لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-10-09, 11:21 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الحلقة السادسة .... الملف

من باب التأديب والتهذيب والإصلاح، أعطاني الأستاذ (حازم) ملف قضية (منير صفوان) كله، وهو يقول بنظرة شامتة، وابتسامة كبيرة متشفية:
- أريدك أن تراجع كل شيء بنفسك.... ادرس الملف حرفاً بحرف، وليس كلمة بكلمة، وراجع شهادات الشهود، وشهادة السكرتيرة (ماسى)، واذهب إلى مسرح الجريمة، واستجوب كل من تجده هناك... أريد أية معلومات، يمكن أن تقودنا إلى دليل براءة... هل تفهم؟!... أية معلومات.
خرجت من مكتب الأستاذ، وأنا أحمل الملف كله، ونظرة يأس مريرة تطلًّ من عينيّ بوضوح حتماً؛ لأنني وجدت الجميع يحدقون فيّ، وسمعت الآنسة (حنان) تغمغم في أسى:
- يا للمسكين!
وسألني (حلمي) في توتر:
- ماذا ستفعل بهذا الملف؟!..

أجبته في يأس:
- كل شيء.

بدا عصبياً وهو يسألني:
- هل أسنده إليك الأستاذ كله؟!..

قلت، وأنا أجلس خلف مكتبي في إحباط:
- للأسف.

هتف في غضب:
- وماذا عني أنا؟!... هل سأكتفي بكتابة مذكرات الدفاع فحسب.

غمغمت الآنسة (حنان) في خبث:
- هذا ما تجيده.

صاح بها محتداً:
- هل نسيت من أنا ؟!.. أنا (حلمي)... (حلمي هولمز)... أنا العقل النشط في هذا المكتب.

أجابته بنفس الخبث:
- حسناً أيها العقل النشط، لا ترهق عقولنا معك بهذا الصراخ.... أكمل مذكراتك في صمت.

قالتها، والتفتت إليَّ بنظرة مشجعة، ربما لأشاركها هذا العبث، ولكنني أشحت بوجهي، مع ما أشعر به من إحباط، ونفور شديد من فكرة المزاح، في نفس الوقت الذي انحنى فيه (حسن) على أذني، وسألني:
- أترغب في كوب خروب خشن.

التفتت إليه بحركة حادة، وأنا أنوي الانفجار في وجهه؛ ولكن نظري ارتطم بوجه الأستاذ (حازم) وكرشه الضخم، وهو يزمجر كغوريلا غاضبة، هاتفاً:
- أما زلت تجلس هنا؟!..

قفزت من خلف مكتبي، واختطفت الملف، وأنا أعدو نحو الباب، هاتفاً:
- كنت في سبيلي للانصراف فوراً.
خرجت من المكتب مهرولاً، وكأن الأستاذ (حازم) سيعدو خلفي، على الرغم من ثقتي في أنه لن يستطيع هذا، مهما كانت لديه الرغبة فيه؛ فمع كرش كمنطاد صغير، سيعد المشي في ذاته مغامرة، غير مأمونة العواقب...
كل ما فعلته هو أنني تشبثت بالملف، حتى لا أفقده، أو أفقد ورقة واحدة منه، حتى وصلت إلى الشارع؛ فوقفت أمام المبنى ألهث لبضع لحظات، قبل أن أسترد أنفاسي، وأغمغم في حنق شديد:
- ألا يوجد سواي في هذا المكتب؟!..

لم يجبني أحد بالطبع، ولا حتى نفسي، فالتقطت أنفاسي مرة أخرى، وبدأت أحسبها...

مسرح الجريمة في (مصر الجديدة)، ومكتبنا في المهندسين، وهذا يعني أنني أحتاج إلى مواصلة خاصة....
وهذه مشكلة....
فعم (دهب).... أقصد الأستاذ (حازم)، يمكن أن يكلف السفر إلى المريخ، والعودة في اليوم نفسه؛ ولكن من رابع المستحيلات أن يدفع ولو حتى ثمن تذكرة أتوبيس...
المفترض إذن أن أحصل على أقل القليل، وأنفق نصفه على الانتقالات في الوقت ذاته...

وبحسبة بسيطة، قررَّت أن أستقل الميكروباص، من المهندسين إلى محطة رمسيس، ثم أنتقل إلى مترو (مصر الجديدة) من هناك...
كان هذا كفيلاً بتوفير نصف جنيه، يكفى لشراء باكو بسكويت، إذا ما قرصني الجوع..
هذا لأننا لا نحصل على بدل تغذية أيضاً....
المهم أنني -تحت الشمس الحارقة- قطعت هذه الرحلة، التي جعلتني أشبه بالرحّالة (إنديانا جونز)، وهو يبحث عن الكنوز الأثرية المفقودة، وإن كنت أتمنى طبعاً ألا أواجه تلك الأهوال، التي يواجهها في أفلامه....
فمن ناحية النشاط والحركة، ولقطات الأكشن، أنا أقرب إلى (إسماعيل ياسين)، في فيلم (ابن حميدو)، على أقصى تقدير...
المهم أنني في النهاية؛ سواء كنت (ابن بطوطة) أو (بطوط) نفسه، وصلت إلى مسرح الجريمة...
كان المكان مغلقاً، والبواب يتابعني بنظرة شك، وكأنه يدرسني جيداً، وأنا أتجه إلى شقة (صفوت) القتيل، ومن الواضح أنه قد استشف من مظهري أنني ضئيل الشأن، إلى حد يستحيل معه أن أكون أحد ضباط الشرطة، أو حتى أحد خبراء المعمل الجنائي، فقد هتف بي في خشونة:
- ماذا تريد يا أستاذ؟!...
أجبته؛ محاولاً وضع أكبر قدر ممكن من الغطرسة والتعالي والصرامة في صوتي:
- هذه شقة القتيل... أليس كذلك؟!..

واضح أن أسلوبي لم يفلح قط؛ فقد أجابني في خشونة أكثر:
- ماذا تريد منها؟!..

أجبته في سرعة:
- أنا محامي المتهم.

كنت أتصوَّر أن هذه العبارة ستكفى؛ لكي يمنحني شيئاً، ولو قليلاً من الاحترام؛ ولكنه زمجر زمجرة أشبه بزمجرة وحيد القرن (وإن كنت لم أسمع زمجرة وحيد القرن) وهتف:
- اذهب إلى النيابة إذن، واحصل على إذن بدخولها.
وقفت حائراً مرتبكاً...
كيف فاتني هذا؟!...
كيف فاتني أن دخول شقة، كانت مسرحاً لجريمة قتل، سيستلزم حتماً تصريحاً من النيابة...
وهذا التصريح يحتاج إلى يوم كامل للحصول عليه؛ مما يعني أن هذا اليوم، مع كل رحلة العذاب فيه، قد ضاع هباءاً....
إلا إذا....

قفزت الفكرة إلى رأسي فجأة، فسألت الرجل في اهتمام:
- قلت: إنك رأيت الأستاذ (منير) يخرج من هنا مسرعاً، قبل اكتشاف الجريمة... أليس كذلك؟

زفر في توتر، وكأنه مضطر لتكرار أمر يبغضه، وقال:
- كان يجرى وكأنه قد فعلها للتو.

سألته:
- ومتى تم كشف الجريمة بعدها.

هزَّ كتفيه، قائلاً:
- الأستاذ ترك باب الشقة مفتوحاً، مع سرعة فراره، ولقد أقلقني هذا، فطرقت الباب، ورننت الجرس عدة مرات، ولم يستجب أحد، جعلني أدخل في حذر، ففوجئت بالحال.
أدهشني قوله، فسألته، في اهتمام أكبر:
- هذا يعني أنك قد دخلت الشقة، قبل حضور رجال الشرطة.

أشار إلى صدره، قائلاً:
- أنا أبلغت رجال الشرطة.

فسألته، وكأنني أحاول الإيقاع به:
- ولكنك اتهمت الأستاذ (منير) مباشرة؛ فهل أمكنك تعرَّفه بهذه السرعة، على الرغم من أنها أوَّل مرة تراه فيها؟!..

بدت عليه الحيرة، وهو يقول:
- أوَّل مرة؟!... كلا.... إنها ليست أول مرة.

انتقلت حيرته إليَّ أنا، وأنا أسأله:
- هل رأيته قبلها؟!...

أجاب في سرعة:
- بالطبع... إنه يدفع إيجار شقة الأستاذ (صفوت) منذ أكثر من عام.
ومن المؤكَّد أن ملامحي صارت صورة مجسَّمة للبلاهة حينذاك..
فقد كانت المفاجأة مدهشة...
إلى أقصى حد.
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 11:22 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الحلقة السابعة .... المفاجأة

ليست هناك ذرة واحدة من الشك، في أن بوَّاب البناية قد تأكَّد، في تلك اللحظة من أنني شخصية بلهاء؛ فهذا ما أقوله لنفسي كل صباح، عندما ألتقي بوجهي في مرآة الحمام ذات الزاوية المكسورة....
فما بالك بملامحي، في موقف كهذا....
لقد حدَّقت في وجه الرجل على نحو عجيب، جعله يسألني في قلق:
- ماذا بك يا أستاذ؟!

حاولت بسرعة استعادة ملامحي القبيحة، متصوِّراً أن هذا حتماً أفضل من ملامحي البلهاء، وأنا أقول، في شيء من الحدة:
- ولماذا لم تقل هذا لرجال الشرطة؟!

قلب كفيه، مجيباً في بساطة:
- لم يسألني أحد.
ثم استعاد شعوره بالحذر وعدم الاحترام، وهو يضيف.
- أأنت محامي الأستاذ (منير)، أم عائلة المرحوم؟

أجبته في سرعة، محاولاً اكتساب لمحة من احترامه:
- محامي الأستاذ (منير)

بدت عليه دهشة حقيقية، وهو يسألني:
- لماذا تطلب مني إبلاغ الشرطة بهذا إذن؟!

أربكني سؤاله، وجعلني أفيق من أوهامي، وأدرك أنني مجرَّد وكيل محام، لكرش الأستاذ (حازم)..
أو لجزء منه على الأقل....
هناك نقاط عديدة تغيب عن ذهني...
نقاط حيوية للغاية....

نقاط جعلتني أجيبه في عصبية:
- لم أطلب منك إبلاغهم... فقط سألتك إذا كنت قد فعلت..

مال نحوي، متسائلاً في شيء من الخبث:
- وهل تريد مني ألا أفعل؟!!

أدهشني أسلوبه هذا؛ ولكنه أعطاني لمحة عمن يكون....
هذا حتى قبل أن يعتدل؛ مكملاً بلهجة خاصة:
- أنا رهن إشارتك.

كان من الواضح أنه يطلب رشوة، مقابل إغلاق شفتيه، وإخفاء المعلومة....
رشوة لم أكن بقادر على منحه إياها، حتى لو أردت...

ففي جيبي الهزيل، لم أكن أملك سوى أجر العودة إلى منزلي؛ بالإضافة إلى جنيهات قليلة، تكفي بالكاد للأيام الثلاثة المتبقية، قبل موعد قبض أجر الشهر التالي....

وكمحاولة لمحاورته، سألته في حذر:
- وماذا عن العدالة؟

قلب شفتيه في غضب، وقال:
- أية عدالة؟!... (صفوت) هذا كان يستحق القتل ألف مرة.

أدهشني رد فعله، ودفعني إلى سؤاله:
- لماذا بالضبط؟!

أشار بيده إشارة حادة، وهو يجيب:
- كان يحيا على نفقة الأستاذ (منير)، وعلى الرغم من هذا، لم يدفع أجري منذ شهور.

بدت لي هذه نقطة تستحق التوقف؛ فسألته:
- ولماذا لم تطلبها من الأستاذ (منير)؟!

هتف هتف محنقاً:
- رفض أن يدفعها.

بدا لي الأمر عجيباً حقاً...
الأستاذ (منير) يدفع أجر الشقة، ويرفض أن يدفع جنيهات قليلة أجراً للبوَّاب...
فلماذا؟!...
لماذا؟!....
وفجأة، خطرت ببالي فكرة...

فكرة جعلتني أسأل البوَّاب، في لهفة لم أستطع مداراتها:
- منذ متى يقيم الأستاذ (صفوت) هنا؟!

مط شفتيه، وهز كتفيه، قائلاً:
- منذ ثلاثة عشر شهراً.

ثم استطرد في حدة:
- ولم يدفع أجرى، إلا خمسة أشهر منها فحسب.

أعتقد أن عبارته الأخيرة دخلت عقلي الباطن فقط؛ فقد كان عقلي الواعي منشغلاً للغاية....

ثلاثة عشر شهراً؛ أي نفس الموعد، الذي لقيت فيه السكرتيرة السابقة للأستاذ (منير) مصرعها...

السكرتيرة، التي هي في الواقع شقيقة (صفوت)...
الأستاذ (منير) إذن يدفع إيجار شقة شقيق السكرتيرة، التي اتهموه بقتلها....
وذلك الشقيق يطارده، ويتهمه بقتل أخته...
ثم يموت!!....

فما الذي يعنيه كل هذا؟!...
ما الذي يعنيه؟!....
* * *
"أنت شخص غبي..."...

صدمني الأستاذ (حازم) بهذه الصرخة، بعد أن رويت له كل ما حدث، وازداد احتقان وجهه على نحو جعلني أشبهه بثمرة بطيخ بدون قشرة، وهو يكمل:
- لماذا لم تنبه البوَّاب أيضاً أن يفعله، حتى يضمن خسارتنا لقضيتنا.

غمغمت، محاولاً منع ارتجافتي:
- إنه لن يخبر الشرطة؟!..

هتف في غضب:
- ومن أدراك؟!...

أجبته مرتبكاً:
- هو قالها؟!...

صرخ، وهو يضرب سطح المكتب في قوة، جعلته يبدو أشبه بالرجل الأخضر... أو الأحمر على وجه الدقة:
- وماذا عن محامي الخصم... هل سيعده أيضاً بأن يتحدَّث.

اتسعت عيناي، وأنا أغمغم مصدوماً:
محامي الخصم؟!.

صرخ في ثورة:
- ألم أقل لك: إنك غبي... هل تصوَّرت أن عائلة (صفوت) لن توكل محامياً، لإدانة من قتل ابنها؟!

سألته في توتر:
- ومن هو؟!

كاد يشد شعر رأسه، أو ما تبقى منه، وهو يصرخ
- غبي... غبي... غبي.

أدركت أن كل حرف أنطق به، يأتيني برد فعل صارم غاضب؛ لذا فقد آثرت الصمت، وانكمشت في ركن المكتب، وهو يكمل كعاصفة ذات كرش ضخم:
- لا يهم من هو المحامي بالضبط... المهم أنه سيكون هناك حتماً واحد يقف ضدنا، ولابد وأن نمنعه من معرفة ما قاله البوَّاب، الذي رفضت أن تعطيه رشوة، أيها البخيل الأحمق...

بخيل... وأحمق؟!...
أنا؟!...
فكرت جدياً، في هذه اللحظة، في أن ألقي نفسي من نافذة المكتب، لأتخلص من هذه الحياة البائسة....
أو إلقاء نفسي تحت أوَّل سيارة مسرعة، فور خروجي من هنا....

وماذا عن أسطوانة الغاز نصف الفارغة في مطبخي...
أو ذلك السكين اليتيم الوحيد الذي أمتلكه....
أو الــ....

" هل تسمعني؟! "....
انتزعتني صرخة الأستاذ (حازم) من أفكاري الانتحارية؛ فأومأت إليه برأسى إيجاباً، دون أن أنبس ببنت شفة، فأخرج من جيبه رزمة نقود، ألقاها في عنف على سطح مكتبه، وهو يقول في حدة:
- هيا... عد إلى البوَّاب، واشتر سكوته.

أحنقني المبلغ الضخم، الذى سيرش به البوَّاب، وإن كنت أعلم أنه سيأخذ ضعفه من الأستاذ (منير)؛ ولكنني عدت مستسلماً إلى ذلك البوَّاب، الذي استقبلني في برود عجيب، وهو يسألني:
- خيراً...؟

ناولته المبلغ، وأنا أقول في حقد واضح:
- أهذا يكفي؟!...

تفقد المبلغ في لا مبالاة واضحة، وكأنه اعتاد التعامل بمبالغ كبيرة، ثم قال في استهتار:
- هل تريد معرفة أي شيء آخر؟!..

قلت في حزم غاضب:
- هذا لكي تغلق فمك.

دس المبلغ في جيب جلبابه، وهو يقول:
- أنا رجل كريم.

أحنقني أسلوبه أكثر، وسألته، من باب الاستفادة بكل قرش من المبلغ:
- هل كان هناك من يتردَّد على (صفوت) في انتظام؟!

أجاب في سرعة:
- فقط تلك الفتاة.

سألته في دهشة:
- أية فتاة؟!
شمله حماس، ليس له ما يبررَّه، وهو يصف تلك الفتاة في دقة مدهشة، كان وصفها ينطبق على فتاة أعرفها جيداً....
(ماسي).... سكرتيرة (منير صفوان) الجديدة.
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 11:24 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الحلقة الثامنة .... السكرتيرة

وفقاً لما رواه لي بوَّاب البناية؛ فالسكرتيرة (ماسي) كانت تتردَّد بانتظام على (صفوت)، مرة واحدة شهرياً على الأقل، وتقضي معه ما يقرب من نصف الساعة، ثم تنصرف..

وخلال الشهرين الماضيين، زادت نسبة ترددَّها عليه، على نحو ملحوظ؛ فقد أصبحت تزوره مرة أسبوعياً، ولمدة ساعة كاملة، ثم تنصرف بعدها مسرعة، متحاشية أن يراها أحد...

ولقد كانت آخر زيارة لها، قبل مقتل (صفوت) بيوم واحد بالضبط..

وعلى الرغم من أنني لم ألقي على البوَّاب سؤالاً آخر، فقد أطلق ما عرفته في ذهني سؤالاً خطيراً للغاية.....

ما علاقة (ماسي) بالقتيل بالضبط؟!...
وهل يعلم الأستاذ (منير) بهذه العلاقة؟!...
هل؟!....
تركت البناية، وعدت أستقل مترو (مصر الجديدة)؛ متجهاً إلى محطة (رمسيس)، وذهني يموج بأسئلة فرعية، كادت تلتهم رأسي بلا رحمة....

ثم، هل أخبر الأستاذ (حازم) بهذا الجديد، وأحتمل اتهامه لي بالغباء مرة أخرى، أم أخفي هذا في أعماقي؟!...

لم يكن الجواب عسيراً، فور أن تذكَّرت كيف كنت أقف أمامه مرتجفاً كالفأر المذعور، الذي ينكمش أمام أكبر قط بكرش، في الدنيا كلها، مرتجفاً مذعوراً، ينتظر لحظة التهامه....

وأنا نحيل للغاية، لن يشبع التهامي أحد، اللهم إلا كلباً من الكلاب الشرهة، التي تهوى قرقشة العظام.....
انتفض جسدي، وأنا أتخيل صوت قرقشة عظامي، ووجدت نفسي أهتف:
- يا للبشاعة!
التفت إليّ كل ركاب المترو في دهشة مستنكرة، وشعرت أنهم جميعاً يُرَدّدن الكلمة نفسها، وهم ينظرون إلى وجهي القبيح، وجسدي النحيل غير المتناسق...

ولأنني قوي العزيمة شديد الحساسية، فقد تركت المترو، قبل أن يصل إلى محطة (رمسيس)،قبل أن تخترقني نظرات الركاب، وتصم أذنيَّ همهماتهم الساخطة....

وعلى مسار محطتي مترو، رحت أسير في الطريق، وأنا ألعن تلك الكلمة، التي أفلتت مني، دون أن أشعر...

ولكن هذه التمشية الإجبارية، كان لها تأثير كبير على ترتيب أفكاري في هذا الشأن.

الأستاذ (منير) لا يعلم حتماً علاقة (ماسي) بـ(صفوت) شقيق سكرتيرته الراحلة، والذي ظل يبتزه بتهديداته المستمرة، بأن يشوَّه سمعته، عن طريق اتهامه المستمر بقتل شقيقته، ولكي يتفاداه الأستاذ (منير) ويحافظ على سمعته، استجاب لتهديداته، وراح يسددَّ عنه إيجار شقته في انتظام، وفقاً للاتفاق...

لهذا رفض دفع راتب بوَّاب البناية؛ لأنها خارج الاتفاق...

أما (ماسي)؛ فقد دسَّها (صفوت) على (منير)، حتى تنقل إليه أخباره أوَّلاً بأوَّل؛ فيظل تحت سيطرته طوال الوقت....

تحليل ممتاز، جعلني أشعر وكأنني (ماجد المصري)،بجسده الضخم، وعضلاته المفتولة، وهو يلعب دور مخبر سري عبقري، و.....

وفجأة، ارتطم ذهني بسؤال، حوَّلني من (ماجد المصري) إلى (ماجد الكدواني) دفعة واحدة...
كل هذا جميل؛ ولكنه لا يجيب السؤال الأساسي...
من قتل (صفوت)؟!....
من صاحب المصلحة من قتله؟!....
الأستاذ (منير) لديه شهود عديدون، على أنه كان بعيداً عن مسرح الجريمة، عند ارتكابها.....
و(ماسي) كانت معه، ولا مصلحة لها في مقتل (صفوت)....
والبوَّاب....

لحظة.... لماذا لم يتهم أحدٌ البوَّاب؟!....
إنه يكره (صفوت)، وتشاجر معه أكثر من مرة، وبصماته ستتواجد حتماً في مسرح الجريمة، وهو بررَّها بدخوله إلى هناك، عقب انصراف الأستاذ (منير) مباشرة....

فلماذا نفترض أنه صادق في هذا؟!...
الأستاذ (منير) قال: إن (صفوت) كان صريعاً، عندما وصل إليه؛ فلماذا لا يكون البوَّاب قد قتله قبلها؟!...
لماذا؟!...
انتبهت فجأة إلى أنني قد تجاوزت محطة (رمسيس)، وأصبحت قريباً من ميدان التحرير، دون أن أنتبه إلى هذا، في غمرة انشغالي بالتفكير في الأمر....

وفور انتباهي إلى هذا، شعرت بآلام مبرحة في ساقيَّ النحيلتين، وبدت الرؤية مشوَّهة أمام عينيَّ؛ فتوقفت مستنداً إلى جدار قديم، وأنا أسب الأستاذ (حازم) في أعماقي؛ لأنه لولا تقمصه لشخصية عم (دهب)، لوجدت ما يكفي لأستقل سيارة تاكسي إلى منزلي...
وعلى الرغم مني، أكملت السير حتى ميدان التحرير، ومن هناك استقليت ميكروباصاً إلى منزلي....
ونمت...
لا أستطيع أن أصف إلا بأنني قد نمت؛ فما إن وصلت إلى منزلي، حتى ألقيت ملابسي، وقفزت إلى السرير.... ونمت...
وعندما استيقظت في الصباح التالي، شعرت بثقل كبير يجسم على صدري، ويرهق أنفاسي...
لم يكن مرضاً والحمد لله؛ وإنما كان شعوري بأنه يجب أن أبدأ كل شيء من جديد....
وبمنتهى الإرهاق، أنهيت الروتين اليومي، وغادرت منزلي في تكاسل معتاد، وانتظرت الميكروباص التقليدي، وركبته، وأنا أقاوم رغبتي الشديدة في استمرار النوم، حتى لا أفقد نقطة نزولي، وقررَّت التركيز على الطريق؛ حتى وصلت إلى قرب المكتب؛ فاتجهت إليه، وأنا أشعر بضيق شديد؛ لأنني سأواجه الأستاذ (دراكيولا)...
أقصد الأستاذ (حازم) مرة ثانية، و....
وفى بلاهة، كادت تصبح سمة من سمات شخصيتي، وقفت أحدَّق في باب المكتب المغلق....
إنها التاسعة إلا ست دقائق، ومن غير الطبيعي أن يكون الباب مغلقاً حتى هذه اللحظة.
صحيح أن (حلمي) والآنسة (حنان) يصلان في التاسعة، أو بعدها بقليل... أو كثير، ولكن (حسن) يصل دوماً في الثامنة؛ ليقوم بتنظيف المكتب، وترتيبه، وإعداده لوصولنا، و...
توقفَّت أفكاري دفعة واحدة، عندما وقع بصري على تلك اللوحة الصغيرة، المعلَّقة على باب المكتب...
اللافتة التي تحوي مواعيد العمل الرسمية...
وشعرت في أعمق أعماقي بغضب، ما بعده غضب...
المكتب، كمعظم مكاتب المحامين، يحصل على إجازته الأسبوعية يوم الخميس؛ باعتبار أن الجمعة إجازة محاكم، والسبت يوم عمل، ومعظم العملاء لا يحضرون المستندات المطلوبة لقضيتهم؛ إلا في آخر لحظة، مما استتبع أن تكون مكاتب المحامين، في أغلبها مفتوحة أيام الجمع، ومغلقة أيام الخميس.....
وأنا لم أنتبه إلى هذا، وانتزعت نفسي من فراشي، وتحملت زحمة وضوضاء الميكروباص، وجئت إلى مكان أبغضه.. في يوم الإجازة...
مرة أخرى، شعرت أننا داخل مجلة (ميكي)، وأنني واحد من أهم وأشهر شخصياتها
(بندق)....
* * *
أرجوكم، لا تسألوني كيف حدث هذا، ولا كيف قادتني قدماي إلى هناك، ولكنني وجدت نفسي فجأة، في مكتب الأستاذ (منير)، في شارع جامعة الدول العربية....

ولقد استقبلتني السكرتيرة (ماسي) في دهشة، وهي تقول:
- أستاذ (خليل).... يا لها من مفاجأة!
قلت مصححاً:
- (خالد)... اسمي (خالد) يا آنسة (ماسي).
ألقت نظرة طويلة عليَّ، من أعلى إلى أسفل، قبل أن تمط شفتيها، قائلة:
- (خليل) يناسبك أكثر.
لم أفهم بالضبط ما تعنيه بهذا، واشتممت فيه رائحة سخرية من نوع ما، ولكنني كتمت هذا في أعماقي، وأنا أقول:
- والداي لم يوافقاك الرأي.
ابتسمت ابتسامة غامضة، وهي تقول:
- ربما لم يتوقعا ما ستكون عليه..
هضمت هذا أيضاً في صعوبة، وشعرت أنه أصابني بشيء من عسر الهضم، وهي تضيف، في لهجة أشبه بالتحذير:
- هل تريد مقابلة الأستاذ (منير)؟!..
تجاهلت سؤالها تماماً، وأنا أسألها مباشرة:
- منذ متى تعملين هنا يا آنسة (ماسي)؟!
بدا وكأن السؤال قد فاجأها، فتراجعت بحركة حادة، وهي تقول في عصبية:
- وما شأنك بهذا؟!
كنت أهم باختراع جواب ما، عندما سمعت صوتاً هادراً يهتف في غضب:
- ماذا تفعل هنا؟!
وكاد قلبي يتوقَّف بالفعل..
فالصوت كان صوت (دراكيولا)..
الأستاذ (حازم).. شخصياً.
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 11:25 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الحلقة التاسعة ....دراكيولا....

كنت أنوي أن أروي لكم ما فعله بي الأستاذ (حازم)، الذي ذهب لمقابلة الأستاذ (منير)؛ ليحصل على شيك من شيكاته، عندما فوجئ بي هناك؛ ولكن كرامتي تأبى علىَّ أن أروي هذا....
أو هي تلك الإصابة في فكي....
أو كلاهما....
المهم أنني لن أروي ما حدث، وسأكتفي بأن أقول: إن المواجهة مع مصاص الدماء (دراكيولا)، كانت ستبدو أشبه بفيلم كوميدي، مقارنة بما حدث....

المهم أنني غادرت مكتب الأستاذ (منير)، وأنا أجر أذيال الخيبة، وساق مصابة بركلة مباشرة، وركبت الميكروباص اللعين، الذي لا يحترم أي قاعدة من قواعد المرور، ولا حتى قاعدة (أرشميدس)، والذي يسير في الطرقات في سرعة، متصوراً أنه (موتوسيكل)....

المهم أنه قد أوصلني إلى منزلي، الذي لم أكد أدخله، حتى أطلقت العنان لتأوهات الألم، التي كتمتها في أعماقي طوال الطريق، وتركت دموعي تنهمر على وجهي، من شدة القهر والألم، وحاولت أن أصنع لنفسي كوباً من الشاي، ولكنني واجهت عقبتين رئيسيتين....
لم يكن لدي سكر...
ولم يكن لدي شاي....
لذا؛ فقد اكتفيت بالاستلقاء على فراشي، الذي لم أغيرَّ ملاءاته منذ ستة أشهر، وأنا أسترجع كل شيء....

بالطبع لم أسترجع ما فعله بي الأستاذ (دراكيولا)؛ لأنني بطبعي أكره الخوض في الأمور المحزنة والمؤلمة....

لقد استعدت فقط تفاصيل قضية الأستاذ (منير)....
واستوقفتني بضع نقاط أساسية....
لماذا لم يوجّه أحد أي اتهام للبوَّاب...
ولماذا انزعجت (ماسي)، عندما سألتها: متى بدأت عملها، عند الأستاذ (منير)؟!...

وهنا أدركت أنني قد أخطأت، عندما وجهت هذا السؤال إلى الآنسة (ماسي)؛ فقد كان ينبغي أن أوجهه إلى الأستاذ (منير) نفسه، ولكن أسلوبها الاستفزازي معي، هو الذي دفعني إلى توجيه هذا السؤال إليها....

ثم أن وصول (دراكيولا) أفسد كل شيء.....
وما فعله معي سيمنعني من دخول مكتب الأستاذ (منير) مدى الحياة...
أو ربما بعد هذا أيضاً.....
غرقت طويلاً في هذه الأفكار، وأنا راقد على فراشي، و.....
اسيقظت فجأة....
لم أدر حتى متى استغرقت في النوم؛ ولكنني استيقظت على رنين هاتفي المحمول الصغير جداً، صاحب الرنين المرتفع جداً، فقفزت من فراشي مذعوراً، وصرخت صرخة عالية؛ لأنني هبطت على ساقي المصابة، ولكنني تحاملت على نفسي، والتقطت الهاتف، قائلاً في صوت امتزج فيه الألم بالفضول:
- من؟!..
وجاءني آخر صوت أتخيل سماعه في الدنيا، وهو يقول:
- أستاذ (خالد)..
خٌيّل إلي في البداية أنني لم أميَّز الصوت جيداً، ثم لم ألبث أن تعرَّفته، فقلت في لهفة وحماس:
- الأستاذ (منير)؟!
قال في هدوء، لا يتناسب مع شخص متهم بارتكاب جريمة قتل:
- دعني أوَّلاً أعتذر عما حدث في مكتبي.... لقد حاولت منع الأستاذ (حازم)، ولكنه كان ثائراً للغاية، ولست أدري لماذا؟!
غمغمت في مرارة، مسترجعاً العلقة كلها:
- أنا أعرف.
لم يبد لي أنه حتى قد سمع ما قلته، وهو يقول:
- الأستاذ (حازم) لا يعرف لماذا جئت إلى مكتبي، ولعل هذا سبب ثورته، فهل تسمح لي بسؤالك عن هذا، دون أن أسببَّ أي حرج؟!
أدهشني أسلوبه شديد الاحترام والتهذيب، ربما لأنني لم أعتده لا منه، ولا من أي شخص آخر، فهتفت في حماس:
- بالطبع.
سألني في اهتمام شديد:
- لماذا زرت مكتبي، يا أستاذ (خالد)؟!
خُيَّل إلي أن لهجته قد فرغت من ذلك التهذيب اللطيف، واكتسبت رنة شرسة إلى حد ما، فأجبت في تردُّد:
- أردت فقط أن أسألك، منذ متى تعمل الآنسة (ماسي) لديك؟!
جاوبني صمت مطبق لعدة ثوان، قبل أن يقول الأستاذ (منير)، في شراسة واضحة هذه المرة:
- ولماذا أردت هذا؟!
قلت مرتبكاً:
- أردت فقط أن أعرف، لو أن....
قاطعني في توتر عصبي:
- هل تشك في (ماسي)؟!
من المؤكَّد أن صمتي قد أصابه بالمزيد من التوتر، فقال في حدة:
- فيم تفكَّر؟!
أدهشني بشدة ذلك التحوّل الشديد في أسلوبه، فقلت مرتبكاً بشدة:
- أستاذ (منير).... أنا أدرس كافة الاحتمالات فحسب.
قال في حدة:
- لا يوجد أي احتمال... (ماسي) كانت معي هنا في المكتب، في الموعد الذي حددتموه لوقوع الجريمة.
قلت مندهشاً:
- ولكنني لم أتهمها قط بارتكابها.
سألني في لهجة، أقرب إلى الصراخ:
- فيم تشك فيها إذن؟!
لم أجد بداً من أن أصارحه بالموقف، وأنا أقول:
- أستاذ (منير)، هل كنت تعلم بوجود علاقة بين سكرتيرتك والأستاذ (صفوت)؟!
طال صمته هذه المرة، قبل أن يقول، في صوت واضح الغضب:
- من أخبرك بهذا؟!
أجبته متردّدَاً:
- بوَّاب بناية (صفوت).
طال صمته، وطال، وطال، حتى أنني سألته في قلق:
- أستاذ (منير)... أمازلت هناك؟!
أجابني بصوت مختنق:
- أشكرك يا أستاذ (خالد).... أشكرك كثيراً.
وقبل أن أسأله عما يعنيه، أنهى الاتصال دفعة واحدة...
وانعقد حاجباي في توتر....
لقد كان الأستاذ (منير) يتحدَّث من تليفون مكتبه، وعندما أنهى المحادثة، ظل الخط بعدها مفتوحاً لحظة، سمعت بعدها صوت إغلاقه....

وكان هذا يعني شيئاً واحداً.....
هناك من كان يستمع إلى المحادثة....
ومن داخل مكتب الأستاذ ( منير)...
وكرد فعل غريزي، قفز إلي اسم واحد....
(ماسي).....
وشعرت بقلق شديد....
فلو أنها من كان يستمع إلى حديثي مع الأستاذ (منير)؛ فهذا يعني أنها تعرف أمرين هامين الآن.....
أوَّلهما: أنني قد كشفت علاقتها بالقتيل (صفوت).....
وثانيهما: أنني أخبرت الأستاذ (منير) بهذا....
فكيف سيكون رد فعلها إذن؟!...
كيف؟!....

شغلني الأمر كثيراً؛ حتى أن الوقت مرَّ سريعاً، وهبط الليل، وتوغَّل، حتى بلغت الساعة منتصف الليل تقريباً.
ولسبب ما، شعرت برغبة عارمة في شرب كوب من الشاي، في هذا الوقت المتأخَّر، على الرغم من معرفتي أنني لا أمتلك السكر، أو حتى الشاي....

فكّرت أن أقترض بعض الشاي والسكر، من جاري الأستاذ (علي)؛ ولكنني تذكَّرت كيف ترمقني زوجته بنظرات نارية ملتهبة، كلما رأتني على السلم، وتصوَّرت ما يمكن أن تفعله بي، لو دققت بابهم، في هذه الساعة.....

ولما كانت رغبتي في شرب الشاي ملحَّة، قررت أن أتحامل على نفسي، وأهبط إلى ذلك المقهى، عند ناصية الشارع، لتناول كوب من الشاي، وصل ثمنه إلى جنيه كامل، وأمري إلى الله....
فعلتها، وغادرت المنزل، وبدأت أهبط في درجات السلم، لخمسة طوابق كاملة، و...
التقيت بهذين الرجلين على السلم....
اثنان ليسا من سكان البناية، ويبدوان أشبه بالمصارعين، رمقاني بنظرة شرسة، وأحدهما يسألني في خشونة:
- أتعرف أين شقة (خالد خيري)؟!
أدهشني سؤالهما؛ فقلت في تردد:
- أنا ( خالد خيري).... من يريدني؟!
لم ينطق أحدهما بحرف واحد...
فقط انقضا عليّ، وحملاني كورقة شفَّافة، ودون أية مناقشة، ألقياني في بئر السلم
من الطابق الرابع.
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
قديم 06-10-09, 11:26 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 100009
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: السنيورا الغامضة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السنيورا الغامضة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : السنيورا الغامضة المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

الحلقة العاشرة .....السقوط....


منذ طفولتى، وأنا مصاب بهلع مرضي من المرتفعات، حتى أنني أعجز عن مجرَّد النظر من مكان مرتفع....

وعندما بدأت رحلة البحث عن شقة صغيرة، في قلب القاهرة، كنت أبحث باستماتة عن شقة في الطابق الأرضي، أو حتى تحت الأرضي، ولكن من العسير، بل من المستحيل، في بلد مثل (مصر)، وفي عاصمة تعد من أكثر عواصم العالم ازدحاماً، مثل (القاهرة)، أن تسكن في شقة تناسبك، وخاصة لو كنت مثلي، تبحث عن شقة صغيرة، تناسب إمكانياتك، شبه المنعدمة.....

وللأسف، لم أجد سوى شقة صغيرة (جداً)، من حجرة واحدة، في الطابق الخامس من بناية نصف قديمة، ارتفاعها خمسة طوابق فحسب....

ولا أصف الشقة بالطبع، فهي مجرَّد حجرة واحدة ودورة مياه، وقليل جداً جداً من الأثاث، ولها نافذة واحدة، لم أفتحها منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام، هي كل فترة إقامتي في الشقة.....
تصوَّر الآن حال شخص مثلي، يلقيه مصارعان قويان، من الطابق الخامس!!...

الأمر كله لم يتجاوز لحظات، بدت بالنسبة لي أشبه بدهر كامل، وأنا أسقط....
وأسقط....
وأسقط....

ويمكنك أن تكررَّ هذا السطر الأخير، إلى ما لا نهاية، وتضيف إليه أنني كنت أصرخ.... وأصرخ، ويمكنك تكرار الكلمة إلى أبد الآبدين....

كنت واثقاً من أنني أشهد آخر لحظات حياتي البائسة، ولم أدر لحظتها هل ينبغي أن يفرحني هذا؛ لأنني سأنهي عمراً من الفشل والإحباطات المتتالية، أم يحزنني؛ لأنني لم أحظ بكوب الشاي بعد؟!....
وعلى أية حال، فالوقت لم يكن يكفي للشعور بهذا أو ذاك؛ فقبل حتى أن أتخذ قراري
ارتطم جسدي....
ولم أصدق نفسي حينذاك.....
لقد كان أمراً أشبه بما يحدث في أفلام السينما الساذجة، التي تمتلئ بالمصادفات المدهشة، دون أي تبرير منطقي....

فأنا لم أرتطم بالأرض....
بل بكومة كبيرة من الأثاث والمفروشات، التي أحضروها لفرش شقة العروس الجديدة، في الطابق الأول....

فجأة، شعرت بجسدي يرتطم بمرتبة إسفنجية سميكة، ثم يرتفع بضعة سنتيمترات، ويرتطم بها مرة ثانية، ثم ينزلق عنها إلى كنبة كبيرة، ومنها إلى الأرض....

كانت صدمتي بالأرض مؤلمة؛ ولكنها لن تقارن طبعاً بما يمكن أن تكون عليه، لو ارتطمت بالأرض، في غياب هذا الأثاث....

المهم أنني، وأنا ملقى أرضاً، سمعت صوت المصارعين يهبطان في درجات السلم في سرعة، فمنحني هذا قوة مدهشة، جعلتني أقفز واقفاً على قدميَّ، وأعدو بكل قوتي خارجاً....

ولأن الشارع الذي أسكنه صغير، وفي حي شعبي معروف / متاخم لمنطقة المهندسين، فقد هبَّ الكل إليَّ في دهشة وقلق، والتفوا حولي يسألونني عن سبب كل هذا الذعر الذي يملؤني.....

وبكل رعب وارتجاف الدنيا، أخبرتهم....
ولثوان، حدَّق في الجميع، كما لو كنت مجنوناً، ثم فجأة، وكما يحدث في الأحياء الشعبية كلها، اندفع الكل في حماسة وشهامة نحو منزلي؛ بحثاً عن المصارعين....

والمدهش أنهم لم يعثروا لهم على أدنى أثر!!!...

من الواضح أنهما قد استغلا حالة الهرج والمرج في الحي، ولاذا بالفرار بأقصى سرعة....

ولكن عملية البحث استغرقت ما يقرب من ثلاث ساعات كاملة، في المبنى والمباني المجاورة، قبل أن يقول المعلم (ماجد)، صاحب المقهى في استخفاف:
- يبدو أنه كان كابوساً يا أستاذ (خالد).

كان ينطقها دوماً بتفخيم حرف الخاء، على نحو مستفز، جعلني أقول، في شيء من الحدة:
- وهل سيلقيني الكابوس من الطابق الخامس؟!..

نظروا إلى بعضهم البعض في حسرة، كما لو أنهم يسمعون قصة مجنونة كصاحبها، ثم ربَت المعلم (ماجد) على كتفي، قائلاً:
- عد إلى منزلك يا أستاذ (خالد)، وتأكد من إحكام الغطاء حولك هذه المرة...

لم أحاول حتى مناقشته، أو معاتبته على ما قاله، ونسيت حتى أن أتناول كوب الشاي، وأنا أعود إلى شقتي، وأغلق بابها عليَّ في أحكام، وأضع خلفه المنضدة اليتيمة التي أملكها، والتي سيزيحها هذان المصارعان كلعبة صغيرة حتماً، إذا ما عادوا مرة أخرى....

كانت الساعة قد تخطت الثالثة صباحاً، فحاولت أن أنام، حتى يمكنني القيام بالواجبات المعتادة، وتحَّمل سخافات كرش الأستاذ (حازم)، عندما أذهب إلى المكتب، بعد بضع ساعات....

ولكن هيهات....
هيهات أن يزور النوم عيناً رأت ما رأيته أنا، في هذه الليلة الليلاء....
هيهات...

ولخمس ساعات كاملة، ودن أن أرفع عيني عن باب الشقة، رحت ألعن ذلك الذي تورَّطت فيه....

صحيح أنني أسعد كثيراً بلعب دور (شيرلوك هولمز)، إلا أنني لست مستعداً أبداً للعب دور (جيمس بوند)....
مهما كانت الأسباب....

صحيح أن (شون كونوري) يمتلك جاذبية خاصة، وكذلك (روجر مور) و(ثيموثي دالتون)، و(بيرس برسنان)، وحتى ( دانيال كريج)، إلا أن أحداً منهم لا يشبهني قط....

كلهم لديهم لحم يكسي عظامهم على الأقل....
ثم لماذا حاول هذان المصارعان قتلي؟!...

لا ريب في أنني قد عرفت سراً، لم يكن ينبغي أن أعرفه....
سر عرفوا أنني أعرفه....
ما هي علاقة (ماسي) بالقتيل؟!...
أم أن الأستاذ (منير) كان يدفع إيجار شقة صفوت؟!....

بحسبة بسيطة، أدركت أن الاحتمال الأول هو الأكثر منطقية، خاصة وأنني واثق من أن (ماسي) قد سمعت حديثي مع الأستاذ (منير)، عندما أخبرته بهذا....

ولكن هل يمكن أن تمتلك (ماسي) هذه العقلية الإجرامية، التي تدفعها إلى استئجار قاتلين محترفين؛ لقتل شخص ضئيل مثلي، كان يكفيه كلب من نوع اللولو، لأداء المهمة نفسها بكفاءة؟!...
أم أن لها شريكاً آخر؟!

كانت الساعة تدق تمام الثامنة، عندما قفزت إلى ذهني هذه الفكرة، وقفزت أنا بدوري من فراشي، وانأ أرتجف حماساً....
نعم... هذا يفسر كل شيء....

(ماسي) لها شريك.....
شريك قتل (صفوت)، في نفس الوقت الذي كانت فيه هي تثبت وجودها في المكتب، مع الأستاذ (منير).....

لهذا أكدت حجة غيابه في حماس....
فحجة غيابه، تعتبر في الوقت ذاته، حجة غيابها هي....
ولكن من هذا الشريك؟!...
من؟!....
* * *

كان صباحاً مرهقاً منذ بدايته....

الميكروباص صدم سيارة شرطة، والتف المخبرون حوله، وسمعنا صوت رنين أكفهم على قفا السائق، واضطررنا للنزول، وإيقاف ميكروباص آخر، ووصلت إلى المكتب متأخراً نصف ساعة كاملة، والأسوأ أنني وجدت الأستاذ (حازم) هناك، بكرشه الضخم، ووجهه البطيخى الغاضب، وصراخه الذي كاد يلقيني خارج المكتب كعاصفة من النار، فور دخولي....

وعلى غير المعتاد، وبخني الأستاذ (حازم) أمام الجميع، ولكنه لم يستخدم يديه أو قدميه كالمعتاد، والحمد لله، ثم طردني تقريباً من المكتب، ليس بصفة دائمة، ولكن لكي أكمل جمع ما يريد من معلومات، وهو يصرخ في وجهي:
- نريد معلومات لصالح الموكَّل، وليس ضده أيها الغبي.

خرجت من المكتب مسرعاً، حتى أهرب من نظرات الزملاء، وما إن أصبحت في الشارع، حتى شعرت براحة عجيبة....

راحة جعلتني أستقل أول ميكروباص صادفني، وأتجه به إلى محطة (رمسيس)، في طريقي إلى (مصر الجديدة)، حيث منزل القتيل....

وعندما وصلت إلى المكان، وقبل أن أتجه إليه مباشرة، رأيت مشهداً جعلني أتسمر في مكاني لحظة، ثم أسرع بالاختفاء.....

لقد كانت (ماسي) هناك، تقف مع البوَّاب، وتتحدَّث إليه في مودَّة مدهشة.....
مودَّة جعلتني أدرك الحقيقة.....
حقيقة شريك (ماسي).
* * *

 
 

 

عرض البوم صور السنيورا الغامضة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جريمة رقمية ، نبيل فاروق
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:39 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية