الفصل التاسع : الخطر...
" كم تبقى على وصولنا ؟"
تمتم بها ( مروان ) وهو يعدل منظاره الطبى فوق عينيه , فأجابه ( حاتم ) دون أن يفتح عيناه , أو يعتدل فى مقعده :
- عندما نصل , سيبلغوننا ذلك .
تأمله ( مروان ) قليلًا , وحاول الاسترخاء فى مقعده , مغمغماًً :
- ليت لي مثل هدوءك هذا .
غمغم ( حاتم ) :
- عجبًا .. كنت أظن الأطباء النفسيين , أكثر أهل الأرض هدوءًا .
تمتم :
- ليس كلهم .
سأله ( حاتم ) ببطء :
- أأنت نادم على قبول هذه المهمة ؟
أجابه بسرعة :
- مطلقًا .
وصمت برهة, ثم استطرد قائلًا :
- ولكنها المرة الأولى لى .
غمغم ( حاتم ) بسخرية :
- يا للمصادفة ! .. إنها المرة الأولى لى أيضًا .
تمتم بضيق :
- على الأقل أنت رجل عسكري و..
قاطعه ( حاتم ) بصرامة مباغتة :
- اصمت .
ابتلع ( مروان ) لسانه وحدق فى وجهه بدهشة , بينما أضاف ( حاتم ) بنفس اللهجة الصارمة , وبصوت خافت :
- أين تظن نفسك جالسًا ؟ .. لم لا تخبر الجميع بهويتنا ومهمتنا أيضًا ؟
غمغم بارتباك :
- لم أقصد هذا و ..
قاطعه ( حاتم ) مرة أخرى :
- خذ حذرك جيدًا يا ( مروان ) .. نحن لسنا فى نزهة أو رحلة استجمام .. ينبغي أن تدير ما تريد قوله فى رأسك أكثر من مرة قبل أن تقوله .. لا أحد يدرى من يمكن أن يصله حديثك .
تمتم ( مروان ) :
- أعتذر مرة أخرى .
غمغم (حاتم ) برفق :
- لاعليك .. حاول أن تسترخي قليلًا وتريح أعصابك , فأمامنا يوم شاق .
تمتم :- سأحاول .
نطقها وأسبل جفنيه محاولًا الاسترخاء ..
" ما رأيك فى رفيقينا ؟ "
همس بها ( شريف ) , فقالت ( ريهام ) :
- ماذا تقصد؟
همس مرة أخرى :
- أتظنهما قادران على أداء هذه المهمة معنا ؟
غمغمت :
- مادام الأستاذ قد اختارهما بنفسه , فلابد إذن أنهما قادران .
سألها :
- رغم أنها المرة الأولى لهما ؟
أجابته بحسم :
- أظن أن ( روسيا ) كانت المرة الأولى لنا نحن أيضًا .
غمغم :
- أنت محقة .
سادت فترة من الصمت , ثم غمغم ( شريف ) :
- ماذا عن ( تيا ) ؟
سألته :
- ماذا عنها ؟
أجابها :
- لا أثق فيها .
ألقت ( ريهام ) نظرة خاطفة على الصينية الحسناء , التى جلست مسترخية تمامًا فى مقعدها المواجه لهما :
- وأنا أيضًا .. ولكن لا مفر من محاولة ذلك .
تردد ( شريف ) لحظة , قبل أن يهمس :
- ماذا لو أن كل هذا مجرد خدعة .
تطلعت إليه متسائلة , فاستطرد هامسًا :
- أعنى أن هذه الصفقة مجرد وسيلة لجذبنا خارج ( مصر ) .
غمغمت :
- جذبنا نحن ؟ .. لماذا نحن بالذات ؟
همس :
- لم يكن المفترض أن نكون نحن الهدف .. بل الأستاذ .
انعقد حاجبا ( ريهام ) , وصمتت لعدة لحظات , قبل أن تغمغم :
- لحساب من ؟
بدت الحيرة على وجهه لعدة لحظات , قبل أن يقول :
- أية جهة .. هناك الكثيرون ممن يريدون الانتقام من الأستاذ .
سألته :
- ألا تظنها خطة معقدة للغاية لتحقيق هذا ؟
سألها بدوره :
- ألا تظنين أن الإيقاع بشخص مثله يستحق خطة بالغة التعقيد مثل هذه ؟
عاد حاجباها ينعقدان أكثر وأكثر , قبل أن تدير عينيها نحو ( تيا ) , وتتطلع إليها بصمت ..
ترى ماذا تخفى تلك الصينية الحسناء وراءها بالضبط ؟
لماذا ظهرت فى هذه الفترة بالذات ؟
إنها لم تمهلهم الوقت الكافي لدراسة الصفقة ..
بالأصح لم تمهلهم أي وقت ..
لماذا ؟
والسؤال الأكثر أهمية : ماذا لو كان الأمر كما يقول ( شريف ) مجرد خدعة ؟
فخ يتوجهون إليه بدلًا من أستاذهم ؟
هذا وارد بشدة , خاصة مع أفعى مثل ( تيا ) , تتلمذت على يد أكثر الأفاعي خطورة ..
( سونيا جراهام ) ..
و ..
" الرجاء ربط أحزمة الأمان والامتناع عن التدخين .. نحن نتأهب على الهبوط فى مطار ( لاجوس ) "
ترددت العبارة الهادئة لتقطع تسلسل أفكار ( ريهام ) , فى حين غمغم ( شريف ) :
- وصلنا أرض المعركة .
لم تعلق على عبارته , وربطت حزام مقعدها , قبل أن تدير عينيها نحو ( تيا ) , وفوجئت بالأخيرة تبتسم لها بسخرية , فأشاحت بوجهها, متمتمة فى نفسها :
- ترى ماذا تخفين أيتها الصينية الحسناء ؟ .. ماذا يوجد خلف تلك الابتسامة الساخرة ؟
ولم تجد لسؤالها جواب ..
أي جواب .
* * *
لم تكد الساعة تبلغ منتصف الليل بالضبط , حتى كانت تلك السيارة السوداء الفارهة , تتوقف أمام ذلك القصر الضخم , فى إحدى ضواحي ( ميونخ ) الراقية , ثم قال السائق بهدوء , محدثًا الأنيق بالمقعد الخلفي :
- وصلنا يا سيدى .
تطلع راكب السيارة الأنيق إلى القصر بضع لحظات , قبل أن يتمتم :
- لا بأس يا ( مايكل ) .
ظل يتطلع بضع لحظات أخرى إلى القصر الغارق فى سكون تام , قيل أن يفتح باب السيارة ويغادرها , قائلًا للسائق :
- انتظرني هنا يا ( مايكل ) .
غمغم السائق :
- كما تأمر يا سيدى .
أما الأنيق , فقد اتجه مباشرة نحو القصر , وشعور بالتوتر يخالجه بقوة , إلا أن هذا لم يمنعه من أن يتجه نحو مدخل القصر , ويضغط الجرس ..
مضى ما يقرب من الدقيقة دون أن يستجيب أحد للرنين , فازداد شعوره بالتوتر , وهو بالضغط على الجرس ثانية , عندما انفتح الباب الضخم فجأة , وظهر على عتبته رجل ضخم الجثة أصلع الرأس , حدجه بنظرة صارمة , ارتجف لها جسد الأنيق , فتمتم بصوت مبحوح :
- أنا هنا من أجل ..
قاطعه الضخم قائلًا بصوت غليظ :
- الجميع فى انتظارك بالداخل .
قالها وأفسح له الطريق , فدلف الأنيق إلى الداخل بسرعة , متسائلًا بلهجة شابها التوتر :
- هل بدأ الاجتماع ؟
تجاهل الضخم سؤاله , وهو يغلق الباب , ثم تقدم إلى الداخل , قائلًا بنفس لهجته الغليظة :
- اتبعني .
تبعه الأنيق دون أن بنبس ببيت شفة , وتوتره يزداد أكثر وأكثر , بينما قاده الضخم عبر عدة ممرات متشابكة واسعة إلى حجرة مغلقة , طرق بابها , ثم قال له بغلظة :
- ادخل .
قالها وتركه وحده , فازدرد الأنيق لعابه بصوت مسموع , قبل أن يفتح الباب بتوتر , ويدلف إلى داخل الحجرة و ..
" تأخرت خمس دقائق كاملة يا ( سباستيان ) "
أدار الأنيق عينيه إلى صاحب الصوت بسرعة , وتأمل وجهه الصارم لعدة لحظات , ثم عاد يزدرد لعابه مرة أخرى , متمتمًا :
- أسف على تأخري يا ( مارك ) .
قال ( مارك ) بصرامة :
- فليكن .. اجلس .
اتخذ ( سباستيان ) مجلسه فوق أحد المقاعد , التى تحيط بمائدة اجتماعات كبيرة , التفت حولها عدد من الرجال والنساء , بدا من ثيابهم بالغة الأناقة باهظة الثمن , أنهم أثرياء إلى حد كبير ..
دارت عينا ( مارك ) – الذي كان من الواضح أنه رئيس المجموعة الجالسة – فى وجوه الجميع , قبل أن يقول :
- أظن أن الجميع قد حضروا .
تمتمت إحدى النساء :
- أظن هذا .
قال بصرامة :
- عظيم .. يمكننا البدأ فى اجتماعنا إذن .
وصمت بضع لحظات , ثم قال :
- فى البداية دعوني أرحب بكم , وأشكركم على استجابتكم السريعة لاقتراحي بعقد اجتماع عاجل وطارئ .
تمتم أحد الرجال بسخرية متوترة :
- اقتراحك ؟ .. كنت أظنه أمرًا !
تجاهل ( مارك ) ما قاله , وهو يستطرد قائلًا :
- نحن لم نلتق منذ ذلك اليوم المشئوم , الذي سقط فبه زعيمنا فى قبضة الأمريكيين .. ولم نفقد الزعيم وحده , بل فقدنا أيضًا عددًا هائلًا من رجال منظمتنا , وعدة مقرات المفترض أنها كانت بالغة السرية .. أي باختصار , الوضع أشبه بالكارثة .. بل هو كارثة بالفعل .. فبلغة رجال الأعمال – ونصفكم منهم على الأقل – فقد خسرنا عدة مليارات من الدولارات وفى فترة لا تتجاوز الشهران .
وهوى بقبضته على سطح المائدة , على نحو انتفضت له أجسادهم , مضيفًا بصرامة :
- وهذا شيء لا يمكن التجاوز عنه أبدًا .
وصمت بضع لحظات , دارت فيها عيناه مرة أخرى فى وجوههم , فتحاشاها معظمهم , ثم تابع قائلًا :
- ولأن الوضع بالغ الحرج , ولم نواجه مثله من قبل منذ نشأة منظمتنا , فكان يجب عقد هذا الاجتماع العاجل , المناقشة الوضع الجديد .
تساءل أحد الرجال بحذر :
- مثل ماذا ؟
أجابه ( مارك ) بصرامة :
- انتخاب زعيم جديد للمنظمة .
سرت عدة همهمات بين الجالسين , فعاد ( مارك ) يهوى بقبضته على المائدة , قائلًا بنفس لهجته الصارمة :
- الرجاء الهدوء .
ساد الصمت بعد عبارته الصارمة , وتبادل الجميع نظرات قلقة متوترة , ترجمها أحدهم فى قوله :
- وعلى أي أساس سيتم انتخاب الزعيم الجديد ؟
أجابها قائلًا :
- على أساس قدرته على انتزاع المنظمة من كبوتها هذه , وإعادة إصلاح ما جرى .
سألته إحداهن باهتمام :
- إصلاحه كيف ؟
أجابها بحزم صارم :
- فى البداية , يجب تغيير نظامنا بالكامل .. يجب إعداد مقرات جديدة ..تغيير شبكة اتصالاتنا بالكامل .. تجنيد جواسيس جدد .. كل شيء.. كأننا نبدأ من البداية بالضبط , إلا أننا نمتاز هذه المرة , بأننا نملك قدرًا هائلًا من الخبرة .
سأله ( سباستيان ) بتوتر :
- ولماذا نكلف أنفسنا عناء البدء من جديد ؟
أجابه بصرامة :
- لأن زعيمنا السابق مستر ( × ) أصبح أسير حرب الآن , ومن يدرى مدى المعلومات التى حصل عليها الأمريكيون منه حتى الآن ؟ .. أهذا واضح ؟
تمتم أحدهم بسخرية :
- بالتأكيد .
رمقه ( مارك ) بنظرة قاسية , فأشاح الرجل وجهه عنه فى توتر , بينما قال أخر باهتمام :
- أنا أتفق معك فى هذه النقطة يا ( مارك ) .
قال ( مارك ) ببطء :
- عظيم .
وأدار عينيه فى وجوههم متسائلًا :
- هل من معترض ؟
لم يتلق جوابًا على سؤاله , فقال بحزم صارم :
- لا أحد يعترض ؟. . عظيم .. ننتقل إذن إلى النقطة الأخرى المهمة .
ومال إلى الأمام مستطردًا :
- اختيار الزعيم الجديد , الذي يقودنا فى هذه المرحلة .
تساءل أحد الجالسين بحذر :
- ومن يملك المهارة اللازمة لقيادتنا فى هذه المرحلة ؟
التقط ( مارك ) نفسًا عميقًا , ثم قال بحسم :
- أنا .
تطلعوا إليه بمزيج من التوتر والقلق والسخرية والاستنكار , فاستطرد قائلًا :
- أرجو ألا تعتبروا هذا غرورًا منى , إلا أنها الحقيقة .. أنا أصلح شخص لهذه المرحلة .
سأله أحدهم ساخرًا :
- وما الدليل على هذا ؟
أجابه بصرامة :
- أظن أنني أكثركم خبرة , خاصة وأنني رجل مخابرات مخضرم سابق .. كما أنني ملم بكل الأمور المتعلقة بالمنظمة , وأعلم بالضبط ما تحتاجه فى هذه المرحلة , ولن يكون من الصعب علىّ تحقيق ذلك .
واستطرد قائلاً :
- يمكننا اعتباره اتفاقاً بيننا .. عام واحد فحسب .. كل ما أطلبه هو عام واحد فقط , بعده يمكنكم أنتم الحكم على ما فعلته طيلة هذا العام , بل وتعيين زعيم أخر بدلًا منى .
وصمت برهة , ثم تساءل بحزم :
- ما رأيكم ؟
تبادلوا نظرات متوترة , وساد الصمت لعدة دقائق , بدا خلالها ( مارك ) كأنه لوح من الثلج , رغم أن فى أعماقه , كان بركانًا يشتعل , قبل أن يحطم أحدهم الصمت , قائلًا :
- لا بأس .. إنني أوافق على انتخابك زعيمًا للمنظمة لعام واحد يا ( مارك ) .. عام واحد لكي تثبت فيه كفاءتك وجدارتك بهذا المنصب .
تألقت عينا ( مارك ) فى شدة , وقال بحماس :
- لن تندم على قرارك هذا يا جنرال ( أندرسن ) .
غمغم رجل أخر :
- وأنا أيضًا أوافق .
وثالث :
- وأنا كذلك .
ازداد تألق عينا ( مارك ) أكثر , وهو ينقل عينيه من شخص إلى أخر ..
وكانت الموافقة بالأغلبية ..
وبظفر , قال ( مارك ) :
- أشكركم على ثقتكم هذه أيها السادة , وأعدكم أنكم لن تندموا على قراركم هذا .
وازداد تألق عينيه , وهو يضيف :
- لن تندموا أبدًا .
وازداد تألق عينيه ..
وبشدة .
* * *
التقط ( حاتم ) نفسًا عميقًا ملأ به صدره , وعدّل منظاره الشمسي الأنيق فوق عينيه , ودارت عيناه فى صالة المطار ببطء ..
ها قد وصلوا ( لاجوس ) ..
وهذا يعنى أن المهمة قد بدأت منذ هذه اللحظة ..
كان قد انفصل عن رفاقه , كل ذهب بمفرده فى اتجاه , على أن يتجمعوا خارج المطار ..لذا , فقد ملأ صدره بنفس أخر , وحمل حقيبته الصغيرة , واتجه بهدوء نحو ضابط الجوازات , راسمًا على شفتيه ابتسامة هادئة , قائلاً : - مساء الخير .
تأمله الضابط قليلاً فى صمت , قبل أن يسأله بجمود:
- هلا أريتني جواز سفرك ؟
قال ( حاتم ) وهو يناوله جواز سفره :
- بالتأكيد .
ألقى الرجل نظرة على صورة ( حاتم ) , وقارنها بصورته فى جواز السفر , فقال الثاني مبتسمًا :
- أبدو على الحقيقة أكثر وسامة من الصورة.. أليس كذلك ؟
تأمله الضابط فى برود , وتطلع مرة أخرى إلى جواز السفر , قبل أن يقول بصرامة :
- أخشى القول أنك ستظل معنا لعدة دقائق أخرى .
سأله ( حاتم ) بحذر :
- أهناك مشكلة ما ؟
تجاهل الضابط سؤاله , وأشار إلى أحد رجاله , قائلًا بصرامة :
- خذ السيد إلى حجرة الأمن .
انعقد حاجبا ( حاتم ) فى شدة , وقال :
- ماذا هناك بالضبط ؟
أجابه ببرود :
- مجرد إجراء روتيني .
سأله ( حاتم ) ببرود مماثل :
- ماذا عن حقيبتي ؟
أجابه بنفس اللهجة الباردة :
- ستظل هنا حتى تعود إليها .
رمقه ( حاتم ) بنظرة صارمة , ثم تبع الجندى الذي قاده عبر عدة ممرات , وتساؤلات عديدة تشغل عقله ..
ماذا يحدث بالضبط ؟
لماذا هذه المعاملة الباردة الجافة؟
ولماذا يذهب إلى حجرة الأمن ؟
إنه لا يحمل أية أشياء ممنوعة ..
بل لا يحمل حتى أية أسلحة ..
فلماذا استوقفه الضابط النيجيري ؟لماذا ؟
توقف الجندي فى تلك اللحظة أمام باب مغلق , فسأله ( حاتم ) :
- هل وصلنا ؟
أشار إليه الجندي , قائلًا بإنجليزية ركيكة :
- ادخل .
دفع ( حاتم ) الباب بحذر , ولم يكد يدلف إلى داخل الحجرة , حتى ارتفع حاجباه فى دهشة عندما وقع بصره على رفاقه و( تيا ) وسبعة من الجنود النيجيريين المسلحين داخل الحجرة , فهتف بدهشة :
- أنتم هنا ؟
وفى نفس اللحظة التي انغلق فيها الباب , كانت ( ريهام ) تقول بصرامة غاضبة:
- هل لنا أن نعرف لماذا نحن هنا بالضبط ؟
أجابها ضابط نيجيري ضخم يجلس خلف مقعد ضخم الجثة بلهجة عجيبة:
- هذا حقكم بالطبع .
واستطرد بسرعة :
- بعد هذا الاتصال .
قالها والتقط هاتفه , وطلب رقمًا خاصًا , قبل أن يتبادل مع صاحبه حديث قصير بلغة لم يفقه منها أي من الخمسة حرفًا , فازدرد ( مروان ) لعابه فى صعوبة , متمتمًا بصوت خافت :
- ماذا يحدث بالضبط ؟
لم يجبه أحد على سؤاله , بينما انعقد حاجبا ( حاتم ) فى شدة , عندما ارتسمت ابتسامة عجيبة على شفتي الضابط النيجيري , وهو يلقى عليهم نظرة لا تبعث الراحة أبدًا , قبل أن ينهى اتصاله , ويلقى أمرًا ما بنفس اللغة على أحد جنوده , فاتجه الأخير نحو ( تيا ) وأمسكها من ذراعها بقوة , فهتفت الأخيرة بشراسة :
- ماذا تفعل أيها الوغد ؟
أجابها الضابط بلهجة جذلة , وبالإنجليزية هذه المرة :
- ينفذ أوامري .
سأله ( شريف ) بتوتر :
- أية أوامر ؟
أجابه ( حاتم ) هذا المرة :
- قتلنا.
وقبل حتى أن ينتهي من قول كلمته , كان يقذف حقيبته فى وجه أقرب الجنود إليه , ثم ينقض على أخر ..
وكانت مبادرة مدهشة بحق ..
وغير متوقعة أبدًا على الإطلاق ..
وفى اللحظة التالية مباشرة , وبسرعة مدهشة , تحركت ( تيا ) بدورها , وهوت على فك الجندى الذي يمسكها بلكمة ساحقة , ثم دارت على عقبيها برشاقة مدهشة , لتركله فى أنفه ..
واتسعت عينا ( مروان ) فى ذعر ..
وهنا فقط , انتزع الضابط نفسه من ذهوله , واندفعت يده نحو مسدسه المعلق فى جرابه , صارخًا فيمن تبقى من جنوده :
- اقتلوهم .. اقتلوهم .
وقبل حتى أن ينتهي صراخه , ارتفعت المدافع الآلية فى وجوه أبطالنا و..
واشتعل المكان ..
بمنتهى العنف .
***