كاتب الموضوع :
redroses309
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصـــــــــــــــــــل الخامـــــــــــــــــــس
كانت أليكس لا تزال تطيل التفكير بظهور بيرس المفاجئ في حياتها، عندما تناهت إلى مسامعها تنهيدة من ناحية الفراش جعلتها تدير رأسها بسرعة لتجد والدها ينظر إليها.
قال لها بصوت حزين يفتقرالقوة: "كنت سارحة في البعيد البعيد، يا أليكس. و أفكارك بدت غير سعيدة."
نهضت لتطبع قبلة على خده، ثم جلست على حافة السرير، و أمسكت بيده و أضافت تقول بحذر: "أخشى ان المستشفيات تجعل الافكار السوداء تروادني. كيف تشعر؟ اصدقني القول."
ضحك ستيفن بتراكوس فيما بينه و بين نفسه، و ابتسم لابنته الوحيدة قائلا: "اشعر بتحسن كبير لرؤيتك، لكني لست مسرورا جدا لرؤيتك متجهمة." ثم تبددت ابتسامته، و غامت عيناه بنظرات اهتمام و وخز الضمير فيما قال بإحباط: "ما كان علي أن اترككتعالجين الفوضى التي احدثتها! لم كان يجب ان امرض الآن؟ آخر مكان احتاج ان أكون فيه هو سرير في المستشفى!"
شعرت أليكس ان قلبها قد غار من مكانه فيما هي تنظر إليه لمعرفتها انه من السيء لحالته اثارة مشاعره هكذا. فقالت: "هدىء من روعك يا أبي. لن تقدم مساعدة لأحد ان جعلت نفسك تمرض من جديد، غضافة..." عضت على شفتها، متحيرة بما تريد أن قوله. و بالطريقة التي تقوله فيها.
و اجبرتها الصراحة على ان تعترف ان جزءا كبيرا من حيرتها عائد إلى أنها كانت خائفة من سماع الجواب.
فأكمل والدها بغضب: "إضافة لماذا؟ إضافة إلى ان احدا لن يحرك ساكنا لكي يساعدك؟" و تراجع بوهن إلى الوراء على وسائده.
عرفت أليكس خطورة الموقف الآن و اختارت بسرعة الطريقة الوحيدة التي تعيد إليه هدوءه قائلة: "في الحقيقة ، هذا ليس صحيحا." شعرت بالراحة بعدما انكرت عنه الحقيقة و رأت مسحة الشحوب تختفي عن خديه و تحل مكانها نظرة عينيه الحادة و هو يسألها: "ماذا تعنين يا أليكس؟"
اختارت كلماتها بعناية شديدة قائلة: "حسنا، هناك شخصا يريد المساعدة، لكن عرضه... غير عادي."
انطلى الأمر على والدها فورا و قال: "تقولين غير عادي؟ بأية طريقة على وجه التحديد؟ على كل حال لدينا متاعب الآن لكن نحن شركة محترمة في الاساس. يمكننا أن نعود كذلك ثانية إذا استطعنا تسوية اخطائي. أفترض ان أي شخص راغب في تأمين السيولة سيطلب حصصا في الشركة و بعض الصلاحيات." رأى تصلب وجهها فأعاد التفكير و قال: "لا تقولي لي أن شخصا ما يريد استلام مقاليد الأمور كليا؟"
عرفت ان الأمر هو بمثابة اسوأ كابوس على والدها ، فأكدت له أليكس بسرعة: "ليس البتة، الحقيقة هي العكس تماما. الأمر هو أن هناك رجل... يريد الزواج مني. هو يعرف متاعبنا و على استعداد لمساعدتنا ماليا ، لكن... هناك مشكلة، فاسمه بيرس مارتينو." ذكرت اسمه بسرعة و انتظرت سماع دوي انفجار القنبلة التي اسقطتها.
بدا والدها للحظة عاجزا عن الكلام و بدت كلناته متعثرة و هو يقول: "تعنين مارتينو نفسه صاحب الملايين؟" تساءل و قد بدا وجهه مشرق: "تسمين ذلك مشكلة؟"
شهقت أليكس لأنها لم تكن متأكدة بأن بيرس بهذا الغنى الفاحش و استغربت طالما انه يستطيع شراء ما يريد، لماذا اختار مساعدة والدها دون مكسب ظاهر؟ و تابعت كلامها قائلة: "هناك أمر آخر، ان جده هو جورج اندرياس." لم يطل انتظارها طويلا لتسمع الرد.
امتعض ستيفن بتراكوس و قال: "آه ، الرجل الذي كرهه والدي، لم أخبرك قط عن ذلك يا أليكس و سبب الخلاف بيني و بين جدك هو اندرياس. لقد حاول أن يشركني في النزاع ايضا، أمر يتعلق ببعض السفن ، لكني رفضت. و حدث ذلك عندما عدت إلى انكلترا و بدأت بشركتي الخاصة، و كما ترين يا عزيزتي لا أحمل اية ضغينة تجاه عائلة اندرياس. تقولين الآن ان الحفيد يريد الزواج منك و اخراجي من الورطة؟" جلس والدها في سريره و قد علت الابتسامة العريضة على وجهه و تابع كلامه قائلا: "حسنا ، ذلك أفضل خبر نقلته إلي. هل تعتقدين ان هناك مشكلة؟ لا استطيع ان افكر بزواج افضل من هذا لك. هل تعرفينه منذ وقت طويل؟"
و كان من شدة حبه لها ان اتجهت افكاره اولا نحو سعادتها و ليس وراء انقاذ شركته.
قالت: "قابلته اول مرة منذ بضع سنوات. خرجنا سوية، لكن لم يحدث شيئا بيننا." و شعرت انها تكاد تختنق من جراء كذبتها، لكنها تنحنحت و تابعت قولها: "ثم عاد للظهور جديد ليلة البارحة و..."
"اخبرك بأنه لم ينسك طيلة هذه السنوات طلب منك الزواج؟ إذا، هذا ما قصدته أمك عندما أخبرتني أنك تحملين لي أخبارا جيدة!"
سألته: "ألاتعتقد ان الأمر حدث فجأة و على عجل؟"
أجابها: "هذا هراء. عندما يرى الرجل ماذا يريد ، فإنه يسعى في طلب ذلك! لم عليه الانتظار؟ و لم لا يريد الزواج منك؟ أنت جميلة و ذكية و الزوجة المثالية لأي رجل. من تكون أفضل منك؟"
غار قلبها في صدرها. و قالت بعد ان رسمت ابتسامة ملتوية: "لم تسألني يا أبي ان كنت احبه؟"
اشاح بيده و قال: "إذا كنت لا تحبينه الآن فستحبينه لاحقا. انه مهتم بك يا عزيزتي. ما الذي سيحدث لك لو لم اكن هنا؟ هذا الزواج سيوقف قلقي." ضغط على يدها متأثرا و اضاف: "هناك امورا اسوأ من الزيجات المدبرة يا أليكس. أنا و والدتك مثال على ذلك و ما كنا لنكون أكثر سعادة. عليك أن تتعلمي أن تعطي و تأخذي."
كانت تعرف ذلك. لكن حسب خبرتها فإن البعض يأخذون أكثر مما يعطون. مهما يكن ، فقد ابقت على سرها و لم تخبر والدها بأنها لم تقل نعم بعد. كان امامها خيار واحد. فقد كان الشرك يلتف حولها بقوة. إلا انها ابقت على شجاعتها و ابتسمت و قالت: "من الأفضل ان تتمنى لي السعادة. عندها، هذه المرة عندما اقول لك ان تكف عن القلق ، ستعرف انه يمكنك ان تفعل ذلك."
ضحك والدها فيما عادت والدتها، و بالطبع فقد اطلعت على الخبر و بكت متأثرة لارتياح زوجها و سعادة ابنتها.
وعدت أليكس والديها بأن تصطحب بيرس لمقابلتهما ، و غادرت المكان بعد نصف ساعة حيث كان عليها رؤية بيرس.
كان يمكنها بالطبع ان تؤجل الاجتماع إلى الغد، لكن ذلك لم يكن سهلا فقد علمتها التجارب أنه من الأفضل تناول الدواء الكريه بسرعة.
انطلقت نحو السافوي و هي في حالة من الغضب الشديد. فقد أملت عندما تم طلاقهما بأن لا ترى بيرس ثانية ابدا، لكن الآن عليها أن تربط نفسها به بقية حياتها. كان ذلك عرضه الذي لا يقبل التفاوض، فالمال متوفر مقابل ان تصبح زوجته ثانية و ليس هناك من طلاق. احدثت تلك الفكرة طعنة حادة من الألم في صدغها.
كرهت ان ينصب لها الفخ بهذه الطريقة ، لكن الأمر الذي لم تستطع ان تفهمه فعلا هو ، لماذا ارادها بيرس ان تكون زوجته طالما هو متأكد من ماهية شعورها نحوه؟ و لم تكن غبية لتتخيل ان عرضه هو من أجل منفعة الآخرين. لا بد أن يكون هناك شيء آخر وراء الأكمة ، ليس مجرد مساعدة والدها للخروج من ضائقته. لقد كان وسيما للغاية و رجلا واسع الثراء، و بإمكانه الحصول على أية إمرأة يريدها زوجة له، لماذا إذا يربط نفسه بشخص يكرهه؟
كان السؤال يختمر في ذهنها عندما دخلت الفندق و طلبت من موظف الاستقبال ان يتصل بجناح بيرس. أملها الأخير بأن لا يكون موجودا تحطم عندما قيل لها ان تصعد إليه.
تحققت من مظهرها في مرآة المصعد. مررت أحمر الشفاه على شفتيها لتعيد لها نضارتها و سرحت شعرها بسرعة لتشعر بحضورها أكثر. افترضت لو أنها تذهب إلى المنزل لتبدل ثيابها، لكن حاجتها لتنهي الاجتماع كانت أكثر اقناعا.
فتح بيرس الباب لها، بدا مرتاحا جدا و قد نزعربطة عنقه فيما كمي قميصه مثنيتين، و ظهرت ذراعيه القويتين و قد كساهما الشعر الأسود. لم يزعج نفسه بالسؤال عن سبب قدومها انما تنحى جانبا فقط ليتيح لها الدخول ثم اغلق الباب وراءهما. بدا الأمر لأليكس و كأن آخر فرصة للهرب قد سدت في وجهها. غمرها شعور قوي بالغضب مما جعلها تسير إلى الامام و ترمي حقيبة يدها على أقرب منضدة. تبعها بيرس. كان بإمكانها الشعور بنظرات عينيه مركزة عليها و تخيلته يسخر منها. كان احساسا قويا جعلها تستدير لتكتشف فقط انها كانت على خطأ. كانت نظراته بعيدة عنها، متفحصة و بعيدة كل البعد عن السخرية.
حركت رأسها و قد بدت منزعجة و مرتبكة و قالت له بفظاظة: "لقد جئت لتوي من المستشفى." فازدادت حدة نظراته الفاحصة ليسالها: "كيف حال والدك؟"
تنهدت بإحباط ، و قلبت شفتيها بإزدراء فيما كانت تحرر إحدى يديها من خلال خصلات شعرها الأشقر القصير عابثة بها. ثم اجابته: "انه يتعافى بسرعة. و قد يسرك ان تعلاف أنه لا يكن أية ضغينة لأي فرد من أفراد عائلة اندرياس."
فرد عليها بيرس قائلا بجفاف: "على عكس ابنته."
و سار إلى حيث توجد صينية عليها أكواب و زجاجة عصير إلى جانب الغرفة ثم اضاف قائلا: "هل يمكنني ان اقدم لك شيئا؟ تبدين و كأنك تحتاجينه."
أجابته بإيجاز: "سأتناول عصير الليمون." و رفعت ذقنها عندما نظر إليها بدهشة. بدت ابتسامة عذبة جميلة فيما اضافت: "يقولون انه يساعد على التهدئة ، و هو أمر احتاجه ان كنت مضطرة لامضاء أي وقت معك. ما كنت لأفجأ لو أمضيت اياما في سديم."
بدا انه لم يستمتع بكلماتها تلك اطلاقا، لكنها لم تعرف لماذا عليها ان تقيم وزنا لمشاعره فيما لم يفكر هو قط في مشاعرها. و لم تفاجأ في أن الكوب الذي أعطاه لها لم يكن يحتوي سوى على عصير آخر. فيما سكب لنفسه كوبا، و في رشفة واحدة ابتلع نصف محتويات الكوب، فيما شعرت أليكس أن عينيها قد تحولتا بشكل عفوي إلى عنقه الأسمر. فسرى من عنقها إلى وجهها دفق من الدماء جعله يتورد، فاشاحت وجهها عنه بسرعة و كرهت نفسها لأفكارها العابثة و ردة فعل احاسيسها. و رغم أنه لم يلمسها فإن شعورها بضعف ارادتها كان لا يحتمل. فما عادت قادرة على الجلوس بهدوء لذا سارت و وقفت قرب النافذة ، و توترت عندما رأت انعكاس صورة بيرس متجه نحوها لينضم إليها.
قال متأملا بتكاسل: "استنتج من ردة فعلك أنك اخبرته عن عرضي، و لم يرفضه؟"
قالت بسخرية و شعور بالكره: "كنت تعرف انه لن يرفض، لذا طلبت مني أن اتكلم معه في ذلك، و كنت تعرف بأني أردته أن يساندني. تبا، لابد أنه أمر رائع بأن تكون رجلا محقا طوال الوقت!"
"لو اني اعتقدت انك تعتقدين ذلك فعلا، لكنت جادلتك بالأمر. انك غاضبة فقط لأنك لا تملكين سببا يجعلك ترفضين عرضي." اثارت تلك الكلمات غضبها بقوة مما جعلها تستدير نحوه و تصرخ في وجهه بإزدراء قائلة: "مخطئ! لدي كل الاسباب لارفضك. قد يعتقد والدي أنك الأفضل منذ زمن. لكني أعرف اكثر منه. أليس كذلك؟ و انه لا يعارض الزيجات المنظمة ايضا و هو أمر مناسب جدا، لأنه ليس هناك من يقوم بتنظيمها أفضل منك لتناسب هواك."
نظر بيرس إلى وجهها المفعم بالحيوية و النشاط متفحصا كل قسمة من قسماته على حدة. ثم قال لها برقة: "انك جميلة جدا. و في الحقيقة، انت ما زلت أجمل امرأة رأيتها في حياتي."
اتسعت عيناها بإرتباك و قالت بدهشة: "ماذا؟" و جعلت ردة فعلها تلك ابتسامة باهتة تظهر على شفتيه.
قال: "كنت الاطفك."
هزت أليكس رأسها ساخرة من الدفاعات التي تجنبتها ببراعة و قالت: "حسنا، لا تضيع وقتك ، فما عليك أن تكسبني بالكلمات الفارغة، انك تمسك بكل الأوراق. و لا أفترض انك فكرت للحظة اني قد ارفض. اني احب والدي كثيرا مما يمنعني من رفض العرض الوحيد الذي لدي، مهما تكن رغبتي في ذلك."
تنهد بيرس بعمق، ثم قال بإيجاز: "ليس على زواجنا أن يكون ساحة معركة، يا أليكس."
قالت رافضة ذلك: "في ما يعني، فإنه لا يمكن أن يكون غير ذلك. أو هل تتصور انك ستنال من الفتاة الساذجة الحمقاء كما من قبل؟ تلك الفتاة لم تعد موجودة، أنت قتلتها يا بيرس. سوف تحصل علي كما أنا، و إن لم يعجبك ذلك فما عليك إلا لوم نفسك. هل هذا واضح لك؟"
نزع بيرس نظارته بكل تأن و وضعها جانبا، و بعد ذلك عندما أولاها كل اهتمامه من جديد، كانت عيناه مليئتين بالعزم و التصميم. و اجابها: "جعلت نفسك أكثر من واضحة على أية حال ، ان تصورت انك بإعلانك عن عدم حبك لي و ما قد يترتب عن ذلك سوف تجعلينني أغير شروطي، فأنت مخطئة. ستكونين زوجتي ، بكل ما في الكلمة من معنى."
صرت أليكس على أسنانها، متيحة لنفسها أن تعيد إليه نظراته بكل الإزدراء الذي استطاعت أن تجمعه و قالت: "ما كنت لأحلم بالرفض، و على كل حال، فإنها قضية شرف، و أنت ستشتري تلك الحقوق بالزواج مني، أليس كذلك؟ لكن هناك شيء اخطأت في حسابه، وهو اني لست مرغمة على الاستمتاع بذلك."
منتديات ليلاس
لسوء الحظ فإن ذلك ادى فقط إلى ظهور بريق مزعج في عينيه، و خطى خطوة ليصبح على مقربة منها، و تمتم على نحو خطر قائلا: "هل تقترحين انك لن تفعلي؟ ان ما قلته الآن جملة ساذجة، فلدي ذكرى قوية كيف انك فعلت ذلك من قلبك."
اجابته بقوة: "كان قبل أن أكرهك." ثم شهقت عندما امتدت يداه لتشد على كتفيها، فأمرته قائلة: "اتركني يا بيرس. و يحك ، قلت اتركني!" رفعت نظرها إلى وجهه، فرأت في عينيه نظرة تصميم مما جعل قلبها يخفق بجنون.
قال: "عندما أكون جاهزا." ثم اضاف بسخرية: "على أية حال، لقد اخبرتني لتوك بأني اشتريتك، لذا استطيع ان افعل ما أريده، أليس كذلك يا حبيبتي؟"
ثم فجأة عاد كل شيء إلى نصابه ثانية، ترك يدها و مشى نحو النافذة. كان بيرس يقف هناك ينظر إليها بتأمل، و تلاشت الحرارة في لحظة ، تاركة إياها مرتجفة.
قال بيرس بسخرية جارحة: "يبدو ان ليلة زفافنا ستكون هادئة جدا.يبدو ان كرهك قد اضاف نكهة خاصة إلى الصفقة." استرد نظارته و عبر الغرفة ليملها بشخصه من جديد.
أحنت أليكس رأسها و قد شعرت بالغثيان لحالها.
سألها: "هل تناولت طعامك؟"
لم تكن تتوقع السؤال العادي اطلاقا، فأجابته بصدق و إن كان بفظاظة: "لا."
قرر بيرس قائلا: "سأطلب طعاما إلى هنا." و سار نحو الهاتف و هو يتابع قائلا: "لدينا اشياء لنناقشها، و لا اريد ان افعل ذلك في العلن. هل انت موافقة؟"
سألته ألكيس بسخرية: "و هل عندي خيار؟" و هي تحاول بجهد لأن تجد نوعا من الهدوء يتماشى مع هدوئه.
قال بإيجاز: "بالطبع عندك خيار. أنا لست مسخا. تعرفين ذلك." ثم كان عليه أن يغير نبرة صوته فيما اجابه احدهم من مكتب خدمة الغرف ثم كان عليه ان يحول كل انتباهه إلى طلب الطعام.
لم تهتم أليكس من ناحيتها لما طلبه، فقد كانت تشك في أنها ستكون قادرة على تناول أي شيء. سارت إلى أقرب كرسي و غرقت فيها بامتنان. فقد كانت تشعر بتعب شديد، فاسقطت رأسها إلى الوراء على ظهر الكرسي اللين، و اقفلت عينيها. ما قد تعطيه لتتمكن من التوقف عن التفكير قد تعطي أكثر منه بعشر مرات مقابل ان لا تشعر بهذا الحب نحو بيرس. كانت تعتقد انه انطفأ، لكن في اللحظة التي رأته فيها من جديد عادت بها الذاكرة للوراء. حتى الآن فإن ما يخالجها يجعل من اعتقادها بأنها نسيته، اعتقاد كاذب...
ليست مضطرة للاستسلام دون معركة. لقد قال ذلك هو بنفسه، عندما سألها ان كانت هناك أية طريقة افضل لها لتحقيق انتقامها من الزواج به. لم تفكر في ذلك حينها، لكنها ادركت الآن الفكرة، قد لا تستطيع التخلص من هذا الزواج لكنها ليست مرغمة على أن تكون زوجة صغيرة مطيعة! و على أية حال، انها تملك سلاحا، فالمرأة لديها أسلحة خاصة بها، و حتى ان لم تربح الحرب يمكنها ان تتأكد تماما ان عليه الفوز بعدة معارك ليكسب نصره!
جعلت تلك الفكرة ابتسامة ترتسم على شفتيها، و اعادت إليها بعض القوة المفقودة، و فتحت عينيها من جديد، لتجد ان بيرس يراقبها، و عيناه تلمعان ببريق يعكس نوعا من الاستمتاع النفسي.
قال لها: "اتخططين لتدميري؟"
توترت اعصابها بشكل عفوي لتمكنه من قراءة افكارها، و لم تستطع ان تتحاش اتقاد وجنتيها و كل ما استطاعت القيام به هو مواجهته بذلك، فقالت: "لم لا أفعل؟ فقد تعلمت شيئا من زواجنا الأول، رغم قصر مدته. ان بامكان الانسان ان يحقق اي شيء تقريبا بالتخطيط إلى الامام."
وضع بيرس يديه في جيبي سرواله ، ثم قال: "إذا، أنت تخططين لاستخدامي كعملك المجسم؟"
رفعت أليكس كتفيها بلامبالاة و قالت: "لم ازعج نفسي بالبحث عن واحد آخر فيما لدي واحد استطيع التصرف به، اليس هذا كلام صحيح؟"
"لم يسبق أن كنت ساخرة هكذا. اتذكرك تنظرين إلى العالم بتفكير منفتح على مباهج الحياة."
ضحكت لكلماته تلك لأنه بدا خائب الأمل فقالت: "آه، حسنا. يقولون ان الزواج قد يكون عاملا فعليا لرؤية الأمور على حقيقتها، و زواجي كان زواجا رائعا جدا، و انت تعترف بذلك؟"
هز بيرس رأسه بسخرية تقريبا، و قد خانته ضحكة رقيقة رغم انها كانت تحوي القليل من الملاطفة، و قال: "لن تغفري لي أبد ذلك، أليس كذلك؟"
قالت بحدة: "ان كان هذا ما تريده فانك ستنتظر طويلا. و في الحقيقة لو كنت مكانك لكنت فكرت ثانية و جديا بامكانية التقمص، لأنه لن يكون هناك استبداد من قبلي في هذه الفترة من العمر!" تاركة عينيها تنقلان له كرهها عبر بريقهما.
لدهشتها فان بيرس لم يغضب، انما غرق في التأمل اكثر و ردد ساخرا مستمتعا بالكلام: "اني افضل فكرة اننا نمضي السنوات معا. دائما معا."
طقطقت أليكس اصابعها بإنزعاج و قالت بشكل لاذع: "لا تكن معتدا كثيرا بنفسك. فما من شيء يؤكد اننا سنعود كبشر. فإن كان هناك اية عدالة ستعود كحشرة صغيرة استطيع ان اسحقها تحت قدمي." و اخذت تنظر بإنزعاج إلى منظر بيرس و هو ينفجر ضاحكا بلهو فعلي.
قالت بألم: "يسعدني اني عملت على تسليتك." فابتسم لها ابتسامة عريضة.
أجابها برقة: "آه، لقد فعلت أكثر من ذلك يا حبيبتي."
قالت بنفور واضح: "ان كان بامكانك ابعاد تفكيرك عن هذه التصرفات فقد قلت ان لدينا اعمالا نناقشها." لكن لسوء الحظ تلك الكلمات جعلته يخطو نحوها بخطواته البطيئة.
ثم انحنى، و امسك ذقنها بين ابهامه و اصبعه، و قال برقة: "هكذا قلت، لكن لا تتصرفي بعلو و كبرياء هكذا يا أليكس. كلانا نعرف أنه لن يتطلب مني مجهودا كبيرا لأسحبك معي إلى تلك التصرفات، لذا هدئي من غضبك، و لا تهتمي إلى اين احملك طالما اعطيك الرضى الذي تتوقين إليه." مما جعل لونها يتغير بسرعة و فمها يجف.
لمعت عيناها الرماديتان بدموع أبية و قالت: "انك..."
فأكمل عنها قائلا: "شخص جدير بالإزدراء و بدون قلب، أعرف، و سيكون من الأسهل لك ان تتذكري ذلك، ان كنت تريدين ان تحافظي على كبريائك الغالي دون ان يصاب بأذى."
رغم أن أليكس استطاعت ان تجد اجابة لكن لم تتح لها فرصة لتقولها، لأن طرقة على الباب قد قاطعتهما. استوى بيرس في وقفته و هو يبتسم ابتسامة ساخرة.
قال: "انقذك جرس العشاء!" و ذهب ليجيب، تاركا أليكس جالسة ترتجف في كرسيها.
كيف بامكانها ان تعيش معه؟ اخذت تفكر بغضب، ثم انحنت كتفاها. و تساءلت كيف يسعها الا تفعل؟ فليس أمامها من خيار. عندما يصل الأمر إلى بيرس مارتينو، لن يكون لها ذلك اطلاقا.
***********************************
يتبع...
|