كاتب الموضوع :
Jάωђάrά49
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسم الله الرحمـــان الرحيم
:
:
:
:
:
واستغفر الله العلي العظيم وأثوب إليه
:
:
:
:
:
:
الــْــجُــــزْءُ الــــوَآحـِــدُ وَ الــــثَّـــلآثُـــــونَ
مهدىآ للوشة وحسن الخلق الله لايحرمني منكم ابداً
بعد صلاة الفجر
والتي هي عادة في العائلة
الصلاة بين النساء كجماعة
بعد انتهاء هند وعبير من الصلاة
صعدت كل منهما الى جناحها لتكمل نومها
بينما ظلت فاطمة تكمل تسبيحها
ومئات الافكار تضج في رأسها
بينما مليكة تصلي وتدعوا لبناتها من اعماق قلبها
وبما انها كانت تجلس على سجادة وراء فاطمة
لاحظت ان فاطمة قد انتهت واقتربت من المكان الذي تجلس فيه مليكة
وانحنت تقبل راسها
دهشت مليكة من تصرف فاطمة
فبعد عدوانيتها من يظن انها ستطلب الصفح:
- آسفة يا مليكة على مابدر مني في طلاق الولدين....
عقدت مليكة حواجبها ان تتطلق ابنتها ويتسبب ذلك في بعادها
اقسى ما قد يحصل
وموت والدها قد أكملت ما تبقى التي جرحت فؤادها حتى النزيف:
- على ما اسامحك يا فاطمة ..؟
تكلمت فاطمة وهي تقلب التسبيح في يدها:
- مما قلته عن ابنتك ..
مليكة بمرارة:
- لو كنت غريبة يا فاطمة لصبرت... لكنك قريبة منا .. وقد صدمني عدم تفهمك ..كما لو كنا نسرق عثمان منك ..هو من قبل الزواج بها ..
فاطمة بتفسير:
- انا تالمت ايضا لكن ما باليد حيلة وهي تخبرنا انها....
قالت مليكة تنهض تطوي سجادتها لتقترب من الكنبة وتجلس عليها:
- افهمك ...لكن عبير شرحت لي ان ثريا عانت.. وماكانت ترضى لي بالمهانة ولا بالحزن ولذلك اخفت الامر رغم انه حادث امر عادي ...وطبعا لو علمتِ قبلا ما كنتِ لتقبلي بتزويجهما
نظرت اليها فاطمة بالكاد :
- حسنا ....انا فعلا متاسفة ما كان لي قصد في اذية مشاعركما والله ...غير انك لو كنت اما لثلاثة اولاد لشعرت بما يستعمر فؤادي...اشعر انهم بعد ان تزوجوا قد نحوني جانبا... وماعدت محط اهتمامهم ..يمكن ان تقولي اعاني من نوع من ..الغيرة ربما...
ذهلت مليكة من صراحة فاطمة
وبدأت تشعر نحوها بنوع من الشفقة
رغم انها لاتفهم لما عليها ان تكون
قاسية مع من حولها :
- عليك ان تتخلصي من هذه المشاعر وتنفضي عليك سحام تلك الافكار
فاطمة مطرقة برأسها:
- انت لديك الحق فيما قلته اتمنى ان تتحسن ..تصرفاتي.. فلقد اصبحت غير قادرة على منع نفسي من ان اكون عدوانية...مليكة هل سامحتني؟
حركت مليكة رأسها بالايجاب
فاعادت فاطمة الوقوف لتقبل راسها من جديد و تقول:
- مستعدة انا ان اعتذر من ثريا.. ان كان ليريحك هذا لكن نحن عائلة ...
فاطمة بتفهم وصبر:
- ونعزك يا فاطمة فقط حاولي لكي لاتفقدي من حولك.. فالعدوانية امر صعب التخلي عنه ..اذا تعودناه..
- سأفعل باذن الله...لكن ان كنت كذلك فقط من اهتمامي..
قالت مليكة بصوت تشدد فيه:
- وثريا يومَ سأريدُ منها العودة فستاتي الى هنا ...يظل المنزل منزلها كما انا فيه...وعثمان ابن خالها وليس عليها البقاء بعيدة..
قالت فاطمة تخفي نوعا من الانزعاج:
- لا عليك انها ابنتنا..و مهما كان اغفري لي فقط...فقد حصل كل شيء بسرعة وكنت في لحظات غضب واهتياج لا احسد عليهما
لكنها ستأتي والا لن اشعر بالراحة
ابتسمت مليكة تظهر تجاوبها:
- لقد افرحتني ..
في ساعات الصبح الاولى
هند لم تستطع النوم ابدا
كيف لها ذلك وهي لحد الان تعاني من اهانات حماتها
وتلك المشاعر تسحق ذاخلها بقسوة
لاتستطيع حتى ان تستعين بزوجها عله يخفف من وطئت الحال
ولاتستطيع لانها ترى في عيونه غما وحزنا
لاتفلح سوى في امتصاصه بحبها وتفهمها له
لكن والله اعلم بجوفها و بما تعانيه
بعد أن إكتفت العائلة من كثرة الاحزان والهموم
من جهة اخرى تجدها تكبر وتتجدد
فهند رغم صبرها على حالها
وتعودها البطيئ على الحياة معهم
الا انها وجدت ان حماتها تغالي في تصرفها معها
وكأنها تعتبرها عدوا في ساحة صراع طبقي
ولأنها بدات تفيض بها
تلبستها فكرة قوية
أنه فعلا حان الوقت لفعل شيء
يهد من جبروث تلك المراة التي لاتنتهي
أجل يمكن ان تكون قد حارت داخل هند الاسئلة
حول الى ما يمكن ان تصل اليه الامور؟؟
لكنها عليها ان تضع حدا ليعرف كل منهم مكانه الحقيقي
ووجدت الاجابة بأن من حقها أن تعرف اصلها
مهما طال الزمن او قصر
نزلت الدرج بتروٍّ ومن دون حس يذكر
لكن فاجئتها حماتها بظهورها في الاسفل
وتمنت لو تنشق الارض وتبلعها في تلك اللحظة:
- هند ...الى اين تذهبين ...؟
اضطرت ولم تستطع ان تقول الحقيقة كاملة:
- ساخرج قليلا امي ..
نظرت اليها فاطمة بريبة تدل على شكها
لكنها عدلت عن اية مناقشة قد تكون حادة بينها وبين زوجة ابنها:
- اخرجي لكن لاتتأخري كثيرا ...
حسنا امي
مرت من قربها وعبرت المسافة
وهي تشعر انها ستتدحرج في مشيتها
من عيون حماتها المسلطة عليها
اقفلت باب القصر وراءها بتنهيدة حرة
وبسطت وجهها لاشعة الشمس تتلذذها
لكنها فتحت عيونها لتكمل طريقها
مشيا على الاقدام
تحركت بخطوات واسعة تدعوا في سرها الا يرها احد
مثل زوجها او يعترض طريقها
لديها العنوان
غصبا عنها نقش في عقلها كما تنقش الحروف على الخشب
بعد ان اعطاه لها هود لم تستطع نسيانه
اجل راودتها رغبة جامحة في التعديل عن الفكرة والرجوع الى القصر
لكنها تـــُقاد كما يقاد المراُ لقدره
او يمشي اليه بقدميه
تفكر
كيف ياترى ستستقبلني اختي؟؟
كيف هي ؟؟ وهل لها في الشبه من ملامحي شيء؟؟
ابتسمت واكملت مشوارها سعيا في ايجاد شيء من الراحة التي ترغبها بشدة
ترغب في ضحد هذا الجنون القابع في باطن عقلها
الذي يفتك كصداع براسها
انها عليها ان تعرف اصلها مهما كان الامر يشكل خطورة
على علاقتها باهل زوجها
او قد يؤثر سلبا على زواجها ...
نفضت الغبار الخانق لتلك الافكار وتلك المخاوف لتكمل طريقها
وصلت الى المكان الذي سمعت البعض منهم يسميه بالارض المهجورة
او يلقبونه بالارض التي يتنازع من اجلها الاخوة
امر في حد داثه كئيب
انه هناك تراه في الافق البعيد
يلزمها ان تقطع شوطا اضافيا لكنه لايهم التعب
في مثل هته اللحظات
حيث الاثارة تبلغ حدا تنسف كل الالام من حولها
قريبة هي من الشيء الاكثر اثارة وخوفا في حياتها
ووصلت بعد عدة لحظات الى الكوخ
رأت ان بابه مفتوحة وكأَن من يعيش فيه يعلن عن وجوده
من الزربية التي تراها على السور منشورة
والفراش ايضا
وما زاد من الحنين الذي لاتعرف له اساسا
هي رائحة عبقة من الطعام تصعد الى خياشيمها
وتتربع في عقلها
تبعده جزءا من الوقت في عالم حالم مخذر
لكن به سراب تعجز عن ازالته
تفتح عيونها وتتقدم مستعينة بالله
وطئت قدماها الدرجات القليلة
واقتربت من البيت
حيث أَسمعت صوتها الى من في الداخل قبل ان تقترب من الباب حتى:
- السلام عليكم...يا اهل البيت..
في الداخل حيث كانت جميلة تحرك مافي القدر من محتوى
لوجبة الغذاء
وزوجها يأخذ له حماما وراء البيت بحيث لم يسمع شيء
خرجت جميلة الى حيث الزائرة الجديدة
وتوقفت لتسالها:
- وعليكم السلام.. من حضرتك؟
في تلك اللحظة طافت غمامة من الافكار سريعة في عقل
جميلة وشعرت لوهلة بالغيرة
لكن لسبب...
ارتعشت هند من وقوفها امام اختها
نعم اختها دافئة تحمل من عقلها ودمها وجلدها وجمالها الكثير
اخفضت نظرها ومن ثم اعادته الى وجهها:
- هل ..السيد هود هنا؟
وضعت جميلة كلتا قبضتيها على جانبيها:
- هود ..؟؟من حضرتك التي تريدين زوجي...؟..
نظرت جميلة لها تفصل ملامحها وهي تقول:
- لست ادري يبدوا لي انك مألوفة ...تشبهين شخصا...
في تلك اللحظة ارتبكت صورة والدة الفتاتان في راس جميلة
واندمجت في خيالها مع الواقفة امامها
وهنا فقط صعقت ارخت عضلاتها وسقطت الملعقة من يدها
بقيت جامدة
نفس العيون.. عيونها
نفس الانف ..انفها
نفس لون الحواجب...
مازاد من ارتجاف جميلة النمش الذي لاحظته على وجه اختها
انه هكذا كان عندما كانت تحتفظ لها في الذاكرة ..بذكرى
- هند..؟
حركت هند راسها بشجن:
- اه ...
صدم هند السرعة التي احتوتها اختها بها بين ذراعيها
وبادلتها بالعناق
شعور عميق لايوصف
وان وصف تاهت فيه العقول لشدة جماله سحره وحنينه
احتواء شخص من دمك كما لو انه نصف منك
واسترجعته واستنشق قَــــلــــْبـــكَ الــــرُّوحَــانِـــيَــــةَ بكل معانيها
وكأن الروح تخاطب الروح في الاعماق بدون ضجيج
وقف هود يضع المنشفة حول عنقه
الصدمة لفته صمتا قويا
ففضل التراجع ليتركهما في هته اللحظة
غريب ان تاتي هند ...فهذا تمناه فعلا لانه لاحظ شرود زوجته المستمر
وتفكيرها
والان كما لو ان رحمة من الله نزلت على صدورهم لتريحها
من ثقلها...همومها ...وأفكارها...
امسكت انامل جميلة وجه اختها تتامله
تملأ عيونها وتشحن عقلها وروحها من صورتها الحبيبة
وبذلك تطرد التضعضع الذي عانت منه
قبلت جبينها وضمتها مرة اخرى
وزاد من الدفئ المفقود تجاوب هند
التي شعرت لاول مرة بضميرها يعود لاصله من الراحة
ويبتعد عنها العذاب....الى ابعد ما يكون...
قالت هند بابتسامة مشرقة وعيون لامعة وكانها فقدت القوة على الوقوف:
- اختي...هلاَّ جلسنا..
قالت جميلة وكأنها توأمة لها في احاسيسها وتعابيرها
رغم كبرها عنها:
- تعالي عزيزتي ...فلنجلس هنا..
فرشت الزربية الدافئة التي انعشت اطرافهما
بالحرارة المنبعثة منها
بفرط امتصاصها لدفئ الشمس الصيفية
جميلة بفضول:
- انك جميلة ...تشبهيننا كثيرا ..والله...أكاد لا أصدق عيوني...اتمنى من الله ان يسامح ابي ذاك...حرمنا منك صغيرتي...
ابتسمت هند والدموع تتجمع في مآقيها:
- كنت خائفة من الوصول الى هنا و...وعدم تقبلك لي..
جميلة تطمئنها بحرارة:
- لا ابدا ولاتتخيلي ذلك...نحبك اكثر مما تتصورين...
هند وهي تمسح عيونها بمنديل غاية في النقاء:
- وانا ايضا احبكم فعلا وتعلمت هذا حتى من دون رؤيتي لكم
.. هل امي معك ...هل يمكنني رؤيتها...؟
جميلة بابتسامة واهنة ضعيفة تمسك بيديها وتضغط عليهما:
- ليست هنا ...هذا في الحقيقة بيتي انا وزوجي لكن امي ..تسكن في مكان آخر تماما...
قالت هند:
- اريد رؤيتها ...احساس غريب... اعرف انني عشت مع عائلتي الاخرى وكانوا قمة في الحنية علي ...لكن الان اشعر بالوحشة والضياع...انه يا اختي شعور بائس ...
قالت جميلة بابتسامة :
لا تقولي ذلك الحمد لله على كل حال ... اوه انا فعلا متشوقة لاخبر هود سيفرح لحضورك ...ههههه..لوهلة ...ظننتك فتاة تريده لشيء خاص وعمتني الغيرة ...ههههه
كان يسمع هود الكلام من الداخل
وافرجت ثغره عن ابتسامت انتقلت كالعدوا من صوت زوجته
يعرف حبها وحنانها ...لكن ان تغار هذا يثير فيه احساس مرحا..
ضحكت هند وشعرت بانها فعلا تنتمي لاختها بالفطرة
ولا يبدوا هناك تكلف حتى في الكلام
استساغت الكلام والدردشة معها عن اي شيء وكل شيء
وكذا دعتها على الغذاء
وما اعجبها فعلا دفئ هذا البيت الذي تتشاركه مع هود
واتضح لها الامر بعد ذلك
ان هود اراد ان يحرر نفسه من ذلك السر
وان يستأصل شافة الهم من اعماقه ويرميه بعيدا
وحكى لها بطرافة كيف تزوج من جميلة
التي خجلة حتى الاحمرار وضربته وهي تضحك مع اختها
وبخفة دمه التي اضحكت الفتاتين حتى الدموع
شعرت بالغيرة
لو فقط عبد الصمد حبيبها يسكن معها في كوخ كهذا
فلن تحتاج لشيء
فقط لحبه تشعر انها مصفدة اليدين
سجينة هناك
فقط لولم يكن هو محررها بجنونه لكانت هربت\منذ زمـــــــــــــآن
***********************
أمـــــَـــــــــآمَ القــَصْـــرِ المـَــنْــــصُــــورِي
خرجت عبير من القصر تحمل السلة التي تحمل غذاء زوجها
وسمعت صوت أمها الحبيب يناديها
- خدي نسيتي العصير بنيتي تبدين ساهمة... هههه...
خجلت عبير من تعابير امها وابتعدت ترمي بالسلة وراء السيارة
وتستقل هي السيارة لتقودها
أن يحرر الانسان من تشائمه واختلال الهامه النفسي
فحبها هي
تراه بعيون وردية
تسير بالسيارة ببطئ محافظة على السرعة
يسترعي انتباهها قطعان صغيرة جميلة تتسابق في المرور
امام السيارة الضخمة
وتوقف السيارة هي تتأملها و لتراها تمر بابتسامة حالمة
وبعد استأنافها لطريقها
وبعد ان اوقفت سيارتها تاخذ الغذاء
وكانها تتخيل نفسها في طريقها ترسم لها خريطة نادرة الوجود
وهي تتامل كل شيء بهيام وزهو
عند وصولها الى مكتب زوجها
بين الشجرتين في الهواء الطلق العليل ...وبين زقزقة العاصفير وجو الطبيعة الساحر
وجدته يقف منحنيا عار نصفه العلوي كما هي العادة بسراول جينز
ومنكفيا على روجيستر
لاحظت انه يضرب القلم على كلا الجهتين...مهتما بما اماه من عمل...
لم يشعر بها سعيد لكن عطرها خانها وسبقها
وهكذا تغلغل فيه يذكره باجمل من يدفن همومه في بئر غائر لايسمح برؤيتها
استدار ينظر اليها حتى اجفلت
- انت خبيث يا سعيد...
وضعت الاكل على الطاولة بشكل غاضب
سعيد بابتسامة رائعة:
- غضبت لانك لم تستطيعي يوما ان تخيفيني ...هههه...
نظرت الى طوله امامها بعين نافذة
وابتسامة عذبة وهي تقول:
- في المرة المقبلة عليك ان تجفل ...الا تستطيع اسعادي؟
قال سعيد يبادلها النظرة :
- حسنا ..اذا داومت على ابتسامتك العذبة تلك.. فلن امانع
نظرت بعيدا فلاحظت ان العمال بعيدون منشغلون في عملهم
وهي تكتم ابتسامتها الرقيقة :
- نسيت ..لم اسلم عليك عزيزي ...يا سعودتي...
دنت تحت نظرته المندهلة
وزادت من طولها
على صابع ارجلها وطبعت قبلة بطيئة دافئة قرب زاوية فمه
فشعر بالقبلة تنسل بحنكة الى تحت جلده
تمتصها عروقه كسائل ملتهب يسكب بعنف
نظر اليها وهي تضحك بخفة وتدعي البراءة
فقال بوجه جاد:
- لاتحرقيني عبير ..
قالت عبير تعض على اصبعها وتنظر بين رموشها اليه :
- انا لم افعل سوى تقبيل حبيبي ...ولم افعل شيء سيء سوى ان سلمت عليك
عض على شفته السفلى وقال بخبث:
- لم تفعلي شيء ..لو لم اكن اعرفك ...يا مدللة ...( مد يده يقرصها في بطنها بخفة فانتفضت بضحكة خفيفة) يا مثيرة...
قالت تضحك من قلبها تضربه على كتفه بخفة:
- تأذب سيدي والا ذهبت ...( دفعت صدره بكتفها بغنج) لا تحاول مغازلتي حتى فانا صعبة المنال
تحركت بضحكت مكتومة لغرامها بهته الالعاب الشقية
اقتربت من الاكل تخرجه بدلالها المعتاد
الذي تندهش له في بعض الاحيان
او تضحك من سداجتها قبل الزواج وذلك الخجل المفرط الذي عذبه
شعرت بانفاسه تنفخ قرب خدها وهو يمد يده الى الاكل الذي تمسكه
مرر اصابعه بهدوء على ظاهر يدها
اشعل قلبها نبضا متقطعا
فابعدت يدها عنه
- سعيد.. انا امرأة صعب ان تنالني اتفهم...احضرت لك سيدي طعاما شهيا سيخطف ...لبك..
تنهد بعمق وكانه مسكين معذب:
- ويا ليته يكفيني...فشوقي مضطرم يكويني يا حلوتي...
ابتسمت ونظرت اليه وهي تقول تاركة يدها في قبضته
حيث تعبر عن انتماء قوي يجمعهما
تبادلا النظرات وتنهدت تساله:
- اخبرني ...الا تزال عزيزي مهموما من موت جدنا رحمه الله
قبل يدها:
- لا تقبلنا موته في الاخير فهذه سنة الحياة ...ما يزعجني حاليا هو حال عثمان ...اما عبد الصمد فلقد تدبر الامور جيدا ...
مررت اصابعها على وجهه:
- عثمان هل تضنه يحب ثريا فعلا ؟..وهذا سبب انطفائه هكذا وابتعاده في هته الفترة عن الاجتماع بنا...
قال سعيد ينظر الى المدى البعيد:
- لابد كان يحبها لكنه متكتم بشكل خانق ...لكني ادري انه مهما احبط فسيقوم على قدميه مرة اخرى....حسنا ماذا عنا؟...ماذا الان قلبي الن ترفقي بي ...تدرين الشجرة مكاننا السري..
نظرت اليه تبتسم:
- هههه ادري انك تموت عشقا بي ...بل وشغوف بحبي ..هه...
قال مغضن الجبين بمرح:
- مغرورة وتعرفين ...انك نقطة ضعفي ..لكنك ستندمين ...
قالت بعيون دهشة تمثل الفضول:
- كيف ؟ هل ستعاقبني...؟
نظر اليها بخبث وانحنى يهمس بشيء
جعلها تغطي وجهها بيديها
والضحكة والدهشة تورد وجهها
وابتعدت عنه خجلة منه
اشارت اليه :
- انت ....شرير ...لكنني احبك..
مَــثَّــلَ كما لو كان سهم يخترق قلبه
ووضع يده على صدره ويغمز لها
فضحكت مسرورة
وسالها بصوت مرتفع بما انها ابتعدت الى حيث سيلتقيان:
- ساعطي العمال اجورهم يا عبير وبعد ذلك ...سآتي..
اجابته تضم ذراعيها الى صدرها:
- حسنا سانتظرك...لا تتأخر...
قال يقترب منها مرة اخرى:
- هل تغديت ( فحص بيده خديها المتوردين يقرصهما عمدا بخفة ) يجب عليك ان تاكلي جيدا....يمكنك اخد شيء من الطعام...
ابعدت يديه تبتسم:
- مجنون... انا في افضل حالاتي وآكل اكثر من اللازم ايضا لاتقلق عمري إهتم بأكلك اولا انت ..انا الحمد لله تغذيت...
بقي واقفا ينظر الى عيونها ووجهها بشكل ساهم عاشق
فضحكت لنظرته تساله:
- سعيد؟؟..
قال كمن استفاق اخير:
- احم ...اذهبي هيا ...
راقبها تبتعد فاستدارت تقول بهمس:
- احبك...
تلقاها يضع يده على صدره القوي ويميل بتراخ على الشجرة
وراقبها فاعادت استدارتها مرتين تقول كلمات الحب في الهواء
ويتلقاها كالمعذب في حالاته المجنونة
فتوعدها بالاشارة انه سيتبعها
فلوحت له بانها ذاهبة واكملت طريقها حتى اختفت عن ناظريه
وتنفس سعيد الصعداء بابتسامة هائمة ليكمل ما تبقى لليوم من عمل
**************************
فـــِي اَلْقَـــصْــرِ اَلْمَـــنْـــصُـــورِي
في جنـــــآح
عـــــــــــثــــــــــــمــــــــــآن
و
♥
♥ثــــــــريـــــــــآ ♥
♥
مرور كل هته الايام وتجرع مرارتها
كان شيء قاسيا على روحه
عثمان صاحب الشموخ الذي لايقهر
يجد نفسه الان بعيدا كل البعد
عن شخصيته الاولى
أطنب سهاده بين العذاب والرحيل
وزرع تحت عيونه تعبا وبدىآ الاختلاف جليا واضحا
فقد فُقدت من تقاطيعه الوسيمة القسوة
ومهما طرح السؤال يجد له مئات الطرق ليصل الى نفس المكان
(( أجل انا أعترف بحبها ..
أعشقها..
لكن لما عشقها بهذا الالم..
وبهذا الوجع لما يعذب روحي لما يحرقني ويجردني من نظامي وتعقلي ...لما؟ ..ما الجواب؟))
يجلس منذ ان عاد من الصلاة
منعكفا على حافة السرير
لقد اختلج سحام الليل لديه بعقيق النهار المشع
واختطف التعب منه نضارة الشباب
لحية نمت عن اهمال منه خفيفة
وهذا العشق الملتف حول كريات دماءه
وهذا الوجع الكئيب العتيق يجنح بعنفوانه الى الضياع
كيف تلحقه صورتها الى اعماق اعماقه فتكويه كالنار في الهشيم؟؟
(( صَدِيَ قلبي حتى التيبس ...وآآآآآآه ..
صراخي تداريه مخدتي في شدة غضبي وانفعالي...
واضرب ويعود لي صدىآ مزعجاً ...
أجل أذكر نفسي فتعذبني بكل تصرف خانني من عجرفتي...
اجل...يتضاعف ظلمي لها كذنب كبير وحش يغلفني...
يصبح نوافذ عتمى مظلمة خانقة ..
لاأجيد حتى العبور منها...لطرد اختناقي ..
عيونها تطوف في المكان ....شذاها ..صوتها بأشجانه وآهاته...أكاد أُجَنُّ ..وَأُجَنُّ...وَأُجَنُّ....))
وبصورتها المزروعة قوية الجذور
يعرف انه بحسنها وسحرها
ينتعش خافقه الملهم ..الوله ...المحتضر...
وكم يعيش من واقع حلو في مناماته المتقطعة
ليستفيق ويجد الحال عصيا عن التفسير
فيفهم بُعَادَهَاو مغادرتها ...له..
هو من يذوب ويذوب عذابا في حبها
يصدمه الواقع حقا انه وحيد منفصل عن حبيبته
منشطر منها وشطرت منه بكل قسوة
(( هه..وماذا يا صمت...
يقتلني ابتسامك على حالي...
اسخر مني ..
فقد ذهبت محبوبة قلبي أخيرا لانفرد بوحدتي ..
موجوعا يضنيني غيابها وطيفها اللذيذ كرذاذ حلو لايدوم...
اريد ان اصنعها بين اصابعي ..
فإن استطعت سأكون من أسعد الخلق..ومن اسعد الناس..
ستلقى جراحي عطفا عندها...
وسأكتفي ايها الصمت من ابادتك لي في وحدتي...))
تلك الثريا انثترت على جسده
وخلفت مرارة على شفاهه ووسط دوامة ضياعه
وبعثرت كل ما في روحه وعقله ووجدانه
يتركها تغرس اكثر واكثر سكينا حامية بين اضلعه.. وبإرادته ..واستسلامه..دون محاربة..
ورغم ذلك يُصْرَدُ فهو يبرد في ايامه
ولم تفلح شمس الكون كله
في اختراق ارتعاشاته وإدفاءه
(( ليتني استطيع جرفك من جب عقلي...
وصدري..
وشعري ...
وعيوني ...ورموشي ...ومن بين شفاهي...
ليتني استطيع جرفك كاملة واخرجك من مسام جلدي..
ليتني..
اشعر بانفاسي تضيق..
حتى انني بتُّ اتلفظها..
اتلفظ الشهادة في جميع الاوقات..
فيارب العالمين اعتقني فاني اهوى في غور الهموم...))
انتهكت حِمـــَـآهُ
وتركزت بأحداقها وتقاسيمها فيه
وصبوًّةُ روحها فيه
ولا اسلحة العالم باسره قادرة على تخليصه منها
من اعماقه فهي باتت راسخة في داخله كطفح ناعم لذيذ موجع ومؤلم
لايهون عليه حتى الشفاء منه وابعاده
قطع عليه خلوته وهيامه صوت طرق على الجناح
نهض بعد ان مسح على وجهه المتعب
وتحرك الى خارج غرفته بقميصه الطويل الابيض المريح
المفتوح الازرار عند العنق باهمال
فتح الباب بعد أن سمع أمه تطلب فتحه للباب
وعاد أدراجه بطوله الفارع امام قصر قامة أمه
- عثمان...؟
قالت وهي تتبع خطواته المتباطئة الى غرفته ليستلقي من جديد مغمض العيون
نظرت اليه واقتربت تجلس على طرف السرير
وضعت يدا على جبينه:
- أنت لست بمريض بني ...لما لا تنزل قليلا ...ألن تأكل والدك يسأل عنك ..؟
قال عثمان بتعب وارهاق:
- ليس الان أمي ...أرجوك..
نطقت امه بشبه صراخ عاتب:
- الى متى وانت في هذا الحال ...لست اول ولا آخر واحد ينفصل عن زوجته ..انت وافقت بنفسك أم تراني اهذي...؟
نظر عثمان الى امه بسواد عيونه
وابعد نظرته امامه:
- وافقت ...(تنهد)ولاعليك فأنا قائم على مسؤولياتي...
فاطمة بيأس:
- وإذا كان كذلك لما انت على هذه الحالة بني...ارجوك من اجلي انزل وكل أي شيء ...رضى الله عنك بني لاتردها في وجهي...لاتردها في وجه امك ...
نظر اليها واستقام يجلس
بكل اوجاعه القائمة فيه كأشواك ضارية
قال ليراضيها:
- حسنا امي كما تشائين ...سانزل لكن بعد نصف ساعة ..بعد ان استحم
ابتسمت والدته ونهضت لكنها انتبهت
الى ما لم تنتبه اليه في البداية
كانت الملابس منها من وضع على اظهر الكراسي وبعضها اهمل على الارض وقالت دون ان تطيل :
- سآخذ هته معي الى الغسيل بني ...لا تتأخر..
أومئ برأسه باجل ..طبعا
وانتظر الى ان خرجت والدته ليتنفس الصعداء بحرية مسجنة
ونهض ليستحم وبعدها ينزل
فـــِـ\ بَـــآرِيـــسْ \ـِـــي
وكذآ ثريا في دجون ليآليهـــــآ الطوالـــِ
تعاني من الفراقـ ـ ـ ـ أكثر وأكثر
وتغشى حواشيهآ الثورة من فقدانه
فكرة انها فقدته إلى الأبد
وانها فقط قد تراه بالصدفة في أحد الايام
فكرة تذبحها ...تشظى بعيونها دمعا منكسرا من الالــــــــــم
لاتريد ان تراه بعيدا عنها وقد نأى بقلبها المسكين
لاتريد ان تراه يوما يعشق غيرها ...
لكن يتضح انه ليس من حقها..
لــــم يـــعـــد مـــلكــهـــآ...
حتى لو لم يحبها...
ما اكتسبته من الماضي الفسيح
من كل شلوٍ
كان مرارة مرة كالعلقم
فقط ذاك ما يساعدها على العيش
((وكأنك يا حبيبي..
في خيالي انصال سيوف لامعة....
تقضي على ما تبقى مني فيـــــك ...
ونتيجة ذلك دمائي الحمراء القانية يا عثمان...
دمائي ايها الغالي...
منثورة هي ومعصورة من فؤادي على اصابعك المنعدمة الحنان..
والفاقدة للشعور بطبعها...
وكم كان قلبك متقشفا من الامان...
كم كنت جاحداوانت موهوب في قسوتك كمبدع كفنان...))
إنه يعيش فيها كفرع
يتحدر منها ما استطاع
ويربط ليرتبط بقلبها دما ونبضا
كل الارتباط
حتى في خرجاتها
وهي تجلس مع صديقتها
التي تدفعها للخروج من انغلاقها الدائم مع الكتابة وتطوير المآسي
ورغم تواجدها في هذا المقهى الرائع
الذي يجمع شلة من الاصدقاء
تشعر بالغربة ليس منهم ...
لانها ليست كالزوجين الحديثي الزواج قربها
يضمان بعضهما يزيد هذا من ارتعاشها وخروجها من دائرة الحديث
لدائرة الصمت المتمازج بالالم
(( وأنا اعاني ..
رُغم اجتماعي بالأصدقاء
ومن اضطهاداتـــك انا اعانـــي...
لاتــذوقـ طــعم النــوم جفــوني...
الكوابيس المؤلمة بالليل والنهار ترافقني...
إنك في قلبي الذي يرجف كلما مررت ببالي ...
مرأى العشاق المبتسمين هياما حلوا عميقا يقتلني...
فلا أستطيع سوى الانسلاخ ممن حولي في انغلاق عالمي ...
مهما علت الاصوات ومهما حاولت ان تضج في راسي...
تجدني أشتاق اليك ...يا حبيبي..بكل شجوني ....وبكل دموعي...))
طلبت العذر ليسمحوا لها بالخروج من مجمعهم المرح
خرجت تتنفس ما امكنها رغم انها تلتقط الهواء وهو يبعد ويبعد
تتبعه بان تتحرك من مكانها الى اي مكان يمكنها فيه ان ترتاح
جلست على كرسي خشبي تلتف في ملابسها القطنية ...
فهم على ابواب الخريف والبرد يسبق اوانه...
(( لكن لما يا عثمان لما أنت بداخلي هكذا ..
أكاد اشعر بك قريبا تلعب باوتاري بقسوة ....
لكني يا حبيبي ايقنت انك عثماني ...
أنك في قلبي ...
أنك مثواي ومرتعاي..
وبعادك أنكىآ علي من قربك يا حبيبي...
أنت وحدك عثمان الجديد والعتيق بفؤادي...
أنت عثماني ...
تسكن في جفوني بين أهدابي وتحت اهدابي....
أنت حلمي المنمق الذي يكتسحني...
يضربني ويقسمني ومن ثم يعيدني ...
أنت...
روحي نفسي في الدنيا...
وآواخر أنفاسي يوم مماتي...))
مدت لها يدٌ منديلا ابيض رقيق الصنع
ويد اخرى رقيقة على كتفها كانت لاجنبية اشفقت على حالها
وعلى عمق الحال التي هي فيه
شكرتها ثريا بلغتها ورفضته بلطف
لاتريد لدموعها على حبيبها ان تداع بل ان تبقى سجينة لديها
ضمت كلتا يديها الى حضنها
ففاجئتها صديقتها تجلس قربها تدخل كلتا يديها في جيوب معطفها
- حسبتك امام المقهى تستنشقين الهواء ...لم تخبريني انك ذاهبة...
قالت ثريا بارتباك تداري حزنها في الاعماق تلبده
وتشيح قليلا بوجهها عن صديقتها:
- آسفة كان يلزمني ان اخرج شعرت بالاختناق...
ضحكت صديقتها بلطف:
- لاعليك ثريا ...انني افهمك والله لاتشغلي فكرك بشيء وحاولي ان تسترخي غاليتي فالوقت يلملم الجراح ويشفيها...
حركت ثريا راسها :
- ليس جرحي ....ليس هو أعرف ان معاناتي ستدوم و ستطول ...لكني ساحرص على عدم الانهيار
قالت صديقتها تضع يدا على كتفها:
- هل تريدين العودة الان ام البقاء...؟
قالت ثريا تتنهد :
- سأبقى قليلا ...آسفة عندما سأشعر بالراحة سأعود...وإذا لم اجدكم في المقهى سأتبعك للشقة ..فلا تحملي همي ..ارجوك...
انحنت صديقتها تقبلها وتربت على كتفها
- حسنا لا تتاخري احب تواجدك معنا ...
قالت ثريا تبتسم رغم حزنها:
- حسنا لن اتاخر...أعدك...
***********************
~ ســَــــعـِــــيــــدْ ~
~ ~ ~ ~ ~
بعد أن فرغ سعيد مما يشغله من عمل
وبعد ان انهى من اعطاء العمال اجورهم
استطاع ان يبتعد أخيرا تاركا رجلا من رجاله
يوكل له مهمة الاشراف العام على العمل والعمال
استطاع ان يغير ملابسه ويأخذ له حماما قصيرا
بحيث ازال عنه تعب وجهد اليوم
وارتدى قميصه الاسود وهو متحمس كمراهق للقاء زوجته تحت ظل الشجرة
الفواحة ليموناً
يعشق البقاء واياها في عزلة تامة مع سكون الطبيعة
ويحب كثيرا هته اللحظات لانه لايملك للاسف منها الكثير فهي قليلة بسبب تراكم الاعمال
وبسبب تحضرهم لدخول الفصل القادم
يعشق هته الاوقات بالذات
لانه ينطلق في الكلام ويجد حرية في ذلك
وبذلك يحضى بزوجته لبعض الوقت
وجد نفسه في افكاره قد وصل في وقت وجيز الى البستان الراقي
وبدأ يصفر وينحني مطلا عن الاماكن
التي يمكن ان تكون منتظرة اياه فيها أو لربما مختبئة فيها
وبحث بعيونه ...وتعجب لما لم يجدها
وضع يديه حول فمه يناديها:
- عبير....عـــبـــيـــر...
بحث بعيونه مرة اخرى لكن بدون جدوى
مرر يده في شعره
بقلق ولكنه اعاد مناداتها:
- هيا عبير....عبير لست حملا لمثل هذا المزاح السيء...عـــبـــير...
لكنه فعلا ازداد في اعماقه القلق وتعاظم عندما لم يجدها
تحرك مسرعا يعود ادراجه
وعندما وصل الى مكان العمل والعمال
استفسر من العمال عن مرور زوجته في الانحاء
فاجابوا انهم لم يروها
وتأكد بحيث رأى سيارتها لاتزال في المكان عينه
ولم تتحرك اصلا
فكر بصوت عال:
- ما هذا ياربي ..اين ذهبت هذه المرأة...سأعيد البحث...
وانتهى به الطلب من عاملين لديه ان يبحثوا عن زوجته معه
وإن رأوها ان يخبروها بأنه يريدها
قال يحدث نفسه:
- أتمنى من الله ان تكون بخير ...
وعاد الى الأماكن التي يراها فيها عادة وهي لاتغيرها
بين الحقول والبساتين
لكي لايتوه عنها
لكنه كره هذا القلق الذي يستعر في نفسه
لم يجدها ولا في اي مكان.....
فكر انها ولابد مزحة ما من مزحاتها
وقرر الانتظار عساها تظهر
لدى اعاد القول بصوت مرتفع:
- عبير...هيا ..عبير سابقى هنا الى ان تظهري ..واقسم ان كانت مزحة لأجعلنك تندمين....
تنهد بعنف يسأل نفسه مئة سؤال
..ما هذا الخوف
...ماهذا القلق الغريب
استدار بسرعة عندما سمع صوت احد العمال يناديه بالحاح
ارعب قلبه غصبا عنه:
- سيدي ...اه ...سيدي لقد وجدنى شيء ...لكن سيدي..
قال سعيد بعنف غير مقصود وهو يكتم على اخناق خادمه:
- هيا ...لما انت شاحب ..لا تقل ان مكروها حصل ..اقسم...
قال العامل بخوف ظاهر على وجهه:
- سيدي تعال معي ...وسترى..
عندما تبعه يكاد يسبقه سأله :
- اخبرني ..ماذا هناك ...
رد الخادم والارتباك واضح على ملامحه:
- سيدي وجدنا شخصا تحت ازار ..ملطخ بالدماء... ومنعت احدا من الاقتراب الى ان تاتي..
شعر سعيد بقلبه يخفق بسرعة والالم في صدره يخنقه
عندما اسرعوا الخطى الى حيث الرجال مجتمعين
طلب سعيد منهم ان يبتعدوا وان يبقى عاملان فقط
اقترب ولم يستطع ان يمنع الارتعاش من يده
وهو يزيح الازار الابيض الملطخ حمرة باصابعه
فكانت الصدمة موجعة... مهلكة... قاتلة
جمد وكانه انسان بين عالمين
غير موجود او موجود
بين واقع مر
وكابوس سحيق
خرج من صدمته وهو يمسك وجهها الذي شوه بشيء ما
ترك السائل الحار الاحمر يسيل بعنف قاهر اراد ان يراها تفتح عيونها
ان تخبره ان ما يراه ليس سوى سراب موجع اليم سينهار بسرعة
- عبير...عبير...هيا يا عزيزتي...استفيـــقي....استفـــــيقي....حياتي انت اه اه
اخد يمسح على وجهها والرعب يتملكه مع كل قطرة دم تتعلق باصابعه
ارجع خصلاتها الملتصقة بالدم الى الوراء وكل هذا يذبحه
تحرك بسرعة يقيس نبضها
وبحركاته المضطربة يحاول ان يمنع نفسه من الانهيار
قال لاحد العمال:
- اسرع ..هيا اسرع احضر السيارة ...
سال العامل بتوتر:
- سيدي ...المفاتيح...؟
قال سعيد يصرخ بغضب وعصبية:
- اذهب انها...لابد انها في السيارة اسرع ولا تنظر الي هكذا....
التفت الى العامل الاخر وهو يقترب منه وكان جهنم الحمراء تستوطن عينيه:
- ايها الفاشل ...اخبرني كيف لم تلمحوا شيء ...كيف ..؟
قال العامل يبتعد:
- سيدي كنا نعمل تحت طلبك في الجهة الاخرى ...لم نمر الى هذا الجزء ...انت من طلب بقاءنا هناك
امسك سعيد براسه يعيد نظرته اليها خائرة القوى وسقط قربها
على ركبه
لفها مانعا رغبة برؤية ماتبقى من جسدها المدمى لكنه اكتفى بان شدها
واخد يدعو من الله ان يعتقها
والثواني التي مرت قبل حضور السيارة بسرعة
كان يضع اصابعه قرب انفها يتاكد من انها تتنفس
شعر بالم ومرارة
من ..من ...من ؟
من فعل هذا بك يا حبيبتي الصغيرة
يــــارب...يارؤوف يارحيم ...ارئف بها وبي...
بعد ان اوقف العامل السيارة قال سعيد:
- دع الباب مفتوحا وافتح الباب الخلفي اسرع... ساخذها الى المشفى وانتم ابحثوا ....عن اي شيء قد يدل على من فعل هذا اسرعوا هيا...
حملها بين ذراعيه وهو متوجع لحالها
وضعها في المقعد الخلفي للسيارة
ودخل الى خلف المقود بسرعة الريح
وقال لاحد عماله:
- انت اريد منك ان تخبر العائلة ....حالا اسرع و اخبرهم...
- حسنا سيدي
بدأ العمال بالتأسف على حال السيدة
وعلى ماحصل لها وعن ما يعانيه الان سعيد
وكأن خنجرا معكوفا بشكل مخيف يعلقه بكل قسوة من نبض قلبه
بعد وصوله الى المستشفى وضعها حيث طلب منه الدكتور
وهو يشعر بها تبتعد وكانه سيموت ويفقد روحه معها
لا والف لا...لا ..ولا ..ولا يحبها ويريدها اكثر من حياته
هي من اعادت لحياته الطعم...
كانت الاصوات مشوشة حوله
لايستطيع ان يرسى على فكرة ويريد ان يطمئن عليها
باقصى سرعة
لم يشعر بعائلته الى ان جلس عبد الصمد قربه
- اخبرني عنها كيف هي...؟
قال سعيد المنهك والذي لايستطيع ان يركز على امر :
- انتظر الدكتور ...يا اخي لا اريد ان افقدها...
التفت الى حيث نظر الى عمته وامه وابيه
ولاحظ انهيار عمته وبدى له انه سينسف من الاصل ان ظل يراهم على هذا الحال
يتمنى يدا حانية تخفف عنه الالم
جلس قربه عثمان ووضع يدا على كتفه:
- ارجوك اخي ...اصبر ان شاء الله ستكون بخير....
نفض سعيد يد اخيه وصرخ بحدة وهو يقف
حتى التفت اليه كل الحاضرون:
انت لا تشعر بشيء ...ولن تشعر بشيء ..انتم لاتشعرون بالنار التي تصعر في داخلي
بقي عثمان جامدا لكلام اخيه ونطق ببطئ مر:
- يا ليتني لم اشعر... وليتني لا اشعر حقا ...
نهض من مكانه وقال لاخيه الذي اتخد الحائط سندا له:
- اسف اخي اتمنى لها الشفاء...
ضرب على كتفه وخرج من المشفى ككل
نظرت فاطمة الى ابنها واشفقت على حالته
وهي تسند مليكة التي انحنت عليها احدى الممرضات تعطيها مهدئا لتسترخي
- ستكون يا مليكة بخير...
قالت مليكة بحزن :
- ابنتاي ...وابي...هذا كثير ...
طلبت منها فاطمة:
- استغفري ربك يا مليكة....ارجوك ...
تمتمت مليكة الاستغفار في فمها حتى شعرت بثقل لسانها
اقترب سليمان من ابنه سعيد يقول:
- هيا يا بني ...ستكون باذن الرحمان على مايرام وسندعوا لها..وادعوا لها...
حرك سعيد راسه باسى احتراما لابيه
فيفوق قدرة تحمله
لولا صبره لكان دمر كل شيء حوله
لكنه يقسم انه سينتقم لمن ينتقم منه بهته الطريقة ولديه في فكره شخص واحد قادر على عمل خطير كهذا
يشعر بعنف المصيبة كالخنجر... ذوا حد قاطع لاوصاله
طعنه وولج قلبه يتوجفه...بين اشواك الوجل وأمواج التوجس الرعناء المظلمة
يعاني من حرقة لايعلمها غير(الله)
حزن وشدة وجدٍ ...وغلبة حر الجوىآ
الذي يرعشه ويضعفه يخلع عنه الحياة حد الدموع
كيف امسكها خائرة بين ذراعيه
كيف تسيح دمائها المراقة...لما لما..لـــمـــا؟
يكاد يجن يكاد يثور يحطم ويبكي
يريدها حية ترزق وتعيش في ضحكتها الطيور
وتغرد العصافير على الحان صوتها
أن تتفتح الازهار بين اهدابها الرقيقة
لكن....أكبر هم يصيبه أن يراها معراة من كل قوة ضعيفة مغشي على عيونها
قلبه يتمزق...
نار تقدحه ..تكاد تبجسه...
كانت تضحك فيشع صباحه...
تهمس فتتغلغل بعمق العطور..
حية تحيي معها قلبه الموله...
والان لايرى سوى صورة تمزق الجسد والروح المعذبوة الى نثرات
ظنه بل لايزال يحاول ان يجعل الظن يعيش بالحقيقة
أنه فقط يضغثها في حلم مزيف زائل...في ذلك الوضع...
ينتظرها لتوقظه تذيبه بعذوبة من شفاهها
أن تداعب بانفها الرفيع خدوده الخشنة
ان تدغدغ صدره بشعرها...
لكنه سراب يجعله يختنق من جديد ويفقد تلك اللحظات الثمينة التي لاتعوض...الا بوجودها
بعد ساعتين والنصف ساعة
ترقبوا خروج الدكتور على اعصاب متشنجة تكاد بكلمة واحدة ان تنفجر
وبعد خروج الدكتور طار اليه سعيد مسرعا:
- دكتور ما الذي جرى....؟
قال الدكتور وتبدوا الافكار عميقة على وجهه:
- علي ان اشرح لكم الحال بالضبط هته الفتاة قد تعرضت لشروخ عديدة على مستوى الجسد تجعل جسدها مشوها كليا لكنني قمت بعملي والحمد لله هي الان بخير...لكن علي ان اعلمكم ان ماحصل حصل عن عمد فقد كانت مخدرة تماما ...وهذا يضطرني الى الاتصال بالشرطة للتحقيق بالامر..
كما اراحهم خبر نجاتها
لايزال سعيد متالما للحال حتى انه جلس على بلاط المستشفى
تشوهت ...هل هذا هو الانتقام السحيق ...
ترك لابيه موضوع الاهتمام بالامور في المستشفى وخرج مسرعا دون ان يخبرهم بشيء
تاركا اياهم دون ان يخبرهم شيء عن وجهته
فدعت فاطمة لولدها بهمس:
- يارب اللهم غلب ابني على اعداءه مهما كانوا ...
يتبع......
|