لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-09-09, 08:05 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



الفصل الخامس
هل تتزوجيني؟

و ثارت بليندا في وجه غارث طوال طريق العودة. لماذا فعل هذا؟ و ما هي اللعبة التي يلعبها؟ من يحاول أن يخدع؟
-أتعاملني و كأنني أهمك ، و كأنني ملكك ، فتاتك! لا أعلم ماذا سيقول نويل الآن عني؟
-لا تقلقي. قيمتك ستزاد عنده ، سيرغب بك أكثر. فالغيرة تفعل في الرجل العجب... ألم يكن علي أن أحرر الشيك لك؟
-لا.. نويل سيعطيني واحدا آخر ، بعد حسم عمولته على البيع.
-أتعنين أنه يأخذ منك حصة؟
و ضحك عاليا:
-يا إلهي ! جيميز يأخذ عمولة على عمل فتاة مكافحة! صديقك هذا ولد و هو رجل أعمال. و لا عجب أن لدى أبيه هذه الثروة.
و بينما كان غارث يضع سيارته في الكراج ، ركضت نحو المرسم و هي تنوي أن تغلق على نفسها ، و لكنه لحق بها. كان مصدر عذاب لها أن يدخل إلى هناك ، يحدق بثمار تفكيرها ، بلوحاتها ، التي رسمتها من الجزء اللاواعي في فكرها ، التي تكشف للعين الناقدة أفكارها السرية ، عمق شخصيتها. و قال لها ساخرا:
-أين سأضع اللوحة التي أشتريتها بهذا المبلغ الكبير؟ في غرفة الجلوس كما أعتقد. يجب أن توقعيها لي و عندها سأظهر لزواري بأنني أعرف هذا الفنان.
-لم يكن عليك أن تدفع هذا المبلغ للوحة.. و لكن شكرا لك إنه كرم زائد منك.
و أخذ ينظر إليها و هي جالسة على الأرض قرب الأريكة.
-كنت كريما اليس كذلك.. حمدا لله! لقد أصبح لدي فضيلة جيدة ، أنا كريه ، لا أحتمل ، مصنوع من حجر ، و لكني كريم.
و أنحنى ليصبح عند مستواها:
-يبدو أنك تمضين وقتا طويلا هنا على الأرض ، لماذا؟
-لا أعلم. يبدو أنني أفكر بشكل أفضل و أنا على الأرض. هناك دائما مكان لم يستخدم على الأرض. الطاولات مليئة ، و الكراسي مغطاة ، و لكن الأرض.. إنها تصرخ لمن يستخدمها.
-الأرض للسير عليها ، و ليس لرمي النفايات عليها.
-من الجيد إذا أنك لن تتزوجني أليس كذلك؟ سوف تسأم من نفاياتي في وقت قصير ، و أنت تتعثر بها يمنة و يسارا.
-إلا إذا تعلمت أن أعيش على الأرض بدوري.
-ليس أنت ، ستبدو في غير مكانك هنا.. أنت جليل القدر ، متفوق ، مدير عالي الشأن.
-إذا أنا لست حتى من البشر الآن؟ إذا قلتي المزيد سأثبت لك العكس!
و وقف مهددا ، و خفق قلبها ، و لكنه ابتعد ، و أخذ ينظر إلى اللوحات ، و توقف لينظر في مجموعة موضوعة على الجدار. و أخذ يتفحص واحدة منها ، و ظهر تعبير غريب على وجهه و سألها:
-هل هذه صورة صديق لك؟
و نهضت بليندا لتنظر من فوق كتفه ، و ضحكت:
-بالطبع لا.. إنه موديل.. نحصل على دروس حية في المعهد. ندرس علم التشريح و ما إلى ذلك. نتعلم أن نرسم البشر في صيغتهم الأساسية.
-حسنا.. أجل.. لقد جعلتني للحظة أتساءل.
-تتساءل عن ماذا ؟
و عادت إلى رسمها ، و وقف قربها.. فقالت متسائلة:
-غارث.. أنت تعرف نوع عملي.. أخبرني عن عملك ، لقد ذكرت شيئا عن صنع أجهزة ترانزستور للكابلات تحت المياه.
-أوه... يا عزيزتي ، هذا أمر مختلف... كيف أستطيع ترجمة مثل هذا الموضوع العالي التقنية إلى لغة عادية؟
-و خاصة إلى فنانة غبية!
-أنت قلتي ، و ليس أنا.. في الوقت الحاضر نعمل في القسم الذي تصنع فيه الأجهزة. إنه يدعى غرفة العزل. لا غبار أبدا ، و يبدو و كأنه غرفة عمليات في مستشفى. الناس يتوجب عليهم إرتداء أقنعة على وجوههم ، محكمة ضد الهواء. و هناك ضغط مستمر على مستوى معين و رطوبة معينة. و من يعمل هناك يحصل على عصير الليمون المجاني للتغلب على جفاف الجو.
و وضع يده على رأسها و أداره لتنظر إليه ، فضحكت و أزاحت يده و قالت:
-يبدو الأمر مرعبا. و لكن ماذا تفعل هذه الأجهزة بالضبط؟
-إنها تدعى "المرددات" إنها تضخم الصوت ، و تجعل الرسائل أوضح ، و إلا لن تسمعي الرسالة أبدا.
-يبدو أن العمل دقيق جدا في هذه الأجهزة.
-لمن يعمل بها... أجل. و لكننا دوما نحسب حساب الأخطاء البشرية ، لذا نعيد فحص كل قطعة على حدة قبل استخدامها. و الآن و قد علمتي.. هل أصبحت حكيمة أكثر؟
-قليلا... و هل أنت مسؤول عن القسم كله؟
-أجل...
-و هل تدير القسم بنفس القساوة و الفعالية التي تدير بها حياتك؟
فاستدار إليها مبتسما:
-أجل... و إلا لما وصلت إلى هذا المركز.
-لا عجب إذا أنك تكره فكرة مشاركتي السكن. يجب عليك أن تعيش في شقة فخمة كاملة الخدمات كل شيء فيها جاهز و أي شيء تطلبه يصل إليك بكبسة زر ، و بدلا من ذلك تضطر إلى تحمل طريقة عيشي غير المحتملة ، و قلة نظافتي ، و الفوضى التي أدير بها منزلي ، حتى أنني لا أستطيع مساعدتك في الطبخ.
و انتظرت أن يقول لها كلمات رقيقة ، مطمئنة ، و أن يؤكد لها أن قلة براعتها في الأعمال المنزلية لا تهمه ، و لكنه لم يقل شيئا ، فتابعت كلامها:
-و هكذا ترى كم سأكون زوجة سيئة لرجل في مثل مركزك. و السيدة دونيكان تعرفنا كلانا ، فكان عليها أن تعرف كم هي سخيفة فكرة زواجنا. مع المال أو بدونه ، لا ألومك لعدم رغبتك في ربط نفسك بي. فأنا لست بمستواك الإجتماعي و لا العملي. و الزواج بيننا بكل بساطة لن ينجح.
و صفق على يده بمسطرة كان قد التقطها و كأنه توصل إلى قرار ما ، و أعاد المسطرة إلى مكانها ، و حدق عبر النافذة إلى الخارج:
-إذا كان الطقس جيدا في الغد ، سأذهب لقضاء عطلة. لدي عدة أيام عطل متراكمة من الأعياد الماضية. لذا سأوضب بعض الثياب و أذهب في سيارتي و أتخلى عن كل شيء.
-لوحدك؟
-أجل لوحدي. لماذا؟ أتحاولين أن تتصيدي دعوة؟ هل تنوين أن تتطفلي على عزلتي؟
و احمر وجهها ، و قد خاب أملها لقراره بالسفر ، و للسهولة التي يستطيع فيها إنتزاع نفسه ، من أصدقائه و معارفه... و منها. مما جعلها غاضبة دون سبب ، فقالت:
-هل تظن أنني أذهب في عطلة معك؟ لا.. شكرا. ستكون هذه العطلة بمثابة أيام راحة ، أستطيع فيها الخلاص من رفقتك للستة أشهر التي سأقضيها هنا.
و نظرت إليه و هو يغادر الغرفة ، و كانت عيناه باردتان:
-غارث؟ أين ستذهب؟
-لا أعرف ، و حتى لو عرفت لن أقول لك. فقد تقررين اللحاق بي و لن أتحمل هذا.
و أغلق الباب وراءه. حسنا لقد طلبت بنفسها هذه الإهانة ، أليس كذلك؟ و قد إنتقم منها ، و لن تستطيع لومه.
و أخذت الرسمات التي رسمتها له بعد ظهر ذلك اليوم ، لن تدعه يعرف عنها. ستكون ذكرى عنه تأخذها معها عندما ترحل إلى الأبد بعد أربعة أشهر. و بدأت أولى ضربات الفرشاة في تلك اللوحة بعناية و حب.
و في الصباح التالي ، سافر غارث باكرا دون أن يودعها. و اختبأت خلف ستارة غرفة النوم و أخذت تراقبه و هو يبتعد. كيف ستواجه عددا غير محدد من الأيام من دونه؟ أن تشعر به في كل مكان ، و صوته في أذنيها و لكن في غياب شخصه الحقيقي؟
ستسافر إلى أمها.. هذا هو الحل.
و استقبلتها أمها بالقبلات و الابتسام القلق ، و استقبلها شقيقها و شقيقتيها بعدم إكتراث معتاد. أمها بدت شاحبة و نحيلة. و بقيت هناك لأسبوع ، و لم ترتح في نومها على الأريكة في غرفة الجلوس ، و لكن لم يكن عندها مكان آخر تذهب إليه. و كانت تستيقظ كل صباح لترى ورق الجدران الممزق الباهت ، و السقف المشقق ، و الأثاث المهترئ.
لو أنها تحصل على ذلك المال ، لأعطته كله لأمها لتسعدها و تريح حياتها. و لو كان هناك الكثير ، لاشترت لها منزلا آخر ، في منطقة أفضل و أكبر من هذا. هذا المال محجوز ، و لن يكون لها ، إلا... و لكنها لن تستطيع أن تتزوج غارث. لن تستطيع أن تتزوج رجلا يكرهها بقدر ما تكرهه. إنهما يتحملان بعضهما إلى أن تنتهي الستة أشهر.. ثم.. وداعا... و سيخرج من حياتها إلى الأبد. سيسلخ نفسه من حياتها بالسهولة التي سافر بها هذه المرة ، ما عدا أنها هذه المرة هي التي ستخرج من الباب ، و لن يراقبها حتى من النافذة كما فعلت.
و شعرت بالراحة لإنتهاء الأسبوع عند أمها... يبدو أنه لم يعد لها مكان ضمن العائلة. و شعرت و كأنها خرجت من حياتهم كما ستخرج من حياة غارث.
و عادت إلى منزلها ، و لكن الكآبة لم تغادرها. فقد كان بإنتظارها ، الجدال ، و النزاع ، و سوء التفاهم ، مختبئة في زوايا غير متوقعة ، مستعدة للقفز في وجهها. و دخلت غرفتها ناوية العزلة حتى لا تقابله.
و وقفت عند باب المرسم مذهولة... كان هناك ، يحدق خارج النافذة و يداه في جيوبه. و استدار ، و لكنه لم يكن محرجا كما قد تكون هي في ظروف مماثلة. و قال دون تعبير:
-أنا أفعل مثلك.. تسللت إلى غرفتك دون إذن ، و لن أعتذر.
-لا تهتم.. ليس لدي شيء أخبئه.. لا شيء أبدا.
-لا شيء؟ إذا من ربح معركة تفضيلك... الولد الثري اللعوب أم زميلك الفنان؟ أراهن بكل مالي على الأول. لديه مال جاهز ، دون ذكر الخاتم الذي في جيبه ينتظر أن يحل في يدك حالما توافقين.
كانت تعبة كئيبة ، و العطلة التي قضتها جعلت حياتها أسوأ.
-لقد ذهبت عند أمي..
-حقا؟
-أجل.. عند أمي.. و إذا لم تصدقني إذهب و اسألها. ليس على هاتفها بل على هاتف الجيران. هاك الرقم.. هيا.. إذهب و اتصل بها.
و استدار دون أن يقول شيئا فقالت:
-و لماذا علي أن أقول لك عن كل تحركاتي؟ أنا لا أسألك عن أي تفاصيل.
-حياتي كتاب مفتوح.
-و كذلك حياتي.. ها قد عدنا من جديد... إلى الشجار و إلى بغض بعضنا.
و تدفقت الدموع التي كانت تنتظر الإنفلات ، و شقت طريقها على المسرح و كأنها ممثل ثانوي مصمم على أن يترك تأثيره. و هبطت بليندا نحو الأرض و استدارت لتريح وجهها بين يديها على الأريكة.
و رفعتها ذراعاه إلى الأريكة و أجلستها هناك و جذبتاها إليه. و كان صدره الصلب و تنفسه الثقيل تحت خدها و يده تمسح شعرها. و لم تستطع أن تجذب نفسها عنه لأن قدرتها على المقاومة تلاشت. كانت بحاجة إلى العطف ، حتى أنها كادت تطلبه ، و ها قد حصلت عليه. و أدار وجهها إليه بأصابع ناعمة ، و نظرت إلى عينيه المليئتان بالحنان و العطف. و تمتم:
-أخبريني ما بك.
و تدفق الكلام من فمها دون وعي. و أنهت كلامها عن وضع أهلها بقولها:
-والدتي قد تكون سعيدة بي لأنني أساعدها. و لكن أشقائي... أظن أنهم يغارون مني.. و لكن بحق السماء لماذا؟
و أغرقت وجهها في صدره... ثم وقف يحدق بها مفكرا. و قال:
-سأحضر بعض الطعام ، هل ترغبين بمشاركتي؟
-لا شكرا... لن أكون رفيقة جيدة لك.
-لعن الله الرفقة... لقد اعتدت عليك حتى الآن لأعتبرك مجرد...
و توقف عن الكلام. و علمت أنه قرر أن لا يخبرها كيف ينظر إليها.. ربما جزء من أثاث المنزل.. و لكنه قال:
-سأضع طعاما لأثنين.
و نظرت إليه ، و وجهها مشتعل ، و عيناها ثقيلتان من البكاء.
-لماذا تظهر كل هذا اللطف؟
-لماذا؟ الأمر واضح ، لأنك بحاجة إلى صديق ، إلى شيء صلب تستندين إليه.. أعتبريني ذلك الشيء.. فأنا قوي ، و صلب. و وقفت في وجه العديد من العواصف ، و أنا هنا عندما تحتاجين إلي ، تذكري هذا دائما.
و نظرت إلى القوة في وجهه ، إلى الجاذبية في جسده ، إلى أخلاقه التي يعتمد عليها. إنه يملك الإستقامة و المبادئ الواقعية. لو أن هناك إمرأة محظوظة بما فيه الكفاية كي تكون زوجته ، ستجده عنده كل ما تحلم به المرأة في رجل.
-حسنا.. هل مقاييسي متناسبة مع الولد الثري اللعوب الذي ما زال يطلب منك الزواج؟
و أرادت أن ترد عليه... مقاييس... أنت ترتفع عنه كثيرا... و لكنها ابتسمت و قالت:
-هذا سؤال من الأفضل أن لا أجيب عليه.
و وضع أصابعه تحت ذقنها:
-كل هذا و ديبلوماسية أيضا ، هناك شيئا في عينيك يجب أن أرضيه.
و رفع رأسها عن الأريكة و وضع وسادة خلف رأسها:
-قد أكون أكره النساء. و لكنني أعرف كيف أعامل المرأة ، و أستطيع أيضا أن أكون زير نساء عندما أشاء. ابقي هنا و انتظري ، و ألحقي بي عندما أدعوك.. هل تفعلين هذا؟
و احمرت و هي تنظر إلى عينيه.. لن ألحق بك بل سأرمي نفسي بين ذراعيك ، دون النظر إلى العواقب. و هزت رأسها موافقة:
-هذا جيد... سأذكرك بالأمر يوما ما.
و تناولا الطعام في غرفة طعامه. و كانت الوجبة لذيذة. كان يلفهما جو احتفال... و لكن بماذا يحتفلان بالضبط ، لم تستطع بليندا أن تتصور.
الأيام التي تلت كانت أقرب إلى الجنة ، و الاتفاق بينهما استمر. لقد وضعا بالفعل حال العداء بينهما على الرف... و لكن إلى متى.. لا أحد يعرف.
و أقبل شهر أيار و أقبل معه دفء الشمس. و عندما يكون غارث في الخارج... كانت بليندا تعمل في اللوحة التي ترسمها له. كانت اللوحة تبرز إلى الوجود تحت يديها ، بعد كل ضربة فرشاة.
مرت ثلاثة شهور ، و بقي ثلاثة قبل أن تضطر إلى مغادرة المنزل. و كان غارث في هذه الأثناء مرحا ، و على الرغم من الوفاق و الهدنة بينهما كانت بليندا تشعر في أعماقها أنهما عندما يودعان بعضهما ، لن يشعر أبدا أنها قد ذهبت.
في إحدى الأمسيات حضر نويل لزيارتها ، و قد بدد قدومه الهدنة بينهما و قلب علاقتهما إلى حالة الحرب القديمة. فقد عانقها نويل في الردهة و كان غارث ينزل السلم ، و عندما لاحظت بليندا النظرة النارية التي رمقها بها غارث شعرت و كأنها تلقت ضربة عنيفة ، فقد عاد في لحظة إلى الرجل البارد القاسي الذي كانت تعرفه من قبل.
-تعال فوق يا نويل... هناك لن يقاطعنا أحد.
هذه الدعوة لم تكن مصادفة. فلو أن غارث عاد إلى حالة الحرب فلديها أيضا أسلحة تجابهه بها.
-حول ذلك المعرض يا نويل... هل يناسب شهر تموز؟ أظن أنني قادرة على إنهاء كل اللوحات بهذا الوقت ، ما يكفي للغرفتين في "الغاليري" الذي قلت عنه.
-فليكن المعرض في تموز يا حلوتي. و ماذا ستعطيني بالمقابل.
-أنت تعلم جيدا ما ستحصل عليه بالمقابل.. العمولة.. و عند الإنتهاء كل مالك الذي دفعته عني.
-سأستغني عن المال إذا دفعت بطريقة أخرى ، أو قبلتي خاتمي.
-لن يكون هذا.. إنها صفقة عمل.
-و لكن رجل الأعمال عادة يمزج العمل بالمتعة. اكبري يا عزيزتي فالزمن يمر...
-إما أن تاخذ هذه الصفقة بجدية يا نويل ، أو انسى الأمر و ألغي المعرض.
-لقد ربحتي ، العمل أولا... ثم المتعة في أي وقت تقولين فيه تلك الكلمة الصغيرة "نعم".
و بعد أن بحثا تفاصيل الصفقة ، حضرت بليندا القهوة ،(redroses309) و بعد تناولها حاول نويل ثانية أن يغازلها و صدته ثانية ، و قالت له إنه يجب عليه أن يذهب ، لأنه مهما حاول جاهدا لن تقبل معه. فقال لها:
-أستطيع استخدام القوة يا حبيبتي!
-لا تستطيع و غارث موجود في البيت.
-إذا هو حارسك الآن.. أليس كذلك؟ ماذا بينكما؟ إذا كان هناك شيء ، فلماذا لم يصعد إلى هنا و يرميني إلى الخارج؟
-الأمر ليس كما تظن. على كل أنا تعبة يا نويل... و أنا أشكرك على دعمك لي و الاتصال بأصدقائك و تدبير كل شيء.. أنا فعلا شاكرة..
-الآن انت من تغلبت علي.. لقد أدرت سحرك ، هكذا أنتم النساء ، حسنا لقد فزتي ، و لكن فقط لأن حارسك هنا.(منتديات ليلاس) و لكن عندما لا يكون...
و حالما غادر نويل المنزل ، أغلقت الباب الأمامي الثقيل بقوة لأن الزمن قد أثقل مزلاجه. و جلب الصوت غارث إلى الردهة ، و إتكأت بليندا على الباب. تنتظر هجومه.
و لم تكن مخطئة ، فقد عادت الأمور بينهما إلى سابق عهدها.
و ولت أيام اللطف و المجاملة ، و عادت أيام السخرية و الهزء.
-منذ متى و أنت عشيقة نويل جيميز؟
و طعنها السؤال كالخنجر و توقف الدم في جسدها.
-ما هو دليلك الذي أوصلك إلى مثل هذا الاستنتاج؟
-لقد إتهمتني مرة أنني دون خيال.. يا إلهي كم كنت مخطئة! لم يلزمني الكثير لأعرف ماذا يجري بينكما فوق رأسي.
السخرية كانت كاملة.. إذا لديه مخيلة ، و لكنه استخدمها بشكل خاطئ!
-أنت مخطئ... و لكن كل ما أقوله لن يقنعك.
-أنت محقة تماما... تعالي إلى هنا.
و لحقت به إلى غرفة الجلوس ، و كانت النار مشتعلة في المدفأة ، و لكن النار كانت الحرارة الوحيدة الموجودة هناك. و دعاها إلى الجلوس. و لكنها رفضت قائلة:
-سأخبرك بما كان يجري "فوق رأسك"! لقد كنا نتكلم... و بإمكانك أن تظهر عدم التصديق كيفما تشاء يا غارث ، إنها الحقيقة. ففي تموز سأقيم معرضا لأعمالي.. و نويل لديه صديق يملك في لندن "غاليري" و سيسمح لي باستخدام جزء منه لمساعدتي على الإنطلاق...
-و لكن ألن يكلف هذا الكثير من المال؟
-أنت على حق سيكون الأمر مكلفا.
-إذا من أين سيأتي المال؟ لا تقولي أن نويل جيميز سيقدمه مقابل استرجاع بعض خدماته منك...
و احمرت وجنتاها و لكنها لم ترد... فتابع:
-إذا تمثيلة "الابنة المسكينة" غير المرغوب فيها ، و التي جعلتني أفكر بك بشكل مختلف ، كانت زائفة.. نويل جيميز يرغب بك ، و سيدفع بسخاء كي يحصل عليك.. لا بد أنك تقدرين المال كثيرا ، ربما يجب أن أجرب يوما ما.
-كم في استطاعتك أن تصبح مهينا؟
-هذا لا شيء ، مع الوقت قد أضاعف ما أقول...
-هل أستطيع الذهاب الآن؟
-لا... هناك الكثير بعد لأقوله..
و أشار إلى كرسي لتجلس عليه ، ثم سار في الغرفة وعاد و وقف أمامها:
-ذلك المال الذي ربطتنا به عمتي. لو وقعت يدك عليه ماذا ستفعلين به؟
-لقد قلت لك... سأصرفه.
-على ماذا؟ على نفسك؟ على حاجاتك الشخصية؟
و حدقت فيه غاضبة. ستجعله يزدريها لدرجة أن يطردها من حياته فابتسمت له و قالت:
-طبعا.. كل قرش سأصرفه على ما أشتهيه ، على البذخ الذي أحلم به و لا أملك المال لتحقيقه: الثياب ، أدوات التجميل ، السهرات في أفخم الفنادق ، العشاء في المطاعم ، الرقص...
-أنت تريدين المال بقوة ، حتى أنك تفعلين أي شيء للحصول عليه... حتى لو تزوجت رجلا تكرهينه ، من دعيتيه مرة بالمكروه ، غير المتمدن ، و من لا يحتمل ، رجل لا يعرف معنى الأدب... أرأيت ، أنا لم أنس... ومع ذلك ستتزوجيني؟
-أتزوجك؟ أتزوج رجلا يكره النساء ، و يكرهني بشكل خاص؟
و لكنها تمنت لو أنها تضيف إلى كلامها: رجل أحبه كما لم أحب أحدا في حياتي... و قال لها:
-حسنا... فكري جيدا... أنا أعرض عليكي الزواج من أجل تحرير المال و جعله متوفرا بين يديك لحاجاتك الأنانية الخاصة... فهل تقبلي عرضي؟


******************************

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 23-09-09, 08:07 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


الفصل السادس
زواج أبيض


أول فكرة تبعت صدمة كلماته كانت: "أمي! سأتمكن من مساعدة أمي!" و كان ينظر إليها و هي تفكر فسألها:
-أنت مترددة... لماذا؟ أخبريني هل لديك النية لقبول عرض نويل جيميز للزواج؟
-لا...
-و هل هناك نوع من الانجذاب ، إذا صح التعبير ، بينك و بين صديقك الفنان؟
-براد؟... لا.
-إذا بالتأكيد الميدان خال لي؟
و لم تستطع أن تجد ردا ، و سار نحو المدفأة و حدق بالنار قائلا:
-في الحقيقة لم أكن أتصور أنني من النوع الذي قد يتزوج. و لم يكن في نيتي أبدا أن أضع خاتما في اصبع إمرأة. و لكن بسبب مناورة ماكرة و واعدة من عمتي ، اندفعت نحو وضع لا مهرب منه. فإذا لم أتزوجك ستخسرين ذلك المال ، و معرفة أنني سبب حرمانك منه سوف تطاردني لما تبقى من حياتي... و لكن إذا تزوجتك...
و صمت طويلا ، ثم استدار من مواجهة اللهب ، و أعطى ظهره للنار ، و تابع:
-لقد اعترفتي بأنك تريدين المال الذي ستعطيك إياه عمتي.. هل تقومين... و أكرر.. هل تقومين بعمل أي شيء للحصول على هذا المال حتى أن تتزوجيني؟
-حسنا... أنا..
-أجيبي على سؤالي فقط!
-أجل يا غارث!
و أمسك بيديها المتشابكتين ، و أبعدهما عن بعضهما ، و سحبها لتقف على قدميها.
-حسنا.. سأسألك رسميا... هل تتزوجيني؟
و تنفست نفسا عميقا:
-سأتزوجك يا غارث!
-شكرا...
و ترك يديها و تحرك نحو النار ثانية ثم التفت إليها:
-سيكون زواجا بالاسم فقط. لن يكون هناك شروط. لن يكون عليك واجبات زوجية.. لن ألمسك ، إلا إذا طلبتي مني بالطبع! سيكون القرار لك بالكامل. و بالنسبة لي ستأخذين اسمي و لا شيء آخر. و سنستمر بالعيش مفترقين و بعيدين كما نحن الآن. و ستحصلين على المال ، و سيرتاح ضميري. هل يرضيكي؟
و أرادت أن تقول لا يا غارث.. أرادت أن تبكي ، أرادت أن تصرخ.. أنا أحبك. كيف سأتمكن من البقاء بعيدة عنك؟ و لكن إذا كان هذا ما يريده.. فهل تستطيع الرفض؟ إنه يصنع معها معروفا... يضحي بحريته... و السماء تعرف بماذا أيضا ، فعليها أن تطيع قوانينه! و قالت بهدوء:
-هذا يرضيني يا غارث.
و فكر للحظات و وقف قائلا:
-هناك شرط واحد ، سأطلب أن تلتزمي به... سوف تلغين كل علاقتك بنويل جيميز...
-و لكن يا غارث ، معرضي ، الذي يساعدني فيه..
و لكن النظرة في عينيه أوقفتها عن الكلام فهمست قائلة:
-حاضر يا غارث... و لكن... و لكنني عملت جاهدة لأحقق هذا المعرض.
-إذا كنت لن تتحملي فراق المال الذي ستحصلين عليه بعد الزواج ، فبصفتي زوجك سأصرف على المعرض.
بعد صمت مشحون.. تابع كلامه:
-غدا سأشتري خاتمين: واحد لخطوبتنا و الآخر لزواجنا ، الذي سيتم الأسبوع القادم ، و سأحصل على ترخيص خاص ، و تبعا للظرف الراهن سيكون زواجا هادئا ، هل لديك اعتراض؟
و هزت رأسها بالنفي.. فتابع:
-هل تريدين حضور عائلتك.
-أجل... أرجوك يا غارث.
-والداي غائبان في جولة حول العالم ، سأبرق لهم بالخبر... و تستطيعين دعوة من تشائين من أصدقائك. سيكون اثنان من زملائي شاهدان. أعلم أن على أهل العروس إجراء الترتيبات و لكن بالنسبة لنا أمك لا يمكنها ذلك.
-أنا آسفة يا غارث... و لكن...
-لا لزوم للشرح... أفهم الوضع تماما ، و أتحمل كامل المسؤولية...
-شكرا لك لتفهمك!
-سأحجز طاولة عشاء في أحد أفخم الفنادق ، و بعدها نعود إلى هنا لن يكون هناك شهر عسل بالطبع..
-أوافق على كل شيء تقوله..
-يا إلهي! ما هذه الطاعة! كم أنت راغبة بهذا المال! الأفضل أن تشتري لك ثيابا جديدة للحفلة و للمناسبات القادمة. إنك على وشك أن تصبحي زوجة مدير عالي المقام في مؤسسة عالمية و الزوجات تعتبر مساعدات للرجال في مثل هذا المركز...
-لا حاجة لأن تشعر بالخجل مني.. صحيح أنني من عائلة غير مرتاحة ماديا... و لكنني لست جاهلة للواجبات الإجتماعية... أعدك أن لا أخذلك ، و سأجعلك فخورا بي...
و حدق بها للحظات ثم تركها و انصرف.
كان غارث قد وعدها أن يأخذها من المنزل بعد إنتهاء موعد المدرسة لشراء الخاتمين... و بعدها سيحصل على الرخصة الخاصة بالزواج. و كانت بليندا قد اتصلت بأمها و أخبرتها عن الزواج. و بدت أمها مسرورة ، بعد دهشة المفاجأة ، ثم تقبلت الوضع دون سؤال. و أبلغتها بليندا أن غارث سيدفع لها مصاريف الانتقال.
و بينما كانت بليندا ترتدي ثيابها للخروج مع غارث ، دق جرس الباب. و خفق قلبها لدى سماعها الصوت. إنه زائر بالتأكيد. هل نسي غارث مفاتيحه؟ و لكن غارث لا ينسى شيئا.
و وقفت إمرأة شابة عند الباب تبتسم ، مدت يدها قائلة:
-آنسة هامر... لقد قال غارث إنك ستكونين موجودة.
و حدقت بها بليندا... المرأة طويلة ، أنيقة الثياب ، وجميلة... و قالت المرأة:
-أنا لوسيا اغنيس ، صديقة غارث.. أنا أعرفه من الأرجنتين. لقد أتيت إلى هنا لقضاء بعض الأعمال.
و مدت بليندا يدها مصافحة اليد الممدودة:
-أنا آسفة آنسة أغنيس ، أرجوك أن تعذريني... لقد كانت مفاجأة لي..
و ضحكت المرأة:
-آسفة لأنك لم تعرفي بقدومي.. بالمناسبة أنا السيدة أغنيس. لقد وصلت يوم أمس إلى لندن ، و أتيت إلى هنا صباحا.. و كنت أعرف أين يعمل غارث ، فاتصلت به و أعطاني عنوان المنزل و قال إنني سأجدك هنا.. لقد علمت أنك مدرسة.
و أخذت بليندا تفكر ، الخواتم التي سنخرج لنشتريها ، تراخيص الزواج... ماذا سيحصل الآن؟ هل أخبر صديقته بالخطبة و الزواج القادم؟
و قادت بليندا ضيفتها إلى غرفة الجلوس.. و قالت لوسيا:
-لن يتأخر غارث عن الوصول قال لي على الهاتف إنه سيأتي حالما يستطيع... هل تعيشين هنا؟
و أخبرتها بليندا كيف أن عمة غارث كانت تدعمها في أعمالها ، كي تشتهر لوحاتها ، و كيف أنها سافرت تاركة المنزل "براين ثورب" لبليندا و غارث مشاركة ، و تابعت:
-لدي مرسم فوق.
-و هل هو مليء بلوحاتك؟ كم أحب أن أراها!
في المرسم ، أعجبت لوسيا بأعمال بليندا ، و قالت لها بتقدير إن المرء ليس بحاجة لأن يكون خبيرا بالفن ليدرك قيمة لوحاتها.
-أحب أن أشتري لوحة... و لكن أعتقد أنها غالية الثمن؟
-سأعطيك لوحة لو شئتي.
و سرت لوسيا بالفكرة... و لكن يجب عليها الانتظار لتعرف أين ستبقى في المستقبل: في لندن أم تعود إلى الأرجنتين؟ و جلستا على الأريكة ، ثم قالت لوسيا:
-لقد كان زوجي صديقا لغارث. و كان كثير السفر ، و في إحدى المرات تحطمت طائرته.. و تركني مع طفلين. و كان غارث رائعا معي بعد وفاة زوجي. إنه من دعمني ماليا إلى أن وجدت عملا.. أنا أعمل الآن سكرتيرة. و أنا بارعة في اللغات.. و هذا يساعدني في عملي.
هكذا إذا.. عندما ترى بليندا غارث على إنفراد.. ستحله من وعده. إذ لا تستطيع أن تبقي رجلا على ارتباط معها و هو كاره ، رجل لا يحبها ، عرض عليها الزواج فقط بسبب وصية عمته الحمقاء.
عندما دخل من الباب قال صائحا:
-هل حضرت لوسيا؟
-إنها هنا يا غارث في المرسم.
و صعد السلم قفزا ، و للحظة حدق بزائرته و حدقت به ، ثم تقدمت منه و وضعت يديها على ذراعيه ، و وضع يديه حول خصرها ، و قبلها على خدها ثم أبعدها عنه قليلا و تمتم:
-أنت جميلة أكثر من الماضي... تعالي معي إلى غرفة الجلوس.. أرى أنك تواقة للحديث. سآخذك لتناول الطعام.. بليندا... إذهبي إلى غرفة الجلوس و سألحق بك.
و هزت لوسيا رأسها و خرجت ، و ردد غارث:
-بليندا.. يجب أن نؤخر ذهابنا لشراء الخواتم إلى الغد.. أعتقد أنك لن تعارضي؟
-غارث.. إذا كنت تريد...
و لكن غارث كان قد خرج ليلحق بلوسيا.
عندما حان وقت النوم ، لم يكن غارث قد عاد.. و في الصباح كان المنزل خاليا منه كما كان في الليلة السابقة ، لقد بقي طوال الليل في الخارج ، لقد بقي مع لوسيا..
و نهضت من سريرها و أرتدت ثيابها.. و بينما كانت تتحضر للذهاب إلى عملها رن جرس الهاتف:
-بليندا؟ أنا غارث. أنا في لندن ، لقد أوصلت لوسيا إلى الفندق. لقد تأخرنا كثيرا ، فلم أعد إلى المنزل... لقد بقيت هنا.
-فهمت...
-أرجو أن لا تكوني قلقة ، في الواقع أعتقد أنك لم تستفقدي لي ، أليس كذلك؟
أستفقد لك!.. لقد طاردني طيفك طوال الليل!
-ليس بالضبط... غارث إذا كنت تريد أن أحلك من وعدك الآن و قد عادت لوسيا.. فلا مانع عندي.. انسى أمر الخطبة. تظاهر أنها لم...
-سأعود وقت الغداء. و بعد المدرسة سآخذك لأشتري لك الخواتم ، و هذه المرة لن أخيب أملك.
خاتم الزواج كان عريضا من الذهب ، و خاتم الخطوبة كان مستديرا مرصع بالألماس. و وضع خاتم الزفاف في علبة ، و وضع خاتم الخطوبة في إصبعها ، دون قبلة ، حتى و لا إبتسامة.. و في الشارع خارج المحل شكرت بليندا غارث و لكنه لم يجب. و في الطريق حاولت أن تخبره بأنها لن تمانع إذا غير رأيه ، و سحب عرضه.. و لكنه لم يرد. و أغضبها تصرفه البارد فقالت له متحدية:
-ماذا تنوي أن تفعل؟ أن يكون لك زوجة بالأسم في المنزل ترعى شؤونك المادية و عشيقة في لندن تهرع إليها عندما تحتاج لحنان إمرأة و حبها؟
-إذا استمريت بهذا الكلام ، سأعتبر أنك تغارين.. و هذه ستكون مسألة غير مريحة في علاقتنا ، و هي تعني أنك ستورطيني بحالة عاطفية قد لا استطيع تحملها. و هذا ليس ضمن اتفاقنا...
-و لكنك ستتزوجني... فكيف تستطيع التكلم هكذا؟ ألا يعني الزواج لك شيئا؟
-أنت تعرفين لماذا سأتزوجك ، لذا لا تتظاهري بهذه البراءة. أنت تجرين وراء المال ، و لا أنوي أن يبقى وزرك في ضميري طوال حياتي.. و تستطيعين أن ترفضي الزواج مني.. و لكنك ستكونين و كأنك ترفضين المال أيضا...
و بقيت صامتة... فقال لها بلطف:
-لا.. في الواقع لا أعتقد أنك ستتراجعين و تلك الثروة في متناول يدك.
ثوب الزفاف الذي اختارته بليندا كان باللونين الزهري و الأبيض. و أطرى الناس بعد المراسم على مظهرها الجميل... أثناء المراسم بكت والدتها قليلا. و استمر براد بالابتسام و قد اقتنع بخسارة "فتاته" و زملاء غارث ، الكثير ، كانوا مقتنعين أن زواجهما هو عن حب. و جرت تعليقات عن مهارته في إخفاء سيدة أحلامه ، فكيف أنه خدعهم بتظاهره بكره النساء.
و أخذت "فلاشات" الآت التصوير تعمل ، طلب منهما أن يقبلا بعضهما ، و صاح أحدهم "أنظر في عينيها" و نظر غارث في عينيها و لكن كان ذلك و كأنه ينظر إلى مرآة في ضوء رديء.
و أقام غارث حفل استقبال في أفخم فندق ، و بعد تناول العشاء تدفقت التهاني و الأمنيات من الأقارب و الأصدقاء. و وصلت برقية من والدي غارث "غبطتنا بسماع النبأ كبيرة.. لقد تغلبت على كرهك للنساء. غبطتنا مماثلة للترحيب ببليندا في العائلة... الحب لكما معا". و جرى التصفيق و شرب الأنخاب للوالدين الغائبين. و همست والدة بليندا:
-لم أجلب الصغار معي.. ليس لدي مال لأشتري لهم ثياب جديدة.
-تبدين رائعة يا أمي.. هل هذا ثوب جديد؟
-أجل الثوب و المعطف ، و لكنني استعرت القبعة و القفاز. لقد أحببت غارث يا عزيزتي. يبدو لطيفا و يعتمد عليه. أتمنى لك السعادة. لا تتأخري بإنجاب الأطفال...
-أمي.. سأستمر بالعمل. لقد قررنا أن هذا أفضل... على كل أنا لا زلت في الثالثة و العشرين.
و أمتدت يد غارث و جذبتها إليه.
-ألا توافقين على اختياري لزوجتي يا حماتي؟
و عانقها بشدة ، و ومض "فلاش" آلة تصوير و صاح أحدهم:
-إذا كان هذا ما تدعوه "كراهية المرأة" فكيف سيكون شكلك و أنت "محب المرأة" يا غارث؟
و تمسك بفتاته أكثر و قال مبتسما لها:
-أسألوا زوجتي بعد أشهر من الآن.
زوجتي! يا لها من كلمة.. غارث ماض بتمثيليته إلى النهاية بإتقان. و كأنه فخور بها.. و يحبها... و قال لحماته:
-يجب أن تأتي لزيارتنا... لا تتأخري علينا ، و أحضري الأولاد معك. أريد أن التقي بأخي الصغير الجديد و بأخواتي الجديدات. ربما عندما أراهم سأعرف كيف كانت تبدو زوجتي عندما كانت بعمرهم.
زوجته ثانية! إنه يبالغ في التمثيل. و ضغطت بليندا على يده محذرة فاستدار و ابتسم لها. كان يعلم بالضبط ماذا يفعل ، و لا شيء في الدنيا سيوقفه ، بالطبع ليس ضغطة يد.
و إنتهى الإحتفال ، و أوصلتهما سيارة العريس إلى المنزل بعيدا عن المرح ، و الوجوه المبتسمة ، و تمنيات الحظ. و في ردهة المنزل وقفا و نظرا إلى بعضهما.
و أمسك بيدها و نظر إلى خاتم الزفاف الذهبي ، ثم نظر إلى الكلام المنقوش فوق باب غرفة الجلوس و قرأه بصوت مرتفع:
-غبي الرجل الذي يتخذ زوجة في حياته ، فيوم زفافه هو يوم مماته.
و جذبت يدها من ذراعه.
-و لكنك لا زلت حيا.. قد نكون متزوجين. و لكن لا تعتبر نفسك مقيدا بي. كان الزواج فكرتك.
-تصحيح... إنه فكرة عمتي!
-و لكنك كنت حرا... و لم يكن عليك أن تستسلم لهواها.
-لسوء الحظ ، لدي ضمير شديد التأثر. و لدي أكثر من شك في أنها كانت تعرف هذا. و هذا يعني أنها أيضا كانت تدرك أنني إذا استمريت في الوقوف بينك و بين المال فإن ضميري اللعين لن يتركني أرتاح لما تبقى من حياتي.
و تركها في الردهة لوحدها و ذهب. و بدل مسك الأيدي و الضم و الحديث العذب ، كان هناك الفراغ ، و التنهد ، و صدى يرن في داخلها و ظلال مجهولة للمستقبل. إذا كان هذا في أول يوم زواج لها.. فماذا يخبئ لها المستقبل؟
و خرجت نحو الحديقة ، و وقفت تتنشق عطر الأزهار و الورود ، رائحة المساء التي تعبق في الجو ، و لكنها سرعان ما عادت إلى المنزل ، و أقفلت الأبواب ، غير قادرة على التمتع بالهدوء و الصمت بينما هي في داخل نفسها تتعذب.
و صعدت إلى غرفتها ، و خلعت ثوب زفافها و علقته في الخزانة. و أرتدت ملابس عادية و خرجت حافية القدمين إلى المرسم و لكن بدل أن تأخذ الفرشاة لترسم ، و قفت تحدق خارجا عبر النافذة. و لم يكن هناك شيء مألوف في المشاعر التي في داخلها. و فتح باب المرسم ، فاستدارت. كان غارث يرتدي ثياب الخروج و سألته بصوت حاد:
-أين أنت ذاهب؟
-سأخرج.. لماذ؟ هل تريدين أن أبقى؟ لقد وعدتك أن لا ألمسك إلا بناء على دعوة منك! هل ستأتي الدعوة بسرعة؟
-إنه اتفاق عمل.. ليس أكثر بيننا. أنت قلت هذا. لقد وعدتني.
و أخرج ورقة من جيبه و قال:
-هذه وثيقة الزواج.
و رماها على الأريكة ، و شكرته ثم نظرا إلى بعضهما.
-هل كان عليك أن تدعو أمي لزيارتنا؟ كيف تستطيع أن تأتي؟ و ذلك الكلام عن لقائك بأشقائي ، هل كان عليك أن تنافق إلى هذا الحد؟ كل ما أظهرته لي من حب ، كان زائف و لا معنى له.
-لقد كان يوم زفافنا. كان علي أن أفعل شيئا نتذكره بشء من السعادة. حتى لو كان سببه لؤم سيدة عجوز. و كيف توقعتي أن أتصرف ، و كأنني في جنازة؟ و لديك الجرأة لدعوتي بالمنافق ، يا إلهي.. كم أنت ناكرة للجميل! بعد كل ما فعلته لأجلك لا أجد سوى الإنتقاد و الإهانة. لقد حصلت على خاتمي في يدك ، فلا تطلبي أكثر. تمتعي قدر ما استطعت بثروتك.. و لكن لا تعتبريني هدية على البيعة.
بعد لحظات سمعت الباب الخارجي يقفل ، و حدقت في الأرض لتجد بأنها تميل بها ، و رمت نفسها على الأريكة ، و خبأت وجهها بين ذراعيها و بكت إلى أن أقبل الظلام.
و أمضت أطول ، و أوحش ليلة عرفتهافي حياتها. و لم يعد غارث تلك الليلة. اليوم التالي كان يوم الأحد ، و شعرت بأنه لن ينتهي.. و عاد غارث قرابة المساء. و لم تذهب لرؤيته و لا هو سعى لرؤيتها.
و أخذت ترسم.. العمل وحده كفيل بإبعاد تفكيرها عن مشاكلها.. و تساءلت أين كان يا ترى. هل ذهب إلى لندن ثانية ليرى لوسيا؟ هل يحاول تعذيبها بقضاء ليلة زفافه مع لوسيا بدل قضاءها مع زوجته الشرعية؟
و خرجت إلى المدرسة باكرا صباح الأثنين.(redroses309) و اتصلت بالمحامي من هناك و أخذت منه موعدا وقت الغذاء.. و استقبلها بدعوتها السيدة غاردنر ، و صافحها بحرارة. و تفحص وثيقة الزواج و قال لبليندا إن المبلغ الشهري قد أصبح الآن لها. و سيرسله لها كل أول شهر ، و لكنها طلبت أن يذهب مباشرة إلى أمها.
و لكن المحامي أعترض قائلا:
-لا أظن السيدة دونيكان تحب أن يحدث هذا.. فالمبلغ لاستخدامك الشخصي سيدة غاردنر..
-إذا كان المبلغ لي ، فبالتأكيد من حقي أن قرر ماذا أفعل به.. أليس كذلك؟
و هز المحامي رأسه بالإيجاب..
-إذا أنا أريد أن أعطيه لأمي! أهناك مانع؟ على كل لدي زوجي الآن ليصرف علي. و هذا الأمر يجب أن يبقى سرا. لا أريد أحدا أبدا ، حتى زوجي أن يعرف بالأمر.
-سيبقى هذا سرا...
ذلك المساء.. كتبت رسالتين ، واحدة لأمها ، تعلمها بوصول المال إليها بإنتظام من الآن و صاعدا ، و الرسالة الأخرى للسيدة إيلين دونيكان تخبرها فيها بزواجها من حفيد شقيقها ، غارث غاردنر.
بعد بضعة أيام على الزفاف أتصل بها نويل جيميز و بادرها قائلا:
-حبيبتي أرجوك أن تقبلي إعتذاري ، لقد تخليت عنك لفترة طويلة ، و لكنني كنت مشغولا جدا.
و بهتت بليندا عندما سمعت صوته. لقد قال لها غارث أن تفسخ الصداقة بينهما.. إنه احد شروط الزواج. و لكن ماذا ستقول له؟ لست صديقتك بعد الآن.. و دائما؟
-أهلا يا نويل.. جميل أن أسمع صوتك.
-أنستطيع أن نلتقي؟ سأدعوك إلى العشاء ، غدا الساعة الثامنة مساء.
-نويل.. أنا.. سفة.. لأنني... تزوجت!
-أنت ماذا؟
-لقد تزوجت يا نويل.. تزوجت... غارث غاردنر.
-و هل لي أن أسأل متى؟
-السبت الماضي.
-أليس هذا أمر مفاجئ!... ليس الأمر حالة...
-لا.. ليس كذلك.. أخرج الفكرة من رأسك!
-آسف ، كنت أفكر بصوت مرتفع... و لكن لا يمكنك لومي.
و سمعت شخصا يتحرك خلفها ، و همس لها:
-أنت تعرفين ماذا قلت.. انهي علاقتك بنويل جيميز.
-نويل حول معرض اللوحات.. زوجي.. هو من يدعمني الآن و لكن.. و لكن أشكرك جدا يا نويل.. لكل...
-إذا كنت لن أشارك فيه يا حبيبتي ، فهو ملغى ، فصاحب "الغاليري" صديقي. و نحن نعمل معا. بدوني ليس هناك غاليري ، و ليس هناك معرض. تستطيعين القول لحارسك الذي أصبح الآن زوجك ، إنه يستطيع توفير دعمه المالي.
و أقفل الخط. لم يكن عليها أن تفسخ الصداقة. لقد فعل نويل هذا عنها. و كان غارث يقف متكئا على باب غرفة الجلوس و قال لها:
-هذه نهاية علاقة رائعة. لقد تحطم قلبي. ألن تنتحبي على حبك الضائع؟
-أنا لن أحصل على المعرض. لقد قال إذا لم يشارك به فلن يكون هناك تسهيلات لاستخدام "الغاليري". و بسببك خسرت أكبر فرصة لي. هل أنت مسرور الآن؟ لماذا لا تتبجح بانتصارك؟ لقد خربت مستقبلي العملي. و لن أحظى بفرصة أخرى أبدا.
-أبدا...
و بدأت بالبكاء. فقال لها:
-يا زوجتي العزيزة.. هناك أمكنة أخرى للعرض.
-أنت لا تفهم. إن الأمر صعب جدا على فنان غير معروف أن يحظى بمعرض يقبل حتى النظر إلى لوحاته. عليك أن تدور في كل لندن حاملا الرسومات. و عليك أن تدع مدراء المعارض يتفحصونها ، و ينتقدونها ، و يشيرون إلى أخطائك. و قد يقول البعض إنها جميلة ، و لكن لا تناسبهم ، و هذه طريقة مهذبة لقول "أخرج من هنا"
-استخدمي كمية المال الضخمة التي في حوزتك الآن. ستساعدك بالتأكيد لدفعك إلى عالم الفن.
-بهذا انت مخطئ لا تستطيع شراء عالم الفن.
-و ماذا يدفعك للظن أن عملك ليس بمستوى أن يكتسب عطف أصحاب المعارض عن جدارة؟
-لن أخدع نفسي.. أنا فنانة جيدة ، و لكنني لست لامعة. و عليك أيضا أن تضع الإطارات للوحاتك بنفسك ، و هذا يكلف المال ، و سيكون هناك إيجار الغرف في المعرض ، و مصاريف الدعاية في مجلات الفنون. و الصحف ، و الدعوات دون تدبير مقابلة مع الصحافة ،(منتديات ليلاس) و النقاد و ما شابه.
لن أستطيع تدبير أمري بمفردي.. كان نويل سيساعدني.
-نويل.. دائما نويل.. إذا كان هناك نويل في حياتك طوال الوقت؟
-لا لم يكن الأمر هكذا! لم يكن!
و رمت نفسها على الدرج و بكت "كل هذا العمل" و انتحبت "لقد ذهب سدى" و وقف يراقبها.
ثم رفعتها يداه عن الدرج ، و قادها نحو غرفة الجلوس ، و نزع قطعة القماش الملطخة بالدهان التي كانت تمسح بها دموعها و أعطاها منديلا كبيرا قائلا:
-أظن أن هذا أنظف ، أقل تلوينا و لكن أكثر فعالية.
فشكرته و جففت دموعها. و جلس قبالتها و ابتسم:
-أنت تبدين و كأنك إحدى لوحاتك.
-صحيح؟
-أليس هناك غاليري في البلد؟ ألن يكون معرض محلي أفضل من لا شيء. و أقل كلفة بكثير؟
-ربما ، و لكن لن يكون له نصف الأهمية التي لمعارض لندن.
-أنا أعرف بعض أعضاء المجلس البلدي.. سأقوم بالتحري..
-شكرا لك..
و وقفت:
-سأغسل لك المنديل.
و لم يحثها على البقاء. بل هز رأسه ، و عندما وصلت إلى الباب قال:
-أنا آسف بشأن المعرض.
وهزت كتفيها و تابعت طريقها.
كان يلتقيان عند الإفطار كل صباح ، و لكن نادرا ما تبادلا الحديث. و مرة ، بينما كان غارث يدخل الحمام ، خرجت هي منه ، شعرها مبلل و مسترسل ، تعبق منها رائحة الصابون الذي استخدمته. روبها كان مفتوحا ، فلم تكن تعرف أنها ستلتقي بزوجها ، و ثوبها الداخلي كان قصيرا و يكشف الكثير ، و قد ارتفع عند الخصر ، متعلقا بالمنشفة التي كانت تجفف بها شعرها.
و نظرا إلى بعضهما لثواني.. و أحست بليندا أن أنفاسها قد علقت في رئتيها، تكافح لتخرج. شعرت بتأثيره عليها، بالجاذب الرجولي الذي يجذبها كطوق حول رقبتها. و كان عليها أن تكبح جماح نفسها لتبقى بعيدة عنه.
و تجولت عيناه فيها. و تحرك نحوها ، و لكنه كبح نفسه فورا و أدار ظهره لها و دخل إلى الحمام ، و أقفل الباب وراءه. و ركضت نحو غرفة نومها ، و أغلقت الباب و إتكأت عليه. تصرفها هكذا ، جاء من عمق مشاعرها. إنه زوجها و الرجل الذي تحب ، و أدركت الآن كم تتوق إليه بعمق ، أن يحملها و يجعلها زوجته ، لا بالاسم بل بالفعل.


*****************************

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 23-09-09, 08:08 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


الفصل السابع
قلبي الخائن


سرت والدة بليندا سرورا عظيما بهدية ابنتها من المبالغ الشهرية المنتظمة. و اتصلت بها في المدرسة وقت الغذاء. إنها تستطيع الآن أن تتحمل مصاريف إجراء مثل هذه المكالمة المكلفة. و سألتها إذا كان الأمر مناسبا.. و هل تستطيع أن تتدبر أمرها دون هذا المبلغ.
و شعرت بليندا أن الأمر يستحق كل هذا العناء ، لتسمع سعادة أمها تكاد تقفز من الهاتف ، إنها تستطيع الآن إعادة فرش منزلها ، و أن تشتري للأولاد بعض الملابس الجيدة ، و شراء سجادة و ستائر جديدة... و كتبت إيلين دونيكان رسالة مليئة بالسرور لبليندا. و عنونت رسالتها "أعزائي المتزوجان حديثا" و أضافت في النهاية "أرجو أن لا يطول الوقت قبل أن تنجبا لي ابن ابن ابن أخ أو بنت".
عندما قرأ غارث الرسالة ، ابتسم و رفع حاجبيه ، محاولا التعليق و لكن نظرة التحدي التي رمقته بها بليندا أجبرته على السكوت.. و طوى الرسالة و أعادها إلى المغلف قائلا:
-لا تصدميها.. دعيها تحلم أحلام الحب... فستتعود بالتدريج أن تتقبل عدم ظهور طفل. فلن يكون في هذا البيت "وقع أقدام صغيرة...".
في إحدى الأمسيات دعاها إلى غرفة مكتبه. كان جالسا إلى طاولته ، و لكنه وقف بطريقة رسمية و عندما دخلت طلب منها الجلوس. و فكرت ببؤس أنه يتصرف و كأنها غريبة عنه أتت لزيارته بخصوص عمل ما. و لكنها اكتشفت بعد بضع دقائق أن هذا فعلا ما أراد أن يراها بخصوصه.
جلس.. ثم حرك كومة من الأوراق أمامه و أخذ يقلبها:
-هذه فواتير أشياء عادية مثل الكهرباء و الوقود و ما شابه ، كذلك لتصليح و صيانة المنزل. عندما عشنا معا هنا في البداية. قلت كرجل محترم تماما إنني سأتقبل مسؤولية هذه الأمور دون أن آخذ أي مال منك. و لكن منذ زواجنا ، تغيرت الظروف ، و إضافة إلى راتبك كمدرسة ، تتلقين الآن مبلغا محترما. و أظن أن الوقت حان لأن تدفعي حصتك من هذه الفواتير.. ألا تظنين هذا؟
-و لكن.. و لكننا متزوجان الآن...
-بالضبط.. و هذا جعل مزيدا من المال يصل إلى يدك. و هذا كان هدف المسألة كلها.. أتذكرين؟
و أخذت تفكر.. بما أنها تعطي أمها الآن المبلغ الآخر ، فهذا يعني أن راتبها لا يمس.. و هذا بالتأكيد يكفيها لتغطية حصتها من الفواتير التي يتحدث عنها.
-أجل.. أجل يا غارث.. سأدفع.. حصتي..
-علي أن أضيف أن هناك فواتير أكبر ستأتي. ربما لم تلاحظي أن أجزاء من المنزل بحاجة إلى إصلاح. يجب مثلا أن ننتبه للاهتراء الذي قد يصيب الخشب ، و المنزل بحاجة إلى ديكور جديد من الداخل و الخارج. و نحن بحاجة إلى سجاد جديد في غرفة الاستقبال و الجلوس... هل توافقين على كل هذا؟
بينما كان يتحدث شعرت بذعرها يتصاعد ، و أمسكت برقبتها:
-حسنا.. حتى أكون صادقة لم أكن أفكر بكل هذا...
فتنهد ، و أرجع جسمه إلى الوراء و قال:
-أعتقد أن هذا هو الجزء الذي علي أن أدفعه لزواجي من فنانة حالمة. إنها تعيش في عالم خيالي لا يمسه أبدا عالم الواقع...
و أطبقت يديها.. أمامها مشكلة الآن.. من أين ستجد كل هذا المال؟ من مدخراتها.. لا بد أن تسحب من مدخراتها ، و أن تبيع بعضا من لوحاتها...
بعد ظهر أحد الأيام اتصل بها غارث ،منتدى ليلاس عندما كانت قد وصلت لتوها من المدرسة:
-لوسيا هنا.. و سآخذها لتناول العشاء.. أعتقد أنك لا تعارضين؟
أعارض؟ بالطبع أعارض؟.. كيف تأخذ صديقتك إلى العشاء و لا تأخذني؟ أنا زوجتك؟ و لكنها قالت بكبرياء:
-تستطيع أن تخرج مع كل النساء اللواتي ترغب بهن.. أنا لا أهتم...
-ألا تهتمين؟
-لا.. فلن أكون لوحدي.
-و ماذا تعنين بكلامك؟
-لدي لوحاتي... أليس كذلك؟
و أقفلت الخط ، ثم فورا طلبت رقم براد:
-براد.. أنا وحيدة. سيكون غارث في الخارج هذه الأمسية. أتحب أن تأتي لتؤنسني؟
و علمت أنها إنما تطلب المشاكل ، هكذا شعرت عندما تردد براد قبل أن يرد. و لكنها لم تهتم ، فغارث زوجها سيخرج مع إمرأة أخرى. فلماذا لا تستطيع هي أن تكون مع رجل آخر؟ براد مجرد زميل لها.. و هذا كل شيء ، لا يعني لها سوى أنه صديق...
-طبعا يا عزيزتي ، ما الأمر ، هل تشاجرت مع زوجك؟
-بالطبع لا... الأمر فقط...
-لقد فهمت.. سآتي عندك بعد العشاء.
عندما فتحت له الباب كانت في حالة بائسة ، فدعته للدخول.
-تعال لتشاهد لوحاتي.
فضحك و قال:
-هذه دعوة تقليدية.
-أنا أقصد هذه الدعوة.. و لكن ليس بالطريقة التي تفكر بها.
-لقد أرحتني.. فلا أظن أنني أناسب أن أكون ثالث زوايا المثلث. و أعتقد أنني لا أهتم أبدا بمواجهة غضب زوجك إذا شك في أنني.. حسنا.. ما يقال له عادة ، نوايا شريرة تجاهك.
-غارث؟ لم يهتم أبدا.. هل أقول لك الحقيقة؟ إنه سيخرج برفقة إمرأة أخرى هذه الليلة.
-آه.. لقد عرفت الآن دوري في اللعبة...
-قل لي.. ما رأيك بعملي.. هذه هي اللوحات التي كنت سأعرضها. و لكنني الآن لن أفعل بفضل نويل جيميز. و لكن غارث اقترح أن أقيم معرضا محليا.
-هذا ممكن.. أنا أعرف صاحب المكتبة العامة في البلد ، و هو أيضا المسؤول عن معرض الفنون سأتحدث معه.. إذا رغبتي.
-أوه.. هل تفعل هذا لأجلي يا براد؟
-أمر غريب كيف أن أصدقائك من الرجال يحضرون لإنقاذك دوما.
-ليس لدي اصدقاء يا براد.. و لا واحد.
و أدارت عينيها الواسعتين الحزينتين إليه ، فأشار إلى كتفه و قال:
-أتحبين أن تبكي على كتفي؟
فضحكت ، و هزت رأسها بالنفي. و تحدثا عن الفن لفترة طويلة. ثم سألته بليندا:
-أتحب أن تشرب شيئا؟
فأجابها بالإيجاب..
-إذا تعال إلى المطبخ لنحضر القهوة.
بعد أن حضرتها قدمت له فنجانا و أستغرقا في الحديث حتى أنهما لم يسمعا الحركة من خلفهما ، و نادى غارث:
-بليندا...
و جفل براد ، و لكنها وضعت يدها على ذراعه و أجابت:
-أهلا غارث لم أسمعك تدخل المنزل.
-لقد وصلت لتوي.. أنا آسف.
و استدار و خرج.. ثم عادت بليندا و براد إلى المرسم. وتابعا حديثهما و كأن شيئا لم يكن. و ضحكت بليندا للفكاهات التي كان يقولها براد ، بصوت عال ، أكثر مما تستحق ، و أدار غارث الراديو عاليا حتى أضطرا إلى رفع صوتهما ليسمعا بعضهما، كان هناك لمعان زائف في عينيها و نوع من الهستيريا في ضحكاتها ، إلى أن سمعت صوت الباب الخارجي يصفق. و علمت أن غارث لم يعد يسمعها. لا بد أنه الآن سيعيد لوسيا إلى الفندق.
-سأذهب الآن ، قبل أن يعود محبوبك.. فلا أحب أن أشاهد منظر شجاركما عندما يعود.
-لن يعود.. على الأرجح سيمضي الليل كله خارجا يا براد.. كل الليل..
-لا تقلقي يا عزيزتي.. لا شيء من الممكن أن يكون بالسوء الذي تظنينه.
و خرج تاركا بليندا تحدق بالجدار. و لم يعد غارث سوى بعد وقت طويل ، و كانت لا تزال جالسة تحدق بالجدار. حتى عندما سمعت صوت أقدامه تصعد السلم ، بقيت حيث هي.
و وقف بالباب ينظر إليها.
-لقد أخرجت نويل جيميز من حياتك ، و ها أنت الآن قدمت مكانه بزميلك الفنان لقد استغليت غيابي القصير.. أليس كذلك؟ هل تمتعت بوقتك؟ هل كان عند حسن ظنك؟
-و لم لا... هل يجب أن تحصل على المرح لوحدك؟ لماذا أحرم نفسي لمجرد أنني زوجتك؟ و لكنني لست زوجتك أليس كذلك؟ أنا لست زوجتك؟
و حذرها شيء في داخلها بأنها تثيره ، و لكنها لم تهتم. و أمسكها و جذبها عن الأرض.
-و هل هذا ما ينقصك؟ إذا كان هذا ، فأنا أستطيع أن أعطيك إياه بالكامل.
و جذبها إليه.. و حاولت التخلص ، و لكن لم تجد القوة لمقاومته.
و قالت شاهقة:
-لقد وعدتني.. قلت إنك لن تلمسني إلا...
-ماذا كنت تفعلين إذا ، ألم تطلبي مني؟
-لا.. لا لم أكن أطلب منك! أنا أكرهك.. أكرهك!...
و تركها فسقطت على الأريكة ، و وضعت وجهها بين يديها و أخذت تنتحب... و تركها و خرج.. و عرفت في أعماق قلبها أنها قد أفسدت شيئا بينهما.. شيء كان ينمو و يتطور في داخلها حتى دون إدراك منها.
بعد هذه الحادثة ، انطوى غارث على نفسه. كانا يلتقيان دوما و لكن دون تبادل كلمة واحدة. و للسخرية ، أصبحت بليندا شاعرة بوجوده أكثر من الوقت الذي كانت فيه علاقتهما حميمة. كلما اقترب منها في المطبخ أو في الردهة. شعرت ببشرتها تقشعر ، و مشاعرها تتوتر. و لكنه بدا و كأنه لا يهتم بها أكثر من ظل على الجدار.
في صباح أحد الأيام عند تناول الإفطار قال لها فجأة:
-بعد بضعة أيام ، أتوقع وصول زائر ، أحد كبار المسؤولين في المكتب الرئيسي في نيويورك سينزل في الفندق ، و لكن بصفتي مسؤول الفرع هنا يتوقع أن استقبله في بيتي في إحدى الأمسيات.
و استجابت له بشوق ، لأنه تحدث معها ، و قلبها يخفق:
-أجل.. أجل بالطبع يا غارث!
-أتوقع منك أن تحضري وجبة طعام.
-وجبة طعام؟ و لكن.. غارث أنت تعلم أنني لا أجيد الطبخ...
-على الأقل حاولي.
-طبعا سأحاول ، و لكن..
-ثقي بنفسك قليلا..
و حدق بها ، ثم تركها و ذهب إلى عمله.
كانت تريد كثيرا ان ترضي غارث ، فذهبت إلى السوق يوم زيارة الرجل و أشترت بعض اللحم. و في المساء ، و قبل أن يحضر غارث ضيفه ، وضعت كتاب الطبخ أمامها و أخذت تتبع التعليمات ، و أخيرا أصبحت الوجبة في الفرن ، و الخضار مقطعة ، و الحلوى جاهزة و موضوعة في البراد.
في غرفة الطعام ، أعدت المائدة ، و وجدت شمعتين ملونتين ادخلت طرفهما في عنق زجاجتين قديمتين. و فتشت عن الملاعق و السكاكين الفضية فوجدتها ، و لكنها كانت غير لامعة كفاية ، و لا يمكن ان تنظفها جيدا قبل وصول الرجل. و وضعت كؤوس الكرستال على المائدة.
و حان وقت لبسها.. و فتشت ضمن ثيابها ، و تمنت لو أنها سألت غارث ما إّذا كان يرغب أن تظهر بثياب رسمية أو عادية ، و لكنها اختارت البساطة ، فانتقت ثوبا أبيضا بسيطا له ربطة عنق جميلة ، و حزام أسود ، و أرتدت حذاء أسود.
و شعرت بالتوتر و هي تنزل السلم ، و تمنت لو تهرب إلى مرسمها و تغلق على نفسها الباب حتى تنتهي السهرة. لم تكن قد لعبت دور المضيفة من قبل ، وهذه الزيارة مهمة جدا لغارث.. لو أنها فقط تستطيع أن تتصرف كزوجة حقيقية أن تشعر كزوجة حقيقية!
و سمعت صوت المفتاح في قفل الباب ، ثم فتح و كان الرجل يقرأ الجملة المكتوبة فوق باب المدخل ، ثم قال:
-هذا كلام رائع يا غارث.
و شاهد بليندا واقفة في الردهة بخجل ، فمد يده ليسلم عليها سلاما حارا:
-سيدة غاردنر؟ سعيد بلقائك ، أنا فعلا سعيد بلقائك.
ثم استرعى انتباهه الجمل الأخرى المكتوبة في الداخل فوق الأبواب ، فتحرك ليقرأها ، ضاحكا بصوت مرتفع:
-لا بد أن من كتبها يكره النساء هل هو أحد أسلافك يا غارث؟ و لكنك لم ترث مشاعره و هذا واضح. مع زوجة مثل زوجتك؟ لا أستطيع التصديق!
-بليندا.. هذا السيد سترونغ.. رودريك سترونغ.. سيد سترونغ هذه زوجتي بليندا.
-لأجل السماء يا رجل ، نحن لسنا في العمل. إدعوني رود.. بليندا.. و أنت أيضا.
فابتسمت بليندا و رفع رود يديه!
-لديك زوجة جميلة يا غارث إبتسامتها كالشمس المشرقة!
-إنها ليست جميلة فقط ، إنها فنانة أيضا...
-أتعني أنها رسامة؟ أترسم لوحات؟
و أحنت بليندا رأسها و قالت:
-في الواقع أنا معلمة فنون ، و لكنني أمضي وقت فراغي بالرسم.
و نظرت بخجل إلى زوجها:
-هذا يبقيني بعيدة عن طريق غارث.
و ضحك رودريك سترونغ ، و قدم له غارث شرابا ، ثم إلى بليندا و رفع كأٍسه قائلا:
-لنشرب نخب زوجتي الجميلة الكاملة.
و ركز نظره على بليندا ، فشاهدت لمحة من السخرية في عينيه. و جلس على ذراع كرسيها. و أخذ يدها بين يديه و بدأ يعبث بأصابعها قائلا:
-سأقول لك سر... إنها فنانة عظيمة ، و لكنها لا تعرف كم هي عظيمة.
و احمرت وجنتاها من الخجل لتقديره هذا ، و لكنها قالت لنفسها إن هذا كلام زائف ، و إنه يقول هذا لإسعاد ضيفه.
-ماذا ترسمين يا بليندا؟ هل ترسمين الأشياء القديمة القبيحة مثلي؟
-أنت لست قبيحا سيد.. يا رود. في الواقع وجهك يثير الإهتمام!
-صحيح؟ هل تعنين هذا؟ ارسمني إذا.
و فتش في جيوبه عن ورقة:
-هيا ارسمني.
و أخذت ترسمه بينما استمر الحديث ، و قال غارث و هو يمثل دور الزوج النبيل الفخور بزوجته:
-في الواقع إنها تريد عرض لوحاتها. و آمل أن أٌقنع بعض المسؤولين المحليين ليسمحوا لها بإستخدام معرض الفنون هنا لعرض أعمالها.
و تمتمت بليندا دون قصد:
-لقد قال براد..
ثم توقفت مذعورة.
-و ماذا قال براد؟
-لا شيء.. لا يهم.
و سألها رودريك:
-أين هي لوحاتك.. لا بد أن لديك مرسم في مكان ما؟
-إنه موجود فوق.
-هل نستطيع أن نصعد و نرى لوحاتك.
-أرجوك رود.. بضع دقائق أخرى فقط...
-آسف يا بليندا لا أستطيع إلا أن أتحرك ، إسألي غارث ، أعتقد أنني لا أستطيع الجلوس لترسمي لي لوحة ، من سيرسمني يجب أن يركض ورائي و الفرشاة بيده محاولا اللحاق بي!
-ها قد إنتهيت...
و رفعت الرسم ليراه غارث.
-هل هو جيد؟
-جيد؟ يا حبيبتي إنه رائع! أريه لرود!
و تنهد رود قائلا:
-يا إلهي! كم أنا سعيد برؤية عصفوري حب مثلكما! تعالي أيتها الشابة دعيني أرى وجهي.
و أخذ الرسم منها و صاح:
-إنه جيد.. جيد.. وقعي لي عليه هنا ، لديك شيء رائع في يديك و رأسك.. أين هذه اللوحات يا غارث؟ خذني لأراها.
في المرسم أخذ رود يتجول ، يلتقط الفراشي ، العلب الفارغة ، أنابيب الدهان. و أرته بليندا لوحاتها ، فتفحصها واحدة واحدة ، معجبا بها ، مقدرا لها ، دارسا لكل تفاصيلها. و طوال الوقت سار غارث و يداه في جيوبه ، ينظر إلى الرسمات المتناثرة ، و الرسمات التي لونتها.. و قال رود و هو يرفع إحدى اللوحات:
-أستطيع فهم رسومات الأشخاص ، و أواني الفاكهة ، مزهريات الزهور.. و لكن هذه.. و هذه.. إنها أبعد من تفهمي الفتي... هيا قولي لهذا الشخص غير المثقف.. ما هذا؟
-إنها فن تجريدي ، في الواقع بسيطة جدا. أنظر إليها و كانها رموز ، و كأنها تمثل شيئا.. أترى.. في الفن ، يتم التعبير عن الشعور الإنساني بالرموز.. الفنان يستخدم الأشكال و الألوان ليعطي المعاني..
-اتعنين أن كل هذه الأشكال و لطخات الألوان تقول شيئا؟
-في أعماقي هناك مشاعر أستطيع أن أعبر عنها بطريقة يومية عادية ، و ها هي ، على الورق لا بالكلمات ، و لكن بخطوط و أشكال و ألوان.. لغة الفن.. و أنا أحب أن ألعب بالأشكال. هل لاحظت أن هناك نماذج محددة ، نماذج عادية رمزية في الطبيعة؟ ليس فقط أشكال ندف الثلج التي نعرفها كلنا ، بل أشياء مثل ذرات الغبار و قفير النحل و الدبور و حتى قطع من المرجان و الكرستال؟
-تابعي كلامك.. لقد سحرتيني...
-هناك نموذج عادي تكونه الريح عندما تضرب رمال الصحراء. و نفس النموذج موجود عند الشواطئ من صنع المد و الجزر ، تستطيع أن تجد نماذج جميلة بين الأصداف و أجنحة الفراشات و هناك نماذج و رموز في كل الطبيعة ، و كل منها له خاصيته و هدفه.
-هل هذا صحيح؟ و يقال إن الفنانون حالمون!
-هناك الكثير من علوم الطبيعة و الهندسة في الرسم ، دون ذكر ضرورة معرفة علم التشريح و ما شابه.
-و هل تعلمين كل هذا للأولاد؟
-للكبار غالبا. أما الصغار فلهم أسلوب آخر.
و وقف رود قائلا:
-أهنئك يا غارث على حسن اختيارك لزوجتك إنها إمرأة عظيمة.. فعلا عظيمة!
-هل عرفت الآن لماذا أردتك أن تلتقي بها؟
-يا رجل.. لديك شيء تفتخر به. هل هذه اللوحات للبيع؟ سأشتري العديد منها. قولي السعر الذي يناسبك؟
فضخكت بليندا:
-آسفة يا رود ، فأنا أتأمل أن أعرضها. بعد ذلك قد يكون هناك ما أستطيع بيعه.
-سأكون قد رحلت.
-حسنا.. ممكن أن استغني عن بعضها.
-جيد.. هذه الفتاة الشابة؟
-إنها فتاة ادرسها ، تستطيع أخذها.
-و هذا الشيء الملون؟ إنها عظيمة ، سأعلقها في منزلي ، و سأكون مسرورا و أنا أراقب الناس تحاول فهمها! أتعرفين ماذا سأقول لهم؟ سأقول إن الفنانة نفسها لا تعلم ما هي! و الآن كم ثمنها؟
و عندما ذكرت الثمن صاح:
-هذا فقط؟ أنت مجنونة؟ غارث عليك أن تضع رأسا تجاريا فوق أكتاف هذه الفتاة.
-رود صدقني إنها بارعة ، و هي تمتلك الحس التجاري. و ليست بحاجة إلى التعليم...
و نظرت بليندا غلى ساعتها بذعر ، "الطعام!" و أسرعت نحو المطبخ و قلبها يخفق. كان الجو عابقا بالدخان ، من الطعام المحترق! اللحم في الفرن ، و الخضار فوق النار كل شيء قد تلف! لقد نسيته كله.. كيف أستطاعت أن تنسى ، و هناك ضيف مهم عندها؟ و لحق بها غارث ، ثم رود ، و أخذت بليندا تصرخ:
-غارث.. لم يبق شيء لنأكله ، كل شيء احترق.. أوه يا غارث أن آسفة.. آسفة..
و أخذت تبكي.. و أحاطها بذراعيه و ضمها إليه ، و خبأت رأسها في كتفه و تعلقت به و هي تنتحب:
-لا أمل بي.. لست نافعة.
و ربت رود على ذراعها:
-هيا يا عزيزتي.. لا تبكي.. إنها غلطتي.. لقد شغلتك بالكلام ما رأيك يا غارث لنذهب للعشاء في الفندق.
و أبعدها غارث عنه قليلا و قال:
-ما رأيك يا حبيبتي؟ لا نستطيع فعل شيء آخر ، أليس كذلك؟ هيا غيري ملابسك... سأترك لك عشر دقائق.
و هزت رأسها ، ثم ركضت نحو غرفتها.. عشر دقائق.. ليس الوقت كافيا لتغير ملابسها.. و ترتب شعرها و تعيد تزيين وجهها.
و وضعت نصب عينيها مركز غارث ، و المكان الفخم الذي سيتناولون الطعام فيه ، فأخرجت من الخزانة ، ثوبا من المخمل الأزرق الغامق ، بطول الكاحلين عالي الياقة ، دون أكمم و يكشف عن الكتفين.
و قبل ان ترتديه ، شاهدت غارث يقف بالباب.
-قلت لك عشر دقائق...
و أخذ يتفحصها من قمة رأسه إلى أخمص قدميها ، و في حركة دفاع عن النفس ، مدت يديها بسرعة و التقطت الفستان.. و لكنه قال:
-إنتظري!
و تقدم نحوها ببطء ليقف أمامها ، و جذبها نحوه و تمتم:
-ألم يحن الوقت بعد لأن تتخلي عن موقف "لا تلمسني" الذي تبنيتيه ضدي؟ ألم يحن الوقت بعد لتدركي كم أنت سهلة المنال بالنسبة إلي؟ و نحن نعيش لوحدنا في هذا المنزل إذا كنت تظنين أنني سأنتظر إلى ما لا نهاية لأحصل على ما هو حقي بالقانون..
و تحركت يداه لتجذبها أكثر.. تجاوبها معه أذهلها... لو أنها سمحت له بالمضي اكثر.. سيكتشف الحقيقة ، حقيقة أنها تريده ، ليس "كشريك عمل" بل كإمرأة تريد زوجها الذي تحبه.
و تصلبت بين يديه ، و كأنها لا تطيق لمسته ، فتركها فورا ، و ابتعد:
-إذا فأنا أثير فيك النفور؟ يا للأسف. كان يجب أن تفكري بهذا قبل أن تقرري أن تنالي حبي و احترامي و العناية بي. أحببت هذا أم لا ، أحببتني أم كرهتني ، فقبل أن تمر أيام سأقتلك يا فتاتي ، سأقتلك جسدا و روحا.
-لقد وعدتني.. وعدتني أن لا تلمسني إلا...
و لكنه تركها و خرج.
في المطعم جلسوا يتحدثون إنتظارا لطعامهم. و تحدث الرجلان عن العمل أكثر الوقت ، و أخذت بليندا تسلي نفسها بمراقبة الناس ، و اعتذر رود لأنهما تجاهلاها لفترة.. و بعد إنتهاء وجبة العشاء قال رود:
-هل هناك مكان للرقص هنا؟
فرد عليه غارث:
-إنه في القاعة التي خلف قاعة الطعام.
-لقد ظننت هذا ، فقد سمعت الموسيقى ، هيا إذهبا و أرقصا. أعلم تماما كيف يشعر الشبان المحبون.
و أخذ غارث يدها و قادها إلى قاعة الرقص ، كانت الموسيقى ناعمة ، فأخذها بين ذراعيه ، و أمسك بها و كأنها من ضروريات جسده ، كتنفسه... و دخل رود بعد قليل و نظر حوله ، و رفع يده لهما ، ثم دخل المقهى... و جلس يتحدث إلى أحدهم و هو يشرب ، و يحدق بهما طوال الوقت. هل مظهرهما يذكره بأيام شبابه الضائعة؟ لم يكن هناك شك لدى بليندا ، أن غارث يمثل دور العاشق بشكل مقنع و كأنه كذلك فعلا.
عندما عادا للانضمام إلى رودريك سترونغ في مدخل الفندق قال لها:
-عندما تأتيان لزيارتنا في أميركا.. سأجعلك ترسمين لوحة لزوجتي قرب المدفأ’ في بيتنا الريفي.. ستحب ذلك كثيرا.. لدينا شقة أيضا في المدينة.. خذها معك يا غارث عندما تسافر إلى أمريكا.. أتعرف ، أنت أيضا ولد محظوظ.أنتما ولدان سعيدان ، افعلا المستحيل لتبقيا هكذا.
و قبل بليندا على خديها. و التفت لغارث:
-سأراك غدا صباحا قبل أن أذهب إلى لندن...
و رفع يده بالتحية و ذهب.
رحلة العودة إلى المنزل كانت ثقيلة و صامتة. و عندما أغلقا الباب وراءهما قالت بليندا:
-أنا آسفة يا غارث بخصوص وجبة الطعام. فأنا طباخة سيئة ، و لا أنفع كزوجة أيضا. و لا أعلم لماذا تزوجتني؟
-أنت تعرفين جيدا لماذا تزوجتك! لقد كنت مجنونا.
-أنا آسفة لأنني لست عند حسن ظنك ، حتى أنني لا أنفع أن أكون مضيفة منزل لك.
و رن جرس الهاتف ، فرد غارث ثم أعطاها السماعة:
-بيلندا هامر.. أعني غاردنر.
-أنا براد.. من رد علي.. شبح؟
-إنه.. زوجي.
-آه فهمت ، هل يغار؟ لا؟.. لا تصدقيه.. كنت أحاول الاتصال بك طوال السهرة.
-كنا في الخارج نتعشى و نرقص..
-آه.. كل شيء على ما يرام بينكما إذا. حسنا يا حلوتي لدي أنباء سارة لقد اتصلت بالمشرف على "الغاليري" في المدينة ، و قال إن هناك فرصة لاستخدام "الغاليري" كمعرض لمدة أسبوعين ، بعد ثلاثة أسابيع و أخبرته عنك و قال إنه سيكون سعيدا لرعايتك.
-هذا عظيم يا براد! لدي خمس و عشرين لوحة. هل تكفي؟
-إذا بقي فراغ نضع بعض رسوماتي. و بالنسبة للإطارات هناك صديق على استعداد لمساعدتي..
-براد.. هذا جيد جدا! لا أعلم كيف سأبدأ.
-سنبدأ فورا.. هل أنت مشغولة مساء الغد؟ سنتحدث حول الأمر.. عندي أو عندك؟
-عندك يا براد ، أظن هذا أفضل.
-حسنا... سآخذك مع اللوحات ، و سنبدأ فورا. سيكون أمامنا الدعاية في الصحف ، و الاتصال بأهم شخصيات المدينة و ما إلى ذلك.. ألست مسرورة يا حلوتي؟
-رائع يا براد ، و كأنني في حلم.
-قولي الخبر لشريك حياتك.. كم أود رؤية رد فعله.. أراك غدا...
كان غارث يقف عند باب غرفة الجلوس:
-لماذا كانت المكالمة؟
-معرضي بعد ثلاثة أسابيع أي بنهاية حزيران.. أليس هذا رائع يا غارث؟
و لكنه هز رأسه ببرود و دخل غرفة الجلوس. و حدقت بالباب نصف المفتوح... هل عليها أن تدخل عليه عاصفة ، مطيحة بالحواجز التي يحيط نفسه بها ، لتجبره على الكلام ، على أن يستمع لها؟ و إذا فعلت ، فإلى ماذا سيقود هذا؟ ألن يفسر العمل و كأنه "الدعوة" التي قال إنه ينتظرها منها؟ و تنهدت ثم صعدت السلم إلى غرفتها.
على الإفطار ، في الصباح التالي قال لها:
-عندما كان السيد سترونغ هنا الليلة الماضية شعرت بالإحراج لحالة أثاث المنزل.. ألا تعتقدين أن الوقت قد حان لأن نفعل شيئا حول الأمر؟
-أتعني السجاد و ما شابه؟ أعتقد معك حق.. متى...
-الأسرع هو الأفضل.. ألا تستطيعين أن تذهبي للتسوق بعد المدرسة؟
-أنا.. أتسوق؟ و لكن.. و لكن ألن تأتي معي؟
-ليس من طبعي.. آسف. سأترك الخيار لك.. أنت فنانة و لدي كل الثقة بذوقك. أنت تعرفين إنسجام الألوان و ما شابه.
-و ماذا بخصوص الدفع؟
-الدفع؟ ظننت أننا اتفقنا على أن تشاركي بدفع حصتك؟
-أتعني أنني يجب أن أدفع ثمن السجاد؟
-و لماذا لا؟
-و لكن يا غارث.. ستكلف ثمنا باهظا.
-طبعا.. سأتوقع أن تختاري الأفضل.
و وضعت يداها على خديها.. بحق السماء.. ماذا ستفعل؟ هل تستخدم مدخراتها؟ و لكن ماذا ستفعل غير هذا؟
-أنا آسفة.. و لكن للثلاثة أشهر القادمة يجب أن لا تعتمد على مالي.
-و لكن عليك أن تشتري السجاد اليوم. إشتري شيئا جيدا ، يبقى لفترة طويلة.. على الأقل مدة زواجنا.
و نظر إليها نظرة ساخرة و تركها و غادر المنزل.
في المدرسة ، تناقشت مع براد حول المعرض:
-هل تريدين أن أتولى أمر الدعاية للمعرض؟
-هل تفعل هذا لأجلي يا براد.. أوه كم أود معانقتك.
-لا يوجد هنا سوى دزينة أشخاص فقط.. هيا عانقيني...

و جالت بليندا بعد الظهر في المدينة من متجر إلى متجر إلى أن أصبحت ضائعة تماما بالألوان و النماذج و النوعية و الأسعار.(منتديات ليلاس) و في النهاية أختارت سجادتين ، إحداهما لو اشترتها. ستبتلع نصف مدخراتها. و الأخرى ، و هي الأفضل نوعية ، ستبتلع كل المدخرات. و لم يكن أمامها أي بديل.. فقد قال غارث "إشتري الأفضل". و هكذا اشترت السجادة الغالية الثمن.
و عندما أخبرت غارث بالأمر قال:
-أعتقد أنك دبرت موعد قدومهم لتركيبها في المنزل؟
-تركيبها؟ لا.. لم أفعل.. نسيت.. أنا آسفة.
-إذا من تعتقدين سوف يدبر أمرها؟
-أنت.
-و لكن هذا عمل محترفين.. و أنا لا أعرف من أين أبدأ.
-و لكن يا غارث هذا سيكلف كثيرا...
-أخبريني.. على ماذا بالضبط تصرفين مدخولك الشهري؟ هل تأخذينه و توزعينه على الفقراء و المحتاجين؟ فأنا لا أرى دليل على صرفك المبلغ على لبسك أو حياتك.
-أنا.. أنا أصرف المبلغ على نفسي... معداتي و أدواتي و ما شابه.
-هل تستثمرين المبلغ؟
-أجل.. أجل.. هذا صحيح.. أنا أستثمره.
-و من يقوم بتقديم النصح لك.. هل لي أن أسأل.
-إنه.. إنه المحامي.
-مهما يكن.. عليك أن تتصلي بالمتجر و تطلبي إرسال أحد ليركب السجادة.
أمضت بليندا معظم أمسيات الأسابيع الثلاثة التي سبقت المعرض في شقة براد ، و قابلت غوردي الصديق الذي يساعده بالإطارات ، و انتقت نوعا مناسبا من الإطارات ، و راقبت الرجلين و هما يعملان ، و صنعت لهما القهوة و نظفت المكان.
و تمتعت بليندا بهذه الأمسيات.(redroses309) و كانت تذهب إلى المنزل مليئة بالسرور و الحيوية ، و الترقب. في البداية سألها غارث بغضب "أين كنت؟" ثم بعد يوم أو يومين قال:
-هل من الضروري أن تمضي كل هذا الوقت في شقة زميلك؟
-طبعا ضروري. مجرد سؤالك يظهر قلة خبرتك بالموضوع.
-حسنا أخبريني عنه.
-إنه.. حسنا إنه.. لا فائدة.. لن تفهم عن ماذا سأتكلم..
-أنا لا أفهم بالفنون.. أليس هذا ما تعنيه؟ بمعنى آخر أنا لست مثقفا.
و أخذت تفكر.. أتمنى لو تضع ذراعيك من حولي ، تحبني ، و تبني الجسور فوق الهوة التي بيننا.. عندها لن يعود أي شيء مهم ، و لن يهم أن ننظر إلى العالم من زوايا مختلفة.. و استوى في جلسته و سأل:
-ماذا تتمنين؟.. ماذا تتمنين؟
-أن أتحدث معك حول الفن ، أن ألتقي معك حول قواسم مشتركة.. أتمنى لو أنك تفهمني..
-أفهمك كزميل فنان أم كزوج؟ أم كحبيب؟
و بما أنها توصلت لما تريد.. فقد أصبحت خائفة ، و بينما احاطت بها ذراعاه ، كانت رغبتها فيه تغرقها ، تسحبها إلى الأسفل ، و التيارات تحملها بعيدا...
طالما لا تزال تملك أنفاسها ، قوتها ، يجب عليها أن تقاوم. إنه لا يحبها. كل ما يريده هو أن يثبت حقوقه عليها كزوج ، و على هذا الأساس لا تستطيع ، أن تسمح له أن يحقق ما يريد. و قاومته بضعف حتى تركها.
وقفت أمامه مصدومة ترتعش.
-هذا ليس إنصافا منك.. لقد قلت إن ما بيننا ترتيبات عملية. زواج بالإسم. و إنك لن تلمسني حتى..
-يا إلهي يا إمرأة..أنا من البشر. كم تتوقعين مني أن أصبر..؟ تقولين إنك تتمنين أن أفهمك و أن نلتقي حول قواسم مشتركة... و عندما أحاول أن أقدم هذه القواسم...
-و ما الفائدة؟ إذا كان ما تجده من قواسم هو جسدي؟ و روحا نحن عالمان منفصلان ، و ما فائدة ممارسة الحب لأشخاص مثلنا. و ماذا يبقى لنا بعد أن ننتهي؟
-بحق الله يا بليندا.. سنبقى لبعضنا.. ألن نكون؟ و ماذا تعرفين عن الحب..و ما يتبعه..؟
و مررت يدها على جبينها.. أهذا ما يقصده؟
-إذا كنتي بهذه الخبرة التي تبدو عليك.. فبحق السماء سآخذ ما هو من حقي أردتي هذا أم لا. و لو كنت أثير نفورك ، أو ستكرهينني بعد أن أنتهي.
و تحرك نحوها ثانية ، فتجنبته و هربت صارخة:
-أنت لا تفهم.. لن تفهم أبدا..
و أغلقت باب غرفة نومها بالمفتاح و وقفت و ظهرها إلى الباب تشهق و تبكي.. و هي خائفة...


***********************

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 23-09-09, 08:10 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


الفصل الثامن
رحل في المساء


وصلت السجادة و ركبت ، و جرى دفع الفاتورة ، و هكذا تبخرت مدخرات بليندا ، و نظرت إلى الردهة و السلم بإعجاب للتغيير الذي بدا فيهما. و لو أن غارث قد أعجب بذوقها إلا أنه لم يقل لها شيئا.. فقد عادا إلى صمتهما ثانية.
و تمنت بمرارة لو أنها فنانة جيدة بما فيه الكفاية لترى ما تحت سطح مظهر زوجها الخارجي، و لكن دفاعاته ، بالنسبة لها ، كانت غير قابلة للاختراق. و لم تستطع أن ترى سوى ، البرودة الظاهرة ، الحقد ، بينهما.
يوم أفتتاح المعرض.. سألته:
-هل ستأتي لحضور المعرض هذا المساء؟
-لم أتلق دعوة.
-أوه يا غارث أنت زوجي.. و لهذا لم يبعث لك براد دعوة.
-و هل أنا زوجك؟ ما كنت لأعرف لو لم تقولي لي...
-أرجوك يا غارث... أريدك أن تحضر.
أريدك أن ترى اللوحة التي رسمتها لك.. إنها القطعة الأساسية في المعرض.. الجميع يقول إنها رائعة... و لكن كل هذا بقي في ذهنها و لم تقل له شيئا... و استمر الصمت لحظات طويلة ثم قال:
-لدي مؤتمر هام اليوم و غدا. و إجتماع قد يستمر إلى ساعة متأخرة...
-إذا لن تأتي؟
-سأحاول.. و لكنني لا أستطيع أن أعدك.
لو أنه أراد معاقبتها لما أستطاع أن يختار طريقة فعالة أكثر. و لكنها لن تدعه يتشفى برؤية خيبة أملها. و رفعت رأسها كي تقابل الإساءة بالإساءة..
-حسنا.. على كل ، براد سيكون هناك.
-إذا لن تفتقديني.. أليس كذلك؟
و أخذت نفسا ، و هي تكاد أن تبدأ بالإنكار، و لكنها رأت البرودة في عينيه فتوقفت ، ثم استدارت و صعدت إلى غرفتها...
و سمعته يقول من خلفها:
-أتمنى لك حظا سعيدا...
و أجابته بحدة:
-شكرا لك.
و وقفت تراقبه و هو يخرج إلى عمله.
طوال أمسية الإفتتاح ، و ما بين أصوات الضحك ، و الشراب ، و الإستماع للتقديرات حول عملها ، أخذت بليندا تنتظر قدوم غارث. لوحته سيطرت على كل المعرض ، و وقف الناس أمامها معجبين و معلقين.. و سألها مراسل صحفي محلي:
-أهي لزوجك؟ لقد فهمت ، و أعتقد أنها ليست للبيع.. و لكن لا بد أنك تلقيت عروضا لها؟
-العديد من العروض ، و لكن...
و تدخل براد قائلا:
-إنها تريدها لعرضها في معارض قادمة ستقيمها قريبا..
و قال المراسل:
-دعوني أعلم متى و أين سيقام المعرض القادم.. سأقوم بتغطيته!
و قال براد:
-لقد بعت خمس لوحات يا عزيزتي ، و تلقيت طلبات لثلاث أخرى... الأمر على ما يرام هذه الليلة.. ألم يظهر الرجل الكبير بعد؟
-لن يستطيع المجيء. لقد أخبرني بهذا.
-لن يستطيع أم لا يريد أن يقوم بمجهود ليرى أول معرض لزوجته؟
-ليس الأمر هكذا يا براد. لديه مؤتمر.. حسنا.. لقد تشاجرنا و لم يسامحني على ما قلته له.. ها قد علمت الآن.
-آسف لم أقصد أن أزعجك.. و لكن بطريقة ما يجب على أحد أن يفعل شيئا بخصوص زواجك هذا.. إنه يحطمك.
قبل إنتهاء موعد المعرض لتلك الليلة ، وصل غارث ، و إلى جانبه إمرأة عرفتها بليندا ، إنها لوسيا ، وقف غارث إلى جانبها ينظر من حوله.
-براد. و أمسكت بيده لتشعر بالطمأنينة .. وصل غارث.
-أنظري من أتى معه. من أين ألتقطها؟
-إنها أرملة صديق له عندما كان في الأرجنتين.
-ليس في الأرجنتين فقط يا عزيزتي... لديك الآن منافسة لك.
-براد.. لا تذهب.. تعال معي..
و رأهما غارث أخيرا ، و بينما هما يقتربان لاحظ أيديهما المتشابكة و قالت بليندا و عيناها تلمعان بسعادة مصطنعة:
-حبيبي... رائع أنك استطعت الحضور! و أتيت معك بالسيدة أغنيس أيضا. هذا جميل هيا أدخلا و أنظرا بنفسيكما إلى اللوحات.
و حدق غارث بوجهها الساخر بإرتياب ، و ترك لوسيا ، و تقدم من بليندا و قبل خدها. ثم رفع رأسها و نظر إلى عينيها الغاضبتين متأملا.. و مدت يدها مرحبة برفيقته.
-جميل أن أراك ثانية سيدة أغنيس.. هل كنت تحضرين المؤتمر أيضا؟
-أرجوك ناديني باسم لوسيا ، أجل.. كنت في المؤتمر.. ضمن السكرتاريا. لم أكن أعرف أحدا هناك ، فأشفق علي غارث. أموت شوقا لرؤية أعمالك الفنية. لقد أخبرني غارث عنها و نحن نتعشى سوية ، ثم طلب مني أن أحضر معه.
و ضحك الجميع ، ثم قدمت بليندا براد لها ، و وضع براد يده في ذراعها قائلا:
-إسمحي لي سيدة أغنيس ، بصفتي من منظمي المعرض أن أتجول بك لرؤية معرض زميلتي. و بصفتي فنان ، أستطيع أن أشرح لك كل شيء عن لوحات بليندا. مع أنه يجب أن أعترف أن بعضا منها أعلى من مستواي الفني!
و قادها بلطف ، و لكن بحزم.. و وقفت بليندا مع غارث!
-شكرا لحضورك.
-لقد أظهرت لوسيا الإهتمام ، لذا أحضرتها.
-غارث ، أريد أن أريك شيئا.
و أخذت يده ، و قادته إلى الناحية الثانية من الغرفة ، و أشارت إلى اللوحة ، المعلقة لوحدها ، ثم نظرت إليه. و بدا و كأنه يلتقط أنفاسه و هو يرى رسمه و قال و هو يتنفس بصعوبة:
-يا إلهي.. متى؟ كيف؟ و أين؟
و ضحكت ، و قد أسعدتها دهشته و سروره.
-يوم ذهبنا إلى الريف ، رسمت لك عدة رسمات من زوايا مختلفة!
-هل فعلتي هذا؟ ذكريني أن أضعك على ركبتي لأضرب قفاك!
-هل أعجبتك يا غارث؟
-و ماذا أستطيع القول؟ هناك جواب واحد.. أعجبتني كثيرا... كثيرا جدا.
-هل أنت صادق؟
-و كيف لي أن لا أكون صادقا معك؟
و سمعا صوتا يدعوها "سيدة غاردنر" و التفتا معا ، و لمع فلاش آلة التصوير مرة ، أثنان ، "شكرا" و ابتعد المصور. و أقبل براد لينضم إليهما قائلا:
-ستظهرين الآن في الصحف.
و ضحكت لوسيا لغارث:
-لأكون صادقا.. لم يكن لدي الوقت لأبتسم.. لقد حدقت فقط. ربما ستعكس الصورة ما كنت أشعر به.. مذهول تماما.. يجب علي أن أعتاد على زوجة لامعة في عالم الفن.
و وضعت لوسيا يدها على ذراع غارث ، و نظر براد محتارا لما يراه.. و قالت لوسيا:
-تعال لأريك باقي المعرض.. لديك زوجة تقرب من النبوغ.. و بما أن براد شرح لي اللوحات ، ربما أستطيع أن أشرحها لك. لن تمانعي يا بليندا أن أستعير زوجك ، أتمانعين؟
و ابتسمت بليندا ابتسامة مشرقة و هي تهز رأسها:
-خذيه يا لوسيا.. إنه لك تماما.
و بينما هي تستدير مبتعدة عنهما ، استطاعت أن تلاحظ بداية ابتسامة ساخرة على وجه غارث ، و مسح براد جبينه و قال:
-يا لها من ارملة.. من إمرأة. إنها الفتنة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها. دعي عمك براد يقدم لك نصيحة.. إنها بحاجة لمراقبة.
و حان موعد الإقفال.. و قال غارث:
-سأوصل لوسيا إلى الفندق يا حبيبتي.
و لوحت له بليندا بروح طيبة:
-لا بأس يا حبيبي.. أراك فيما بعد.
و بعد أن ذهبا ، وضعت ذراعاها حول خصرها و أخذت تتجول في الغرفة.. كان عليها أن تتغلب على الألم لرؤيتها زوجها يتركها ليأخذ إمرأة أخرى معه. و نادت عبر الغرفة الفارغة تقريبا:
-براد.. أتود الذهاب معي؟
-حتى لا تكوني لوحدك؟ حسنا ، حبي. سألعب لعبتك.. إفعلي ما شئت و سألعب كما تريدين.
في السيارة قالت له بليندا:
-شكرا يا براد.
-لا تفكري بالأمر. لم أكن لأتركك تذهبين لوحدك لتحزني بعد نصرك هذه الليلة.
و عندما وصلا إلى المنزل ، كانت سيارة غارث هناك ، و فتحت الباب لتسمع صوت الضحك ينبعث من غرفة الجلوس.. إذا لم يأخذها إلى الفندق. لقد أتى بها إلى المنزل. و نظرت إلى براد قائلة:
-براد.. ماذا أفعل؟ هل أدخل إليهما.. أم..
و دفعها بلطف:
-إلى فوق يا عزيزتي.. و لنصدر صوتا بقدر ما نستطيع.
و صفقت باب المدخل بقوة ، و سعل براد و هما يذهبان إلى المرسم فوق. و لم يحاول غارث أن يخرج ليدعوهما ، و ساد صمت في كلا الطابقين ، ثم عاد الحديث و الضحك.
و شعرت بليندا بالنعاس عند منتصف الليل و قال براد:
-بالكاد تستطيعين إبقاء عينيك مفتوحتان. سأذهب الآن. إذهبي للنوم ، و إنسي كل شيء يا بليندا ، سوى أن تأملي.. يا إلهي.. لا بد أن الرجل أعمى لعدم قدرته على رؤية كل ما يريده من زوجة فيك. اعطيني نصف فرصته و... و ربت على رأسها.. ثم تركها و انصرف مسرعا.
كان براد داعمها و صديقها الوحيد في المعرض ، و استمر تدفق الزوار ، و العديد منهم يسأل عن الأسعار و عن اللوحات. بعد الإنتهاء أوصلها براد إلى المنزل و تركها عند الباب. كان المنزل يعطي صدى الفراغ ، بعد صخب المعرض. إذا.. لم يعد غارث بعد. لقد قال لها براد إن أمامها منافسة لها ، و يبدو أنه على حق ، و غارث يفضل رفقة إمرأة أخرى.
و تساءلت إذا كان يحب لوسيا ، فلماذا تزوجها؟ ربما في الأرجنتين ، كان قد سألها أن تتزوجه ، و بما أنها كانت لا تزال تحب ذكرى زوجها الراحل.. رفضت. و ربما تكون هذه الذكرى قد توقفت عن إيلامها. و هي الآن مستعدة للقبول بغارث ، و لأن تسمح له بأخذ مكان الرجل الذي خسرت حبه.
هل تكون هذه نهاية زواجهما؟ لوسيا أقرب بالسن من غارث ، و أكثر نضجا منها ، و مناسبة أكثر لتكون زوجة رجل في مثل مركزه. و إذا كان يحبها و يريد أن يتزوجها ، فكيف تستطيع أن تقف في طريقه؟ و دخلت إلى غرفته و استلقت على السرير و وجهها على يدها فوق الوسادة. و أغمضت عينيها.. و حلمت بأنها بين ذراعيه ، و سمعته يهمس لها ، يخبرها عن حبه لها ، و كم يرغب بها ، و كم هو بحاجة لها...
و استفاقت على ضوء.. كان في الجهة الأخرى من السرير.. لا بد أن شخصا قد غير مكانه.. و اتسعت عيناها.. هذه ليست غرفة نومها.. و حدقت بما حولها... لا... لا يمكن أن يكون غارث... و لكنه ظهر أمامها و هو يحل ربطة عنقه و يفك أزرار القميص... عيناه فيهما بريق الانتصار و شفتاه تبتسمان.
-حسنا.. هذا جيد.. لقد استفاقت أخيرا.. هذه هي الدعوة... و ليس لدي النية أن أرفضها!
-إنها ليست دعوة يا غارث.. إنها غلطة..
و عرفت حالما تلفظت بالكلمات كم أنها غبية. و ضحك:
-غلطة؟ غلطة أن تستلقي على فراش زوجك بإنتظار عودته؟ يا زوجتي الساذجة و الجميلة.. هذه علامات الزواج الجيد..
و حاولت الجلوس و لكنه أجبرها على الاستلقاء.
-ستبقين حيث أنت ، لا مجال للتراجع يا بليندا.. لقد وصلنا إلى درجة اللاعودة في علاقتنا.. نامي ثانية ، لن أتأخر سأوقظك عندما أصبح جاهزا..
و صرخت بجنون:
-سأعود إلى غرفتي.
فابتسم و أقفل الباب بالمفتاح من الخارج و حبسها حيث هي. في غيابه أخذت تذرع الغرفة ، و قد لفت روب المنزل حولها بقوة ، محاولة تهدئة الطبول التي تقرع في قلبها. كيف سمحت لنفسها أن تسير نحو الفخ؟ هل هي مشاعرها و قد انقلبت إلى خيانتها.. و أنها في عقلها الباطن أرادت لهذا أن يحدث؟ ألأنها تحبه و تريده ، أم ربما هذا سلاح ضد لوسيا؟ و لكنه سلاح خائب.. ماذا لو أنه استخدم حقه؟ لن يمنعه هذا من معاشرة لوسيا أيضا في أي وقت يختار.
و سمعته يعود ، و أدار المفتاح و زاد رعبها ، و ظهر هذا في عينيها ، و أختنق تنفسها في رئتيها. و دخل ، فرآها واقفة عند النافذة ، فقال:
-اخلعي روبك يا بليندا ، أم تحبين أن أفعل أنا هذا.
و أطاعته بهدوء و رمت الروب إلى الأرض ، و تقدم نحوها و عيناه تلمعان ، و لم تكن غلالة نومها تخفي عن نظره الشيء الكثير. و أمسك بها.. و لكنها جذبت نفسها مبتعدة. و سألها بلطف:
-لماذا أنت قلقة؟ لست وحشا. سأكون ألطف مما تتصورين...
و تحرك بسرعة و أصبحت بين ذراعيه ، و أخذ يسحقها. و سرحت بأفكارها و هي تقول لنفسها "لو أنه يحبني.. لو أنه فقط يحبني!".
و ماذا بعدما حدث؟ هل أصبحنا فعلا رجل و زوجته ، أم أن ما حدث كان عابرا. و دخل الغرفة من الحمام و قد لف المنشفة حوله. و نظر إليها مبتسما:
-تبدين رائعة بالنسبة لإمرأة تقسم بأنها تكره زوجها و تقول بأنه لا يحتمل.
و جلس بقربها و همس:
-لو بقيتي أكثر هنا فسأضطر للتغيب عن عملي ، يا حلوتي.
و أسرعت بمغادرة السرير و ركضت نحو الجهة الأخرى من الغرفة و ضحك لمنظرها المرتعب ، و التقطت الروب و ارتدته ، و أخرجت شعرها تحت الياقة ، و لحقت بها عيناه و هي تخرج من الغرفة.
و لم يمض وقت طويل لتستحم و ترتدي ثيابها ، ثم نزلت إلى المطبخ لتتناول فطورها. و كان غارث جالسا هناك يقرأ الصحيفة المحلية:
-إنها صورة جميلة.
و تقدمت إلى جانبه و حدقت من فوق كتفه.
-لا تبدو مندهشا في الصورة بل تبدو مسرورا بنفسك.
-و انت أيضا سيدة غاردنر. لقد كتب المراسل يقول: قالت الفنانة و هي تشير إلى صورة زوجها "زوجي ليس للبيع.. أريد أن أحتفظ به". هل تنوين حقا الإحتفاظ بي؟ هذه أخبار جيدة.
-لقد عنيت بكلامي الصورة. ما عنيته أن الصورة ليست للبيع. فقد أراد كثير من الناس شراءها.
-أتمنى أن يكونوا من النساء.. لا عجب في ذلك ، سيدفعن أزواجهن للغيرة.
-في الحقيقة أنت وسيم... لا بد أن لديك شيئا ما...
و حاول أن يمسكها و لكنها هربت منه ، و توقفت في منتصف السلم و نظر إليها من الردهة و قال:
-أنت ذاهبة في الإتجاه الخاطئ يا حلوتي... إذا أردت أن لا ألاحقك فلا تثيريني.. هناك زمان و مكان لهذا.. فانزلي إلى هنا!
و عادت للانضمام إليه في الردهة ، فقال و هو يفرك ذقنه:
-من سوء الحظ أنني مضطر للسفر مع الأخرين إلى لندن بعد إنتهاء المؤتمر.
و حاولت أن تخفي خيبة أملها ، فتابع:
-و لكن قد أتدبر الأمر و أتركهم في وقت مبكر...
و كان عليها الآن محاولة إخفاء سرورها. و أجبرت نفسها على أن يبدو قولها عاديا.
-سيكون علي حضور المعرض.. لذا الأمر ليس مهما على كلتا الحالتين.
-أنت باردة و ناكرة للجميل.. أليس كذلك؟ بعدما حدث الليلة الماضية بيننا؟.
-لا.. لا.. لم أقصد هذا.. أريدك أن تبقى معي هذه الليلة.. صدقا.
و قطب جبينه ، و بدا ظاهرا أنه لم يقتنع بصدقها.. فوضعت يداها على صدره و رفعت رأسها نحوه ببطء:
-إنني أعني ما أقول يا غارث.
فضحك و عانقها ثم أفلتها على مضض:
-سأرى ما أستطيع فعله.
و للمرة الأولى منذ زواجهما ، لوحت له مودعة و هو يخرج إلى عمله و مر النهار ، هرعت بليندا بعد المدرسة إلى المنزل و حضرت طاولة الطعام في غرفة طعامها لأثنين ، و حضر غارث ، و تناولا عشاءهما باكرا مشاركة للمرة الأولى.
و غسلا الصحون معا ، للمرة الأولى أيضا ،(redroses309) و خفق قلبها عندما قال غارث:
-هل من الضروري أن تذهبي إلى المعرض هذا المساء؟ ألا يستطيعون تدبير الأمر من دونك؟ لقد عدت خصيصا إلى المنزل بدل السفر إلى لندن.
و تنهدت.. ربما كلمة "حب" ليست موجودة في قاموسه. فكيف ستخبره عن حبها له؟ ربما سيشعر بالإحراج.. و يشعر بأنه وقع في فخ... و سمع تنهيدتها و فسرها بشكل خاطئ ، فقال:
-حسنا.. إذهبي ، إذا كنت مضطرة.. لقد أتيت معي ببعض العمل على كل الأحوال...
و شعرت أن الوضع ينزلق خارج سيطرتها ، و ارتفع ذعرها فقالت:
-لن أذهب يا غارث.. لقد تنهدت فقط لأن.. لأن.. سأتصل ببراد ، سوف يمثلني...
و أتصلت ببراد لتقول له أن ألم رأسها لن يسمح لها بحضور المعرض فقال:
-آسف لألم رأسك.. و لكن لا بأس سأراك غدا لأبلغك كيف كانت الليلة.
-شكرا يا براد.. لقد قلت لك هذا من قبل: أنت لطيف و خاصة معي.
كان غارث يقف إلى جانبها ، وجهه كان جادا و عيناه باردتان.. ما الأمر الآن؟ أسمع ما قاله براد؟ و تمنت لو لم تكن حساسة هكذا لتغير مزاجه. و قال لها:
-سأعمل قليلا في المكتبة.. لن أتأخر.. أين ستذهبين؟
-إلى المرسم... و ماذا غير ذلك؟
-إذهبي إلى غرفة الجلوس ، إقرأي ، شاهدي التلفزيون ، و سأنضم إليك حالما أستطيع...
كان هناك توتر غريب بينهما يجذبهما بعيدا عن بعض. كان هناك شيء ناقص في هذه الأمسية. لقد بدت الحياة لها رائعة في مطلع هذا اليوم ، كبريق الذهب ، و قد ذهب هذا البريق الآن ، و هنا و هناك لمسة من فقدان اللمعان ، مما يثبت ، ربما أن الأمر لم يكن من الذهب الحقيقي.
-سأفعل إذا كان هذا ما تريده يا غارث...
-و لكنك لا تريديني.. أليس كذلك؟ حسنا إذهبي إلى لوحاتك...
-و لكن غارث لما لا تفهمني؟ أنا أحب لوحاتي...
-حسنا.. أنت تحبينها.. إذهبي إلى المرسم إذا شئتي..
و تركها و دخل إلى مكتبه ، و وقفت في الردهة متسائلة عند أية نقطة بدأت الأمور تسوء ثانية. عند المكالمة الهاتفية؟ لا... بالتأكيد قبلها؟ لو أنها فقط لا تشعر بأنها غير قادرة.. ماذا كانت ستفعل لوسيا؟ لا بد أنها بخبرتها في الزواج.. تستطيع أن تدبر أمر زوج تعب و متوتر الأعصاب و خاصة إذا كان غارث غاردنر.
و دخلت إلى غرفة الجلوس ، و أغلقت الباب ،(منتديات ليلاس) و وضعت جانبا كل تفكير بعملها.. ستثبت لنفسها قبل أن تثبت له أنها زوجة مخلصة تضع مصلحتها خلف ظهرها في سبيل إرضاءه.
عندما دخل غارث عليها الغرفة كانت متكورة على الأريكة تقرأ. و نظرت إليه مبتسمة ، ثم أطرقت. سرور غارث لرؤيتها هناك كان أفضل مكافأة لها على تضحيتها برغباتها الخاصة. و خفق قلبها بالسعادة لوجوده معها.. و لأنهما لأول مرة يتصرفان كما يتصرف الزوج الحقيقي مع زوجته.
-بليندا.. تعالي إلى هنا..
و نهضت من مكانها و أقبلت نحوه ، فأخذها بين ذراعيه و عانقها ، و بينما هما منسجمان هكذا ، رن جرس الهاتف فصرخ
-اللعنة!
و على كره منه ، سحب نفسه و ذهب إلى الردهة ليرد. و شاهدت النعومة و قد غادرت عيناه لسماع الصوت من الجهة الأخرى.
-ما الأمر؟
و لكنه لم يجب ، بل أعطاها السماعة.
-بليندا تتكلم.. براد.. هل حصل شيء في الغاليري؟
-لا.. و لكن معي صديق قديم.. آسف للأصوات المرتفعة هنا و لكن حضر مشاهدون كثر هذه الليلة و كلهم يتكلمون بصوت مرتفع و رفع صوته لتستطيع سماع ما يقول:
-نويل جيميز هنا. لقد قرأ عن معرضك ، و حضر ليراه ، و خاب أمله عندما لم يجدك.. تحدثي معه...
-حبيبتي... كيف حال أجمل فتاة عندي؟ لقد علمت من براد أن حياتك الزوجية لا تطاق مع كاره النساء ، قطعة الأدوات الإلكترونية الذي تسمينه زوجا لك.. يبدو أن زواجك منه يؤثر عليك سلبا.
هل كان يجب أن يكون هناك كل هذه الضجة ، و هل كان عليه أن يرفع صوته هكذا ليقول هذه الأشياء الرهبية بأعلى صوته؟ لا بد أن غارث ، الواقف قربها تمكن من سماع كل كلمة قالها.. فقالت له بضعف:
-لقد فهمت خطأ يا نويل..
-لا بأس ، إذا قررت أن تتخلصي منه و تهربي تذكري أنني أنتظر بذراعين مفتوحين.
-نويل.. لماذا أردت الحديث معي؟
-آه.. فهمت.. لا بد أن حارسك يستمع.. اسمعي هذا المعرض رائع..
و تحرك غارث مبتعدا.. و لا حقته بليندا بعينيها...
-شكرا يا نويل..
-في الواقع أنه جيد لدرجة أنني أسامحك و أعرض عليك معرضا آخر في لندن. دومنيك، صاحب الغاليري ، لن يعارض عندما أخبره عن نجاح معرضك هنا.. سأتصل به و أسأل متى يكون الغاليري عنده مؤمنا للعرض.. أيرضيك هذا؟
-هذا رائع يا نويل.. و ماذا عن المصاريف و ما إلى ذلك؟
-سأكون كبيرا و انسى خلافتنا.. سأدعمك ماليا كما وعدتك المرة الماضية. ستحتاجين لبضع لوحات أخرى ، لا تكفي هذه لمعرض ضخم في لندن.. هل تستطيعين تدبير الأمر؟
-إذا عملت بجهد كاف.
-جيد.. سألقاك و نتحدث بالأمر...
و ركضت عبر الردهة نحو غرفة الجلوس. و السعادة بادية في عينيها. و وقفت أمامه ، فلم يرفع نظره من المجلة التي كان يقرأها.
-نويل سيدير لي معرضا في لندن يا غارث. أتذكر المرة الماضية عندما سحب عرضه؟... لقد عرض أن يدعمني ثانية!
و لم يتحرك ، و لم يستجب ، و لم يرد ، بل بقيت عيناه تلمعان.. ثم جاء رده عنيفا ، و رمى المجلة من يده و وقف:
-يدعمك ، بماله؟ و تقبلين؟ و تعامليني مع عرضي لك بالدعم و أنا زوجك ، بالإزدراء؟ أتدركين بأنك بهذا إنما تقبلين مالا من رجل غريب؟
-لا أرى الأمر بهذه الطريقة!.. و لا أستطيع أن أفهم الخطأ بالأمر.
و دس يداه في جيوبه ، و كأنما ليمنعهما من الإمتداد إليها:
-لا تستطيعين!.. لا تستطيعين! و ماذا بخصوص الهبة الشهرية التي تصلك؟ لماذا لا تدعمين نفسك؟ لم تصرفي سوى القليل حتى الآن و لا بد أن معك مبلغا محترما.
و عضت على شفتها لتمنع نفسها من قول الحقيقة ، سيعلم يوما ما و لكن ليس الآن ، و تابع قوله:
-و شيء آخر ، هناك شرط وضعته ، و وافقت أنت عليه قبل زواجنا. بأنك سوف تنهين صداقتك مع نويل جيميز. لقد وفيت بوعودي لك فلماذا لا تفين بوعودك؟
-هل وفيت بوعودك؟ و ماذا حدث الليلة الماضية ، لقد وعدتني أن لا تلمسني إلا إذا...
-و ماذا عن تمثيلية نومك في فراشي.. ألم تكن دعوة؟
و أخذت تفكر يا إلهي ماذا نفعل ببعضنا؟ بعد هذه السعادة التي خبرناها أمس ، يحصل هذا الآن ، إننا نحطم بعضنا.. و تابع كلامه:
-لقد استعدتي صديقك نويل جيميز ليركض وراءك.. يا إلهي كيف تستطيعين الحفاظ على إهتمامهم بك؟ واقع أنك متزوجة يعطيهم دفعا لملاحقتك ، و هذا دون شك عائد إلى أنك تخبرينهم عن حياتك البائسة معي.. ألا يكفيك واحد... بل أثنان! ألست قانعة بفنان طليق الشعر يعيش على الطبيعة يركض خلفك مثل الكلب..
و انفجرت به قائلة:
-إنه ليس كذلك! ليس كذلك. براد جيد و لطيف و متعاطف معي. عندما أفكر بكل ما فعله معي ، و كم شجعني...
-لقد كنت وراء أثر خاطئ إذا؟ براد الفنان ، و مع أنك زوجتي ، فأنت تحبينه.. أليس كذلك؟ طوال المدة التي تزوجتك بها ، كان علي أنا أن أتخلص و أهرب ، فأنت واقعة بحب رجل آخر.
و توجه نحو الباب ، و التفت قائلا:
-سأذهب إلى لندن ، و سأخذ معي لوسيا ، خذيه و اشبعي منه فأنا سأترك و لا يهمني ماذا سيحصل لهذا الزواج اللعين.
و صعد إلى غرفته ، ثم عاد يحمل حقيبة ملابس ، و خرج من باب المنزل.. و ركضت وراءه و هي تصيح:
-غارث.. أرجوك أن تبقى!
و صعد في سيارته.
-غارث!
و أدار المحرك ، و ركضت نحو النافذة:
-كم ستغيب؟
و لكنه لم يرد ، و لم ينظر إليها ، لذا لم يرى الدموع المتدفقة على خديها و ضربت على الباب بيديها:
-غارث!
و انتحبت قائلة:
-قل لي! أرجوك قل لي؟
و قاد السيارة مبتعدا نحو ظلام الشارع.


*********************************

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
قديم 23-09-09, 08:12 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2008
العضوية: 64394
المشاركات: 246
الجنس أنثى
معدل التقييم: redroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداعredroses309 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 217

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
redroses309 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : redroses309 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



الفصل التاسع
هل يعود؟


بكت بليندا معظم ليلتها تلك. و تسلقت إلى سرير غارث مؤملة نفسها ، مع إقتناعها التام في قرارة قلبها بالعكس ، أن يعود غارث و يجدها هناك. و لكن في الصباح كانت ما تزال لوحدها..
و في المدرسة سألت براد ما إذا كان قد قال شيئا لنويل جيميز حول زواجها من غارث ، فقال:
-لا شيء البتة... عندما سألني هززت كتفي ، و أخذ هذا منطلقا لإستنتاج ما يريد..
و إرتاحت بليندا لقوله ، فقد كانت تثق به و كان جديرا بهذه الثقة.
-على كل الأحوال تبدين بصورة رهبية ، ما الأمر؟
-لقد رحل غارث الليلة الماضية يا براد ، بعد أن اتصلت بي و تكلمت مع نويل جيميز تشاجرت مع غارث و غادر المنزل.
-و لماذا بحق السماء؟ هل ساورته الظنون بك؟
-لست أدري متى سيعود ، أو إذا كان سيعود...
-يا فتاتي العزيزة.. هل تظنين أن هذه نهاية الطريق؟ كيف لأي رجل أن يهجرك إلى الأبد.. اخبريني فقط؟
-براد هناك لوسيا في حياته ، لدي منافسة ، لقد قلتها بنفسك. لقد أخذها معه إلى لندن. هكذا قال.
و وضع يداه على كتفيها ملاحظا:
-لدي حدس بأن كل شيء سيكون على ما يرام يا حلوتي.. و حدس عمك براد..
و لكن بليندا هزت رأسها بيأس.
مرت ثلاثة أيام دون كلمة من غارث ، و لم تعد تستطيع عد الأيام ، لأنها لم تكن تدري متى ستتوقف عن العد ، كل ساعة مرت كيوم ، و كل يوم كشهر ، لقد أتخذ الزمن لها معنى جديدا.
في مساء اليوم الثالث أخذت تتجول في المنزل على غير هدى ، محاولة التركيز على موضوع لرسم لوحة. و لكنها كلما فكرت بموضوع ، حل مكانه وجه غارث الغاضب. و سمعت قرعا على الباب ، لا دقة جرس ، و لا دقة ناعمة لغريب.
أول فكرة قفزت إلى رأسها إنه غارث. و لكن غارث ليس بحاجة لأن يقرع الباب بالطبع ، فلديه مفتاح. ربما براد؟ أو نويل؟ و تمنت أن لا يكون نويل...
و وقفت السيدة العجوز عند المدخل ، و وجهها المستدير يبتسم مظهرها المريح يبعث الراحة في النفس ، ثيابها شديدة الأناقة و مؤثرة كما كانت دائما.
-يا طفلتي الحبيبة.. ألست سعيدة برؤيتي؟
-سيدة دونيكان!..
و خطت الزائرة إلى الداخل ، و تعانقتا ، و قبلتا بعضهما البعض.
-ما هذه السخافة..؟ ناديني بعمتي إيلين ، أرجوك. أنت ابنة اخي الآن ، عن طريق الزواج!
و تحرك رأسها من جانب إلى جانب ، و جالت عيناها تستكشفان محتويات الردهة. كل شيء كما هو منذ أن غادرت.
-هل أنت مندهشة لرؤيتي؟
-آه.. يا عمتي إيلين ، لا أعرف ماذا أقول.. لقد ظننت...
-أنك لن تريني مجددا. و كذلك أنا.
و توقفت عند غرفة جلوس غارث:
-هل أدخل هنا؟
و هزت بليندا رأسها.
-أتعلمين.. لقد تملكني شعور غريب يقول لي "عودي إلى إنكلترا" و أنا لا أتجاهل أبدا مثل هذه المشاعر ، فتحركت على الفور ، لن أمكث طويلا ، فقط ما يكفي من وقت لـ... حسنا ، ما يكفي من وقت.
و جلست على المقعد و أشارت لها بالجلوس على ذراعه.. و لكن بليندا اتخذت الوضع المفضل لديها على الأرض إلى جانبها.
-كما في الأيام الماضية يا بليندا. كيف حال ابن أخي؟ أرجو أن يكون يتصرف كزوج كامل؟ تبدين شاحبة يا عزيزتي.. ألست في طريق لإنجاب طفل لي...
-لا يا عمتي إيلين..
و ساد صمت قصير...
-المكان هادئ بشكل غريب.. هناك شيء ما.. أستطيع أن أحس به في الجو... أعرف هذا البيت كما أعرف مكنونات قلبي... و أعرف عندما تكون السعادة فيه، و أعلم متى يكون حزينا. بليندا ، هناك شيء رهيب يحدث ، و هذا ما دعاني للعودة.. لقد دعاني هذا المنزل القديم... هيا يا طفلتي.. أخبريني كل شيء. أين ابن أخي... أين زوجك؟
-لا أعلم ، يا عمتي إيلين.
و استوت إيلين دونيكان في جلستها متوترة...
-لا تعرفين...؟ ماذا تعنين؟ هل هجرك؟
-آه يا عمتي.. لا أعلم.. لا أعلم.
و أراحت رأسها على حجر إيلين و بكت ، و أخذ النحيب يهز جسدها ، و بللت الدموع منديلها. و تركتها العجوز تبكي ، و قد أحست أنها المرة الأولى التي سمحت بليندا لبؤسها أن يظهر. و أخذت ترتب شعرها الأشقر ، منتظرة لتهدأ و تتكلم لتصغي لها.
و أخيرا رفعت بليندا رأسها و أعتذرت ، و وجهها مليء بالدموع و عيناها حمراوان و منتفختان.
-قولي لي كل شيء يا طفلتي العزيزة. خذي وقتك ، لدي ما يكفي من وقت لأستمع.
و هكذا و ببطء ، و تردد ، روت لها كل القصة. فصاحت إيلين:
-اتفاقية عمل... يا إلهي.. لقد ورث الكثير عني.. حتى أنا العنيدة القاسية ، و لم أزل حتى الآن ، تزوجت عن حب. و ظننت ، كم أنا غبية ، أنني قد دبرت خطة ثابتة لأجمعكما. لقد جمعتكما ، و لكنني لم آخذ بالحسبان ما قد تحدث بكما خطتي.
-و ما الذي يجعلك تظنين إنه لن يعود؟
-إنه لا يحبني يا عمتي.
-و لكن هذه سخافة.
-لم يقل لي أبدا إنه يحبني.
-إعذريني لسؤالي.. ألم تتعاشرا كزوج و زوجته؟
-مرة واحدة.. منذ أربعة أيام.
-مرة واحدة؟ يا للسماء.. مم هو مصنوع هذا الرجل؟
-لقد قال لي أنه سيكون زواج بالإسم فقط يا عمتي. و قال إنه تزوجني فقط لأحصل على المال و ليريح ضميره..
-أتمنى أن أعرف أين هو الآن. سأعطيه "اتفاق عمل" حقيقي... سأعطيه "الضمير".
-كل ما أعرفه أنه في لندن.. لقد أخذ معه لوسيا...
-لوسيا! و من هي لوسيا؟
-ألا تعرفين..؟ أعتقد أنني أستطيع القول أنها عشيقته.
-عشيقته؟ و لكنه رجل متزوج من زوجة شابة و جميلة. و ماذا يريد من عشيقة؟
-لقد كان يعرفها من الأرجنتين.. لقد فقدت زوجها و ترك لها ولدين.. و كان غارث كريما معها ، و أعتقد أنها عادت إلى هنا لترى إذا كانت تستطيع العيش هنا. إنها تعمل كسكرتيرة لمؤسسته ، لقد أتى بها إلى معرضي ، حتى أنه خرج معها للعشاء.
-كم سيبقى بعيدا؟
-لا أعرف.. لم يقل لي.
-يا إلهي لم أكن أعلم أنه قد يكون قاسي الفؤاد و عنيد إلى هذه الدرجة. أعتقدت أن الزواج قد يلينه ، لم أكن أتصور أن بإمكانه العيش مع فتاة جذابة مثلك في بيت واحد ، و يتزوجها ثم يغلق باب غرفة النوم في وجهها.
-ما عدا مرة..
-ما عدا مرة.. تقولين إنه لا يحبك؟ هناك طريقة لمعرفة الأمر. أنت معلمة مدرسة.. أتستطيعين أن تأخذي إجازة دون مرتب؟
-أجل.. أعتقد هذا.
-جيد.. أفعلي ما أقوله لك.. غدا يا عزيزتي.. قدمي طلبا لإجازة لمدة إسبوعين. و بعد غد سافري.. قرري بنفسك إلى أين ، و لا تخبري أحدا.. سافري فقط.. سأتصل بالسيدة هوغند ، و ستستمر بالمجيء إلى هنا لتنظيف المنزل ، و سأعطيها عنواني لتتصل بي في الفندق ، إنه "الأمباسدور" هل تعرفينه؟
-أجل إنه الفندق الذي أقام فيه حفلة زفافنا.
-أوه.. هل فعل هذا.. على الأقل كان من الإنسانية أن يفعل هذا لأجلك. حسنا.. عندما يحضر غارث إلى المنزل ستتصل السيدة هوغند بي. و عندما تستقرين زوديني برقم هاتفك. و سأبلغك بعودته. ستبقين بعيدة لأسبوع على الأقل بعد عودته.. هل هذا واضح؟
-أجل يا عمتي.. و لكن..
-من دون و لكن..
-و لكن كيف سيساعدنا هذا؟
-الأمر بسيط.. تستطيعين أن تعرفي بالطريقة التي سيتقبلك بها عند عودتك ، ما إذا كان يحبك أو لا.. فإذا مد ذراعاه لك ليحضنك هذا هو جوابك..
-و إذا لم يفعل؟...
-حسنا يا عزيزتي.. سيكون الجواب الآخر ، و لكنه جواب غير سعيد. و أظن أن هذا غير معقول. و لكن هكذا هو الأمر. لا يستطيع المرء أن يعرف كل شيء عن البشر حتى و لو كان ابن ابن أخيه ، حتى و لو حضنته بين ذراعي يوم مولده.
و صنعت بليندا بعض الشاي ، و أحضرت البسكويت الجاهز.
-ليس لدي توست أو مربى و زبدة.. إنني طاهية سيئة ، و هذا أمر آخر يحمله غارث ضدي. إنه بارع أكثر مني بالطبخ.. إنني فنانة حالمة فقط...
-أنت لست حالمة.. إنك فتاة موهوبة.. و حان الوقت ليقول لك أحدهم هذه الحقيقة.
-لست موهوبة كفاية لأحتفظ بزوجي..

في الصباح التالي لحصول بليندا على الإجازة و ضبت ملابسها و ركبت الباص بإتجاه الريف. كانت تأمل أن تكون إقامتها قصيرة.. لو أن غارث أخبرها فقط كم سيغيب. لو أنه أخبرها لماذا تركها؟ هل سيطالب بأن يتحرر من الزواج حتى يكون بإستطاعته أن يكون الزوج الثاني للوسيا؟ هل يعيشان الآن معا؟ كانت تحدق من نافذة الباص و هي قلقة.
و وصلت إلى البلدة التي ذهبت مع الأولاد و غارث إليها في السابق و توجهت إلى الفندق. و استقبلها الموظف ، و أعطاها غرفة و تبعته إلى فوق إلى غرفة ذات سقف مائل ، و نوافذ واسعة تطل على منظر جميل للريف.
و قال لها الموظف و هو يخرج:
-العشاء عند الثامنة مساء..
و غرقت بليندا في سريرها ، جالسة و يداها متشابكتان حول ركبتيها. ماذا ستفعل في أيامها هنا..؟ لديها في الحقيبة ، أقلام ، و ألوان و فراشي.. و إذا كان الطقس لطيفا تستطيع الخروج لترسم و تلون.. و إذا لم يكن؟ و سارت نحو النافذة.. يجب عليها إذا أن تبقى في الغرفة و تقرأ. فقد جلبت معها بعض الكتب و المجلات..
في اليوم التالي ذهبت إلى النهر ، حيث ساعدها غارث على عبوره فوق الصخور.. و تردد في رأسها صوت الولد و هو يصيح "إدفعها إلى النهر"... لقد دفعها الآن ، و لكن خارج حياته ، و خارج أفكاره ، و ذهب بعيدا دون أن يبقى حتى ليراقبها و هي تغرق.
ذلك المساء أتصلت بالعمة إيلين ، و أعطتها رقم هاتف الفندق ، و سألتها عن أخبار غارث.
-لا شيء يا عزيزتي... لا تقلقي يا بليندا سأخبرك عندما يتغير الموقف. و في هذه الأثناء ، إرتاحي جيدا... و إنسيه يا عزيزتي. إنسيه.
-لا أستطيع يا عمتي... لا أستطيع ، كلما ابتعدت عنه أكثر ، كلما...
-أنت تريدينه ، أعرف كيف تشعرين ، أوه يا عزيزتي ، ابن أخي هذا الغبي ، الأعمى العنيد..!
بعد ثلاثة أيام أبلغتها العمة إيلين بأنه عاد.
-لقد عاد يا عزيزتي ليلة أمس ، و سأل السيدة هوغند إذا كانت تعرف أين أنت ، فادعت أنها لا تعرف. دعيه ينتظر.. دعيه ينتظر و يتعذب.. و إياك و العودة إلى المنزل يا بليندا بعد.. و إلا فكل ما رتبناه سيفسد. إصبري.. عديني بذلك يا عزيزتي..
-شكرا لكل ما تفعلينه لأجلي يا عمتي..
-لا تشكريني يا طفلتي.. فقد ينتهي بك الأمر أن تلعنيني لتدخلي في حياتك. و إذا لم تلعنيني أنت سيلعنني هو. فلديه الكثير من أخلاقي ، و أنا لا أتحمل أن يتدخل أحد في حياتي!
و مر يومان آخران ، يومان مرا بالتساؤل و القلق... ماذا يفعل غارث لوحده في المنزل؟ هل هو سعيد لأن يكون المنزل له وحده؟ هل تخلى عن إنتظار قدومها و عاد إلى لندن.. إلى لوسيا؟
و تغير الطقس و بدأ المطر ينهمر ، و لكنها استمرت كل صباح بالذهاب إلى النهر تحمل ألوانها و أقلامها و فراشيها. كانت تلجأ إلى تحت شجرة على ضفة النهر ، أو تجلس في المغارة التي أكتشفوها مع الأطفال يوم أتوا إلى هناك. و أخذت ترسم سطح التلة المليء بالأشجار و مياه المطر تسيل منه ، و القطرات و هي تتساقط فوق ماء النهر. و حركات الماء المضطربة بفعل الرياح ، و الغيوم الرمادية الثقيلة تشرف على الوادي الضيق الذي يسير خلاله النهر.
ثالث يوم ، بعد ظهر مليء بالمطر ، عادت إلى الفندق و قد بللها المطر ، شعرها مبلل على الرغم من القبعة ، و قدماها غارقتان بالمياه ، و الماء يثقل معطفها.
في مدخل الفندق ، خلعت القبعة ، و أفلتت شعرها و نفضته ، ثم علقت المعطف ، و خلعت حذاءها المبلل ، و هرعت نحو دفء النار.
و أملت أن لا يكون هناك الكثير من ضيوف الفندق ليروا قدميها الحافيتين.
من الأفضل لها أن لا تنظر من حولها. و الأفضل أيضا أن تتوجه فورا إلى الدرج صاعدة إلى غرفتها. شيء ما جعلها تقف.. صوت ينادي بإسمها... لن تستدير.. إنها تخيلات.. لا أحد هنا يعرف إسمها الأول ، لا بد أنها لحلمها الطويل بهذا الصوت قد بدأت تسمع رنته في أذنيها. يتردد صداه حتى إعتقدت أنه حقيقي.
و لكنه ها هو من جديد.
-بليندا...
و أمسكت بياقة كنزتها العالية و استدارت.. كان يقف هناك.. في منتصف القاعة. يداه في جيوبه ،(منتديات ليلاس) وجه قاس و جدي.. بعكس لهيب النار المتأججة ، و عيناه القاتمتان لا يمكن سبر غورهما.
حاولت أن تلتقط كلمة "غارث" و لكن الكلمة لم تخرج. في منتصف الغرفة ، واجها بعضهما البعض.. ماذا هناك ليتكلما حوله؟ بعد كل أيام الإنتظار هذه ، من الشوق إليه ، لرؤيته ، لسماع صوته ، للمسته ، كان هناك صمت فقط ، صمت فارغ ثقيل ، مشحون... و كسر الصمت:
-أنت مبتلة.. الأفضل أن تغيري ملابسك!
-نعم...
و استدارت و تابعت صعودها فأوقفها الصوت ثانية:
-بليندا.. هل أصعد معك إلى الغرفة؟
إنه زوجها.. و له كل الحق.. "و لم لا؟" صوتها كان فيه عدم الاكتراث ليغطي العاصفة التي كانت ترعد داخلها ، ترجف أطرافها ، و كأن صاعقة ضربتها. و عندما دخلت و إياه و أغلقت الباب وجدت أنها ترتجف.
عزلة الأيام الفارغة الماضية كانت قد كبرت من حولها ،(redroses309) غطتها و كأنها جلد آخر فوق جلدها. لم يعد غريبا عليها أن تبقى وحيدة. كان الأمر و كأنها تكافح لتشق طريقها عبر ضباب ضاعت فيه لعدة أيام ، و فجأة حصل اتصال بشري ما ، لم تكن مستعدة له ، أصبحت منطوية على نفسها ، في أعماق كهف في عقلها. و ها هي الآن و قد أعماها ضوء النهار الباهر.
لقد أتى زوجها يبحث عنها.. و لكن.. لماذا؟ هل ليشرح لها ما يشعر به إتجاه لوسيا؟ كي يطلب الطلاق؟
و بينما كانت تجفف نفسها و تغير ثيابها ، وقف غارث يحدق من النافذة. لا يمكن أن يكون المنظر هو الذي يجذبه. لقد كان الطقس بعد الظهر هذا معتم ، و عاصف ، و كأنه نذير لمستقبل زواجهما.
لقد قالت عمته "ستعرفين.. كيف يشعر تجاهك ، إذا كان يحبك سيفتح لك ذراعاه. و إذا لم يكن.. حسنا...".
أنه لم يبق يداه في جيوبه فقط ، بل أدار لها ظهره. لقد حصلت على الجواب.. و سألها دون أن يكون لصوته معنى:
-في أي وقت يقدم العشاء هنا؟
و أخبرته الموعد و هي تمشط شعرها ، ثم وضعت بعض المكياج.
-غارث.
فاستدار:
-هل حجزت؟
و أجاب:
-نعم.
و فكرت بجنون ، و لكن دون أن تكون متأكدة.. معي؟ و لكنه سؤال لم تجرؤ على طرحه. و جلست على السرير و يداها متشابكتان ترتجف و عيناها خائفتان ، مثل طفل ينتظر أن يقابل مدير مدرسته. و استدار ، و لكنه لم يتحرك عن النافذة.
-بليندا.. لماذا ابتعدت عني؟
ماذا تستطيع أن تقول له؟ لأختبرك إذا كنت تحبني؟ كم سيبدو الأمر غبيا.. و أخذ يسألها بطريقة بدا فيها غير قادر على طرح السؤال الصحيح:
-هل أنت.. هل.. هل هربت مع أحد؟
كل التعاسة التي عاشتها و أختزنتها في فكرها ، فجرت حواجزها ، و طغت عليها و لرعبها تحولت إلى نار تحرق جسدها بالغضب.
-أهذا ما تظنه بي.. أنني هربت مع رجل آخر؟ هل هذه هي الطريقة التي تفكر بها بأخلاقي؟ بكرامتي؟ حسنا.. سأقول لك.. لقد هربت مع شخص ما... و هو رجل.
و هرب اللون من وجهه ، وجفت شفتاه ، وثقلت عيناه.
-مع من؟
-مع من؟ سأقول لك مع من...
و توقفت برهة طويلة و هي تقاوم لإخراج الكلمات من القيود التي حبستها بها ، من الكبح الذي كبحت فيه نفسها .
-طوال الوقت الذي أمضيته هنا.. كل الأيام التي أمضيتها أتجول عند النهر ، أرسم ، أقرأ ، أو حتى أحدق ، كان معي رجل..
و رفعت عينيها إليه فتصلب ، تصلب كل جسمه ، و عقله ، و عينيه و فمه... و خفضت عينيها و همست:
-ذلك الرجل كان أنت...
و انهمرت الدموع على وجنتيها.
-لقد سرت معك.. تحدثت معك.. رسمت و أنت إلى جانبي... أنا.. أنا...
و توقفت عن الكلام ، لتتنفس:
-أنا حتى نمت معك.. كلما حاولت الهروب منك أكثر كلما تعلق بي طيفك أكثر... و ها أنت الآن قد عرفت ، و لكن لا تدع الأمر يقلقك ، إذا كنت أتيت تطلب الطلاق ، اطلبه... ربما أوافق...
و جفت عيناها الآن ، فتجرأت على النظر إليه ، كان و كأنه رجل تسلق إلى أعلى الجبل ، و لاقى كل ما هو صعب ، و وصل إلى القمة. و من تحته ، و حواليه هناك غرائب من الجمال لم يكن قد رآها من قبل...
و راقبت بسمته البطيئة السعيدة ، و الضوء يشع بهدوء من عينيه. فهمست:
-غارث؟
و رفع ذراعاه نحوها عبر الغرفة:
-بليندا... يا حبيبتي.. يا حبي...
و ركضت نحو هاتين الذراعين المنتظرتين ، و التفتا حولها و سحقتاها على جسده. و مر بهما الوقت ، دون نهاية ، دون قياس ، و بعدما هدأ شوقهما لبعض ، و قفا بهدوء ، و قناعة.. ينظران إلى بعضهما.. و قالت بليندا لنفسها و هي بين ذراعيه "لقد عدت أخيرا إلى بيتي". و جلسا في مقعد مريح معا. و قال غارث:
-كنت على وشك الجنون. عندما مرت الليلة الأولى عند عودتي و لم تعودي إلى البيت. تجولت كالتائه في المنزل ، دخلت المرسم ، غرفة نومك.. كنت في كل مكان ، ما عدا حيث أردتك بين ذراعي.. لقد اتصلت بصديقك ذو الشعر الطويل.. براد سترونغ.
-و ماذا قال لك؟
-قال إنه كان مدرك بأنك ستهربين مني ، و لكنه لا يعرف إلى أين. على الأقل عرفت أنك لست معه. و لكنني لم أتصل بنويل جيميز ، لذا فالقلق لم يغادر عقلي.. في الصباح التالي سافرت عند أمك.
-كل هذه المسافة؟
-لقد أقنعت نفسي بأنك هناك. و بقيت لتناول الطعام ، أمك قلقت عليك أيضا.. يجب أن نتصل بها لنعلمها أنك بخير..
و قطبت جبينها مفكرة ، و لكنه مسح على جبهتها باصابعه و تابع:
-أجل عليك أن تبدي القلق سيدة غاردنر.. لقد أخبرتني أمك كل شيء.. و أين يذهب المبلغ الشهري الذي تقبضينه.. ليس إلى جيبك و لا لحسابك في المصرف. بل لأمك. لا عجب أنك ذعرت يوم طلبت منك شراء السجاد. كيف دفعتي ثمنه يا مجنونة...
-من مدخراتي..
-أمك كانت تظن أنني أعرف؟ لقد قلت لها إنني عندما سأجدك سأضربك على قفاك لأنك أبقيت الأمر سرا. لماذا لم تخبريني يا حبيبتي؟ لماذا كنت تدعين أشياء؟ كنت تفهمت الوضع...
-اعتقدت أنك ستغضب لأن سبب زواجك مني قد ذهب.
و أمسك بذقنها و رفع رأسها نحوه:
-هل أقول لك الآن لماذا تزوجتك؟ لأنني من اللحظة التي شاهدت فيها الشابة النحيلة الجميلة التي دخلت غرفة عمتي ، عندما شاهدت عينيها الذكيتين ، الطائشتين ، المثيرتين ، وقعت فورا في حبها..
-من أول مرة التقينا؟ و لكنني يا غارث ، لقد بذلت جهدي لأجعلك تكرهني حتى لا تتزوجني.. لقد ادعيت أنني أرغب في المال لأنفقه على إحتياجاتي الشخصية الأنانية.. ليس لنني لم أحبك ، بل لأنني لم أكن أريدك أن تشعر بأنك تحت وطأة الالتزام بالزواج مني..
-الالتزام؟ لعن الله الالتزام! مع أنك دعوتني بعدة اسماء شنيعة و على الرغم من أنني طلبتك و وافقتي.. فقد كان علي أن أقنع نفسي بأنك ستتزوجيني من أجل المال فقط. و كان علي أن أضع الخاتم في اصبعك بأي طريقة لقد أقنعت نفسي بانك حتى و لو لم تحبيني ، فمع الوقت قد تحبيني و ترغبين بي.. و لهذا تركتك لوحدك ، على أمل أن تكتشفي بأنك تريدين فعلا أن تكوني زوجة حقيقية لي.
-غارث.. لماذا تركتني تلك الليلة حقا.. لماذا لم تتصل؟ أو حتى تكتب؟
-كنت غاضبا ، غاضبا بمرارة منك. لأن لديك أصدقاء رجال. منذ أن التقيتك لأشهر خلت كنت في قبضة مشاعر غريبة عني. على الرغم من عدم حبي للنساء ، كانت الغيرة مؤلمة. و هذا بالضبط سبب مشاجرتي معك.
-لا أتحمل التفكير بهذا الأمر.. لماذا ذهبت إلى لندن؟ لتكون مع لوسيا؟
-ماذا تقصدين بهذا الكلام؟ إنني على علاقة معها؟ يا إلهي.. سأضربك لأجل هذا.
-كنت غيورة.. و هذا ما حرف حكمي عليك.
-إنتهى الأمر. سأسامحك. كان علي أن أذهب إلى لندن لحضور سلسلة من الإجتماعات. لقد عادت لوسيا إلى عملها ، لذا سآخذك معي. لقد قررت العودة إلى الأرجنتين و سافرت يوم أمس لتنضم إلى طفليها. هل إرتاح بالك الآن؟
-و كيف عرفت أين تجدني؟
-بفضل السيدة إيلين دونيكان.. من الواضح أن السيدة هوغند قلقت لمظهري الضطرب. و أخبرت عمتي التي لم أكن أعلم أنها هنا ، و أتت عمتي لرؤيتي ، و أخبرتني عن الدور الذي لعبته في عملية إختفائك.. فثرت و غضبت و نعتها بأسماء مختلفة ، قلت إنك زوجتي ، و إنك من شؤوني الخاصة و ليس لأحد أن يتدخل. ثرت عليها و كانت تعلم أنني أنفس عن غضبي. فجلست تبتسم و تركتني أقول ما أريد. ثم قالت ثلاث كلمات ، أسم الفندق ، أسم البلدة ، و أسمك. و خرجت من المنزل قبل أن تنهي حديثها. و ها أنا هنا.
-و هل تريدني أن أترك عملي؟
-ليس قبل أن يكون هناك سبب واضح ، أو غير واضح.. و لكن دون توقفك عن الرسم تستطيعين الرسم حتى بوجود أقدام صغيرة تخطو على أرض المنزل ، أليس كذلك؟ في الواقع تستطيعين رسمهم.
-الأقدام الصغيرة؟
-لا أيتها المرأة الغبية... أطفالنا.
-نستطيع إقامة معرض للوحات العائلية.. أنت ، و أنا في الوسط يحيط بنا كل أطفالنا..
-يا إلهي.. و كم تنوين أن تنجبي؟
-لا تقلق يا حبيبي ، إثنان كفاية...
-هل قلت لك يوما كم أنا فخور بقدراتك الفنية؟ و لم أشكرك أبدا على اللوحة التي رسمتيها لي.
-لقد وضعت كل حبي في كل ضربة فرشاة بها. ألم تستطع رؤية ذلك؟
-قلت لك يا حبيتي.. أنا لا أفهم في الفن. لا في التقدير و لا في التصنيف. هل تعلميني...
فوعدته بذلك ، و تابع:
-أمامنا دعوة من رودريك سترونغ لزيارته في الخريف. علي أن أسافر إلى نيويورك بعد ثلاثة أشهر ، و لدي تعليمات صارمة بأن أصطحبك. أظن أن لديه لائحة من الناس ، أصدقاء عائلته ، يريد منك رسمهم!
-غارث.. أما زلت تكره النساء؟
-أجل.. و لكن باستثناء.. المرأة التي أحب.
في الصباح التالي أجريا اتصالين هاتفيين: الأول لوالدتها لتطمينها على سلامة ابنتها ، و الآخر للسيدة إيلين دونيكان في الفندق. و تحدثت بليندا معها.
-عمتي إيلين.. أنا سعيدة جدا.. شكرا لكل ما فعلتيه.
-هل نجح الأمر؟
-لقد نجح.. بشكل صاعق.
-هذا عظيم.. سأسافر الآن. و بعد تسعة أشهر سأعود ، لأحتفل بولادة ابن ابن ابن أخي أو بنت ابن ابن أخي.. أخبري زوجك بهذا.. إلى اللقاء يا عزيزتي!
و أقفلت الخط..
و استدارت بليندا و الدموع في عينيها إلى غارث:
-هل سمعت ما قالت؟
و هز رأسه:
-إنها عجوز تحب التدخل في شؤون الآخرين!
و انحنى عليها و همس:
-شكرا لله.
معا و ذراعيهما تلتفان حول بعضهما البعض دخلا غرفة الطعام لتناول الإفطار...


****************************

تمـــــــــ بحمد الله ــــــــــت

 
 

 

عرض البوم صور redroses309   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليليان بيك, حياتي احترقت, lilian peake, رومنسية, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات رومانسية مترجمة, روايات عبير المكتوبة, the impossible marriage, عبير الجديدة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t119989.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ظ†ظˆظٹظ„ ظ„ظ† ط§ط¹ظٹط´ This thread Refback 05-08-14 09:48 AM
ظ†ظˆظٹظ„ ظ„ظ† ط§ط¹ظٹط´ This thread Refback 04-08-14 05:08 AM
ظ†ظˆظٹظ„ ظ„ظ† ط§ط¹ظٹط´ This thread Refback 02-08-14 09:31 AM
ط­ظٹط§طھظٹ ط§ط­طھط±ظ‚طھ ظپظٹظپظٹط§ظ† ظ„ظٹ ط±ظˆط§ظٹط§طھ This thread Refback 01-08-14 01:59 PM


الساعة الآن 12:49 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية