كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
4- رجل واحد فقط
نقلت أربع عشرة ساعة من الطيران فوق المحيط الهادىء ليليان من بداية الخريف في جورجيا على ساحل الأطلسي , إلى مطار كوزون أكبر مدينة على جزيرة لوزون أهم جزر أرخبيل الفليبيبن0
كانت آثار التقدم البنياني موجودة في كل مكان. بدا الضجيج والنشاط الصاخب وكأنه يزيد من حرارة الإسفلت. حيّرها ما تراه للوهلة الأولى , فقد اصطفت صفوف طويلة من الناس أمام مركز الجوازات بانتظار المرور حيث يجري التدقيق بهوية كل مسافر على حدى , وكأنه إرهابي خاطف أو عميل سري. والحشود تتدافع وتتجادل للحصول على حقائبها, والمرتزقة يلحقون بها وكأنهم كلاب جائعة عارضين التاكسيات والفنادق والخدمات الأخرى.
وقفت ليليان التزاماً بتعليمات السيدة بارف قرب المدخل الرئيسي حيث حيّاها رجل في ثيات السائق الرسمية, شرح لها بابتسامة أنه ليلاس أرسل لمرافقة " سيدة أميركية حمراء الشعر " .
عرّف عن نفسه ذاكراً أن اسمه تشانغ لي. ثم راح يتحدّث بلا انقطاع وهو يقود السيارة اليابانية الفخمة باتجاه المدينة. لم تعط هذه الطريق كمعظم الطرقات القادمة من المطارات , سوى فكرة مختصرة عما يقع بعدها. فقد كان معظم من مرّت بهم يرتدون الثياب الأوروبية.. فالفتيات في الجينز. ولولا عيونهنّ المتّجهة إلى الأعلى,وشعورهن السوداء الطويلة لما عرفت أنهنّ شرقيات.. فجأة التقت عن بعد براهب بوذي, روبه الزعفراني اللون يلمع كالفوسفور, فأحسّت فعلاً بأنها على أرض غريبة.
أعلمها تشانغ :
- يصبح معظم الشبّان رهباناً مدة ثلاثة أشهر قبل الزواج وبعضهم مدة سنة. إنها الطريقة الوحيدة لتعلم تعاليم بوذا.
- وهل كنت راهباً؟
- أجل .. لمدة سنة.
بعدما بدا لها قيادة لانهاية لها بين الزحام والشوارع المكتظّة , وصلت السيارة إلى شارع سكني , هو مزيج من ناطحات سحاب ومبانى مؤلفة من طابقين أو أكثر تحتها محلات تشبه الأسواق ،فوق المحلات مكاتب. الشارع, كما يبدو,هو أحد الشوارع الرئيسية,عرضه يكفي لمرور ستّة صفوف من السيارات في آنٍ واحد. وكانت المباني في هذه المنطقة حديثة, مزيّنة بألواح الإعلانات المكتوبة , بلغة غريبة.
أدخل تشانغ لي السيارة ما بين دفّتي بوابة خشبية, ثم عبر ممراً مرصوفاً بالحصى, تحده مرجات عريضة تقطعها أشجار النخيل المروحية الأغصان. في آخر الممر,وقف منزل أكبر بكثير مما توقعته ليليان, صحيح أنه غير مبني على ركائز مرتفعة عن الأرض, إلا أنه على الطراز المحلي القديم, له سقف مستدير مدبّب, وشرفات واسعة.
كانت السيدة بارف بانتظارها عند درجات المدخل, فرحّبت بها بحرارة حتى أحسّت ليليان وكأنها ابنتها التي عادت إلى المنزل,لا كأنها موظفة تصل لتستلم عملها. قادتها إلى داخل المنزل الذي بدا خشبه الداخلي قاتماً وبارد الجوّ بوجود المكيف,ثم أوصلتها سلمات عدة من خشب السنديان إلى غرف النوم.. كان هناك أربعة أجنحة. أدخلها إلى الجناح الأخير في الممر.
يتبع
|