كاتب الموضوع :
Jάωђάrά49
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
بسم الله الرحمان الرحيم
:
:
:
ولا حول ولا قوة إلا بالله
:
:
:
:
وأستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
:
:
:
الجزء السابع والعشرون
ليلة غريبة وليست اعتيادية
فمنهم من انهكه التعب
ومنهم من إحتواهما الدفئ بعيدا عن هموم الدنيا
ومنهم من فرقته المسافات حتىآ بات الليل يطول عن غير عادة من السهاد في البعاد
اشتياق لحضن الاخر وهو قريب وليس بالبعيد يأرق أحلامهم
موجع هو الصدع الذي تسلل منه الحب كما لو انه يجرف للخارج
ومنهم من ينهكه التفكير في يوم غذ الذي سيغير حياته وتكون بداية لحياته
يتذوق فيها حلاوة الزواج وعذوبته
ينتظر بفارغ الصبر ان يكتفي من هذا الشوق الذي اذاب فؤاده وزاد من عشقه لها اضعافا مضاعفة
في جناح عثمان
كانت الظلمة في غرفة ثريا التي عادت لها وحدها تلفها من كل جانب
فلايوجد الليلة القمر الذي يضفي رونقه على الغرف بضوءه الجميل
وقفت بغلالة نومها البيضاء
وتوجهت الى النافذة علها تسترجع القليل من التعب يساعدها على النوم
شعرت بيدين قاسيتين وبقدر تلك القساوة كان الدفئ منهما جنة خيالية في نظرها
صعدت اليدان على ظهرها وجذبتاها من كتفيها الى صدره
التفتت تنظر بهول الى زوجها العاري الصدر والمشعت الشعر
وهمست:
- عثمان….لكن…
وضع ابهامه على شفتها حتىآ التهبآ معاً
وهمس وانفاسه قرب رقبتها:
- بدون لكن …أنا آسف ساحرتي على ما بدر مني
إبتسمت بارتياح تام وشعور عميق بالرضىآ
كآن كل منهما يذوب في عيون الآخر
زرع أصابعه في عمق شعرهآ وجذبها بيأس إليه
لم يفرق بين شفاههما المندغمة أصلاً سوىآ القليلُ القليلْ
وعندها أشعرها عثمان من إبتعاده المفاجئ أنه هنآك شيء مآ
همست بالكآد وشبه مختنقة:
- مآذآ ...لما ....
أشار لها أن تنظر إلىآ الجهة الأخرىآ
فنظرت وقد خفق قلبهآ بشدة رهبة وحنينا
إحساس بالسعادة والفرح
وبين عدم التصديق لرؤيته
اقتربت من مكان وقوفه والهالة تلك الهالة تحيط به نوراً
همست مختنقة العبرة وفي عيونها دموع وداخل قلبها حزن لآ يضمحل:
- أبي....آسفة ...لم أرك
شاهدت ابتسامته ملأ فمه ويطلب منها الاقتراب
- لاتخآفي هات يدك
إقتربت منه وضمت نفسها اليه بحب :
- أبي غبت عنا طويلاً أيها العزيز...أخبرني مآ الخطب هل ستبقىآ
قال لها بصوت حازم:
-لآ ...
قالت بشجن مهمومة في ملآمحها:
- خذني معك اتوسل اليك أبي يا أبي أست...
- لآتكوني لحوحة يآ ثريآ فهنآك مختلف وأنت لآيزآل ينتظرك الكثير ...أتيتك لشيئين
قالت تمسح دمعتها :
- مآهمآ؟
أشار بإصبعه إلىآ عثمآن الجالس على طرف السرير الذي ينظر اليهمآ:
- ان ترضي بالقدر خيره وشره
لم تفهم لكنهآ إلتفتت إلى والدهآ تحرك رأسها بالإيجاب:
- أجل حبيبي سأفعل ...والأمر الثأني
أشار لهآ من النافذة إلىآ أختهآ في الاسفل :
- أطلبي منها أن تحذر
- أبي اترىآ أختي.... تلدغهآ الأفاعي...سأذهب إليهآ
أمسك والدهآ بيدها يقول:
- أطلبي منهآ أن تحذر
وتحرك والدها يخرج من الغرفة لكنها قالت تتبعه وتمسك يده:
- لآتذهب أبي ارجوك خذني معك
قال لها يبتسم:
- لآتكوني لحوحة يا ثريآ ...
قالت تقبل يده:
- إذن إدعي لي
رفع كفيه لله سبحانه وتعالى ورفعت يديها تردد وراء كل جملة آمين قال:
- اللَّهم انر طريق ابنتآي يا رب ...اللَّهم إرضي عنهما...واحفظهمآ يآ رحمان آمين
خرج والدها من الغرفة وشعرت بفرآغ غريب
إلتفتت إلىآ سريرهآ ودخلته وتدرترت
للحظة شعرت بيد علىآ جبهتها وشخص يهمس باسمهآ
كانت عيونها نصف مغمضة مابين الحلم والواقع
- ثريا ....ماذا بك ...؟؟
إستفاقت اخيرا كليا وشاهدت يد زوجها علىآ وجهها
واعتلتها الحمرة فهي تدري انها كانت تحلم
وكم كانت رغبتها قوية في البوح بما يخنقها
ان تبكي بحرقة لمن اختفىآ عن ناظريها الحبيب الغالي والدها
قالت لعثمان الجالس قربها على السرير:
- ما الذي تفعله يا عثمان في غرفتي؟؟
قال وقد احتل الغضب ملامحه بدل الاهتمام:
- ثريآ لست هنا إلا لأني دخلت لكي اتوضئ قبل صلاة الفجر ....وسمعتك تتكلمين فقلقت ضننتك مريضة
قالت بنفس عصبيته:
- انا بخير فابتعد عني من فضلك...
تنهد عثمان بما يثقل صدره من هموم هته المراة
وابتعد ليدخل الحمام اكرمكم الله
بينما ظلت في مكانها تخفي عيونها الحزينة في مخدتها الوحيدة التي تدري عن اسرارها الخفية
ظلت هكذا تفكر في كلام والدها
إنها رؤية فكرت في كلآم والدهآ إلىآ أن خرج عثمان من الحمام
إلتقت بنظرته وشعرت كانهما غريبين من عالمين مختلفين
نهضت هته المرة لكي تتوضئ وتصلي وتدعي لوالدها بالرحمة
في مدريد
خرجت الهام من الحمام بعد وضوءها
وقد ارتدت ملابس الصلاة
وجلست تقرأ من القرآن ما تيسر سمعت وقع اقدام في البهو وبعدها سمعت الباب يغلق
فعلمت انه ولا بد عصآم من خرج إلى الصلاة
ابتسمت وشعرت بغبائها لفعل ذلك
فخطرت لهى فكرة نهضت بعد أن وضعت القران في مكانه وخرجت متوجهة بخفوت الى غرفة نسرين وزوجها
فبجرءة لاتدري من اين لها بها طرقت الباب
ونادت:
- نسرين...احم...نسرين...
في الداخل حيث كانت نسرين توجه وجهها للباب وهي نائمة
ويحيطها زوجها بذراعه القوية
تحرك لأنه الأول من سمع صوت إلهام فهمس وملامحه ممتعضة من إنقطاع نومه:
- نسرين ...نسرين...
تململت وهي تجر الغطاء علىآ رأسهآ
جر ميغيل الغطاء من فوق رأسهآ
- نسرين ...حياتي "مي أمور" إنهضي
رفعت نسرين رأسها وعلى وجهها تكشيرة أضحكت ميغيل فقالت بنعاس:
- ماذا ميغيل دعني أنام من فضلك أوف
قال بخفوت:
- لست انا من ينآديك بل الآنسة إلهام
نهضت نسرين تسمع الطرق مرة أخرىآ
- لكن ماذا تريد في مثل هته الساعة؟؟
وقفت إلهام تائهة فقررت أن تعود أدرآجها إلىآ غرفتها
في تلك اللحظة فتح بآب غرفة نسرين ونادتها وهي تغلق باب غرفتها:
- إلهام هل من مشكلة اتريدين شيءً
قالت إلهام بابتسامة خجولة:
- هلآًّ أتيت معي لنصلي
بهتت نسرين وحكت شعرها وجذبت على نفسها الروب :
- أنا...لكن لمآ تريدين ان أصـ..لي معك ؟؟
قالت إلهام:
- آسفة إن ازعجتك لكني أخاف الظلمة هنا في البيت ..وأحب صلاة الفجر مع شخص ما... فأشعر بالأنس
شعرت نسرين بالإمتعاض من نفسها أكثر من إلهام :
- لكن يا ....إلهآم انت لن تضحكي علي ...إن أخبرتك أنني لآ أعرف ...كيف أتوضأ أو أصلي
لم تشعر إلهام بالدهشة بل بالنصر :
- سأريك كيف تعالي
ذهبت نسرين معها غلىآ غرفتها وشعرت بشيء مألوف فالجو في غرفة إلهام مشابه للجو في غرفة عصآم السجادة والقرآن
كانت نسرين مترددة لكنها شعرت ان من غير اللآئق ان ترفض لضيفتهم طلبا لذلك أرتها طريقة الوضوء المناسبة
ووعدتها بجرءة أنها ستتعلم كلما صلوا الفجر معاً
بعد ان انتهوا من الصلاة جلست إلهام على السجادة لتقرأ من المصحف الكريم
وكانت تنظر إليهآ نسرين بشيء من الإهتمام
التفتت إليها إلهام وسألتهآ:
- هل هنآك شيء ..؟؟
أجابت نسرين بأنتفاضة:
- لآ كل مآ في الأمر أنآ أتمنىآ أن أتعلم ...الـ...العربية في الكتابة أعني فعندمآ ينتابني الفضول نحو القرآن لأقرأه كما يفعل أخي لآ أستطيع لأني جاهلة في اللغة
انصدمت إلهام واندهشت من خجل نسرين
وكأنها تخجل من أن تعترف بأمر عادي كهذا ابتسمت لتشعرها بالإرتياح:
- أمر ليس بالسيء أن يكون المرأ جاهلا في بعض الأمور لكن العيب في أن يرفض تعلمهآ
- منذ الغذ..أقصد منذ اليوم...سأبحث عن معهد للغة فلآبد من ان هنآك وآحد
نهضت إلهآم من مكآنهآ تقول:
- يمكنك أن تبحثي عن دآر للقرآن وهكذآ تكونين قد ضربت عصفورين بحجر وآحد
نهضت نسرين أيضآ تجمع حاجيات اخيهآ التي استلفتها منه
- أنت محقة سأفعل ...صراحة أنا أشكرك من كل قلبي علىآ ما علمتني إيآه
- لاشكر علىآ واجب
مضت نسرين تقفل الباب وراءها
وتتوجه إلىآ غرفة أخيها التي فتحتهآمن دون استأذان
قال عصام بدهشة:
- نسرين...؟
أجابت نسرين وهي خجلة:
- آسفة اخي ظننت أنك لاتزال في الخآرج ...
قال والاهتمام يحفزه لسؤالها :
- ماذا تفعلين بأغراضي؟
قالت تبرر:
- آسفة إن ازعجك أنني استلفتها فلن اعيد الكرة مرة اخرىآ
ابتسم ورد :
- اليس من المفروض أن اعرف اولا وبعدها اجيب...ماذا فعلت بهآ؟
قالت نسرين بتردد:
- انا ...صراحة نادتني إلهآم لأأنسهآ في الصلآة وقد صليت معهآ
يـــــــــآي أخي آه لو تعلم مقدآر السعآدة التي شعرت بهآ وأنآ أصلي
روعة ....
استغرب عصآم ما تقوله اخته لكنه فهمه:
- جيد جدا وعلىآ عملك هذا تعالي لأعطيك قبلة
اقتربت مسرعة إلى حضن اخيهآ الذي قبل وجنتهآ
- تهآنينآ أختي علىآ ذلك
توجهت للباب تقول بحبور :
- تصبح على خير أخي
ابتسم لهآ:
- تصبحين على خير نسرينتي نامي جيداً
يآللدهشة التي اصابته
كيف بإلهآم ان تصل إلى شيء لم يستطع هو أبدآ الدهر ان يصل اليه
فيتسآءل هل فعلا شعرت بالوحدة لصلآتها الفجر
او الامر مختلف كليا ومحض ذكاء منهآ
في المسآء
بالقصر
اَلْمـَــــنـْــــصـُـــورِِـــــِي
كآنت التحضيرآت بالنسبة لعآئلة العريس بسيطة وبدون تعقيدآتٍ
الهدآيآ الخاصة بالعروس جاهزة ووضعت كلها في السيارة التي سيقودها
الجد وسليمان
وايضا فاطمة ومليكة
اللتان اوصتا الخادمات بالتأكد من أن كل شيء بالغرفة جاهز
نزلت عبير في قفطانها البراق المتلألأ بزهور متمازجة في الالوان الخضراء والزرقاء المخضرة والصفراء
وسعيد يرتدي بذلة بنية اللون بقميص مفتوح عند الصدر في اللون الابيض
احتلآ مكانهما في السيآرة التي سيقودها سعيد
في جنآح عثمآن
الوضع هو الوضع
والضغط الموتر للأعصاب لآيزآل قآئمآ بينهمآ
بعد أن استحم عثمآن وحلق ذقنه
خرج من الغرفة كلهآ وفي يده بذلة سودآء وقميصه
بدىآ لهآ أنه يتجآهل وجودهآ ويتصرف كمآ لو أنها غير موجودة
فلم تهتم كثيرآ هي الأخرى وإدعت نفس الشيء
نهضت من السرير بعد خروجه
شكرت الله لأنهآ لن تضطر لإرتدآء سوىآ الحجآب وليس النقآب
لذىآ إختارت قفطآناً وردياًّ قاتما يميل علىآ الأكتاف
وينزل علىآ ثنايآ جسدهآ يكوِّنُ منهآ صورة فاتنة
واِرتدت الأكسسوآرات الخآصة مع القفطان والتي زآدت من حسنهـــآ ورونقهــــآ ورقـَّــةِ بهآئِهـــآ
مشَّطت شعرهآ ووضعت مآكيآجاً خآصاً بالمنآسبة بخفة يدٍ متقنةٍ
وسمعت حذآء عثمآن علىآ أرض الغرفة يطرق
وكآن بالإمكآن أن تلتفت
لكن لم تشئ أن تنظر إليه
وهي تدري أن بسبب روعة طلته يشظىآ قلبهآ
يستنبط أية وسيلة في خلق الوجع الذي يثخن فؤآدهآ منذُ عَرفتهُ
ارتجفت يدهآ الحآملة هي لأحمر الشفآه البرآق علَىآ شفآههآ العذبة
أعادته إلى مكانه ونظرت إلىآ عثمان في المرآة تقول:
- هل تريد...شيء ؟؟ هل أحجبه عنك...؟؟؟
إستمر في صمته وهذآ زآد من إنزعآجهآ
وإستوجف ذلك قلبهآ تخشىآ الضعف
وهو يلعب بأعصآبهآ
بنظرته تلك
- توقف يآ عثمآن عن النظر إلي هكذآ... من فضلك
أجاب أخيراً وهو يقترب منهآ أكثر ليزيد توترهآ :
- هذه هي الطريقة التي سيضل من في العرس كلهم يبحلقون فيك بهآ...
سألته وقد إكتستها الرعشة:
-وما الذي تقصده..؟
قال يمسك شعرها ويجذبها اليه ليهمس في عمق أذنهآ وشفآهه
ملتصقة عليهآ تزيد من عذآبهآ:
- لن تذهبي إلى العرس ...ولو علىآ جـ..ثـ..تــي
شعرت بالألم في شعرهآ وبالألم المعنوي ينحر قلبهآ :
- دعني ..لمآ أنت شرس هكذآ ..أنت تألمني يآعثمآن ...أترك شعري إن الخنزير نفسه أحسن منك...
سحب شعرهآ اليه أكثر يقول:
- إن كنت أنآ أسوء من الخنزير فلآ بأس ..لكن لآ تنسي نفسك فأنت أدنىآ مستوىآ
تألمت من جره ومن نفضه لهآ بقسوة
رمقته وقد التفتت اليه وتحارب الدموع من الوصول إلى عيونهآ :
- وانا أكرهك كمآ لم أكره رجلاً في حيآتي... أو أكثر.. كمآ لم أكره إنسآناً في حيآتي ...وأنت لآتهمني ...ولأزيدك ...أخبر الجميع بقصتي فلآ...يهمنـــــي ...لآ يهمني..
اردف بصوت واثق:
- لن تذهبي إلى العرس وكفىآ أزيلي هذه الملآبس وارتآحي أفضل....لست مجنونآ بتركك تأتين العرس ...أخاف أن تفضحيني
سقطت علىآ كرسي المنضدة
يتلف عروقهآ هذآ الحـــبــــ المـــــوجع
ويتمـــــزق فؤآدها من شدة كرهه ومقته لهآ
أليس في صدره الرجولي قلــــب
ألم يفكر أنهآ إنسآن وكيآن وروح تعيش علىآ وجه آلأرض
ألم يفكر أن تنفسها يكون عآديا كبآقي البشر لكن بسببه تفقده تَقْرِيباً
ألم يفكر أنها إنسانة تبرد وتحتآج لحضن وقلب ينبضــــ
رآقبته بين رموشها الكثيفة المنسدلة
راقبته وقد طغىآ علىآ قلبهآ غمآم الحزن
رآقبته وقد أنطلقت رصآصآت قآتلة تخرق صدرهآ من دون صبـــر
رآقبته وهو يضع من العطر على ملابسه
نظرت لأنعكآس عيونه السودآء الفحمية علىآ المرآة وغلبتها رغبة في البكآء
إنها تُعَدُّ ممن فقدوا الأمل في الحبـــ
أبداً لن تحصل علىآ يده حانية يومـــاً تربت علىآ شعرهآ
أبداً لن يكون الأب الحآمي الذي فقدته
أبدآ لن يستجمع دموعهآ ويبعدهآ عنهآ في لحظآت البؤس
بل ستضل في قصْرِهِ السجينة وليته السجآن
بل تلبس شخصية الجلآّد القآسية بنفسه
مآعآدت تهمه
فهآهو يستدير ليخرج ويتركهآ في بحر دموعهآ الغَافِيَةِ تَغْرَقُ
وبمهل تتذوق ملوحتهآ الممزوج طعمهآ بالمرارة ألّــــآمتنآهِيَـتــــِـ
بعد نزوله إلىآ أسفل
وجد أمه وعمته تتحدثان مع الخآدمآت فسألته مليكة:
- عثمان... أين ثريآ؟؟
قآل عثمآن بتبآت مبتسماً:
- إنهآ تشعر بالإعيآء قليلاً لن تأتي معنآ
تكلمت أمه:
- لكن هل هي بخير؟؟... أتشعر بأنها علىآ مآيرآم؟
رد ببرود:
- أجل لآ تقلقي
قالت مليكة وهي تهم بمغآدرتهم إلىآ فوق:
- سأصعد إليها لأرآها إن إحتاجت إلىآ شيء
قال عثمآن بصوت وآضح:
- طلبت مني ألاَّآ يدخل أحد للغرفة عمتي إنتظري حتىآ نعود إنها لآ تحتآج إلىآ شيء فلقد تأكدت بنفسي من ذلك وأظنها نآئمة
تعجبت مليكة لكنها تقبلت الأمر
خرج الثلاثة إلى السيارتين
ذخل عثمان السيارة وراء عبير وسعيد
اما فاطمة ومليكة فقط ركبتآ مع الحآج وسليمآن
في إحدىآ المزارع البعيدة قليلآ
يجلس علىآ كرسيـــه ورآء مكتبه الفخم وبين إصبعيه سيكآر من نوع فرنسي غالي الثمن
نظر أمامه مباشرة للواقف أو الواقفة أمامه
فقال بصوت خشن هرم:
- لما أخفيتي عني كل هته المدة الأمر ذآك
جلست على المكتب ترجع شعرها الأشقر الى الورآء:
- آسفة لكنني لست شريرة حبيبي ..تدري آنا رقيقة بطبعي وعطوفة ..وأنت أكثر شخص إلتمس ذلك في شخصي
قال يضرب على المائدة:
- وأنا الذي ضننت أنه....
قالت تقف وتتحرك مبتعدة من المكتب:
- أنا أحبك يـــآ عجوزي فلا تنفعل هكذا
إن أخفيت عنك فلصدآقتك معه
قال العجوز بتبرم:
- انا ليس لي اصدقاء اكتسبت عبرة من حياتي ألا أصادق أحداً مهماً كان فقط للمصلحة...لكن أن يقوم فتى مثله بطردك بالطريقة التي قلتها فسأدفعه الثمن غاليـــاً
التفتت إليه بابتسامة منشرحة واقتربت منه والسيجارة في يدها تخلف دخانآ رماديآ ورآئها:
- الليلة نفذ... إن كنت تريد بقائي ...ما رأيك..؟
ابتسم يمد يده لهآ:
- لآيغلىآ عنك شيء
ضحكت بغنج وهي تضع يديها حول عنقه وتضع دقنها علىآ صلعته:
- ههههه هذا ما اسميه رجلا ...رجلي وحبيبــــي
فـــِي فـِــيــــلـَــآ سِّـــي مُـــحَـــمـــَّــدْ
يبدو عرســــاً مثاليــــاً
حُضِّرت صالتان للرجال والأخرى للنساء
حيث وضعت موائد إضافية مزينة بالورود ومعدة بمنآديليهآ المطرزة والصحون الخآصة
كآن في صآلة الرجآل فرقة موسيقية شعبية
تصدح بأغانيها النشيطة
والتي تصل حتىآ صآلة النسوة التي أطربن
وأخدن في الرقص بكل طآقتهن
في الأعلى كآنت النكآفة تسآعد العَرُوسْ على إرتداء الملآبس الخآصة
وعبد الصمد في غرفةٍ أُخرى تهيِّئه أيضا النكافة في إنتقاء اللِّباس المتمآشي مع ألبسة العروس
في الأسفل حضرت العآئلة في السيارات
ونزل كل من سعيد وأخيه وأيضا رافقهما سليمان والجد
حيث استقبلوا أحسن إستقبال
وبجانبهم كل من عبير ومليكة وفاطمة حيث انزلت الهدايا من السيارة
وهتفت "الدقة "بأهازيجها الصاخبة الرآقية
للإعلآن عن حضور أهل العريس
وإحضآر الهدآيآ
بعد لحظآت
فوق في الغرف خرج عبد الصمد من إحداهآ
ينتظر مهجة فؤاده المغزوِّ عشقاً من قبلهآ
بعد ان خرجت هند في كآمل أناقتهآ وأنوثتهآ التي تذيب الحجر من الغرفة الأخرىآ
دنىآ منهآ وإندغم في محيآها
والمسحة التي تعلو ملآمحهآ الألمآسية
أمسك يدها في ذرآعه
وإنحنى مقبلاً جبينهآ يختطف تلك اللمسة الدافئة بجهد جهيد
فالنكافة كانت تعطيهمآ التعليمآت
عن كيفية الوقوف في أعلى الدرج
وهناك استقبلتهم انوار المصورآت والكآميرآ
وزغردآت المدعوين والنكآفآت
وتوقفت الفرقة الموسيقية عن العزف
وبدأت الدقة في إعلان نزولهمآ
وهكذا نزل الإثنان ووجدت هند صعوبة في عدم الشد على يد عبد الصمد
الذي اسعد لذلك وهمس لها:
- إسترخي...
قالت بشيء من الذهول:
- هآ ..يا الله أطلب أي شيء إلا هذه ....عبدو...
ضَحك وشآركته الضِّحكة وإنعكَس سُرُورُهُمَآ علىآ المَدْعُوِّين
حيث قآدتهم النكآفة
إلىآ مجلسهمآ اَلملكيِّ وسآعدتِ العَرُوسَ
لكي تجلسَ وطلبَت عدة مرات من عبد الصمد ان يساعد زوجته في وضعية الجلوس
ومضىآ نصف العرس هكذآ
مابين تغير ملآبس العروس ومرآفقة زوجهآ لهآ كعمل متعب ومرهق
لكن تبقىآ ذكرآه محفورة في الذآكرة
مَهْماً صَآر تَبقَىآ ذِكــــرَيــــآتٌ كَهَتِهِ تُحَرِّك فِي كَيَآنِنآ حَنِيناً لآيُعَوَّضُ
ومَرَّتْ لَحظَآتٌ تأتي فِيهآ عآئلةُ اَلْعريسِ أو ألأصدقآء
لِيَأْخَذوا الصُّورَ معَ اَلعُرسَانِ
وَكآنتِ ألإبتسَامَةُ لآتفَارِقُهُمُ مَعَ النكاتِ الَّتِي تشرحُ الصَّدْرَ فِي جوٍّ كَهذَا
بعد أن تركت عبير زوجهآ يعود إلى المجْمَعِ
عآدت بدورهآ إلىآ المآئدة حيث تجلس فيهآ هي وأمهآ وحمآتهآ
مع إحدىآ النسوة وإبنتيهآ
جلست عبير تفتشُ فِي مُحتَويات حقيبتهآ لتعدِّلَ مآكيآجهآ
بينمآ أصغت إلىآ حديث حمآتها مع المرأة الَّتِي لآبُدّ َمن أنهآ من الصديقآتِ الرآقيآتِ للعآئلةِ:
-ومتىآ سيحدث ذَلِكَ...؟؟؟ , سؤآل طرحته فآطمة بفضولهآ
أجآبت المرأة التي تحيط بهآ إبنة من كل جىنب :
- نهآية هذآ الفصل إن شآء الله
قآلت فآطمة ترفع حوآجبها بشيء من ألإستنكآر:
- لكن أتزوجين الصغرىآ ...أقصد زينة ...ومآذآ عن اَلْبَآتُولْ
أجآبت المرأة بدهآءهآ:
- الله موزع الأرزآق ونحن لآيهمنآ سوىآ الخير لأولآدنآ ومهماً طآل الزمن أو قصر إن شآء الله البَآتُولْ ستتزوج
شَعرتْ البَآتُولْ بالخجَلِ
من هذآ الكلآم فنهضت تستأذن لكي ترقص مع البنآت:
- أستأذنكم ..أمي حقيبة يدي معك سأرى إحدى صديقآتي هنآكـَ
بعد إبتعآدهآ من المآئدة التي تجمع النسوة قآلت المرأة لإبنتهآ الأخرىآ :
- زينة إذهبي وأرقصي أيضاً
نظرت زينة إلى الجآلسآت بترفُّعٍ
فهي تكره أشد الكره أن تتحدث إحدآهن عن أختها بسوء
قآلت مليكة تشآرك الحديث:
- بنآتك جميلآت مآشآء الله عليهن
قآلت المرأة بتفآخر:
- نحن من عآئلة متعلمة ومثقفة ... والزواج أولاَ لم يكن سوىآ صدفة الشآب يريد الذهآب إلىآ بلآد المهجر وقد تعآرفآ في الجآمعة وهو أيضا من عآئلة مرموقة أصلاً سنقيم الحفل وسيتم الزفآف و يسآفرآن بعده
أردفت فآطمة بفضول:
- والبآتول كيف تشعر وهي الكبرىآ وتضل من دون زوآج
- إبنتي ترضىآ بالقدر سيدتي ...ليس عليهآ أن تغآر مثلاً فهي تعرف جيدا أن ألف شخص يتمنآهآ وهي لآتزآل في سنهآ الثلآثين ليس بالكثير وتضل فآتنة رغم ذلك...لكن لديهآ نظرة خآصة للمستقبل...
رنَّ هاتف عبير وانهىآ
إستمآعهآ إلىآ حديث النسوة لتحمل الهآتف وتبتعد عن الجمع:
- ألو...
ردت ثريآ من الجهة ألأخرىآ:
- هلآّ أتيت يآ عبير من فضلك أريد أن آتي إلىآ العرس
قآلت عبير تسأل:
- لكن ...ألم تكوني تعبة ونمت ؟
قآلت ثريآ في نفسها
هذآ مآ أخبرهم إيآه سأريه
يخآف أن أفضحه كمآ لو كنت عآهة أو بي خلل مآ
- عبير إسمعي أنت تعآلي لي حآلاً أريد حضور العرس لقد أصبحت بخير لكن لآتقولي لعثمآن أو أي أحد شيء
ردت عبير من دون أن تسأل:
- حآضر...المشكلة في المفآتيح لست أدري إن أخدهآ سعيد أم إنها تَضَلُّهَآ في السيآرة ..لآعليك سآتي...ألسلآم عليكم
ردت ثريآ بقلب نآبضٍ منَ الخَوْفِ:
- وعليكم السلآم ورحمة الله
شعرت ثريآ أن نبضهآ يتضآءل
وكأنما ستنتهي بأن يغمىآ عليهآ
رغم شجآعتهآ يبقى نفس الخوف
والَّذي زَرَعَهُ عثمآن بِحِنْكَةٍ بين جوآنحهآ يعصف بهآ
إقتربت عبير من المآئدة الدآئرية وهمست لأمهآ بأنهآ ستخرج
بعد ذلك خرجت من الصآلة لتذهب إلىآ حيث سيآرتهم مرصوفة
نظرت إليهآ من الزجآج وعلى وجههآ إمآرآت السعآدة
ركبت السيآرة وتوجهت بهآ رأسآ إلىآ القصر
في القصر كآنت ثريآ قد حضرت نفسهآ جيداً
وَجلسَتِ في الشرفة تنتظر سمآع السيآرة تقتربُ
بعد لحظآت من وقوفهآ تقدمت سيآرة عبير الَّتي أوقفتهآ وخرجت تلوح لهآ
فأومئت لهآ ثريآ بالإنتظآر
نزلت ثريآ الدرجَ وتَوَجَّهَت إلىآ البوآبة
وخرجت رآكضة إلىآ أختهآ
- هيآ أنت لم تخبري أحداً بأني آتية
قآلت عبير تأنبهآ:
- هل تضنينني صغيرة طبعآ لم أخبر أحداً ...لكن أعذريني لمآ السرية
تحركت عبير بآلسيآرة فأجآبت ثريآ وفي عيونهآ تحد قوي:
- مفآجئة فقط ...
بعد وصولهم إلىآ المنزل
نزلت الإثنتآن
فقآلت عبير وهي تمسك بطرفي القفطآن الطويل:
- أتمنىآ ألآ يكون أحدٌ قد إنتبه علىآ خروجي من البيت
قآلت ثريآ بإبتسآمة :
- وأنت معي لن يظنوآ بك شيء
دخلت ألإثنتآن إلىآ صآلة النسوة
ونزعت ثريآ عنهآ الحجآب فإسترسل شعرهآ ألأحمر في لويآته حول ظهرهآ وأكتآفهآ
وإقتربت ألأختآن من المآئدة
فظهر التفآجئ علىآ كل من فآطمة ومليكة وأظهرتآ ألإهتمآم الشديد
قآلت فآطمةٌ تُخْلِي لهآ الكرسي لتجلس:
- ثريآ أخْبَرَنآ عُثمآن أنك تعبة فلما أتيت
قآلت ثريآ تمزح:
- هل أبدوآ لكمآ تعبة أُنظرآ إلي لآتخبرآني أنني آبدوآ سيئة إلى هته الدرجة
قآلت مليكة تمسك وجه إبنتهآ:
- مآشآء الله حبوبتي تبدين كالقمر المنير في سمآءه
إبتسمت ثريآ ونظرت لعبير للحظة وقآلت:
- عبورة...تعآلي معي أريد الذهآب إلىآ الحمآم لتعديل شعري
نظرت إليهآ عبير ففهمت
إن شيء غريباً في عيونهآ يدل على عكس ذلك:
- هيآ سآخذك إليه
توجهت ألإثنتآن إلىآ الحمآم فدخلتآه وكآن فآرغاً أكرمكم الله
نظرت ثريآ إلىآ المرآة ومشطت شعرهآ حتىآ يبدو برآقاً أكثر:
- مآ رأيك هل أبدو جميلة؟
قآلت عبير تضحك:
- لكن ثريآ هل كنت تريدين فعلاً الحمآم....أم أنا مخطئة....؟
أجآبت ثريآ بإنفعل ظآهر:
- أنت محقة أنظري عندي شيء أريد منك تنفيذه بالحرف الوآحد
- حسناً إسمعي....
خرجت عبير من الحمآم
وتقدمت إلىآ حيث مجلس الرجآل
فلم تستطع أن تقترب أكثر لذلك أوقفت نآدلاً يحمل صينية من الحلوىآ
وقآلت له:
- هلاًّ نآديت علىآ زوجي...
قآل الرجل يسأل :
- زوجك سيدتي لكن كيف لي أن أعرفه؟؟
- إنه من عائلة العريس يكون أخاه في الحقيقة... فمن فضلك أخبره أنني أنتظره ..
تحرك النآدل فأعادت منآدآته:
-... إن إسمه سعيد
ردد النآدل يومئ :
- سعيد ..حسناً
مرة أخرى أوقفته قبل أن يصل إلىآ البآب:
- من فضلك سآخذ هذه الحلوىآ... تبدو شهية شكراً
وقفت في مكآنهآ تنتظر خروج زوجهآ في هذآ الجو الصآخب
بالموسيقىآ والكلآم الذي لآينتهي
بعد لحظة أجفلت بيد علىآ كتفهآ فلم سمع خطآه
قآل سعيد عآقداً حآجبيه:
- مآ الأمر ....؟
قآلت تبتسم وهي تلوح بالهآتف في يدهآ:
- لآشيء عزيزي كلُّ مآ هنآلك أتمنىآ أن تخبر عثمآن أن زوجته تريده
قآل سعيد يسأل :
- ثريا؟؟
قبل أن يزيد من أسإلته دفعته برفق:
- هيآّ أخبره بذلك
عند دخول سعيد إلىآ الرجآل جلس قرب أخيه وهمس له في اذنه من فرط الصخب
- زوجتك تريدك فإنهض لمكآلمتهآ
نظر عثمان نظرة حآدة كنصل السيف تقتل من يعترض طريقهآ:
- كيف لكن أين؟
قآل سعيد يصرخ مرة أخرى:
- لآبد من أنهآإتصلت بك من البيت إنهض قد تكون في حاجة إلىآ أمر ما
نهض عثمآن يسند نفسه علىآ عكآز أسود رآق في صنعه
وخرج من المجلس لينظر يميناً ومِنْ ثُمَّ شمالآإلىآ أن رأى عبير:
- عبير ...أختي هل من مشكلة؟
عبير مبتسمة :
- لآ... لآشيء سيء لكنهآ تريد رؤيتك
قست ملآمح عثمان
ولفته صعقة قوية
هل ترآهآ فعلتهآ وأتت؟؟
تغير لون عيونه من الغضب:
- أين هي؟
عبير بنفس الإبتسامة:
- تفضل معي سآخذك إليهآ
كآن يتحرك بعصبية
يتبع عبير إلى المكآن الذي تأخده إليه
وفجأة صدمته صورة الشابة الواقفة قرب حمآم النسآء
يكره إشتياقه لها
يكره نفسه التي تجتاحهآ بعوآلمهآ وتترك لهآ المفآتيح بسهولة
رآقبته يقترب وتسآئلت
مالذي يآترى يحملني على هته التصرفآت؟؟
هل لأنه يتجآهلني وأريده أن يهتم بي؟؟؟
أم أنه التحدي الذي يجري مجرىآ الدم في عروقي؟؟؟
شَذََآكِــــ ...هذا الشَّذى الَّذِي يُسْكِرُنِي بحلآوَتِــــهِ
عُيُونُـــــكْ ..يآآ الله لم أرىآ لفتنتهآ مَثيـــلاً
وَخُصــــُوصاً... وهِيَ تَتَمآيلُ تحتَ أنوِآرٍ خَافِتـــةٌ
ومـــآذآ عن خُدُودِكِ أيتهآ العَنِيدَةُ ...نُعُومتُهآ كبَتَلآتِ وَرْدَةٍ نَدِيَـــــةٍ
تَتَفـــَتَّحُ بِـــــغُرُورٍ
وَثَغـــْرُكِ ..ثَغْرٌ لآتسْبَرُ أغْوَآرُهـــــُُ
لَـــــــهُ مِنَ الرِّقَّةِ وَاَلْعُذُوبَةِ مآ يُوجِعُ أوْصَالِـــــي
مَــــآذآ عَنْ جَبَرُوتِكَ الطَّآغــــِي
وَعَـــــنْ قُوتِكَ الَّتِي تَقْسِمُنِي أنصآفآ عَدْيدَةً لآتعـــــدُّ
يـــآ الله ..وَعُيُونُكَ مَآ بآلهآ سَوْدَآءٌ كَسَوَآدِ الَّليــــْلِ
عِرْقُهَـــــآ أصِيلٌ تتَأجَّجُ بِحَرَآرَةِ دَمٍ عَرَبِـــــيٍّ
إقترب عثمآن منهآ أكثر
أسند يده علىآ الحآئط فوق رأسهآ
وإستعذب رآئحتهآ التي تروي عظآمه
همس بمآ يكنه في صدره من حمىآ لإمرأتهِ ومن جُنُونٍ:
- تبدين...فآتنة...لم ..أعهدك بهذآ الجمآل
ثريآ ويَهِيجُ قلبها تحت سِحْرِهِ وقربه وكلمآته:
-... فقط...ومآذآ أيضاً...؟
دنت بشفتيهآ من فمه السآخر
لآحظت إنسحآره بفثنتهآ حتىآ تآه عن الكلآم
وعندهآ قآلت وهي تضع أصابعَ رقيقة خفيفةً علىآ صدره:
- لكن ألست غآضباً مني لأنني أتيت ...آه ..وتحديت غرورك سيدي وهزمت جبروتك...وأيضا..ألم أكن الفآئزة...فلو كنت تعيش في الجحيم فلن أرحمك...وبعد اليوم لن يمس إصبع منك جسدي...هه
أبعدت وجهها عنه
حيث شهدت العاضفة التي بدأت تتكهرب بصوآعقها علىآ وجهه:
- إذن تفعلين كل هذا للإنتقآم...
إلتفت عنها ورفع ذراعه ليصفعهآ بظآهر يده بقوة
وقسوة جآرحة حتىآ التصقت بعنف مع الحآئط
وإنصرف بعد أن رمآهآ بنظرة إستحقآر
فقد إرتمت علىآ الحآئط ومنه على الأرض
وبكت بل وفرغت كل ما في صدرهآ من حب قد يضعفهآ بعد الآن
ستنآل منه ..وقريباً جداً
ستجعله يندم علىآ مآيفعله بهآ
وهآهو اليوم يخل بوعده عن الصفعة
فمآ الذي يحمله الغَذُ إذاً
بعد ساعة
وبعد أن حُطت أطباق شهيةٌ من الطعام
على موائد المدعوين
لم يبقى إلا القليل علىآ إنتهاء العرس
وكم كانت فرحة سي محمد ورشيدة كبيرة
وتحملت الأم التعب أيضا فقد مرضاةً لإبنتها
هند إستنزفها التعب هي الأخرى
ووجدت فترة أكل العشآء هي الفترة العظيمة ففيهآ إرتآحت
وفضل عبد الصمد أن يتنآول العشآء مع عائلته في الأسفل وبين الرجال
وحديثهم وضحكاتهم
هند رغم أن الطعام شهي إلا أنها تجد صعوبة في إبتلاعه
فكلمآ حطت عيونها علىآ مكان
تتذكر هذآ البيت الجميل الذي عآشت فيه مع والديهآ طفولة مبهرة
ومع ذكر الطفولة
تسآئلت
أين عآئلتي الآن أضن اختي أعلم مكان سُكنآهاآ
لكن أبي ... أكرهه مما قيل لي عنه
وأمي الحنونة المسكينة يــــآ الله اللَّهُمَّ إعطف علينا يــــارب
وعآدت الإبتسامة إلى ثغرهآ المشمشي
بحيث تسآفر بهآ عوآلم كآئن من أجمل خلق الله في نظرتهآ
بل في عيونهآ المعشوشبة من خيآل البرآري
إن عبد الصمد بالنسبة لهآ لغز رآئع
فإن تعآيشه حتىآ آخر حدٍّ
وإن تكتشف شخصه عن قرب قريب
وأن تكتسح عوالمه وتقيس أغواره بعمق
لأمر يثير حماستهآ ويملأها سعادة خلاّآبة لآ توصف
فيُنآر قلبها بقنديل صاف من البلور
وتمتلأ أمام عيونها صحاري قاحلة بأرآض مخضرة موردة
فإسمه وحده كفيل بإشعارها بالدوخة التي لم تفارقهآ ابدٌ
بغض النظر عن حمآتهآ
التي شعرت أنها غير متحمسة لرؤيتها كزوجة إبن عزيز لهآ
فهند تحاول أن تصبر علىآ تلك الجهة وتتمنىآ أن تقنع عبدو بأن يقتنيَ لهمآ بيتاً في مكآن قريب لتعيش بعيداً عن أمه بهنآء
وتنسىآ جرح أصلهآ
وقف عبد الصمد وسط المجمع وإستأذن منهم
خرج من هناك وصعد تحت طلب من النكافة
لكن صوتاً نادآه فتوقف ليجد ذرآعه الايمن مصطفىآ
وقد بدت عليه إمارآت التعب والإجهآد
نزل إليه مسرعا وقال بإهتمام وشيء من الخوف:
- مصطفى هل هناك شيء ...؟
مصطفى بإضطراب غريب:
- سيدي أولا زوآج مبآرك وإتمنىآ من الله أن يسعدك
عبدوا بحركة من رأسه :
-آمين... مشكور علىآ مباركتك وإن شاء الله أنت أيضا
مصطفى بضحكة صغيرة :
- أجل سيدي ...سيدي لست أدري من أين لي أن أبدأ
لآحظ عبد الصمد التعب فعلاً علىآ محياّآ مصطفى وأخذ ذرآعه إلىآ مكان معزول:
- مآ الأمر؟
مصطفى بنفس التوتر الجالب للعصبية:
- الإصطبلات سيدي ..احتُرقت..ومعها كل الاحصنة...رغم أننا أنقدنا منها...غير انها سممت..
شحب لون عبد الصمد وتراجع :
- غير معقول ...ياربي ماهته المصيبة...يا الله...
مصطفى بترقب:
- ماذا ستفعل سيدي فالنيران تأبى التوقف...
تحرك عبد الصمد إلى الداخل وهو يفك ربطة عنقه بعصبية
وحركاته تدل على اليأس
ذخل إلى الصالة وهوشبه تائه فلم يستطع أن يتجاوب مع إبتسامة أو نكات أحد
توجه صوب مائدة عائلته
وهمس في أذن سعيد
الذي قفز من مكانه مصدوما وعيونه تكاد تخرج من محاجرها:
- ماذا ..مستحيل..لكن كيف؟
انتبه كل من عثمان الهائم وسليمان لوقفت الرجال
عثمان بشيء من البرود المعتاد:
- مابكما تبدوان وكأن أمرا سيء قد حصل
سليمان بتوجس:
- هل فعلا... صحيح؟
قال سعيد بتوتر ظاهر:
- آسف أبي ...يا الله ....لاحول ولاقوة إلا بالله
نهض عثمان وسليمان على آخر كلمة:
- ما الذي يحصل ياسعيد ما بالك عبد الصمد أخبرآنا
تكلم عبد الصمد واليأس يتملكه حد الدموع ازال سترته بعنف :
- الإصطبلات أحترقت وسممت كل الأحصنة ولانعرف من الفاعل ابي...سأذهب..
قال عثمان ياخذ عكازه:
- سنأتي معك....
سعيد بصرامة:
- انت وأبي أوقفا العرس وحاولا ألا تثيرا جدي فقط طمئناه سأذهب معه...."تبعه يجري"عبد الصمد إنتظر سآتي معك
دخل الأخوان إلى السيارة
وانطلق بسرعة يخلفان وراءهما عاصفة من التراب
عثمان تكلف بإخبار الجميع عن الحادث
وطمئنهم أن كل شيء على ما يرام
وقد بدت الصدمة على وجه الجد وسليمان أكثر من غيرهم
وحاول سي محمد ان يهدئ من روعهما
بعد لحظات وصل الخبر للنسوة
وهن تدعين بان تفرج
بدى الاحراج على وجه فاطمة حتى اصبح وجهها قرمزيا
أما مليكة وفاطمة فقد سعتا لجعل الجو لطيفا
لكن وللهول بدت وكأنما فاطمة تلوم رشيدة على ذلك ليس مباشرة لكن بكلام يخفي معاني كثيرة
هند وصلها الخبر من النكافة التي حضرتها بفستان العروس العاري الأكتاف بدون حمالات
وطرحتها البيضاء الصآفية
أخفت دموع حزنها وهي تنزل الدرج لتلتحق بالنسوة
- هل ذهب عبد الصمد...؟؟
سمعتها كل من عبير ومليكة أما فاطمة ورشيدة فقد كانتا تسبحان في حديث ليس بلطيف
وثريا بعد ما جرحها الحبيب القاسي
وترك علامآت واضحة على وجهها
حاولت التملص والإنسحاب
حتى عادت إلى القصر من دون مساعدة أحد
مليكة بشجن واضح
وقد تقطع فؤادها لمشهد هند بطرحتها والحزن يطل من عيونها:
- هند تعالي بنيتي تعالي واجلسي
عبير بنفس النبرة العطوفة:
- لاعليك امور كهته تحصل فلا تحملي هما
أومئت هند وهي في قمة حسرتها والمها
مما حصل في آخر اللحظات جمالية في زفافها
- الحمد لله ...على كل حال
قالت فاطمة بصوت غريب:
- طبعا فلستم انتم من تأذى الآن ابني فقد ثروة في تلك الأحصنة ...إنها حياته..لاحول ولاقوة إلا بالله...المصائب تأتي دفعة واحدة مجرد...نحس
رشيدة وهي تقف لترد:
- فاطمة إستهذي بالرحمان... يا امرأة ماحدث ليس إلا حادثا والحوادث تقع متى أمر الله بها
فاطمة باستغراب:
- هكذا ؟؟...وفي ليلة عرس ابني وفي آخر اللحظات...أتمنى من الله أن تنحد المشاكل إلى هذا الحد ..أتمنى يا ابنتي يا هند... أن تكون أقدامك خيرا علينا
نهضت فاطمة وهي ترتدي شالها :
- هيا بنا لنذهب إلى البيت يا عبير إتبعيني...مليكة من فضلك اخبري سليمان أننا ننتظر في السيارة
نطقت عبير بنبرة ذات معنى:
- العروس أولا حماتي العزيزة ...انتظري ..هند سأنادي النكافات يجب أن تدخلي السيارة الخاصة وأنت معززة
تلقت عبير من حماتها نظرة سوداء
وتبادلت هي وهند ابتسامة لطيفة
وبعدها لانت قليلا فاطمة تقول :
- فاطمة ..هيا لندخل العروس إلى السيارة علينا أن نصل هناك إلى البيت لنكمل السهرة
خرجت العروس تحت الزغاريد
وهند تشعر بفراغ كبير أين من يجب أن يتأبط يدها ؟؟
هل من الممكن أن تكون الإصطبلات أهم له منها هي؟؟؟
اقترحت عبير أن تسوق سيارة العرس
حيث ركبتها كل من فاطمة ورشيدة ووسطهن العروس المغبونة
وركبت في الكرسي الامامي مليكة
اما السيارة الأخرى
فقد ركبها كل من سليمان وعثمان هذا الأخير الذي رفض أن يتركهم يذهبون إلى سعيد وعبد الصمد فأقنعهم أن اخواه يكفيان لذلك
~ فِـــــي اَلْقَـــــــصْــــــرِِ~
دخل الرجال أولا إلى صالة الرجال
وصعدت النسوة إلى صالة صغيرة فوق قرب غرفة العروس
التي طلبت منها فاطمة أن تدخل معها إلى غرفتها
شعرت هند بالإهانة الشديدة
فهي تريد الدخول إلى الغرفة هته كما تخيلت دوما
أنها غرفة لها ولعبد الصمد
أن يحقق لها حلمها غصبا عن أنوف الجميع
ويحملها بين ذراعيه
لكن الضروف والواقع المر يفرض حضوره
دخلت وراء فاطمة
التي أظهرت ضيقها الشديد
- يا الله ما هذا الحظ السيء...لكن لما أتسائل فهو واضح كالشمس
جلست هند على طرف السرير
تخفي دموع القهر مما تسمع وراء طرحتهآ
- عساك الآن مرتاحة ...أنا لست كذلك... فمنذ البرهة الأولىآ لهذا الزواج شعرت بشيء ليس بالجيد وكان إحساسي صوابا..أتمنى ألا تفرحي كثيرا فالزواج ليس لهوا طيلة الوقت فهو مسؤولية ..وإن لم تتحملي هته المسؤولية فالأفضل أن ينصرف كل منكما لحاله... فهمتني بُنيتي
أومئت هند من قسوة هته المرأة
راودها إحساس أنها تود الهروب والإرتماء في حضن أمها الجالسة خارجا
- كل الامور الضرورية هنا...وهنا ..على أي حال لن تحتاجي لشيء
نحن سنبقى سهرانات في الخارج إلى أن يأتي عبد الصمد ...ويعطينا العلامة...إرتاحي الآن
ارتعشت أطراف هند
وسرت قشعريرة هزت كامل بدنها
سمعت أن هته العادة موجودة لكن ليس بين الأوساط الغنية
نثرت طرحتها بعيدا
وانكمشت تبكي وترتجف
التفتت الى السرير فرأت ما وضعته حماتها
الم تفكر أنها فتية لاتعرف في مثل تلك الامور ؟؟
وأنها قد تخاف ؟؟
انها قد تشلها الصدمة أليس من العدل الثريت في مثل هذا الشيء؟؟
امتقعت خجلا
بعد أن انتهت من الإغتسال والوضوء
فضلت ان تصلي مافاتها
وإلى أن يعود عبد الصمد ستصلي معه الركعتان المباركتين
لكنها بعد أن إرتدت لها غلالة بيضاء ناصعة وطويلة
وسرحت شعرها الأشقر بروية ومهل إلى أن إلتمع
غالبها التعب وانسدحت لتفكر
لكن النوم سرقها من الواقع ونامت
بعد عودة سعيد وعبد الصمد منهكين
نصحه بان يصعد وهو سيشرح لهم الوضع
كان عبد الصمد في شدة تعبه وارهاقه
ونفسيته في الحضيض
لكنه ما إن وصل إلى غرفته حتى نادته أمه:
- بني عزيزي ...ما الأخبار...
عبد الصمد كان شبيها بالغريق التائه مرر أصابعه على رقبته:
- لاشيء أمي ...إنا لله وانا اليه راجعون...ولاحول ولاقوة إلا بالله...و لم يبقى شيء غذا سنقوم أنا وسعيد بتولي الأمر سنتصل بالشرطة أما الليلة فقد كان الجميع منهكا ...
فاطمة وهي تضرب يدا على يد بحزن:
- الم يكن هناك حراس...
امتعض عبد الصمد وتحرك فكه...:
- قتل...سمم كما سممت كل الأحصنة...سأنام أمي فأنا مرهق
فاطمة بجرءة ولطف :
- عبد الصمد لايمكننا الإنتظار إلى الصباح...نريد العلامة
صدم عبد الصمد وترسخت نظرته على الباب ومن ثم على أمه:
- العلامة...ما يعني..؟
فاطمة بابتسامة:
- تعني ...أنت تعرف بني فرشيدة عليها العودة و...
أحرج عبد الصمد وتلونت خدوده:
- امي كيف بالله تريدين مني أن...
فاطمة تطبطب على كتفه:
- لاتخجل فهي حلالك والعلامة تقليد...
عبد الصمد بتساؤل:
- وإخوتي عندما تزوجوا...
فاطمة بكذبة بيضاء كما تعتقد:
- وهم كذلك... فعلنا نفس الشيء...هيا عزيزي لاترفض فلنكمل السهرة بسعادة ...الأمر ليس بهته الصعوبة...
عبد الصمد واللون يزداد إحمرارا على خديه:
- حسنا أمي عفوك سأدخل
أومئت أمه وفي نظرتها النصر
أقفل عبد الصمد الباب وراءه
واتكأ عليه من فرط تعبه
تحرك يرمي السترة على الكنبة وتوقف للحظة
وقع نظره على قطعة رائعة البياض ملقات على الأرض
"هذا ما تعنيه أمي بـ..."
نظر فوق السرير
وهناك أصابته الدهشة
والحبور لوىآ نفسه عن أي شيء آخر
رؤيتها كالخيال و هي السحر بعينه
فأية فثنة هته التي تقبع على سريره
هذا السرير الذي اكتفىآ وملأ من كثرة الأحلام التي لاتتحقق
حتى أنهآ اليوم تحققت وتجسدت بكل مآ للكلمة من معنىآ
كم هي موجعة حَدَّ السُـّكْرِ
لذيذة بعطر فتآن يلف جمآلها ويبهره
وهاهي عيونه تلمح في فتنته جمآلا خلاقا لم يره من قبل
ابتسم وشعور مثمل لحوآسه
يُسمعه النبض الذي بدأ من أكبر شريان في جسده وهو أبهر حيث مرت الدماء منه متفرقة في كوآمل التشعبات والعروق فيه
تروىآ قليلا قبل أن تصل يده المهزوزة المتعطشة للمس
الأكوآم المهلوسة من النمش على أكتافهآ وجدعهآ ومن ثم إلى أكثر حميمية
إنها تشبه تحفة فنية كآملة يستحيل لمسهآ
إبتعد بخفة وإبتسامة السعآدة علىآ شفآهه ليأخذ حمأّمه
وكمآ لو كآن صبياَ حصل علىآ لعبته المفضلة اخيراً
خرج من الحمام أكرمكم الله
وقد التف في روبه الرجولي الأسود الكامل في التناقض مع بياض رداءها
وقف للحظة مبهورا حتى آخر ذرة من أنفاسه
- آسف إن أيقظتك ...
هند وهي تلعب بخصلة من شعرها ببراءة
وتبعد عيونها عنه والخجل يستوطن عيونها إلى أعماقها:
- لا ...ما الذي حدث في... الحريق ؟؟
عبد الصمد يضع عطره المفضل والذي يعرف بتأثيره عليها:
- ما الذي سأقوله ..الحمد لله على كل حال قضاء وقدر ..لاتفكري في ذلك سيدتي ...فلنصلي....
بعد فترة الصلاة
هند بشيء من الإضطراب من رجولته الطاغية وأثر الإهانات من أمه:
- ...أضن أنني كما قيل لي ...جالبة للنحس ...
نظر عبد الصمد لها مغضن الجبين واقترب ليجلس عند قدميها الملتفتان في ذراعيها:
- قيل....ومن قال ذلك؟
ابتلعت هند الغصة:
- أمك يا عبد الصمد ...لا أريد أن أكون إنسانة تجلب المتاعب لهذا البيت..ولا أر..يـ..د لا أريد أن أكون منحوسة..
وضع يده على ركبتها فشعر بخجلها وإجفالها
وانتهت أصابعه بالإلتفاف حول يدها البيضاء المتناقضة مع الحناء الرقيقة المتقنة
- أمي ...ليس عليك أن تكوني حساسة يا هند... هي تحب الجميع هذا واقع
لربما..كانت مضطربة فحسب..
أومئت هند فلم تكن لديها رغبة في أن تناقشه
- أنت بخير هل ..اطفئت النيران؟؟
دنى منها ووضع ذراعه حول كتفيها
واختنقت من الخجل :
- لابأس ...لقد أطفئت رغم أن الضرر كبير ...إلا أنها همدت
والحمد لله ...احم ..مارأيك في الغرفة؟؟
ابتسمت بخجل دون أن تنظر اليه:
- جميلة وراقية أيضا
شعرت بثقل جسده يزداد دنوا منها
حتى انصهرت تحت نظرته لكن الإختلاف عن المرات الأخرى أن هته ستكون نهائية
لمس خذها بقبلة طويلة ودافئة
وبعدها جبينها وانحنى على ثغرها بالكاد لمسه
عندما همست هند بخوف:
- لن..أنت ..لن تعطي ...لحماتي العلامة...
تغيرت نظرته للإحراج الفعلي الذي لم يسبق أن شعر به في حياته:
- احم...أجل العلامة...تدرين التقاليد ..ويجب فعل ذلك...
وضعت يدا مرتعشة من الخجل على صدره العاري الخشن
كأن ماسا كهربائيا أوجع اصابعها
واستدارت للجهة الاخرى بعيدا عنه
- انا ...لا اريد...
نظر عبد الصمد بيأس اليها:
- هند ..أرجوك ماذنبي أنا ...لاتزيدي من وجعي ...
قالت هند بعناد:
- أمك الأولى وأنا الثانية اليس كذلك...إذن لا تقترب مني ...أنت لم تلمسني إلا لضرورة العلامة... ولن اعطيها العلامة...
شعر عبد الصمد بالغضب
خاف أن يتكلم وينقلب كل شيء في وجهه وقد تصبح زوجته نصفه الآخر الذي تعب من إنتظاره
وأمه الحبيبة
تنهد:
- أستغفر الله...إنا لله وإنا إليه راجعون...هند تعرفين شوقي لك أنا فعلا أحتاجك فلا تتعبيني
جلست تنظر إليه بريبة وانزعاج ممزوجين بخجل ونظرات غير تابتة:
- وما همني أنا ؟؟ ..أنت تريد أن تعطيها العلامة ...أنا لا إذن لن يحدث شيء ...لا أستطيع الليلة انا خائفة..
همس يلمس كتفها:
- مني...؟
همست بنفس نبرتها:
- اجل...هل يمكن عندما اكون ..أكون جاهزة احم... ان اعلمك؟؟...لكن الان لا انا مرتعبة عبدو...
صرخت التنهيدة مثقلة من صدر عبد الصمد
ورفع يديه دليل الاستسلام
تحرك الى الحمام وبعدها عاد يجلس على السرير
اقتربت منه هند بفضول:
- ماذا ستفعل عبدو
عبد الصمد وهو يرفع الروب عن ركبته:
- ساعطيها ما تريده لايمكنني ان اجعلها تنتظر
وضعت هند يدها على فمها تشد على كتفه من الخوف:
- كفى يا عبدو لاتفعل...
عبد الصمد وقد شعر ببعض الامل:
- هل غيرتي رأيك
مطت شفتيها اللتان فتنتاه حد الثمالة
فانصرفت عيونه عنها لكي لايزيد من احتراقه:
- علي اذن ان اعطيها هذا... والا لن اسلم من عقابها فهي امي يا هند تفهميني...
عادت الى الخلف وهي تشعر بالغيرة
من امه التي تحتل كل تصرفاته
جرح جزءا بسيطا جدا من ركبته واخد السروال ليضعه عليها
هند بتوتر وهي تضم يديها الى صدرها:
- ساجلب لك شيء تضعه على الجرح
عبد الصمد بامتعاض:
- حسنا بسرعة
سمعا طرقا على الباب
امه جريئة لايمكن لاحد ردعها فهي ام الرجال في هذا البيت
ركعت هند امامه
ووضعت له الضمادة اللاصقة على ركبته
فسمعت صوت انفاسه الرجولية تدنوا منها ويقول:
- ..اريدك..
رفعت هند عيونها بدهشة وعضت على اصبعها:
- عبدــ...ـــو ..ارجوك..لا..
تنهد مرة اخرى وقال بصرامة :
- ادخلي الى السرير واضهري شيء من...
حركت هند راسها وانسلت بين الاغطية
وهي في ذروة خجلها وحزنها وتكدرها مزيج لايحتمل من المشاعر
فتح عبد الصمد الباب ومد لامه التي اطلت بفضول على الداخل لكن عبد الصمد قال:
- امي نود ان ننام...
قالت فاطمة:
- حسنا بني...
عاد عبد الصمد يدخل الى السرير من الجهة الاخرى
على اثر سماعه للزغاريد والاغاني المعنية بالامر
التفت الى هند التي كانت تنظر اليه فانزلت نظرها :
- تعالي هند فلننم....لن افعل شيء تعالي فقط..
اقتربت وولته ظهرها بعد ان اطفئ النور اندس قربها يضمها بتملك
وشعرت بالاسى عليه فهو بين شد وجذب
لكنها لن تترك لحماتها ان تاخده منها
لكن ماذا ان اخدته منها فعلا
في جناح عثمآن
بعد ان تفرق المجمع وكل منهم اعلن على تعبه ورغبته في النوم
صعد عثمان بخطى مثقلة الى جناحه
دخله واقفل الباب وراءه
اسند ظهره عليه ومسح على وجهه من التعب
توجهت نظرته امامه للباب المغلق
شعر بالالم يعصر صدره
والدم يجري حارا في عروقه
فهي اليوم برهنت له انها قادرة على خرق قوانينه
هي ملكه ولن يتنازل مهما حدث
يتركها
وهو يعشق عطره ان هي خلفته
او صوتها حتى لو كان في خصام فله لحن يصعر الشوق في جوفه
يكاد يتنازل عن كل شيء فقط ان تروي ظمأه
يا لهذا العذاب
رمى سترته على السداري
وفك ربطة عنقه
اقترب من بابها واراد فتحه لكنه كان موصدا من الداخل
عثمان بنفاذ صبر يناديها:
- ثريا...افتحي ..ثريا ..اريد أن آخذ لي دوشا فجسدي متعب...ثريـــا...
كانت تجلس امام المنضدة تخفي كامل وجهها بين ذراعيها في غلالتها الزمردية بروبها
ثريا بصوت مخنوق:
- دعني وشأني ..اذهب للحمام في الاسفل لست بفاتحة لذلك.... البـــــاب
صرخ عثمان يضرب الباب:
- انت مجنونة ام ماذا افتحيه ...فلسنا حمل فضائح في هته الساعة
رفعت راسها
واجفلتها صورتها والالوان الطفيفة الزرقاء والخضراء
التي تهدد بان تصبح قرمزية على خدها
نهضت بقلب متخن بالحزن والاسى
فتحت الباب واخفت وجهها في شعرها المنسدل
ابتعدت لكنه امسك يدها
وجذبها اليه يرفع وجهها بخشونة بين يده
تغيرت لمسته وهي تصبح لطيفة
ونظرته التي تألمت من هذا المشهد القاسي
- ما..ماهذا..؟
ثريا انسلت من يديه واندست بين اغطيتها لتخفي المها وبؤسها:
- ضربني حائط ...حائط قوي لم يرحمني فهو مجرد حائط...
عثمان باحساس غريب بين التألم لفعلته فهو يدري انها يده من وصلت الى وجهها الذي يعشقه ويعشق صفاءه
اين كان ؟؟
كيف سمح ليده ان تطال وجهها رغم مافعلته به؟؟؟
كيف استطاع شوقه المبثور لها ان يدفعه لضربها؟؟
تحرك ليجلس قربها
فشعرت بيده على كتفها:
- ثريا ...انت من بدأ ...تعرفين انني لا احبد من يعصاني
صرخت به:
- ابتعد عني عثمان ...ابتعـــد...
ضرب عثمان على ركبته ونهض والحيرة تتآكله
ذخل على الحمام اكرمكم الله
وبعد عدة دقائق خرج
ليجدها في عمق نومها تحلم
اقفل الباب وراءه
وانسدح ويعلم انه يغالب الرغبة الغبية في ذرف الدموع
فهو ليس بالضعيف
المتزعزع
الذي تصل به الآلآم الى ذلك الحد
بينما ثريا تحجرت كل الدموع في عيونها
فقد اكتستها القسوة
ومنحتها القوة
لتتعايش مع حاضرها المرير........
يتبع...............
|