كاتب الموضوع :
Jάωђάrά49
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
إن شاء الله
الجزء السادس عشر
بعد يومين
من أيام الله
في ساعات الصبح الاولى
قبل بزغ الشمس الخجولة حتى
في جناح عثمان
بعد صلاته للفجر لم ينم
وبعد صلاتها للفجر نامت
وقف بكامل ملابسه وحلته الأنيقة تخطف الانفاس
تظهر قوة في نظرته تحت النظارة الصافية دات الاطار الذهبي
وذا وقفة كنمر يملك قدرة وطاقة ذاتية تظهر انه حاكم في بسط سيادته
على من حوله
قميص ابيض تحت صدرية رائعة في اللون الرمادي
وسروال كلاس في نفس لونها وحذاء ابيض يكمل منظر رجل بمعنى الكلمة تظهر صلابته تحت لباسه فتزيد مظهره هيبة وبأسا
يقف امام الشرفة ينظر في تلك الساعات الاولى
الى تلك الالوان البرتقالية في الافق البعيد
الى صباح رائع روعته تجلت في ما تحيط به
واستدار مدخلا يديه في جيوبه
يقترب منها نائمة وغافلة تماما عن اي حياة في الكون
زاد من اقترابه وتأملها
وغالب الشوق الذي يريد منه ان يوقظها
ان يزرعها بين أضلعه
ان يكفي شوقه الضاري منها
فهو يخرب كل نظام في تنفسه
لانه يعذبه وليس هو من يشعر هكذا وابدا لم يكن هكذا
وكأن اشجار حياته الخضراء
فرغت من الورق واستوطنتها الغربان
يتبدل حاله ويشعر انه قريب لا محال من مسامحتها لكن
اللعنة على كبرياءه التي ترفض كل الرفض حكم القلب في تصرفاته فلا تفتؤ ان تملي عليه امورا تجرحها وتعبث
بفؤادها
وان تذيقها من السقم الذي يسببه الحب بدل السعادة
غالب الميل الموحش لها
الكاسح لوجدانه والمستنزف لروحه
واقترب منها حيث كانت تنام ووجهها لنفس مكان وقوفه
يمنحها وهج الصباح مابين خيوط الفجر والصبح جمالا خاصا
جذب يده اليمنى واتبعها اليسرى
وتبت الهاتف امامها تماما
شغل الهاتف على الكاميرا واخذ لها صورة
له وحده لم يسبق لاحد ان رآها في وضع رقيق كهذا
ولن يراها احد مهما حصل هكذا فهي له وينتابه جنون وغضب قوي في التفكير في الامر
شعر مبعثر على المخدة والبعض منه على سحنة وجهها الابيض الصافي
على رموش طويلة حمراء وثغر مزهر على الدوام
تغضن وجهه تحركة العضلة في فكه واخذ لها الصورة بسرعة واعاد الهاتف الى داخل جيبه كره نفسه لهذا الضعف
تشد من قهره وتضاعف الالم في صدره وهذا ما هي مفلحة في فعله
انحنى على جبينها وأزاح الشعيرات عليه لتغرس شفاهه القاسية فيه
ولثم جبهتها النقية واستنشق عطرها
كذكرى بسيطة تستطيع ان تمنع عنه هذا الوجع
لكن لافائدة
ابتعد قبل ان يوقظها
واخذ حقيبته العملية مع حقيبة صغيرة وضع فيها من الملابس ما سيحتاج
ليخرج
من الجناح كله
تاركا وراءه فلق القمر كما يسميها في احلامه
نزل من القصر وحقيبتاه في يده
سوداوين كما افكاره المغمومة
نزل الدرج وخرج من الباب الكبير
اقترب من سيارته الجيب البيضاء وضع حقيبة ملابسه في الصندوق الخلفي لها
وحقيبة اوراقه قربه في مكان لايزال يستوطن عبقا من روحها فلا يستطيع ان يفكر سوى بها
بين زقاق في القرية
وبينها ظهرت حلته شامخة غريبة ومتناقضة مع هذا الحي الفقير
عثمان
اقترب من باب احدى البيوت وطرق على اصحابه
ليخرج الصبي الذي سبق وساعده في احدى المرات
كان الفتى يعلم جيدا انه ان ساعد عثمان سيقوم هذا الاخير بمساعدته فالصبي ما ان اخبر امه بافتخار انه يساعد عثمان ويتقاضى على ذلك اجرا سعدت للامر رغم انها لو علمت من ابنها انه يساعد احدا آخر لما سمحت له بذلك
ولكنها تعرف ان عائلة المنصور اناس طيبون يساعدون الناس بما استطاعوا
اقترب منه الصبي :
- صباح الخير سيدي
جلس عثمان القرفصاء لعلمه كيفية التعامل مع الاطفال واضعا يده على كتفه يعلم انه ما يجب ابدا اظهار القوة على الصغار
لان هذا يحبط من معناوياتهم والافضل دائما ان يجلس ليتكلم معهم ويساوي بين عالميهم
- صباح الخير كيف الاحوال يا رجل؟
قال الصبي بشموخ رافعا انفه:
- بخير سيدي
ابتسم عثمان وقال:
- جيد جدا هل تريد ان تقوم بإحضار الافطار لامك؟
قال الفتى يبتسم بحماس:
- اجل سيدي سوف تفرح
قال عثمان للصبي:
- إذن ما عليك هو ايصال هذه الورقة للاستاذة الهام الان وفورا لااريد تأخيرا واحرص على الا تقوم الفضوليات باخذ الورقة منك …انت تعرف الاستاذة الهام جيدا اليس كذلك؟
قال الصبي:
- اجل سيدي تعطيني الحلوى عندما احضر لها الورق انها لطيفة
اعطى عثمان للصبي الورقة وقال :
- اذن خد ولاتتأخر.. هيا
ضربه بخفة على كتفه مشجعا كان كما لو انه شغل سيارة
على الفور ذهب الفتى جاريا ليوصل الامانة
بعد ان اعطى الفتى الورقة لإلهام التي كانت في كامل ملابسها
ومتجهزة لحضور الفتى
منحته من الحلوى واخذت الورقة
قرأتها لتجد انه ينتظرها بسيارته على الطريق
سبحت في افكارها قليلا ومن ثم فكرت انه من الاجدر ان تترك للفضوليتين ورقة كتبت عليها انها سافرت على عجل لترى والديها
فلاتريد منهما ان تقوما بنشر الاشاعات عن انها مثلا خطفت
تعلم ان لهما خيالا واسعا
اخدت حقيبتها واستطاعت ان تخرج من المنزل دون ان تلحظ الاستاذتان شيئا
وصلت الى السيارة البيضاء بجلبابه الجميل في تفصيلته في اللون السماوي يصل الى اسفل الركب مع حجاب وسروال ابيض حريري وحذاء ازرق رياضي خفيف صيفي
حيث وجدت عثمان ينتظرها متكئ على سيارته واضعا يديه في جيبيه
يشدو اغنية من امداح النبي (ص) بخفوت
وانتبه لتقدمها فأنتصب في وقفته بأدب ينتظر اقترابها
قالت له بحياء:
- السلام عليكم
قال يبتسم :
- وعليكم السلام آمل الا اكون قد تأخرت عليك؟
قالت لاتزال محتفضة بابتسامتها :
- لا …
نظر اليها تقف خجلة فقال ليكسر حاجز الخجل بينهما كأصدقاء:
- اسمحيلي ان احمل عنك الحقيبة سأضعها في الخلف
قالت تنظر الى حقيبتها كالبلهاء واومئت :
- آآه ...اجل طبعا تفضل
اعطته الحقيبة التي وضعها في الخلف بالقرب من حقيبته واقفل الصندوق
ترك وراءه صوتا خفيفا
واقترب يفتح لها الباب الخلفي للسيارة ليتركها على راحتها :
- تفضلي بالركوب
قالت تنظر بالكاد اليه :
- اشكرك
سمت الله وذخلت الى السيارة
التي في حياتها لم تركب مثلها شعرت انها تغرق في المقعد الوتير لونه في (البيج) اي اصفر فاتح
اقفل الباب وراءها والتف على السيارة ليفتح باب السيارة و يجلس
وراء المقود
وضع( سِدي ) لسورة البقرة وقال يشغل السيارة لينطلق
لكن قبل ان يتحرك قال يسألها:
- هل انت حافظة لدعاء السفر؟فإذا لم تكوني كذلك اعطيتك كتيبا لست بحاجة اليه لحفظي لها اصلا
قالت بحرج تحمر لاي سبب وبالاخص لكلامه معها:
- لا اشكرك حافظة لها اشكرك كثيرا
قال مبتسما :
- العفو
وغاب كل منهما في عالم من الافكار المتأرجحة
الهام وهي تدعو الدعاء مخفية صوتها في صوت المقرئ
وتفكر في آن واحد كيف لها ان تقوم بالعملية وهي بعيدة عن اهلها؟
تخاف ان تموت بدونهم وفكرت انه لابد لها من ان تتصل بهم وتخبرهم بانها على وشك ان تقوم بالعملية بعد اسبوع
اما عثمان فقد كان منظما اموره بشكل جيد
يتمتم بالاذكار
وذكراه تأخذه الى ثريا
رغما عنه
لكنه لايريد ان يفكر بها
لكن ما باليد حيلة لايشبع ابدا من دفئها ولارقتها رغم قسوته عليها
الا انه يعرف الان وهو يفكر انه سيغيب عنها او هي ستغيب عن ايامه القادمة
وسيعاني الامرين في النوم فلابد من ان دفئها اصبح الوحيد الذي يساعده على الهدوء
الامر في حياته متناقض تماما فهو نفسه لايفهم مايحصل له
تحيره ولايريد لهذه الحيرة ان تنتهي لانه اصبح مدمنا عليها بحق
سيشتاق كثيرا الى مناقشاتهما الحادة الى الجنون بينهما الى حد الانهيار في لحظات حب مجنونة تذهله ولاتترك لعقله صوابا
تناقض افعاله مع احاسيسه كبير... لدرجة انه الان مسافر الى الدار البيضاء
ولم يعلم سوى اخوته ووالده وجده بعد خروجهم من مسجد القرية في الفجر
يلعن احتياجه لها ويريد ان يشعرها بعذابه بان يعذبها معه بالمثل
شيء عصي عن الفهم
نفض عن رأسه غيمة الافكار تلك ليركز على السياقة
***********************
في القصر
بساعة الافطار
بجناح سعيد
كانت عبير تجمع شعرها على شكل كعكة مرتبة جيدا لتقوم بوضع الحجاب البرتقالي عليه بشكل جميل
مع فسان طويل في اللون الاخضر الفاتح بأكمام واسعة مزمومة عند الكوعين
وانتعلت بعد ذلك صندالا جلديا يسهل عليها التنقل في القصر وخارجه
اصبحت لياليها مأرقة من كثرة التفكير
ان سعيد يعاملها بشكل جد لطيف لكنها تشعر ان هنالك شيء مفقود في تصرفاته لاتدري متى آخر مرة ربت فيها على كتفها حتى
او امسك يدها
انها لاتريد إلا ان يكون تلقائيا معها في التصرف
لكن غير ممكن لعاشق ان يكون تلقائيا في التصرف
ما يريده هو ان يحصل على شيء منها يبرد لهفته والاحتراق في جوفه لها
تشعر ببعض الغضب لان الامر لايمكن الا ان يصير على هذا الحال في العالم
كانت تشعر بالراحة معه عندما كانت صغيرة لكن الان كل الحال قد تغير
فما العمل؟
التفتت الى الستارة الكبيرة بينهما فبعد ان خرج من الحمام ملفوفا في روبه الكبير الاسود
ذخل الى الجهة الاخرى ولم يخرج حتى الان
اقتربت من سريرها وأخدت تشد اكثر على الستائر فيه لتبقى
مرفوعة ولتلهي نفسها الى حين خروجه
أزاح الستارة وهو يغلق ازرار قميصه متظاهرا بالاهتمام بها فقط
لمح ظلها قريبا لكنه تفاداه ووقف امام المنضدة بدوره ليتفقد مظهره
حاول ان يجاهد على نفسه
فهي كل ما يتنفسه بالاجماع من هواء واكسجين
ويشعر انه في قمة السكر ما ان تصل رائحتها الفريدة الى خياشيمه
فتعصف باوردته وتلخبط خلاياه
بل تجعلها ممتزجة حتى التوحد
وقال دون ان ينظر اليها هي التي توقفت عن العبث بالستارة وأخذت تنظر الى هيأته الرائعة القوية
معجبة عن غير عادة بهيبته وطوله وتموج العضلات في ظهره في حياتها لم ترى مثل بنيته الجسمانية
تبدو قوية لكن متناسقة
فسبحان الله وما شاء الله هذا ما استطاعت ان تنطق به لكي لاتصيبه عينها
- عبير تريدين ان آخذك في جولة هذا الصباح في سيارتي؟
قالت تبتسم ملأ ثغرها بفرح مقتربة منه:
- اجل بكل سرور.... لكن وعملك؟
قال يهز اكتافه الصلبة:
- لايهمك امر العمل ....سنقوم بجولة حول الاملاك منها ايضا ان اريك ما فاتك منذ سنوات وان تستنشقي هواء عليلا في هذا الصباح
قالت مبتسمة اكثر:
- اتمنى الا تكون السيارة سريعة كثيرا والا اضطررت الى التشبت بك طيلة النزهة
راقته للحظة الفكرة واتسم رده بالهدوء الممزوج بالرقة التي يحاول ان يغالبها لكن دون جدوى :
- لاتخافي ...مادمتي معي ساتخلى عن جنون القيادة الخطرة هذا اقوم به فقط في الاماكن الخالية ولأقوم بتصفية افكاري
نظرت اليه مليا:
- غير معقول ....اتفعل هذا ولاتخف ؟اعني الا تخاف من الحوادث؟
انهى رفع القميص عند ساعديه والتفت اليها يبتسم :
- حسنا في بعض الاحيان نحتاج الى الخلوة والراحة لنتلاحم بشكل قوي مع ارواحنا
قالت مخفضة رأسها:
- اتمنى الا تقوم بعمل خطر يا سعيد لانريد ان نفقدك...
كادت ان تبلع لسانها من الكلمة التي خرجت من فمها
متمازجة مع شعور قاس عليها اخفائه
ذهل لما سمعه واراد فعلا ان يكون التفسير الوحيد الذي ظهر بقوة في قلبه قبل عقله انها لربما تحبه
ان تكون في هته الاثناء كما هو تقطعه الاشواق اليها الى رقتها وصفائها
وحنانها الغير مبتدل ابدا
لكنه تراجع عن الفكرة وانتابه احباط اخفاه بحنكة
- لا تخافي يا عبير لست مجنونا ...اعرف جيدا ما افعله ولاتظني انني اسوق بطريقة مجنونة كما في راسك الجميل بل فقط بسرعة السيارة وليس بطريقة مجنونة...لكن مادمت تقولين هذا فلن افعله سوى من اجلك
قالت تنظر اليه بعينين بنيتين لامعتين:
- من اجلي.. انت لطيف جدا سعيد
رجاها في اعماقه الا تقوم بقول مثل هته الكلمات فلو قالها غيرها كان اهون
لكن ما ان تقول في حقه شيء جميلا يبدأ قلبه الذي ضعف لرقتها
بالذوبان وتقرعه طبول لا تريد ان تهدئ مهما حاول منعها
وتقف بروعتها في الحؤول بينه وبين التفكير السوي
إقترب منها لحظة طغى فيها بجسمه الكبير عليها
وبقي في مكانه ينظر الى ملامحها الذاهلة المنتظرة الى التصرف الذي سيبدر منه
كانت تأثر فيه وفي انفاسه وتجعل الدم يضخ في شريانيه
بقوة بركان هائج
تلاقت نظرتها معه للحظة
يدري انه يتحفز شيء فشيء للانهيار وان تنهار معه كل جوارحه
لكنها لاتدري لما ارتعشت لقربه وكستها سخونة غلفت وجنتيها ومن ثم عيونها التي انسدلت تحت هيبته
كل هذا كثير عليه
انها المرض الوحيد الذي يعاني منه
والبلسم بين يديها في شفائه
يريد ان يعيد تقبيل جبينها كما اول ليلة والح عليه الامر لكنه يخاف من الرفض لان الرفض بات الشبح الذي يطل عليه كل ليلة ليذكره بالليلة الاولى بينهما
وبانه ليس الرجل الذي تمنته ان يكون زوجا لها بل اخا فقط
نطق بثقل في كل اعضاءه:
- هيا للنزل الى الافطار
خرج الى الصالة الصغير
نظرت اليه يخرج وشعرت بالاسى بشكل كبير
وتبعته تسرع في خطاها لاتدري لماذا؟
لكنها تعلم انه يفعل كل شيء لاجلها فلما لاتفعل شيء من اجله؟؟
انسلت يدها في قلب يده النابضة
لسعته دارة كهربائية قوية اضفت الرقة في عينيه الملتهبتين عليها وانسحر كليا بابتسامتها العذبة الشفافة
ابعد نظرته عنها ليخفي ما يجري بذاخله وتحرك امامها
وخرجا ينزلان الدرج معا الى ان اضطر ان يبعد يده عنها مكرها
ولاتدري نفسها لما شعرت ببعض الأسى غلف روحها
وانتشر شيء من البؤس في نظرته
بقيت امام المطبخ الذي يسمع منه حديث زوجة خالها وامها وكذا الخادمة الجديدة
اشار سعيد مغضن الجبين لها بالدخول الى المطبخ
وشعرت ببلاهتها في وقوفها هكذا تنظر اليه فلوحت له بيدها كطفلة
مبتسمة ودخلت المطبخ
لتتركه هو في وسط الردهة في القصر
منخور القوى من الحب
يتقلب فيه كتفاحة تتقلب في الشكولا لتعطي الذ فاكهة حب على الاطلاق
حاول ان يستنشق الهواء الذي في الردهة ويبعد هذا الاختناق الذي بات مكرها عليه
حمد الله على كل حال
وابتعد ليدخل مجلس الرجال حيث سيقوم باخذ فطوره معهم
لكنه تراجع
فكر في شيء آخر لذى قام بالاقتراب من المطبخ الذي كانت تجلس فيه النسوة
ولم يرد ان يدخله فقط لانه يظن ان لربما زوجة اخيه ثريا فيه لدى قال بصوت مسموع يطرق بابه:
- احم ....السلام عليكم
قالت مليكة التي تجلس في الجهة المقابلة للباب على المائدة وعلى يسارها جلست عبير وقابلتها في الجلسة حماتها فاطمة بابتسامة نشيطة كالعادة في اهل القرى
ان النشاط هو علمهم المرفرف عاليا:
- بني... ادخل تفضل
قالت فاطمة تبتسم له بحب:
- اهلا بني وعليكم السلام هل تريد شيء ما ؟
ضحكت
- لابد من ان الجميلة من تريد ام انا مخطئة؟
ابتسم سعيد لتظهر غمازاته
لكن فقط لانه لاحظ لاول مرة ابتسامة خجولة على ثغر زوجته
- في الحقيقة امي انت محقة كنت اريد ان اقول انني وعبير سنخرج لنفطر في الخارج ونستغلها فرصة لنتنزه
قالت فاطمة تحرك رأسها باعجاب :
- فكرة مدهشة...حسنا من قد يمانع ..اسبقها انت وهي سأساعدها انا في تحضير السلة هيا اذهب قد تنزل زوجة اخيك
قال ينحني لهن مبتسما بمرح:
- آسف على الازعاج سيداتي افطار شهي
عبير كانت منسحرة بصوته رغم انها لم ترفع نظرها ابدا الا انها شعرت بشعور جميل جدا
انسان لها وحدها
يوليها اهتماما يعبق روحها بنسيم كريح حملت معها ذرات ذهبية تلفها في عالم غريب عنها
يحرص على ان تكون سعيدة وهو رجل شهم لم تكن لها تجربة مع احدهم كالبعض ولم تعرف ابدا معنى الحب
لكن تدري ان سعيد لديه قدرة على الاستحواذ على تفكيرها لسبب تجهله
ولاتريد افساد الامر
سالت نفسها بغثة
اتراني اصبحت احبه في اسبوعين ؟؟؟؟
شعرت بيد على رأسها وقالت لها امها:
- عبير انهضي حبيبتي لا تتركي زوجك ينتظرك في الخارج
قالت فاطمة وقد نهضت
- هيا صغيرتي سأريك الاشياء التي يحبها زوجك لكي تقومي بترتيبها
اعطتها تعليمات وتلك التعليمات كان العقل لها منفتحا بشكل كبير منسجما مع سماعها ولايفلت اي خيط منها
اخبرتها بمقدار حب سعيد لحب الرغيف الذي يعشقه مع العسل والمربى الحمراء
وكذا يشرب معه الشاي
وبعد لحظات يتبعها بقهوة ساخنة حارة بالتوابل الخاصة بالبهار المغربي العجيب
ويحبها ان تكون ساخنة بشكل كبير حتى وان كان في الحر فطبيعته تتأقلم مع الاشياء التي لا يستطيع البعض التأقلم معها
وهكذا كما حضرت لها هي من شطيرة التفاح الرائعة وبعض الكعك لعشقها لها
خرجت تودع امها ومليكة مبتسمة
وجدت ان سعيد ينظر الى باب القصر في انتظراها ونظراته عميقة تتألق لدى رؤيته
اقتربت منه بطلعتها الراقية
وقال يحني رأسه لها فاتحا لها باب السيارة:
- تفضلي
نظرت اليه :
- اشكرك
دخلت السيارة ودخلها هو بالمثل من جهة المقود قال ينظر الى السلة في حضنها:
- هاتها عنك ضعيها هنا بيننا
فعلت كما قال لها
بدى جدا جذابا وراء المقود رغم انها سبق وان راته هكذا الا ان الوضع الان مختلف تبدو سيارته راضية عن صاحبها بحيث رغم طوله الفارع وضخامة جثثه الا ان السيارة ذكية وواسعة من الداخل
وحيث تحتوي على مقعدين فقط
سوداء تعطي شخصيته سلطان وقوة
**************
في جناح عثمان
كانت تقف في غرفتها حائرة وقد كانت في كامل ملابسها
حجاب ابيض على جلباب صيفي احمر وسروال ابيض يظهرها رائعة الجمال ويضفي عليها سحرا خلابا لكن بطبيعة الحال تظهر انسانة هادئة
لاتثير من حولها ادنى ذرة
فالملابس الساترة لها هذا التاثير السليم على البشر
كانت زاوية الهاتف بين اسنانها واليد الاخرى على عضدها
تفكر منذ ان انتهت
كيف ؟
كيف ؟
كيف؟
تعودته باقيا قربها الى ساعة الافطار
يقرأ القرآن او يعود للنوم بعد الفجر
لتستفيق وتجد ان شيء غريبا في الغرفة لاتدري ما هو؟ ناقصا
ارادت ان ترسل له رسالة على هاتفه او تتصل به لكنها فكرت ليس مرة اخرى
ستقوم بجمع شتات كبريائها او ماتبقى منه اصبحت غير قادرة على الصبر اكثر
تتمنى ان تكون الوحيدة في افكاره
همه الوحيد في هته الدنيا
ان تحضى بالحب الصادق منه
لكن ملت ان تبقى هي من يحرك الدفة لتصل فلاتجد نفسها سوى تحوم في نفس المكان
تركت هاتفها مكرهة تتبع كبريائها لاول مرة فما عاد في استطاعتها ان تبقى الوحيدة من تهتم به وبكل شيء فيه
وهو يتركها كما لو انها فقط من يتودد له
اصبحت التعاسة عنوان كبير اسود في حياتها
لاتشعر بكلمة زوجة ابدا
لايمنحها ذلك الشرف بان تعلم عنه اسراره وتحمل معه همومه
اجل
لربما تكون هي اكبر همومه لكنه يحملها ما ليس في طاقتها
تركت الهاتف وخرجت لتنزل الى الافطار ساهمة في شتى الافكار
******************
في بيت هود
كانت تقوم بالعمل بقلب سعيد
فرحتها بمكانها الجديد او عش الزوجية
تعدى كل الحدود
في حياتها ما كانت تتصور انها ستحضى بزوج محب قمة في الروعة
يذيقها احلى الحياة الرومنسية اللتي ضنتها ابدا غير موجودة
تحب حضوره الغريب في هذا البيت الصغير الذي بات يتغلغل فيها حتى العمق
غرفة واحدة تشهد احلامها التي لاترى غيرها الان احلام الحب
بين ذراعيه
فعلا تعشقه حتى باتت لا تستطيع ان تراه دون ان تندس بين ذراعيه
هي الان في الباحة وراء البيت حيث كانت تقف امام عمودين خشبيين ترسخا في مكانيهما يضمهما حبل للغسيل في اللون الاصفر
كانت تقف امام البئر الصغيرة تقوم برفع السطل بكل ما اوتيت من قوة فلم يكن ابدا البئر واخد الماء منه مما تعلمت
حوط خصرها ساعدين قويين فاجفلت بخوف وسقط السطل في البئر
قالت بتأفف :
-ااه...افففففف يا الهي ....
قبلها عدة قبلات في عنقها اذابتها وفككت في الهواء كل كلمة ارادت ان تنطقها ادارها اليه ينظر اليها بوله ولوعة لاتنقضي:
- ماذا ؟....جميلتي انا... تتأفف.. لما؟ هل اكون انا السبب؟
اخدت رغما عنها بعضا من جديتها:
- اجل حضرتك السبب فلو لم تجزعني لما سقط السطل في البئر
قال يحاول ان يفهم:
- اذن انت الان غاضبة مني؟لانني اسقطت لك السطل في البئر؟
قالت تومئ :
- اجل ....قم باخراجه انت ...هيا
نظر اليها مستمتعا بتصرفاتها التي تنم عن امراة متزنة لاتعبث
جذب السطل بخفة ووضعه على الحافة وسكب منه في قدر نحاسي وامسك به مبتسما تحت نظراتها التائهة:
- والان الاتزالين غاضبة؟
قالت مبتسمة :
- لا مادمت قد جدبته انت
اقترب منها بالقدر ونظرة خبث في عيونه
فقالت تتراجع:
- هووووود ما الذي تنوي فعله ..اه لالا ...لا
اخدت تجري ويجري ورائها بخفة يحومان على البئر
يرميها بقطرات من الماء يحملها من القدر في يده ويرشها بها
امتعه كثيرا ضحكها المتتالي وشهقاتها لدى سكبه للماء فقال:
- لقد فرغ القدر تعالي لاتخافي لن افعل شيء الان
قالت مبتعدة في الجهة الاخرى من البئر :
- ومن يضمن لي انك لن تقوم بسكب ما تبقى من الماء في السطل علي
قال مبتسما :
- وعد لن اقوم برش الماء عليك لكن فقط تعالي هيا لاتكوني قاسية
اقتربت منه وجدبها الى صدره بقوة ودفن رأسه في عنقها وهمس:
- اين كنت تخبإين هذا السحر الفتاك حاسبي يا جميلة اكاد انسف ..بل تكاد شرايين تخرج من شدة النبض فيها
لفت دراعيها الرقيقتان على عنقه وهمست:
- قدرني الله لك وانا لك
نظر الى وجهها ورأى تلك القطرات تتدحرج على وجهها فابتسم بسكر يقبل خدها وانفها وقالت بين انفاسهما المتحشرجة:
- ارجوك هود دعني ...اقوم بتحضير الافطار
انسلت بين ذراعيه واخدت ما تبقى من الماء في القدر تحت نظراته
وتحركت من امامه بغنج تقلب عيونها بدلال
كانت كما لو انها تستوف كل ما له من نفس على الارض
تسرق اضلعه منه وكل العروق التي تنبض باسمها هوجا وتعصف بصورتها كبوق يعلن الحرب على كل جوارحه
نفض السحر الذي كان يقف فيه
كما لو انه يجرف تحت تربة متحركة
وتبعها الى الداخل حيث رفعت اكمام قميصها
وجلست على زربية هي في الحقيقة من ظهر الشاة اي من الصوف تحاول ان تحضر الاكل ما امكنها
مما يملكان في الكوخ حاليا
كانت تجلس قرب النار وجلس قربها بل وراءها بحيث ينظر الى ماتفعله من وراء كتفها عمدا
ليقوم بتشتيت تركيزها بنظرته السوداء الملتهبة على خبز الخبز الذي قامت بتركه يخمر
حملت خبزة تضعها على القدر فوق النار واخدت تراقبها وقلبتها بصمت تبتسم لدندنته وراءها رفعت عيونها للسماء وحاولت تجاهله
أخذ ينظر اليها يستفزها مستمتعا بالالحاح على النظر اليها
اخد يرتب لها القميص الازرق من جهة الخصر ومن جهة امامها بحيث لايفلت لمسها برقة وارهاف
عندما نضجت الاولى اخدتها ووضعتها فوق سلة صغيرة وضعت عليها منديلا يمتص حرارة الخبز
ظلا على ذلك الصمت الذي طبعا لايعني سوى انهما في قمة الانسجام والتفاهم معا
كانت قد جمعت شعرها من قبل الى فوق بمشبك ابيض وتناترت بعض الخصلات الشقراء حول وجهها
رفع يده الى عنقها ومرر اصابعه عليه برقة
وحط بشفاهه برقة عليها
قالت جميلة تنظر اليه وهو قريب منها:
- ارجوك هود ساحرق الخبز ان ضللت على هذا الحال ارجوك
نظرتها البريئة التي كانت تصيح بحبها له جعلته يتنهد بوله وترك عنقها ليمد يده على الخبز الساخن ليقضم منه يشتم رائحته التي نقلته الى ايام لاينساها ما حيا
قالت تسأله بعد ان اكل منه:
- هود ....كيف الخبز؟ أجيد؟
قال يستطعمه:
-دعيني ارى ...ممم...ممم...
- هود قل لا تجعلني اغتاض
قال مبتسما بسحرها الذي تنشره في المكان
- رائع جميلتي.... تدرين انك المرأة الثانية في حياتي
كادت ان تحرق اصبعها واجفلت بشدة وارتجاف
امسك اصبعها ونظر اليها يضعه بدفئ في فمه
وقد اطال ذلك الى ان اخدت يدها منه واشاحت بوجهها عنه شبه غاضبة
تنهد ليكمل متجاهلا غضبها لانه يدري انه لن يبقى بل سيتبخر عندما سيخبرها:
- امي كانت الاولى ..تطبخ وتديقني من خبزها الرائع واكلها الشهي
وبعد ان دخلت السجن ...ماتت حيث لم استطع ان اراها او اتسامح معها والشخص الذي سبب لي ذلك ساذهب اليه اليوم لاحصل على تعويض
التفتت اليه ونظرت اليه بحب جارف بعد ان ازاحت الخبزة الاخيرة
مررت اصابعها على وجهه وبالخصوص جبهته المشوهة قليلا لكن بالنسبة لها تزيده جاذبية تروق لها كثيرا
قبلته فيها وضمت راسه لصدرها واحتضنها هو بالمثل يتنفس عطرها الطبيعي الذي منح اياها الله
وقالت:
- هناك اشياء يا حبيبي لم تخبرني اياها امك رحمها الله انا متاكدة بانها ما كانت لتشعر سوى بالفخر انها ملكت رجلا مثلك
ابتعد عن صدرها ليهديها قبلة في عنقها الابيض ورفع نظره اليها:
- اخبريني من اين خرجت لي؟ اتعجب فقط
غضنت جبينها وابتعدت عنه تضع الماء على النار لتصنع الشاي
- من اين خرجت او من اين خرجت لي انت
قال يمرر يده على شعرها ووجهها:
- سلبت لبي يا جميلة يا عمري عديني انك لن تتركيني مهما صار؟
قالت مبتسمة:
- لست مجنونة لتركك فانت حبيبي انا ... هلا اخدت الخبز ووضعته على الطاولة
قال بطريقة تضهر الخمول:
- اليست بعيدة دعيني يا جميلتي الصغيرة احضى بدفئك فلا اشبع منك ابدا
قالت تكتسيها الحمرة:
- من يسمعك يقول اني لا اوفينك القدر الكافي من الحب
وقف يحمل السلة بيد واحدة والاخرى انحنى على وجهها يرفعه اليه مقلوبا من دقنها وقال:
- الحب معك كجنة من السماء ولدت على الارض لا مثيل لها انحنى على دقنها وقبله وابتعد يتركها مبتسمة على جنونه
وتصرفاته المتوحشة الرقيقة
تنهدت تكمل ما بدأته
بعد ان انهيا تناول الافطار خرجت جميلة الى الخارج حيث السقف يحمي من اشعة الشمس اذا ما ارادا ان يجلسا
سبقته بقميصها الازرق القاتم الطويل الذي ربطت اطرافه الى اعلى ليفسح لها المجال في الاشتغال دون عذاب وقد ارتدت تحته سروالا فضفاضا جميلا نسائيا اختارته هي بنفسها يوم تزوجا
تذكر جيدا كيف كان ذلك اليوم وكيف كان تعامل هود معها فيه برقة لامتناهية
رغم خجلها الا انه كان عطوفا حنونا استطاع ان يدفئ قلبها ويسعدها وان يهواها ويبعد عن عيونها الحزن الذي استعمرها
وقفت تنظر الى الارض التي لم تزرع ابدا امامهم والتي كانت ممتلأة بالاعشاب الضارة
قال هود يلحق عليها خارجا بما انه سيذهب في مشواره:
- حبيبتي ارجوك ان تبقي في المنزل ولاتفتحي لاحد ادري ان القرى يمكن ان تكون آمنة بعض الشيء لكنك جميلتي لااحبذ ان يحصل لك شيء في غيابي ولا في الخيال اتفقنا صغيرتي؟
قالت تضم نفسها اليه وتعبت بخصلات شعره:
- اتفقنا لكن ..ارجوك عد مبكرا ها ....لاتتركني وحيدة هنا ادري انني بامان لكني ...اه
احتضنا بعضهما بقوة تدفن راسها في عنقه ويستنشق عبق شعرها الاشقر
- لا عليك لن اتاخر اعرف جيدا ان الزيارة لذلك الشخص لن تكون سارة لكنها ستفيدني
ابتعد تاركا اياها تنظر اليه رجلا كما تحب متوحشا حنونا الى ابعد الحدود
تتمنى من الله الا ياخده منها هو الاخر
لانه الوحيد الذي من يستطيع سبر اغوار اعماقها
وتستسيغ طعم الحب واياه من دونه ابدا لاتساوي شيء في هذا الكون
دخلت تحت شمس الصباح الجميلة واغلقت الباب عليها
**********************
فوق الطريق التي اتخداها
اوقف سعيد سيارته بجانب حدود منها تبدأ صفوف مرصوفة من اشجار الليمون الرائعة
خرجت عبير من السيارة بعد ان فتح لها سعيد الباب
وجدت انه لمن الغريب ان تكون مرتدية نفس الوان الطبيعة فستانا فضفاضا اخضر ينزل على حنايا جسدها برقي وحجاب برتقالي
قال لها يمنحها يده اليمنى بينما يده اليسرى تحمل السلة:
- هيا معي ...سنجد لنا مكانا معزولا نفطر فيه
ابتسمت مرتبكة قليلا من اللمسة التي اصبحت الان امرا عاديا لكن لاتزال تزعزع نفسها بشكل غريب
تمشيا هكذا لمدة قصيرة ليصلا الى بين شجرتين تنشران ظلهما على بساط اخضر من العشب
ناعم تحت الأقدام
حط السلة على الارض وجال بنظره على الارجاء ليقول
-لابد من ان العمال في الجزء الاخر لن يقلق راحتنا احد هنا
امعن النظر فيها وهي تبتسم وتقوم بالجلوس على ركبها لفتح السلة واخدت شرشفا نضيفا ابيض وبسطته ليقوم هو بالركوع ايضا مساعدا اياها في بسطه
كانت حواسه تتحفز على الانهيار في اية لحظة
يا الهي لو تعلمين ما تفعلينه بقلبي وروحي ووجداني
اصبح جسدي كله متقشفا من قربك هذا ينادي بصوت عالي ان ارويه من دفئك وحنانك ليتك فقط تمنحين نفسك فرصة صغيرة لاحتضنتك لملأت حياتك احلاما لاتنقضي
اصبح الارق حليفي والوحشة انيستي
تكويني نار نظرتك وهاجة تلهب الاوصال
جلس سعيد في مكانه متكئ على الشجرة الكبيرة يراقبها مسكرا مخنوقا بالعشق مشبعا بالوجع الذي يسري في شرايينه مجرى الدم ويتشعب في الكريات بعروقه وتحفر فيها حفرا دون ان تشعر
نظرت اليه وشعرت بالاحراج من نظراته اخدت ما ستقدمه له في الصحن والشاي ايضا واعطته الكأس المزخرف باللون الذهبي
تحت نظراته التي لم تشأ ان تفلت اي لحظة من هذا الجمال الذي امتزج مع الطبيعة بشكل صيرها له وجعلها تروق عينه دون ملل
قالت له لتكسر الصمت وحرارة النظرات ولم تستطع ان تتحرك بحيث جلست بشكل معاكس له فباتت تحت رحمة عيونه المحرومة المتأججة:
- الجو جميل هنا ...لم يكن جدي مالكا لهذه الاشجار من قبل
قال سعيد يسرح في الاشجار والخضرة امامه:
- الارض له وخدمها العمال الى ان اعطت مع السنين ما اعطته تدرين ان الليمون الان هذا فوقك نظري اليه..
رفعت راسها ترى اوراق الشجرة التي تبسط جمالها فوقهم ولاحظت الليمون الشبه اخضر فوقهم
قالت تسال:
- مابه؟
وضع سعيد الكأس من يده :
- ظننا ان هذا العام لن تعطي ثمارا وخفنا من ضياع المحصول لكن الحمد الله رحمنا فقد ازهرت هذا العام متأخرة فقط وضننا انها لن تفعل ابدا وهذا هو سبب اخضرار الليمون كما ترين لم ينضج بعد
قالت تسكب له في الفنجان القهوة السوداء الساخنة:
- سبحان الله
مدت له الفنجان وامسكه واحنى راسه عليه يحرك السكر الذي وضعه فيه
قرر ان يجرب حظه فهي حلاله وليس عيبا ان حصل على شيء بسيط يطفئ ناره
قال يخفي الوهج الذي يهدد بالانفجار في اي وقت من عيونه الساخنة بشدة الشوق الذي يوجعه ويألم صدره بقوة:
- عبير
ردت تنظر اليه وقد وضعت كاس الشاي من يدها
- اجل
كان نبضه قويا سريعا
يهدده الا يفعل فقد تجرحه ويدوم الجرح كثيرا في قلبها ويصعب عليه العيش معها تحت سقف واحد بعد ذلك او شفائه:
- اذا طلبت منك ان تاتي الى هنا قريبة مني سترفضين؟
المت بها حيرة وتبعثرت كل افكارها و تاهت نظرتها لكنها اجابت بخضوع لعلمها انه زوجها ويفعل من اجلها الكثير فيجب ان تخضع له قليلا ولو بالغصب:
- لا ...اقصد ليس لدي ..مانع
نهضت تقترب منه بخجل لتجلس قربه تطوي قدماها تحتها وتجلس بارتباك
شعر بان الارض لاتسعه فرحة لانها لم تنفر بل استجابت
وضع الفنجان الذي ولايدري لما اليوم بات يشعر انه يزيد من سخونة الجو عليه بدل باقي الايام
التفت اليها ينظر اليها من فوق
وتكلم بما لجم لسانه منذ مدة تبدو له عهودا مضت همس بكل ما يملك من مشاعر تتراقص على قلبه وتريد ان تنهيه الى النهاية:
- عبير...
بالكاد همست مخفضة نظرها عنه:
- نعم
قال يفصح عن ما يثقل صدره ويكاد يتسبب له بنوبة قلبية من كثرة الضرب على اوتاره :
- انا..انا احبك
شعرت ان الكلمة تجاوزت اذناها لتغوص في اعماقها وترفرف بقلبها عاليا
ياربي ما الذي يحصل لي هل جننت رحمتك يا الله
لم تستطع ان تجبه لان الخجل يزيد من احمرار وجنتيها
- اعلم انه لربما هذه الامور صعبة لانك بريئة ..اعرف انه ابدو لك لربما متوحشا لكني عكس ذلك اتمنى فقط لو تفهمين
خرجت تنهيدة مديدة من صدره مثخمة بما يكتم على انفاسه
اقرب يده من يدها واخدها برفق يتمنى الا تقوم باي فعل يجرحه فقلبه لها وحدها ولم يعد باستطاعته التحمل اكثر
دفن شفاهه الرجولية في باطن كفها
ارتعشت ورفعت نظرتها اليه وقد اضمحل الخجل بل ما كان لم يعد له اثر سوى انها بقيت حالمة في ما يفعله يقبل يدها بحنان بالغ
بل وتجاوبت يدها بحيث وضعتها على خده
كل المشاعر في ذروتها تهدد بالانهيار في اية لحظة اقتربت منه تدفن نفسها بخجل بالغ في صدره لاتدري لفعلتها سببا لكنها اراحتها وبعثت بها شيء لم تعهده في نفسها
قال بين انفاسه المتهدجة:
- لقد انشاتني بدون مثال سابق
سمعت قلبه يضرب بهوج واستقرت يدها على صدره وتشبتت به تخفي نفسها في صدره القوي كليا لاتدري لما شعرت ان البرد موجود حولهما بينما الدفئ لا يختزل الا في حضنيهما مع بعض اغمض كل منهما عيونه تاخذه دوامته المنعشة الى عوالم خارقة لاتتكرر كل يوم
وشدد ذراعيهعلى خصرها وشعر بلهفته تزداد لكنه قرر ان ينعم بهته اللحظة
ابتعدت عنه قليلا ولاحظت عيونه التي بدت كالنعسانة قرب وجهها المحمر ولم تستطع ان تنطق بشيء ابدا
بعد ان استرجعت طبيعيتها قالت:
- الن تذهب الى عملك؟
وبدات تجمع الاغراض
قال ينظر اليها بين رموشه السوداء بابتسامة منتعشة فرحة:
- ومن يملك هذا الوجه الجميل يستطيع ان يذهب الى مكان؟
زاد تورد خدودها وقالت :
- اتحدث... بجدية ...انوي ان احضر لك طعام الغذاء ان لم ترد ان تتغذى معنا في البيت
قال ينهض ليقوم بطوي الشرشف
- سيكون ذلك رائعا ان تاتي لنتغذى معا هذا سيصبرني على بعادك يا قمري
يخجلها الى ابعد حد لاتدري الى اين سيقودها هذا الجدار الثاني الذي هدمته نحوه لكنها تدري انها تتبع فقط قلبها وان كان قد بدأ يغرم به فعلا فلابد من انها ستعرف
اراد اكثر من حضنها في صدره
بات يريد ان يخترق الحدود الفاصلة بينهما الى عمق اكبر
ويتمنى ان يلمس تلك الشفاه العذبة التي تعذبه في كل لحظة لكنه اقنع نفسه بانها تحاول ان تغالب خجلها فلا يجب ان يستعجلها لو كان الامر بيده لكان مختلفا لانه جامح بطباعه
لكن ولانها بريئة ورقيقة فيخاف عليها من الكسر
قال يمنحها يده بعد ان حمل السلة
ابتسمت تمسكها وتعززها بوضع اليد الاخرى على ذراعه تربطها فيها ملتصقة به ببرائتها اكثر
ويتجهان معا الى السيارة
********************
في القصر
ثريا تعلم انها لم تفعل الصواب
لكنها لتعرف مكان زوجها دون ان تكثر الترثرة سألت عبد الصمد الذي صادفته خارجا من مجمع الرجال ولعلمها بان عبد الصمد انسان متفهم قليلا اجابها بانه سافر في الصباح وفسرت انها فقط نسيت لابد من انها نسيت
ماهته السكاكين التي تشرخ صدرها وماهذه الالام التي تفضي الى بئر عميقة تسيل فيها دمائها ولاتعلم من اين ستعيدها
انكسر كل شيء فيها ككأس امتلأ بسائل ساخن وانشق ليترك مافاض يفيض على ساحت الحب الاعمى
انتشلتها عذابات الهوى بملاقيط حادة تنغرس في صدرها دون رحمة
تعلقت بين الشك والواقع كالشاة
بل ذبحت كالشاة وتركت مذبوحة بجسد حي
ميت في الاساس منذ ان امتزج نبضها بقلبه منذ ان تخلت عن اسلحتها في الحرب ضده منذ ان كانت له وحده
لماذا انا لما ياربي يفعل بي هذا
اكتفيت وتعبت يجعلني دائما على الهامش لانني طبعا لست سوى امرأة لعوب في نظره احبه وحبه يخرقني نصفين
ويكتنيني بوحشية
صعدت في قمة غضبها لاتدري ما عليها فعله لكنها يجب ان تعلم لما يعاملها هكذا يجب ان تفهم قسوته تلك هل لها من نهاية؟
صعدت الى جناحها واقفلت الباب وراءها بكل ما اوتيت من هدوء
دخلت الغرفة لتطلع على ملابسه وفعلا هنالك نقص فيها
وحقيبة من الحقائب المتسلسلة تنقص
اذن هو سافرفعلا لكن لما لم يقل لها
- لما لم يأخدني معه
ادمعت عيونها بحرقة لطغيان هذا الرجل والذي لايريد ان يتنازل عنه ابدا
اخدت الهاتف النقال واتصلت به
تنتظر بقلب مرتجف وما ان اجابها حتى شعرت انها تحتاج الى الجلوس
في تلك اللحظة كان قد اوقف السيارة واستاذن من الهام ليقوم بالأجابة
- الو..
قالت بصوت يشوبه الاضطراب رغما عنها:
- عث..مان
ابتعد عن السيارة
- اهلا وسهلا
قالت تقف منتصبة تحاول ان تضهر قوتها في مجابهته:
- اين انت الان ؟
قال لها باستهزاء لاذع:
- وهل من حقك ان تسالي اين اذهب واين امشي ؟؟ألست انا من لديه الحق في ذلك؟
قالت وقلبها يتوجع من حديثه والدموع تتدحرج صامتة على خدها وحتى الكبرياء بات في الخلف وراءها مكبلا لصق فمه مكتومة انفاسه:
- لما لم تخبرني في الفجر انك مسافر لما لم تأخدني معك؟
قال ببرود:
- حضورك معي ليس مهما
يوسع الجرح في قلبها بقسوته
يدمي فؤادها بطعناته الثثالية لها
جلست قرب السرير على الزربية تشد على يدها المتحرر بين ركبها من عصبيتها:
- الهذا الحد لست مهمة بالنسبة لك الا اعني لك شيء؟
قال بنفس البرود:
- اخبرتك لو كان حضورك معي مهما لاحضرتك ليس الا والان ماذا ؟
قالت تمسح عيونها:
- الا تحبني عثمان؟؟... ولو قليلا
قال وعيونه تسبح في خيالها بين انفاسه:
- عن اي حب تتحدثين بالله عليك..انظري ليس لي النهار كله معك علي الوصول الى الدار البيضاء بسرعة
قالت تصرخ بحنق مرتعدة:
- انت لعين عثمان ولم ارى انسان اقبح منك اكرهك ياذا القلب المتحجر
دون ان تقفل الهاتف رمته على الحائط حتى ملأت الغرفة باشلائه وانهارت هي تبكي على السرير تعتصر من الداخل اوتارها
وتتألم بكل ما في قلبها من حب تعيس
بينما هو نظر الى الهاتف بتفكير ليقوم باعادته الى جيبه ويدخل السيارة
- اسف الهام ان ازعجتك
-لا لا عليك
رات الهام انه بدى غاضبا قليلا من طريقة تحدثه في الهاتف
لكن الامر ليس من شانها
********************
في منزل السي محمد
كان سي محمد في مكتبه الخشبي الرائع يفضي من شرفة جميلة الى الحديقة الصغيرة المحيطة بالمنزل
كان اليوم يراجع الارقام التي وصلت ارباحه اليها لحد الان مع العلم انهم لم ينتهوا من الحصاد كليا بعد
فرح كثيرا لان ابنته الوحيدة قد تزوجت وحمد الله كثيرا
يفكر بان يجهز لها احسن عرس بالمنطقة ويفرح بها كباقي الناس
يتمنى فقط الا تظل زوجته رشيدة على هذا الحال
ابتعاد هند عنها بعد وقت قصير في اواخر الصيف يحبطها
وحمل صفية يأثر فيها كثيرا
يشعرها كل هذا بتعاسة لاتوصف وهو يحاول بحبه ورعايته لها ان يخفف عنها من مقاساتها
كان قد نادى على صفية لتأتيه
لانه ينوي ان يحدثها بجدية فمن اجل زوجته يفعل المستحيل
ويريد منها ان تكون خادمة مستمعة لاوامره كما هي دائما
سمع طرقا على باب مكتبه وقد كان يراجع اوراقه
فانتهى بتنحيتها جانبا في الروجيستر
وأذن بدخول الطارق
- تفضل... ادخل
كانت صفية من دخلت ولكنها بدل ان تتقدم اليه ليناقشها في الموضوع الذي ناداها من اجله لاحظ عليها نظرة غريبة توحي بشيء ليس بالسار قالت:
- سيدي شخص يقول انه صديق قديم لك يريد ان يراك
-هل قال ما هو اسمه؟
حركت صفية راسها يمينا وشمالا فقال :
- اذن اطلبي منه ان يعود ادراجه
انحنى على اوراقه ودخل الشخص دون ان يشعر الجالس على المكتب بذلك وقال للخادمة انصرفي بالاشارة يغمز بانه يريد مفاجئته فرفعت اكتافها وخرجت تغلق الباب بخفوت
لكن السي محمد الذي اعاد الاوراق قربه شعر انه ليس وحيدا في الغرفة وعندها رفع عينيه لينهض من الكرسي وتشل ركبه من الهلع ليجلس عليه مجددا
- ه...و...د.......
The---and
يتبع.............
يا بنات موعدنا يوم الخميس اتمنى الا تزعلوا بس والله اعمل جهدي واتمنى ان يكون الجزء قد راقكن باذن الله سلامي لكل الغاليات
|