كاتب الموضوع :
Jάωђάrά49
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء السادس والعشرون
يوم الجمعة
في هذا اليوم الذي قرر فيه عثمان العودة الى المزرعة
وقد اتصل مسبقا ليعلمهم بذلك
وقف امام المنضدة القديمة وقد انتهى من تدليك المرهم على بضعة مناطق من جسده كانت قد خدشت في الحادث
واكملت ثريا تدليك منطقتين على ظهره ومن ثم ارتدى قميصه
وشكر ربه لان الكسر في ذراعه لم يكن كسرا خطيرا مما ساعده في ازالت الجبيرة فيه ووضع له الدكتور ضمادا خاصا يساعده على تحريك يده دون مشاكل
واكمل ارتداء سرواله الاسود واختلس نظرة على صاحبة الوجه المتجهم
يريد ان يبني الثقة على ما يراه
لكنه لايستطيع فمزاجه المتقلب يتركه غير عابئ البتة باخبارها بشيء يجعل صورته ضعيفة مهزوزة اتجاهها
وليس هو من يبَدِر لعابه في الكلام الحلو والفارغ دوما
سيترك الامور كما هي ولن يتنازل عن كرامته مهما كان
يتمنى ان يجد سبيلا للتحرر من شكه نحوها
ورغم ذلك كاي رجل خدع من زوجته وصدمه خبر موجع كذاك فهو يرى انه تنازل بالفعل فاغلب من يعانون من مثل مشكلته اما يعيدون الفتاة لاهلها او يقومون
ولا يجد نفسه في الدور
غير دور البرود وتجريعها الالم
يفكر
كيف لي ان اراها بشكل حنون ولطيف في يوم
وفي اليوم التالي اتغير كما لو انني اكون تحت تاثير سحر ما
ثريا تضع له ملابسه على السرير ومن ثم ترتبها في الحقيبة
وتنهيداتها تكاد تصبح عواصف رعناء
الان سيعودان وتحت سقف واحد
في القصر الذي شهد لها كل انواع الاذلال
تحاول ان تسبر غور افكاره
وتقيم تعامله معها
فبعد ان اعطته الدليل ورآه
واكثر من ذلك احتقرها ورماه امام وجهها
لابد انه لايظن انها تشعر بشيء بينما هي تتالم وتتوجع
يحيرها فتارة هادئ وتارة قمة في الثورة
والان ما يزيد احباطها ترداد كلامه على اذنيها
اللتين تنقلان موجات من الحزن الشديد لروحها
لايهتم بها انها بكل بساطة لاتهمه لم يعد يراها كما كانت
الان لايرى سوى البطن التي تكبر يوما بعد يوم ببطئ
وهي ما عليها سوى التحمل من اجل طفلها وهذا الحب المستحيل بكل المعايير
سمعته يقول آمرا:
- اسرعي عينا الا نتاخر اليوم والمسافة طويلة.. هل انتهيت؟
تحرك لينظر الى ما تفعله وهو يستند على عكازه الخاص:
- اين ملابس الصغير؟؟.. اين وضعتها؟
قالت تشعر بالالم لاهتمامه الزائد بالطفل بدل صحتها:
- انها في الكيس اسفل ملابسك
قفلت سحابة الحقيبة
وهي تشعر بمروره وراءها لكي ياخذ محفظته ويجلس يفتح مذكرته الخاصة يراجع ما يكتبه فيها عادة
واضعا نظارتيه الصافيتين الرقيقتين
نظرت ثريا اليه وقلبها يتدمر
ينسحب منه الدم بالم ويعود ليفجر الما اكبر منه
لم يلتفت لها منذ ان تكلم بعدم اهتمامه بها
وهو على هذا الحال ظنته سيتنازل
سيعود كما كان
لكن بروده العقيم فتت قلبها
التفتت تخرج من الغرفة والدموع الحمراء ترف على رموشها
وصعدت لتقوم بارتداء حجابها وتكمله بالنقاب الساتر لوجهها
عدا عيونها الذابلة
ونظرت الى عبائتها اللطيفة الملمس في الاسود
وخرجت تحمل معها حقيبتها الصغيرة وحقيبة اليد
عندما وضعت الحقائب امام الدرج هي وزوجها
انصرفت الى المطبخ حيث عمتها وقالت:
- سنذهب عمتي...
اعتدلت عمتها التي كانت منحنية على المائدة تجمع اواني الفطور للمغسل وهي تقول بشيء من الحزن والوحشة:
- ساشتاق اليك غاليتي ...وكثيرا ايضا اخبري امك انني ابعث لها بسلامي الحار
ابتسمت ثريا وهي تضمها اليها بقوة
وتكاد تشعر ان هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير
فما ان ضمتها حتى انسابت دموعها الحارة وكانها تنذرها وتعلمها
إنها دموع أبدية لآتفنى...وتتبعهآ تعآسة يآزمــــــان...تعآسة لآتنضب
بعد ان ودع الاثنان العمة نفيسة
استقلا سيارة التاكسي التي كانت قد سبق ان طلبتها لهما
وقد وضع السائق الحقائب في وراء السيارة
جلست ثريا قربه وهو في الجهة الاخرى
بعيد كل البعد عنها
تفرقهما مسافة ضئيلة بينما يفرقهما الهوىآ مسافات كبيرة
كل مولي وججه الى نافذة توضح له صورا ليست بذآت اهمية
حجبت ظلام الحزن في عيونها عنه
شعرت انها تعيش قصة تعيسة بدون امد
هو حبيب قلبها المتوجع المتعذب حبا مجنونا له وحده
يعزلها عن عالمه عن حنانه وحبه
وشكت فعلا ان يكون هناك حب في جيناته
فلعل الحب الوحيد الذي يشعره
هو الحب البوي او الاخوي
اما عن حب القلوب المجنونة
فهي بالنسبة له عالم صغير ضيق خانق لايجوز هو صآحب النبالة والمروءة ان يدخله
مسحت دموعها بيدها
وتركت نفسها تعيش في حياة بين الوعي واللآوعي
لاتدري كيف اوصلتها قدماها الى محطت القطار
وجلست بقرب الحقائب حيث طلب منها عثمان ذلك حتى يحضر التذاكر
نظرت حولها كانت السكة خالية من اي قطار
والركاب لم يكن منهم الكثير
لكنها لاحظت بين امراة تحمل ابنها على ظهرها
وفتاة تقف من الجهة الاخرى
لمحت بينهما رجلا يفوق طولها ببضع انشات
وله شعر اسود قصير جدا
مرتديا سروالا في اللون الابيض وقميص تيشرت في اللون البنفسجي
وللحظة تذكرت ونست
تذكرت وجه بشوشا من الماضي
ونست ان زوجها قد يحضر في اية لحظة
ولكن تصرفها في الاقدام على السلام عليه لم يكن سيء الى اي حد
نادت بصوتها عنه تحاول جذب اهتمامه:
- سوفيان ....سوفيان.....
التفت الرجل ينظر خلفه
ومن ثم ينظر الى صاحبة النقاب
لكنه لم يعرف ان هي من نادته او هو شخص اخر
عندما هم باشاحة وجهه عن مكان وقوفها
لقي منها اشارة باليد ملوحة له
فاشار لنفسه :
- انا....؟؟
قالت بابتسامة لم يلمحها وقد اقتربت من مكان وقوفه :
- الم تعرفني ....حقق فقط..بل حقق جيدا
بدت على ملامح سوفيان الدهشة من ثم شيء من الاستمتاع وبعدها اطلق ضحكت رنانة وهو يمسح بدهشة على وجهه:
- ث..ر..يا ..غير معقول يا فتاة هذه انت؟
اومئت بضحكت خفيفة:
- اجل انا هي بشحمها ولحمها...ما رأيك
قال ونفس البشاشة على وجهه المفعم بالحيوية:
- لكن من فعل بك هذا ؟؟ اصبحت مغلفة واعترف لولا عيونك الشهيرة لما عرفتك البتة...لا تخبريني انه ممنوع ضمك او تقبيل وجنتك او حتى السلام باليد
ابتسمت من تحت نقابها:
- ولىآ زمن التحرر يا سوفيان
قالت بصوت متردد:
- ....لقد تزوجت ...
بدت على محياه الصدمة:
- تزوجت؟؟؟...ولكن ...الم...
قالت تقاطعه معتذرة:
- اعرف وآسفة لكنه القدر
بدت على ملامحه انه استاء للخبر:
- ثريا بحق الله ..الم اكن انا من طلب منذ ذلك الوقت يدك.. ورفضت دون عذر.. والان انت ...
قالت تلطف الجو:
- عذري معي ولايزال معي غير ان الامور الان تغيرت كليا وهذا لن يمنعنا من ان نبقى اصدقاء اتذكر
قالت بابتسامة ينظر الى حذاءه:
- محقة اصدقاء ...لربما شعرت ببعض الاهانة فحسب.. من لباسك لابد من ان الزوج مسلم وليس غريبا
حركت راسها وتذكرت :
- حسنا انه معي علي ان اتركك الان سعدت كثيرا لرؤيتك
مدت يدها المغلفة بالقفاز ولاحظت النظرة الغريبة في عيونه
التي تدل على انه استنفر امر ان يكون زوجها متملكا الى غاية ان يغلف جسدها كله
رد :
- وانا مسرور لرؤيتك ايضا
سمع الاثنان صوتا وراءها يقول بصوت خشن:
- ثريا... هلا عرفتنا على الاخ
التفت وهي تبثر يدها من يد الاخر
تكاد تفقد توازنها لكنها بررت انه فقط يشعر بانه يملكها
ويريد ان يضهر شموخه امام الناظر
او يعرف الشخص الذي اثار اهتمامها
والذي جعلها تترك الحقائب وحدها قرب الكرسي
- انه سوفيان صديق من الجامعة تخرج قبلي بسنة ...انه زوجي عثمان يا سوفيان...
مد سوفيان يده بدون حقد لكن بنظرة نافذة وناقدة للرجل:
- يشرفني ان القى السيد المحترم زوجك تشرفت بمعرفتك اخي
كانت ملامح عثمان جامدة :
- آسف... لكن لايشرفني ذلك البتة
تنحى عثمان عن الطريق يقول:
- تفضلي يا زوجتي بالعودة الى مكانك
شعرت ثريا بالاحراج وخافت ان تطمئن سوفيان بنظرتة منها
لكنها لم تلتفت بل عادت الى مكانها لتجلس بانتظار القطار
بينما قلب انسان
تمناها بقوة في احد الاوقات يتفطر الما عليها وعلى حالها
فقد لاحظ اناقة الشخص الفواحة والقوية
بقدر ما لاحظ عنفوانه وسيطرته عليها
تاسف واشاح بوجهه ينتظر القطار بدوره تاركا اياها
شبحا من الماضي عاد ليضهر ويذكره بذكريات لطيفة
وبذكريات مرة تجرعها
تجلس في مكانها غير قادرة على النظر الى عثمان
وهي تخاف ان يزيد الالم في صدرها
من نظرة احتقار واحدة حتى تنهار كليا
تمنت في تلك اللحظة
لو تعرف ...هل يحبها ويغار..؟؟
ام هو انسان ينفذ ما وعدها به من آلام...؟؟
وتمنت لو انها لاتحمل هذا الطفل
لكانت تخلصت من خناقه عليها
لكانت تحجبت كاختها وازاحت عنها النقاب
الذي يشعرها انها اكثر من سجينة لديه
في القطار
بعد وصوله صعد الاتنان اليه
اختارا ان ينزلا في الطابق السفلي للقطار
لانه يسهل عليه ان يمشي بالعكازين
كانت تنتظر ان ينفجر في اية لحظة
لكنه كان يتصرف وكما لو ان وشيء لم يكن
كان في مقدمة المقطورة مكان مخصص لوضع الحقائب حيث وضع خاصتهم هناك
واراد ايجاد مكانين قرب بعضهما
لكن للاسف كانت هناك اماكن عديدة شاغرة
اختار ان تجلس قرب النافذة وهو بقي في الجهة المقابلة من الصف الاخر اي بعيد عنها
لا يكاد يلمحها فالمراة بقربها تحجبها كليا
اما هي تكاد تقسم ان حدسها يشعرها
ان شيء سيء سيحصل وان عودتهما ليست مطمئنة لها بالمرة
شيء يجعلها تفقد منذ يومين نبضات من قلبها بشكل مخيف
كان المكان قربها تجلس عليه امراة
وامامها طفلة صغيرة
بينما الكرسي الرابع شاغر بصحيفة وحقيبة سوداء
تحمل لابتوب في الداخل
اما المكان الذي جلس فيه عثمان
فقد جلست به فتاتان جميلتا القد والملابس
وبقربه كانت هناك امراة عجوز وضع قربه العكاز واسند ظهره بتنهيدة قوية
لاحظ نظرات احدى الفتياة اليه لكنه تجاهلها
اقترب شاب في العشرينات من عمره
ليجلس في المكان امام المرأة قرب ثريا
هته الاخيرة التي كانت تسبح في الصور
قرب الزجاج صور تزحف الى بعيد وبسرعة
وهي وقلبها المقسوم نصفين يتأرجح متألما
حتى انها الآن تريد الهرب... الركوض... الصراخ ...
ان تفجر الالم الذي طال كبته
عثمان في مكانه امال وجهه
ولاحظ ما حفز كل عضلاته الى النهوض
لكنه كبت نفسه
ذلك الشاب ينظر الى الكتلة السوداء بعبايتها السوداء
او بالاحرىآ قيم درجة نظره فشهدها مرتفعة الى ناحية عيون امرأته
انفاسه اضطربت كوحش لكنه فضل ان يستخدم شيء اخر
التفت الى المرأة قربه وشرح لها الامر كما اراد
فحركت المراة راسها وهي تنظر الى الشاب الذي يجلس قبالة ثريا باشمأزاز مما يدل على ان المرأة من المتحفظات
نهضت واقتربت من مكان جلوس ثريا ونادتها
- يا فتاتي ...يا ابنتي...
التفتت ثريا وعيوها ذابلة اكثر من قبل لكنها تنبهت للمرأة
- ...نعم؟
قالت المرأة:
- تفضلي باخذ المكان قرب زوجك وانا سآخذ مكانك
نهضت ثريا واقتربت من حيث يجلس زوجها
نظرت بغيرة الى الفتاتين اللتين تجلسان امامه
والىآ ساقي الفتاة امامه تميلهما تحت تنورتها بحركة مقصودة
ومرت متفادية ساقي زوجها
ولكنها دفعت الفتاة عن قصد منها وهمست:
بآسفة رغم انها بعيدة كل البعد عن كونها كذلك
كانت الرحلة تشد من ضيقها كونها صامتة وتنصت باذن صاغية الى كلام الفتاتين مع زوجها عن هذا الامر وذاك
نظرت اليه متكأ على المسند
والابتسامة الكسولة على فمه
لاشك ملأت قلوب الفتاتين شاعرية وعشقا خياليا
تذكرت ثريا ما فعله عثمان امام شخص كان محترما لها اكثر من غيره في الماضي ونطقت بما لم تظن نفسها قادرة عليه:
- انتما... انا حامل وارجوكما لا استطيع ان اتقبل ضحكما هذا مع زوجي فان كنتما متخلقتان فالافضل ان تصمتا.. لانني لا اضمن فقد اتقيئ في اية لحظة ولن يكون ذلك جميلا
جعلت الثلاثة قربها يدهشون من كلامها الفض الغليظ والخالي من اللباقة
ولم تستطع الفتاتين ان تقولا شيء
مخافة ان تخسرا الصورة الجميلة
التي لربما كونها عنهما عثمان لذلك قالت احداهما:
- انا اسفة لم اقصد شيء... لم اعرف سيدي انها زوجتك... اسفة
قال عثمان بضحكة خالية من المرح:
- لا عليكما... انه الوحم ياثر عليها في هته الفترة كثيرا
لابد ان ثريا الان جعلت من نفسها اضحوكة هي ليست هو
ولا تعرف كيف تجعل من كلمتها
الاخيرة في الساحة
حمدت الله كثيرا في نفسها واخيرا وصلا الى محطة "سيدي قاسم"
بعد نزولهما استقلا سيارة تاكسي
لتاخدهما الى المزرعة
وكان تعب السفر والتعب النفسي ينهكها بقوة
حتى انها استسلمت لستائر النوم بان تسدَلَ على عيونها
*************************
في منزل السي محمد
كان اليوم بالنسبة لهم كالغذ تماما
فاليوم بالذات ليلة الحناء
حيث تحني العروس يديها وقدميها مع صديقات العائلة
والنسوة ان احببن ذلك
هند بعد ان عادت من الدار البيضاء
اغتنمت الفرصة في اراحة عضامها في حمام المنزل
وتخلت كليا عن تقليد حمام العروس فلم يكن لديها رغبة في الاجتماع في الحمام العام معهن
مع نساء كثيرات وفتيات ايضا
تذكرت ما الهب قلبها وجعله ينتفض حزنا
اختي "جميلة"
ادمعت عيونها وبكت بحرقة وهي تضم ذراعيها على المغسلة
اين هي الرحمة والرأفة
اين هي من كل هذا
ان هي تمنت فهي تتمنى اشياء كثيرة
وتلك الاشياء الواحدة منها تقتل الاخرى بعنف
تريد ان ترى اختها
تريد ان تكون معها الان وبقوة
تحتاج لحضن دافئ افتقدته لسنوات
وتتمنى لو يحضر والديها الحقيقيان
لكن
ان هي حققت امنيتها هته
فهي بدون شك ستفقد من ينبض قلبها باسمه
نصفها الاخر ...عبدو..
فإلى متى ستستمر معاناتها؟؟
وما هي نهايتها ان هي فكرت بالانفجار في احد الايام؟؟؟
خرجت من الحمام اكرمكم الله لتبقى تحت تصرف امها
والنكافة التي اتت مع لباس العروس الكامل
اضطرت رشيدة ان تضيف الضعف لتجد نكافة لعرس ابنتها
في الموعد الذي اردنه
فقد كان الصيف فترة الاعراس والنكافة تكون حريصة على المواعيد
لم يات عبد الصمد اليها ولم يهاتفها بل لم تستطع مهاتفته
كل منهما منهمك لكي يلقى الاخر بلا حمل ثقيل على الكاهل
لكن هند وللان تشعر بشيء ما
تشعر ان حماتها تحركت فيها الغيرة العمياء على اولادها وكانها ستخطفه منها
فلايكفيها انه يقطن في نفس البيت التي هي فيه....
قالت لها امها في تلك اللحظة التي شردت فيها:
- كوني واعية صغيرتي ...اشعر بانك حزينة...
- لست ادري يا امي الحبيبة... لابد من انه شيء من المشاعر التي تهاجم العروس
ابتسمت امها وانطفئت ابتسامتها
فتخاف ان تكون ابنتها ناضجة لدرجة ان تكتشف
ان حماتها حاقدة عليهم من ناحية هذا الزواج
ولولا عبد الصمد وسط هذا كله لما زوجتها
قالت رشيدة بابتسامتها المشعة:
- سيكون عرسا جميلا ..ليس كبيرا ..لكنه سيكون في مقامك الرفيع غاليتي
قالت هند بشجن:
- مقامي يا امي ...مقامي رفيع بكم وليس لي علاقة في هته الرفعة
جلست الام قرب ابنتها
التي انتهت من الباسها بيجامتها البرتقالية:
- كفاك عن هذا الكلام ...انك تتالمين بنيتي ولست الوحيدة... بل انا بنفسي اتألم
اخرجت هند تنهيدة طويلة وقبلت امها ونهضت:
- هيا امي فلنختر وساعديني
وقفت الاتنتان امام السرير الذي وضعت امامه النكافة القفاطين التي ستختار هند اجملها للعرس
لكن ماذا بعد العرس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
***********************
في القصر
كان الرجال مجتمعين في المجلس الخاص بهم
ضيوف جائوا لتحية الجد والاب والمباركة للعريس
وكانت جلستهم رجالية مئة بالمئة
ومعهم سعيد يساند اخاه بابتساماته وضحاكاته ونكاته العجيبة
يزيد من الجو اكثر مرحا وسرورا
اما بالنسبة للنسوة اللواتي ارسلت في طلبهم فاطمة للمساعدة وهن اربعة في الاسفل واثناتان معها
فقد استغللن المطبخ لتحضير الشاي وانواع الحلويات وارسالها اليهم ليضل الضيف مكروما حتى اخر انفاسه
بالنسبة لفاطمة
كانت منشغلة بغرفة عبد الصمد
الذي رغم طلبه ان يحضر لهما جناح خاص بهما
رفضت امه بحجة ان الوقت ضيق
وانها ستحضر غرفته على اكمل وجه
وبهذا قامت بمساعدتها المرأتان في تنفيد جميع طلباتها
ورغم عصبيتها في بعض الاحيان
غير ان النسوة صبورات جدا في القرية من اجل المال الذي يحضين به والطعام الذي ياخدن منه لابنائهن الذين لم يتذوقوا من قبل مثله
اعد الحمام بوضع كل المستلزمات الاستحمام الخاصة بعبد الصمد
وكذا الاخرى والتي تخص هند
اشترتها لها فاطمة لانها تعلم انها ستحتاجها
قاموا ايضا بفرش السرير بفراش ابيض ومائل في وروده الراقية للاصفر البارد
الوان خاصة بالعرسان الجدد
ترسخت فكرة في دماغ فاطمة وتضن ان عليها ان تنفذها ولتشعر العروس او امها بما تريدان
عليها ان تتأكذ من بكارة البنت في ليلتها
قامت باخد الصندوق الذي وضعته على الارض
وجذبت منه سروالا ابيض ناعم فضفاضا يشبه سراويل الهنود في التفصيلة غير انه نسائي
كان مطرزا بورود رقيقة بيضاء ناصعة على جنباته
قامت باخده ووضعته فوق السرير بعناية
ولم تشعر النسوة اللواتي توضبن الغرفة بادنى حرج
لان الامر ذاته كن قد مررن منه
خرجت لتنزل الدرج الى الصالة القريبة من غرفتها هي وسليمان
ودخلتها كانت مفروشة بطريقة عادية جدا باللون البني ولا تحتوي سوى على زربية من ظهر الماعز
كانت هناك موضوعة "طبوقة"
حيث توضع جهاز العروس ملابس جميلة لها
وايضا توضع فيه الحلويات التمر المملوء باللوز
او حلوى مليئة بالشوكولا
تحمل هته الهدايا الى العروس في يوم العرس
عليها ان تضهر بصورة لائق امام النساء في المجتمع
واللواتي ايضا لهن مكانتهن
وقررت ان تحتفض بالتقليد
سمعت بعض الهتافات واصوات
ومنها صوت عزيز على قلبها ابنها "عثمان"
خرجت من الصالة بخطى سريعة رغم ثقلها
وشهقت بقوة وهي ترى ابنها الحبيب الاوسط يتكئ على العكاز
نزلت الدرجات الفاصلة على الباب واقتربت منه وهي تبكي بحرقة وتقول:
- بني ..حبيبي عثمان ما بالك يا .... كيف حدث لك هذا ابني اخبرني
وانحنت على ساقه لتعاينها باصابع ترتجف
كانت مليكة بينهم تسلم على ابنتها بحرارة
لكنها هي وثريا بقيتا تنظران الى الام التي سالت فاجابها عثمان:
- ليس هناك من شيء امي... الحمد لله على فضله انا بخير
قالت ثريا تحاول تهدئتها
وهي تنظر الى الشحوب الذي على وجهها:
- انه بخير امي لا تخافي الدكتور طمئننا فلا تشغلي بالك ....كيف حالك انت؟
قالت فاطمة بشيء من الامتعاض :
- بخير ...لكن يا ابنتي لما لم تقولي شيء لما اخفيت عنا ذلك في اتصالاتك
نظرت ثريا الى عثمان الذي اجاب بدلا منها:
- انا من منعها من الا تخبر احدا...لم يحصل شيء امي يدعي كل هذا
التكدر منك ....هل يا امي كلكم بخير ؟؟...عمتي ؟
قالت فاطمة بتنهيدة متالمة لحال ابنها:
- بخير يا حبيبي اتمنى فقط الا اراك ضعيفا امامي فهذا يحزنني
وقالت العمة:
- نحن بخير والحمد لله على سلامتك
اقترب من امه وقبل راسها
وحدثها بسعادة كما لو انه لم يصدق حتى التقى بها
ليجد الابتسامة المرحة على فمه
شاهدت ثريا عثمان يذهب مع امه الى صالة النساء الخالية
حتى يحدثها حديثا خاصا بين الابن وامه
قالت مليكة التي شاهدت ابنتها شبه مغمومة:
- صغيرتي ازيلي عنك النقاب وتعالي لنصعد الى فوق لابد من ان عبير نائمة ساخبرها بمجيئك ونأتي اليك اذهبي
صعدت ثريا الى جناحها الذي ان هي شعرت ببعض الحنين اليه
فقد شعرت باختناق مفاجئ منه
لكنها دخلت وغيرت واغتسلت
وارتدت غلالة بيضاء رقيقة حتى ركبها
وخرجت تجفف شعرها فوجدت امها وعبير تجلسان على السرير
وقفزت عبير تركض اليها وترتمي في حضنها بضحكاتها المنشرحة
قالت ثريا بتعب:
- اهلااااا.... بك يا عبيرة .....كيف حالك؟
قالت عبير :
- دعي عنك المنشفة ساجففه لك اجلسي ..انا بخير الحمد لله وفي افضل حالاتي
قالت ثريا تنظر الى امها في المرآة:
- وانت ماما تدرين انني اشتقت اليك فوق ما تتصورين؟؟
قالت امها تنظر اليها بمحبة:
- وانا كذلك اشتقت لك يا ثريا... تركت المكان في القصر فارغا وشعرت بالوحشة بدونك
قالت عبير بمرح:
- وانا يا سيدتي العزيزة الم املأه
قالت امها بملل مزيف:
- شبعت منك دعيني ارى ابنتي الحبيبة ثريا
قالت ثريا تضحك:
- والله يا امي ليس لي اغلى منكما حبيباتاي تملأن حياتي
شعرت عبير بصوت اختها يرتعد وهي تنهض
لتتوجه وتتكئ في حضن امها
تتبعها عبير وقد وضعت المشط على المنضدة
قالت مليكة:
- ما الامر غاليتي هل الحمل ما يتعبك ...اه ..تدرين لم نخبر فاطمة للان بحملك لكن اضن ان زوجك سيفعل
سمعت عبير جواب اجل من اختها فقالت:
- لا لا انت لست عادية بالمرة ....
لاحظت نظرت ثريا لها فتغيرت لتقول:
- تبدين في قمة بهائك دون مبالغة....
بقيت ثريا تحاول ان تماطل حزنها
لألآ يصل الى عيونها وتحمر
خشيت ان تكتشف امها الحقيقة
و تشعرها بالخوف وعدم الراحة في النوم
لطالما كانت امهما هكذا وهي تدري ذلك
وحكت مع امها وعبير عن الاشياء الجميلة وعن عمتها وعن كل ما هو رائع صاغته في قالب جميل
في الاسفل بعد ان خرج عثمان من حضن امه التي اختصر لها ان الرحلة كانت جميلة وانه عندما اراد الالتحاق بزوجته حدثت له الحادثة رغم التأنيب الذي سمعه رطب الجو وانساها بطريقته الموضوع
واخبرها ان ثريا حامل فلم تسعها الفرحة
وبهذا لم يستطع ان يتركها الا وهي مرتاحة من البكاء
توجه عثمان الى المجلس حيث يجلس اخوته ابوه وجده
ولاحظ نظرة القلق في عيونهم المحبة فقال قبل ان ينهضوا لمساعدته:
- انا بخير يا جماعة... لاتقلقوا ليس امرا خطيرا
قال والده :
- بني كيف ؟؟ لكن متى هل هو سقوط ام حادث ام ماذا؟؟
قال الجد الذي توترت ملامحه:
- بني عثمان طمئنا هل انت بخير ؟؟
- قال عثمان يجيب وقد جلس:
- ...كان حادث سيارة الحمد لله لقد نجوت
قال سعيد وعبد الصمد في آن واحد:
- وزوجتك؟
قال عثمان يشيح بنظره نحو الباب:
- انها ترتاح فوق ولم يحدث معها شيء غير...
قال جده بصوت متوتر:
- طمنا يا بني قلوبنا لا تستحمل
رد عثمان ينظر الى جده :
- جدي ..ابي ...ابشروا ...ان شاء الله لا يوجد الا الخير.... هناك منكم من سيصبح ابا وعما وجدي سترى باذن الله ابن حفيدك
حلت الفرحة على ملامح الاخوة ضربه سعيد على كتفه وكذا فعل عبد الصمد
وسمع الجد الذي فرح وابنه بالخبر:
- سانهض بنفسي اليك
اراد عثمان ان ينهض:
- لا جدي ارجوك...
نهض الجد واقترب من حفيده يقبل له راسه
فانحنى عثمان على يده يقبلها له
- هذا احلى خبر الحمد لله ...الله عوضك بعد الحادث الحمد لله
قال سعيد:
- ان شاء الله القادم يكون من نصيبنا او من نصيب الباشا
نظر سعيد يغمز لعثمان والتفتا الى عبدو
الذي عقد حاجبيه ينتظر ان يتكلما لكنهما بقيا صامتين ينظران اليه:
- ماذا ؟؟هل يوجد في ملابسي او وجهي شيء ما؟؟
قال سعيد:
- يا اخي يا عثمان.... المسكين لم يتحمل وجعل العرس في اقل بكثير من موعده
كتم عثمان ابتسامته يقول:
- اللهم استر اخاف ان يسبقنا في ولادة اولاده
قال عبدو بعصبية:
- وانتما الم تسرعا في الزواج كالصاروخ
قال عثمان يرفع حاجبا:
- هذا لايمنع ان يكون الاصغر في طور التقليد
قال عبدو ضاحكا :
- لست ادري هل تقرران فتح سباق لمن يلد اولا ...
اذا انفياني من الموضوع انوي التمتع مع زوجتي قدر الامكان
قال سعيد:
- لاتحلم الاولاد اولا نريد ان نراك وان تركبهم على ظهرك وتغير لهم الحفاظات هههههه
ضحك عثمان بدوره يقول:
- والله اكاد ابصم اصابعي باكملها انه سيفعل ذلك ههههه
قال عبدو وابتسامته الجميلة على وجهه القوي:
- اخبرني الان اخي انت بخير..اليس كذلك متأكد...
استرجع عثمان جديته:
- انني استرجع عافيتي الحمد لله
قال سعيد:
- لابد من ان تحضر العرس غذا
قال وهو ينظر الى الزربية تحت قدميه:
- لست ادري ....
قال عبد الصمد:
- ستاتي وإلا ....
قال عثمان بابتسامة تخفي الكثير :
- طبعا سآتي وهل انا مجنون لترك عبد الصمد وحده في تلك المحنة
ضحك سعيد وهو يتمنى بدوره ان يرزق بطفل
فسيملأ عليه حياته
لم يظن ابدا في حياته التي مضت ان للزواج سحر خلاب كهذا
وهو من كان في البداية كارها له الان بات يعشقه بشغف
********************
في بيت السي محمد
بالمساء
حضرت النساء وصديقات العائلة للبيت وشغلت الموسيقى الامداح
وحضر مكان العروس الذي زين بملائة خضراء على الحائط وعلى كرسي العروسة
وهذه الليلة لايحضرها سوى النساء اللواتي فرحن كثيرا بزواج الفتاة هند
فرحن بها
ونقشت الايدي حناء
وعلت الزغاريد المكان واحتفلوا بها احسن احتفال
وكما يقال نقشت الفال الجيد على يدها
لان ترك الحناء عندنا تعد فأل سوء
فهل لنا ان نؤمن بمثل هته الخرافات
ان كانت المشاكل متارة اصلا
كانت هند تتناسى كليا امر خوفها من اكتشاف اصلها في اية لحظة وتناغمت مع الاحساس المتوتر اللذيذ
والسعادة التي عززت ثقتها بنفسها وبمن تحب
فضل اهل العريس ان لا يحضروا هته الليلة
حتى العرس لكي يكون التحضير كاملا
ورشيدة ايضا كانت تشرف على الخدم
الذين ذبحوا الدجاج بكثرة والذبيحة التي احضرت كانت "بقرة"
وحضرت الطناجر الكبيرة للطهو وعملت النسوة بشكل كبير لكي يتم انهاء الطبخ ويبقى المرق فقط
**************************
في القصر
كان الرجال ينوون السهر لمنتصف الليل
وفي جمعيتهم يتم تلاوة القرآن من طرف كل واحد منهم
وهي الفرحة هكذا يكون لها طبع ديني متأصل
طلبت فاطمة من ابنها عبد الصمد عدم دخول الغرفة التي وضبتها مع النسوة له ولعروسه
وحضرت له مكانا لينام في صالة من الصالات
وافقها فهو يرضى بان تسير امه الامور
مادامها راضية على زواجه
سعيد
كان سعيدا بالفعل واقتصر على التركيز على شيء واحد وهو الانجاب
وما قد يتطلب عليه من امور
فهو اكبر اخوته وعليه ان يكون العزوة في العائلة
رغم تساويهم لدى والدهم لكن يبقى سعيد هو الاكبر
ويملك مفاتيح المزرعة ومخارجها ومداخلها
والثقة الموضوعة فيه كبيرة
والجد يعتمد عليه ويقولها دوما
انه هو من سيقود هذه العائلة الى الامام
الهدف من تركيزه على الانجاب هو هدف ان يكون في البيت صغار يفرحون الكبار في العائلة
فيعرف عن رغبتهم في رؤية اولادهم قبل موتهم
ويتمنى ان تنفذ رغبتهم
وايضا امور الارث تلك هي آخر ما قد ياتي الى دماغه كفكرة
صعد عثمان الى جناحه واصرت امه على مساعدته رغم انه كان
يستطيع ان يسند نفسه غير انها رفضت
ان يصعد وحده مخافة ان يسقط من الدرج
بعد ان اوصلته الى باب الجناح قبل راسها قائلا:
- امي سادخل الان اشعر بانني سانفذ من التعب
قالت تبتسم له وهي تدعوا:
- اتمنى من الله ان يحفظك ويسترك يارب
- امين امي تصبحين على خير
اجابته:
- وانت من اهله بني
دخل الى الجناح حيث لم يلمح من الضوء سوى ضوء الغرفة التي استقبلته
اما غرفة زوجته فقد كانت مظلمة
اقترب من السرير واضاء ضوء الاباجورة الصغيرة قربه
ولاحظ ترتيب اشياءه على المنضدة
لابد من انها هي من رتبتها
كانت ثريا مستيقظة واعلمها حفيف حركته انه موجود
استدارت وجلست تقول وهي تشعل الضوء من جهتها:
- عثمان هلا تفضلت...و... وخرجت
التفت اليها بحدة وهو يقول:
- ماذا؟
قالت تشدد على الكلمة بخوف دون ان تنظر اليه :
- لاتحلم بمشاركتي غرفتي ..يمكنك النوم... خارجا
قال بكل قسوته المرة وهو ينظر الى منظرها باشمئزاز:
- بالمناسبة قبل ان...اخرج..من ....الغرفة
هناك حديث طويل بيننا.. لحد الان لم نتحدث بما حصل اليوم
قالت بحذر وتهرب تلاقي نظرته السوداء القاحلة من اية رحمة:
- عن ماذا؟
اعتدل في مكانه ينظر اليها
وبعيون كالصقر الذي يهم بالانقضاض على فريسته
- اتضنين انني اهبل.....هه كنت فعلا محقا يا ثريا ...سمعت كلامك مع الرجل ... كان اذن يضمك ويقبلك على وجنتك ...جيد ...ايضا بدوت تتاسفين ...ممتاز ...هلا.. تفضلت بشرح حضرتك واخبرتني ما نوع العلاقة بينكما؟..اه او لا ستخبريني ان ما رايته سراب ليس موجودا او تلفقين كذبة مثل انا بريئة يا عثمان ارجوك صدقني ....
شعرت انه وراء نظرته تلك عالم لايمكنها سبره
ووراء كلماته القاسية نيران تحرقها بالم:
- كان ...كان يعزني شخص... ارادني زوجة فلم اقبل....
صرخ بحدة:
- يعزك او يعشقك...تبا لك ...تبا لك ...لست ادري من اين لك بهذه الحرفية في المماطلة..؟؟ خبيثة ...يمكن ايضا ان ينطبق عليك سافلة ...صديق هه..صديق ""رفع الغطاء وضربه بها بعنف""
ساخرج واعلمي انني فعلا بت اكره ان اشتم عطرك في المكان
بل اكاد اشعر انني امقت اليوم الذي فرضت علي فيه ...تبا...
اكره صورتك المنمقة ايتها المخادعة رخيصة لست سوى كذلك
ضرب بيده المحتويات مع الاباجورة التي تدلت
وانتفضت بعنف ثريا
عضت على يدها بعنف تمنع انهمار دموعها
او انفجار السدود عن طوعها
بكت بحرقة
وهي تنظر اليه ياخد ملابسه ويخرج من الغرفة لينسدح خارجا
فهمست بصوت مرتجف:
- انا بريئة ...انا بريئة... لم افعل شيء صدق..ن..ي...صدق..ن..ي...عثمان...
صوتها لم يكن صوتا بل همسا ما شهدت في حياتها قساوة مثل هته
ليته يكف عن جرحها ليته يتركها تذهب من دون رجعة
فنظرت الى بطنها كما لو انها بدأت تكره ابنها لانه سبب سجنها هنا ....انه السبب...
**********************
في اليوم التالي
السبت8 صباحا
بمدريد
وكما قررت نسرين استفاقت باكرا وحضرت الافطار لكل العائلة
وللضيفة طبعا
كانت قد حضرت الطعام على الطريقة المغربية والتي ركز عليها عصام
فلا يود ان تفقد اصالتها وثقافتها بثقافات الاخرين
بعد ان ساعدت ميغيل في تناول افطاره وشرب الكمية الكبيرة من القهوة التي يعشق
اخدت تحضر قهوة اخرى في الالة الكهربائية
وخرجت تعدوا بنشاط الى غرفة امها
وقفزت على سريرها :
- امي...امي...استفيقي امي هيا هيا هيا ...
قالت امها متكدرة من ضجيج ابنتها المزعج:
- ما الذي تريدينه مني اتركيني في حالي ....اريـــــــد ان انام ...عصـــــــــــــام....
قالت نسريت تضحك:
- ههههه عصام ياخذ الشور لن ياتي لينقدك ماميتا حبيبتي هيا ضيفتنا اليوم علينا ان ناخدها لزيارة معالم مدريد امـــــــــــــــــي
تنهدت مريم مشعثت الشعر:
- حسنا من اجل الضيفة فقط....."قرصت وجنة ابنتها"يا لك من فتاة نشيطة تكدر الناس في نومهم...ايه اياك ان تقومي بايقاظ الضيفة هكذا..
ضحكت نسرين تقفز من السرير الى الارض:
ههههههه ستجد طريقتي ظريفة....لكن لا ساذهب لاقلق راحة عصام
قالت مريم تصرخ من حمامها اكرمكم الله:
- لاتقومي بذلك دعي اخاك وشأنه
خرجت نسرين وطرقت الباب لتسمع صوتا من الداخل
فدخلت بهجوم مباغث لتجد اخاها عاري الصدر بسروال كلاس :
- انت قلت ادخلي فعليك تحمل المسؤولية دع كل شيء من يدك انا من سيقوم بمساعدتك ايها الاخ المدريلينوسي
نظر الى اخته باسما وقال :
- تعالي اذن ساعديني في ارتداء القميص يا فالحة
في غرفة الهام الصغيرة
اعجبها كثيرا النظام والمشاجب الخشبية واشياء
كانت قمة في الرقي
رونق اسبانيا ومدريد الحالمة جعلتها حالمة بكل المقاييس
ساعدها عصام عندما طلبت منه تواقيت الصلاة لكي لاتتيه في سحر البلاد
واحضر لها ورقة التواقيت بدون مشاكل
اعجبت بشخصيته المحافظة والفذة
اعتبرت نفسها رغم مرضها من المحظوظات لحصولها على عطلة كهذه
اطلت من الشرفة مرتدية فستانا من الموضى الجميلة
فضفاضا رمادي اللون طويلا الى الكعبين
باكمام قصيرة
ارتدت اسفله قميصا مخططا بالابيض والرمادي وتحجبت
سمعت طرقا على بابها قالت:
- تفضل ...
دخلت نسرين مبتسمة ملأ فمها الصغير وهي تنظر اليها :
- انت جميلة فعلا ملابسك ..جميلة اجل...
قالت الهام مبتسمة بخجل :
- اشكرك اذا اعجبتك فعلا يمكنك المجيئ الي لتقيسيها في المساء
اومئت نسرين برأسها:
- سافعل فعصام يحاول دوما ان يجعلني اتحجب...لكني اعجز عن تقبل الفكرة
قالت الهام:
- انها امور تحتاج التعود فقط...هل اردتني لشيء؟
قالت نسرين تمسك يدها:
- هيا لنفطر لقد حضرته بنفسي اخاف ان يقوم اخي ببلع الافطار كله في ملعقة واحدة انه يملك شهية كبيرة
قالت الهام تداعبها:
- قولي ماشاء الله... تدرين ....العين قد يمرض
نظرت اليها نسرين وحركت راسها :
- ماشاء الله..عليه
دخلت الاثنتان الى المطبخ حيث كان عصام يجلس في قميصه الرمادي
ودهشت من تشابه الالوان فقالت:
- صباح الخير
ابتسم بسرور:
- صباح النور تفضلي بالجلوس ...افطري جيدا انسة.. فلابد من ان السيدة المحترمة نسرين.. ستقوم بدور الدليل السياحي ...واخبرك لن تملي بل ستستفيدين مجمل الوقت
ضحكت الهام بخجل ونظرت الى نسرين :
- انت دليل سياحي؟ تحبين التاريخ اقصد مادة التاريخ
قالت نسرين:
- اعشقها واعرف الكثير من الامور لكن للاسف المواد الاخرى السبب الرئيسي في رسوبي
قالت الهام تسال بفضول:
- هل السيدة مريم ستفطر معنا؟؟
دخلت مريم في تلك اللحظة بملابسها السوداء
ووجهها البشوش وشعرها الاحمر المختلط الالوان مرتب بعناية:
- شكرا على سؤالك عزيزتي طبعا سافطر ...اسكبي لي يا نسرين فنجان قهوة
فعلت نسرين ذلك
وكان الجو مرحا على الدوام بمشاكسات نسرين
ونكاتها وكلامها الغريب
حتى حركاتها وقفزاتها الطفولية
تبدو كروبورت نشيط يحب المساعدة
بعد انتهائهم من الافطار
اخبرهم عصام انه سيجعل السيارة تعمل لتسخن قليلا بينما تنزلن
ودخلت نسرين الى غرفتها مع الهام والتي اعطتها بعض النصائح الاخوية في ارتداء ملابس جميلة وتبعث على الاحتشام والوقار وبحجة انها متزوجة ويجب ان تظهر كذلك
بهذا ارتدت نسرين بذلة سوداء وقميص مع سروال بدل الشورتات والملابس الكاشفة
خرجت الثلاثة من الشقة لتنزلن الى السيارة
وبدا مشوارهن عبر طرقات مدريد
وكانت نسرين نعم الدليل بحيث لم تترك مكانا لم تخبرهم به وبتاريخه
وبدأوا بالمركز الثقافي الاسلامي
والذي تم افتتاحه عام 1992ويحتوي على مساحة 12000 متر مربع
وقد تم انشاءه بتبرع من خادم الحرمين الشريفين
الملك فهد بن عبد العزيز
وذلك لجعل هذا الصرح بعد ان عاش المسلمون سنوات طويلة يتطلعون لمكان مناسب لقيام الصلوات فيه
وتضم اول مدرسة عربية اسلامية
مع مكتبة وقاعات للمعارض
ويعمل هذا الصرح ولله الحمد في تحسين صورة المسلمين للغرب
ايضا قاموا بزيارة متحف الشمع
ذلك المتحف المدهش الذي يحوي العديد من الثماثيل المصنوعة من الشمع لعديد من الشخصيات العربية البارزة
ومن اهمها ياسر عرفات وصدام والملك ملكنا الحبيب محمد السادس نصره الله ملك المغرب
وايضا ثماثيل من التاريخ العريق
مثل عبد الرحمان الداخل
والحاجب المنصور
وانهوا مشاويرهم بزيارة ابرز المتاحف في مدريد بل وفي العالم اجمع وهو متحف البرادوا
ولضخامته اضطروا ان يختاروا الوجهة التي يودون رؤية اللوحات فيها من اجمل اللوحات بيكاسوا وراسامين مشهورين آخرين ايضا
وبعد ذلك قرروا ان يتيهوا قليلا بين مقاهي شارع كلاو وقران فيا
وبين رساميهم الذين يرسمون البورتريهات
كان يوما من أيام عديدة روعة
وعدتها بها نسرين وهي تلهث تقريبا ومتفاخرة بمعرفتها لكل هذه المعالم الرائعة والقديمة الحديثة فقد سبق وزارتها واكثر منها ايضا
وكان يوما لاينسى
ولاحظت انها اصبحت اكثر انشراحا من ذي قبل مع عصام
الذي ساهم في الاجابة عن اسالتها واعجبته السعادة المشعة من ابتسامتها وبرائتها....
يتبع.............
في الجزء المقبل نشهد العديد من التقلبات النفسية عند بطلاتي
واخصها ثريا وهند تابعوني
وبنات بلييز اعذروني عن اي تقصير واعطوني من اقتراحاتكم وتعليقاتكم الكثير
فبكم ارقى
|