرصاصة:
- مليون جنيه.
بدا وكأنه قد أفرغ في الكلمة كل انتفاخه؛ حتى خُيِّل إليَّ أنه قد أطلق عاصفة هوائية في وجه الأستاذ (منير)، وأن كرشه الضخم قد انخفض بعدها....
أما الأستاذ (منير)، فقد غمغم في انكسار:
- أنا مستعد.
تألّقت عينا الأستاذ (حازم)، وهو يضيف في ظفر:
- ومثلها بعد البراءة بإذن الله.
اعتدل الأستاذ (منير)،وكأنما أعاد إليه لفظ البراءة الأمل، وقال في حماس :
- اتفقنا.
وهنا انتفخ الأستاذ (حازم) مرة أخرى، وقال:
- بقي إجراء واحد.
كنت أعلم ما يقصده قبل أن يسأله الأستاذ (منير) :
- وما هو ؟!
أجابه في حزم:
- أن تسلّم نفسك للقانون
وعاد الأستاذ (منير) ينكمش....
وبشدة....

* * *
نفّذ الأستاذ (منير) تعليمات الأستاذ (حازم) بمنتهى الدقة؛ فبعد ساعة واحدة من المقابلة، سلّم نفسه للشرطة، التي اتهمته رسمياً بقتل صفوت، وألقت القبض عليه، وعملت على تسليمه للنيابة....
وطبعاً لا يوجد في المكتب كله من يدور في كل الدوائر، ويدوخ السبع دوخات في هذا الأمر، سوى أنا...

فالآنسة (حنان) سكرتيرة....
و(حسن) ساع....
و(حلمي هولمز) هو الذي يراجع كل ملفات القضايا، ويكتب كل المذكرات القانونية....
والأستاذ (حازم) هو البك صاحب المكتب....
وأنا.... أنا طبعاً مرمطون المكتب....

وهكذا سرت وراء الأستاذ (منير) من القسم إلى الترحيلات إلى النيابة....

وهناك فقط ظهر الأستاذ (حازم) بكرشه الضخم، الذي يبدو أنه يمنحه شيئاً من الأهمية والوقار، يجبر رجال النيابة والقضاء على معاملته باحترام كبير....

ولقد جلس أمام وكيل النيابة في وقار وفخامة، وطالبه بالإفراج عن موكله بضمان محل إقامته وكيانه كعضو بارز في المجتمع....
وعلى الرغم من رصانته ابتسم وكيل النيابة في سخرية، وهو يقول:
- أنه اتهام شبه كامل يا أستاذ.... عشرات سمعوا الشجار بين

- القتيل والأستاذ (منير)، وتهديدات كل منهما للآخر.

- والمعمل الجنائى أكّد وجود بصمات حديثة له، على باب شقة القتيل.

- ووجود زر منتزع من كم سترته في مسرح الجريمة؛ أضف إلى هذا شهادة البوَّاب الذي رآه يعدو خارجاً عقب الحادث مباشرة، وأمكنه تعرَّفه بمنتهى الدقة.
فنفخ الأستاذ (حازم) أوداجه مرة أخرى، وقال في فخامة:
- الناس تتشاجر كل يوم، وانفلات الأعصاب يجعل كل منهم يوجّه إلى الآخر ألف تهديد وسباب ووعيد؛ ولكن كل هذا ليس مبرراً للقتل.
اعتدل وكيل النيابة يقول:
- وماذا عن ملاحقة القتيل المستمرة له.... أليست مبرراً كافياً لتخلص الأستاذ (منير) منه.
ابتسم الأستاذ (حازم)، وأشار بيده في حركة مسرحية، قائلاً:
- حتى لو كانت مبرراً، هل سيعجز مليونير مثل (منير صفوان) عن استئجار من يقوم بالمهمة بدلاً منه؟!
قال وكيل النيابة في لهجة بدت لي أقرب إلى التحدّي:
- وربما دفعته ثقته بنفسه إلى تنفيذ جريمته ذاتياً، حتى لا يشاركه أحد سره.
مال نحوه الأستاذ (حازم) قائلاً:
وهل سيخطّط لهذا ولتنفيذه بنفسه، ثم لا يرتدى قفازين ببضعة جنيهات ليخفى بصمات أصابعه؟!
تراجع وكيل النيابة، وبدا وكأن منطق الأستاذ (حازم) قد أثار داخله موجة من التفكير، وغمغم مرتبكاً:
- لم يحدث أبداً أن تم الإفراج عن متهم في جناية قتل بضمان محل إقامته، أو حتى شخصيته في المجتمع.
قال الأستاذ (حازم) في سرعة:
- ربما بكفالة مالية.
هزّ وكيل النيابة رأسه، وهو يقول في خفوت:
- ومع كل هذه الأدلة ؟!.... مستحيل !
دون أن أدري وجدت نفسي أندفع قائلاً :
- أستاذ (منير)، ألا يوجد شاهد واحد على وجودك بعيداً عن مسرح الجريمة وقت حدوثها؟!
استدار إليّ الأستاذ (حازم) بنظرة غاضبة صارمة، والتفت إلى وكيل النيابة في دهشة؛ في حين هزّ الأستاذ (منير) رأسه قائلاً في أسى:
- لست أدري حتى متى حدثت الجريمة.
مال وكيل النيابة نحوه، يقول:
- ما بين الثالثة والخامسة ظهراً.
هز الأستاذ (منير) رأسه مرة اخرى، ثم فجأة تألقت عيناه، وهتف:
- ما بين الثالثة والخامسة ؟!... بالطبع.... بالطبع....

- ليس شاهد واحد.... بل شهود.
وهنا تألّقت عينا الأستاذ (حازم) بدوره، واعتدل في مقعده، وأشار إليّ قائلاً:
- (خالد).... سأعطيك عشرين حنيهاً مكافأة.
وهنا أيقنت من أنه يتابع مجلة (ميكي)، ويتأثر بشخصياتها أيضاً؛ لأنه في هذه اللحظة،كان يلعب دور أحد شخصياتها....
عم (دهب).
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 11:19 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الحلقة الخامسة .... الشهود

منذ بدأت عملي مع الأستاذ (حازم)، بمرتب أخجل أن أذكره، أو حتى أتذكّره، تعلّمت حقيقة هامة جداً، خالفت كل ما كنت أتصوّره، عن المحاكم والقضايا...
وعن السينما أيضاً...

ففي الأفلام القديمة، كنت أشاهد (حسين رياض) أو (عماد حمدي)، وهو يترافع في قضية ما، مرافعة بليغة، ثم يأتي بشاهد إثبات في اللحظة الأخيرة، فيقلب الأمور كلها رأساً على عقب، ويدفع حكم البراءة إلى فم القاضي دفعاً، وتلتهب عيوننا بالبكاء، وأكفنا بالتصفيق، و...
وينجح الفيلم...

وفى آخر فيلم شاهدته، كان (أحمد عز يحل اللغز في المحكمة، ويبرئ (غادة عادل)، ويضع نور في السجن، ونحن محتارون، هل نفرح لأنه برّأ (غادة) الرقيقة، أم نبكي لأنه أدخل نور الجميلة السجن؟!..
ولكن في المحاكم الحقيقية، تعلمنا أن الصورة تختلف تماماً....

وبالذات في الجنايات...
فرجال القانون يؤكدون دوماً، أن القضاء المدني قضاء مستندات، في حين أن القضاء الجنائي قضاء وجدان...

وبالطبع لم أفهم هذا في البداية...
لم أفهم بالضبط ما يعنيه...
وخصوصاً أن لي جارة اسمها (وجدان)، تنتظر عودتي كل ليلة، وأنا منهك مهدود ومكدود؛ من العمل المضني في مكتب عم (دهب)، الشهير بالأستاذ (حازم)، فقط لتلقي عليّ تحية المساء، وهي تبتسم ابتسامة واسعة، كما أخبرني أهل الخير؛ لأنه لا نظري، ولا الحالة التي أعود عليها، يسمحان لي برؤية أي شيء، عندما يأتي المساء...

ولقد أدهشني في البداية أن يكون لـ(وجدان) صلة بالقضاء، ولكن (حلمى هولمز) أفهمني في صبر، ما تعنيه العبارة...

ففي القضاء الجنائي، قد يأتي المتهم بعشرات الشهود، الذين يحلفون ألف يمين، على أنهم يشهدون بالحقيقة، ولكن وجدان المحكمة، المتمثلة في القاضي، لا يطمئن لشهادتهم، فلا يأخذ بها، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.....

لهذا، فأي محام قديم، مثل الأستاذ (حازم)، لا يمكن أن يلقي ثقله أبداً على أقوال الشهود فقط...

ولكن في حالة الأستاذ (منير)، لم يكن هناك سبيل آخر...
وجاء الشهود إلى النيابة...
والشهود كانوا في الواقع: سكرتيرته الجديدة (ماسي)، وبعض عملاء مكتبه، الذين كانوا موجودين في حجرة السكرتيرة، في نفس الموعد، الذي حدّده الطبيب الشرعي، لوقوع الجريمة...
ما بين الثالثة والخامسة ظهراً...

ولقد استمعنا جميعاً لأقوالهم... بمنتهى الدقة...

السكرتيرة (ماسي) أكّدت بشدة أن الأستاذ منير لم يغادر مكتبه في ذلك اليوم، من منتصف النهار وحتى الخامسة والنصف، على الرغم من أنه كان شديد العصبية طوال الوقت، ورفض أن يقابل مخلوقاً واحداً...

"هذا يعني أن أحداً غيرك لم يره، في ذلك اليوم.."..

ألقى عليها وكيل النيابة السؤال على نحو مفاجئ، فقالت مصدومة:
- كلا بالطبع.

ثم استدركت، في سرعة وعصبية:
- ولكنهم جميعاً سيشهدون بأنه كان هناك.

لم أفهم سر تأكيدها، ومن الواضح أن الأستاذ حازم ووكيل النيابة أيضاً لم يفهماه، فقد سألها ألأخير في صرامة:
- وكيف هذا؟!..

أشارت بيدها في حماس سينمائي، قائلة:
- لقد اتخذ قرارات حاسمة، في كل ما يخصّهم، وبعضهم سمعه بنفسه، وهو يصرخ فيّ لإغلاق الباب خلفي، و....

استفاضت في الدفاع عن موكلها، الذي ظل صامتاً منكسراً طوال الوقت، حتى اكتفى منها وكيل النيابة، واستدعى باقي الشهود، الذين أكّدوا كلهم ما قالته، وأضاف إليه بعضهم أنهم يعرفون صوت الأستاذ (منير) جيّداً، وأنه من المستحيل ألا يكون هو من سمعوه، حتى ما بعد الخامسة بقليل...

وبناءً عليه، صار الأمر متأرجحاً، بين جهات أمنية، تصرّ على اتهام الأستاذ (منير)، وشهود يؤكدون براءته، ولم يعد أمام وكيل النيابة عندئذ، سوى أن يصدر قراره بالإفراج عنه بكفالة مالية كبيرة، وتحويل الأمر برمته للقضاء..

"لست أدري ماذا أقول!!.. هذا أفضل ما كنت أتمناه"...

هتف بها الأستاذ (منير)، فور خروجنا من النيابة، بعد أن دفعت (ماسي) كفالته، فرسم الأستاذ (حازم) على وجهه ملامح الصرامة والرصانة، وهو يقول:
- الأمر لم ينته بعد يا أستاذ (منير)؛ فمازالت هناك قضية، ومازالت الجهات الأمنية تصرّ على اتهامك.

اندفعت (ماسي) قائلة في حماس حار:
- أنا واثقة من براءة الأستاذ (منير).

بدا لي حماسها زائداً عن الحد، ولكنني أعزيته لحظتها للظروف، ولأنه مخدومها، في وظيفة جديدة، ولكنني –وكالمعتاد- اندفعت أقول:
- هذا لا يهم.

توقّف الأستاذ حازم، والتفت إليّ بتلك النظرة النارية، التي تبدو لي دوماً، وكأنها تقول: "كيف لتافه مثلك أن يتدخّل في عمل أساتذة؟؟!!.."؛ مما جعلني أبحث ببصري عن أقرب بالوعة، يمكنني أن أختبئ فيها؛ لأن ما سأجده داخلها، سيكون حتماً أفضل مما سأجده، في المكتب، عنذ عودتي...

ولكن العجيب أن الأستاذ (منير) سألني في اهتمام بالغ، ودون أدنى ضيق:
_ لماذا تقول هذا؟!..

اختلست نظرة إلى الأستاذ (حازم)، الذي أشاح بوجهه عني في ازدراء، وهو يركب سيارته، التي فتح الأستاذ (منير) بابها الآخر، وهو مازال ينظر إليّ في اهتمام؛ منتظراً الجواب؛ مما جعلني أجيب في خفوت:
- لأنه ليس المهم أن تثق سكرتيرتك في براءتك... المهم أن يثق فيها القضاة..

ركب السيارة، في المقعد الخلفي، وهو يهز رأسه مفكراً ومتفهماً، وركبت إلى جواره (ماسي)، في حين تردّدت أنا لحظات، حتى قال الأستاذ (حازم)، في لهجة صارمة، أعرفها، وأدرك تبعاتها جيداً:
- اركب.

وركبت...

وبعد أن رحل الأستاذ (منير) وسكرتيرته، وصعدنا إلى المكتب، استقبلنا الجميع بنظرات فضول وتساؤل، حوّلتهما الآنسة (حنان) وحدها إلى لغة مسموعة، وهي تقول:
- ماذا تمّ في النيابة ؟!..

أجابها الأستاذ (حازم) في صرامة، وهو يتجه مباشرة إلى مكتبه:
- كيف يمكنك أن تقلقي؟..

ثم استدار إلينا، قبل أن يغلق باب المكتب خلفه مباشرة، وأكمل:
- لقد كان الأستاذ (خالد) معي هناك.
قالها، وصفق الباب بكل قوته...
وران على المكان كله صمت رهيب....
صمت نطقت خلاله العيون بألف ألف اتهام....
ثم فجأة تحوّلت كل هذه الاتهامات الصامتة، إلى صوت مسموع...
بل متفجّر...

"ماذا فعلت أيها التعس؟!.."..

هتف بها (حلمي) في استنكار، في نفس اللحظة التي صاحت فيها الآنسة (حنان)، في لهجة مدرسة، تؤنب تلميذاً خائباً:
- كنت أعلم أنك ستفسد الأمر!..

غمغم (حسن):
- إعدام؟!..

قلت في سخافة متعمّدة:
- إفراج بكفالة..

هزّ (حلمي هولمز) رأسه في رصانة، وهو يقول:
- هذا يعنى أنه هناك قضية.

أجبته في شيء من الإحباط، أردته معبراً:
- وهل كنتم تتصوّرون غير هذا ؟!..

مالت الآنسة حنان نحوي، قائلة:
- المهم ماذا فعلت بالأستاذ؟!..

قبل أن أفتح فمي لأجيب، فتح الأستاذ باب مكتبه، وقال في هدوء شديد:
- تعال.

وامتقع وجهي، وأنا أنهض إليه؛ فمن طبيعة الأستاذ، أنه إذا ما تحدث بهدوء شديد، إلى شخص يغضب منه؛ فهي دلالة على أنه أعد له انتقاماً رهيباً...

وبقدمين مرتجفتين، دخلت مكتبه، ولم أنطق بحرف واحد....
ونطق هو....

وعندئذ أدركت أنني كنت على حق فيما توقّعته...
الأستاذ (حازم) لم يعد يلعب دور عم (دهب)...

إنه يلعب الآن دور (عادل أدهم)...
في فيلم (المنتقم)
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جريمة رقمية ، نبيل فاروق
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:15 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية