المنتدى :
صيدلية ليلاس الطبية
الصيام والأدوية
الصيام والأدوية
كتابة وتدقيق : فريق ركن الصيدلة العلمي
ترجمة : الصيدلانية وفاء شويكي
مقدمة :
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الآية 183. في سورة البقرة .
لم تكد شريعة من الشرائع أن تخلو من نوع من أنواع الصيام كعبادة، وذلك لفوائده الجسدية والنفسية والروحية الكثيرة. إلا أن الصيام في الإسلام هو أكثرها ملاءمة لطبيعة الإنسان وصحته الروحية والنفسية والجسدية، وذلك لأنه يجمع بين الفائدة وعدم التأثير السلبي على صحة الإنسان .
فمن فوائد الصيام النفسية تقوية الإرادة، وتعوّد الإنسان على الصبر. أما من الناحية الجسدية فإن الصيام يريح أعضاء الجسم، وبالذات الجهاز الهضمي والكبد والكلى والقلب، ويعطي هذه الأعضاء فرصة للتخلص من السوائل الزائدة، وكذلك من الدهون والسكريات المتراكمة.
ما هي الحالات المرضية التي توجب الإعفاء من الصيام؟
أمر الدين الإسلامي بالمحافظة على صحة الإنسان وحرص على ذلك حتى أثناء الصيام. وجاءت آيات القرآن الكريم التي نصت على فرض الصيام تستثني المرضى المصابين بأمراض مزمنة (كالسكري وقصور القلب أو الكليتين أو السرطان أو الأمراض النفسية) (انظر المقدمة) ، أو أمراض حادة ( كالزكام أو التهاب المجاري التنفسية العليا أو التهاب المسالك البولية) ، أو الذين تضطرهم حالتهم المرضية لتناول الدواء أثناء النهار من الصيام، وتبين لهم إمكانية تأجيل الصيام في حال المرض المؤقت إلى وقت آخر من السنة، أو عدم الصيام للمرضى المصابين بأمراض لا يمكنهم معها الصيام وأمرهم الله عزّ وجل في هذه الحالة بدفع الكفّارة.
ومن المفضل عادة أن يقوم المريض بأخذ رأي الطبيب وعليه أن يلتزم بما ينصحه به .
ماذا عن الصيام أثناء الحمل والإرضاع ؟
سمح الدين الإسلامي للحامل والمرضع بعدم الصوم على أن تقضي ما عليها من صيام لاحقاً بعد انتهاء فترة الحمل والإرضاع. أما الحوامل والمرضعات اللاتي يرغبن في الصيام فيجب أن يُراعَين مراعاة خاصاً وكما يجب أن يكن تحت إشراف طبي مباشر.
ما هي طرق تناول الأدوية التي لا تفسد الصيام؟
لا تُفسد كل طرق تناول الدواء الصيام، و بالرغم من ذلك فإن تناسبها مع حالة المريض أمر يحدده الطبيب.
تحتوي اللائحة التالية على طرق تناول الدواء التي لا تفسد الصيام وذلك بحسب ما ورد عن أغلبية علماء الدين والأطباء :
* القطرات العينية والأذنية.
* كل ما يُمتص عن طريق الجلد مثل الكريمات والمراهم واللصقات الطبية.
* التحاميل والبيوض والغسولات المهبلية.
* الحقن تحت الجلد، وفي العضل، وفي المفصل، وفي الوريد باستثناء التغذية الوريدية.
* الأكسيجين وغازات التخدير.
* بحسب بعض المصادر الدينية والطبية فإن استعمال حبوب النايتروغليسيرين Nitroglycerine تحت اللسان لعلاج الخناق الصدري لا يُفسد الصيام.
* الغسولات الفموية والغرغرة والبخاخ الفموية، شريطة أن لا يبتلع منها المريض أي شيء.
القطرات والبخاخات الأنفية، والأدوية المُستنشقة inhalers.
* الحقن والتحاميل الشرجية بحسب بعض المصادر الدينية والطبية.
* تحذير العام أثناء الجراحة إذا أصر المريض على الصيام.
هل يجب تعديل جدول مواعيد الجرعات في رمضان ؟
أظهرت عدة دراسات بأنّ فعالية وسميّة كثير من الأدوية تتغير بحسب موعد تناولها ويتعلق ذلك بالإيقاع اليومي للعمليات الحيوية والفيزيولوجية والسلوكية في الجسم البشري. وباعتبار أن تناول جرعات الدواء أثناء شهر رمضان محصور في الفترة ما بين غروب الشمس والفجر وهي مدة أقصر من المعتاد خارج أوقات الصيام لذا تجب إعادة النظر في جدولة مواعيد الجرعات الدوائية ولكن بعد استشارة الطبيب أو أحد العاملين في الرعاية الصحية. ويوضح التالي كيفية تغيير جدول مواعيد الجرعات الدوائية المعروفة:
الجرعة المسائية الوحيدة: لا يحتاج المريض الذي اعتاد أن يتناول جرعة دوائه كل مساء إلى تغيير موعدها أثناء الصيام.
الجرعة اليومية الوحيدة: يمكن للمرضى الذي يتناولون جرعة يومية من الدواء ( صباحاً أو أثناء النهار) أن يؤخروها إلى المساء بعد استشارة الطبيب وبشرط أن لا يؤثر ذلك على فعّالية العلاج أو مدى تحمله.
الجرعتين اليوميتين: يمكن أثناء الصيام أخذ جرعة عند السحور وأخرى عند الإفطار ولكن بعد استشارة الطبيب، لأن تغيير موعد الجرعات وتغيير المدة الفاصلة بين جرعات الدواء فد يؤثر على صورة تركيزه في مصل الدم وبالتالي فعّاليته ومدى تحمله. وهذا وثيق الصلة إلى حدٍ كبير مع الأدوية التي تمتلك مؤشراً علاجياً ضيقاً فيرتفع احتمال سمّيتها. وهناك حلٌّ آخر بعد استشارة الطبيب طبعاً وهو تقليل عدد الجرعات إلى جرعة واحدة باستعمال مُنتج مديد المفعول من نفس الدواء إذا كان متوفراً.
الجرعات اليومية المُتعددة: يُمكن للمرضى الذين يخضعون لعلاج ذي جرعات متعددة ( 3 أو 4 مرات في اليوم) أن يستبدلوا علاجهم بمنتج شبيه من نفس المجموعة العلاجية ذي تأثير مديد المفعول فيكون جدول جرعاته مناسباً للصيام.
خلاصة القول ، يجب أن يُمنع المرضى من توقيف دواءهم أو تبديله، أو طريق تناوله، أو تكرار جرعاته بأنفسهم في رمضان. حيث دلت الدراسات على أن توقيف الدواء دون استشارة الطبيب كان سبباً هاماً في تفاقم بعض الأمراض كالربو، أو عودة أعراض بعض الأمراض مثل الصرع.
ما النصيحة المناسبة المتعلقة بتناول المصابين بالأمراض المزمنة لأدويتهم أثناء الصيام؟
يجب على كل المصابين بأمراض مزمنة والذين يخضعون لعلاج دوائي ويريدون الصيام أن يراجعوا مع الطبيب وضعية وجدول وطريق تناول أدويتهم وتكرار جرعاتها وذلك قبل حلول شهر رمضان.
يحتاج المصابون بأمراض قلبية أو ارتفاع في ضغط الدم الذين يتناولون المُدرات البولية إلى تخفيف الجرعة لتقليل فرصة إصابتهم بالتجفاف أثناء الصيام.
من جانب آخر، يتطلب المصابون بأمراض عقلية الذين يتناولون أدوية نفسية عقليةpsychotropic medications إلى مراقبة إضافية وتعديل للجرعات، ذلك لأن تأثير الصيام على الكلية قد يغير من طرح بعض الأدوية كالليثيوم lithium وهذا بدوره قد يرفع من احتمال الإصابة بأعراضٍ جانبية أكثر.
هل تساعد طرق تناول العلاج البديلة المرضى على أداء فريضة الصيام؟
يمكن لبعض طرق تناول العلاج البديلة أن تساعد المرضى على أداء فريضة الصيام، مثال: يُمكن للمصابين بالخنّاق الصدري الخفيف الاستفادة من استعمال لُصاقات الغليسيريل ثلاثي النايترات glyceryl trinitrateبدلاً من الحبوب تحت اللسان.
لذا يجب على المرضى المسلمين مناقشة الطبيب لتبديل طريق تناول العلاج. ويلعب الصيادلة دوراً هاماً في إرشاد المرضى والأطباء إلى وجود أشكال صيدلانية بديلة تساعد المسلم على أداء فريضة الصيام والاستفادة من الدواء بنفس الوقت.
هل يُؤثر التبرع بالدم في الصيام؟
نعم، حيث أن التبرع بكمية كبيرة من الدم أثناء الصيام يُفسده لما له من تأثير على صحة الصائم، إلا أن إعطاء القليل من الدم بقصد إجراء التحاليل المخبرية لا يؤثر على الصيام.
هل تتفاعل الأدوية مع الطعام في رمضان؟
كما هو معروف، تتعلق درجة التفاعل، والتأثير على امتصاص الدواء سواء كان إيجابياً أم سلبياً، بعوامل متعددة بما في ذلك البنية الفيزيائية والكيميائية للدواء، وتركيبته، ونوع الوجبة الغذائية، والفاصل الزمني بين الجرعة والوجبة، حيث يُمكن للعاملين الأخيرين أن يلعبا دوراً هاماً في رمضان، حيث يتغير إيقاع وتركيب الوجبات. كما تؤثر نوعية الطعام الذي يؤخذ أثناء وجبات الإفطار على امتصاص بعض الأدوية.
مثال: تزيد المشروبات مثل الشاي والقهوة وعصير البرتقال من حموضة المعدة مما يؤدي إلى زيادة في امتصاص الأدوية التي تتألف من الأحماض الضعيفة مثل الساليسيليت salicylates، والدايبيريدامول dipyridamole، والسلفاميدات sulfamides ، وبعض المُضادات الحيوية، في حين يُكبح تأثير بعض الأدوية مثل البيثيدين pethidine ، والأميتريبتايلين amitriptyline ، ومُضادات الهيستامين. كما يُمكن لمحتوى الوجبة من الدهن والنشويات أن يُغير من التوافر البيولوجي لبعض الأدوية إلا أن هذا التغيير يتعلق بالتركيبة المستعملة.
|